تركيا ومؤتمر سوتشي: توازنات القوي المعقدة في سوريا

 


تركيا ومؤتمر سوتشي: توازنات القوي المعقدة في سوريا


أبرز مؤتمر سوتشي الذي جمع الرؤساء الثلاث بوتين وأردوغان وروحاني إشكالية توازن القوي في الشأن السوري بين الأطراف الثلاث إلي جانب التأثير الأمريكي اللافت في هذا الملف. وقد شهدت الفترة الماضية زيادة ملحوظة في حدة التوترات ما بين تركيا من جهة وكل من روسيا والولايات المتحدة من جهة أخرى، وذلك علي خلفية الأوضاع المتأزمة في إدلب ومنبج، حيث يتهم الرئيس الرئيس الروسى فلاديمير بوتين تركيا، بالفشل فى حل أزمة إدلب السورية رغم توقيع الاتفاقيات بشأنها مع الدول الضامنة، ليس هذا فحسب، بل وتحاول روسيا توجيه الاتهامات إلي إدلب بأنها باتت حاضنة الإرهاب، وكأنه يهيئ الأجواء من أجل الانقضاض عليها وتسليمها للنظام السوري، مثلما فعلت في بقية مناطق سيطرة المعارضة السورية، هذا من ناحية،

ومن ناحية أخرى، يواجه الرئيس التركي مأزقا كبيرا في منبج، بسبب الرفض الأمريكي لاقتحامها، والتنسيق الكامل من قبل أمريكا مع قوات الحماية الكردية التى تعتبرها أنقره جماعة إرهابية، وليس من المتوقع أن يغير ترمب موقفه في وقت قريب بسبب المناخ المناهض لتركيا السائد في واشنطن.

ويعكس هذا الخلاف عمق الأزمة التى فيها تركيا والتى تجعلها واقعة بين المطرقة الروسية والسندان الأمريكي، فكل طرف يبحث عن مصالحه التى تتعارض في الغالب مع المصالح التركية، ولولا سياسة توازن القوى التى يتبعها الجميع الآن في سورية لانقض الطرفان الروسي والأمريكي علي تركيا منذ فترة، فروسيا علي ما يبدو لم تعد تقبل ببقاء إدلب تحت السيطرة التركية، ولكن عدم رغبة الولايات المتحدة في اعطائها للنظام السوري هو ما يحول دون سقوطها حتى اليوم، فضلا عن الوجود الإيراني الذي يسبب مشكلة كبيرة للولايات المتحدة التى عجزت حتى الآن عن التعامل معه، الأمر الذي يؤجل الحسم في إدلب وكذلك في منبج.

 

وعلي الرغم من أن الرئيس التركي أردوغان يرفض الآلية التي يتم بها تنفيذ الاتفاقية بين تركيا والولايات المتحدة بشأن مدينة منبج السورية، ويعتبر أنها لا تسير في الاتجاه الصحيح، إلا أنه يقبل بالوضع الحالي خوفاً من تدهور الأوضاع بالشكل الذي لا يصب في صالح تركيا.

لذلك يحاول الرئيس التركي مسايرة الأوضاع والالتزام بما تم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة بشأن منبج حفاظا علي قوة العلاقة، ومنعا لتفاقم الأوضاع بالشكل الذي يضر بتركيا ويفقدها مناطق نفوذها في الشمال السوري.

ولكن يتوقع فيما يتعلق بمستقبل الأوضاع في إدلب ألا تشهد العلاقة مع تركيا بعض التوترات في ظل إصرار روسيا علي استهدف الجماعات المسلحة في إدلب ولفت أنظار العالم إليها وكأنها مستنقع للإرهاب، ورغبة منها في كسب النقاط على حساب النفوذ الأمريكي المتضاءل في سورية،

ومن هنا يتوقع أن تظل الأوضاع في سورية تراوح مكانها فقط طالما رغبة الولايات المتحدة في الابقاء علي تركيا كجزء اصيل من عملية توازن القوى، خاصة وأن البديل هو سيطرة إيرانية وروسيا علي أكثر من نصف الأراضي السورية، ويمكن أن تمتد تلك السيطرة علي مناطق سيطرة الأكراد، خاصة بعد خروج القوات الأمريكية من الأماكن التابعة لهم، لذلك فإن الاحتمال الأكبر أن تنجح روسيا وتركيا في الاتفاق علي آلية للتعامل مع الوضع الملتهب في إدلب تجنبا لصدام محتمل، وفي نفس الوقت قد تنجح تركيا في الحفاظ علي الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن تأمين منبج ومناطق التماس الكردية مع تركيا حفاظا علي الأمن والاستقرار في تركيا، وقد تعمد الولايات المتحدة إلي إحداث تقارب ما بين تركيا والأكراد بحيث تقطع الطريق علي محاولات روسيا والنظام التواصل مع الأكراد لإعادتهم إلي حضن النظام السوري من جديد[1].



[1] الرابط: https://bit.ly/2EfqEQO

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022