الغاء الحكم الذاتي بكشمير تهدد بحرب رابعة بين باكستان والهند…الصين لن تكون بعيدة عنها

 الغاء الحكم الذاتي بكشمير تهدد بحرب رابعة بين باكستان والهند…الصين لن تكون بعيدة عنها

 

 

 

باتت أجراس الحرب تعلو متسارعة بين الهند وباكستان، على خلفية إلغاء نيودلهي مادة دستورية تغير الوضع الخاص الذي يتمتع به سكان إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين..

 

وعلى مدى أكثر من نصف قرن كانت ولا تزال القضية الكشميرية بؤرة للتوتر الإقليمي في جنوب آسيا، وقد ازدادت أهمية هذه القضية في السنوات الأخيرة بعد التجارب النووية الهندية والباكستانية، في منطقة تضم تكتلا بشريا تجاوز تعداده خمس سكان العالم.

 

الانقلاب الهندي على الكشميريين

 

وألغت الحكومة الهندية الاثنين 5 أغسطس الاستقلال الدستوري لإقليم جامو وكشمير في شمال البلاد، وأعلنت أنه أصبح باطلا..

كما وافق البرلمان الهندي، الثلاثاء، على قرار تقسيم إقليم جامو وكشمير إلى منطقتين، وهو الشطر الخاضع للهند من إقليم كشمير المتنازع عليه مع باكستان.

وقضي القرار بخفض درجة كشمير من ولاية إلى منطقة لها هيئة تشريعية خاصة بها، مع فصل منطقة لاداخ الواقعة شرق كشمير، ذات الغالبية البوذية، عن الولاية.

حيث وافق مجلس الشيوخ الهندي على مشروع القانون بأغلبية الثلثين، إذ صوّت كثير من نواب المعارضة مع حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم.

 

 

وأفادت قناة "إن دي تي في" المحلية أن 370 عضوا في البرلمان وافقوا على القرار، مقابل رفض 70 عضوا.

وأضافت أن القرار يحتاج حاليا لتوقيع رئيس الهند، رام نات كوفيند، ليصبح قانونا، دون تفاصيل.

 

المادة 370 من الدستور الهندي الملغاة

 

وتمثل التطورات الدراماتيكية الهندية التصعيدية ضد الكشميريين، انقلابا سياسيا على وضع حرج قائم منذ عقود من الزمن، حيث استهدف الوضع الخاص لجامو وكشمير الحفاظ على حقوق سكانها، وهو موروث من الشروط التي وضعتها إمارة كشمير للقبول بالانضمام إلى الهند عند استقلالها عام 1947.

وتعطي المادة 370 من الدستور الهندي -التي ألغيت بموجب مرسوم رئاسي سكان جامو وكشمير هامشا واسعا من الحرية المكبلة في إدارة شؤون ولايتهم.

حيث قيدت المادة الملغاة الحكومة المركزية في نيودلهي من سن تشريعات في اقليم كشمير  إلا في مسائل الدفاع والشؤون الخارجية والاتصالات، والباقي تتولاه سلطة تشريعية محلية.

كما تمنح هذه المادة جامو وكشمير دستورا وعلما منفصلين، وهو ما سيتغير مع إلغاء المادة المذكورة.

وتسمح المادة 35 أيه للسلطة التشريعية في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية بتحديد "المقيمين الدائمين" في الولاية وما الذي يميزهم. وقد طبق على جميع منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية وبضمنها جامو ولداخ.

وأصدرت لكل السكان المعروفين في المنطقة شهادة إقامة دائمة، تعطيهم بعض الامتيازات في الوظائف والتعليم وامتيازات أخرى، بيد أن الفائدة الكبرى التي يجنيها المقيمون الدائمون منها هي حق التملك وشراء العقارات في الولاية.

والمشمولون بالمادة، هم كل من كان يعيش في الولاية في 14 مايو 1954، لحظة تطبيق التشريع، ويعد كل من عاش في الولاية لمدة عشرة أعوام منذ ذلك التاريخ من السكان الدائمين.

 

ويمكن للهيئة التشريعية في الولاية أن تغير تعريف المقيم الدائم أو أي جوانب أخرى تتعلق بذلك بإصدار تشريع ينال غالبية ثلثي الهيئة.

وكان مهراجا كشمير، هاري سنغ، أول من وضع تشريع في عام 1927 لوقف تدفق الناس من ولاية البنجاب الشمالية على كشمير.

وتقول تقارير إنه فعل ذلك بناء على طلب الجالية الهندوسية القوية في كشمير. وما زال هذا التشريع ساريا في الأجزاء الخاضعة للإدارة الباكستانية في كشمير.

وفي الهند، أضيفت المادة 35 أيه الى الدستور الهندي بقرار رئاسي في عام 1954، إلى المادة 370 من الدستور التي تكفل لكشمير وضعا خاصا داخل الهند.

وعندما اعتمد دستور ولاية جامو وكشمير في عام 1956، أقر قانون الإقامة الدائمة الذي كان قد مضت على تشريعه سنتان.

ويسعى التشريع لحماية الشخصية الديموغرافية المميزة للولاية.

ولأن الجزء الخاضع للإدارة الهندية من كشمير يمثل الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في الهند، يشك الكثير من الكشميريين في أن جماعات الوطنيين الهندوس تشجع الهندوس على الهجرة الى الولاية. وهذا لا يرضي الكشميريين، لاسيما أنهم يعيشون في علاقات مضطربة مع الهند، وتغرق منطقتهم في تمرد مسلح ضد الحكم الهندي منذ عام 1989.

وبإلغاء هذه المادة تصبح المادة "35أ" باطلة بشكل تلقائي، وهي التي كانت تمنع الأجانب في جامو وكشمير من شراء الأراضي والحصول على فرص عمل في المنطقة.

 

تصعيد هندي ميداني

وقد فرضت الهند عزلة شاملة على اقليم  كشمير، منذ مساء الأحد الماضي، كما أن جميع وسائل الاتصال مقطوعة، بجانب حظر التجول والتجمع.

ونشرت الهند أكثر من 80 ألف جندي وشبه عسكري في شوارع وقرى كشمير على مدار الأيام العشرة الماضية، للحيلولة دون وقوع أي انتفاضة.

وقد وضعت الهند قادة سياسيينن قيد الإقامة الجبرية ومُنع انعقاد لقاءات وتجمعات عامة، معلنة عن إقفال المدارس والمعاهد والجامعات، وأمرت جميع السياح والبالغ عددهم ألف سائح بترك المنطقة، بذريعة وجود مخاوف من قيام المسلحين باستهداف بعض الأضرحة المشهورة في الإقليم وباستهداف أماكن سياحية.

 

دوافع القرار الهندي

 

وكان الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، قد تعهد خلال حملته الانتخابية بإلغاء هذا القانون بعد الانتخابات التي جرت في مايو الماضي، معتبراً ذلك عقبة في وجه تنفيذ مشاريع الحكومة.

 

وفي 8 أبريل 2019، أعلن حزب "بهارتيا جانتا" الحاكم في الهند، برنامجه الانتخابي والذي تضمن محاربة الإرهاب _والذي يقصد به مسلمي كشمير_ بدون أي أستثناء، من خلال منح السلطات الأمنية الحرية الكاملة في التعامل مع العناصر الإرهابية، وإلغاء القانون رقم 35 الذي يمنح سكان جامو وكشمير حقوقًا خاصة.

وجاء في البرنامج أن "الحزب تتبع نهج عدم التسامح مطلقًا مع الإرهابيين، وفي مواجهة أي عدوان من الداخل والخارج"، وأنه "يعطي الحرية الكاملة للجهات الأمنية في التعامل مع العناصر الإرهابية". وهذه أبرز نقطة ركز عليها الحزب الحاكم خلال برنامجه الانتخابي..

 

وكان التشريع، المعروف تحت مسمى المادة 35 أيه، مصدرا دائما للخلاف بين الغالبية المسلمة في كشمير وحزب "بهارتيا جاناتا" اليميني الحاكم في الهند حاليا.

وظل الحزب الهندي يدعو منذ وقت طويل إلى إلغاء هذه المادة الدستورية، التي يرى الكثيرون أنها حجر الأساس في الوضع الخاص الذي منحه الدستور الهندي لكشمير.

 

وكذلك جاء القرار الهندي في ضوء التصعيد الموجود في العلاقات مع باكستان، وتحديدًا بعد الهجوم على القوات الهندية في الشطر الهندي من كشمير في شهر فبراير الماضي، والذي أدى إلى مقتل 44 من عناصر القوات الهندية.

 

مخاوف كشميرية

ويخشى المسلمون الكشميريون من أن يكون هدف حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي الهندوسية القومية من هذه الخطوة هو تغيير التركيبة السكانية لمنطقتهم على المدى الطويل.

 

الهند وباكستان بالمواجهة

 

وفور اصدار الهند قرارها، دانت باكستان إلغاء الحكم الذاتي، وقالت إنها ستفعل "كل ما في وسعها لمواجهة هذه التدابير غير القانونية" المتعلقة بالنزاع الإقليمي بين البلدين اللذين دخلا في حربين بسبب كشمير: الأولى ما بين عامي 1947 و1949 والثانية في عام 1965، وهو ما أسفر عن مقتل 70 ألف…

وتلقي الهند باللائمة على باكستان في تغذية القلاقل في الولاية، الأمر الذي تنفيه باكستان باستمرار.

ويدعي كلا البلدين بسيادته الكاملة على مجمل كشمير وليس على الأجزاء الخاضعة لإدارة كل واحد منهما. ومنذ تقسيم الهند وإعلان دولة باكستان في عام 1947، خاض جيشا البلدين، المسلحين نوويا، حربين ونزاعا حدوديا محدودا بشأن المنطقة.

وقبل القرار الهندي بإلغاء القانون بدأ التصعيد على الحدود مع ادّعاء باكستان أن القوات الهندية استخدمت القنابل العنقودية، المحظورة دولياً، على مناطق سكنية في الجانب الباكستاني من إقليم كشمير، تحديداً في وادي نيلم يومي 30 و31 يوليو الماضي، ما أدى إلى مقتل مواطنين اثنين وإصابة 11 آخرين. في المقابل اتهمت الهند الجيش الباكستاني بمحاولة إرسال قواته إلى الداخل الهندي في كشمير، والتواطؤ مع المسلحين لشن هجمات على ثكنات عسكرية تابعة للجيش الهندي. وقال المتحدث باسم القوات المسلحة الهندية الكولونيل راجيش كاليه للصحافيين في نيودلهي، إن عناصر من الجيش الباكستاني حاولت التسلل إلى داخل الأراضي الهندية في منطقة كرن، والقوات الهندية قتلت سبعة منهم، لا تزال جثامينهم في الأراضي الهندية، لكن الجيش الباكستاني نفى ذلك، معتبراً أنها مجرد حملة إعلامية تهدف إلى الوصول لأهداف خطيرة لا تحمد عقباها.

 

بينما هدّد المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الجنرال أصف غفور بأن الاعتداء الهندي وبهذه الصورة من خلال استخدام الأسلحة العنقودية على مناطق سكنية في باكستان، لن تبقى من دون ردّ، وأن القوات المسلحة الباكستانية لن تقف مقيّدة اليدين بل سترد بكل قوة. وعلى الرغم من تهديدات الهند على الحدود وقرارها الأخير، إلا أنه لا يبدو أن الأمور ستنزلق نحو حرب شاملة أو تصعيد كبير، لا سيما أن باكستان تواجه العديد من الأزمات داخلياً وعلى مستوى المنطقة، ولكنها ستلقي بظلالها على المصالحة الأفغانية. ومعروف أن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي قد أكد في الأيام الماضية أن القضية الأفغانية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً مع قضية كشمير، إذ في مقابل المساعدة مع الأميركيين في قضية أفغانستان تطلب إسلام أباد مساعدة واشنطن في كشمير. على الضفة الأخرى لن ترضى الهند بأي تقدم بالعلاقات الباكستانية ـ الأميركية وقيام تعاون بينهما فيما يخص قضية أفغانستان، ما سيؤثر على العمق الهندي في المنطقة، وهذا قد يكون أيضاً من وراء دوافع ما حصل على الحدود الباكستانية ـ الهندية وفي إقليم كشمير.

فيما شدد رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان على أن بلاده ستقاوم الخطوة الهندية في كل منبر، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والجنائية الدولية، حيث إن إلغاء الوضع الخاص لكشمير -الذي كان يشمل منع الأجانب من امتلاك عقارات- محاولة لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة، وهو تحرك غير قانوني بموجب القانون الدولي.

 

وقال إنه إذا لم يتحرك العالم اليوم فستصل الأمور إلى مرحلة لن يكون مسؤولا عنها، متهما نظيره الهندي ناريندرا مودي بانتهاك القانون الدولي بشكل سافر لتحقيق أجندة معادية للمسلمين في الهند.

الترقب الصيني

 

 

وانتقدت بكين بشدة قرار الهند، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا شونيغ إن "الصين تعارض دائما ضم الهند المنطقة الصينية في القطاع الغربي من الحدود الصينية الهندية إلى فضائها الإداري".

وأضافت "في الفترة الماضية واصلت الهند تقويض سيادة أراضي الصين من خلال تغيير القانون الداخلي من جانب واحد. ومثل هذه الممارسة غير مقبولة ولن تُطبق". وتقول الهند إن الصين تحتل 38 ألف كيلومتر مربع من منطقتها الشمالية الغربية بشكل غير قانوني، بينما تزعم بكين أحقيتها في 90 ألف كيلومتر من ولاية أروناشال براديش في شمال شرق الهند.

 

وقالت الحكومة الهندية إن التوصيف الجديد لمنطقة لاداخ بأنها "أراض تابعة للاتحاد" هو "شأن داخلي يتعلق بالأراضي الهندية".

 

وتجري محادثات غير مثمرة بشأن الحدود المتنازع عليها بين الهند والصين منذ 1962، عندما خاض البلدان حربا قصيرة ولكن وحشية بسبب المنطقة.

مواقف دولية

فيما توالت المواقف الدولية المحذرة من خطورة الخطوة الهندية ، حيث رفضت الصينالقرار الهندي، فيما ردت الهند بأنه لا ينبغي التدخل في الشأن الداخلي للهند، رافضة في الوقت نفسه طلبا للوساطة قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب…فيما أدانت العديد من المؤسسات الأممية والفاعليات السياسية الدولية طجماعة الاخوان المسلمين والكثير من الأحزاب الاسلامية….وهو ما يعني أن الهند غي طريقها نحو التصعيد….

 

 

تداعيات مستقبلية

 

وأمام الاصرار الهندي وحشودها العسكرية بالاقليم، قد تندلع انتفاضة من قبل السكان المحليين وتداعيات دولية محتملة، بحسب مجلة لونوفل أوبسرفاتور الفرنسية.

ويخشى أن تؤدي هذه الإجراءات غير المسبوقة إلى انتفاضة دموية في وادي سرينغار ذي الأغلبية المسلمة، والذي يعادي سكانه الهند ويتشبثون بالاستقلال عنها.

حيث يقول المدافعون عن القانون إن إلغاءه سيمثل انتهاكا وعدم وفاء لوعد الحكومة الهندية بحماية الوضع الخاص لكشمير.

 

ويخشون أيضا من أنه سيفتح أبواب الولاية أمام استقرار القادمين من خارجها ما سيؤدي إلى تغيير الوضع الديموغرافي فيها.

وقد كتب رئيس الوزراء السابق للولاية عمر عبد الله تغريدة تقول إن إلغاء التشريع ستكون له "عواقب وخيمة" في جامو ولداخ.

وحذرت رئيسة الوزراء الحالية محبوبة مفتي من أن إلغاء التشريع سيدمر العلاقة الهشة بين الهند والولاية.

 

كما تخشى الدوائر العسكرية في باكستان، من أن تفجر القرارات الهندية عنفا محليا، قد تتصوره نيودلهي أنه مدعوم من اسلام اباد، فترد عسكريا باستهداف قواعد باكستانية، ما يستدعي ردا مماثلا، قد يفجر حربا ثالثة بين البلدين..

ومن شأن قرار نيودلهي أن يفاقم الصراع الدامي القائم في كشمير والذي خلف أكثر من 70 ألف قتيل، معظمهم من المدنيين، منذ 1989. كما من شأنه أن يعمّق العداوة القائمة مع باكستان التي تملك، على غرار الهند، السلاح النووي وتطالب بالقسم الآخر من كشمير.

 

وخاضت القوتان النوويتان الجارتان حربين من أصل ثلاث حروب دارت بينهما، بسبب هذه المنطقة الجبلية التي يشكل المسلمون غالبية سكانها.

كما أن القرار يمكن أيضا أن يعقد خطط الولايات المتحدة للخروج من أفغانستان، وهو ما تحتاج إلى مساعدة باكستان لكي تتمكن من تنفيذه.

وعلى أية حال يبقى الحراك السياسي الداخلي في كشمير عنصر الخسم الأساسي في القضية التي باتت تقترب من درجة الانفجار السياسي، الذي يضع القارة الهندية في أتون حرب ثالثة بين باكستان حول اقليم كشمير، الرابعة بين البلدين….

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022