تشكيل الحكومة الجديد .. السيسي يتخلص من كل الشركاء

 تشكيل الحكومة الجديد .. السيسي يتخلص من كل الشركاء

علي عكس كل التوقعات التي كانت تشير إلي تغيير بعض وزراء المجموعة الاقتصادية، واعتبار أن ذلك هو السبب الرئيسي في تأخير الإعلان عن تشكيل الحكومة، فاجيء السيسي الجميع بتغيير وزيري الدفاع والداخلية، وذلك بالرغم من مقابلته لهم في إطار تشكيل الحكومة الجديدة ونقل أغلب المواقع والصحف والقنوات الإعلامية بقاءهم في مناصبهم في التشكيل الجديد، الأمر الذي يثير التساءل حول سبب ذلك وتوقيته ودلالاته، خاصة وأن تغيير صدقي صبحي يعد مخالفاً للدستور الذي ينص علي بقاء وزير الدفاع دورتين رئاسيتين متتاليتين في منصبه، وعدم وجود ما يشير لخلافات مستترة بين الرجلين اللذان اعتبرا أهم شريكين في انقلاب الثالث من يوليو.

ولكن يبدو أن الرجل( السيسي) لم يعد يثق بأحد، وأنه يخشى من حدوث انقلاب علي حكمه من قبل شركاءه في الانقلاب علي الرئيس المنتخب محمد مرسي، خاصة وأن الفترة الماضية قد شهدت العديد من التطورات التي تعكس رغبة الرجل في الانفراد بالحكم ورفض وجود أي منافسة سواء من داخل الجيش أو خارجه، وهو ما ظهر في تعامله مع المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق الذي تمت الإساءة إليه ودفعه للإدلاء بتصريحات مؤيدة للسيسي، وكذلك قيامه بحبس رئيس الأركان السابق سامي عنان، وتخلصه من قيادات جهاز المخابرات وتعيين مدير مكتبه بدلا منهم، إلي غير ذلك من تغييرات أوجدت فجوة ما بين السيسي ورفقاءه في انقلاب الثالث من يوليو، تلك الفجوة التي يبدو أنها أفقدت الطرفين الثقة، مما دفعه للتخلص منهم حتى يأمن علي الأقل لفترة من الزمن وجود أي ترتيبات للتخلص منه سواء من قيادات الجيش أو الداخلية وقطع أي تواصل بين الطرفين.

يضاف إلي ذلك أن الإجراءات الاقتصادية المدمرة التي يلجأ إليها السيسي لمواجهة التحديات دون وجود أفق للخروج من النفق المظلم الذي أدخل فيه البلاد، وافتقاده ونظامه للرؤية السياسية والاقتصادية المطلوبة في ذلك الوقت، قد أوجد حالة من السخط داخل كافة مؤسسات الدولة بما في ذلك المؤسسة العسكرية، الأمر الذي يحتم عليه الاحتياط لذلك من خلال إيجاد قيادات تتمتع بالولاء الكامل له ولنظامه حتى يتمكن من السيطرة علي تلك المؤسسات ويقطع الطريق علي أي محاولة للانقلاب عليه، إذ من الواضح أن هناك تخوفات داخل مؤسسة الداخلية وكذلك الجيش من حدوث انفجار مجتمعي علي نظام السيسي بسبب رعونته وضغطه المستمر علي الشعب من خلال الرفع المستمر للأسعار والزعم بأن ذلك هو السبيل لتحسين الأحوال الاقتصادية علي الرغم من ذلك ليس هو الطريق المعروف للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب المصري منذ فترة طويلة.

ليس هذا فحسب، بل ويضاف إلي ذلك شخصية السيسي الديكتاتورية التي ترفض وجود أي شريك قوي في نظامه حتى ولو كان ذلك الشريك محصنا بالدستور، ورغبته في الانفراد بالدولة بشكل كامل وتشكيلها وتحريكها وفقا لأهواءه الشخصية، واعداد نظامه الحالي لمواجهة مفتوحة مع الشعب ومع أي مؤسسة تحاول الوقوف أمام تهوره السياسي خوفا من انفجار المجتمع المصري الذي لم يعد يتحمل أعباء اقتصادية أكبر، وهو ما تأكد بعد أن تخلص من أغلب القادة العسكريين الذين شاركوه الانقلاب والذين انكروا طموحه في الوصول الي الرئاسة وأن ما حدث في يوليو إنما كان ثورة مكملة ولم يكن انقلاب عسكري، وهو ما ثبت كذبه في النهاية.

ويعني ما سبق أن السيسي بات يعمل علي تأميم كافة مؤسسات الدولة وخاصة الداخلية والدفاع بحيث تعمل لصالحه دون تفكير في مآلات الأمور التي قد تدفع إليها سياسات نظام السياسي، ويعني هذا أيضاً أن السيسي الذي جاء برئيس جهاز الأمن الوطني وزيرا للداخلية وبقائد الحرس الجمهوري الذي شارك في الانقلاب علي الرئيس مرسي وقام باحتجازه في القصر الجمهوري والذي وصفه الدكتور مرسي بالخائن وزيرا للدفاع، إنما يعد لمواجهة مفتوحة مع الشعب في حال رفضه الإجراءات التقشفية وزيادة الأسعار التي يلجأ إليها كل فترة، وأن كل من سيحاول رفع صوته لمواجهة تلك الحالة سوف يواجه بكل قوة من قبل وزيري الداخلية والدفاع.

أما أخطر ما قد يحصل خلال الفترة المقبلة، فيتمثل في حدوث انقسام داخل الجيش بعد زيادة الوعي بخطورة ما يحدث، ومحاولة التململ من ذلك والضغط لتغيير تلك السياسات التي تقود البلاد إلي الهاوية، وهذه الحالة علي ما يبدو يستعد لها السيسي جيدا، ويعمل علي تشكيل قيادة موالية له بالكامل بحيث لو حصل تململ داخل الجيش يتم السيطرة عليه بالكامل.

لذلك فإن تلك التغييرات تمثل انقلاب داخل النظام، وهو انقلاب ينذر بحدوث مشاكل وتطورات كبيرة خلال الفترة المقبلة، تلك التطورات التي قد لا تقضي فقط علي خصوم السيسي وإنما كذلك علي الدولة المصرية التي يعمل السيسي وشركاءه الدوليين علي تركيعها وابقاءها ضعيفة وموالية للصهيونية العالمية، فالسيسي  قد سلم البلاد دون مقابل للامريكان والصهاينة بدون أي ثمن وذلك في مقابل توفير الحماية لشخصه ونظامه السياسي.

ومن هنا يجب الحذر والعمل علي تجنيب الدولة خطر الانهيار خلال الفترة المقبلة، وتفويت الفرصة علي السيسي ونظامه الذي يعمل علي كسر إرادة الدولة والمجتمع وتحويلها إلي شبه دولة مثلما سبق وأن صرح السيسي، وذلك من خلال العمل علي زيادة الوعي الجماهيري وزيادة المعارضة السلمية لهذا النظام.

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022