تصنيف أمريكا “الاخوان” كجماعة ارهابية…التداعيات والمخاطر والفرص

  

تصنيف أمريكا "الاخوان" كجماعة ارهابية…التداعيات والمخاطر والفرص

 

 

يثير اعلان الادارة الامريكية نيتها ادراج جماعة الاخوان المسلمين كجماعة ارهابية، مزيدا من التكهنات حول القرار المرتقب وخطورته على جماعة الاخوان المسلمين، وعلى الادارة الأمريكية والمنطقة العربية..

فيما يزيد الجدل حول توجه  الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التوقيت والدوافع ورائه، وتأثيراته المستقبلية، وصعوبات قد تواجه الادارة الامريكية وتنعكس سلبا على استقرار الشرق الأوسط

 

مؤخرا، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا.

مضيفة أنه صدرت تعليمات للأمن القومي والدبلوماسيين لإيجاد طريقة لفرض عقوبات على الجماعة بعد زيارة عبد الفتاح السيسي في إبريل الماضي لواشنطن.

 

وهو ما وصفه

الكاتب والصحفي البريطاني المعروف والمتخصص في قضايا الشرق الأوسط ديفيد هيرست بأن القرار إذا صدر بالفعل، فسوف يكون بمثابة "إبرة منشطة لتنظيم الدولة الاسلامية الذي ظهر زعيمه قبل أيام في تسجيل فيديو يُهدد العالم من جديد".

 

وقال هيرست في مقاله الذي نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، وترجمته موقع "عربي21" الجمعة الماضية، إنه "من الممكن أن يصبح هذا أخطر قرار يتخذه ترامب حتى هذا التاريخ، قرار له ما بعده، وهو قرار يُثبت أن هذه الإدارة الأمريكية هي الأكثر تدميراً في تاريخ الولايات المتحدة المعاصر".

وسبق للادارة الأمريكية أن أعلنت توجهها لتصنيف الجماعة كمنظمة ارهابية 5 مرات، إلا أن محاولة ترامب الأخيرة، تحتلف كثيرا عن المرات الخمس السابقة، حيث أنها أكثر خطورة من الذي سبقها ، مطلع عام 2017، عند تسلّم دونالد ترامب الرئاسة. ومكمن الخطورة الحقيقي أن ترامب شخصياً يقف وراء مشروع القرار . ففي المحاولات السابقة، كان أعضاء يمينيون في الكونغرس من يدفعون باتجاه تصنيف الإخوان إرهابيين، ثمَّ مع تولّي ترامب الرئاسة، حاولت أطراف إيديولوجية متطرّفة تحيط به إنفاذ هذا التوجه، حيث يطمع هؤلاء إلى توظيف ذلك مدخلاً إلى استهداف مؤسسات إسلامية أميركية كبيرة وفاعلة عبر ربطها، كذباً، بالإخوان المسلمين تنظيمياً. لكن تلك المحاولات فشلت سابقا، والسبب الرئيس للمعارضة القوية التي جوبهت بها مساعيهم من المؤسسات السيادية الأميركية، وتحديدا في وزارتي الخارجية والدفاع، ومجلس الأمن القومي، والمُجَمَّعِ الاستخباراتي الأميركي.

حيث سبق وأن حذّر هؤلاء من التداعيات المحتملة لتصنيف مُسَيَّسٍ كهذا على السياسة الخارجية والأمن والمصالح القومية الأميركية. ومع أن تلك التحذيرات ما زالت قائمة، إلا أن تغييرات بنيوية عرفتها إدارة ترامب في الاثني عشر شهرا الأخيرة، أهمها إقالة أو استقالة الشخصيات "الناضجة" فيها، بدءا بوزير الخارجية السابق، ريكس تيلرسون، ومرورا بمستشار الأمن القومي السابق، أتش. آر. مكماستر، ثمَّ وزير الدفاع السابق، جيمس ماتيس. وقد حلَّ مكان الأول والثاني شخصيتان إيديولوجيتان متطرفتان، وهما: مايك بومبيو وجون بولتون، وما زالت وزارة الدفاع من دون وزير.

كما أن اللافت في هذا السياق أنه في وقتٍ يعارض فيه الخبراء والمهنيون المحترفون في المؤسسات والوكالات الأميركية المختصة محاولات تصنيف الإخوان، يدفع بومبيو وبولتون باتجاهه.

كما أن سوابق ترامب السياسية في العامين والنصف الماضيين، قد تشئ لخروج القرار، فهو رئيس، في الغالب، يعد وينجز، يهدّد وينفّذ، وهو لا يلقي بالاً للتداعيات، ولا يأبه بالتحذيرات، ويملك قدرة على تجاوز نصائح مستشاريه والأجهزة المختصة التي تعمل تحت إمرته.

وهو ما يمكن اسستشرافه في توتيره العلاقات مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومع الاتحاد الأوروبي، ومع كندا والمكسيك، وكذلك في إعلانه حرباً تجارية على الصين. وفي تجاوزه نصائح مستشاريه في موضوع مقاربة العلاقات مع روسيا وكوريا الشمالية. وأيضا انسحابه من الاتفاق النووي مع إيران، ثمَّ في الموضوع السوري، وفي قراره نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ومؤخرا اعلان إدارته تأييد العدوان الصهيوني على غزة  بفجاجة ….. إلخ.

 

فترامب المتحرر، نسبياً، من سيف لجنة المحقق الخاص، روبرت مولر، ومن قيود "نادي الناضجين" من حوله، لن يتردد في إنفاذ وعده، إن استطاع، لعبد الفتاح السيسي، بتجريم الإخوان المسلمين، خصوصا وأن حلفاء آخرين له، وتحديدا في إسرائيل والسعودية والإمارات، يطالبونه بالأمر نفسه، كما أن الدائرة الضيقة من حوله تدفع في هذا الاتجاه.

ومن ثم فان الرهان على وقف القرار المحتمل من داخل الإدارة نفسها، فقط، مفترضين تقديم حسابات المصالح الكبرى للولايات المتحدة، محض رهان غير مضمون العواقب..

 

اجراءات التقنين

وحسب الإجراءات، فإن مكتب تنسيق مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية يراجع أنشطة المنظمة محلَّ النظر، بناء على معايير محدّدة، وإذا خلص إلى أنها ترتقي إلى مستوى التصنيف بالإرهاب، يعد تقريرا بذلك، يضمّنه نتائج مراجعته وأدلة ذلك. بعد ذلك، يتشاور وزير الخارجية مع وزيري العدل والخزانة، بإرسال قرار التصنيف إلى الكونغرس الذي ستكون أمامه مهلة سبعة أيام لإدخال تعديلات على القرار، أو ردّه. وفي حال لم تكن هناك معارضة من الكونغرس، ينشر القرار في الجريدة الفدرالية الرسمية، وحينها يصبح قانونا.

ولعل بدء الاجراءات يستوجب التحركات المتنوعة وعلى صعد مختلفة من قبل "الاخوان المسلمين".. إذ أن الرهان على رد الكونغرس القرار، قد لا يكون أمرا حكيما –بحسب مراقبين. ولا يقلل من ذلك، أن أغلب الديمقراطيين، وعددا من الجمهوريين، ليسوا مع تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وذلك اتساقا مع موقف الوكالات المختصة التي تعبّر عن المصالح الأميركية العليا، إلا أن الديمقراطيين قد يتردّدون في معارضة القرار، مخافة أن يستغله ترامب والجمهوريون ضدهم في انتخابات عام 2020.

كما أنه حتى لو صوّت كل الديمقراطيين ضد قرار التصنيف، فإن هذا لا يعني تعطيله، فالديمقراطيون يسيطرون على مجلس النواب، في حين يسيطر الجمهوريون على مجلس الشيوخ. وبالتالي، من الصعب تصوّر توافق المجلسين على رد القرار، مع بقاء فرصة ضئيلة في هذا الصدد، وهذه الفرصة تحتاج إلى استثمار كبير فيها.

إذا اجتاز قرار التصنيف العقبة المحتملة في الكونغرس، فلن يتبقّى أمام الإخوان المسلمين غير اللجوء إلى القضاء الأميركي، وتحديدا إلى محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا، حينها، سيكون أمامهم، كطرف متضرّر من قرار التصنيف، ثلاثون يوما للطعن عليه، وبعد ذلك لا يمكنهم الطعن عليه إلا بعد عامين على تاريخ صدوره..

 

موقف الاخوان

وامام الاخوان الذين لم يواجهوا بقوة القرار السابق عام 2015، منذ أن قدم أول مشروع قانون في الكونغرس لتجريمهم. حيث أن الإخوان في وضع قانوني قوي يؤهلهم، على الأرجح، إلى كسب هذه المعركة القضائية، إن وقعت.

وثمَّة ثلاثة معايير ينص عليها القانون لتصنيف أي منظمة إرهابية أميركيّاً. اثنان منها لا ينطبقان أصلا على الإخوان، أما الآخر الذي ينطبق عليهم، فإنه ينطبق من حيث التوصيف، لا من  حيث المضمون.

وهذه المعايير: أن تكون المنظمة المراد تصنيفها أجنبية. وهذا ينطبق على "الإخوان" توصيفاً فقط. وأن تكون المنظمة منخرطة في أعمال إرهابية، أو تملك القدرة والإرادة على الانخراط في أعمال إرهابية. وهذا المعيار لا ينطبق على الإخوان، فالتقارير الاستخباراتية الأميركية تنفي تهمة الإرهاب عنهم.

كما يصعب، قانونيا، تجريم كل تنظيمات الإخوان  وتفريعاتها وفروعها بسبب تنظيم واحد محسوب على مدرسة الإخوان. مثال ذلك، حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، المُتَفَرِّعَةِ عن الإخوان، والتي تمَّ تصنيفها إرهابية، أميركياً، عام 1997، ولكن ذلك التصنيف لم يتعد إلى بقية الفروع والتنظيمات الأخرى..

ثالثا: أن تمثل الأنشطة الإرهابية للمنظمة محل النظر للتصنيف تهديدا لأمن المواطنين الأميركيين، أو الأمن القومي الأميركي، بما يتضمن السياسة الدفاعية أو العلاقات الخارجية أو المصالح الاقتصادية. وهذا المعيار، أيضا، لا ينطبق على الإخوان المسلمين.

 

خيارات أمام المشرعين الأمريكيين

 

ويشير تقرير "نيويورك تايمز" -الذي كان أول من كشف توجه ترامب- أن معارضي القرار، من المهنيين والخبراء في وزارتي الخارجية والدفاع، ومجلس الأمن القومي والمُجَمَّع الاستخباراتي، يعكفون على دراسة صيغ مختلفة تروم تصنيفاً جزئياً لبعض الكيانات المحسوبة على الجماعة، أو ربما تصنيف الجماعة الأم في مصر، من دون تصنيف بقية فروع الجماعة وتنظيماتها في الدول الأخرى، والتي قد تسبب تعقيدات أمام السياسة الخارجية الأميركية، كما في دول، مثل المغرب وتونس والأردن والكويت، وربما حتى تركيا، حيث تشارك تيارات محسوبة، أو قريبة من الإخوان المسلمين، في الحكم.

 

أهداف القرار

 

استهداف اسلامي الغرب: ويستهدف القرار الامريكي الوجود الإسلامي في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي عبّر عنه غير مَرَّةٍ بعض من يدفعون به.

ويحاول ترامب التضييق على المسلمين في الولايات المتحدة باختلاق أسباب متعسفة، وهو سلوك معروف لدى ترامب ويواجه غضبا كبيرا من المسلمين هناك، والناشطين في نحو 28 جمعية اسلامية.

 

وفي هذا السياق، وصف دانييل بنيامين ، المسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأمريكية لمكافحة الإرهاب الذي يعمل في كلية دارتموث ، الفكرة بأنها "محيرة" ، قائلاً إن الوكالة نظرت في التصنيف في عام 2017 لكنها خلصت إلى أنه لا يوجد أي أساس.

وقال بنيامين إن الاعتبارات السياسية المحلية في الولايات المتحدة يمكن أن تلعب دور ترامب في مواجهة إعادة انتخابه في عام 2020. وقال: "لا شك في أنه كان هناك جهد لتلبية شهية قاعدة ترامب الإسلامية المتطرفة للغاية".

 

كما أعرب جيسون بلازاكيس ، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية أشرف على عملية اعلان FTO منظمة إرهابية، عن قلقه من تشجيع المجموعات اليمينية الأمريكية على الدعوة إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد منظمات الدعوة الإسلامية المحلية.

 

وقال بلازاكيس ، رئيس مركز ميدلبري للدراسات الدولية حول الإرهاب والتطرف ومكافحة الإرهاب: "سيتم استخدامه لملاحقة المنظمات بشكل غير لائق داخل الولايات المتحدة".

 

 

 

 

ـ إرهاب رافضي صفقة القرن، ومحاولة إسكاتهم بتوجيه اتهامات إليهم إن عارضوا تصفية القضية الفلسطينية، ويقف وراء ذلك الكيان الصهيوني والسعودية والإمارات وقائد الانقلاب في مصر، وتتعرض الأنظمة الثلاثة الأخيرة لأكبر نقمة من الشعوب العربية التي ترفض جريمة بيع فلسطين.

 

ويرى البعض أنه وفقا لاستراتيجيات الصراع، فإن التلويح بتصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية؛ قد يكون أداة وخطوة نحو التفاوض، ومناورة من صناع صفقة القرن بأمريكا بالاتفاق مع السيسي.

 

وأشاروا إلى ما يتردد من أن وصم الإخوان كإرهابية بطلب من السيسي، يأتي قبل الإعلان عن صفقة القرن التي حدد موعدها صهر ترامب ومستشاره جاريد كوشنير، بعد انتهاء شهر رمضان، معتقدين أنهم يستبقون بالضغط على الإخوان.

 

ولعل تصريحات مستشار ترامب جاريد كوشنر بمعهد واشنطن للسياسات، تكشف  توجه الادارة الأمريكية وحلفائها الصهاينة على تسريع وتيرة خطة السلام  خلال أيام…

حيث كشف كوشنر الخميس الماضي، بعض التفاصيل عن خطته المنتظرة للسلام في الشرق الأوسط، مؤكدا أنها لن تأتي على ذكر حلّ الدولتين الذي طرح منذ فترة طويلة، وستكرس القدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي.

 

ويتوقع أن يقدم كوشنر الشهر المقبل خطته المنتظرة منذ فترة طويلة، باسم الإدارة الأميركية التي تقف في صف الجناح اليميني في إسرائيل. وفي إطار سعيه لتقديم إطار جديد، أصدر كوشنر أقوى إشارة من الإدارة الأميركية إلى أن الخطة لن تقترح إقامة دولتين للإسرائيليين والفلسطينيين، الحل الذي دعمته الولايات المتحدة لعقود في مفاوضات السلام الطويلة. وصرح كوشنر في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى "إذا قلت (دولتين)، فهذا يعني شيئاً للإسرائيليين وشيئاً آخر مختلفاً عنه للفلسطينيين". وأضاف "لهذا السبب قلنا إنّ علينا ألا نأتي على ذكر ذلك. فلنقل فقط إنّنا سنعمل على تفاصيل ما يعنيه ذلك".

 

وحركة حماس وحركة الاخوان المسلمين في مصر وفي الأردن وعدة أطراف عربية أعلنوا رفضهم الخطة الأمريكية، معتبرين أنها تصفية للقضية الفلسطينية ، وإنهاء لحق اللاجئين بالعودة لأراضيهم، وابتلاع مزيدا من الأراضي العربية..

 

– التصدي لعودة الربيع العربي الذي ظهرت بشائره في الجزائر والسودان وتخشى السعودية والإمارات وقائد الانقلاب في مصر ومن ورائهم الكيان الصهيوني نجاح الموجة الجديدة من ثورات الربيع العربي،  وذلك بتوجيه تهمة الإرهاب إلى الثوار لقطع الطريق عليهم وإحباطهم . حيث يبذل الحلف السعودي الاماراتي المصري جهودا غير مسبوقة لامتصاص ثورة الشعب السوداني، واعادة انتاج النظام العسكري في السودان والجزائر، لضمان عدم التمدد الثوري في المنطقة العربية، لتقديرات استراتيجية بأن الشعوب العربية لو أعطيت حريتها لأتت باسلاميين ومقربين منهم في العملية السياسية، وهو ما يهدد النظم المستبدة في مصر والسعودية والامارات…

 

 

ـ إرضاء الناخب الأمريكي المنحاز إلى اليمين المتطرف لكسب تأييده لترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2020 على اعتبار أن معاداة الإسلام تجلب تعاطف اليمين الأمريكي، والذي يدعم التوجهات الداعية للاسلاموفوبيا والعنصرية ، والجنس الأبيض، ومعاداة المهاجرين.

 

 

 

ـ إرضاء اللوبي الصهيوني الذي حقق مكاسب كبرى من خلال وجود رجلهم جاريد كوشنار في البيت الأبيض.

 

 

صعوبات أمام ترامب

 

وعلى الرغم من الظروف السياسية والقواعد القانونية المتاحة

أمام ترامب لاتخاذ قراره، إلا أن العديد من الدوافع والأسباب بل والعراقيل التي قد ترجئ اتخاذ القرار، وهو ما يحصرها  المراسل الصحفي الأمريكي ديفيد كيركباتريك، في  10 أسباب تجعل من الصعوبة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين في مصر كجماعة "إرهابية"، وهي:

الرئيس دونالد ترامب سيفشل في تقديم أدلة كافية موثقة على أن جماعة الاخوان تشكل خطرا على الولايات المتحدة وبالتالي سيفشل في اتخاذ مثل هذا القرار.

 

عدم وجود أدلة على تورُّط الجماعة في أعمال عنف تضر بمصالح الولايات المتحدة، ومن ثم لن يستجيب القضاء الأمريكي لاقتراح ترامب.

 

أبدى المسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ووزارة الخارجية اعتراضهم على هذه الخطة، قائلين إن جماعة الإخوان المسلمين لا ينطبق عليها التعريف القانوني لأي جماعة إرهابية، وإن تصنيفها يمكن أن يحمل عواقب غير مرجوة في دول حليفة، حيث تتولد عن الإخوان أحزاب سياسية بارزة.

 

حتى الخبراء الذين ينتقدون الإخوان المسلمين يتفقون على أن الجماعة لا ينطبق عليها المعايير اللازمة لتصنيفها جماعة إرهابية، وأنه منذ احداث العنف في الاربعينات التي نفي الشيخ حسن البنا علاقة الإخوان بمرتكبيها، وما حاول عبد الناصر لصقه بهم في ستينيات القرن الماضي، يقول المؤرخون لم يكن هناك دليل منذ ذلك الحين على أن جماعة الإخوان نفسها انخرطت في العنف، بحسب الصحيفة الأمريكية.

 

حتى الخبراء الذين يزعمون أن جماعة الإخوان المسلمين تضمر نوايا سيئة، يقولون إنهم لم يروا على الإطلاق أدلة تقنع أي محكمة بأنها جماعة إرهابية، ومنهم الباحث جوناثان شانزر (نائب رئيس البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (Foundation for Defense of Democracies)، التي تنتقد الإخوان دائماً)، يقول إن السعوديين والإماراتيين والمصريين “لا يستوعبون دواخل وخوارج النظام الأمريكي”.

 

صنف نظام السيسي، الذي جاء بانقلاب عسكري، الإخوان المسلمين على أنها “جماعة إرهابية” لأسباب سياسية، ويتهمها بصورة روتينية بأنها تقف وراء الهجمات الإرهابية لتبرير العنف ضدها وتبرير القمع، وقد أنكرت جماعة الإخوان باستمرار اتهامات السيسي أو تورطها في أي من هذه الهجمات.

 

-تصنيف السيسي وحلفاؤه في السعودية والإمارات، الإخوان المسلمين على أنها "تنظيم إرهابي" يرجع إلى خوفهم من احتمالية صعود أحزاب الإخوان المسلمين إلى السلطة عبر الانتخابات، ولذلك شنت الحكومات الثلاث حملة قمعية ضد الإسلاميين وضغطت على حلفائها ليحذو حذوها.

-كما أن خروج افراد من الاخوان وانضمامهم الي تنظيمات تتبني العنف مثل "القاعدة"، أو "حسم" و"لواء الثورة" الذين صنفتهما الحكومة الامريكية كتنظيمات إرهابية، لا يعني أن الاخوان متهمون بالعنف، فالمتهمين خرجوا من الجماعة.

 

-وكذلك فجماعة الإخوان المسلمين تشجع الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وشارك أحزاب وحركات عديدة مرتبطة بها وشجعت انتخابات ديمقراطية في العالم العربي، ما يضعها على طرف نقيض بالنسبة للحكومات الاستبدادية حول المنطقة، وفي الوقت نفسه يضعها على طرف نقيض بالنسبة للإسلاميين المتشددين، بل إن حزب النهضة التونسي الذي فاز بأول انتخابات برلمانية حرة، تخلى عن السلطة سلميا بعد خسارة التصويت التالي.

-وسبق أن  أجرت بريطانيا تحقيقات حول اعتبار جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، في ظل الضغوط التي مارسها عليها حلفاؤها الخليجيون، لكن تحقيقاتها انتهت إلى أن الاخوان لا ينطبق عليها ذلك.

 

أضرار على أمريكا

وكانت دراسة أعدها “ناثان براون”، و”ميشيل دنّ” لمركز كارنيجي لأبحاث السلام، 26 يناير2017، انتهت إلى أن تصنيف “الإخوان المسلمين” كمنظمة إرهابية ستكون له ارتدادات عكسية”.

وتضيف أنه من الصعب ولا يجوز اليوم أن يعتبر ترامب الاخوان المسلمين راعين للإرهاب، وتضرب الأمثلة على النحو التالي:

 

ثمة أحزاب سياسية مشروعة في إندونيسيا وباكستان والمغرب وتونس والاردن والعراق والكويت واليمن، وحتى في إسرائيل، جذورها ضاربة في جماعة "الإخوان المسلمين"، وشطر كبير من هذه الاحزاب يتعاون مع الولايات المتحدة بأشكال مختلفة.

 

أيضا في الكويت، دعم حزب متحدّر من "الإخوان المسلمين" تحالف بلاده مع الولايات المتحدة؛ وفي العراق، تعاون حزب يستوحي مبادئ "الاخوان المسلمين" الوجود الأمريكي في البلاد.

 

-كما في المغرب وتونس تشارك أحزاب تحاكي "الإخوان" في المجالس التمثيلية التي تتعاون عن كثب مع الولايات المتحدة – وهي أشد المدافعين عن حقهم في السعي إلى مشاريعهم من طريق السياسات الانتخابية.

 

 

 

وفي سورية، دعمت واشنطن مجموعات ثوار تتحدر كذلك من “الإخوان”، وأيا من هذه الاحزاب أو المجموعات لا يصح فيها تصنيف التنظيم الأجنبي الارهابي.

 

كما استقبل حلفاء للولايات المتحدة، مثل تركيا وقطر والمملكة المتحدة، لاجئين ينتسبون الى “الإخوان المسلمين”، كما أن عددا من قيادات الحزب الحاكم في تركيا، (العدالة والتنمية) والعديد من أعضائه، وهم مقرّبون من مسؤولي إدارة ترامب، لطالما اعتبروا أنهم على قرابة عقائدية مع “الاخوان المسلمين”.

وذلك بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" في تقريرللكاتب ديكلان وولش..

كما تقول دراسة صادرة عن مركز "كارنيجي" إنه رغم محاولات نظام السيسي دفع إخوان مصر الى التطرُّف عبر سياساته القمعية والقتل والتعذيب والاعدام لأعضاء الجماعة، "لكن والحق يقال لا مؤشرات، الى اليوم، على أن قادة كبار في “الإخوان المسلمين” لهم علاقة بأي عنف أو أصدروا أوامر بالعنف، والعنف الذي يحدث تقوم بها “داعش” أو تنظيمات غير محددة، ولكن السيسي لا يتهم سوي الاخوان لإخفاء فشله وتبرير قمعه.

 

وتضيف أن محاولات تصنيف "الاخوان المسلمين"  تنظيماً أجنبياً ارهابياً قد ينجم عنه أضرار جانبية تهدِّد أهداف السياسات الأمريكية الأخرى، منها شعور المسلمين في العالم أن قانون أو تصنيف مثل هذا “سيكون بمثابة اعلان حرب على النشطاء الاسلاميين لا بل على الدين الإسلامي نفسه”.

 

"ألعوبة بيد الطغاة"

ولعل أكبر تأثير على صورة امريكا عالميا، هو تحول رئيسها لمجرد ألعوبة بيد الطغاة، وهو ما أشارت إليه صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الأسبوع الماضي،  في مقال للكاتب ماكس بوت، قال فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحوّل إلى "ألعوبة بيد الطغاة" الذين باتوا يسيرونه من خلال التأثير عليه.

ولكن ما هو أخطر من القرار أمريكيا، انعكاساته على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، جيث سيجري اطلاق يد نظام السيسي في القتل والتصفية الجسدية والقتل خارج اطار القانون، لخصومه السياسيين، سواء أكانوا اخوانا أو مستقلين، أو معارضين مدنيين..

وهو الأمر الذي حذرت منه  صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها الثلاثاء الماضي، بقمعتبرة أن الخطوة، إن مضت فيها الإدارة الأميركية، ستفضي إلى إنزال ثقل العقوبات الأميركية على حركة للإسلام السياسي ذات نفوذ كبير وتاريخ عريق، ولديها الملايين من الأتباع في الشرق الأوسط.

مشيرة إلى لقاء خاص جرى بين السيسي وترامب بالبيت الأبيض ، بعيدا عن المراسليين والاعلاميين في 9 ابريل الماضي، طلب السيسي من ترامب اتخاذ هذه الخطوة، والانضمام للنظام المصري في تصنيفه جماعة الإخوان المسلمين تنظيماً إرهابياً.

متابعة أن مثل هذه الخطوة تفرض عقوبات اقتصادية وحظرا للسفر على الشركات والأفراد الذين يتعاملون مع الجماعة المستهدفة..

إزاء ذلك، قالت الصحيفة إن مقترح السيسي أدى لنشوب نقاشات حامية داخل الإدارة الأميركية، على غرار ما حدث خلال اجتماع رفيع للمسؤولين الأميركيين من عدة وزارات تم استدعاؤهم لاجتماع بمجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض.

 

ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن مستشار الأمن القومي، جون بولتون، ووزير الخارجية، مايك بومبيو، يدعمان الخطوة. في المقابل أبدت وزارة الدفاع، وكبار الموظفين بالأمن القومي، ومحامو الحكومة والمسؤولون الدبلوماسيون تحفظات قانونية على خطوة كهاته، وتعارضها مع السياسة الأميركية، بحسب الصحيفة، التي أوضحت أن هؤلاء يعكفون على البحث عن مخرج يقضي باتخاذ قرار بتأثير محدود قد يرضي البيت الأبيض.

 

وفي هذا الصدد، قالت الصحيفة إنه من وجهة نظر قانونية، فإن المسؤولين يحاجون بأن معايير تصنيف منظمة إرهابية لا تنطبق على الإخوان المسلمين، التي لا يمكن اعتبارها كياناً منسجماً بل له تفرعات في عدة دول، وتستخدم تلك الأفرع إما الاسم نفسه أو لها ارتباطات تاريخية بالجماعة الأم.

كما لفتت "نيويورك تايمز" إلى أنه ليس من الواضح طبيعة العواقب التي ستجلب الخطوة بالنسبة للأميركيين والمنظمات الإنسانية الأميركية التي لها ارتباطات بالجماعة. وشددت على أن المسؤولين المعنيين بملف حقوق الإنسان قلقون من إمكانية توظيف السيسي لأي قرار أميركي بهذا الشأن من أجل تبرير قمع أشد ضراوة ضد خصومه.

التداعيات القانونية

وفي حال تم تصنيف منظمة ما منظمةً إرهابية؛ فإنه يحظر على أفرادها وممثليها دخول الولايات المتحدة، كما يتم طرد أفرادها الموجودين بالفعل داخل البلاد، وهو ما قد يمثّل ضربة كبرى لقيادات وأفراد الجماعة الذين يقيم بعضهم في الولايات المتحدة أو يتردّدون عليها من حين لآخر للعلاج أو مباشرة بعض الأعمال.

 

كما ستحظر أمريكا على مواطنيها وكل من يخضع لسلطتها القضائية، تقديم أي شكل من أشكال الدعم المادي أو الموارد للأفراد التابعين للإخوان المسلمين، أو للكيان المعنوي للجماعة، بما في ذلك الأموال والسكن والتدريب والمشورة والأماكن الآمنة، وغيرها من أشكال الدعم الممكن.

 

كما ستشجع الولايات المتحدة غيرها من الدول على تصنيف الإخوان المسلمين منظمةً إرهابية وفقًا لتصنيفاتهم الداخلية، كذلك ستفرض عقوبات اقتصادية على الدول والشركات المتعاملة مع الجماعة، وتمنع كل أشكال التبرعات أو المساهمات والمعاملات الاقتصادية مع هذا الكيان دوليًّا.

 

خاتمة

ويبقى الاشارة إلى أن القرار الأمريكي ، إن صدر، سيمثل  مكاسب جمة للنظام المستبد في مصر، ومعه ستتزايد الممارسات القمعية التي حذرت منها دوائر حقوقية دولية كالأمم المتحدة، كما سيدفع نحو مزيد من الاضطرابات العالمية، في حال تطبيقه، حيث لن يجد بعضا من شباب التيار الإسلامي بدا من اللجوء لجماعات العنف لنيل حقوقهم المسلوبة من قبل نظام السيسي وأمريكا، وهو ما يتوقعه خبراء أمريكيين أشاروا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر وفي دول العالم مكاد تكون الجماعة الوحيدة التي تؤمن بقيم الديمقراطية والمشاركة السياسية والبعد عن العنف…

ومنذ الثمانينات تشارك الحركة في المجالس النيابية والانتخابات التمثيلية، كما أن دعوة ومشاركة الإخوان المسلمين في أنحاء العالم العربي صارت علامة لهم، ما يضعهم على تضاد مع الأنظمة الديكتاتورية والحركات الإسلامية المتطرفة.

 

فالإخوان بدأوا يشاركون في البرلمان المصري المفرغ من السلطة، ويفوزون بمقاعد منذ الثمانينيات من القرن الماضي، في عهد مبارك، وبعد الإطاحة به عام 2011، حيث حازوا على شعبية في أول انتخابات حرة، التي أنتجت واحدا منهم رئيسا لمصر، وهو محمد مرسي عام 2012، لكن الجيش حل البرلمان، وأطاح به عام 2013.

 وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه ترامب في اتخاذ القرار، إلا أن الخطر يتزايد في ضوء استراتيجيات واشنطن بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، من الضغط على أردوغان لتفكيك غلاقاته مع روسيا،والتماهي مع الادارة الأمريكية في سوريا أو ما يخص العلاقات التركية الايرانية، بجانب أموال الخليج التي يلهث وراءها ترامب..وهو ما يستلزم صياغة خطط اعلامية وقانونية للتعاطي من قبل الاخوان مع القرار، ومواجهته قانونيا وسياسيا، عبر التواصل مع الدوائر الأمريكية والغربية، في شوء انه وحتى اليوم، تخلو تقارير وزارة الخارجية الأمريكية السنوية بشأن الإرهاب العالمي من أي دلائل على تورط جماعة الإخوان المسلمين في اعتداءات إرهابية على مواطنين أو مصالح أمريكية.

 

 

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022