تركيا تكثف جهودها لوقف الهجوم الشامل على إدلب في سوريا

 تركيا تكثف جهودها لوقف الهجوم الشامل على إدلب في سوريا[1]

 

قال وزير الخارجية التركي الأربعاء إن تركيا تكثف جهودها الدبلوماسية مع روسيا لتخفيف حدة العنف في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا ، في الوقت الذي تسعى فيه إلى تجنب هجوم شامل على آخر معقل للمعارضة والذي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية.

تدعم موسكو وأنقرة الأطراف المتصارعة في النزاع السوري المستمر منذ ثماني سنوات ، لكنهما تعاونا معًا لتحريك الأطراف المتحاربة نحو حل سياسي. وتشمل جهودهم الموافقة على منطقة منزوعة السلاح العام الماضي لإدلب ، التي تسيطر عليها ميليشيات تقاتل قوات الرئيس بشار الأسد، حيث يقبع بها أكثر من 3 ملايين مدني من الحرب.

تراقب كلًا من أوروبا والولايات المتحدة الأوضاع بشكل كبير من الخطوط الخلفية، حيث تلعب تركيا دورًا نشطًا في اللعبة النهائية السورية من خلال اقامة علاقات وثيقة مع لاعبين رئيسيين آخرين في البلد الذي مزقته الحرب ، إيران وروسيا.

 لقد أثرت تلك العلاقات على تحالف تركيا مع شركائها الغربيين ، خاصة فيما يتعلق بخطط أنقرة لشراء نظام دفاع صاروخي روسي.

صرح وزير الخارجية التركي للصحفيين في تعليقات بثها التلفزيون على الهواء مباشرة بأن تركيا وروسيا ستعقدان مجموعة عمل في أقرب وقت ممكن لمحاولة استعادة الهدوء النسبي لإدلب ، حتى في الوقت الذي يقوض فيه جيش الأسد "التقدم" الذي حققته أنقرة وموسكو، حيث قال: "لقد كثفنا جهودنا. يجب أن ينتهي موقف النظام العدواني ، ويجب أن تتوقف الهجمات على إدلب. "

بدأت قوات الأسد ، المدعومة من روسيا ، في مهاجمة إدلب في أواخر شهر أبريل، مما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 400 شخص وإجبار 150.000 آخرين على الفرار من أكثر المعارك حدة منذ عام تقريبًا. لقد دعمت تركيا المعارضة المسلحة منذ عام 2011 وتخشى أن تدفع الهجمات اللاجئين إلى حدودها.

يحاول الرئيس رجب طيب أردوغان إنقاذ الصفقة التي توصل إليها في سبتمبر 2018 مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين وأبلغه في مكالمة هاتفية يوم أن الحكومة السورية "تسعى لتخريب التعاون التركي الروسي."

تزامنت المكالمة الهاتفية مع تقارير إعلامية تفيد بأن تركيا والولايات المتحدة كانتا تبحثان عن مخرج من المأزق الدبلوماسي بشأن شراء تركيا عضو الناتو لنظام الدفاع الصاروخي إس -400 الروسي الصنع.[2] وأي تأخير أو إلغاء في صفقة الصواريخ سيعرض التقارب التركي_ الروسي للخطر.

تركيا بين شقي الرحي، حيث أكد نيكولاس دانفورث، الزميل البارز بصندوق مارشال الألماني ، إنه تركيا تحاول المناورة بين واشنطن وموسكو وصياغة سياسة مستقلة في مواجهة ضغوط هائلة من كلا البلدين.

تقول الولايات المتحدة إن طائرات S-400 ستهدد أمن الناتو، بل وتضع ذلك في مقابل اسقاط التعاون الأمريكي التركي في صناعة الطائرات الحربية طراز F-35 التي تساعد تركيا في بنائها.

قد يواجه الجيش التركي ، ثاني أكبر قوات الناتو ، الطرد من برنامج F-35 عندما يستحوذ على البطاريات الروسية في يوليو. وتقول أنقرة إنها اضطرت لشراء نظام مضاد للطائرات بقيمة 2.5 مليار دولار لأن البنتاجون رفض في البداية بيعه صواريخ باتريوت.

في الأسبوع الماضي ، طلب المسؤولون الأمريكيون من أنقرة تأجيل تسليم نظام الدفاع حتى عام 2020 لإعادة التفاهم بينهما مجددا لحل أزمة الصواريخ، وفقًا للتقارير الصحفية.

لكن يوم الأربعاء نفى أوغلو أن تؤجل تركيا عملية الشراء رغم التهديد بفرض عقوبات أمريكية، حيث سيؤدي حصول أنقرة على طائرات S-400 إلى إصدار قانون مكافحة الأعداء من خلال قيام الكونجرس بفرض عقوبات على أنقرة، والذي يتطلب من الرئيس دونالد ترامب فرض عقوبات على الكيانات التي "تنخرط في صفقات خطيرة مع قطاع الاستخبارات أو الدفاع الروسي".

وقال أيدين سيلسن ، وهو دبلوماسي تركي سابق: "في موعد أقصاه يوليو ، سنعرف ما إذا كانت تركيا تختار أن تبقى ضمن تحالفها الغربي التقليدي والحقيقي أو التجارة مع ما يسمى بالخيال" الأوراسي ".

ويهدد الأمريكان بأن العقوبات الأمريكية "مدمرة للاقتصاد التركي الهش"، في خضم الركود الذي أدى إلى ارتفاع البطالة إلى 14.7 ٪ ، وفقا لإحصاءات الوظائف الرسمية الصادرة.

وقال دانفورث للمونيتور: "اتخاذ موقف أكثر تعاونًا مع واشنطن – سواء بتأخير شراء S-400 أو التلميح به – سيكون أحد السبل للحفاظ على الاقتصاد على قدم المساواة في المدى القصير". "إن التأجيل سيؤدي لحدوث توازن وتهدئة في الموقف لاسيما مع حدة أزمات الوضع في المنطقة".

 

هناك خلاف آخر مع الولايات المتحدة حول الأراضي الواقعة في شمال شرق سوريا والتي يحتلها الآن مسلحون أكراد تدعمهم الولايات المتحدة والذين تعتبرهم تركيا إرهابيين. تريد تركيا السيطرة على "المنطقة الآمنة" بعدما وعدت أمريكا أنقرة بالانسحاب منه، إلا أنها تراجعت  ووعدت بحماية الأكراد.

يخشى المستثمرون من انفصال تركيا عن الغرب ، بما في ذلك التراجع عن الحقوق السياسية والديمقراطية (بالمنظور الغربي)، لذلك فقدت الليرة ربع قيمتها في عام واحد، حيث اندلعت أزمة العملة في أغسطس بعد أن فرض ترامب عقوبات رمزية على تركيا بسبب رفضها إطلاق سراح أندرو برونسون ، القس الأمريكي المسجون بتهمة التجسس.

تم إطلاق سراح برونسون في أكتوبر ، لكن المواطنين الأمريكيين والأتراك العاملين في البعثات الدبلوماسية الأمريكية إما في السجن أو يواجهون المحاكمة.

عقدت محكمة في إسطنبول الجلسة الثانية في محاكمة متين توبوز ، الذي كان يعمل لدى وكالة مكافحة المخدرات الأمريكية في إسطنبول ، وتم اعتقاله في أواخر عام 2017 بتهمة تعاونه مع متآمري الانقلاب الذين أخفقوا في الإطاحة بأردوغان في عام 2016.

ونقلت الصحيفة عن جيفري هوفنييه القائم بأعمال سفير واشنطن في أنقرة قوله للصحفيين في قاعة المحكمة إنه "لا يوجد دليل موثوق به على ارتكاب أي مخالفات جنائية" ضد توبوز وتتوقع حكومته أن تجري المحاكمة "بسرعة وشفافية ونزاهة"، وقد حددت المحكمة الجلسة القادمة في 28 يونيو، حيث ستنتهي جلسة الاستماع هذه قبل أسابيع قليلة من قيام ترامب بزيارته الأولى لتركيا.



[2] تشير بعض الاحتمالات إلى قيام روسيا بالضغط على  تركيا من خلال اعطاء ضوء أخضر للنظام السوري لشن عملية عسكرية على إدلب، بل والمشاركة بها، للضغط على أنقرة لعدم حدوث أي تفاهمات بينها وبين واشنطن، وهو الأمر الذي يفسر عدم مشاركة مليشيات إيران وحزب الله في المعركة. الباحث.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022