تحالف ترامب الجديد .. الدول السنية تحارب إيران بدلا من امريكا!

 تحالف ترامب الجديد .. الدول السنية تحارب إيران بدلا من امريكا!

ظهرت فكرة "تحالف سني" أو "ناتو عربي" لمواجهة إيران العام الماضي 2017، وقيل حينئذ أنه "تحالف سني أمريكي" لمواجهة إيران، والاستعداد لمواجهة عسكرية مع طهران، وحين عاد مسئولي الإدارة الأميركية للحديث عن اعادة احياء هذا التحالف، أكدوا أنه "حال اتخاذ أي إجراء عسكري ضد إيران؛ فإنه سينفذ عن طريق حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة مثل السعودية، وليس عن طريق القوات الأميركية".

فقبل 14 شهراً، حين التقى قادة 55 دولة إسلامية مع مسؤولين أميركيين في الرياض واتفقوا على إنشاء تحالف لمكافحة الإرهاب والقرصنة بحلول نهاية عام 2018، وذكر البيان الختامي لهذا الاجتماع -وسُمي حينها «إعلان الرياض» -6 نقاط لم يكن من بينها مواجهة التوسع الإيراني في المنطقة.

بيد ان الخلافات الخليجية عرقلت تدشين هذا التحالف، وجاء التصعيد الخليجي والامريكي الاسرائيلي المشترك مع إيران ليعيد الفكرة بقوة أكبر.

الرسالة الامريكية في الحالة الاولي عام 2017 كانت قائمة على فكرة الصراع السني الشيعي، والتدخل الامريكي بجانب الدول السنية لعرقلة تمدد النفوذ الايراني في الخليج والمنطقة العربية، مع احتمالات المواجهة العسكرية التي ستشارك فيها امريكا بجانب العرب.

ولكن الرسالة الامريكية في الحالة الثانية، 2018 كانت واضحة وتؤكد أن الهدف هو إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة على غرار حلف الناتو، ولكنه هذه المرة يسعي إلى التخلص من جزء من عبء مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية وإلقائها على عاتق حلفاء الولايات المتحدة في أنحاء العالم، وانهاء التدخلات الامريكية العسكرية التي تكلف امريكا مبالغ باهظة وأرواح جنودها.

حيث يسعي ترامب لإنشاء ناتو عربي لمواجهة إيران في هدوء في صورة تحالف أمني وسياسي جديد بين دول الخليج ومصر والأردن، بهدف مواجهة مساعي إيران للتوسع في المنطقة، وقد يعقد قمة بحضور القادة العرب في واشنطن يومي 12 و13 أكتوبر لبحث إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة على غرار حلف الناتو. وربما يطلق على تلك القوة "تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي"، بحسب ما قالت وكالة رويترز.

وبرغم أن هذا التحالف المكون من أمريكا (مشرفا) + دول مجلس التعاون + مصر + الاردن قد لا ينجح بسبب الخلافات بين بعض الدول العربية، خاصة دول الخليج، إلا أن هذا الحلف مطلوب حالا وعاجلا لمواجهة إيران العدو المشترك لغالبية هذه الدول المشاركة في التحالف في ظل الخطورة المتصاعدة ضد الملاحة الدولية وأمن واستقرار دول المنطقة.

ومن بين العقبات الكبرى المحتملة أمام التحالف المزمع تلك المقاطعة المستمرة منذ 13 شهرا من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة، وحصار هذه الدول لقطر.

وسيركز هذا التحالف على الدولتين الخليجيتين الأكثر تأثيرا في المنطقة وهما السعودية والإمارات للعمل عن كثب مع إدارة ترامب لمواجهة إيران.

وليس من الواضح حتى الان كيف سيمكن لهذا التحالف مواجهة طهران؟، ولكن ما يجعل الفكرة مقبولة من الحلفاء السنة لترامب أن لديهم مصالح مشتركة في الصراعات الدائرة في اليمن وسوريا إضافة إلى الرغبة في الدفاع عن الطرق البحرية التي تسلكها ناقلات النفط الخليجية في ظل التهديدات الحوثية الاخيرة وإطلاق قذائف على ناقلتين سعوديتين.

ولكن المؤكد أن هذا التحالف سيزيد الفجوات بين إيران وحلفائها الإقليميين من جانب والدول العربية المدعومة من الولايات المتحدة من جانب آخر، وقد يكون انشاؤه عامل تسريع لحرب اقليمية ضروس لا يستفيد منها سوى أمريكا واسرائيل، بدلا من مبادرات التهدئة بين إيران وهذه الدول.

لماذا طلب ترامب مقابلة قادة إيران؟

لغز اخر مرتبط بدعوة ترامب دول الخليج ومصر والاردن لتشكيل ناتو أو تحالف سني، هو سعي ترامب بالمقابل لمصالحة إيران عبر تقديم عرض بلقائه هو شخصيا مع قادة إيران على غرار مع فعل مع قادة كوريا الشمالية.

فاذا كان ترامب يريد حشد العرب والسنة ضد إيران وتشكيل تحالف عسكري للحرب معها، فلماذا سعي لعرض التفاوض مع قادة إيران، وهو العرض الذي رفضته إيران باعتباره "مذلة" وعديم القيمة بعد أن عمل ترامب على إعادة فرض عقوبات على طهران عقب انسحابه من الاتفاق النووي الدولي الموقع عام 2015؟!

فقد كان اعلان ترامب استعداده للقاء الرئيس الايراني "روحاني" دون شروط مسبقة لبحث كيفية تحسين العلاقات، مفاجأة تعارضت تماما مع دعوته للتحالف السني ضد إيران بل وسعيه إلى تشكيل "درع صاروخية" عربية على شاكلة منظومة «القبة» الإسرائيلية لمواجهة إيران.

فهو عرض للتفاوض السلمي يتناقض تماما مع أفعال ترامب الذي يفرض عقوبات على إيران ويضغط على دول أخرى لوقف التجارة مع طهران وعدم شراء نفطها، وسط توقع عدد من المحللين انخفاض صادرات النفط الإيراني بشدة اعتبارا من نوفمبر المقبل بسبب عقوبات ترامب وفقا لفايننشال تايمز، ولابد أن وراء تحركات ترامب أهداف امريكية غير معلنة.

ولكن الملاحظ أن طلب ترامب الحوار مع إيران كان تهديدا، وليس طلبًا للحوار: فالتصريح بحسب الفيديو الذي تحدث فيه، كان ردًّا على سؤال لصحفي حول إمكانية لقاء ترامب بروحاني، وردّ ترامب وإن بدا في جوهره دبلوماسيًّا لكنه كان يسير في اتجاه التصعيد ذاته.

إذ قال: «إذا رغبوا في ذلك فإنه سيقبل»، أي على إيران أن تبادر بطلب اللقاء، كما أنه قال «إن لقاء سيكون أفضل في الحالات التي يكون فيها خطر الحرب قائمًا»، وهو بهذا يعتبر أن بديل طلب إيران التفاوض هو الحرب.

وهذا تهديد مبطن من ترامب لإيران، فضلًا عن أن تصريحاته جميعها خلال المؤتمر نفسه تجاه إيران تتسم بالحزم وتلتزم بنهجه التصعيدي ذاته، بدايةً من وصفه الاتفاق النووي بالسيئ وانتقاده سلوك أوباما تجاه إيران، وإشارته إلى أن النظام يعيش ظروفًا صعبة.

كما أعرب عن اعتقاده بأن قادة إيران سيقررون في مرحلة ما لقاءه لمناقشة بديل للاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة مايو الماضي، ومع هذا يمكن رصد ما يلي:

      واضح أن ترامب أعجبته "سياسة حافة الهاوية" التي اتبعها مع كوريا الشمالية ونجحت، فسعي لتكرارها مع إيران، فسياسة "حافة الهاوية" هي سياسة يُقصد بها تحقيق مكاسب معيّنة عن طريق تصعيد أزمة دولية ما، ودفعها إلى حافة الحرب (الحرب النووية خصوصاً) مع إيهام الخصم استعداد امريكا التام لاجتياز هذه الحافة الخطرة (الحرب) ثم تقديم عرض سلمي مفاجئ، يقبله الخصم مع كثير من التنازلات ليتجنب التصعيد النووي، فهل تستجيب طهران لهذه السياسة أم أنها غير مستعدة لتقديم التنازلات التي قدمتها بيونج يانج كما ظهر من مواقفها، وهل سيتراجع ترامب بدليل معاودته خطب ود الايرانيين للقاء للمرة الثانية، بعدما رفضوا لقاؤه؟!

وربما لهذا قال ترامب في قمة الناتو الاخيرة أن الولايات المتحدة "سوف تفرض أقصى الضغوط على إيران، وسوف يتواصلون معنا وسيطلبون الحوار، وفي ذلك الوقت سوف نجلس إلى طاولة التفاوض".

      إعلان الحوثيين عن تعليق ما أسموه بالعمليات البحرية هي رسالة تهدئة إيرانية واضحة للأمريكيين بعد إعلان دونالد ترامب بأنه على استعداد للقاء حسن روحاني، حيث تريد طهران القول إنها تضمن أمن البحر الأحمر.

      هل الهدف هو توريط العرب والسنة في صراع مذهبي مع إيران وحلفاءها الشيعة لتحطيم بعضهم البعض بما يحقق مكاسب لواشنطن بالسيطرة على المنطقة، وبيع السلاح، ومكاسب للصهاينة بتدمير معامل إيران النووية وتأخير برنامجها عشرات السنين وضمان تل ابيب تفوقها وحدها في هذا المجال؟

      ام أن الهدف هو البحث عن مخرج لأمريكا من المواجهة المرتقبة مع إيران في ظل مطالبة امريكا حلفاءها بعدم شراء النفط الايراني وتهديد إيران بمنع نفط الخليج عن الغرب واسيا لو حدث ذلك؟

      أم ان الامر أكبر من ذلك ويتعلق باستراتيجية امريكية تقوم على إعادة فك وتركيب المنطقة العربية عبر الحروب والصراعات المتوقعة حال تم تشكيل هذا التحالف السني ووقعت حرب مع إيران؟

الدور الاسرائيلي في التحالف السني

بقدر ما سعي ترامب ليكون تحالفه "سني" بقدر ما سعي لضم تركيا واسرائيل له، قبل ان يقصي تركيا في تصريحاته اللاحقة، ليظهر الهدف من التحالف هو التطبيع أكثر منه مواجهة إيران بدعوي تلاقي مصالح السنة (في الخليج) مع مصالح اسرائيل ضد إيران النووية التي تهدد المسارات الملاحية الدولية وتنشر الحروب في سوريا وغيرها.

وقد ذكرت دراسة إسرائيلية أن الفشل الذي يواجهه التحالف العربي في اليمن وعجزه عن تحقيق إنجازات على صعيد مواجهة الدور الإيراني هناك، يفرض تشكيل حلف عسكري استخباري عربي بدعم أميركي لمواجهة طهران يكون شبيها بحلف "الناتو"، تشارك فيه اسرائيل.

وحسب الدراسة، الصادرة عن "مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية"، التابع لجامعة "بار إيلان"، فإن نجاح "الناتو العربي" يتوقف على قدرة الدول المشاركة فيه على التخلص من تأثير الخلافات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي قادت إلى فشل التحالف العربي القائم حاليًا في اليمن.

وركزت الدراسة، التي أعدتها الباحثة في المركز المستشرقة إرينا تسوكرمان، الولايات المتحدة على ضمان مشاركة اسرائيل ضمن التحالف باعتبار انه يوجه "أعداء مشتركين للعرب والغرب"، وأشارت في توصياتها تحدثت عن "تحقيق المصالح الاستراتيجية لإسرائيل" من وراء تشكيل هذا التحالف، مثل مواجهة الناتو العربي للقوى المتحالفة مع طهران في بيئتها الداخلية، مثل "حزب الله" بما يخدم مصالح اسرائيل.

وذكرت الدراسة أن التحالف العربي فشل في اليمن في تحقيق أهدافه، على الرغم من استعانته بقوات المرتزقة "بلاك ووتر"، التي أشارت إلى أنها تقاتل إلى جانب القوات السعودية والإماراتية العاملة في اليمن.

«القبة» الحديدية الإسرائيلية للناتو العربي

وعلي ذكر مشاركة اسرائيل في التحالف، والانباء السابقة عن بحث دول خليجية شراء منظومة القبة الحديدية الاسرائيلية للدفاع ضد صواريخ إيران والحوثيين رغم امتلاكها منظومة "باتريوت" الامريكية، تصاعد الحديث مؤخرا عن محاولة الرئيس الأميركي، ضمن تأسيس حلف «الناتو العربي»؛ لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد في الشرق الأوسط، إنشاء «درع صاروخية» إقليمية تشبه منظومة «القبة» الحديدية التي تنشرها إسرائيل.

فقد أكد مسؤولون أميركيون وعرب لمجلة New York الأميركية أن إدارة ترامب تأمل أن يبحث الناتو الجديد المسمى «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، في قمةٍ تقرّر مبدئياً عقدها بواشنطن في 12 و13 أكتوبر 2018 هذا الامر.

وأكدوا إن من بين أهداف هذا التحالف إقامة «درع صاروخية» في المنطقة على غرار منظومة «القبة»، إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش الدول العربية المشاركة فيه. ومن العقبات الكبرى المحتملة لهذا المسعى بتشكيل «درع صاروخية»، الحصار السعودي-الإماراتي-البحريني لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أميركية في الخليج العربي.

أيضا ذكرت صحيفة The Times البريطانية أن محادثاتٍ تجري في الوقت الراهن بين المملكة العربية السعودية و5 دول خليجية أخرى، بالإضافة إلى مصر والأردن، لتأسيس حلف من المقرر أن تدعمه الولايات المتحدة، يركز على الدفاع والتدريب العسكري ومن بين الخيارات إنشاء «درع صاروخية» إقليمية اشبه منظومة القبة الحديدية التي تنشرها إسرائيل.

وجاء التخوف الايراني المعلن من أن خطط «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» ستفاقم التوتر في المنطقة، وإنها «لن تفضي إلى أي نتيجة» سوى توسيع الهوة القائمة بين دول الشرق الأوسط، ليؤكد أن فكرة الناتو قد تؤدي لتصعيد عسكري خاصة لو تصاعد التوتر الامريكي الايراني، اذ تسعي واشنطن عبر هذا الناتو أو التحالف السني لضرب ومحاربة إيران دون توريط قواتها مع الحرب كما فعلت في العراق وطالتها خسائر باهظة.

اذ يبدو أن استراتيجية إدارة ترامب استقرت على ترك مهمة إسقاط النظام الإيراني للشعب الإيراني نفسه، ولحرب خليجية عربية ايرانية.

لذلك يري "المعهد الدولي للدراسات الايرانية" أن الكُرة الآن في ملعب قيادات النظام الإيراني، فإما استجابة لنداء التفاوض والاستعداد للتفاهم بشأن المطالب الأمريكية، وإما التعرض لمزيد من الضغوط والتهديدات حتى الاستجابة أو ارتداد أثر العقوبات والمواجهة على استقرار النظام وبقائه فعليًّا، حيث سيكون أثر العقوبات قد نقل الكُرة إلى جهة الشعب الإيراني.

وإن صدقت التحليلات بشأن وساطة عُمانية بناءً على طلبٍ إيرانيّ، فإنّ النظام الايراني يكون قد استوعب الرسالة وهو بصدد مرحلة جديدة سيسعى للّعب فيها بكل أوراقه، لتؤدّي المفاوضات دورها في كسب الوقت وانتظار تغيير المعادلات في المنطقة.

ولا يجب ان ننسي في الختام أن ترامب يراهن إلى حين على سياسة حافة الهاوية، ويظل في التصعيد لحين استجابة طهران على غرار حسمه لأزمة كوريا الشمالية، مع الفارق الكبير بين الحالتين، أو ظهور تطورات جديدة لصالحه.

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022