لماذا تخلت السعودية عن دعم المعارضة في حلب؟

 أثار سقوط الأجزاء الشرقية من مدينة حلب السورية والتى كانت تسيطر عليها قوات المعارضة العديد من الاسئلة وعلامات الاستفهام، خاصة وان هزيمة القوات المعارضة في تلك المعركة ليس هزيمة للمعارضة فحسب، بل تعد هزيمة كذلك للدول والانظمة الداعمة لقوات المعارضة السورية وعلي راسها المملكة العربية السعودية التى سبق وان اعلنت تزويد تلك القوات باسلحة نوعية تمكنها من فك الحصار المفروض عليها ومنع طائرات النظام من شن غارات جوية علي مناطق تواجدها، إلا ان الواضح ان ايا من ذلك لم يحدث، حيث واصلت روسيا وايران تهديداتهما ونجحا في كسب المعركة المشتركة، وتكبيد قوات المعارضة والسكان المدنيين خسائر فادحة، دون اي اعتبار للمسائل الانسانية والاخلاقية.

والحقيقة ان ما يلفت النظر في تلك المعركة انه سبقها تمهيد طويل وزيارات متبادلة ما بين روسيا وتركيا احيانا وروسيا والسعودية احيانا اخرى، بما يعني ان تلك الدول كانت علي دراية تامة بالترتيبات الروسية في هذا الشأن، وفي نفس الوقت يقين روسي بعدم تقديم تلك الدول لاي أسلحة متطورة ومضادات طيران إلي القوات المحاصرة في حلب الشرقية علي الرغم من امكانية ذلك، ما دفعها للمضي قدما في عمليات الاستيلاء علي المدينة دون خوف من ردود فعل المعارضة المسلحة في حلب.

وما يلفت النظر اكثر ان تلك العمليات تتم بالرغم من وجود مناطق أسهل للقوات الروسية علي تخوم دمشق – تتقاسمها قوي داعش وجيش الاسلام المدعوم سعودياً- علي عكس حلب التى تبدو بعيدة مقارنة بمناطق اخرى في شمال ووسط مناطق سيطرة النظام، فحلب يسيطر عليها تحال قوي مدعوم من تركيا وقطر والاخوان المسلمين. ومن الواضح ان ما حدث في حلب حصلت روسيا قبله علي توافق دولي، خاصة وان عملية الاقتحام جاءت بعد اقل من شهرين من إعلان أمريكا أنها تزود بعض مجموعات المعارضة الموالية لها في سورية بمضادات طيران وصواريخ يمكنها تهديد القاعدة العسكرية في حميميم، الأمر الذي يؤكد وجود تنسيق ما بين روسيا وامريكا تم بموجبه تحديد مناطق سيطرة النظام والمعارضة، وان حلب دخلت في هذا الاطار ضمن مناطق سيطرة النظام، خوفا من تقوية موقف المعارضة ومعها تركيا، التى بات ينظر الي نظامها الان علي انه مهدد للمخططات الاقليمية والدولية الخاصة بمنطقة الشرق الاوسط.

وفي هذا الاطار انحصر الدعم السعودي لقوات المعارضة عند حدود معينة لا يمكنها ان تساعد المعارضة في مواجهة الضربات المتطورة التى توجهها روسيا الي مناطق تواجدها، الامر الذي يفسر عجز المعارضة عن مقاومة الحلف الروسي الايراني القوي.

الاستراتيجية الأمريكية لا تواجه الروس بل تنسق معهم في الوقت الراهن ولكن أمريكا تسعى أيضاً لحيازة أوراق قوة بدعم مجموعات موالية تمكنها من تهديد مناطق النفوذ الروسية في سورية خاصة قواعدها العسكرية، بحيث تبقى قادرة علي توجيه دفة الامور في سورية في اي لحظة تشاء، وفي نفس الوقت تغض الطرف عن التوسعات الروسية في سورية. وروسيا تسعى بدورها لتوسيع رقعة سيطرة النظام السوري، بحيث يتمكن من تقوية مناطق تواجده في سورية، قبل ان يتركه يواجه مناطق الحماية الامريكية، وباعتبار ان النظام السوري إنما يدين بالولاء للروس وليس للامريكان، وهو ما يعول عليه الروسي مستقبلا في مواجهة اي دور امريكي محتمل في سورية.

وفي ذلك كله تبدو السعودية وبقية الدول الخليجية في حالة عجز أو عدم رغبة في في لعب اي دور حقيقي في الصراع الذي شهدته مدينة حلب بين القوى الاقليمية والدولية، وفي حال استمر هذا الدور فقد تتطور الاوضاع في سورية وتتحول الي مناطق نفوذ جديدة للشيعة علي غرار ما يحدث في العراق، ومن ثم انتقال المعركة الي اليمن قبل وصولها الي عقر ديار الخليج وعلي رأسه المملكة العربية السعودية، وهو ما يشير الي ان احتمالات التدخل السعودية وتقديمها دعم حقيقي للمعارضة سيكون كبيرا خلال الفترة المقبل لتخفيف ضغط الحوثيين عليها في اليمن، ومنع ايران من توسيع مناطق نفوذها في سورية، وقد يكون ذلك بتنسيق تركي وامريكي.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022