المشهد السياسي الأسبوعي 22 ديسمبر 2019

أولاً: المشهد الداخلي

  • عن الجدل بشأن تغيير النظام توجهاته صوب المزيد من الانفتاح.

يستمر الجدل بشأن التوجهات الكامنة وراء السياسات الأخيرة للسيسي بعد الافراج عن رئيس الأركان السابق سامي عنان وتقليص دور نجله ورئيس الجهاز عباس كامل، ونائب الأخير أحمد شعبان، إضافة إلى إجراءات أخرى بشأن الإعلام، وبخصوص خفض أسعار بعض السلع، وصرف علاوات إضافية للموظفين. فهناك من المتابعين من يرى في هذه الإجراءات هامشية لا تُحمل معنى وجود تغير حقيقي وكبير في سياسات النظام. في المقابل هناك من يعتبرها تؤشر على تغير كبير في سياسات النظام، وأن هذه التغيرات نتيجة للخوف من احتمالية تكرار ما حدث في 20 سبتمبر، أو حدوثه بصورة أوسع وأكثر خطورة.

الربط بين ما حدث في 20 سبتمبر وبين الاجراءات التي تبدو محاولة لتخفيف الضغط عن المجتمع وعن نخب الدولة العميقة المتضررة من سياسات دائرة صنع القرار، يحمل معنى أن ما حدث في 20 سبتمبر كان له تأثيرات كبيرة جدا، بعكس ما بدا ظاهراً من أن الأحداث لم تكن شديدة التأثير وأن النظام تمكن من احتوائها عبر القمع والملاحقات الأمنية، وهو ما يعني أن أجهزة الأمن والمخابرات لديها قراءة جيدة للواقع ولا زالت تمسك بخيوط اللعبة رغم الانتكاسة التي تعرضت لها الأجهزة الأمنية في يناير، وأيضاً رغم التغييرات الكبيرة التي أجراها السيسي في المخابرات العامة، التغييرات التي كادت تصل درجة التطهير الكامل، وهو يعني من جهة أخيرة أن هناك تواصل جيد بين السيسي وهذه الأجهزة، وبالرغم من النرجسية الشديدة التي تبدو في تصريحاته وسلوكياته، إلا أن السيسي أخذ يستمع للأجهزة ويأخذ توصياتها في الحسبان، وذلك الموقف من الخائن تجاه أجهزته –في حال كان متحققاً في الواقع الفعلي- يهدف لإطالة عمر النظام ومساعدته في تجاوز الكثير من التحديات التي تتهدد بقائه. قرارات السيسي خصوصاً في الشأن العسكري تأتي بقرارات فردية منه أو باستشارة عدد من المقربين منه، أبرزهم وزير الدفاع الأسبق المشير حسين طنطاوي، وعدد من ضباط المخابرات الحربية السابقين من زملائه، والذين كان انتدبهم قبل أشهر للعمل في الرئاسة كمستشارين غير معلنين، تحت إشرافه مباشرة، وبعيداً عن سلطة مدير المخابرات العامة اللواء عباس كامل.

أما بخصوص هذه الإجراءات فقد شملت: منح مساحة أكبر للأمن الوطني تحت إشراف أحمد جمال الدين مستشار الخائن الأمني. توزيع مسئوليات كانت محصورة في نجل الخائن وعباس كامل ومساعد الأخير أحمد شعبان  على شخصيات جديدة غير معروفة. دعوة الأمن الوطني لشخصيات حزبية ليبرالية ويسارية لعقد مؤتمر برعاية السيسي تحت مسمى (مؤتمر الشأن العام). وقد أمر السيسي عباس كامل بتوزيع السلطات والصلاحيات التي كانت مقتصرة عليه وعلى مساعده ونجل السيسي، على عدد أكبر من الضباط الموثوقين، والتي بدأت بتوزيع ملف إدارة الإعلام على أربعة من ضباط الجهاز الذين كانوا يساعدون أحمد شعبان، وكذلك إسناد إدارة منتدى الشباب الأخير لثلاثة ضباط كانوا يمارسون عملهم في ظلّ شعبان سابقاً، وإشراف كامل على الترتيبات النهائية للمنتدى بنفسه. وهذه الترتيبات لا تعني بالضرورة استبعاد شعبان، ولكن بصورة ما، تمّ خلق مستوى تنفيذي مباشر أكثر تخصصاً في بعض الملفات، في حين تمّ إسناد بعض المهام الجديدة لشعبان، بعيداً عن إدارة الإعلام والشركات الدعائية وملف الشباب بشكل مباشر. وتشير بعض المصادر إلي أن اقتراح ارسال نجل السيسي لموسكو قد أُلغي بعد الموافقة عليه من قبل السيسي، وذلك بعد وقوف زوجته ضدّ الأمر بشدة، موضحاً أنّ محمود السيسي عاد إلى جهاز الاستخبارات العامة، ولكن تمّ سحب بعض الملفات منه، بسبب مشاكل تتعلّق بفشله في الإدارة وبصفة خاصة في ما يتعلّق بملف الإعلام. كما يتزايد دور مدير مكتب السيسي اللواء محسن عبد النبي، والذي كان عباس كامل قد اختاره بنفسه ليكون بمثابة مساعد له لإدارة المكتب قبل انتقاله لإدارة المخابرات، ولا سيما بعدما استطاع الدفع في الفترة الماضية بالعديد من الضباط والموظفين للعمل في الرئاسة ليكونوا موالين له وحده، وإبعاد عدد ممن تم تعيينهم في عهد كامل. فضلاً عن تكوينه فريقاً إعلامياً جديداً خاصاً به في الرئاسة من غير أولئك الذين يدينون لكامل بالولاء.

وبالتالي فإن هناك من يدفع بأن النظام لن يغير توجهاته بشأن إدارة المشهد السياسي في مصر، ويستشهد بأن استمرار الأوضاع السيئة في السجون، وتنفيذ أحكام الإعدام بحق 13 معتقل ينفي وجود نية حقيقية لدى النظام بتحقيق انفتاح فعلي في المشهد السياسي، وأن تواصل أجهزة الأمن مع شخصيات حزبية ليبرالية ويسارية هو تكرار لما حدث في وقت سابق من لقاءات أسفرت من تدشين تنسيقية شباب الأحزاب التي باتت مجرد إمتداد لأكاديمية الشباب وتتبع للمخابرات العامة.

النقطة الأخيرة إن حدوث تغير حقيقي في توجهاته وكون هذه الإجراءات الأخيرة جزء من عملية التغير تلك التي أشار إليها مراقبون يعني أن النظام الحالي بمرور الوقت يصبح أشبه بنظام الرئيس الأسبق مبارك، فهل هذا التشابه في السياسات يقود إلى تشابه مماثل في سيناريوهات النهاية.

  • الافراج عن سامي عنان واعادة أسامة عسكر لاحتواء القلاقل داخل المؤسسة العسكرية:

هناك ارتباط بين قرار الافراج عن سامي عنان وبين إعادة الفريق أسامة عسكر إلى العمل العسكري مرة أخرى بتولّيه رئاسة هيئة عمليات القوات المسلحة. والأخير كان مجمداً في مناصب ذات صبغة إدارية لمدة عامين تقريباً، من بينها مستشار وزير الدفاع لشؤون تنمية سيناء، ومسؤول مشاريع الجيش في المنطقة المركزية، وذلك بعدما كان تم إبعاده من منصب قائد منطقة سيناء العسكرية ومكافحة الإرهاب، بادعاءات تتعلّق بفساد مالي بملايين الجنيهات نهاية عام 2016. ويأتي ذلك من أجل تهدئة الغضب داخل قيادة الجيش بسبب التدخلات المستمرة في عمله من قبل المخابرات العامة ممثلةَ في عباس كامل ومساعده أحمد شعبان ونجل السيسي محمود، وجميعهم سبق أن كانوا ضباطاً في الجيش، لكنهم تعاملوا في الفترة الأخيرة معه باعتباره تابعاً للمخابرات، في إطار رغبة الثلاثة في السيطرة المطلقة على جميع الأجهزة، وقطع العلاقات بينها وبين الرئاسة إلا من خلال جهاز المخابرات العامة.  وكانت العلاقات بين قيادة الجيش والمخابرات ساءت إلى حدّ بعيد على خلفية استئثار الجهاز، وتحديداً محمود السيسي، باتخاذ القرار الأمني في الأيام الأولى من أزمة سبتمبر، وإصداره بعض التعليمات لوزير الدفاع الفريق أول محمد زكي، والذي لم ينفذها إلا بعد الرجوع للسيسي والتنسيق مع مستشاره الأمني أحمد جمال الدين ووزارة الداخلية. الأمر الذي أدى لانتشار بعض الأقاويل المنسوبة لقيادات عسكرية رفيعة تنتقد أسلوب إدارة شؤون البلاد، وهو ما أزعج السيسي بشدة، بعدما نقل هذه الانتقادات له مدير مكتبه محسن عبد النبي، الذي بات منافساً قوياً لعباس كامل في الآونة الأخيرة، وينازعه سلطاته.

وإلي جانب الاستياء داخل الجيش من انتشار الشائعات والمعلومات عن الفساد المالي ، فإنه قد تم رصد استياء بين ضباط الجيش في جميع الأسلحة، وبصفة خاصة الدفاع الجوي، بسبب التجاهل المستمرّ للوساطات والمساعي للإفراج عن سامي عنان، ليس فقط بسبب ما تردّد عن معاناته من بعض الأمراض، ولكن في الأساس للتأكيد على وحدة الجيش، وبثّ رسائل الطمأنينة والسيطرة في آن واحد، بين الضباط والجنود. فعنان الذي تمّ التخلّص من عشرات القيادات الوسطى من الدفاع الجوي بعد ترشحه للرئاسة بعد القبض على نحو 24 ضابطاً في الجيش خلال فبراير 2018، بسبب تأييدهم لترشحه، لن يستطيع الانخراط في العمل السياسي مجدداً. كما أنّ خروجه بهذا الشكل، سيكون في مصلحة السيسي وليس العكس. وقد لعب المشير طنطاوي دورا كبيرا في حلحلة الملفات السابقة، من خلال إدارته غرفة مركزية عملت لأسابيع عدة على رصد المشاكل داخل الجيش ومناطق الحساسية مع الرئاسة والمخابرات العامة واتخاذ القرارات بشأنها. حيث رصدت غرفة طنطاوي  حالة عدم الثقة بعد إطاحة العديد من قدامى القادة بالجيش، وعلى رأسهم الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع السابق، وسرعة التدوير بين القيادات وعدم استقرار المناصب القيادية.

– استراتيجيات السيسى للسيطرة على المؤسسة العسكرية على ضوء حركة التغييرات الأخيرة بالجيش:

نشر موقع عربي 21 تفاصيل جديدة عن تغيرات هامة في المؤسسة العسكرية حيث تضمنت حركة التغييرات الأخيرة عودة الفريق أسامة عسكر الذي كان يشغل منصب مساعد القائد العام للقوات المسلحة لشؤون تنمية سيناء ليتولى منصب رئاسة هيئة العمليات، بعدما تمت إقالة اللواء محمد المصري من منصبه، وإقالة اللواء أركان حرب عبد الناصر حسن العزب من رئاسة هيئة شؤون ضباط القوات المسلحة وتعيين اللواء أركان حرب طارق حسن خلفاً له، وإقالة اللواء محمد عبدالله من رئاسة هيئة الإمداد والتموين وتعيين اللواء أركان حرب وليد أبو المجد، وإقالة اللواء أيمن عبدالحميد عامر من إدارة المشاة وتعيين اللواء خالد بيومي.

وكذلك تم تعيين اللواء أركان حرب وليد حمودة كقائد لقوات الدفاع الشعبي والعسكري بدلاً من اللواء أركان حرب خالد توفيق الذي تولى رئاسة هيئة البحوث العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب محمد عبد اللاه من منصب الأمين العام لوزارة الدفاع وأمين سر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتم تعيين اللواء أركان حرب عماد الغزالي بدلاً منه. كما تمت إقالة اللواء علي عادل عشماوي من قيادة المنطقة الشمالية العسكرية وتعيين اللواء فهمي هيكل خلفاً له، وتعيين اللواء مدحت العيسوي رئيس أركان المنطقة الشمالية العسكرية، وإقالة اللواء أركان حرب أيمن نعيم من قيادة المنطقة الجنوبية العسكرية وتعيين اللواء أشرف الحصري بدلاً منه. وأيضاً تم تعيين اللواء علي عثمان كرئيس لأركان المنطقة الجنوبية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد صفي قائد للمنطقة المركزية العسكرية، وتعيين اللواء أحمد بهجت الدمرداش رئيسا لهيئة الشؤون المالية، وتعيين اللواء محمد عيسى النادي مديرا لإدارة التعيينات العسكرية، وتعيين اللواء أشرف سليم مديراً للخدمات الطبية.

ويمكن من خلال هذه التغييرات استنباط الاستراتيجيات التى يتبعها السيسى من أجل السيطرة على المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والتى تتمثل فى:

1-  ترقية المحايدين: فمعظم هذه الترقيات الأخيرة من الشخصيات التى تتمتع برضا من قبل السيسى وأيضاً تحظى برضا (أكبر من القيادات التى تم إقالتها) من قبل القيادات العسكرية المستاءة من إدارة السيسى. وربما يكون تصعيد هؤلاء القيادات المحايدة هو أقصى ما يطالب به الطرف الآخر المناوئ للسيسي الذى لا يريد الإطاحة به –على الأقل في الوقت الراهن- لأنه يدرك جيداً أن السيسي لديه أدوات وإمكانيات كبيرة مايزال يسيطر عليها بقوة، ومن ثم فهم يريدون إحداث قدر ما من التوازن في إدارة المشهد.

2- الاستبعاد: فإلى جانب استبعاد نجل السيسى من جهاز المخابرات العامة، تشير بعض التقارير إلى استبعاد الضابط أحمد شعبان من داخل جهاز المخابرات العامة، وذكر البعض أن أحمد شعبان تم إرساله هو الآخر للالتحاق بإحدى البعثات الدبلوماسية في الخارج، كما فعل مع محمود السيسي. إلى جانب استبعاد اللواء مصطفي الشريف من رئاسة ديوان رئاسة الجمهورية. كما يرى البعض أن التنكيل الذي لحق برجل الأعمال والضابط السابق بجهاز المخابرات ياسر سليم مؤخراً جاء نتيجة فلسفة السيسي الجديدة التي يتبعها داخل الأجهزة السيادية، حيث تم القبض عليه مؤخراً بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد بنكي، وبناء على بلاغات قضائية من خصومه الدائنين.

3- الاستدعاء: حيث تم إعادة بعض القيادات التى تم إقالتها، وإعطائها سلطات وصلاحيات حقيقة وواسعة مثل تولى نائب مدير المخابرات العامة المصرية اللواء ناصر فهمي، للملفات التي كان يديرها محمود السيسي داخل الجهاز، وخاصة ملف الحراك المعارض بشكل عام وتحسين صورة الدولة المصرية خارجياً. كما قام السيسي مؤخراً بإعادة اللواء محمد رأفت الدش إلى المجلس العسكري مرة أخرى وقام بتكليفه قيادة قوات شرق القناة. وتولية الفريق أسامة عسكر مساعداً لوزير الدفاع للمشروعات والتنمية قبل توليه رئيس هيئة العمليات، أكثر من ذلك هناك أحاديث عن احتمالية تعيين الفريق أحمد خالد قائد القوات البحرية نائباً للسيسي.

وفيما يتعلق باستدعاء السيسى لبعض القيادات العسكرية للعمل مرة أخرى فى مناصب عسكرية لابد من الإشارة إلى 3 ملاحظات أساسية هى:

– التأكيد على أن وسيلة الاستدعاء ليست للعقاب فقط كما حدث مع سامى عنان، ولكنها أيضاً وسيلة للمكافأة تسمح بالعودة مرة أخرى لتولى مناصب عسكرية رفيعة المستوى.

إن خروج بعض القيادات من المناصب العسكرية الرسمية لا يعنى بالضرورة خروجهم من كامل عملية  صناعة القرار السياسى والعسكرى، بل إن الخروج لا يعدو كونه خروجاً من منصب رسمى مع الاحتفاظ ببعض سلطاتهم. وربما ذلك ما يمكن أن يفسر تراجع انعقاد مواعيد المجلس العسكرى بصورة رسمية بقيادة السيسي أو بغيره، حيث أن اجتماع السيسي مع تلك القيادات التى خرجت من مناصبها يغنى عن الاجتماع مع القيادات المتواجدة حالياً بالمجلس.

– أن الوسائل القديمة مثل التعيين فى أعلى المناصب والوظائف المدنية والتى كانت تقدم كمزايا لكبار القادة من أجل الموافقة على إحالتهم للتقاعد، والأهم من ذلك عدم خروجهم عن سياسة النظام القائم أصبحت دون المطلوب، وربما أصبح هناك مطالب أكبر بأن تكون الإحالة للتقاعد مع الاحتفاظ بالمزايا والسلطات العسكرية.

– لماذا تم تعيين نجل السيسى ملحق عسكرى فى روسيا… سياسى إسرائيلى يجيب؟ :
أشار السفير الإسرائيلي الأسبق بمصر “يتسحاق ليفانون” في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” عن أسباب تعيين نجل السيسى كملحق عسكرى فى روسيا، والتى تتمثل حسب رأيه فى: 1- استبعد ليفانون أن يكون تفسير اخراج نجل السيسى من جهاز المخابرات بكونه عقوبة، بل اعتبره ترقية ومكافأة بمهمة رفيعة المستوى تتمثل فى العمل كملحق عسكرى فى روسيا. 3- أن ذلك يعتبر مؤشر قوى على اتجاه السيسى لتقوية العلاقات مع روسيا، خاصة وأن موسكو هى من تقوم ببناء المفاعلات النووية فى الضبعة، وستقوم ببناء المشروع الاقتصادي الأضخم قرب قناة السويس، فضلاً عن صفقات الأسلحة التى اشترتها القاهرة من روسيا. ولعل الدافع الرئيسى الذى يقف خلف ذلك هو رغبة السيسى فى ايجاد نوع من التوازن فى العلاقات مع القوى الكبرى، حتى لا يتكرر معه ما حدث مع مبارك الذى تخلت عنه واشنطن، على عكس ما قامت به روسيا من الوقوف خلف الأسد ومنع الإطاحة به.

وفى إشارته لتأثير تعاون مصر مع روسيا على علاقاتها مع أمريكا، فقد أكد ليفانون على أن واشنطن هددت مصر فى حالة شرائها لطائرات السوخوى 35 بوقف المساعدات الأمريكية لها؛ لأن هذه الصفقة ستقضى على القاعدة التى لا تزال تحافظ عليها الإدارات الأمريكية المختلفة وهى الحفاظ على التفوق النوعى لإسرائيل فى المنطقة. إلا أنه أشار إلى أن ما يعيق تنفيذ تلك التهديدات يتمثل فى الخوف من الإضرار بإتفاقية السلام مع إسرائيل، إلى جانب تركيز السيسى على استخدام هذه الطائرات لموازنة التفوق التركى بعد عقد صفقة S400 بدرجة أكبر من هدفه فى موازنة التفوق الإسرائيلى.

  • سيطرة العسكريين على الإقتصاد وتكاليفه.. ليس مجرد تدخل.

أفادت الدراسة التي نشرها “مركز كارنيغي للشرق الأوسط”، للباحث المتخصص في الشؤون العسكرية يزيد صايغ، بعنوان “أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري”:

أن الدور الإقتصادي للجيش بعد 2013 ليس مجرد تدخل في المجال الإقتصادي؛ إنما هو إعادة تشكيل للسوق المصرية من جهة أولى، فـ “المؤسسة العسكرية تشارك بمشروعات استثمارية في كل القطاعات الاقتصادية تقريبا”، وأن تأثير على السياسات الحكومية واستراتيجيات الاستثمار من جهة أخرى.

وأن باستفادة الآف العسكريين المتقاعدين من النفوذ السياسي للمؤسسة العسكرية في شغل المناصب القيادية في كل أرجاء الجهاز المدني للدولة وفي شركات القطاع العام، اكتملت بذلك سيطرة العسكريين –في جانبها الرسمي- على السوق والدولة في مصر.

أما عن تكلفة هذا الاستئثار؛ (على الإقتصاد): فإنه يوسع حيز الإفتراس والفساد. (على السياسة): فقد أسفرت طفرة المشاريع العملاقة في الإسكان والبنى التحتية العامة عن حجم كبير من الرساميل العقيمة والأصول المجمّدة.

ورأت الدراسة أن السيسي –وليس العكس- سيبقى أسير شركائه الأساسيين في الائتلاف الحاكم، ورهينة الاندفاع العسكري إلى زيادة وتيرة الانخراط في الاقتصاد، وأن “أي حكومة مصرية لن تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة، إلى أن يتم وضع حد لشبكات الضباط غير الرسمية في كلٍ من الجهاز البيروقراطي المدني، وشركات القطاع العام، ودوائر الحكم المحلي”.

* العسكر يتبعون سياسات للتظاهر بالانفتاح السياسى

منتدى شباب العالم.. والتظاهر بالانفتاح السياسى فى مصر.

فى ظل حالة التخبط والارتباك التى يشهدها المشهد السياسى المصرى، يتخذ النظام العديد من الإجراءات التى توحى بمضى نظام السيسى، حيث يتخذ النظام بعض الاجراءات التى توحى بإن النظام يتخذ خطوات نحو طريق الانفتاح السياسى، كان أبرزها؛ توزيع بعض الملفات والمسؤوليات التي كانت محصورة بنجله محمود ومدير المخابرات عباس كامل ومساعده أحمد شعبان،عبر إدخال شخصيات جديدة غير معروفة حتى الآن من المخابرات والجيش في دائرة اتخاذ القرار، ومنح مساحة تحرك أكبر للأمن الوطني تحت إشراف مستشاره للشؤون الأمنية أحمد جمال الدين، إلى جانب عقد منتدى شباب العالم فى نسخته الثالثة فى الفترة من 14 إلى 17 ديسمبر الجارى، الذي بات مناسبة سنوية للترويج لسياسات السيسي وحصوله على مساحة كبيرة للحديث في جميع المواضيع التي يرغب في التعليق عليها والتمتع بتغطية إعلامية كبيرة.

إلى جانب ذلك، رصدت بعض الدوائر السياسية بعض المؤشرات التى تكشف عن سياسة النظام فى تحقيق بعض الخطوات نحو الانفتاح السياسى، تتمثل فى دعوة الأمن الوطني على مدار الأسبوعين الماضيين عدداً من الشخصيات الحزبية الليبرالية واليسارية، المصنفة بأنها “غير متطرفة في خصومة النظام”، بهدف الإعداد لمؤتمر آخر من المقرر عقده العام المقبل برعاية السيسي، والذى سيحمل عنوان “مؤتمر الشأن العام”، الذي بدأت الاستعدادات له منذ الشهر الماضي عبر ندوات تقيمها وزارة الأوقاف وبعض الصحف القومية.

بعض التقديرات تشير إلى أن “سياسة النظام في التظاهر بالإقدام على الانفتاح والمضي قدماً في اتجاه التصعيد لا يمكن أن تخلق مشهداً سياسياً جديداً، حتى إذا عُقد مؤتمر الشأن العام بحضور السيسي، وحتى إذا دُفع بشخصيات جديدة لإدارة المشهد السياسي بدلاً من نجل السيسي ومساعد مدير المخابرات”، وإنما كل ما هنالك هو ظهور بصمات جديدة في التحرك تعبّر عن وجود شخصيات جديدة لإدارة المشهد، لا تتمتع بالقدر الكافي من الخبرة في التعامل مع السياسيين والإعلاميين وتحاول استكشاف المشهد من مختلف أطرافه، ولكنها تشارك العناصر المؤثرة في دائرة السيسي ذات الرؤية السلطوية تجاه المجال العام.

  • العسكر والتخطيط لمزيد من السيطرة على البرلمان القادم:
  • غضب واسع بين أعضاء البرلمان بسبب النظام الانتخابى.

كشف مصدران مطلعان فى ائتلاف “دعم مصر” وحزب “مستقبل وطن” -أصحاب الأغلبية البرلمانية – أن هناك حالة من الغضب الواسع بين نواب البرلمان بشكل عام، وأعضاء الائتلاف والحزب خصوصاً، بسبب إصرار الدائرة الاستخباراتية المحسوبة على الخائن عبد الفتاح السيسي، على إجراء الانتخابات البرلمانية على نظام القائمة المغلقة بنسبة 75%، مقابل 25% فقط للنظام الفردي، والذي يجرى إعداده حالياً في صيغة مشروع قانون حكومي، حيث أن ذلك سيشكل مشاكل كبيرة للنواب خصوصاً القدامى منهم، الذين لا يزالوا يتمتعون بقبول داخل دوائرهم الانتخابية.

وكانت أبرز التعديلات المقترحة هو توسعة النطاق الجغرافي للدوائر بشكل غير مسبوق للنظام الفردي، إذ تشمل الدائرة الواحدة ست أو سبع مراكز انتخابية، بدلاً من مركز أو اثنين كما هو الحال حالياً، كما أن تخصيص نسبة 25% للنظام الفردي يُقصي أكثر من 50% من نواب البرلمان الحاليين، لعدم قدرتهم على الحصول على أصوات الناخبين من خارج مناطق نفوذهم، وهو ما يعزز من فرص رجال الأعمال من دون غيرهم، والذين يستطيعون صرف ملايين الجنيهات على الدعاية الانتخابية في تلك المساحات المترامية، باعتبار أن دوائر المحافظة الواحدة ستكون بين دائرة واحدة إلى ثلاث دوائر على أقصى تقدير.

ويتخوّف قطاع عريض من نواب البرلمان من التوسع في نظام القوائم المغلقة، على اعتبار أن تلك القوائم ستوضع في الغرف المغلقة، وستقتصر الأسماء الواردة فيها على المقربين من الأجهزة الأمنية، بما يستبعد العديد من النواب الذين يتمتعون بعلاقات جيدة مع المواطنين في دوائرهم، في وقت لا يحظون فيه برضى كامل من المؤسسات الأمنية لانتقاداتهم بين حين وآخر لأداء بعض الوزراء، على الرغم من أنهم من الموالين للسلطة الحاكمة. إلا أن النظام الحاكم يرفض الأخذ بأي نسبة لنظام القائمة النسبية، والتي تسمح بتمثيل أوسع للأحزاب، وعدم إهدار أصوات الناخبين كالقائمة المغلقة، حتى يضمن سيطرته الكاملة على تشكيل مجلس النواب المقبل، ومنع تسرب أي نائب من مجموعة تكتل (25-30)، الذين سجلوا مواقف معارضة لتوجهات السيسي في المجلس الحالي.

  • ملامح المشهد الإعلامي الرسمي المرتبك في مصر.

التعديلات في ملف الإعلام صارت عادة النظام كل فترة، تعديلات هدفها تقليص الخسائر المستمرة الناتجة عن نفقات كبيرة لا تسفر عن مكاسب حقيقية تعوض هذه النفقات، وهدفها رفع شعبية النظام في الشارع ودعم شرعيته المتراجعة، وكأن الشرعيات تبنى بالإعلام. المشكلة الراهنة للإعلام المصري المصري لها محورين:

الأول: تطوير الإعلام الحكومي الرسمي “ماسبيرو” عبر مسارين: (أ) خريطة برامجية جديدة؛ بهدف رفع نسبة المشاهدات المتدنية للغاية، فلم يعد أحد يشاهد التلفزيون الرسمي، سواء قنواته الأرضية أو الفضائية. (ب) إعادة هيكلة الإذاعة والتلفزيون؛ بهدف تقليص النفقات وتقليل أعداد العاملين.

الثاني: تطوير الإعلام الخاص الداعم للنظام عبر مسارين: (أ) استعادة شعبية القنوات الداعمة للنظام، والتي تراجعت شعبيتها بصورة كبيرة خلال الفترة الماضية، وأن يكون استعادة شعبية هذه القنوات هو المدخل لرفع شعبية الخائن وتقديم خطاب يمجد الخائن ويسوقه في مواجهة الخطاب المعارض المناهض للرئيس وسياساته والذي يلاقي رواج كبير. (ب) جذب مستثمرين جدد للقطاع الإعلامي، خاصة بعد تراجع الاستثمارات الإماراتية في هذا المجال، نتيجة الخسائر التي تتكبدها أبو ظبي جراء استثماراها في هذا القطاع، ولعل إغلاق فضائية TEN المحسوبة على الإمارات مؤشر واضح على هذا الانسحاب. يذكر أن الانسحاب الإماراتي ليس نتيجة تباين مواقف بين مصر والإمارات فيما يبدو، إنما نتيجة تغيرات داخلية في المشروع الإعلامي الذي تتبناه الإمارات على مستوى الإقليم ككل، وهو مشروع يستهدف بالأساس تشويه تيار الإسلام السياسي بكل مكوناته وذلك في سياق تسويق خطاب علماني معادي للدين، كما يستهدف تسويق التوجهات والسياسات الإماراتية وغسل سمعتها. لكن المستثمرين يتخوفون من المشاركة في هذا القطاع بعد تجربة محمد الأمين المالك السابق لقنوات CBC وجريدة الوطن، حيث استولت الدولة على مشروعاته تلك المشار إليها، وبعد أن تكبدت خسائر كبيرة عادت تحاول إغرائه بالعودة مجدداً للسوق الإعلامي والمشاركة في إدارة CBC والوطن لكن الأخير رفض تكرار التجربة، ويتخوفون أيضاً من أن يلحقهم مصير ياسر سليم وكان أحد أباطرة الإعلام الخاص المحسوبين على المخابرات والذي ألقي القبض عليه مؤخراً بتهمة تحرير شيكات بدون رصيد.

ورغبة من النظام (عبر المخابرات والأمن الوطني) في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، أجرت هذه الأجهزة لقاءات مع إعلاميين سابقين ورؤساء تحرير صحف قريبة من النظام بهدف تعرف رأيهم عن كيفية تطوير الإعلام المحسوب على النظام بهدف (تقليص الخسائر، ورفع نسب المشاهدة وتسويق النظام ورفع منسوب شعبيته المتراجعة). ويبدو أن الدولة فيما يتعلق بتطوير الخطاب الإعلامي توصلت إلى محددين أساسين؛ الأول: حضور أكبر لبرامج الـ “توك شو” التي تتناول أحوال المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، لكن دون التطرق للقضايا السياسية، وتسليط الضوء على معاناة الناس ومشكلاتهم وحتى التصوير المباشر من الشوارع. المحدد الثاني: لا مجال للحديث عن السياسة أو استضافة معارضين أو إظهار أية معارضة ذات طابع سياسي سواء للرئيس أو للحكومة. وهو تكريس لثنائية الدولة مقابل المجتمع ورفض وجود أية قوى أو تكوينات وسيطة تلعب دور حلقة الوصل بين الدولة والمواطنين وهو جوهر التصور الشمولي السلطوي في الحكم.

تحدثت تقارير عن أن التغييرات في ملف سياسات الإعلام شملت تقليص سيطرة قيادة جهاز المخابرات علي إدارة الملف من ، حيث كان ملف الإعلام أحد اختصاصات محمود السيسي ومعه عباس كامل وبمساعدة ضابطي الجهاز أحمد شعبان ومحمد فايز، وأن سحب الملف من المخابرات كان بإيعاز من اللواء محسن عبدالنبي مدير مكتب الخائن، وأحد المقربين من السيسي، ولعل مصدر ثقة السيسي في “عبدالنبي” فيما يتعلق بملف الإعلام أن “عبدالنبي” قبل انتقاله للرئاسة كان مدير إدارة الشئون المعنوية بالمؤسسة العسكرية. وأن سحب الملف من المخابرات بعد الإخفاقات المتتالية في إدارتهم للملف؛ سواء من حيث تراجع أداء الإعلاميين والإعلام ككل، أو من حيث إهدار مبالغ طائلة قدرها الخائن نفسه بـ 6 مليارات جنيه، أو من حيث عدم وجود رؤية للإدارة أو لتطوير المنصات الإعلامية.

مع ذلك يبدو أن السيسي لجأ إلى إشراك جهات جديدة مع المخابرات في صناعة المشهد الإعلامي، ولم يسحب الملف بشكل كامل من المخابرات، خاصة أنه يوزع الاختصاصات على الأجهزة وفق ثقته بهم وليس وفق قدرتهم على إدارة هذه الاختصاصات والوظائف؛ ومما يدعم ذلك الحديث عن لقاءات بين ضباط تابعين للأمن الوطني وآخرون تابعين للمخابرات مع إعلاميين كبار لاستشارتهم بشأن طريقة تطوير الإعلام التابع للنظام.   الحديث عن تغييرات في ملف الإعلام يأتي في سياق الجدل الدائر حول القرارات الأخيرة للنظام، التي اعتبرها البعض تؤشر على تغير كبير في سياسات النظام في إتجاه انفتاح أكبر على المجتمع والمعارضين، وأن هذه التغيرات نتيجة للخوف من احتمالية تكرار ما حدث في 20 سبتمبر، أو حدوثه بصورة أوسع وأكثر خطورة. في حين أن هناك من رأى أن هذه الإجراءات هامشية لا تُحمل على معنى وجود تغير حقيقي وكبير في سياسات النظام.

القوى الإسلامية والمجال الديني في مصر:

  • جماعة الإخوان تثمن قمة كوالالمبور الإسلامية المصغرة.

امتدحت جماعة الإخوان المسلمين –الجبهة التاريخية- في بيان لها قمة كوالالمبور المصغرة، التي دعا لها رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، والتي يشارك فيها ممثلين عن 52 دولة مسلمة، على رأس هذه الدول كل من (ماليزيا، تركيا، اندونسيا، باكستان، قطر). وذكرت الجماعة في بيانها أن تكون القمة والكيان الذي سينبثق عنها هي بداية تحقيق نهضة حضارية -تقوم على مبادئ وقيم وشريعة الإسلام- ونهضة اقتصادية، وتعاون أمني ودفاعي يحافظ على سيادة الدول المسلمة ويصد عنها المطامع، ووحدة سياسية في المواقف والتوجهات الاستراتيجية.

لعل ما يميز بيان الإخوان أنه يتضمن رؤية سياسية لنهضة الأمة؛ فهو يعتبر أن “الأمة تحتاج إلى الوحدة والتكاتف والتضامن والاتحاد، سعيًا لاستنهاض هِمم شعوبها”، وأن الأمة تأمل أن تحقق القمة وما ينبثق عنها “وحدة سياسية في المواقف والتوجهات الإستراتيجية، تدافع عن حقوق المسلمين، وتطرح قضاياهم العادلة بقوة على المائدة الدولية”، فكما يتضح يعتبر البيان أن الشعوب والقوميات العربية والمسلمة امتداد للأمة ومكون من مكوناتها وليست خصماً منها أو مناهضة لها، وبالتالي فالدول القائمة لا يتناقض وجودها مع وجود الأمة طالما تتحرك في اطار التكامل والتضامن وليس الانقسام والخلاف؛. لذلك يؤكد البيان أن أحد آمال الأمة هي الوحدة السياسية بين الدول المسلمة، سواء علي صعيد المواقف والتوجهات الاستراتيجية ؛ أو وحدة سياسية واحدة ودولة واحدة، فيما يشبه الاتحاد الاوروبي “مثلاً”.

هذا التصور للأمة في علاقتها بالشعوب، والتصور بشأن الدور المرجو من القادة السياسيين في حدود مصالح دولهم على صعيد توحيد التوجهات والمواقف الاستراتيجية؛ لا يحمل زعماء القمة دور يفوق قدراتهم. ولعل هذا الطرح الذي تقدمه الجماعة هو ما يجعلها مقبولة من كثير من الدول المسلمة باعتبارها لا تهدد مصالح هذه الدول أو تنتقص من سيادتها. والنقطة الأخيرة: أن قيمة البيان في أنه يعبر عن استمساك الجماعة بدورها الذي تلعبه على المستوى الإقليمي والإسلامي، وذلك رغم تراجع دورها الأساسي على المستوى الداخلي في مصر، جراء سياسات الاقصاء التي يتبعها النظام الحاكم في مصر. ولعل استمساك الجماعة بلعب دور إقليمي قد يفتح لها مجال آخر تلعب فيه أدوار جديدة تعوض به حالة الإقصاء الذي تتعرض له في مصر.

جدير بالذكر أن قمة كوالالمبور هي قمة إسلامية مصغرة دعا إليها رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد من أجل بحث إستراتيجية جديدة للتعامل مع القضايا التي يواجهها العالم الإسلامي. ويشارك في القمة كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الإيراني حسن روحاني، ومسؤولون من دول إسلامية أخرى. كما يحضر القمة نحو 450 مشاركا من علماء ومفكرين وممثلين رسميين عن نحو 52 دولة، وتتناول جلساتها عدة محاور على علاقة بالتنمية والسيادة الوطنية والحكم الرشيد والأمن والتجارة والاستثمار والتكنولوجيا. ورغم أن القمة لم تنشر جدول أعمالها إلا أن رويترز قالت إنها قد تبحث النزاعات الطويلة الأمد في إقليم كشمير والشرق الأوسط، والصراعات في سوريا واليمن، ومحنة المسلمين الروهينغا في ميانمار، وتنامي الغضب من معسكرات اعتقال المسلمين الإيغور في الصين -وهو ما سيغضب بكين بلا شك وفقا للوكالة- إضافة إلى سبل مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم.  ويفيد مراقبون أن القمة التي تنعقد  تحت عنوان “دور التنمية في تحقيق السيادة الوطنية”، تركز في محاورها الرئيسية على قضايا: “التنمية والسيادة” و”السلام والأمن والدفاع” و”الاستقامة والحكم الرشيد” و”العدالة والحرية” و”الثقافة والهوية” و”التكنولوجيا وحاكمية الإنترنت” و”التجارة والاستثمار” لدى الدول الإسلامية.

  • #احكى-عن-مرسى، الأعلى تداولاً على “تويتر”.. والنظام يرد.

دشن مغردون مصريون وسم “#احكي_عن_مرسي”، للتدوين عن الرئيس الراحل محمد مرسي، بمناسبة مرور 6 أشهر على وفاته في إحدى جلسات محاكمته، والذي اتهمت منظمات حقوقية وعلى رأسها الأمم المتحدة، نظام الخائن عبد الفتاح السيسي، بالتسبب في وفاته، نظراً للظروف التي كان يعاني منها في سجنه. وقد تصدر الوسم قائمة الأكثر تداولاً على موقع التواصل الاجتماعى “تويتر” متجاوزاً 12 ألف تغريدة، وقد شملت أغلب التغريدات مقارنة بين الرئيس الراحل محمد مرسى والسيسي ساخرين  من أداء السيسى، ومترحمين على فترة حكم الرئيس محمد مرسى.

  • مشاريع الاخوان من التحفظ إلي المصادرة:

رد النظام فى رسالة تصعيد جديدة ضد المعارضين فى مصر، وبصفة خاصة من المنتمين من التيار الإسلامى، حيث أصدرت لجنة التحفظ على أموال جماعة الإخوان المسلمين والكيانات المدرجة على قائمة الإرهاب، قرارات سرّية خلال الأسبوع الماضي، تقضي بالمصادرة النهائية لأموال أكثر من 120 شخصاً من المتهمين في قضايا تمويل الجماعة وإعادة إحياء نشاطها الاقتصادي. وذلك بعد صدور أحكام نهائية من محكمة مستأنف الأمور المستعجلة برفض التظلّمات المرفوعة من المتهمين بتمويل الإخوان والإرهاب ضد قرار اللجنة بنقل جميع الأموال والأملاك التابعة لهؤلاء المتهمين إلى الخزانة العامة للدولة، وتأتى تلك الخطوة فى إطار الخطة الحكومية الجارية لفصل آلاف الموظفين والمعلمين بحجة تعاونهم مع “الإخوان” وتعاطفهم مع الجماعة، وذلك في إطار خطة أوسع للتنكيل بالجماعة وامتداداتها في المجتمع المصري، وتجفيف البيئات التي قد تبدي تعاطفاً مع أعضائها وأنصارها،وبالتالي إشعارها دائماً بأنها تحت الضغط، وغير مسموحٍ لها بالعودة إلى المشهد.

وتشكل تلك القرارات تأكيداً لعدم جدية اصطناع النظام وإعلامه وجود نية لتحقيق انفراجة في المجال العام، أو تحقيق مصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، فما يسعى إليه هو مزيد من الإقصاء للجماعة الإسلامية عن الحياة السياسية فى مصر.

  • مرصد الأزهر يحذر أمازون عملاق التجارة الإلكترونية من تسويق كتب قطب والمودودي.

حذر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في مصر، من إتاحة بعض الكتب التي “تروج للكراهية ونبذ الآخر” على موقع “أمازون” الإلكتروني. ولاحظ مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنّ وجهات النظر قد تختلف فيما يتعلق بنشر محتوى هذه الكتب، ففي الوقت الذي يرى البعض أنها تحوي أفكارا متطرفة ومن ثم يجب منعها، قد يرى آخرون من المؤسسات البحثية والجهات الأمنية ضرورة اطلاع المتخصصين في هذه الجهات دون غيرهم على هذه الكتب ومعرفة ما بداخلها “من باب التعرف على مبادئ ومرتكزات هذا الفكر المنحرف بغية مجابهته والتصدي له”.

هذا الموقف رغم غرابته إلا أنه أصدق تعبير عن رؤية الأزهر للمجال الديني وموقعه فيه؛ فالأزهر من جهة يرفض أن تدس القيادة السياسية أنفها في الشأن الديني، ويناهض هذا الدور الذي تحاول القيادة السياسية لعبه باعتبارها –كما ترى نفسها- مسئولة عن ثقافة الناس وقيمهم وتدينهم بنفس مقدار مسئوليتها عن المجال السياسي، هذا الموقف من جانب الأزهر يكسب الأخير داعمين كثر. من جانب أخر، يرفض الأزهر أيضاً أن تلعب أياً من القوى الدينية الأخرى دور في المجال الديني بعيداً عن هيمنة الأزهر وباستقلال عن سلطته؛ فلذلك يعادي الأزهر القوى الدينية المستقلة بنفس قوة معاداته لمحاولة السلطة السياسية لعب دور ديني مخول تاريخياً بالأزهر. فالأزهر في مواقفه تلك ينطلق من قناعة أنه المخول حصراً بالمجال الديني وأن أية قوى تمارس دور في هذه المساحة، فإما تلتزم بسيادة الأزهر على المجال الديني وتتحرك في المساحات الآمنة التي يتيحها لغيره تحت قيادته، وإما أن يصبح هذا الفاعل الديني مصنف تحت أحد وصفين إما متطرف أو متسيب مبتدع يدخل على الدين ما ليس منه.

موقف الأزهر من الكتابات الدينية المنشورة على أمازون والتي يرى أنها تروج الكراهية هو إمتداد للموقف السابق، لكنه على مستوى أوسع وهو الصعيد العالمي ككل. وهو من جهة أخيرة موقف غير واعي بالتحول الكبير الذي أحدثته وسائل الإتصال العالمي حيث قلصت من حضور الرقابة وفتحت المجال واسعاً أمام حركة النشر بشكل يتجاوز بكثير القواعد القديمة، فبات من غير المجدي التحذير من النشر أو الدعوات لحجب كتابات أو كتاب.

  • جهات أمنية تمنع نشر بيان الأزهر عن التضامن مع المضطهدين دينياً.

بمناسبة اليوم الدولي للتضامن الإنساني دعا الأزهر –في بيان له- العالم أجمع للتضامن مع المضطهدين، كما دعا الأزهر جميع الدول إلى النظر لمواطنيها والقاطنين على أرضها على اختلاف دياناتهم وتنوعهم على أنهم ثروة بشرية ينبغي الاستفادة منها، مبدياً أسفه أن نرى في عالمنا المعاصر صورًا ومشاهد اضطهاد بسبب الدين أو العرق أو اللون. وقد تلقت الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات التلفزيونية –العاملة في مصر والمحسوبة على النظام- تعليمات من جهازي المخابرات العامة، والأمن الوطني، بمنع نشر بيان الأزهر المشار إليه.

تحرك الجهات الأمنية للحيلولة دون نشر بيان الأزهر جاء معبراً –بحسب البعض- عن حرص القاهرة على عدم تأثر علاقتها مع الصين -بالرغم من أن بيان الأزهر لم يشر صراحة لما تلاقيه الأقلية المسلمة “الأيجور” من اضطهاد على يد النظام الصيني- سلباً نتيجة البيان؛ فالصين تستثمر في مشروعات البنية التحتية في مصر، وقد بلغت التجارة بين البلدين 13.8 مليار دولار خلال العام 2018، وسبق وأن أوقفت السلطات المصرية مسلمين صينيين تمهيداً لتسليمهم لبكين.

لكن الموقف من بيان الأزهر يؤكد حرص النظام المصري على استخدام المقاربة الأمنية، المعتمدة على العنف والإكراه، في التعامل مع كل القضايا والملفات. ومن جهة أخرى يسلط هذا الموقف من البيان توجهات النظام المصري تجاه الدين وقضاياه؛ فهو يتعامل مع الدين باعتباره أداة يستخدم في السيطرة على المجتمع، ويؤل بطريقة لا تهدد مصالح الدولة ولا توجهاتها. كما أن هذا التعاطي مع بيان الأزهر يكشف عدم وعي الأجهزة الأمنية باللحظة الراهنة التي لم يعد فيها إسكات الأصوات ممكناً؛ بل على العكس لم يسهم مسعى الأمن لحجب بيان الأزهر سوى في نشر البيان وتسويقه، وكان من المتوقع أن يصدر البيان دون أي صدى، خاصة أنه بيان “بروتوكولي” صدر بمناسبة اليوم العالمي للتضامن.

المشهد الحقوقي:

  • حملة لمطالبة السلطات الأمنية بإدخال ملابس شتوية للمعتقلين.

دشّن عدد من الحقوقيين والنشطاء حملة إلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لمطالبة سلطات السجون بإدخال الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة للمعتقلين، بعد أن تعرض المعتقلون في السجون إلى حملات من قِبل السلطات المسؤولة لتجريدهم من جميع مقتنياتهم، منذ تظاهرات 20 سبتمبر الماضي، والتى تضمنت سحب الملابس الشتوية والأغطية الثقيلة، والإبقاء فقط على ملابس السجن البالية، كما تعرضوا للعديد من الانتهاكات الأخرى من إغلاق الكانتين ومنعهم من شراء أي أطعمة أو احتياجات منه، ومنعهم أيضا من استقبال أي أطعمة أو ملابس أو مقتنيات يودعها ذووهم في أمانات السجن، فضلا عن منع الزيارة منذ ذلك الحين في أغلب السجون.

وقد دشن النشطاء حملة تحت عنوان “معركة البطاطين” تحدث فيها الأهالي عن معاناة أبنائهم المعتقلين مع برودة الشتاء وبرودة الزنازين وبرودة الحوائط والأرضية الأسمنتية، وهطول الأمطار ودخولها إلى الزنازين، مؤكدين أن سحب الأغطية والملابس الشتوية من أبنائهم هو قتل عمد بالبطيء بتعريض أبنائهم لقسوة برد الشتاء، بالإضافة إلى القتل عمدا وبالبطيء بسوء التغذية والإهمال الطبي والتكدس وسوء التهوية.

وقد لاقت استغاثات الأهالي تفاعلا واسعا من قِبل النشطاء، في حين لم يصدر أي تعليق أو صوت من المسؤولين المصريين، خاصة مسؤولي قطاع السجون، للإجابة عن تساؤلات الأهالي، التي دارت حول سبب تجريد أبنائهم من ثيابهم الشتوية وأغطيتهم ومتعلقاتهم، رغم البرودة الشديدة للجو، والتي زادتها الأمطار والأراضي الخرسانية للزنازين، ورغم أنهم معتقلون بالأساس في السجون وممنوعون من الزيارات والتواصل مع أي شخص بالخارج، فلماذا الإمعان في تعذيبهم؟

الملف الاقتصادي

انخفاض اسعار اللحوم والدواجن وتقلباتها المستمرة مرتبطة بالتقلبات في المواقف السياسية:

ربط الكثير من المتابعبن للشأن المصري قضية انخفاض اسعار اللحوم والدواجن، بما حدث من تظاهرات رافضة للسيسي، وربطها آخرون بتحسن مؤشرات نمو الاقتصاد المصري وتعافيه من آثار صدمة تعويم الجنيه، الا أن الواقع يثبت حقائق مغايرة تماما، حيث يعاني مربو الثروة الحيوانية من السياسة العشوائية للحكومة من جهة، وعدم التنسيق مع شركات القوات المسلحة من  ثانية، وعدم اعتماد الاخيرة على دراسات الجدوى في تقييم عملية الاستيراد من اللحوم والدواجن. فقد  ساهمت سياسة الاستيراد الحكومية في خسارة المربين، وخاصة الصغار منهم والذين يشكلون نسبة 80% من العاملين في مجال الثروة الحيوانية في البلاد، إذ يواجهون خسارة فادحة نتيجة عدم تناسب سعر البيع مع التكاليف التي يتحملونها. وأدى استيراد الحكومة للحوم إلى زيادة المعروض منها في الأسواق، في ظل انخفاض القوة الشرائية لدى المواطنين، ما أدى إلى تراجع أسعارها بنسب تتراوح ما بين 10% إلى 15% خلال الفترة الأخيرة.
بلغ الإنتاج المحلي من اللحوم في عام 2018 نحو 198 ألف طن، في مقابل نحو 441 ألف طن من اللحوم المستوردة بحسب بيانات الهيئة العامة للاستعلامات، فيما استوردت مصر 70% من احتياجات المواطنين من اللحوم الحمراء خلال عام 2019، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للخدمات البيطرية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي. وازدادت الكميات المعروضة من اللحوم السودانية والإثيوبية في المنافذ التموينية الحكومية، وبلغ سعر الكيلو منها 85 جنيهاً (5.27 دولارات أميركية)، مشيراً إلى أن هناك عجولاً أسترالية وأوكرانية تستورد حية، ويتم علفها في مزارع مصرية لمدة شهرين، وبعد ذبحها تُدمج داخل المذابح وتباع على أنها بلدية، ولا يمكن أن يفرقها الزبون عن اللحوم المحلية، لكن سعر الكيلو منها يتراوح ما بين 100 جنيه و110 جنيهات (7 دولارات)، في حين يتراوح سعر كيلو الضأن ما بين 130 جنيها و140 جنيهاً (9 دولارات)، بينما بلغ سعر كيلو اللحم الكندوز (العجل الذي يزيد عمره على عام) ما بين 110 و120 جنيهاً (7 دولارات) في المحافظات، ويصل إلى 130 جنيهاً (8 دولارات) في القاهرة والإسكندرية.
على الجهة الأخرى، استوردت الشركات التابعة للجيش المصري 247 ألف طن دواجن من البرازيل وأوكرانيا في عام 2017.  ويعد عام 2017 أكثر الأعوام التي شهدت نمو ظاهرة إغراق السوق المحلية بالدواجن المستوردة، إذ انخفض الاستيراد إلى 50 ألف طن عام 2018، وبلغ 34 ألف طن حتى أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019.  وقامت الشركات التابعة للجيش باستيراد 225 ألف طن من الدواجن البرازيلية عام 2017، بتكلفة 400 مليون دولار، ليصل سعر الكيلو الواحد إلى 27 جنيهاً (1.68 دولار) دون نقل أو تخزين، بينما جرى بيع الكيلو داخل السوق المصرية بـ12.5 جنيهاً (0.78 دولار)، لتخسر الدولة 3 مليارات و600 مليون جنيه، نتيجة بيعها بأسعار أقل من قيمتها الفعلية، نظراً لاستيراد كميات كبيرة وغير مطلوبة، دون الاعتماد على دراسة جدية للسوق. وكانت صلاحية الشحنات المستوردة لا تتعدى ثلاثة شهور، ما اضطر الشركات لبيعها بأسعار متدنية للتخلص منها قبل انتهاء صلاحيتها، وهو ما أثر سلباً على الإنتاج المحلي، وألحق خسائر فادحة بمربي الدواجن، إذ اضطر الكثير منهم لإغلاق مزارعهم. كما أن هناك مزايا كثيرة تمكن الجيش من البيع بسعر منخفض، أهما العمالة المجانية، وثانيها عدم فرض ضرائب جمركية عليها، حيث تستورد الشركة القابضة للصناعات الغذائية وجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة الدواجن المجمدة من البرازيل والأرجنتين بإعفاء جمركي، وبكميات تسهم في تغطية احتياجات الأغلبية من المستهلكين بأسعار منخفضة، بينما يتحمل القطاع الخاص تعرفة جمركية بنسبة 30% لدى الاستيراد، لتغطية احتياجات القطاعات التي لا تحتاج دعماً، مثل القطاع السياحي والمطاعم، ولا يزال وضع قطاع الدواجن المحلية يعاني لارتفاع كلفة الإنتاج. ان الاوضاع المتضربة للاقتصاد تساهم كل يوم في تدهور القطاع الخاص، وتحميل المؤسسة العسكرية ادارة هذا الملف بالكامل، وهو ما يربط الجيش اكثر فأكثر بقوت الناس من مأكل ومشرب ومسكن، وبالتالي هذا الاندماج الكلي للجيش، سيصعب أكثر من عملية التحول الديمقراطي، إلا أن هناك رأي أخر يقول بأن توريط الجيش سيسهم أكثر في كفر الناس بمقولة مصر تحتاج دوما لشخصية عسكرية.

ثانيًا: المشهد الخارجي:

قراءة على هامش الإتفاقية الأمنية – البحرية بين تركيا وليبيا:

  • أن هذه الإتفاقية التى تم إبرامها فى 27 نوفمبر الماضى كانت تهدف بصورة أساسية إلى:
  • منع إسقاط شرعية حكومة الوفاق فى ظل وجود محاولات مصرية إماراتية فرنسية لإسقاط شرعيتها. ولعل ذلك ما يفسر الهجوم الذى شنه السيسي، لأول مرة، ضد حكومة الوفاق بعد عقدها للإتفاقية مع تركيا، والتي قال إنها أسيرة ل”المليشيات المسلحة والإرهابية في العاصمة طرابلس”. كما أن ذلك يفسر أيضاً ثقة السراج فى رده على كلمة حفتر، بأنه “لا ساعة صفر سوى صفر الأوهام، ولا سيطرة أو اقتحام لطرابلس وأحيائها”.
  • فضلاً عما تحققه هذه الإتفاقية من مكاسب لتركيا فى منطقة شرق المتوسط عبر ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، والتى ستجعل من التواجد التركى فى هذه المنطقة تواجد قانونى وشرعى، وبالتالى يكون لها الحق فى التنقيب عن الغاز فى حدودها البحرية. والأهم من ذلك أنها تضعف إمكانية نقل الغاز من دول شرق المتوسط إلى أوروبا إلا عبر المرور بتركيا سواء عن طريق البر أو البحر.

2- أن التحركات التركية فى ليبيا تستفيد من متغيرين رئيسيين: الأول/ العجز الدولي عن التوصل إلى موقف موحد من الملف الليبي. والثاني/ والأهم هو القلق الأمريكى الكبير من نية موسكو التوغل في ليبيا عبر حفتر، خاصة بعد تأكيد المتحدث باسم القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم” على وجود شركات عسكرية روسية خاصة في غرب ليبيا تقاتل إلى جانب حفتر. أكثر من ذلك، وجود أحاديث عن أن من أسقط الطائرة الأمريكية على حدود طرابلس كانت منظومة دفاع روسية. وعليه، فمن غير المستبعد أن يكون هناك دعم أمريكى وبريطانى بالأخص لإنخراط تركيا فى الملف الليبى بقوة، ولعل ما يؤكد ذلك صدور تقرير خبراء الأمم المتحدة الذي جرم حفتر بشكل واضح في هذا التوقيت.

3- على الرغم من وجود خلافات بين روسيا وتركيا حول الملف الليبى إلا أن ذلك لا يمنع من وجود تنسيق بين الطرفين مثلما حدث فى سوريا، وهو ما ظهر فى حديث أردوغان، فى 9 ديسمبر، عن أنه يرغب في إجراء مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل لقائهما المزمع عقده في إسطنبول يوم 8 يناير المقبل، ليبحث معه الوضع في ليبيا. ليرد الكرملين، فى 10 ديسمبر، بالتأكيد على أن بوتين سيبحث مع أردوغان تطورات الوضع بليبيا في اتصال هاتفي خلال الأيام القريبة.

2- أن إرسال قوات تركية إلى ليبيا قد يحول الحرب فى ليبيا من حرب بالوكالة إلى حرب إقليمية مباشرة، وهو ما تمثل فى حديث وسائل إعلام تركية عن أن أنقرة تعتزم إنشاء قاعدة عسكرية في ليبيا على غرار قطر، وأنها بدأت بتجهيز السفن والطائرات الحربية لنقل الطائرات المسيرة والدبابات والقوات الخاصة إلى ليبيا. أضف إلى ذلك، تعهد أمير قطر، خلال زيارة السراج إلى الدوحة فى 15 ديسمبر 2019، بتقديم أى دعم تطلبه طرابلس في المجالين الأمني والاقتصادي، علماً بأن «صندوق قطر للاستثمار» يملك بالفعل حصة مهمة في شركة الأسلحة التركية التي تصدر أغلب المعدات العسكرية إلى قوات الوفاق.

وفى المقابل فقد قامت مصر بإرسال مدرعات جديدة من طراز “تيريير”، والذى يعتبر هذا أول استخدام عسكري رسمي لمصر في المواجهات داخل ليبيا. فضلاً عن عودة الطيران الإماراتى مرة أخرى لقصف قوات مصراتة، بعدما كان قد قلص نشاطه في ليبيا منذ لقاء وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو مع نظيره الإماراتي عبد الله بن زايد آل نهيان بواشنطن، في نوفمبر 2019.

– قراءة تحليلية فى نتائج الإنتخابات الجزائرية:

أجريت الإنتخابات الجزائرية بالفعل فى 12 ديسمبر 2019، بعد أن تم إلغائها مرتين؛ الأولى، عندما قام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة بإلغاء إنتخابات 18 أبريل 2019 بعد إعلانه التراجع عن الترشح لعهدة رئاسية خامسة تحت ضغط الحراك الشعبي. والثانية، عندما تم إلغاء إنتخابات 4 يوليو التي قرر المجلس الدستوري إلغاءها بعدما تبين استحالة تنظيمها بعد تقديم ملفي ترشح فقط، رفضهما المجلس.

ويمكن الوقوف على أبرز نتائج تلك الإنتخابات كما يلى:

1- المشاركة السياسية: فقد أعلنت السلطة الوطنية لتنظيم الإنتخابات عن مشاركة 40% من الناخبين، وهي النسبة الأدنى على الإطلاق في تاريخ الانتخابات الرئاسية الجزائرية. أضف إلى ذلك أن هذه الإنتخابات هى أول إنتخابات تجرى بعد الثورة الجزائرية والتى من المفترض أن تشهد مشاركة أكبر من سابقاتها. ويمكن إرجاع ضعف المشاركة فى تلك الإنتخابات إلى مجموعة من العوامل منها:

أ- معارضة المسار الإنتخابى: فالحراك الجزائرى لم يوافق على اجراء الإنتخابات من الأساس بدعوى أن الظروف الراهنة لا تسمح بتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، وخاصة في ظل بقاء حكومة الوزير الأول نور الدين بدوي الذي عينه الرئيس بوتفليقة قبل استقالته والمتهم بتزوير انتخابات سابقة في عهده، فضلًا عن بقية رموز النظام السابق. أضف إلى ذلك، استمرار الاعتقالات في صفوف الحراك الشعبي المعارض للإنتخابات.

ب- غياب الشخصية التوافقية: فنتيجة رفض الحراك للإنتخابات فقد امتنع عن تقديم مرشحين يحظون بالتوافق الشعبي ويخوضون الإنتخابات الرئاسية. بالإضافة إلى مقاطعة شخصيات سياسية وطنية عدة الترشح لهذه الإنتخابات، على غرار مولود حمروش رئيس الحكومة الأسبق، وطالب الإبراهيمي وزير الخارجية الأسبق وأحمد بن بيتور رئيس الحكومة الأسبق، وهم جميعًا من الأسماء التوافقية التي كان من المنتظر أن تمثل الحراك فى الإنتخابات.

ج- غياب مرشحى الأحزاب: فقد رفضت أحزاب سياسية تقديم مرشحين عنها للإنتخابات مثل الحزبين الإسلاميين حركة مجتمع السلم التى يرأسها عبد الرزاق مقري وجبهة العدالة والتنمية التى يرأسها عبد الله جاب الله، فضلًا عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يرأسه كريم طابو) والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (يرأسه محسن بلعباس).

2- ظاهرة إبطال الأصوات: حيث تخطت الأصوات الباطلة حاجز المليون ومئتين وخمسين ألف صوت بنسبة 12% تقريبًا من إجمالي عدد الأصوات، لتحتل المركز الثالث بين المرشحين. وتعكس هذه الظاهرة رغبة المشاركين فى عدم المشاركة فى الإنتخابات من الأساس، ولكن ما دفعهم نحو المشاركة هو إثبات الإدلاء بالأصوات فى البطاقة الإنتخابية؛ حيث يُمكن أن تطلبها بعض الإدارات والدوائر الحكومية لتسوية بعض الأعمال والمخالصات الإدارية، مثل ملفات الإسكان الاجتماعي.

3- خسارة مرشح السلطة: حيث لم يحصل عز الدين الميهوبى إلا على 617 ألف صوت ليأتى فى المركز قبل الأخير، على الرغم من إعلان حزبى السلطة (حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم وحزب التجمع الوطني الديمقراطي (شريك السلطة)) دعمهما لميهوبى، فضلاً عن عدم تعرضه لهجوم القوى الخفية مثلما حدث لرئيسي الحكومة السابقين؛ عبدالمجيد تبون وعلي بن فليس، ما جعل الكثيرين ينظرون إليه على أنه “مرشح السلطة الخفى”.

4- تقدم المرشح الإسلامى: فقد تمكن عبد القادر بن قرينة المقرب من اخوان الجزائر من الحصول على مليون و477 ألفاً ليأتى فى المركز الثانى، على الرغم من أن بن قرينة لم يكن من الشخصيات الإسلامية ذات الكاريزما، كما أنه ينتمي إلى حركة البناء الوطني، الحزب الصغير الذي خرج من رحم حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي).

– تطورات الازمة الخليجية:

ظهرت مؤشرات جديدة ترجح أن المصالحة الخليجية تتم دون مراعاة للمطالب المصرية، والتى تمثلت فى تصريحات السيسى، فى 17 ديسمبر الجارى، خلال جلسة مغلقة مع ممثلي وسائل الإعلام المصرية والأجنبية على هامش فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الثالثة، بأن القاهرة مصرة على التمسك بالمطالب الـ 13 تجاه قطر. وهى التصريحات التى لا تتسق مع ما صرحت به كلاً من الإمارات والبحرين بأنها متمسكة بالمبادئ الستة لا المطالب جميعها.

كما جاءت تصريحات السيسى في وقت أعلن فيه وزير الخارجية القطرية، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في حوار مع قناة “الجزيرة” القطرية، 17 ديسمبر الحالى، أن بلاده لا تجري محادثات مع الإمارات وأن المحادثات تُجرى مع السعودية فقط. مؤكداً على أن المفاوضات مع مع السعودية لم تتطرق إلى الشروط الـ13 التي حددتها مصر والسعودية والبحرين والإمارات في يونيو 2017، معتبراً أن “الشروط الـ13 الأولية سقطت لأنها كانت مرهونة بفترة عشرة أيام، ثم عادت دول الحصار لتضع 6 شروط وهذه الشروط تنسجم تماماً مع مبادئ دولة قطر التي ترفض الإرهاب أو دعمه وكذلك ترفض خطاب الكراهية والتحريض والتدخل بسياسيات الدول الأخرى”. وبناءُ على تلك التصريحات الرسمية يتضح أن المصالحة بين السعودية وقطر قد قطعت شوطاً كبيراً على عكس المصالحة مع الإمارات والبحرين، والتى ربما تكون خطوة تالية بعد التصالح مع السعودية، بينما تأتى المصالحة مع مصر كمرحلة متاخرة، بل وربما يكون هناك استثناء لمصر من تلك المصالحة.

_ الغنوشي والنهضة علاقة ممتدة ومستقبل غامض:

يبدو أن حركة النهضة على موعد جديد من التحديات، ولكن هذه المرة الأمر مختلفة فالتحدي داخلي وليس خارجي، ورمزية صاحب التحدي كبيرة، ولما لا وهو الزعيم راشد الغنوشي الذي ظل رئيسًا للحركة مذ عام 1991 وحتى يومنا هذا، رغم أن القانون الداخلي للحركة ينص على اكتفاء رئيسها في منصبه لدورتين فقط، حيث تنتهي الولاية الحالية للغنوشي في 2020. فمع تزايد الأنباء حول قرب انعقاد المؤتمر العام للحركة، الذي ينعقد مرة كل أربع سنوات، وهو الجهة المنوطة بانتخاب رئيس جديد للحركة، يتزايد الحديث أكثر حول مستقبل الغنوشي في الحركة، لاسيما بعد توليه منصب رئاسة البرلمان التونسي، فهل سيكتفي الغنوشي بالبرلمان، وينسحب من الحركة، أما أن هناك رأي أخر لديه؟
ويثير استمرار الغنوشي في منصبه رئيسا للنهضة منذ عام 1991 إلى الآن تساؤلات المتابعين، خاصة أن حركته من الأحزاب التي تطالب بالتغيير والتجديد والديمقراطية، وتتعلق هذه الأسئلة حول دوافع الحركة لإبقاء رئيسها هذه المدة الطويلة في منصبه. إلا أن التهديدات المحيطة الحركة بصفة خاصة، والتجربة التونسية بصفة عامة، أكبر من مجرد التفكير في ترك رئاسة الحركة في هذا التوقيت المصيري والظرف التاريخي، في حين يرى أخرون أنه يجب على حركة النهضة ورئيسها الذي يطالب بالتغيير أن يطبقه على نفسه، كما أن تجديد الدماء قد يسهم أكثر في تقوية الحركة، وتقديم نموذج فريد في التغيير، لا سيما في ظل حاجة الربيع العربي لمثل هذه التجارب، التي تضيف إلى رصيده، وتشجع النماذج الأخرى أكثر على التغير.

الجدير بالذكر، أن هناك أطراف داخل النهضة تنادي بانهاء ولاية الغنوشي، حيث يضغط القيادي في حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي على الغنوشي بصورة غير مباشرة قائلًا : “الحركات السياسية هي وليدة مناخها الثقافي مهما ادعت حرصها على تغييره، ونحن أبناء مجتمعات تعودت المحافظة والخوف من التجديد”. مضيفًا: “لكن الآن بعد ثورات الربيع العربي وبعد الثورة التكنولوجية و توسع التعليم ومواكبة التجارب المتقدمة، نحن بصدد بناء ثقافة وتقاليد سياسية جديد تقترب إلى قواعد الحوكمة الرشيدة والإدارة الديمقراطية الحقيقية بمعاييرها المتعارف عليها”. وأكد الجلاصي أن رئاسة الحركات السياسية والمناصب القيادية بصفة عامة، هي مجرد وظيفة لتحقيق أهداف معينة، مؤكدا على أن الحركة لا ينبغي أن تسأل عن مصيرها بمجرد رحيل رئيسها، لان ليست أحزاب وراثية أو أنظمة ملكية.

من جهته، أكد الغنوشي في رده على دعوى قيادي بالحركة لاعتزاله السياسة على خلفية نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية المبكرة: “من ينصّب رئيس الحركة ويعزله هو مؤتمرها العام”. وكأنه يعبر عن رغبة كثيرين في استمراره على رأس النهضة. رغم أن عضو مجلس شورى “النهضة”، زبير الشهودي، قد دعا رئيس الغنوشي إلى “اعتزال السياسة” على خلفية نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية المبكرة.

على الجهة الأخرى، قال نائب رئيس الحركة نور الدين البحيري: “الاستاذ راشد  الغنوشي هو مؤسس الحركة ورئيسها، وهو زعيم وطني لا ينكر أحد مكانته الوطنية والإقليمية والدولية، وهو العنوان الأبرز للحركة”. مضيفًا: “لكن نحن لم نبدأ إلى الان في الاعداد للمؤتمر العام القادم في 2020، والمؤتمر هو سيد نفسه في كل قراراته، والغنوشي يستلم اليوم رئاسة الحركة ومجلس النواب، وهو العنوان الأبرز لحركة النهضة كمشروع وطني حضاري تقدمي”. حيث أكد أن امكانية تغيير النظام الداخلي للحركة لبقاء الغنوشي رئيسًا، ليس مستبعدًا.
يبدو أن النهضة في طريقها للتجديد للغنوشي، لاسيما في ظل أهمية الرجل الذي يتمتع بعلاقات هامة مع رؤساء الدول، فضلًا عن الدعم المالي الذي يوفره للحركة، بما يضمن لها البقاء، وبالتالي فهو أكبر من مجرد رئيس وأهم من كونه موظف في منصب قيادي للحركة. إلا أن قدرة الحركة على احتواء الموقف ستظل هامة، خاصة بعد وجود نية لدى البعض لترك الحركة في حال غيرت نظامها الداخلي لصالح رئيسها. كما أن مستقبل الحركة السياسي قد يهتز في ظل الحملة التي سيتعرض لها زعيمها، من وسائل الاعلام المختلفة، التي ستصفه بالدكتاتور والمستبد، وهو ما قد يؤثر على مصير الحركة شعبيًا ومن رصيدها.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022