الاستعراض الدوري الشامل للملف الحقوقي المصري بالأمم المتحدة..انتهاكات بالحملة تحميها المصالح السياسية

معركة النظام المصري لكسر عظام المدافعين عن حقوق الانسان قبل الاستعراض الدوري بالأمم المتحدة

على الرغم من اقتراب موعد الاستعراض الدوري الشامل لملف مصر لحقوق الانسان ، أمام  مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في جنيف في 13 نوفمبر الجاري، إلا أن الانتهاكات الحقوقية تتواصل بحق الجميع في مصر، من اعتقالات وتعذيب للمعتقلين واعلان تصفيات خارج إطار القانون لما تسميهم السلطات المصرية “مسلحين”، سواء في سيناء أو غيرها من المحافظات المصرية، أو اعتقال نساء وفتيات من وسائل المواصلات، أو من خلال توقيفهن بالشوارع والميادين وفحص تليفوناتهن، بجانب استهداف المدافعين عن حقوق الانسان، والنشطاء والسياسيين، الذين يخرجون من قضية ليدخلوا غيرها، بعد استئناف النيابة على قرارات الافراج عنهم.

 

وتستعد مصر للمراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في دورته الرابعة والثلاثين، في «جنيف»، وسط سيل من تقارير  حقوقية دولية واقليمية ومحلية فاضحة لسجلها الحقوقي، عبر المنظمات الحقوقية الدولية والمستقلة، تقابلها تقارير تجميلية حكومية واتصالات سياسية مع السفارات الغربية والمؤسسات الدولية والفاعلين بالمجال الحقوقي، وقرارات سياسية تجميلية، كإلغاء 4 دوائر مختصة بقضايا الإرهاب، واصدار بعض قرارات العفو الرئاسي ، شملت قليل من السياسيين الذي قاربوا على الانتهاء من قضاء مدد حبسهم، وكثير من الجنائيين، أشهرهم البلطجي صبري نخنوخ..

 

بجانب حملة تكسير عظام ضد المدافعين عن حقوق الإنسان داخل مصر، وصلت للاعتداءات البدنية على الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، وسرقة سيارته وهاتفه المحمول، واعتقال المحامي محمد الباقر من داخل النيابة العامة أثناء دفاعه عن الناشط علاء عبد الفتاح، واعتقال الناشطة إسراء عبد الفتاح من سيارتها بالشارع، وتعريضها للتعذيب البدني والنفسي الشديد..

 

تحركات دبلوماسية

وعقدت الخارجية المصرية، 31 أكتوبر الماضي، سلسلة من اللقاءات مع السفراء المعتمدين لدى مصر، اختتمها باجتماع موسع مع سفراء الدول الغربية، وقدّم أحمد إيهاب جمال الدين مساعد وزير الخارجية خلال هذه الاجتماعات عرضاً حول الاستعدادات المصرية للاستعراض الدوري الشامل.

بجانب وعود أطلقها مساعد وزير الخارجية للسفراء الأجانب بأن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان برئاسة وزير الخارجية ستبدأ عملها قريبا، من أجل صياغة استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان، والنظر في الخطوات المؤسسية والتشريعية المطلوبة، وتعزيز التواصل الإعلامي في الداخل والخارج، بالإضافة إلى بناء القدرات والتدريب، ونشر ثقافة حقوق الإنسان وإدماج مبادئها في المراحل التعليمية المختلفة..

 

 

ومن المقرر أن يرأس الوفد المصري بالأمم المتحدة المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، لتقديم تقرير مصر حول ما أنجزته في مجال حقوق الإنسان خلال السنوات الأربع الأخيرة.

من جهته، قال علاء شلبي، رئيس المنظمة للعربية لحقوق الإنسان، إن مصر نفذت 223 من إجمالي 300 توصية، للمجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أبرزها إصدار قانون العمل الأهلي (إلا أن اللائحة التنفيذية لم تصدر حتى الآن) ، وإصدار قانون النقابات العمالية (والذي نال انتقادات حقوقية جمة لنزع الدسم والفعالية من النقابات، وإلغاء النقابات المستقلة بجانب زيادة الصعوبات الإجرائية أمام العمال لتشكيل نقاباتهم أو تنظيماتهم العمالية)..

وأكد «شلبي» خلال كلمته في الملتقى الدولي الـ13 لمنظمات المجتمع المدني، أن هناك كثافة في الملاحظات الواردة من منظمات حقوقية دولية بشأن الاختفاء القسري في مصر، ويجب الرد عليها، وحتى تتمكن الدولة من ذلك يجب إنشاء قاعدة بيانات للمحتجزين، وتفعيل آلية رصد حالات الاختفاء القسري من قبل النيابة العامة، والنيابة أعلنت اتجاهها لإنشاء هذه الآلية بالفعل..وهو ما لم يحصل حتى الآن، وسط تزايد أعداد المختفين قسريا، الذين باتوا أكثر عرضة للتصفية الجسدية في أي وقت، أو ادراجهم في قضايا لا يعلمون عنها شيئا..

وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في «جنيف»، أصدر في 7 نوفمبر 2014، تقريرًا يتضمن 300 توصية إلى مصر، بغية تحسين ظروف حقوق الإنسان لديها، مما أثار ضجة امتزجت كبيرة بسخرية واسعة، إذ توقع البعض دخول مصر موسوعة «جينيس» على إثر تدخل 125 دولة بـ300 توصية بمراعاة حقوق الإنسان لديها.

 

وتضمنت أبرز التوصيات التي عرضها التقرير الحقوقي بشأن مصر في 2014،  «معاقبة قوات الأمن جراء جرائم التعذيب التي ارتكبتها، وضمان عدم تعرض المعتقلين لأي تعذيب أو معاملة سيئة، والتحقيق في كافة المزاعم المتعلقة بتعذيب المعتقلين والمحتجزين، والتصدي لظاهرة العنف ضد المرأة، وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية قضايا متعلقة بحرية الرأي، والإفراج العاجل عن الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، وإقرار قانون جديد خاص بالمؤسسات الأهلية، يتواءم مع المعايير الدولية، وإلغاء عقوبة الإعدام».

 

فيما جاءت ردود الوفد المصري حينها أمام مجلس حقوق الإنسان الأممي، بعبارات فضفاضة وتجميلية للواقع المرير من عينة، الزعم بعدم وجود صحفي محتجز في مصر بسبب ممارسة حقه في حرية التعبير ، على الرغم من تقارير حقوقية ثبوتية بوجود اكثر من 90 صحفي معتقل، آنذاك، منهم ؛ محسن راضي وهشام جعفر وإبراهيم الدراوي…وغيرهم..

 

فيما زعم ممثل النيابة العامة في وفد مصر بجنيف، إن الحكومة المصرية تدرس إمكانية تغيير بعض مواد قانون التظاهر، وهو ما لم يت حتى اللحظة، مضيفا: “لا يوجد محبوس في مصر دون أمر قضائي” وهو ما يتعارض مع كم الاعتقالات الكبيرة التي تمارس، ثم يحال بعدها المعتقلون لقضايا هلامية…

 

وأثارت وقتها، الردود المصرية موجة من الانتقادات الحقوقية الدولية، بدأتها منظمة العفو الدولية في بيان لها، أكدت خلاله أن “محاولة النظام المصري الدفاع عن سجل حقوق الإنسان، خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان، كانت «مثيرة للسخرية».

 

أوراق المنظمات الحقوقية

 

ومن جهة أخرى ، تستعد المنظمات الحقوقية لعرض انتهاكات مصر في المؤتمر المقبل، حيث أعدت منظمة «العفو الدولية» تقريرا جديدا مفصلا ستعرضه على مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ، لمواجهة الوفد المصري به، يتناول متابعة لتنفيذ مصر التوصيات السابقة من عدمه، ووضع حقوق الإنسان حسب القوانين التي تمك تعديلها في الدستور المصري، ثم وضع هذه الحقوق على أرض الواقع وتحويلها من المساق المكتوب إلى المساق الحقيقي، ثم توصيات جديدة.

 

ومن أبرز الانتهاكات التي ستُواجه مصر بها: انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب باسم مكافحة الإرهاب، التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، المحاكمات الجائرة، الإفلات من العقاب، عدم التعاون مع آليات الأمم المتحدة.

 

بالإضافة إلى الإعدام خارج نطاق القضاء، والإفلات من العقاب، وعقوبة الإعدام، والتمييز والعنف الجنسي، وحرية التجمع، والاختفاء القسري.

 

 

ومن المتوقع أيضا، أن يتم مواجهة مصر بقضايا أثارت الرأي العام محليا وعالميا مثل؛ قضية الباحث الإيطالي «جوليو ريجيني»، ووفاة الرئيس «محمد مرسي» في قاعة المحكمة، وتصفية مئات المعارضين بذريعة الحرب على الإرهاب، واعتقال أكاديميين ورجال أعمال وقيادات عسكرية وغيرهم، ووفاة معتقلين بالموت البطيء بسبب ما يتعرضون له من إهمال طبي.

 

 

 

وكانت 6 منظمات حقوقية دولية ومصرية، ضمنهم «النديم» و«عدالة»، قد استبقت مراجعة ملف مصر الحقوقي أمام الأمم المتحدة بإصدار تقرير مشترك حول أوضاع الاحتجاز في السجون المدنية والعسكرية وعن جرائم التعذيب التي ترتكب بحق المعتقلين في مصر، مؤكدين أنها أصبحت «سياسة دولة».

 

وأكد التقرير أن الاستخدام الواسع والمنهجي للتعذيب، يأتي بتوجيهات من رأس السلطة السياسية وتحت أعين الحكومة المصرية، على نحو يضمن حماية الجناة من المساءلة، خاصة عندما يكون ضحايا التعذيب من المعارضين السياسيين.

 

وأوصى التقرير، بالضغط على الحكومة المصرية من أجل السماح لخبراء الأمم المتحدة بزيارة مصر، والسماح للجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المتخصصة بزيارة أماكن الاحتجاز، والضغط على مصر للتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، والانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وتشكيل آلية وقائية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة، تتولى تنظيم زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز.

 

الواقع المرير

وعلى الرغم من التقارير الحقوقية، الفاضحة لممارسات النظام المصري، تتواصل الانتهاكات بحق الجميع، من مواطنين إلى المدافعين عن حقوق الإنسان ، إلى الأكاديميين، بل والأجانب أيضا، وهو ما عبر عنه توقيع  200 أكاديمي بريطاني على مطالبة للحكومة البريطانية، بتعليق التعاون مع مصر،

ووجهوا نداءهم إلى جامعات المملكة المتحدة العاملة في مصر أو التي تخطط لفتح أفرع لها بالقاهرة بتعليق هذه المشاريع حتى يتحسن وضع حقوق الإنسان بما يكفي لضمان حماية الحريات الأكاديمية، وإطلاق سراح المعتقلين.

 

جاء ذلك في رسالة مفتوحة، الإثنين الماضي، لأكاديميين بريطانيين، بينهم الكثير من جامعة لندن، استنكروا فيها حملة القمع التي يقودها نظام السيسي ضد منتقديه مؤخرا وأسفرت عن اعتقال الآلاف، منتقدين التعاون الحكومي بين البلدين.

 

وتأتي الرسالة عقب قرار جامعات كوفنتري ولندن وهيرتفوردشاير وغيرها من الجامعات البريطانية بإتاحة شهاداتها لمؤسسات تعليم خاصة تعمل كفروع لها بالعاصمة الإدارية الجديدة التي يجرى إنشاؤها بمصر.

 

وكانت جامعة إدنبرة أعادت في 12 أكتوبر الماضي عددا من طلابها البريطانيين الذين أرسلتهم إلى مصر لمدة عام ضمن منحة للتبادل الطلابي التعليمي مع الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

 

وجاء هذا الإجراء ردا على اعتقال قوات الأمن اثنين من طلاب المنحة دون ذكر أسباب احتجازهم أو أماكنهم، وسبق أن ألغت جامعة ليفربول خططا لفتح فرع لها في مصر، بعد تعرضها لانتقادات حادة من أكاديميين وطلاب بسبب الانتهاكات الحقوقية في مصر.

وكان البرلمان الأوروبي طالب الدول الأعضاء ومؤسسات الاتحاد الأوروبي بالتصدي لتدهور الوضع الحقوقي في مصر..


وفي نفس السياق الراصد للانتهاكات الحقوقية المتصاعدة، أصدرت مجموعة العمل المصرية من أجل حقوق الإنسان، المكونة من 11 منظمة حقوقية مصرية، تقريرًا مشتركًا، في إطار الاستعداد لجلسة استعراض الملف الحقوقي المصري أمام الأمم المتحدة، والمقررة في 13 نوفمبر ، عن حالة حقوق الإنسان في مصر خلال الأعوام الخمسة الماضية، والذي سبق وأرسلته إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في مارس الماضي، حسب الموعد المحدد لتقديم التقارير الحكومية والمستقلة
.

 

التقرير ورد في نسخته الإنكليزية في 5800 كلمة تقريبا، حسب الحد الأقصى المصرح به من الأمم المتحدة، تضمنت نسخته العربية مزيدا من التفاصيل والأمثلة حول الانتهاكات الخطيرة خلال السنوات الماضية ونحو 300 توصية رفعتها للسلطات المصرية تحثها على وقف الانتهاكات، رغم تعهداتها بذلك أمام المجلس عام 2014.

 

وقالت المنظمات في تقريرها إن الحكومة المصرية بدأت حملات الانتقام من المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظماتهم، بسبب تعاملهم مع آلية الاستعراض الدوري الشامل مبكرًا، وألقت السلطات المصرية القبض على المحامي الحقوقي محمد الباقر، المدير التنفيذي لمركز عدالة للحقوق والحريات، وتعرض أثناء احتجازه للتعذيب والمعاملة الحاطّة بالكرامة. ووجهت النيابة لباقر، أثناء التحقيق، أسئلة تتعلق بتقرير شارك فيه مركز عدالة ضمن التقارير الحقوقية المقدمة للأمم المتحدة، حول الانتهاكات التي يتعرض لها النوبيون في مصر.

 

وحسب ما وثقه التقرير، أكدت مجموعة العمل أن أوضاع حقوق الإنسان حاليًا أسوأ كثيرًا عما كانت عليه في 2014. إذ شهدت السنوات الخمس الماضية ارتفاعا في حالات القتل خارج نطاق القانون، خاصة بعد كل عملية إرهابية، فضلاً عن الإفراط في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام حتى للأطفال، وشبهة القتل العمد للمساجين السياسيين بالإهمال الطبي والصحي العمدي لهم أثناء الاحتجاز، بالإضافة إلى التنكيل بالأحزاب السياسية والانتقام من الحقوقيين، واستمرار التعدي على حقوق النساء والأطفال، ناهيك عن السيطرة على الإعلام وحجب المواقع، وحبس الصحافيين وترحيل المراسلين الأجانب.

 

وتابعت المنظمات “كما تزامنت فترة إعداد التقرير مع مناخ التعديلات الدستورية القمعي، والإجراءات التعسفية المتخذة بحق المعارضين لها، مروراً بإجهاض مساعي قيادات الأحزاب السياسية لفتح مساحات للمنافسة على الانتخابات التشريعية القادمة، من خلال قضية “ائتلاف الأمل”، وقبل جلسة الاستعراض بشهر، نفذت أجهزة الأمن المصرية أكبر عملية قبض- في مجمله عشوائي – لمواطنين مصريين أو أجانب، فقبضت على 3000 شخص على الأقل على خلفية مظاهرات محدودة اندلعت يومي 20 و27 سبتمبر. كما حجبت السلطات المصرية مزيدا من المواقع الإخبارية، منها موقع BBC عربي وموقع قناة الحرة، فضلاً عن توقيف المارة في الشوارع وتفتيش هواتفهم وصفحاتهم على مواقع التواصل“.

 

وأضافت “في هذا السياق القمعي، تابعت الدولة المصرية هجمتها الانتقامية على المنظمات الحقوقية المستقلة والمدافعين والمدافعات، وبينهم من شارك في إعداد هذا التقرير. فبعد منْع 31 حقوقيًا من السفر ومصادرة أموال 10 منظمات على الأقل، والتحقيق مع أكثر من 37 حقوقيًا خلال السنوات الماضية، ناهيك عن حملات التشهير والتخوين الإعلامية شبه اليومية، والحض على الكراهية – وعلى العنف والقتل أحيانا – بحق بعض الحقوقيين، بهدف الانتقام منهم على عملهم الحقوقي أو لتعاونهم مع الآليات الدولية“.

 

واعتبرت منظمات مجموعة العمل أن توصيات التقرير، تمثل نداء أخيرا لرفع الظلم عن عدد كبير من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، سواء القابعين بالسجون رهن الحبس الاحتياطي شبه الدائم، أو المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، أو من هم في انتظار تنفيذ أحكام الإعدام، فضلاً عن هؤلاء الممنوعين من السفر أو المحجوز على أموالهم.

 

وشملت التوصيات تعديلات تشريعية تضمن مصر من خلالها استقلال القضاء وحماية حقوق المتهمين. ومن أبرز توصيات المجموعة “على رئيس الجمهورية تفعيل سلطته ووقف أحكام الإعدام النهائية على 74 شخصًا على الأقل، واستبدالها بعقوبات أخف بموجب المادة 470 من قانون الإجراءات الجنائية، سواء بالنسبة للأحكام التي لم تعرض عليه بعد، أو الأحكام المستقبلية التي ستصدر عن المحاكم المصرية. وبوجه عام على الحكومة وقف تنفيذ كافة أحكام الإعدام تمهيدًا لتعليق العقوبة، ومراجعة القوانين التي تسرف في إقرارها“.

 

وتضمنت أيضاً “على الحكومة المصرية الكشف عن مصير المختفين قسريًا والمقدر عددهم بالمئات ومن بينهم البرلماني السابق مصطفى النجار، والباحث إبراهيم عز الدين مسؤول ملف الحق في السكن بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات”، و”على الحكومة المصرية اتخاذ التدابير اللازمة من أجل الإفراج عن المقيدة حريتهم بسبب ممارسة حقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي والمشاركة في الشأن العام، بما في ذلك هؤلاء المحتجزون حاليًا على ذمة القضية 1338 والقضية 1356 لسنة 2019 في سبتمبر الماضي“.

 

كما حثت المنظمات الدولة على إعلان قوائم المقبوض عليهم أو المحبوسين احتياطياً على خلفية قضايا متعلقة بحرية الرأي والتعبير. وأوصت برفع الحجب عن أكثر من 513 موقعًا إلكترونيًا، بما في ذلك المواقع الإخبارية المحلية والدولية ومواقع المنظمات الحقوقية. وإلغاء المادتين 40 و41 من القانون رقم 94 لسنة 2015، اللتين تمثلان الغطاء القانوني لاحتجاز أفراد بمعزل عن العالم الخارجي لمدة تصل إلى 28 يومًا، بما يتعارض مع نص المادة 54 من الدستور والتي تضمن إبلاغ من تقيد حريته بأسباب القبض عليه وتمكينه من الاتصال بمحامٍ.

 

كما أوصت بإلغاء المادة 50 من قانون مكافحة الإرهاب، التي تجيز تشكيل دوائر الإرهاب داخل المحاكم الجنائية، ووقف العمل بها، نظرًا لكونها دوائر موجهة تعمل على تلبية رغبات النظام. وإسناد القضايا المنظورة أمامها حالياً لدوائر جنائية عادية، وإعادة محاكمة من سبق الحكم عليهم فيها أمام دوائر جنائية حسب اختصاصها الجغرافي.

 

وكذلك أوصت بإلغاء القانون رقم 13 لسنة 2017 والذي يمنح رئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، دون الالتزام بمعيار الأقدمية الذي كان معمولا به قبل هذا القانون. وإلغاء القانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة، الذي يتيح محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وإعادة محاكمة من صدرت بحقهم أحكام عسكرية أمام قاضيهم الطبيعي.

 

وأوصت أيضًا بإلغاء المادة 143/ فقرة أخيرة من قانون الإجراءات الجنائية والتي تبيح حبس المتهمين احتياطيًا في الجرائم المعاقب عليها بالمؤبد أو الإعدام لأجل غير مسمى، والعودة للنص الأصلي الذي يضع حدا أقصى للحبس الاحتياطي بعامين فقط. وإلغاء المادة 277 من القانون نفسه، التي تمنح المحاكم سلطة تقديرية في سماع شهادة بعض الشهود دون غيرهم، لما تمثله من إخلال جسيم بحقوق الدفاع والمحاكمة العادلة. وكذا إلغاء المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 والتي تسمح لمحكمة النقض بالتصدي لموضوع الطعن من أول مرة، لما يمثله ذلك من إخلال بحق الدفاع، فضلاً عن أنه يزج بمحكمة النقض بما لا يقع في نطاق وظيفتها.

 

كما شملت التوصيات “إلغاء المادة رقم 78 من قانون العقوبات المصري، والتي تقضي بالسجن المؤبد أو الإعدام في بعض الحالات، لكل من تلقى أموالا أو “أشياء أخرى” من جهات أجنبية أياً كانت للقيام بأعمال تخل بالنظام العام والأمن القومي. كونها تستخدم ألفاظا فضفاضة وغير محددة، فضلاً عن كونها محور الاتهام الرئيسي للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في القضية 173 لسنة 2011 المعروفة بقضية التمويل الأجنبي للمنظمات الحقوقية“.

 

وحثت المنظمات على نشر قانون إلغاء القانون رقم 10 لسنة 1914(قانون التجمهر)، الذي ثبت إلغاؤه منذ عام 1928، ولم ينشر قانون إلغائه بالجريدة الرسمية، ويعتبر هذا القانون هو حجر الزاوية في الزج بعشرات الآلاف من المتظاهرين في السجون.

 

وتضم المجموعة 11 منظمة حقوقية هي: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، مركز النديم، كوميتي فور جستس، مركز بلادي للحقوق والحريات، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، مبادرة الحرية، بالإضافة إلى منظمتين رفضتا ذكر اسميهما بسبب حملات الانتقام من المنظمات الحقوقية في مصر. فضلاً عن المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، وتحالف المنظمات المصرية، اللذين اشتركا مع مجموعة العمل في إعداد التقرير.

 

ماهية الاستعراض الدوري الشامل

 

 

وحسب الموقع الرسمي لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، فإن الاستعراض الدوري الشامل، هي عملية استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة مرة كل أربع سنوات. ويوفر الاستعراض فرصة لجميع الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان.

 

وأنشئ الاستعراض الدوري الشامل عندما أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة مجلس حقوق الإنسان في 15 مارس 2006 بواسطة القرار 60/251. وقد أناط هذا القرار بمجلس حقوق الإنسان «إجراء استعراض دوري شامل يستند إلى معلومات موضوعية وموثوق بها لمدى وفاء كل دولة بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان على نحو يكفل شمولية التطبيق والمساواة في المعاملة بين جميع الدول».

 

 

ويستهدف الاستعراض الدوري الشامل في تحسين أحوال حقوق الإنسان في كل بلد، ودعم وتوسيع نطاق تعزيز وحماية حقوق الإنسان على الطبيعة. ولكي يتحقق ذلك، ينطوي الاستعراض الدوري الشامل على تقييم سجلات الدول بشأن حقوق الإنسان ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان أينما تحدث. كما يهدف إلى توفير مساعدة تقنية للدول وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان بفعالية وتقاسم أفضل الممارسات في ميدان حقوق الإنسان فيما بين الدول وأصحاب المصلحة الآخرين.

 

 

ويجري استعراض جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة مرة كل أربع سنوات- إذ يجري استعراض 48 دولة كل سنة. ويتم استعراض جميع الدول الأعضاء في المجلس البالغ عددها 47 دولة أثناء فترة عضويتها.

 

 

 

وفي أعقاب الاستعراض الذي يقوم به الفريق العامل للدولة، تقوم الترويكا بإعداد تقرير بمشاركة من الدولة قيد الاستعراض وبمساعدة من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان. ويوفر هذا التقرير، الذي يشار إليه باسم “تقرير النتائج”، موجزا للمناقشات الفعلية. ومن ثم فإنه يتألف من أسئلة وتعليقات وتوصيات قدمتها الدول إلى البلد قيد الاستعراض، علاوة على ردود الدولة المستعرضة.

 

 

وتتحمل الدولة بمسؤولية أولية عن تنفيذ التوصيات الواردة في النتائج النهائية. ويكفل الاستعراض الدوري الشامل أن تكون جميع الدول موضع مساءلة عن التقدم أو الفشل المحققين في تنفيذ تلك التوصيات. وعندما يحين الوقت للاستعراض الثاني لدولة ما فإنه يتوجب عليها أن تقدم معلومات عما قامت به لتنفيذ التوصيات المقدمة في الاستعراض الأول قبل أربع سنوات. ويقدم المجتمع الدولي المساعدة في تنفيذ التوصيات والاستنتاجات فيما يتعلق ببناء القدرات والمساعدة التقنية، بالتشاور مع البلد المعني. وإذا ما اقتضت الضرورة، يتصدى المجلس للحالات التي لم تبد الدول تعاونا فيها.

 

 

وفي حال لم تتعاون الدولة مع الاستعراض الدوري الشامل، يقرر مجلس حقوق الإنسان التدابير التي يتعين اتخاذها في حالة ما إذا ثابرت الدولة على عدم التعاون مع الاستعراض الدوري الشامل.

وامام المعطيات السابقة، لإإنه من المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة معركة كسر عظام يقودها النظام المصري، ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، لوقف أو تعطيل أنشطتهم التوثيقية لجرائم وانتهاكات السلطات المصرية لحقوق الإنسان، الذي يتواصل يوميا..

فيما سيحظر بشكل غير معلن الزيارات للمعتقلين بالسحون ومقار الاحتجاز، لوقف نشر أية أحبار أو رسائل من داخل السجون، فيما ستتواصل الحملات البروتوكولية والجولات التجميلية للمسئولين المصريين، بالخارج لطمس حقائق المشهد الدامي لحقوق الإنسان في مصر.

في الوقت الذي سيتزايد الحديث فيه عن تطوير الصحة والتعليم وتحقيق مستويات عالية للمواطنين من جهة حقوقهم الاقتصادية، التي يركز عليها النظام، عادة، وهو ما رد به السيسي على الفرنسيين حلال زيارته الأخيرة لفرنسا، بان حقوق الإنسان تشمل أيضا الحق في التعليم والصحة والسكن، وأن مصر ليس بها كل ذلك، مستغربا أسئلة الغرب الدائمة عن الحقوق والحريات السياسية فقط !

وهو الأمر الذي من المتوقع معه ان تزداد ملاحظات المنظمات والدول الغربية على الملف المصري، لتزيد عن الـ300 ملاحظة التي كانت في المراجعة الماضية في 2014…

وتبقى المراجعة الشاملة للملف الحقوقي، مجرد نشر فضائح دون أن ينجم عنها قرارات فاعلة على المستوى السياسي أو الاقتصادي، لقيام سجل العلاقات الدولية على المصالح أكثر منها المبادئ، خاصة في ظل صعود التيارات اليمينية المعادية غالبا للأجانب والمسلمين والعرب، وتغليبها المصالح الضيقة للغربيين وفقط، وهو ما يتضح في سياسات رفض الهجرة واللجوء السياسي بالغرب، واعتماد قادة الغرب على المستبدين العرب في حمايتهم من سفن المهاجرين ، نظير حمايتهم سياسيا من المساءلة الدولية، بجانب بعض المساعدات الزهيدة من أجل توفير ملاذ آمن للاجئين، وغض النظر عن الانتهاكات الحقوقية في دول الشرق، سواء العربي أو الاسلامي، مع استخدام نفس الورقة الحقوقية ضد دول أخرى يعاديها الغرب وأمريكا، كما كوريا الشمالية وتركيا والصين…

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022