إلغاء ترامب محادثات السلام مع طالبان…حسابات انتخابية تفاقم الحرب في أفغانستان

ما بين المراوغة التي يجيدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتجاوز الغضب في داحل ادارته من قرارته، بالتفاوض المباشر مع حركة طالبان الأفغانية واعلان اتفاق سلام معها على الأراضي الأمريكية قبيل ساعات من يوم 11 سبتمبر، الذي يحمل للأمريكان ذكريات دامية…وما بين ضغزط جديدة تخطط لها إدارة ترامب لتحسين الاتفاق السيء الذي توصلت له إدارة ترامب مع طالبان، التي لم تقدم الكثير سواء للأمريكان، بعدم اعترافها بعلاقاتها مع تنظيمات القاعدة وغيرها من التنظيمات المسلحة التي لم تجرمها طالبان، على عكس ما كان يرنو الأمريكان، أو للحكومة الأفغانية التي استبعدها ترامب من عملية التفةض والاتفاق مع طالبان، بالرغم من صلتها الوثيقة بكل ما يجري الاتفاق عليه ، وبدا وكأن ترامب يريد الانسحاب على عجل من المستنقع الأفغاني…كل تلك الأوضاع والتقديرات قد تكون أحد دوافع ترامب للاعلان عن وقف التفاوض مع طالبان وإلغاء اجتماعا على مستوى عال بكامب ديفيد ، للاعلان عن الاتفاق مع طالبان، الأحد الماضي..

حيث أعلن، يوم السبت، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلغاء المحادثات مع قادة حركة طالبان الأفغانية، مجددا قراره يوم الاثنين الماضي، بالقول ن المحادثات مع طالبان  أن “المحادثات ماتت، وإنّه لا يزال يفكر في سحب القوات الأميركية من أفغانستان.. “.

وجاء قرار ترامب، بعد عام من التفاوض، ومع قرب التوصل إلى اتفاق، متذرعا بهجوم تبنته الأخيرة على كابول، سقط فيه أكثر من عشرة قتلى، بينهم أمريكي.

وجاء قرار ترامب مستغربا، إذ أن طالبان، في الواقع، لم توقف هجماتها على مدار العام الماضي، لا بل ازدادت وتيرتها منذ مطلع 2019، وهو ما يطرح تساؤلات حول أسباب اتخاذ ترامب قراره –الذي يصفه البعض بالمراوغ-  في هذا التوقيت، لا سيما وأنه يأتي أيضا بعد أسبوع على الإعلان عن التوصل لصيغة اتفاق من شأنه أن يحد من القتال ويسمح بعقد محادثات سلام شاملة بين الأفغان.

وعلى العكس من القلق الدولي والتوقعات المتشائمة من اشتعال التفجيرات وأعمال العنف في أفغانستان، ردا على القرار الأمريكي، إلا أن مكتب الرئيس الأفغاني أشرف غني، رحب به الأحد، مشيرا في بيان له على أن “السلام الحقيقي لا يمكن تحققه إلا بتوقف حركة طالبان عن العنف وإجراء محادثات مباشرة مع الحكومة“...

فيما طالبت باكستان وإيران بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وبدت حركة طالبان مصدومة من الخطوة الأمريكية، إلا أنه أعلنت استعدادها للعودة للتفوض، مشيرة إلى أن كل الخيارات باتت مفتوحة، وبطريقة غير مباشرة انفجرت قنبلة على إحدى الطرق بكابول، في منطقة غير أهولة كرسالة غير مباشرة من الحركة بالعودة إلى التفجيرات والعمليات المسلحة ضد القوات الأجنبية والحكومة الأفغانية…

 

أسباب غير منطقية

 

ولعل الاعتقاد بأن العملية المسلحة التي راح ضحيتها 12 في كابول بالقرب من السفارة الأمريكية، بينهم أمريكي ، عشية القمة، لم تكن السبب المباشر لإلغاء القمة، بقدر ما جرى التعامل معها كرسالة بأن “طالبان” ليست في وارد التزحزح عن شروطها، بما قد يؤدي على الأرجح إلى فشل القمة وافتضاح أمرها، مع ما يترتب على ذلك من خسائر سياسية خارجية وداخلية، وبالتحديد انتخابية.

هذا الاحتمال، مع الانتقادات والتحذيرات التي تزايدت وتيرتها في المدة الأخيرة، حمل البيت الأبيض على الاستدراك لتقليل الخسائر والنأي في آخر لحظة عن قمة “متسرّعة” لم تنضج شروطها بعد.

 

لكن الاستدراك حصل متأخراً، ما زاد من الصورة المشوشة التي رسختها تقلبات الرئيس ترامب في تعامله مع الأزمات الخارجية. حتى وزير الخارجية مايك بومبيو وجد صعوبة في تعليل وتسويق فكرة القمة، خلال مقابلاته التي أجراها الأحد مع شبكات التلفزة الخمس الرئيسة في برامجها لحصاد الأسبوع؛ أثنى على شطبها، لكنه لم يقوَ على تقديم تبرير متماسك للدعوة إليها، وكأنه كان يدرك مدى سرعة عطبها.

 

خطأ استبعاد الحكومة الأفغانية

 

ووفق مراقبين، كان التفاوض الأمريكي مشوباً بأعطاب عدة، “على رأسها التفاوض من دون الرئيس أشرف غني”، والذي أدى إلى “خطأ الدعوة إلى قمة بهذا الشكل”، حسب جين هارمن، النائبة الديمقراطية السابقة ورئيسة مؤسسة “وودرو ويلسون” للدراسات في واشنطن حالياً.

 

الرهان الانتخابي

ويرى البعض أن ترامب أقدم كعادته على مجازفة غير محسوبة. دفع المفاوضات نحو التوصل إلى خطوة دراماتيكية عاجلة ترتبط باسمه لعدة حسابات، الانتخابية منها في الأساس، لكن العجلة أوقعته في مأزق، والتراجع عنها تبين أنه مكلف كما كشفت الردود، والمضي بها أكثر كلفة لو فشلت.

إلا أن اختيار الأقل كلفة لن يشفع بالمفاوضات، التي صارت بحكم المتوقفة حتى إشعار آخر، مع تزايد مرجح في التصعيد الأمني على الساحة الأفغانية، وتجميد الانسحاب الأميركي الجزئي في الأشهر القادمة، كما كانت الإدارة تأمل. وبذلك يتأكد مرة أخرى، بأن معالجة الأزمات، خاصة الصعبة مثل أفغانستان، لا تستقيم بعقلية الصفقة، كما أثبتته “صفقة القرن”.

 

مفاجآت وتقلبات ترامب

 

ومن ضمن أسباب القرار الأمريكي ، سياسة المفاجآت والصدمات التي يتبعها ترامب، والتي  صارت حالة ملازمة لرئاسته. فقد ألغى أكثر من قمة ولقاء وزيارة. انتقل من موقف إلى نقيضه في أكثر من قضية ومسألة وأزمة. أحياناً جاء التراجع بمثابة تصحيح مرغوب، كما في الحالتين الكورية الشمالية والإيرانية. لكن هذا النهج لم ينتهِ إلى حلول. في أحسن الأحوال أدى إلى تعليق الأزمات.

 

أهداف المحادثات الملغاة

ولعل ما يشير لمدى الخلل في القرار الترامبي، معرفة أهداف  المحادثات التي استمرت لعام ..

 

حيث كانت المحادثات تهدف إلى تأمين اتفاق سلام لإنهاء الحرب المستمرة منذ نحو 20 عاماً.

وفي ما يتعلق بسحب بعض من القوات الأميركية من أفغانستان؛ والبالغ قوامها 14 ألفاً، قال ترامب: “نود أن ننسحب لكننا سنخرج في الوقت المناسب” …

وشهدت الأيام الأخيرة تسارع وتيرة المفاوضات الماراثونية بين أمريكا وطالبان، من أجل التوصل إلى اتفاق ، بعد 18 عاما من الاجتياح الأمريكي لأفغانستان للإطاحة بنظام طالبان وتصفيتها في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر 2001.

وكانت واشنطن ، على خلاف طالبان، تسابق الزمن في سبيل تحقيق اتفاق سلام مع الحركة، قبل موعد الانتخابات الأفغانية المقررة في 28 سبتمبر 2019، وقبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر 2020، بينما لا تبدو طالبان في عجلة من أمرها في ظل زيادة نفوذها وسيطرتها على الأرض. وقد صعّدت حركة طالبان عملياتها العسكرية ووسعت من نطاق هجماتها مع تقدم المفاوضات في الجولة التاسعة، التي انعقدت في الدوحة في 6 سبتمبر 2019. وكانت الجولة الثامنة من المُفاوضات بين حركة طالبان والولايات المتحدة، في 12 أغسطس الماضي، قد انتهت دون صدور أيّ بيان ختامي مُشترك يؤكّد التوصّل إلى اتّفاق، واكتفى زلماي خليل زاد، المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان، بالحديث عن التوصّل إلى مشروعِ اتّفاقٍ، وتحقيق تقدّمٍ مُشجّع.

 

بنود الاتفاق

 

وتركز الاتفاق غير المعلن، حول الحديث عن انسحابٍ أمريكي تدريجي على مدى 18 شهرا، يُؤدّي في النّهاية إلى عودة نحو 14 ألف جندي إلى الولايات المتحدة، تطبيقا لوعود الرئيس دونالد ترامب، بينما لم تقدم حركة طالبان تنازلات واضحة حول المطالب الأمريكية التي تتلخّص في وقف كامل لإطلاق النّار، والدخول في مُفاوضاتٍ مع حُكومة أشرف غني في كابول، وتقديم ضِمانات مُلزمة بعدم السّماح بتحويل أفغانستان إلى منصّة للتّنظيمات المُتشدّدة، مثل “القاعدة” و”تنظيم الدولة”، تستهدف الأراضي الأمريكيّة.

 

دوافع أمريكا للتفاوض

ولمعرفة الخطر المتمثل في وقف ترامب للمفاوضات، يتوجب الوقوف على دوافع اطلاق الحوار الأمريكي مع طالبان..

فحركة طالبان تجد نفسها في وضعية مريحة، فقد برهنت الحركة على أنها قوة قتالية هائلة في أفغانستان، وأن التوصل إلى سلام لا يمكن أن يتحقق مستقبلا في أفغانستان دون أن تتفاوض حكومة كابول مع طالبان، وباتت الدول الكبرى تتسابق لخطب ود الحركة في سياق تجنب الآثار الكارثية في حال عودة طالبان إلى حكم أفغانستان. وفي سياق اللعبة الاستراتيجية الكبرى، فقد دخلت الولايات المتحدة في مفاوضات مياشرة مع الحركة، بعد أن استضافت روسيا وفدا من الحركة لبحث عملية السلام، واعترفت الصين بشرعية الحركة، فضلا عن سعي الهند وإيران وغيرهما لنسج علاقات ودية مع طالبان.

فلم تكن المفاوضات الأمريكية مع طالبان من موضع قوة ونجاح، بل جاءت عقب فشل الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية في أفعانستان عن كسر شوكة طالبان، ومحاولة دفعها للقبول بتسوية هزيلة مع ذروة وجود القوات الأمريكية وحلفائها. فقد بلغ عدد القوات الأمريكية ذروته عام 2011، حيث وصل إلى 100 ألف جندي أمريكي، دون تحقيق تقدم يذكر. وقد دفع بروز تنظيم أشد عنفا من طالبان، ممثل بتنظيم الدولة (ولاية خراسان) الولايات المتحدة إلى الإسراع في التفاوض مع طالبان حول الانسحاب، والنظر إليها كحركة وطنية وليس كمنظمة إرهابية.

وكانت حسابات الكلفة/ المنفغة حاسمة في قرار الإدارة الأمريكية بالتفاوض مع طالبان. فقد بلغت نفقات وزارة الدفاع الأمريكية المنظورة لوحدها في أفغانستان 840 مليار دولار، حسب “مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية”. وحسب الأرقام التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية، يبلغ مجموع ما أنفقه الأمريكيون عسكريا في أفغانستان، منذ أكتوبر 2001 إلى مارس 2019، نحو 760 مليار دولار. ولكن دراسة مستقلة أجراها مشروع تكلفة الحرب في جامعة براون الأمريكية؛ خلصت إلى أن الأرقام الرسمية التي نشرتها الحكومة الأمريكية لا تعكس الواقع إلى حد كبير، وخلصت الدراسة إلى أن الأرقام الرسمية لا تشمل تكاليف الإنفاق على العناية بالجرحى من العسكريين الأمريكيين، ولا الأموال التي أنفقتها وزارات الدولة الأمريكية الأخرى، والمتعلقة بالحرب في أفغانستان ولا الفوائد التي تكبدتها الحكومة بسبب القروض التي أخذتها لسد نفقات الحرب.

 

وقدرت دراسة جامعة براون كلفة الحرب في أفغانستان بأنها أقرب إلى تريليون دولار، وقد تسببت الحرب بخسائر بشرية كبيرة، وكان نصيب قوات الولايات المتحدة الأكبر مع سقوط 3200 قتيلا ونحو 20,500 جريحا منذ 2001، وهو رقم يتجاوز مرتين حجم خسائر دول التحالف هناك.

 ومن ثم، جاءت المفاوضات بين أمريكا وطالبان عقب قناعة أمريكية بكلفة الحرب الباهظة في أفغانستان، وأنها حرب بلا أفق وفوضوية، وأفضت إلى ولادة حركة أكثر عنفا وراديكالية من طالبان

وكان الرئيس الأفغاني قد قال في وقت سابق من العام الحالي؛ إن أكثر من 45 ألف من العسكريين الأفغان قتلوا منذ توليه منصبه في عام 2014.

 

مخاطر مستقبلية

 

 

وشهدت مراحل الاتفاق بين واشنطن وطالبان مخاوف أفغانية وتحذيرات من خبراء أمريكيين، من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، قد تكون أحد أسباب وقف ترامب للمباحثات، ففي سياق المفاوضات بين أمريكا وطالبان، تبدو الحكومة الأفغانية غائبة تماما، فحركة طالبان مستعدة لوقف إطلاق نار مع القوات الأمريكية، لكنّ ليس مع الجيش الأفغاني، الأمر الذي يضع مستقبل أفغانستان في حالة من الغموض، ويدشن لحرب أهلية واسعة.

 

وبدت انتقادات واسعة داخل الادارة الأمريكية من انجاز اتفاق سيئ، وتحذيرات من الانسحاب الكامل، حيث قال السناتور ليندسي غراهام لمحطة “فوكس نيوز” إنه “إذا غادرنا أفغانستان دون (إبقاء) قوة لمكافحة الإرهاب ومن دون أمكانيات جمع معلومات استخباراتية، فإنّ تنظيم الدولة الإسلامية سيظهر من جديد وتنظيم القاعدة سوف يعود، سيضربون وطننا وسيلاحقوننا في أرجاء العالم“.

كما حذّر الجنرال ديفيد بتريوس، الذي قاد القوات الأمريكية في العراق، في مقال في صحيفة “ذا وول ستريت جورنال”، بأنّه “تحت أي ظرف لا ينبغي أن تكرر إدارة أمريكية الخطأ الذي ارتكبته الإدارة السابقة في العراق، بالموافقة على سحب كامل للقوات القتالية من أفغانستان“.

وأيضا كتب بترايوس في مقال مشترك مع الخبير في شؤون أفغانستان فانس سيرشوك؛ أن “عمليات مكافحة الإرهاب الفعالة في أفغانستان، وعلى نفس القدر من الأهمية في المناطق القبلية المجاورة لباكستان، ستثبت أنها شبه مستحيلة في غياب بصمة أمريكية دائمة على الأراضي الأفغانية“.

لخص عنوان المقال التحليلي الذي كتبه أنتوني لويد في صحيفة التايمز، “الأفغان يشعرون باليأس تجاه اتفاق السلام الأمريكي الذي يسلم طالبان النصر على طبق من ذهب”، جملة المخاوف من التوصل لاتفاق ناقص، إذ يقول مراسل التايمز في أفغانستان، إنه وبينما تستعد الولايات المتحدة للإعلان عن تفاصيل اتفاق مع حركة طالبان، يلاحق السكان شبح عودة الحرب الأهلية التي عاشوها في تسعينيات القرن الماضي.

فعلى الرغم من استقرار الوضع نوعا ما في البلاد إلا أن العنف يبقى جزءا من حياة الأفغان بشكل عام، ويرى لويد أنه إذا ما حصل الاتفاق على تصديق الرئيس ترامب، وهو الذي طالما أبدى رغبته في إنهاء الحرب الأمريكية الطويلة في أفغانستان، فستبدأ الولايات المتحدة بسحب 5400 جندي (أي ثلث قواتها المتواجدة هناك) خلال 135 يوما. ويشير إلى أن الظروف التي أحاطت بالمفاوضات خلقت نوعا من عدم الثقة بين جميع الأطراف، إذ تشعر الحكومة الأفغانية التي استبعدت أثناء المفاوضات؛ بأنه لا توجد ضمانات أمريكية بشأن سلامتها وعدم الانقلاب عليها بعد خروج القوات الأمريكية.

 

مخاوف الحكومة الأفغانية

 

ولعبت المخاوف التي أبدتها حكومة كابول دورا غير قليل في القرار الأمريكي بوقف التفاوض مع طالبان، حيث اشتكت كابول من عدم وجود ضمانات أمريكية بسلامة الأراضي الأفغانية ظهر بوضوح من خلال غضب الحكومة الأفغانية من المفاوضات بين أمريكا وطالبان، والتي تراها كابول تهديدا لها، وهو ما دفع الرئيس الأفغاني أشرف غني لتأجيل زيارة كانت مقررة إلى واشنطن بخصوص المصالحة، لأسباب غير معلومة. وأرجعت مصادر في الرئاسة الأفغانية سبب تأجيل زيارة غني إلى أن مسودة التوافق، التي اطلع الرئيس الأفغاني عليها أثناء جلسته مع المندوب الأمريكي خلال زيارته إلى كابول، كانت “هشة وضعيفة ويشوبها الكثير من الغموض”. وأشارت المصادر إلى أن تلك المسودة غاب عنها أي تعهّد واضح من طالبان بترك الحرب والتفاوض مع الحكومة، ولا يوجد تعهد حول وقف إطلاق النار. ووفقا لتلك المصادر، فإن الحكومة الأفغانية، وتحديدا الرئيس الأفغاني، غير مقتنعة تماما بالمسودة، وطلبت توضيحات من المبعوث الأمريكي بهذا الخصوص.

كما أن عدم وجود نص صريح بإجراء مُفاوضات بين حركة طالبان وحكومة أشرف غني في كابول، يعني أنّ الولايات المتحدة تخلّت عن الأخيرة، حسب بعض المحللين، وربّما وافقت واشنطن على شّرط طالبان الأهم، وهو عودة إمارة أفغانستان الإسلاميّة التي أسّستها الطالبان وتم الإطاحة بها أثناء الغزو الأمريكي.

 

ضغوط ترامب هل تصلح مع طالبان؟

ومع استعراض القرار المفاجئ لترامب، وطبيعة الموقف على الأرص الأفغانية، يذهب البعض إلى أن القرار مجرد لعبة أمريكية، وتصعيد للضغوط على طالبان، نحو تحقيق ضمانات أكثر من الحركة لصالح واشنطن مستقبلا..

حيث استبعد الكاتب والمحلل السياسي الأفغاني، انتظار خادم، أن تكون الولايات المتحدة اتخذت القرار استجابة لكابول، التي عبّرت مرارا عن قلقها إزاء تواصل الهجمات على قواتها بالتزامن مع انعقاد مباحثات السلام بالعاصمة القطرية الدوحة.

وأوضح “خادم” في تصريحات اعلامية : “قد يتوقف السلام لبعض الوقت، ربما إلى حين إعادة ترامب صياغة أفكاره ليواصل المحادثات، ولكن ليس لدى الحكومة الأفغانية الكثير لتقوله بشأن هذا المسار، بل هي لعبة ترامب بشكل عام“.

 

وألمح المختص بالشؤون الأفغانية والآسيوية إلى وجود أطراف مستفيدة من استمرار الصراع حاليا، إلى أن تتشكل ظروف تناسبها أكثر، في إشارة إلى قوى بكابول نفسها، لا سيما بعد رفض طالبان لقاء الرئيس أشرف غني برعاية ترامب، في “كامب ديفيد” بالولايات المتحدة.

 

خاتمة

وإزاء تلك المعطيات يبقى الخطر محيطا بالإغانستان في ظل التردد الأمريكي، وضعف الحكومة الأفغانية، وتمدد خرطة طالبان، التي كان يمكن الحد من تمددها الميداني باتفاق سلام مع الحكومة برعاية أمريكية ، كان مقررا اطلاق حوار بشأنه في نهاية سبتمبر الجاري…إلا أن التفجيرات والعمل المسلح هما ما يلوحان في الأفق الأفغاني،

 إثر التخبط الأمريكي ورهانات ترامب الانتخابية، واختلافات التقديرات الاستراتيجية داخل الإدارة الأمريكية

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022