الإفراج عن رئيس الأركان سامي عنان وترتيبات بالجيش .. ماذا يجري في مصر؟

الأحد الماضي، أفرجت السلطات المصرية عن رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، الفريق سامي عنان، بعد نحو سنتين من الحبس إثر إعلان نيته الترشح للرئاسة.

وذلك على الرغم، من أن”عنان” كان يقضي حكما بالسجن، لمدة 10 سنوات، على خلفية الإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الجمهورية، في مواجهة “عبد الفتاح السيسي”، وتحدثه عن أحوال البلاد.

وتم نقل “عنان” إلى منزل تحت حراسة كاملة داخل منطقة عسكرية، شرقي القاهرة.

وتولى عنان منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية بين عامي 2005 و2012 قبل أن يقوم الرئيس الراحل، محمد مرسي، بإقالته ووزير الدفاع، محمد حسين طنطاوي، وتحويلهما إلى مستشارين لرئيس الجمهورية، وتعيين عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع.

 

وبعد الانقلاب على مرسي، استقال عنان من منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية، قبل أن يظهر اسمه مرة أخرى كمرشح للانتخابات الرئاسية عام 2018.

وفي يناير 2018 أعلنت حملة عنان الرئاسية توقيفه وإحالته للتحقيق بتهمة مخالفات تتعلق بالترشح للانتخابات الرئاسية، وأصدرت القوات المسلحة المصرية آنذاك بيانا اتهمت فيه عنان بالتزوير في المحررات الرسمية المتعلقة بإنهاء خدمته العسكرية، كما وجهت له اتهاما بالتحريض ضد الجيش.

 

ويبلغ عنان من العمر 71 عاما وينتمي إلى مدينة المنصورة في محافظة الدقهلية وقد شغل عدة مناصب منها قائد قوات الدفاع الجوي.

 

 

بلع الأحكام القضائية

 

ويأتي الإفراج عن عنان رغم إصدار محكمة الجنايات العسكرية في يناير الماضي، في جلسة سرية، حكمًا بحبس عنان لمدة أربع سنوات عن تهمة “تزوير استمارة الرقم القومي، والتي ورد فيها أنه فريق سابق بالقوات المسلحة ولم يذكر أنه مستدعى”، كما قضت محكمة الجنح العسكرية بحبس عنان 6 سنوات عن تهمة “مخالفة الانضباط العسكري، بالإعلان عن نيته الترشح لرئاسة الانقلاب، وتحدثه عن أحوال البلاد”، ليكون بذلك مجموع الأحكام عشر سنوات.

وعقب حبس عنان بدأت سلطات السيسي النبش في السجل المالي له؛ حيث كشفت وسائل إعلام عن انتهاء مصلحة الخبراء التابعة لوزارة العدل في حكومة الانقلاب من إعداد تقارير محاسبية مفصلة عن عمليات إنشاء بعض دور واستراحات الدفاع الجوي التابعة للجيش، ارتباطًا باتهامات يواجهها عنان ونجله سمير في قضية الكسب غير المشروع القائمة على عشرات البلاغات كانت مجمدة منذ عام 2012 في وقائع تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ والتربح من تجارة أراض حصل عليها عنان بحكم وظيفته العسكرية؛ حيث أخلت النيابة العسكرية سبيل عنان في هذه القضية مع استمرار حبسه في قضية مخالفة الاستدعاء العسكري بإعلان ترشحه للرئاسة، ثم قضية تزوير بياناته وإدراج اسمه في قاعدة بيانات الناخبين، كما حبست نجله سمير عدة أيام لحين دفع كفالة لكليهما بلغت نحو مليوني جنيه، على ذمة اتهامهما بالكسب غير المشروع والفساد المالي.

وذكرت مصادر صحفية آنذاك أن عنان عرض التبرع بعدد من ممتلكاته العقارية لصالح الجيش، لكن القضاء العسكري رفض هذا التبرع باعتباره يعد تهربًا من الاتهام، في غضون ذلك، فتحت النيابة العسكرية عقب القبض على عنان ملفات حول تضخم ثروته ووقوع مخالفات مالية في إنشاء بعض الدور والأندية التي كان عنان مشرفًا على إنشائها خلال رئاسته سلاح الدفاع الجوي؛ حيث كانت إدارة كل سلاح تتولى التصرف في الأموال المخصصة لها لإنشاء مشروعات ذات طبيعة استثمارية ربحية تدر دخلا لصناديق رعاية أعضائها، فضلاً عن التحقيق في مخالفات مالية قديمة بشأن منتجعات تابعة لسلاح الدفاع الجوي، ثم منتجعات مغلقة تابعة لقيادة الجيش، كان عنان يتولى إدارتها ماليا بتفويض من وزير الدفاع آنذاك المشير حسين طنطاوي.

ويتضمن هذا الملف اتهامًا لعنان بممارسة أعمال “سمسرة” للتربح من إعادة بيع أراضٍ كانت مخصصة للجيش وتقرر التصرف فيها، وكذلك من عمليات شراء و”تسقيع” أراضٍ بور لإعادة بيعها بعد دخولها للحيز العمراني، استغلالاً للمعلومات التي كان يتحصل عليها مبكرًا عن خطط التوسع العمراني في مناطق الساحل الشمالي غرب الإسكندرية، بالتنسيق مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان؛ حيث يملك عنان وزوجته ونجله مجموعة متنوعة بين العقارات والمزارع والأراضي الفضاء بمارينا وسيدي كرير والقاهرة الجديدة وطريق مصر- الإسكندرية الصحراوي، بعدما كان كل ما يملكه قبل 20 عامًا شقة بعمارات الضباط بمنطقة الرماية بالجيزة.

 

تأويلات عدة

وقد أثار الإفراج المفاجئ عن الفريق سامي عنان العديد من التساؤلات والتأويلات على الساحة السياسية.

وتزامن الإفراج عن عنان  مع حركة تنقلات واسعة داخل قيادات القوات المسلحة…

البعض فسرها على أنها جزء من رياح مظاهرات 20 سبتمبر ضد السيسي، والبعض الآخر فسرها على أن هناك تسوية تمت داخل المؤسسة العسكرية لاحتواء الأزمة الداخلية التي أعقبت ظهور الفساد الملياري الذي كشف عنه الفنان والمقاول محمد علي، وأنه نتج عن هذه التسوية إبعاد محمود السيسي وعودة اللواء أسامة عسكر وأخيرا الإفراج عن الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش سابقا..

 

فبالتزامن مع التغيير الوزاري في مصر يتم الإفراج عن الفريق سامي عنان؛ في نفس الوقت يتم إرجاع عدد من اللواءات الذين خرجوا من دولة يوليو مثل الفريق أسامة عسكر للخدمة؛ وكذلك عودة محمود حجازي رئيس الأركان السابق ليتولى ملف الإعلام.

وهناك من يري أن إطلاق سراح سامي عنان جاء لأنه مريض منذ فترة ولا يريد السيسي أن يقال إنه قتل رئيس أركان الجيش السابق ورئيسه في العمل داخل السجن.

فالإفراج عن سامي عنان في هذا التوقيت مريب جدا فربما يكون مريض بمرض خطير أو جري تسميمه بسم طويل المفعول ليموت في منزله وتبدو الوفاة طبيعية..

وفي هذا الإطار، نقلت وكالة أنباء أسوشيتد برس عن ناصر أمين محامي عنان قوله إن الإفراج تم لـ “أسباب صحية.

فيما كتبت الدكتورة غادة شريف -التي دعمت السيسي ثم انقلبت عليه- تري أنه: “خرج علشان عنده شلل رباعي بقاله سنة وحالته تدهورت، والشلل جاله بعد عملية لإزالة ورم في المخ عملها له جراحين من فرنسا جابهم على حسابه“.

قبلها صرح ناصر أمين محامي الفريق عنان لـ CNN : “لا أعرف الصيغة القانونية التي بموجبها أفرج بها عن موكلي سامي عنان“!!

كما نفى ناصر أمين لموقع “القاهرة 24″، تقديم الفريق عنان التماسا لتخفيف الحكم أو صدور عفو بشأنه من الحاكم العسكري، وقال إن الأحكام التي صدرت في يناير الماضي من المحكمة العسكرية، لم يتم التصديق عليها من الحاكم العسكري، ومن ثم يحق وفقًا لصلاحيات القضاء العسكري الإفراج عن المتهم في أي وقت دون إبداء أية أسباب.

 

أسباب قرار الإفراج المفاجئ

 

وبحسب خبراء، يبدو من بعض المؤشرات أن ما يحدث انقلاب ناعم ضد السيسي قد يبدو ليس كاملا ولكنه نتيجة ضغوط أو مؤشرات نقلتها لها مخابراته الحربية التي كان يتولى مسئوليتها سابقا عن تململ داخل الجيش لأسباب مختلفة منها البطش بكبار الضباط وسجن بعضهم وتورط الجنرالات في البيزنس.

ومن ضمن اشتراطات الانقلاب الناعم والضغوط التي جوبه بها السيسي؛ بعد تحرير سامي عنان من سجنه وإبعاد محمود السيسي إلي موسكو وإخراج الفريقين محمود حجازي وأسامة عسكر من ثلاجة الاعتقال المنزلي إلى مواقع مؤثرة، بتعيينه قائد عمليات القوات المسلحة، وتعيين أسامة هيكل كوزير معروف بانتقاداته لتوجهات السيسي الإعلامية وعودة قيادات مبعدة لمواقع مؤثرة في المخابرات.

 

ارتدادات 20 سبتمبر

ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل ارتدادات تظاهرات 20 سبتمبر 2019 حين وقعت مظاهرات قيل إنها مدعومة من عسكريين لإبعاد السيسي ولهذا ارتبكت الداخلية في التعامل معها.

فبعد أحداث سبتمبر 2019 برز أن هناك أطرافًا عدة داخل المؤسسة العسكرية تتحفظ على سياسات السيسي، وترى أن سياساته تنال من مصداقية وقوة وتماسك المؤسسة العسكرية خاصة المخابرات العامة؛ التي حاول السيسي التخلص من معظم أركانها وإعادة تفكيكها فكان لا بد من التوجه نحو تهدئة الأوضاع.

بجانب تصدر أحاديث عن خطة جديدة للسيسي داخل المؤسسة العسكرية، لا تتجاوز سياسة الاحتواء التي يتبناها السيسي لمواجهة موجة الغضب المتنامي داخل المؤسسة العسكرية..

هذه الأوضاع فرضت على السيسي إعادة النظر في سياساته تجاه عدد من قيادات المؤسسة العسكرية وتجاه عدد من الرموز التي تتحفظ على سياساته تجاه هذه المؤسسة وأهم مؤشرات هذا التحول في سياسات السيسي هو الحركة الأخيرة التي تمت هذا الأسبوع داخل المؤسسة العسكرية بعودة أسامة عسكر الذي تم الإطاحة به منذ 6 أشهر ليكون رئيسًا لهيئة عمليات القوات المسلحة رغم أنه من الفريق الذي يتحفظ على سياسات السيسي.

وذلك على عكس سياساته السابقة خلال السنوات الست الماضية، والتي تمت الإطاحة بأكثر من 80 شخصية قيادية داخل المؤسسة العسكرية وإعادة فك وتركيب المجلس العسكري والإطاحة بأكثر من 33 شخصية قيادية داخله.

 

محاولة استرضاء

 

ويأتي إفراج السيسي عن عنان بعد يوم من تردد أنباء عن إطاحة السيسي بعدد من قادة الجيش؛ حيث كشفت مصادر صحفية عن إقرار السيسي حركة تغييرات في صفوف قادة عصابته، ضمن حركة تغييرات يناير 2020؛ ما يعني أن قرار الإفراج محاولة لاسترضاء المؤسسة العسكري التي تشهد حالة من الاستياء جرّاء إطاحة السيسي بعشرات القادة خلال الفترة الماضية ومحاولته فرض سيطرة أبنائه على المؤسسة، حيث كشف محمود جمال، الباحث بالشأن العسكري في المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية عن أن حركة التغييرات الأخيرة تضمنت عودة أسامة عسكر ليتولى منصب رئاسة هيئة العمليات خلفًا لمحمد المصري، وإقالة اللواء أركان حرب عبد الناصر حسن العزب من رئاسة هيئة شئون ضباط القوات المسلحة وتعيين اللواء أركان حرب طارق حسن خلفا له، وإقالة اللواء محمد عبد الله من رئاسة هيئة الإمداد والتموين وتعيين اللواء أركان حرب وليد أبو المجد، وإقالة اللواء أيمن عبد الحميد عامر من إدارة المشاة وتعيين اللواء خالد بيومي.

 

وأشار جمال إلى أن الحركة شملت أيضا “تعيين اللواء أركان حرب وليد حمودة قائدًا لقوات الدفاع الشعبي والعسكري بدلا من اللواء أركان حرب خالد توفيق الذي تولى رئاسة هيئة البحوث العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب محمد عبد اللاه من منصب الأمين العام لوزارة الدفاع وأمين سر المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتعيين اللواء أركان حرب عماد الغزالي بدلا منه، وإقالة اللواء علي عادل عشماوي من قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وتعيين اللواء فهمي هيكل خلفا له، وتعيين اللواء مدحت العيسوي رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب أيمن نعيم من قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية وتعيين اللواء أشرف الحصري بدلا منه“.

وأضاف جمال أن الحركة شملت أيضًا “تعيين اللواء علي عثمان رئيسًا لأركان المنطقة الجنوبية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد وصفي قائدًا للمنطقة المركزية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد بهجت الدمرداش رئيسًا لهيئة الشئون المالية، وتعيين اللواء محمد عيسى النادي مديرًا لإدارة التعيينات العسكرية، وتعيين اللواء أشرف سليم مديرًا للخدمات الطبية”..

 

حسين طنطاوي كلمة السر

 

وفي غضون ذلك، جاءت قرارت السيسي لحلحلة أزمات المؤسسة العسكرية مع مؤسسة الرئاسة، بقرارات فردية منه وباستشارة عدد من المقربين منه، أبرزهم وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، وعدد من ضباط المخابرات الحربية السابقين من زملائه، والذين كان انتدبهم قبل أشهر للعمل في الرئاسة كمستشارين غير معلنين، تحت إشرافه مباشرة، وبعيداً عن سلطة مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل، الذي يبدو الخاسر الأكبر من تطورات الأوضاع، بعد تظاهرات 20 سبتمبر.

تأمين السيسي هدف أساس

 

وجاءت قرارات السيسي لتحقيق ثلاثة أهداف، هي:

-تهدئة الغضب داخل قيادة الجيش بسبب التدخلات المستمرة في عمله من قبل المخابرات العامة ممثلةَ في عباس كامل ومساعده أحمد شعبان ونجل السيسي محمود، وجميعهم سبق أن كانوا ضباطاً في الجيش، لكنهم تعاملوا في الفترة الأخيرة معه باعتباره تابعاً للمخابرات، في إطار رغبة الثلاثة في السيطرة المطلقة على جميع الأجهزة، وقطع العلاقات بينها وبين الرئاسة إلا من خلال جهاز المخابرات العامة.

والأخير كان المتحكم الوحيد، وما زال المتحكم الرئيس، في المشهد السياسي، منذ انتقال كامل لإدارته في يناير 2018، خلفاً لخالد فوزي، بعد أزمة ظهور المرشح الرئاسي الأسبق أحمد شفيق وإعادته لمصر من الإمارات، وتبيّن تلقيه مساعدات من ضباط كبار بالمخابرات.

وقد ساءت العلاقات بين قيادة الجيش والمخابرات إلى حدّ بعيد على خلفية استئثار الجهاز، وتحديداً محمود السيسي، باتخاذ القرار الأمني في الأيام الأولى من أزمة سبتمبر، وإصداره بعض التعليمات لوزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، والذي لم ينفذها إلا بعد الرجوع للسيسي والتنسيق مع مستشاره الأمني أحمد جمال الدين ووزارة الداخلية. الأمر الذي أدى لانتشار بعض الأقاويل المنسوبة لقيادات عسكرية رفيعة تنتقد أسلوب إدارة شؤون البلاد، وهو ما أزعج السيسي بشدة، بعدما نقل هذه الانتقادات له مدير مكتبه محسن عبد النبي، الذي بات منافساً قوياً لعباس كامل في الآونة الأخيرة، وينازعه سلطاته.

 

-أمّا الملف الثاني، فهو رصد استياء كبير داخل الجيش من انتشار الشائعات والمعلومات عن الفساد المالي لبعض القيادات، وبصفة خاصة في الهيئة الهندسية والمخابرات الحربية، ليس فقط بعدما أثار محمد علي ذلك في مقاطع الفيديو الخاصة به، بل أيضاً بسبب معلومات متداولة على نطاق واسع، اعتبرها شباب الضباط إهانة للعسكرية المصرية. كما ربط بعضهم بين ظهور تلك المعلومات، وبين الأقاويل التي مسّت سمعة الفريق أسامة عسكر، تحديداً بعد إبعاده من منصبه العسكري، والحديث عن تورطه في وقائع فساد وعدم الردّ عليها رسمياً، على الرغم من ثبوت عدم صحتها، بعد تحقيقات موسعة فتحت بواسطة رئيس الأركان السابق وصهر السيسي الفريق محمود حجازي، بحسب المصادر العسكرية والحكومية.

 

وأشارت المصادر إلى أنّ أسامة عسكر في الوقت الذي كان فيه البعض يتحدّث عن تحديد إقامته ومحاكمته عسكرياً، كان يتولى بالفعل الإشراف المالي والإداري على العديد من المشاريع بتكليف مباشر من السيسي ووزير الدفاع، وعلى رأسها مشروع جامعة الملك سلمان وغيره مما ينفذه الجيش بجنوب سيناء. الأمر الذي استدعى في هذه اللحظة تدخّل السيسي لإعادته لمنصب رفيع بالجيش، بهدف إعادة اللُّحمة للقوات المسلحة، وإسكات الحديث المتصاعد سواء عن توابع الفساد المالي أو عدم ردّ الاعتبار لعسكر، الذي يحظى بشعبية كبيرة في المؤسسة العسكرية بسبب خدمته الطويلة بالجيش الثالث الميداني وسلاح المشاة.

 

-أما الملف الثالث، فيتعلّق برصد انتشار استياء بين ضباط الجيش في جميع الأسلحة، وبصفة خاصة الدفاع الجوي، بسبب التجاهل المستمرّ للوساطات والمساعي للإفراج عن سامي عنان، ليس فقط بسبب ما تردّد عن معاناته من بعض الأمراض، ولكن في الأساس للتأكيد على وحدة الجيش، وبثّ رسائل الطمأنينة والسيطرة في آن واحد، بين الضباط والجنود. فعنان الذي تمّ التخلّص من عشرات القيادات الوسطى من الدفاع الجوي بعد ترشحه للرئاسة، وكانت مصادر قد كشفت لـ”العربي الجديد” في مارس العام الماضي عن القبض على نحو 24 ضابطاً في الجيش خلال فبراير 2018، بسبب تأييدهم لترشحه، لن يستطيع الانخراط في العمل السياسي مجدداً. كما أنّ خروجه بهذا الشكل، سيكون في مصلحة السيسي وليس العكس، كما تصف المصادر.

وذكرت المصادر أنّ عنان كان قد أقام بالفعل في منزله على فترات متقطعة خلال فترة اعتقاله، وأنه أُبلغ بالإفراج عنه بقرار السيسي والحاكم العسكري (وزير الدفاع) منذ أسبوع، لكن إعلان الخبر جاء في أعقاب التعديل الوزاري مباشرة، لتكون الفرصة سانحة لتوجيه رسالة مفادها بأنّ النظام يجري تغييرات “انفتاحية” في سياساته، وهو ما كان المحور الرئيس لحديث وسائل الإعلام الموالية للنظام منذ مساء الأحد الماضي

 

وكشفت المصادر العسكرية أنّ المشير طنطاوي كان له دور كبير في حلحلة الملفات الثلاثة السابقة، من خلال إدارته غرفة مركزية عملت لأسابيع عدة على رصد المشاكل داخل الجيش ومناطق الحساسية مع الرئاسة والمخابرات العامة واتخاذ القرارات بشأنها. كما أنه كلمة السرّ في حسم الإفراج عن عنان، على الرغم من علاقتهما المتوترة في الماضي، وذلك شريطة التزام الأخير الصمت سياسياً، علماً بأنه ما زال متهماً في قضية الكسب غير المشروع التي كان قد أخلي سبيله على ذمتها بكفالة كبيرة، وتم التحفّظ على ممتلكاته وأمواله الشخصية وأسرته.

وذكرت المصادر أنّ غرفة طنطاوي رصدت أيضاً تصاعد حالة عدم الثقة بعد الإطاحة بالعديد من قدامى القادة بالجيش، وعلى رأسهم الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع السابق، وسرعة التدوير بين القيادات وعدم استقرار المناصب القيادية.

وتتوازى هذه الجهود الرامية لإعادة الهدوء والثقة للجيش، مع عملية أخرى أمر السيسي عباس كامل بتنفيذها، من خلال توزيع السلطات والصلاحيات التي كانت مقتصرة عليه وعلى مساعده ونجل السيسي، على عدد أكبر من الضباط الموثوقين، والتي بدأت بتوزيع ملف إدارة الإعلام على أربعة من ضباط الجهاز الذين كانوا يساعدون أحمد شعبان، وكذلك إسناد إدارة منتدى الشباب الأخير لثلاثة ضباط كانوا يمارسون عملهم في ظلّ شعبان سابقاً، وإشراف كامل على الترتيبات النهائية للمنتدى بنفسه.

هذه الترتيبات لا تعني بالضرورة استبعاد شعبان، ولكن بصورة ما، تمّ خلق مستوى تنفيذي مباشر أكثر تخصصاً في بعض الملفات، في حين تمّ إسناد بعض المهام الجديدة لشعبان، بعيداً عن إدارة الإعلام والشركات الدعائية وملف الشباب بشكل مباشر.

وبموازاة ذلك، يتوسع دور مدير مكتب السيسي اللواء محسن عبد النبي، والذي كان عباس كامل قد اختاره بنفسه ليكون بمثابة مساعد له لإدارة المكتب قبل انتقاله لإدارة المخابرات، تتزايد صلاحياته بشكل لافت، ولا سيما بعدما استطاع الدفع في الفترة الماضية بالعديد من الضباط والموظفين للعمل في الرئاسة ليكونوا موالين له وحده، وإبعاد عدد ممن تم تعيينهم في عهد كامل. فضلاً عن تكوينه فريقاً إعلامياً جديداً خاصاً به في الرئاسة من غير أولئك الذين يدينون لكامل بالولاء.

ومن ثم جاء قرار الإفراج عن عنان وإعادة قيادات الجيش الذين أطاح بهم السيسي سابقا، للمشهد، لحماية السيسي من غضب المؤسسة الوحيدة التي يخشاها السيسي، بعد أن فرض سيطرته الكاملة على المعارضة ورجال الأعمال والقضاء والبرلمان وغيرها من مؤسسات الدولة..

 

أزمة هيكلية

 

وعلى الرغم من محاولات السيسي استرضاء المؤسسة العسكرية ومعالجة التشققات والخلافات والغضب الذي يتصاعد بين الحين والآخر، تبرز أزمة بنيوية داخل سلطة السيسي، تهدد بفوضى شاملة، قد تؤدي للانفجار السياسي الشامل.

 

حيث توقعت دراسة صادرة عن معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، للأكاديمي والباحث  تيموثي كالداس، انهيار الدولة المصرية على يد السيسي..

 

وأشارت الدراسة التي جاءت بعنوان: “استبداد السيسي الهش”.. لماذا سيكون سقوط النظام في مصر فوضويا للغاية؟” إلى أنه كلما زاد السيسي في سيطرته وقبضته الغاشمة على الدولة المصرية، كلما اقترب الانهيار الفوضوي بالبلاد.

وتابعت الدراسة: “قد تكون قبضة “السيسي” على السلطة السياسية في هذا الوقت قوية، لكن الطريقة التي عزز بها هذه السلطة تجعلها أيضا هشة للغاية، وحساسة للصدمات غير المتوقعة”.

ونرى هذا المزيج بين القوة والهشاشة في مواد مثل شفرات السكين، ويمكن الحفاظ على حدة حواف الفولاذ الصلب لفترة أطول بكثير إذا ما تم استخدامه بعناية، ومع ذلك، إذا أصاب هذا الفولاذ الصلب أثناء الاستخدام مواد صلبة أخرى، فسوف تفقد السكين حدتها أو تنكسر، فمع زيادة الصلابة، يصبح الصلب أكثر هشاشة.

وعلى سبيل المثال، يعتبر العديد من الدبلوماسيين أن قبضة “السيسي” الاستبدادية على السلطة هي السبب في قدرته على اتخاذ إجراءات فشل في اتخاذها كل من سبقوه، مثل رفع الدعم على عدد من السلع، خاصة الطاقة.

 

وكانت مثل هذه الإصلاحات بعيدة المنال للأنظمة السابقة التي كانت أكثر استجابة للجمهور، علاوة على ذلك، فإن السلطة التي يعتمد عليها النظام تتركز شيئا فشيئا في دائرة صغيرة نسبيا، ويزيد كل هذا من صلابة النظام، وبالتالي هشاشته في نفس الوقت.

وساهم جهد “السيسي” النشط في تفكيك مؤسسات الدولة وتقويض استقلاليتها في زيادة هشاشة الدولة بشكل عام، وفي حين أن القضاء المصري كان يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه الأكثر استقلالية بين المؤسسات المدنية في مصر، حتى أنه اتخذ في بعض الأحيان مواقف مستقلة تماما، مثل اتهام نظام “مبارك” بالتزوير الانتخابي، فإن القضاء نفسه الآن يدعم “السيسي” بحماس، وشارك بنشاط في جولة هائلة من المواقف الخاضعة للسلطة، مثل إطلاق الأحكام القضائية المسيسة على المعارضين السياسيين، والإشراف على سلسلة من الانتخابات الوهمية، ما تسبب في فقدان المؤسسات القضائية لمصداقيتها لدى الجمهور.

 

ونظرا لتراجع مصداقية القضاء وشعبيته، فقد عمل “السيسي” أيضا على وضعه تحت سلطته المباشرة، ما قوض استقلاله القانوني أيضا، في البداية، استخدم حلفاء “السيسي” التشريعات لزيادة سلطاته في تعيين قضاة المحكمة العليا، قبل أن يتم تكريس هذه الصلاحيات في الدستور، ويجلس “السيسي” الآن على رأس هيئة جديدة تشرف على القضاء بأكمله، يتمتع فيها الرئيس بحق النقض “الفيتو“.

 

 

وفي أعقاب الانقلاب، كان “السيسي” قادرا على الحكم دون هيئة تشريعية حتى نهاية عام 2015، عندما تم تشكيل برلمان صوري من أحزاب مؤيدة للنظام تحت قيادة قائمة “من أجل مصر” التي نظمها ضابط المخابرات السابق “سامح سيف اليزل“.

وفازت هذه الكتلة بكل مقعد مخصص لمرشحي القوائم، وكان الغرض من تدخل المخابرات هو تقديم هيئة تشريعية سهلة الانقياد، وقد حدث ذلك بالفعل رغم تمكن حفنة من النواب المستقلين من الفوز، وتعرض هؤلاء البرلمانيون المستقلون للهجوم والضغط مرارا وتكرارا من قبل الأغلبية الموالية للنظام.

 

واقترح البرلمان نفسه تعديلا دستوريا أضعف سلطاته، على الرغم من أنه يعمل بالفعل كمنصة للموافقة على جميع قرارات وتشريعات الرئيس، وأنشأ التعديل الجديد مجلسا جديدا يستطيع الرئيس تعيين ثلث أعضائه، ما يضعف سلطة النواب المنتخبين ويزيد من سلطة الرئيس.

 

ومهد تعديل آخر لتمديد ولاية “السيسي” في منصبه، ما يسمح له بمواصلة الحكم لولاية ثالثة حتى عام 2030…

بالإضافة إلى ذلك،كلف السيسي الأجهزة الأمنية التابعة له بضمان برلمان أكثر طواعية في العام المقبل عن طريق استبعاد حفنة النواب المستقلين في البرلمان الحالي.

 

تفكيك الدولة المدنية

 

 

ومن خلال التشريعات والقضاء ووزارة الداخلية، قيد “السيسي” المجتمع المدني بشكل خطير، حيث أصدر قانون المنظمات غير الحكومية المروع، الذي يقيد بشدة أنشطة المنظمات غير الحكومية ومصادر تمويلها المحتملة، ما يسمح للدولة بخنق المنظمات التي تنتقد الحكومة.

وفي حين تم تخفيف بعض العناصر الأكثر إثارة للجدل في القانون في العام الماضي، لكن القيود لا تزال قائمة إلى حد كبير، وقد تم القبض على مجموعة متنوعة من المدافعين عن حقوق الإنسان وجرى سجنهم ومنعهم السفر، مع تجميد ممتلكاتهم..

 

وحتى القطاع الخاص لم يسلم من بطش “السيسي” الذي رأى فيه مصدرا لسلطة مدنية مستقلة يجب القضاء عليها، وفي عهد “مبارك”، كان لنخبة رجال الأعمال المدنيين قدر لا بأس به من النفوذ السياسي، وغالبا ما استخدموا هذا النفوذ لخدمة مصالحهم المالية الشخصية.

 

أما اليوم، فقد تم تهميش هذه المجموعة إلى حد كبير سياسيا، وبالتزامن مع تهميش مجتمع الأعمال سياسيا، وسع الجيش بقوة إمبراطوريته الاقتصادية، وفي الوقت ذاته عرقل الاستثمار من جانب المستثمرين المحليين والأجانب.

ومنذ حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي التي تلقتها مصر عام 2016، تقلص الاقتصاد غير القائم على النفط والغاز كل شهر تقريبا، وفقا لمؤشر مديري المشتريات، وظل الاستثمار الأجنبي المباشر في حالة ركود وأقل بكثير من المستهدف، وتم توجيه معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى قطاعي النفط والغاز، اللذين يرتبطان مباشرة بالحكومة، وبشكل خاص، أصبح مجتمع الأعمال غارقا في الروايات حول الشركات العسكرية التي تزاحم الشركات الخاصة.

 

تأميم الإعلام

 

وأخيرا، قامت الأجهزة العسكرية وغيرها من الأجهزة الأمنية بشراء نصيب الأسد في صناعة الإعلام في مصر، حتى أنها ذهبت إلى حد شراء شركات إنتاج الأفلام والتليفزيون، وفي حين أن هذا قد سمح للدولة للسيطرة على الكثير مما يتم بثه في منازل المصريين من داخل مصر، لكنه زاد من رغبة الجمهور في اللجوء إلى منافذ بديلة خارج البلاد بعيدا سيطرة الحكومة.

ويُشتبه في أن هذا هو السبب في إرسال نجل السسيسي “محمود السيسي”، الذي كان قد تم تكليفه أثناء وجوده في جهاز المخابرات العامة بالتحكم في وسائل الإعلام، إلى موسكو لشغل منصب في السفارة المصرية هناك، حيث فشل نجل “السيسي” فيما يبدو في إدارة الملف الإعلامي.

 

تكلفة تركيز السلطة

وبحسب الدراسة، أدى تركيز القوة السياسية والاقتصادية والإعلامية في أيدي مجموعة صغيرة من مؤيدي السيسي إلى زيادة هشاشة النظام بشكل كبير، وسمح عدم وجود هيئة تشريعية حقيقية باتخاذ قرارات غير مدروسة وغير خاضعة للمشورة وليس لها أساس سوى تفضيلات السيسي الشخصية، مع عدم وجود نقاش فعال حول حكمة تلك القرارات.

وكانت مشاريع “السيسي” الضخمة، وما زالت، مكلفة للغاية؛ وذات حسابات غامضة، واستهلكت توسعة قناة السويس المتسرعة مبلغا كبيرا من العملة الصعبة في وقت كانت البلاد تعاني من نقص حاد فيها، ولم يكن الكثير من المراقبين المستقلين مقتنعين بحكمة مشروع العاصمة الإدارية الضخمة، الذي من المتوقع أن يكلف ما لا يقل عن 45 مليار دولار، وتشرف عليه شركة مملوكة للجيش.

وأدى القمع الواسع للنقد في البرلمان والصحافة والأماكن العامة إلى إزالة جميع طرق التواصل بين النظام والجمهور، وأسفرت هذه الديناميكية عن دخول النظام في وضع الأزمة حين استجاب الجمهور لسلسلة من مقاطع الفيديو التي نشرها المقاول “محمد علي“.

 

وكانت نتيجة ذلك أيضا أن النظام نظر إلى بضعة آلاف من المحتجين في جميع أنحاء البلاد على أنهم تحدٍ وجودي للنظام، بينما كانت أي بيئة أكثر تسامحا لتسمح لهذه الاحتجاجات بالمرور كتعبير طبيعي عن السخط ردا على تدابير التقشف.

 

ورغم أن النظام تمكن من قمع الاحتجاجات من خلال حملة قمع واسعة النطاق، فإن الأمر مسألة وقت فقط حتى تطلق شرارة أخرى جولة أكبر من الاحتجاجات التي قد لا يتم إخمادها بهذه السهولة.

وفي عام 2011، سمحت المسافة المتصورة بين الجيش والرئيس بتنحية “مبارك” جانبا، وسجن عدد قليل من الوزراء وقادة الأعمال الذين كانوا مقربين منه، وفي النهاية، كان النظام قادرا على الحفاظ على سلطته الخاصة.

 

ولكن اليوم، يرتبط “السيسي” بعمق أكبر مع القيادة العسكرية، مما يعني أن مصائرهم من المرجح أن تكون مرتبطة بمصيره، علاوة على ذلك، فإن تآكل استقلالية المؤسسات يقوض فعالية إلقاء اللوم عليها لإخماد السخط. ولم تكن الجهود المبذولة بعد الأحداث الأخيرة لتوبيخ الحكومة والوزراء من قبل البرلمان فعالة في إقناع الناس.

بالإضافة إلى ذلك، مع عدم السماح بوجود أحزاب سياسية مستقلة، وتعرض معظم منظمات المجتمع المدني في البلاد للقمع الشديد، لا توجد أماكن يمكن فيها بناء الخبرة السياسية وتعزيز القيادة البديلة، وبذلك، عندما تنتهي ولاية “السيسي”، فإن مصر لا تمتلك أي آلية للانتقال السلمي للسلطة كما شوهد في تونس، ولا توجد مساحة لإعداد البدائل الموثوقة، وقد تسبب الخوف من الانتقال، رغم حتميته، في إجبار “السيسي” على اتخاذ إجراءات من شأنها أن تجعل أي عملية انتقال للسلطة في مصر فوضوية للغاية.

 

وربما يكون نصل “السيسي” الحاد الصلب قد أطاح بخصومه وركز السلطة في يديه، لكن عندما يواجه تحديا أكثر صعوبة، فقد لا يتراجع فقط، ولكنه ربما ينهار تماما، ويجب تخفيف تصلب النظام حتى تتمكن الحكومة المصرية من الصمود في وجه التحولات التي تتطلبها مصر، وإلى أن يحدث ذلك، فإن المخاطر المرتبطة بهشاشة النظام المصري كبيرة للغاية ولا يمكن التنبؤ بها على حد سواء.

 

وأمام تلك المعطيات السياسية، فإن إهمال السيسي للغضب المتصاعد في كل القطاعات المدنية للدولة المصرية، وإصراره على التماهي مع المؤسسة العسكرية وحلحلة أزماتها الداخلية، يقود مصر للانفجار والفوضى التي قد تطيح بمفاصل دولة السيسي، سواء أكان ذلك في الذكرى التاسعة لثورة يناير، أو حال فرض إجراءات تقشفية جديدة على الشعب، بسبب اشتراطات جديدة للمانحين الدوليين لمصر في يوليو المقبل.. إلا أن الأمر غير مستبعد..

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022