دوافع مصر لإقامة قاعدة عسكرية في إريتريا

قبل أيام، أثارت صحيفة “سودان تريبون” خبرا يتضمن وجود تفاوض مصري- إريتري بإقامة قاعدة عسكرية مصرية على الأراضي الإريترية، على أن تقام تلك القاعدة على ثاني أكبر جزيرة، وعلى الرغم من خروج مصدر عسكري مصري نفى حدوث مثل هذا الأمر، وأن مصر لا تعتزم إنشاء أية قاعدة خارج أراضيها، يمكن تحليل الأمر إذا كان صحيحا، والأهداف التي قد تدفع مصر للقيام بهذا الأمر.
وكان قد جمع مصر وإريتريا لقاءً رسميا بين وزيري خارجية البلدين في مارس الماضي، لمناقشة أمور تتعلق بالأمن في البحر الأحمر، ومكافحة القرصنة والأزمة اليمنية وقضية حوض النيل، والأوضاع في جنوب السودان والصومال.
ففي تقدير موقف نشره الدبلوماسي السابق “بلال المصري”، يرى أن هذا الأمر ينم عن أن مصر تريد استعادة دورها ومكانتها التي أثرت عليهما اتفاقية السلام مع اسرائيل بالسلب، يضاف إلى هذا أن العلاقات المصرية- الإريترية تشهد تحسنا منذ تسعينيات القرن الماضي، في حين تشهد العلاقات المصرية بكل من السودان وإثيوبيا موجات مد وجزر، لكن يغلب عليها التوتر.
فهناك صراع حدودي بين إثيوبيا وإريتريا منذ ضم الأولى قسرا للثانية عام 1936 وحتى استقلالها، وهناك نزاع مصري إثيوبي حول قضية نهر النيل، فربما يكون أمر القاعدة العسكرية له علاقة بالضغط على إثيوبيا عبر إريتريا حين ترى القوات العسكرية المصرية تقترب من أراضيها، بما يجعل التهديدات المصرية لإثيوبيا أكثر مصداقية، طالما أن التوجهات التفاوضية لم تؤت ثمارها.

ربما السودان أقل تخوف من حدوث هذا الأمر لأنها ترى أن تعاونها مع إثيوبيا، بالإضافة لتصعيد الولايات المتحدة لتعاونها مع السودان ومشاركتها في نشطة القيادة الأمريكية العسكرية لأفريقيا، بما يعني التأثير على التعاون المصري العسكري الأمريكي ونطاقه، أي أن مسألة التوجد العسكري المصري في إريتري لا بد أن يخضع للترتيبات الأمريكية عسكريا بالمنطقة، وبالتالي مصالحها فيها والعوائد التي ستعود عليها، ويرتبط بمدى احتياج الولايات المتحدة لحليف مع إريتريا وفي نفس الوقت تعادي إثيوبيا، وهذا يتوفر في مصر.

من جانب آخر، ربما يكون أمر القاعدة العسكرية المصرية له علاقة بالتخوف المصري من المحاولات الخليجية بالتواجد في القرن الأفريقي، وتوجههم بإقامة قواعد عسكرية قيل أنها تهدف لمواجهة الحوثيين في اليمن، ومن ثم مواجهة إيران، حيث أقامت الإمارات قاعدة في الصومال، واستأجرت مع السعودية ميناء عصب الإريتري، أي أن التخوف المصري من التواجد الخليجي ليس بدافع قوي مقارنة بما عليه الدافع الإثيوبي والسوداني.
بتحليل أن مصر تريد استغلال قواتها العسكرية بالتوجه لجنوب البحر الأحمر، لبناء دور ومكانة وتمثيل تهديد على إثيوبيا، لكن هذا كان يمكنها فعل هذا إذا قامت بتفعيل اتفاقية الدفاع المشترك الموقعة مع السودان في 1976، لكن الوضع الآن أصبح مختلفا بعد إعلان كل من إثيوبيا والسودان أنه لا سقف للتعاون الأمني بينهما وأن ما يمس أمن إحداهما يمس الأخرى، وبالتالي فإنه تم القضاء على نظرية الأمن القومي المصري- السوداني.
ربما ستؤدي إقامة تلك القاعدة- بفرض صحة الأمر- إلى وجود نواة لتحالف عربي يبدأ من تلك المنطقة على غرار حلف الناتو، خاصة إذا كانت تحركات هذا التحالف تدور في فلك الاستراتيجية الأمريكية بالشرق الأوسط والبحر الأحمر.

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022