التوترات الروسية الإسرائيلية … إلى أين؟

 التوترات الروسية الإسرائيلية … إلى أين؟

 

أدت حادثة إسقاط الطائرة الروسية التى تقل 14 عسكرياً روسياً إلي حالة من السخط الشديد في روسيا، وانتظار لرد الفعل الروسي علي ما تسببت فيه الحكومة الصهيونية التى لم تخبر الجانب الروسي بموعد الضربة الجوية الموجهة إلي مدينة اللاذقية السورية إلا قبلها بدقيقة واحدة مما تسبب في استهداف المقاتلة الروسية من قبل المضادات الجوية السورية، وتأتي ردود الفعل الغاضبة بسبب الرد الروسي المخيب للآمال، والذي يختلف كليا عن الرد الموجه إلي تركيا بعد أن تسببت في استهداف طائرة روسية ومقتل طياريها، مما أدي لقيام روسيا بالتهديدات باجراءات عقابية ضد تركيا مالم تعتذر عن هذا الاجراء، وهو ما قام به الرئيس أردوغان إرضاء للشريك الروسي.

أما الحكومة الصهيونية فترفض تقديم الاعتذار عما حدث، بل وترفض تحمل تبعية هذا الأمر متهمة النظام السوري باستهداف الطائرة الروسية، الأمر الذي يثير الغضب الروسي، ولكن هذا الغضب لم يترجم حتى الآن إلي فعل حقيقي، إذ لم يتعد رد الفعل الروسي سوى التهديد بإمداد النظام بمنظومة صواريخ اس 300 المضادة للطائرات، ولكن هذا ليس أول مره تفعل فيها ذلك، إذ سبق وأن هددت بارسال هذه المنظومة ولم تقم بهذا الأمر.

وفي الواقع تعكس تلك الحادثة عدة أمور في غاية الأهمية منها:

1-     فقدان الصهاينة الثقة في الجانب الروسي، مما يجعلهم لا ينسقون معه إلا في أضيق الحدود قبل توجيه ضربات عسكرية ضد مواقع تابعة للنظام السوري، وذلك خوفا من ابلاغ النظام وقيامه بتأمين تلك المناطق، وهو ما قد يتسبب في حدوث الكثير من التوتر في العلاقات بين الجانبين في المستقبل.

2-     بيان مدى ضعف الجانب الروسي الذي يستخدم قوته فقط لضرب  المعارضة المسلحة الضعيفة في سورية والتنمر علي شركاءه الإقليميين كتركيا، في الوقت الذي يعجز فيه عن اتخاذ اي اجراء للرد علي الصفعة الصهيونية التى وجهت لرجاله في سورية.

3-     أن أمريكا والكيان الصهيوني لا زالتا لهما كلمة عليا في سورية، وأن الأمور تجري في سورية وفقاً للرؤية الأمريكية التى تسعى لتقسيم الدولة وتنويع السيطرة عليها ما بينها وبين الجانب الروسي.

4-     أن إيران هي كلمة السر في توجيه الضربة للجانب الروسي بسبب رفض الروس ممارسة ضغط حقيقي علي الجانب الإيراني لإخراج رجاله من سورية ارضاء للجانب الصهيوني الذي يتخوف من الدعم الايراني الموجه لحزب الله.

5-     أن النظام السوري غير موجود وان الروس هم أصحاب الكلمة العليا في الجانب السوري الذي يسيطر عليه النظام، بالاضافة إلي إيران التى ترفض الخروج بعد كل ما قدمته من تضحيات لدعم النظام الحالي.

إن عملية اسقاط الطائرة الروسية من شأنها أن تدفع الروس لإعادة ترتيب أوراقها وتأمين قواتها في سورية، وقد يدفعها ذلك لطلب التنسيق الكامل مع الجانب الصهيوني حتى لا تتكرر مثل تلك الحوادث في المستقبل، وفي نفس الوقت التوافق مع الجانب الأمريكي من أجل الترتيب الكامل للأوضاع المستقبلية في سورية، خاصة وأن فشل الروس في تنفيذ الاملاءات الأمريكية الخاصة بإخراج الإيرانيين من سورية قد أفشل مخططاتهم الخاصة بالسيطرة علي إدلب وإخراج قوات المعارضة منها.

لذلك يبدو أن الأوضاع في سورية لن تستقر قريبا وأن الأوضاع قد تشهد المزيد من التوترات في المستقبل، خاصة وأن هناك حالة من القلق من المعارضة وتخوف من نجاحها في توطيد أركانها وتقوية وجودها في إدلب بالشكل الذي يجعل هناك صعوبة في التعامل معها في المستقبل، يضاف إلي ذلك الرغبة في تقزيم الدور التركي وإخراجه هو الاخر من سورية، لذلك فإن مستقبل الأوضاع في سورية ستظل علي صفيح ساخن إلى ان نرى شكل الاتفاق النهائي ما بين الروس والأمريكان بشأن سورية.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022