دراسة دور  الإمارات والسعودية في الانقضاض على طموحات الشعوب من ٢٠١١ حتى الآن

دعمت السعودية و الإمارات باكرا قوى الثورة المضادة ممثلة أساسا في الأذرع المالية والأمنية والعسكرية والسياسية للأنظمة التي ضربتها أمواج الثورات، حيث آوت مبكرا عددا هائلا من القيادات التابعة للنظام القديم بدول الربيع، وشكلت بسرعة غرف عمليات معقّدة لإجهاض الثورات وضرب المسارات الانتقالية وإعادة المنظومات القديمة  إلى سدة الحكم.

ومنذ اللحظات الأولى لثورات الربيع العربي، اتخذت دولتا  الإمارات والسعودية موقفا مضادا لحركة التغيير والتحول نحو الحرية والديمقراطية. وفي تضاد لإرادة الشعوب العربية، شكلت الدولتان معسكرا مضادا للربيع العربي، في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن، بل ومؤخرا في السودان وضد التمدد الإسلامي في المغرب والجزائر أيضا.

كما خططت  الإمارات لقيادة انقلاب في الصومال للسيطرة على القرن الأفريقي، ودعمت وروجت في إعلامها لنجاح العملية الانقلابية التركية وهروب أردوغان. وأمدت كل من السعودية و الإمارات المجلس العسكري السوداني بكل أنواع الدعم لامتصاص ثورة السودانيين وحرف ثورتهم بعيدا عن التغيير الشامل.

المشهد لم يقتصر على دعم التجارب الانقلابية، بل تجاوزها  إلى ضرب خطوط إمداد الثورات سواء ماديا أو إعلاميا أو سياسيا. وهذا الخيار -الذي يمثل جزءا مركزيا في عقل الثورة المضادة- هو الذي يفسر حرب الانقلابات على الأنظمة والقوى الداعمة للثورات، سواء خليجيا عبر حصار قطر والعمل على تغيير نظام الحكم فيها بالتآمر العلني، أو عبر العداء الصريح لدولة تركيا.

فما يجمع قطر وتركيا هو رفضهما الانخراط في منظومة الدول الراعية والداعمة للانقلاب على التجارب الثورية وتدميرها، وهو ما يفسر وقوع هذه الدول تحت دائرة التهديد الانقلابي الذي فشل في تركيا أولا، ثم سقط وتبخر في قطر.

حرب صليبية

ومؤخرا، وصف موقع “لوب لوج” الأمريكي جهود  الإمارات ضد ثورات الربيع العربي التي بدأت عام 2011، بثورة تونس ومصر وثورات ليبيا وسوريا واليمن مروراً بالجزائر والسودان بـ ” الحملات الصليبية .

ومنذ انطلاق ثورات الربيع العربي تسعى  الإمارات والسعودية لتقويض أية ثورة شعبية تقوم بها المجتمعات المدنية والجهات السياسية الفاعلة في الشرق الأوسط بهدف تغيير الواقع الصعب لهذه الدول، وقد نجحت  الإمارات والسعودية في ” الحملات الصليبية ” الجديدة في وقف هذه الثورات  إلى انقلابات وظلم وقتل وتعذيب في معظم البلدان التي شهدت ثورات الربيع العربي.

ولعبت  الإمارات دوراً كبيراً في دعم الانقلاب على مرسي بعد الانتخابات المصرية، من خلال دعم الجيش المصري الذي انقلب على مرسي، وكأنها تقوم بتنفيذ حملة صليبية على غرار الحملات الصليبية قديماً.

وكان للإمارات دوراً في ليبيا بدعم حليفها خليفة حفتر وكذلك كان لها دور بارز في اليمن من خلال لعب دور قوي مع حلفائها في جنوب اليمن بمن فيهم الميلشيات المسلحة والمقاتلين السلفيين الذين كانوا ينوون الانفصال عن حكومة هادي آنذاك.

وتخشى الإمارات ودول الخليج من نجاح أي من ثورات الربيع العربي حتى لا يكون ملهماً لإحداث تغيير داخل دول الخليج، لذلك نفذت الحملات الصليبية والتي أدت لإفشال ثورات الربيع العربي.

ويقول الموقع الأمريكي: في الوقت الذي احتفل فيه المراقبون الدوليون الذين يدفعون من أجل التغيير بالربيع العربي في ذلك الوقت، لاحظت  الإمارات ذلك بالخوف والشك، خاصةً بسبب تأثير الدومينو في جميع أنحاء المنطقة.

هذه الخشية ازدادت مع دعوة بعض الأكاديميين والناشطين  الإماراتيين في عام 2011  إلى إجراء إصلاحات، لا سيما ناصر بن غيث وأحمد منصور، حيث أطلقت السلطات الإماراتية حملة قمع ضد هؤلاء المعتقلين أحكاماً طويلة بالسجن وغرامات ضخمة.

وتشعر أبو ظبى بالقلق لنجاح ثورة تونس في انتقالها الديمقراطي والتي نجت من تدخل  الإمارات.

فثورة تونس بحسب الموقع لها سمعة طيبة كونها نموذجاً إقليميا ناجحاً نسبياً، وهو ما تخشاه من أن يلهم هذا النجاح دولاً أخرى.

وسبق للإمارات أن حاولت تقويض حزب النهضة الإسلامي المؤيد للديمقراطية، ودعمت بهدوء حزب نداء تونس العلماني، بقيادة وزير سابق للشؤون الخارجية في عهد الديكتاتور السابق ابن علي.

وبحسب ما ورد عرض المسؤولون الإماراتيون الكثير من المساعدة لنداء تونس إذا كان يكرر النموذج المصري بالاستيلاء على السلطة من النهضة.

وسبق للرئيس التونسي منصف مرزوقي اتهام دولة  الإمارات العربية المتحدة بمحاولة زعزعة استقرار البلاد ودعم القوى الرجعية. لكن عدم وجود جيش قوي في تونس، كما هو الحال في مصر، جعل من الصعب على  الإمارات تعطيل الديمقراطية في البلاد.

وعلى طوال سنوات المسار الثوري في المنطقة العربية تبدلت وتنوعت وسائل التدخل من قبل تحالف الثورة المضادة بجانب إسرائيل.

ولعل ما ساعد على ذلك هو حالة فراغ القوة المؤثرة التي خلت منها المنطقة العربية.

فعملت جاهدة على تفخيخ هذه الثورات واستنساخ البديل عن الأنظمة المخلوعة، متخلية عن وعودها في دعم الثورات وكاشفة عن مخاوف حقيقية للانظمة الخليجية من تهديد حقيقي لعروشهم، ترجمته السياسة الخارجية للإمارات وحلفائها بالرياض في التعاطي مع ملف الربيع العربي.

نماذج التدخل السعودي  الإماراتي

التجربة التونسية

سعى النظام  الإماراتي في اختراق اللحمة الاجتماعية والتوافق السياسي للأحزاب التونسية، إلا أن الوعي الشعبي التونسي، أفشل التحركات  الإماراتية، التي استخدمت المال ومنعه عن مشروعات كانت متفق عليها في تونس، تارة، وتارة أخرى بدعم قنوات إعلامية، لضرب التوافق السياسي بين الإسلاميين ونظام الباجي قايد السبسي، الذي طلبت منه  الإمارات الانقضاض على حركة النهضة الإسلامية ولكنه رفض ذلك، وكذا قرار رفض استقبال المضيفات التونسيات على الطيران التونسي المتجهة لأبوظبي. وغيرها من القرارات التي استهدفت تأزيم الواقع التونسي.

وانتهت المحاولات بالفشل و لم تصب في تدمير الثورة لعدم استجابة الوعي في العقول التونسية  إلى “مزاجية” حكام  الإمارات والسعودية، ولم تتمكن  إلى هذه الساعة من إقناع الشعب التونسي أو ممثليه السياسيين من البحث في إحلال النظام العسكري كبديل عن النظام المدني الديمقراطي، فخيرت التوجه إلى المناطق الأكثر اضطرابا وهشاشة.

التدخل في ليبيا

وقد استغرب الليبيون الظهور المفاجئ للواء حفتر، قائد عسكري متقاعد وشخصية مغمورة في الشأن الليبي أثناء فترة حكم القذافي، طيلة مسيرته المهنية، وكان مشهد إعادته  إلى الساحة السياسية الليبية سنة 2014، نتيجة تلقيه لدعم جاء لقطع الطريق على الإسلاميين الذين تزايد دورهم في الدولة الليبية، خاصة في منطقة سرت، وبني غازي وطرابلس منذ اندلاع الثورة الليبية.

ولقد أثار الوضع السياسي الهش في ليبيا مطامع العديد من الدول ولكن رغم المجهودات المبذولة في دعم مشروع التدخل العسكري في ليبيا، لم تنجح أي جهة في إقناع أعضاء حلف الشمال الأطلسي التي اتعظت من تجربة العراق الفاشلة في تغيير الأنظمة السياسية باستعمال القوة العسكرية، لذلك كانت الساحة الليبية شبه خالية أمام النظام  الإماراتي لفرض مخططاته. ولقد اختار قادة النظام  الإماراتي تدعيم حفتر، دون غيره، لوضوح خياراته السياسة في الساحة الليبية، فقد أثبت عداءه لجماعة الاخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الاخرى النافذة، عبر قيامه ببعض الهجمات الوقائية ضد الإسلاميين، واعتبرها جزءا من عملية “كرامة ليبيا” ردا على ما اعتبره استباحة للأرض الليبية وردعا لموجة الاغتيالات التي اجتاحت شرق البلاد في السنوات الأخيرة.

  وتحول حفتر في الفترة الماضية  إلى الشخصية الأكثر حظوظا في تولي منصب الرئاسة في ليبيا، حيث اعتبر الرأي العام الخارجي، ومنه الإعلام  الإماراتي والسعودي، أنه المرشح الأبرز في الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 2018 التي يراد بها إنهاء الاغتيالات والمعارك الدائرة بين الفصائل المتحكمة في عدة مناطق في ليبيا مستغلين فشل “اتفاق الصخيرات” المبرم في 17 ديسمبر2015 في توحيد الفصائل المتناحرة، مما أدى  إلى تعطيل عمل حكومة “الوفاق الوطني” بطرابلس وإعلان ضعفها في تولي إدارة البلاد، وهي نتيجة منطقية تعود لحجم المعارضة التي تتلقاها من حفتر وحلفائه في الداخل والخارج الذي يعتبر مجلس النواب بمدينة طبرق بديلا أكثر شرعية من حكومة طرابلس ومؤسساتها رغم ما يعتري هذه العلاقة من توتر بين الطرفين.

ولقد سبق واستعرض حفتر حجم نفوذ حلفائه الذين عملوا على دعمه عسكريا بشنهم بعض الغارات الجوية على بعض المناطق الموالية لمناصري حكومة الوفاق في طرابلس وجوارها منذ أغسطس 2014  بطائرات إماراتية عبر تسهيلات جوية وقاعدية ولوجستية مصرية، ورغم رفض مصر الاعتراف بمشاركتها في الغارات اكتفت  الإمارات بالصمت، غير أن جين ساكي المتحدث باسم الخارجية الأمريكي آنذاك كان سباقا  إلى الاعتراف باطلاع مسبق للبنتاغون قيام تحالف حفتر– السيسي– آل نهيان بعمليات عسكرية ضد مليشيات مصراطة أنداك لفتح الطريق بين مصراطة وطرابلس لصالح حفتر.

وتوالت الهجمات النوعية المسلحة التي قتلت آلاف الليبيين بالسلاح  الإماراتي والمصري، بل وصل الأمر لدعم  الإمارات لقوات غير نظامية كميليشيات مسلحة تعمل في قتل الليبيين في طرابلس وجوارها، عبر جماعات سودانية من الجنجويد والميليشيات التشادية وفرق الموت الكمبودية العاملة في  الإمارات.  وأيضا تمويل فرق عسكرية روسية تعمل في المطارت الليبية لإصلاح الطائرات المتعطلة لصالح حفتر، ومشاركة قوات روسية من شركة “فاغنر” للأمن في القتال بجانب قوات خفتر.

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، رسائل بريد إلكتروني إماراتية مسربة توضح قيام  الإمارات المتحدة بشحن الأسلحة لحلفائها في النزاع القائم في ليبيا خلال صيف 2018 في انتهاك واضح منها للحظر الدولي على السلاح، فضلًا عن تورطها في انحياز المبعوث الأممي لليبيا، ليوناردينو ليون، في العمل لصالح طرف من أطراف الصراع هناك، وفقًا لما يتسق مع الرغبات  الإماراتية.

حرب صامتة ضد المغرب

منذ اندلاع الأزمة الخليجية، عام 2017، تعاني العلاقات المغربية  الإماراتية من “فتور” غير مسبوق تعكسه مؤشرات عديدة.

خبيران مغربيان قالا للأناضول إن العلاقات تعيش، منذ أشهر، أزمة “صامتة”، بغض النظر عما يتردد عن استدعاء  الإمارات سفيرها من الرباط.

وذكرت وسائل إعلام مغربية، بينها صحيفة “أخبار اليوم” أن السفير  الإماراتي، علي سالم الكعبي، غادر المغرب، بناء على “طلب سيادي عاجل.

من بين مظاهر الفتور في العلاقات أيضا، أن وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، بدأ في 8 أبريل الماضي، جولة شملت كل دول الخليج، ما عدا  الإمارات.

وخلال جولته، سلم بوريطة رسائل من العاهل المغربي، الملك محمد السادس،  إلى كل من: أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، وأمير الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، وسلطان عمان قابوس بن سعيد.

ومنذ بداية الأزمة الخليجية، اختار المغرب الحياد، وعرض القيام بوساطة بين أطرافها.

وقطعت كل من السعودية و الإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر، في 5 يونيو 2017، ثم فرضت عليها إجراءات عقابية، تقول قطر إنه “حصار” ينتهك القوانين الدولية.

وتتهم تلك الدول قطر بدعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وتتهم الرباعي في المقابل بالسعي  إلى فرض الوصاية على قرارها الوطني.

وأرسلت الرباط طائرة محملة بمواد غذائية  إلى قطر، وزار العاهل المغربي الدوحة، في نوفمبر 2017، حيث التقى بأميرها.

على مدار أشهر، ظلت الأزمة بين المغرب و الإمارات مكتومة، حتى ألمح إليها بوريطة، خلال مقابلة مع قناة “الجزيرة”، في 23 يناير الماضي.

بوريطة كشف عن إجراء المغرب تقييما شاملا لمشاركته في الحرب السعودية  الإماراتية في اليمن، وتخلفه عن المشاركة في المناورات العسكرية للتحالف العربي، وعدم مشاركته في بعض الاجتماعات الوزارية.

وتقود السعودية، منذ مارس 2015، تحالفا عسكريا عربيا يدعم القوات التابعة للحكومة اليمنية، في مواجهة مسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، المتهمين بتلقي دعما إيرانيا.

كذلك من المؤشرات على الأزمة، ما تردد، في فبراير الماضي، عن استدعاء المغرب سفيريه لدى أبو ظبي والرياض.

حينها، اكتفى بوريطة بالقول: “السفيران كانا في الرباط لحضور اجتماعات، والحديث عن استدعائهما غير دقيق.

وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الأردني، أيمن الصفدي، بالرباط، في 27 مارس الماضي، أعلن بوريطة عن “أربعة ضوابط لاستمرار التنسيق مع  الإمارات والسعودية.

تلك الروابط هي: أن السياسة الخارجية هي مسألة سيادة للمغرب، التنسيق مع دول الخليج، وخاصة السعودية و الإمارات، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين، وألا يكون حسب الطلب، وأخيرا أن يشمل التنسيق جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كالأزمة الليبية.

ونشرت وسائل إعلام محلية، بينها صحيفة “مغرب إنتلجانس”، مؤخرا، خبرا عن اعتزام  الإمارات، التي تمول قناة “سكاي نيوز” الإخبارية، إطلاق قناة “سكاي نيوز المغرب”، دون استشارة الرباط.

ومن أهم الملفات الخلافية هي محاولات الإمارات إجهاض اتفاق الصخيرات، الذي سعى فيه المغرب إلى دعم استقرار ليبيا، على أساس أنها ستظل جزءا من الكيان المغاربي الكبير.

وتضم المنطقة المغاربية كلا من: المغرب، ليبيا، الجزائر، تونس وموريتانيا.

ووقع الفرقاء الليبيين اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية، عام 2015، لكنه لم يفلح في إنهاء النزاع في البلد الغني بالنفط.

ويشن قائد قوات الشرق الليبي، اللواء المتقاعد خليفة حفتر، منذ 4 أبريل الماضي، هجوما للسيطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا.

ويعد الدعم  الإماراتي المباشر والمعلن لحفتر في هجومه على طرابلس، وإلغاء المسار التوافقي المدعوم بشرعية دولية، يعتبر طعنة في الظهر لجهود المغرب لدعم الاستقرار في المنطقة.

 

دعم انقلاب السيسي بمصر

ومنذ اللحظة الأولى لثورة 25 يناير 2011، عملت السعودية و الإمارات، ضد إرادة الشعب المصري، باتجاة استبدال مبارك بشخصية عسكرية، تؤمن المصالح الخليجية مع مصر، سواء بدعم عسكري مصري، واستثمارات خليجية واسعة في مصر، وانحياز تام للجانب السعودي و الإماراتي في القضايا الإقليمية.

وانتهت الثورة المصرية بإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية أسفرت عن اعتلاء الرئيس محمد مرسي، رئاسة الجمهورية وتكوين برلمان جديد لمناقشة مشروع أول دستور مصري بعد الثورة، ولم تعمر تلك المؤسسات طويلا، إذ تم الانقلاب على الرئيس عام 2013 بتهمة التجسس والتخابر مع قطر تارة ومع حماس تارة أخرى. حيث مولت  الإمارات حركة تمرد المناهضة لحكم الرئيس محمد مرسي، لجمع توقيعات لخلع الرئيس مرسي، ومولت السعودية قنوات تلفزيونية عملت لتشوية حكم الرئيس مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين والمشروع الإسلامي، لتسويغ الاطاحة بالرئيس مرسي.

ليحل محله حكم عسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي. موقعا آلاف القتلى والمعتقلين والمشردين.

وعملت  الإمارات والسعودية وإسرائيل على تحييد دور الإسلاميين وجماعات المعارضة المصرية الراغبة في استمرار التجربة الديمقراطية.

ولاستكمال المخطط المقترح من طرف  الإمارات وحلفائها، في منطقة الشرق الأوسط، عملت على دعوة السيسي لزيارة الإمارات في 8 مناسبات منذ توليه منصب رئاسة الجمهورية لبحث سبل الشراكة في جميع الميادين وعلى رأسها تدعيم المؤسسة العسكرية المصرية والشراكة الاقتصادية عبر ضخ أموال طائلة في سبيل الاستثمار الإنمائي في مصر نحو 20 مليار دولار، لتكون منافس للسعودية في السوق المصرية في مجال الاستثمار المالي والتجاري.

وهذا ما ظهر جليًا في تسريب صوتي لمدير مكتب السيسي، عباس كامل، يتحدث مع سلطان الجابر، وزير دولة  الإمارات، ليطلب منهم مزيدًا من الأموال لدعم النظام المصري.

ولم تكتف  الإمارات بل دعمت عسكرياً وسياسياً وإعلامياً مجرزة رابعة، التي راح ضحيتها ما يقارب الـ 6 آلاف معتصم، ثم بعدها سعت للترويج للنظام المصري حول العالم، لنفي وصف ما حدث بأنه انقلاب عسكري، وهو ما حدث في 25 يوليو 2013، بزيارة وزير خارجيتها إلى واشنطن والتقائه بنظيره الأمريكي، جون كيري، على خلفية إيقاف الولايات المتحدة والدول الغربية للمساعدات والمعونات المالية لمصر حينها.

مساران:

ويعد الدور  الإماراتي في مصر أحد أبرز الأدوار التي تلخص ملمحين من ملامح توجهها الإقليمي، حيث يشترك في هذه الحالة هدفين متعلقين بمواجهة التيار الإسلامي من جهة، والاستفادة من موارد مصر من جهة ثانية.

أحد أهم أهداف  الإمارات من الوجود في مصر هي إنهاك التيار الإسلامي، ونعني به هنا التيار الإسلامي غير الثوري، أو التيار الذي لا نية لديه للانسحاب من المجال العام على النحو الذي تريده الملكيات العربية المحافظة، والتي يبدو أنها لا تريد سوى ذلك التيار من التدين الذي لا علاقة له بالسياسة سوى الانصياع والاستسلام للسلطة. وكان التحرك المحموم لدولة  الإمارات منذ قرار جماعة الإخوان المسلمين ترشيح أحد أعضائها لمنصب رئيس الجمهورية، ثم فوز الدكتور محمد مرسي بهذا المنصب من أهم الدلائل على تخوفات  الإمارات، التي أنفقت بسخاء على المجلس العسكري المصري وعلى رؤيته للإطاحة بالرئيس المنتخب، ثم إنفاقها بسخاء كذلك على المنظومة التي قامت بالانقلاب في محاولة لإصلاح ما قد يعتري أداءها الاقتصادي الاجتماعي من خلل، وهو ما بلغ أكثر من 50% من حجم المعونات التي وجهتها  الإمارات للخارج في عامي 2013 و2014 – 2015، التي قدرها البعض بنحو 66 مليار درهم إماراتي.

ربما كانت ضغوط  الإمارات على كل من تركيا وقطر، التي بلغت حد تدبير انقلاب في تركيا، والتنسيق مع المملكة السعودية لغزو قطر؛ وكلاهما لم يتحقق على الأرض، فضلا عن دعم مساعي بالتيار المسيحي السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا للضغط من أجل دفع الحكومات الغربية لتسمية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية. هذه المساعي تمثل امتدادا لحالة العداء للتيار الإسلامي، ورغبة في استئصاله تماما من الحياة السياسية العربية؛ وليس المصرية وحدها.

وفي هذا الإطار، لا يمكن القول بأن جهود الإمارات للقضاء على التيار الإسلامي وقفت عند الحدود المصرية. ففي دول الخليج اعتبرت جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا في كل من  الإمارات والسعودية. وتدخلت  الإمارات في ليبيا داعمة العسكري المتقاعد، خليفة حفتر، على أرضية مواجهة الوجود الإسلامي الوسطي في ليبيا، وإهمال قضية مواجهة “تنظيم الدولة” هناك. وفي دول المغرب العربي، ضغطت  الإمارات بصورة خاصة على المشهد التونسي لإخراج حكومة النهضة من السلطة، ودعمت تيار ما قبل “ثورة الياسمين” الذي انتهى بتشكيل حزب نداء تونس من تيارات مختلفة لا هم لها إلا الإطاحة بحزب النهضة، وهو ما أدى لتفكك حزب النداء بعد تعذر تنفيذ هذا الهدف. نفس الأمر تشهده كل من الجزائر ثم المغرب التي استدعت سفيرها في  الإمارات، بعد أيام من استدعاء سفيرها من المملكة العربية السعودية، وانسحابها من التحالف العربي المشارك في حرب اليمن، على إثر ضغوط تباشرها الدولتين على الحكومة الإسلامية في المغرب، وهي الضغوط التي بلغت حد تهديد الوحدة الترابية المغربية في تقرير نشرته “قناة العربية” السعودية.

ومن جهة أخرى، فإن الوجود  الإماراتي في مصر يتجه وجهة أخرى بالترافق مع مواجهة التيار الإسلامي، إذ تتجه  الإمارات لجني عوائد دعمها لإدارة 3 يوليو الانقلابية، وذلك عبر آليات نفوذ مختلفة.

ومع غموض البيانات حول الاستثمارات الإماراتية في مصر، فإن أحد أبرز مظاهر التوجه  الإماراتي لاستغلال نفوذها في مصر ما يتمثل في اتفاقات بين الحكومتين الإمارتية والمصرية على تهجير أهالي منطقتين، هما “الوراق”و”نزلة السمان” لتسليمهما لشركات إماراتية بغرض الاستثمار العقاري. وتنظر  الإمارات للمنطقتين باعتبارهما واعدتين سياحياً حيث تقع إحداهما في قلب “النيل”، بينما الثانية تواجه “الأهرامات.

وتخضع البيانات المتعلقة بالنفوذ  الإماراتي في مصر لحجب وتدقيق شديدين، ومنها التمدد في القطاع الصحي وشراء مستشفيات ومراكز أشعة وتحاليل كبرى، وللحصول على مساحات شاسعة بإقليم قناة السويس الاقتصادي، ومناطق زراعية بدلتا مصر والصعيد، والتمدد الصناعي وشراء الشركات الحكومية ووعود بشراء الكثير من المقار الحكومية بوسط القاهرة التي ستنقل  إلى العاصمة الإدارية “شرق القاهرة”. بجانب التوغل في خدمات النقل والمواصلات المصرية والسيطرة على الموانئ الاستراتيجية بمصر، كالعين السخنة وغيرها.

الحرب على اليمن

شاركت  الإمارات في عملية “عاصفة الحزم” على اليمن مع المملكة العربية السعودية منذ تدشين العملية في مارس 2015، مع توفر غطاء من أكثر من خمس دول هي الأردن والسودان والمغرب ومصر وباكستان،  إلى جانب جميع الدول الخليجية باستثناء سلطنة عُمان، مع تعهد من الإدارة الأمريكية بتقديم الدعم الاستخباراتي للتحالف.

وبرغم الشراكة  الإماراتية السعودية، يرى خبراء أن ثمة فارق بين رؤية الطرفين لعملية “عاصفة الحزم”، حيث كانت السعودية ترى إدارة العملية من خلال القصف الجوي والضغط على ميليشيا الحوثي لدفعها للتفاوض والانخراط في ترتيبات سياسية تؤمن الباحة الخلفية للسعودية في اليمن، بينما دخلت  الإمارات الحرب ولم تكن تعادي ميليشيا الحوثي، بل كانت في جعبتها أجندة أخرى تعلقت باستئصال الإسلاميين في اليمن، ورفضت سحق حزب المؤتمر، الذي مثل التهديد الأكبر للسعودية بتحالفه مع ميليشيا الحوثي، بل وسربت أنباء عمليات قصف عدة لتأمين “علي عبد الله صالح” ونجله، الذي انتقل للإقامة في  الإمارات. كما ترفض أبو ظبي استلام الرئيس الشرعي عبد ربه هادي منصور السلطة؛ لما ترى من خطورة في طرحه لاستيعاب حزب “التجمع اليمني للإصلاح” المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين. تبنت  الإمارات خطا مغايرا لأغلب دول الخليج، وهو دعم تقسيم اليمن  إلى شمالي يسيطر عليه الحوثيون، وجنوبي علماني بعيد عن الإخوان المسلمين في حزب الإصلاح، فاختارت  الإمارات اليمن الجنوبي كمركز لعملياتها وأهدافها، وجندت ميليشيات يمنية وأشرفت على تدريبها وتسليحها ودعمتها في مواجهة الحوثيين والجيش اليمني على حد سواء، كما استأجرت فرق اغتيالات أجنبية، بينها أمريكية لاغتيال خصومها من قيادات ميليشيا الحوثي و”تجمع الإصلاح” في المناطق التي ترغب في الاحتفاظ بها.

وبعيدا عن السياسة الصغرى، فإن  الإمارات تنظر لليمن نظرة ذات بعد جيوإستراتيجي. فرغبتها في تقسيم اليمن، والاستئثار بالجزء الجنوبي يعكس رغبة في السيطرة على الموانئ الجنوبية ومضيق باب المندب، وتعزيز حلقة السيطرة على مدخل البحر الأحمر، وعرقلة مشروع “مدينة النور” السعودي الذي تخطط في إطار السعودية لربط اليمن بأفريقيا عبر جسر معلق. هذا المدخل الجيواستراتيجي هو ما دفع  الإمارات للمخاطرة بالتواجد البري في الخطوط الأمامية للمواجهة، وتحويل المواجهات حول الموانئ اليمنية الإستراتيجية لمواجهات استثنائية، دعما لخطة التقسيم التي ترومها في اليمن، ومحاصرة لنفوذ التجمع اليمني في الجنوب. وأعدت  الإمارات خطة لإعادة تأهيل المناطق التي تسيطر عليها، لتعزيز اعتماديتها عليها، مع الحفاظ على قواعدها العسكرية في المنطقة ودعمها.

وقد أدت الخلافات  الإماراتية السعودية  إلى إطالة أمد الصراع في اليمن، وقادت  إلى ما هو أكثر من ذلك، إذ قادت اليمن لأكبر كارثة إنسانية بتقدير كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويعاني الشعب اليمني مخاطر مجاعة،  إلى جانب مروره بموجات ثلاثة لوباء الكوليرا.

وتمارس السعودية و الإمارات أبشع التدخلات في الشأن اليمني، حيث ترتكب جرائم حرب،وفي هذا السياق يقول “جوزيف بريهام” محامي المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن  الإمارات تستخدم أسلحة محظورة وهجمات عشوائية ضد مدنيين وأعمال تعذيب في السجون اليمنية يرتكبها مرتزقة توظفهم  الإمارات.

حيث كلفت  الإمارات مرتزقة، من كولومبيا وبنما والسلفادور وجنوب إفريقيا وأستراليا، وتستخدم مليشيات  الإمارات القنابل العنقودية، المحظورة بموجب اتفاقية أوسلو، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2010.

وهو ما ذكره موقع “بز فييد نيوز” الأمريكي الإخباري في تقرير نشره يوم (16 أكتوبر 2018)، عن ضلوع القيادي الفلسطيني محمد دحلان في تسهيل الكثير من العمليات الأمنية السرية الدائرة باليمن، من خلال مسؤوليته عن جلب المرتزقة من الخارج وإيصالهم للأراضي اليمنية، لتنفيذ عمليات قتل واغتيال طالت رجال دين بارزين وشخصيات سياسية إسلامية.

وبجانب التعذيب القسري لليمنيين، تتورط المليشيات  الإماراتية في جرائم الاتجار بالبشر وغسيل الاموال، والذي تجاوز كل الخطوط الحمراء بارتكابها وحلفائه أبشع جرائم الحرب في اليمن. ولن يرجع حكام  الإمارات عن استعمال كل الوسائل اللاأخلاقية لاستكمال مشروع التحالف في تقسيم اليمن  إلى منطقتين شمالية وجنوبية، حيث تفرض سيطرتها الكاملة على مينائي عدن ومضيق باب المندب.

وقد تجاوز العدوان  الإماراتي في اليمن الحدود وامتد لتنفيذ أعمال عدوانية طالت خلفائها السعوديين أنفسهم، وضرب اليمنيين بعضهم في بعض، عبر قوات موالية لها بالجنوب، طردت الحكومة الشرعية اليمنية من مناطق الجن.

ونظريًا، يُفترض أن  الإمارات وعبر انخراطها في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، تقف  إلى جانب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، إلا أنّ الحقيقة الماثلة اليوم أن للإمارات أجندتها الخاصة في اليمن، وتحاول من خلال اندماجها في التحالف تحقيق هدفين رئيسين في اليمن:

 1 — منع أي دور مستقبلي لفرع الإخوان المسلمين “التجمع اليمني للإصلاح”،

 2 — إيجاد موطئ نفوذ لها في موانئ اليمن والسيطرة على المناطق الاستراتيجية الحاكمة لمضيق باب المندب.

وفي سبيل ذلك كانت تحركات أبو ظبي النشطة — وإن بدت موجَّهة ضد الانقلاب الحوثي على حكومة هادي — بمعزل تمامًا عن الحكومة الشرعية، حيث كونت  الإمارات ميليشياتها المحلية الخاصة وبسطت نفوذها على المؤاني والجزر الاستراتيجية، ودعمت المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يهدف  إلى انفصال الجنوب، ووصل الأمر  إلى مواجهات عسكرية اقتتلت فيها قوات الحكومة الحكومة الشرعية مع الميليشيات المحسوبة على  الإمارات، التي تدخلت بقواتها الجوية  إلى جانب حلفائها.

وبحسب موقع ميدل إيست آي، فإن قطاعا واسعا من الشعب اليمني بما في ذلك الحكومة الشرعية باتت تنظر  إلى  الإمارات كقوة احتلال، لا كقوة تحرير.

تعميق أوجاع السوريين

لم تكن الثورة السورية كغيرها من الثورات الاخرى فرغم الصعوبات التي مرت بها كل دول الربيع العربي، كان للساحة السورية مسارا أكثر دموية حيث تحولت  إلى حلبة صراع بين محاور دولية تعمل على استغلال الأرض السورية حسب مآل مصالحها الخاصة على حساب الشعب السوري وثورته المهدورة. غير أن الدور  الإماراتي والسعودي في الثورة السورية كان مختلفا عن موقفه من بقية الثورات الأخرى، فقط عرفت السياسية  الإماراتية بالازدواجية والضبابية لعدم توافق تصريحاتها الداعمة لأصدقاء سوريا المعارضين لبقاء الأسد ونظامه الدكتاتوري في الحكم. ورغم تواجد كل الأطياف المقاتلة في سوريا لم يتم التنويه الصريح بدور المعسكر السعودي في الصراع الدائر في تلك المنطقة وذلك لما تشهده مواقف  الإمارات وحلفائها من اضطراب نتيجة التغيرات السريعة للأحداث في المنطقة. ورغم قيام  الإمارات باستضافة بعض أفراد عائلة الأسد في بداية الثورة السورية، باعتبارها الدولة التي تعودت على استقبال اللاجئين السياسيين وموالين للأنظمة المخلوعة كأحمد شفيق من مصر ودحلان من فلسطين.

تحولت الأزمة السورية  إلى مأزق لا يمكن الجزم فيه بقرار واضح، إذ لا يخفى على أحد استياء السعودية وحلفائها التقليديين كالإمارات العربية والبحرين والكويت من تغلغل القوة الإيرانية في الساحة السورية والسيطرة على مقاليد الحكم عبر التحكم في مصير النظام الأسدي غير أنها لم تتنكر  إلى قناعتها كدول ديكتاتورية ترفض المشاركة في تنحية الأسد. كما لم تقطع دعمها لبعض الفصائل السورية المعارضة والتي تنقسم  إلى صنفين، اذ يتمثل الصنف الأول في بعض الجماعات المعارضة لنظام الأسد شرط عدم انتمائهم للتيار الاسلامي، أما الصنف الثاني، فهي التي تكون مجرد معارضة شكلية تكتفي ببقاء النظام القائم مع المطالبة ببعض الاصلاحات الرمزية لحفظ ماء الوجه.

بل اضطلعت  الإمارات بدور الإسناد اللوجستي لنظام الأسد عبر مساعدته في التزود بالنفط والغاز ومشتقاته، مشتتة انتباه المجتمع الدولي نحو إيران.

وفي ديسمبر 2017 قامت الحكومة  الإماراتية بتنفيذ قانون الإبعاد الإداري على قرابة مئات المواطنين السوريين من عمال وموظفين مقيمين في  الإمارات اتضح أن أغلبهم من معارضي نظام الأسد في سوريا وطالت إجراءات الإبعاد بعض رجال الأعمال المستثمرين في  الإمارات، ومنعهم من إخراج أموالهم واسترجاع ممتلكاتهم.

وفي تحرك مفاجئ، أعلنت  الإمارات، في أواخر ديسمبر 2018، تحركها لفتح سفارتها في دمشق. وعلق الخبراء  الإماراتيون بأن الخطوة تأتي لتدارك الفرغ الذي أدى لدخول الروس والأميركيون بأجندات عسكرية لا تهتم بحماية سوريا من توغل “الإيرانيين” و”الأتراك”.

الخطوة  الإماراتية أعقبت إعلان الولايات المتحدة الأميركية الانسحاب من سوريا، وهي الخطوة التي أدت لاستقالة وزير الدفاع الأمريكي، وأثارت قلقا أوروبيا كبيرا حول مصير القوات السورية التي ساهمت في مواجهة “تنظيم الدولة”. وبدا خلال ردود الأفعال أن ثمة قلق أوروبي من انفراد تركيا بالمشهد الأمني في شمال تركيا، وهو ما دفع دولا أوروبية للتأكيد مرارا على استمرار وجودها في شمال سوريا، ما أعقبه تأكيد الرئيس الأمريكي على أن الانسحاب الهادئ لن يضر “حلفاء الولايات المتحدة” (المقصود بهم وحدات حماية الشعب الكردية). ولم تلبث تقارير إعلامية صادرة في الكيان الصهيوني أفادت بظهور ضباط إماراتيين ومصريين في مدينة منبج السورية في خواتيم عام 2018، وأجروا جولة في المدينة وضواحيها، وتفحَّصوا مواقع تمركز ميليشيا وحدات حماية الشعب، التي تضم عناصر أميركية وكردية، ودوَّنوا ملاحظات حول كيفية نشر قواتٍ مصرية وإماراتية بدلاً من القوات الأميركية التي ستنسحب.

لم تجد الولايات المتحدة بالطبع قوة إقليمية يمكنها أن تتواجد في منطقة منبج في مواجهة التطلع التركي سوى تلك الدولة التي تورطت مع تركيا من قبل في محاولة انقلاب فاشلة، ثم خاضت معها حربا اقتصادية حرة استهدفت أمن “العملة التركية.

وبرغم أن ذريعة وجود عربي في سوريا يوازي الوجود الإيراني والتركي تبدو حجة مقبولة على الصعيد الإستراتيجي، إلا أن شبهتين حلتا حول قضية الانتشار  الإماراتي وفي إثره الانتشار المصري، أولاهما أن الانتشار المزمع لا يتعلق بمواجهة مع إيران، بل يتعلق بمواجهة مع تركيا. فالوجود العربي لم يتجه جنوبا، ولو تحت حماية الغطاء الجوي الإسرائيلي الذي استباح السماوات السورية، بقدر ما استباح المخازن الإيرانية. كما أن هذا الانتشار رافقته كذلك دعاية حاولت استغلال “حالة الشيطنة” التي كابدتها جماعة الإخوان، حيث اعتبر مراقبون أن الخطوة المتعلقة بإعادة البعثة الدبلوماسية  الإماراتية لدمشق ضمن جهود “منع المحور التركي – القطري من تحويل الفوضى في سوريا  إلى رافعة سياسية لبناء دولة للتنظيم الإخواني”، وهو طرح يبدو أقرب للتبرير منه لتوصيف حقائق جيوسياسية.

وبينما كانت  الإمارات في 2015 تطلب محو رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من الخريطة السياسية في سوريا، كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في الأسبوع الأول من يناير 2019، عن خطة دبرتها الرياض وأبوظبي والقاهرة مع تل أبيب لإعادة بشار الأسد  إلى الجامعة العربية، وذلك بهدف تهميش النفوذ الإقليمي لتركيا وإيران في المنطقة.

العبث بالقضية الفلسطينية

وفي السنوات الأخيرة تقوم  الإمارات بدور قذر حيث ثبت تآمرها على حركات المقاومة الفلسطينية، ومنها قضية اغتيال القيادي البارز في حركة حماس “محمود المبحوح” أحد أبرز قيادات “عز الدِّين القسام” الجناح العسكري للحركة والذي تتهمه إسرائيل بخطف وقتل جنديين لها خلال الانتفاضة الأولي زيادة على اتهامه بتسهيل عمليات تهريب الأسلحة من إيران  إلى غزة، و قد تم اغتياله من طرف الموساد الصهيوني سنة 2010، وتشير عدة مصادر ومنهَا مقال في “صحيفة يديعوت أحرنوت” في تلك السنة يتحدث عن علم شرطة دبي ورئيسها “ضاحي خلفان” والذي قام باستجوابه هناك بكافة تفاصيل عملية الاغتيال ومع ذلك لم تتحرك لمنعهَا، وبعد أيام تمت عملية الاغتيال وأكدت الصحيفة بناءً على مصادر معلومات مؤكدة. أنَ عملاء المخابرات  الإماراتية سربوا معلومات عنه  إلى وكالة المخابرات الأمريكية التي أوصلتها  إلى عملاء الموساد بدورها.

أيضا بعد أحداث العدوان الإسرائيلي على غزة والذي خلف العديد من الضحايَا المدنيين وأحدث ضررا كبيرا جدًا بأجزاء حيوية وبنى تحتية، حيث كشفت تحقيقات أجهزة الأمن التابعة لحركة حماس داخل القطاع مع أحد أعضاء الوفد الطبي التابع”للهلال الأحمر  الإماراتي” الذي سهلت له المخابرات المصرية الدُّخول إلى القطاع ومنع الوفود وجمعيات الإغاثة العربية والأطقم الدولية الأخرى الإنسانية التي هرعت لنجدة أهل القطاع ونشرت صورة هذا العنصر وهو بزي عسكري إماراتي، ما يؤكد بأنه عنصر في “جهاز الاستخبارات الإماراتي” وكشفت التحقيقات أنَ هدف الوفد الحقيقي هو جمعُ أكبر قدر من المعلومات عن الأوضاع والتجهيزات العسكرية لحركات المقاومة الفلسطينية في القطاع بصفة عامة وحركة حماس بالأخص، وأنه كان يعمل لصالح مهمة تجسسية سرية لإسرائيل، وأنَ من بين أعضاءه الوفد كذلك ضباطٌ كبار في “جهاز أمن أبو ظبي” وقامت الحركة بطردهم من القطاع بعد تلك الحادثة. وعد ذلك فشلا أمنيًا ذريعًا للإمارات وحلفائها داخل القطاع وأهمهم القيادي المفصول في “حركة فتح” “سفيان أبو زايدة” المحسوب على “محمد دحلان” المُستشار الأمني “لمحمد بن زايد” “حاكم أبو ظبي” وتوسلت  الإمارات حركة حماس من أجلِ لملمة الموضوع والتًّكتم عليه.

وتبعت السعودية المسار  الإماراتي في التضييق على الفلسطينيين وخاصة المنتمين لحركة حماس، وقيادات العمل الوطني الفلسطيني المقيمين بالسعودية، ومنهم القيادي   المعتقل حاليا في السجون السعوديةمحمد الخضري.

و إلى ذلك، تتواصل جهود النظامين السعودي و الإماراتي في تصفية القضية الفلسطينية، عبر مشروع صفقة القرن، لتصفية القضية وإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين عبر توطينهم في مناطق إقامتهم أو في سيناء المصرية. وكشفت ورشة البحرين الاقتصادية التي عقدت مؤخرا، عن الدور  الإماراتي السعودي في تمويل الصفقة وتوفير الدعم المالي المقدر بنحو 200 مليار دولار في مرحلته الأولى كمشروعات اقتصادية تستهدف سكان غزة، وإقامة مشروعات استثمارية في سيناء المصرية، هدفها خدمة الفلسطينيين وتوفير فرص عمل لهم، وتشجيعهم للانتقال من فلسطين وأراضي الضفة الغربية والقدس نحو سيناء.

تفريغ الثورة السودانية

ومنذ الساعات الأولى للثورة السودانية، والانقلاب العسكري الذي قاده الجيش السوداني ضد الرئيس المعزول عمر البشير، سارعت الرياض وأبوظبي لإعلان تأييدهما لخطوة الجيش، وبعد أيام من تلك الزيارات بدأ المجلس العسكري السوداني بفض الثورة بالسلاح، وقتل مئات السودانيين المعتصمين أمام مقر القيادة العامة للقوات المسلحة.

فيما وجّه الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، بتقديم حزمة مساعدات إنسانية  إلى السودان تشمل أدوية ومشتقات بترولية وقمحاً، كما طلب رئيس  الإمارات، خليفة بن زايد، التواصل مع المجلس العسكري الانتقالي لبحث مساعدة الشعب السوداني.

وتبع تلك الخطوات اتصالات هاتفية من قبل قادة السعودية و الإمارات برئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، ثم استقباله لوفد رفيع المستوى من البلدين، استمرت زيارته في الخرطوم يومين.

وأعقب تلك الزيارة إعلان الدولتين الخليجيتين، في 21 أبريل الماضي، تقديم دعم مادي للسودان بقيمة 3 مليارات دولار أمريكي، وإيداع نصف مليار دولار في البنك المركزي السوداني.

وقالت وكالة الأنباء السعودية “واس”، في حينها: إن “السعودية و الإمارات تعلنان دعم السودان بقيمة 3 مليارات دولار”، مضيفة أن الرياض وأبوظبي ستودعان نصف مليار دولار في البنك المركزي.

وبعد هذا الدعم الذي حذرت منه أوساط سودانية خشيةً من سرقة  الإمارات والسعودية لثورة بلادهم، توجه، قائد قوات الدعم السريع نائب رئيس المجلس العسكري، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بزيارة  إلى الرياض، وقابل ولي العهد محمد بن سلمان.

وجاءت زيارة حميدتي، المتهمة قواته بقتل عدد من المتظاهرين في ساحة الاعتصام في الخرطوم، لتأكيد ولاء المجلس العسكري السوداني للرياض، وبقاء جنوده في الحرب التي يقودها التحالف السعودي  الإماراتي في اليمن.

وأكد المجلس العسكري في بيان له، عقب لقاء حميدتي بابن سلمان، بقاء قوات السودان المشاركة ضمن التحالف العربي في اليمن.

وتشارك قوات من الجيش السوداني في التحالف الذي تقوده السعودية و الإمارات لدعم الرئيس، عبد ربه منصور هادي، في اليمن. فيما طالب الثوار بعودة القوات السودانية من اليمن بعد أن انحرفت  الإمارات بالحرب لصالح مشاريعها.

زيارات متسارعة

رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، بدأ كذلك زيارات متسارعة  إلى دول محور السعودية و الإمارات، وبدأها بمصر، بلقاء مع رئيسها عبد الفتاح السيسي، الذي جاء  إلى الحكم من خلال انقلاب عسكري.

وكشفت تصرفات البرهان خلال زيارته لمصر درجة الولاء الكبيرة التي يوليها لرئيسها، حيث حرص قبل اللقاء به على تأدية التحية العسكرية له في قصر الاتحادية بالقاهرة، وهو ما أثار غضب السودانيين، واعتبروه “انكساراً وتبعية.

وبعد زيارته لمصر اتجه البرهان، إلى  الإمارات في زيارة رسمية. على الرغم من أن المفترض أن تكون الزيارات  إلى الخرطوم وليس العكس.

وقال ديفيد هيرست في مقال “ميديل ايست آي” إن “المخطط  الإماراتي السعودي لوأد الثورة الشعبية في السودان ذو وجهين؛ يتجلى أحدهما في دعم وتسليح المجلس العسكري الانتقالي الذي يتفاوض مع المحتجين، بينما يرمي الآخر  إلى استغلال القادة المدنيين الذين يسعون  إلى تطهير الجيش والحكومة والخدمة المدنية والقضاء على الإسلاميين.

وأضاف هيرست: “بعد أن يُفلح  الإماراتيون والسعوديون في مخططهم سيستولي حلفاؤهم السودانيون على السلطة في البلاد.

بدوره أكد جوناثان فنتون هارفي، الصحفي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنه بعد الإطاحة بالبشير وتولِّي مجلس عسكري انتقالي السلطة، أصدرت أبوظبي بياناً أعلنت فيه دعمها استمرار الحكم العسكري هناك، والتقى مندوبون من  الإمارات والسعودية شخصيات بارزة في المجلس الانتقالي السوداني، يوم 13 أبريل الماضي.

وأوضح هارفي، في تقرير نشره موقع “لوبي لوك” الأمريكي مؤخراً، أن  الإمارات تسعى  إلى ترسيخ النموذج المصري في السودان بعد أن دعمت انقلاب عبد الفتاح السيسي، عام 2013، وساعدته في سحق الإسلاميين وقمع حرية التعبير، وفي انتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان.

وذكر موقع “لوبي لوك” الأمريكي: “تسعى الإمارات إلى تكريس النموذج المصري في السودان بعد أن دعمت انقلاب عبد الفتاح السيسي عام 2013، وساعدته في سحق الإسلاميين وقمع حرية التعبير وفي انتهاكاته الواسعة لحقوق الإنسان. “

وكانت مصادر مصرية رفيعة المستوى أكدت زيارة القيادي الفتحاوي محمد دحلان  إلى الخرطوم برفقة وفد إماراتي وعربي في إبريل الماضي، وبصورة سرية بعيدة عن وسائل الإعلام.

وجاءت زيارة دخلان كمستشار أمني لولي عهد إمارة أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد”، لمحاولة السيطرة على مقاليد الحكم هناك، وتغيير أية تطورات قد تتعارض مع مصالحها السياسية والاقتصادية.

وتتواصل  الإمارات مع قائد قوات التدخل السريع حميدتي الذي شحن طنا من الذهب إلى  الإمارات، لحساب بارونات الذهب العالمي والمهربين.

وعملت السعودية و الإمارات ومصر لاختراق المجلس الانتقالي واستمالة قادته نحوهم، واستغلال العلاقات الجيدة التي تربطهم مع طه عثمان الحسين، رئيس مكتب البشير سابقاً، ويعمل مستشاراً في السعودية، وتربطه علاقات قوية للغاية مع قادة الجيش السوداني والمجلس الانتقالي.

وتحرص كلٌ من  الإمارات والسعودية على أن يحكم السودان رئيس يتماشى مع أهدافهما السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة ويستجيب لها، بجانب تجفيف أية أصول لجماعة “الإخوان المسلمين” أو حركة “حماس” والمقاومة الفلسطينية في أراضي السودان.

الاستفراد بموريتانيا

ومنذ فترة، عمل الرئيس المنتهية ولايته على بناء شراكات مع محور أبوظبي الرياض، بل بات واضحاً مساعي سلطات أبوظبي الحثيثة لابتلاع مرتكزات القوة وأسس التنمية، من خلال صفقات أبرمتها بوتيرة متسارعة مع نظام ولد عبد العزيز، مكنتها من الدخول بقوة في كل المجالات الاقتصادية والثقافية والعسكرية وحتى الإعلامية.

وكان الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز، أكد أكثر من مرة أنه سيحتفظ بدور سياسي واقتصادي في البلاد بعد مغادرته القصر الرئاسي منذ يوليو الماضي، عمل على بناء شراكات استراتيجية مع محور أبوظبي الرياض، وأفسح المجال أمام المؤسسات  الإماراتية لامتلاك العقارات والاستيلاء على الموانئ والمطارات.

وهو ما يراه مراقبون بأنه زرع الألغام تحت أقدام رفيقه الذي رشحه لخلافته الجنرال محمد الغزواني، ليتسنى له التحكم فيه لاحقاً وتوجيهه، أو حتى لتسهيل الإيقاع به في المستقبل إن هو أراد ذلك.

التغلغل الإماراتي في موريتانيا عبر في جزء منه عن رغبة  الإمارات في الاستفادة من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد، لتوطيد نفوذها في بلد له أهمية كبيرة من الناحية الجيواستراتيجية بالنسبة للإمارات، خاصة فيما يتعلق بمساعيها للتغلغل في أفريقيا.

وجاءت اتفاقات  الإمارات والنظام الموريتاني السابق بعيدة عن أية مناقشة ومراجعة قبل إبرامها، خاصة أن بعضها لم يمر أصلاً على البرلمان، على الرغم من تداعياتها الأكيدة والبالغة التأثير على اقتصاد البلد، وعلى توجهاته السياسية في العديد من المجالات.

وتنامت وتيرة دخول  الإمارات للمجال الموريتاني وازدادت قوة واندفاعاً في السنوات القليلة الماضية، كما تكثفت الزيارات الرسمية بين المسؤولين السامين في الدولتين.

كما أصبح سفير  الإمارات في نواكشوط. عيسى عبد الله مسعود الكلباني، أكثر أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في موريتانيا لقاء بوزراء الحكومة.

يشار  إلى أن الدور  الإماراتي في موريتانيا بدأ وتيرته التصاعدية مباشرة بعد قطع نواكشوط لعلاقاتها مع قطر، بعيد فرض السعودية و الإمارات ومصر والبحرين حصارها على الدوحة.

الدور  الإماراتي كان شاملاً لكل المجالات العسكرية من خلال تمويل كلية للدفاع أطلق عليها اسم: كلية محمد بن زايد، وثقافياً من خلال تمويل العديد من المراكز الثقافية والأدبية (مجلس اللسان العربي، وبيت الشعر. إلخ)، وفكرية من خلال تمويل بعض مراكز الدراسات، وإعلامياً من خلال إيجاد مشاريع إعلامية لأول مرة تتبع لدولة أجنبية، فضلاً عن استثمارات في مجالات الزراعة والري والموانئ والمطارات.

وقد أثار ورود اسم  الإمارات في صفقة تتعلق بمطار نواكشوط الدولي (أم التونسي) الكثير من الجدل، خاصة أن أية تفاصيل لم تنشر عن كيفية إبرام الصفقة التي ستمنح شركة                       (AFROPORT) التابعة لمطارات أبوظبي الحق في تسيير المطار الموريتاني الأهم لمدة 25 سنة.

كما أدى منح أراض زراعية خصبة واسعة على ضفاف نهر السنغال  إلى رجال أعمال إماراتيين  إلى اندلاع احتجاجات من طرف السكان الأصليين، الذين اعتبروا أن تهجيرهم عن أراضيهم التي يعتاشون من خيراتها لمصلحة مستثمرين أجانب يعد ظلماً وإضراراً بهم.

كما برز دور  الإمارات في تسيير رصيف ميناءي العاصمتين السياسية والاقتصادية (نواكشوط ونواذيبو). كما تواردت أخبار عن دخولها على مشروع ميناء “انجاغو” القريب من الحدود الموريتانية السنغالية، والذي يبدو أن إقامته في المنطقة القريبة من حقول الغاز التي يشترك البلدان في أحدها لم ترق للسنغاليين ولا للفرنسيين.

ويجري حديث عن وجود محميات سياحية في الصحراء لإماراتيين يستغلونها في تربية الحبارى وممارسة هواية الصيد البري.

ويثير ولوج  الإمارات  إلى حقل الإعلام المحلي، من خلال ترخيص قناة تلفزيونية خاصة لمحسوبين على أبوظبي، ووجود صفحات ومواقع تدور في الفلك ذاته، الكثير من القلق والمخاوف بين نخب الشعب الموريتاني.

وفي هذا السياق كتب الصحفي والمدون الموريتاني الشهير حبيب الله ولد أحمد على صفحته على فيسبوك يقول: “إذا كان صحيحاً أن قناة باسم(الرؤية) تابعة لموقع (الرؤية) المحلي-  الإماراتي سترى النور قريباً، فمعنى ذلك أن محمد بن زايد سيحكمنا مباشرة وسنكون ضمن إماراته، طبعاً لن نكون (عينها)ولا (رأس خيمتها) ولا (دبيّها) ولا (ظبيّتها) سيكون الترخيص لها كارثياً وعملاً غير وطني على الإطلاق.

ويضيف ولد أحمد: “(الرؤية) ذراع إماراتي، يكفى أنه للتحايل على المال  الإماراتي، ولا نريد أن يتحايل على الإعلام المحلي ويجعلنا تابعين فيه لبلد عربي نحترمه ونقدره لكننا لا نقبل التبعية له.

ويردف: “لنتذكر كيف ظهرت عشرات الصفحات منتحلة بأسماء مدونين وإعلاميين محليين على(تويتر) مربوطة بموقع(الرؤية)، الذي اتضح لاحقاً أنه متورط فى إنشاء وتغذية تلك الصفحات التي تبشر بالمشروع  الإماراتي السعودي المصري فى الوطن العربي، وهو مشروع مدمر لطموحات الوحدة العربية واستقرار الأوطان والشعوب”.

الصومال لم يسلم

حذرت الهيئة المستقلة لمراقبة الأمم المتحدة من أن  الإمارات تخطط لقيادة انقلاب داخل الصومال لبسط سيطرتها على القرن الإفريقي الأمر الذي سيكون كارثياً على منطقة شرق إفريقيا خاصة أن أبوظبي متهمة بتمويل جماعات مسلحة متطرفة تتبع لحركة الشباب الصومالي ما يتطلب تدخلاً دولياً، مما جعل الهيئة تطالب مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة طارئة لبحث تدخل دولة  الإمارات في الصومال وسعيها لتقويض الاستقرار النسبي والعبث في الديموقراطية القائمة في البلد.

وقالت الهيئة في بيان: إنها تواصلت مع عدد من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وطالبتهم بالتدخل لوضع حد للدور التخريبي للإمارات في الصومال، بما في ذلك دفع رشاوى مالية وتخريب للخريطة السياسية فيها.

كما اتخذت الحكومة الصومالية مزيدا من الإجراءات المضادة للدور الإماراتي، كطردها من العاصمة مقديشيو ووقف مشروعات عسكرية لتدريب قوات صومالية، بعد وقف تمرير أموال عبر طيران إماراتي لداخل الصومال، لصالح ميليشيات تتحارب مع الحكومة الشرعية من أجل الانفصال.

واستهدفت  الإمارات تأمين موانيها وقواعدها العسكرية في البحر الأحمر وباب المندب.

ففي الجزء الشمالي من الصومال ثمة إقليم ذو حالة فريدة يُدعى «أرض الصومال»، مساحته أكثر من مليون كيلومتر مربع، وقوام سكانه أكثر من 4 ملايين ونصف المليون وفقًا لإحصاءات العام 2013، أعلن الإقليم انفصاله عن الصومال بعد انهيار الحكومة المركزية عام 1991، لديه شرطة وجيش وحكومة وبرلمان ودستور، لكنه يعاني من مشكلة كبرى وحيدة: لا أحد يودّ الاعتراف به باعتباره دولة على الإطلاق.

لكن يبدو أن الجغرافيا قد أهدت  إلى الإقليم مفتاح فك العقدة أخيرًا، إذ تلقى حكام الإقليم خلال العام الماضي عرضًا مغريًا من الإماراتيين، سرعان ما تُرجم  إلى اتفاقات متعددة الجوانب وحيدة الهدف، إذ وقّعت شركة «موانئ دبي العالمية» اتفاقًا بقيمة 442 مليون دولار، يقضي بالاستغلال الحصري لميناء «بربرة» أكبر موانئ البلاد وأهمها، الميناء الذي وصفه يومًا سفير بريطاني سابق بأنه مفتاح السيطرة على البحر الأحمر.

 الإمارات تولّي وجهها شطر إريتريا

وفقًا لتقارير استخبارية، فإن ولي عهد أبو ظبي والقائم الفعلي بشؤون الحكم فيها «محمد بن زايد» قد كشف سابقًا أمام قادة عسكريين إماراتيين عن رغبته في «تعزيز دور البحرية  الإماراتية» في تأمين ساحل اليمن حتى مضيق باب المندب، ويندرج ذلك ضمن خطة استراتيجية «لتوسيع الانتشار العسكري في مضيق هرمز وساحل اليمن وباب المندب وحتى سواحل القرن الأفريقي».

يمكننا إذن بسهولة فهم السبب الذي دفع  الإمارات  إلى مد الأبصار لتدعيم نفوذها العسكري على الجانب الغربي لمضيق باب المندب، يتمحور الحديث هنا حول ميناء «عصب» الإريتري، الذي حولته  الإمارات من صحراء قاحلة  إلى قاعدة جوية حديثة وميناء عميق المياه ومنشأة تدريب عسكري متطورة.

في أعقاب خلافات دبلوماسية أدت  إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين  الإمارات وجيبوتي، البلد الذي كانت تطمح أبو ظبي  إلى الاستفادة منه عسكريًا واقتصاديًا لتأمين طموحاتها في القرن الأفريقي، توجهت الأنظار  إلى جارتها اللدود إريتريا، عقدت  الإمارات اتفاق شراكة مع أسمرة قامت بموجبه بالاستفادة من عقد إيجار مدته 30 عامًا، استلمت بموجبه ميناء عصب العميق ذا الموقع الاستراتيجي، ومطار عصب المجاور، حتى تنشئ هناك قاعدتها العسكرية، وفي المقابل، مُنحت حزمة مساعدات اقتصادية للبلد الأفريقي، وتعهّدت بتحديث «مطار أسمرة الدولي»، وإنشاء بنيةٍ تحتية جديدة، وزيادة إمدادات الوقود  إلى إريتريا.

حرب تركيا وقطر

الدور  الإماراتي في مواجهة تركيا: دخلت  الإمارات في مواجهة شرسة مع تركيا خلال السنوات القليلة الماضية، ما يمكن إيعازه لعوامل عدة، بينها حماية تركيا أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين فروا إليها في أعقاب فض اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة عام 2013، أكبر مذبحة شهدتها مصر في تاريخيها الحديث والمعاصر، ما اعتبره محور الثورة المضادة الثلاثي ( الإمارات – السعودية – مصر) تحديا في مواجهة مشروع استئصال الوجود السياسي والثقافي للتيار الإسلامي في العالم العربي.

هذا بالإضافة  إلى تدخل تركيا لمساندة قطر، بإرسال أول فرقة عسكرية  إلى قاعدة بالقرب من الدوحة، بعد تسرب أنباء عن نوايا “محور الثورة المضادة” لغزو قطر، الأمر الذي تبعه لاحقا توقيع اتفاقيات تعاون عسكري بين تركيا والكويت، فيما بدا أنه إجراء احترازي كويتي من جاراتها الخليجيات التي بحسب تعبير قيادات سياسية ألمانية تعمل على “إشاعة روح المغامرة في الإقليم.

ومن جهة ثالثة، فقد أثارت تركيا حفيظة  الإمارات ومحور الثورة المضادة بأسره مع تبني أنقرة موقفا مبنياً منذ عام 2011 على دعم جماعة الإخوان المسلمين وأطراف من التركمان السوريين. ومن جهة رابعة، يبدو أن  الإمارات كانت تتوقع انسحابا تركيا – قطريا أمام جهودها لدعم العسكري المتقاعد خليفة حفتر في مواجهة إسلاميي ليبيا، فلما استمر الدعم التركي – القطري لفصائل مصراتة، أدى ذلك لتعقد الموقف  الإماراتي الذي انقلب عدائيا تدخليا ضد تركيا، وهو ما تطور مع دخول تركيا ميناء سواكن بمباركة سودانية. هذا فضلا عن اشتعال الصراع بين البلدين في منطقة القرن الأفريقي المطلة على طرق التجارة الدولية البرية والبحرية.

تطور الموقف العدائي  الإماراتي لتركيا من تحرش دبلوماسي على خلفية قضايا مثل إدانة تفجير الطائرة الروسية فوق الخط الحدودي التركي؛ واتهامه بأنه عمل إرهابي، في مسعى لتوريط تركيا في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا،  إلى سلوك أكثر عدائية، حيث دعمت  الإمارات ومولت انقلابا عسكريا في تركيا في يونيو 2016، وهو الانقلاب الذي أحبطته جهود شعبية ومؤسسية تركية، وانتهى لتعزيز موقف الرئيس رجب طيب إردوغان الداخلي، في مواجهة المؤسسة العسكرية وجماعة “الخدمة” السرية، التي يتزعمها المفكر التربوي فتح الله جولن. ولم يلبث الأمر أن تطور أكثر باتجاه تبني منهج “الحرب الاقتصادية” ضد تركيا، وهو ما بدأ في الثلث الثاني من عام 2018، وأدى  إلى فقدان العملة التركية ثلث قيمتها أمام الدولار.

وفي مطلع 2019، زار وفد عسكري إماراتي – مصري مشترك مدينة منبج السورية للإعداد لترتيبات عسكرية مشتركة يقوم بها البلدان بدعوة من واشنطن، وهو ما تداعى في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي نواياه بسحب قواته من سوريا، وهي الخطوة التي أثارت استياء داخليا أمريكيا وأوروبيا وكرديا سوريا كذلك، بالنظر لتوقع أكراد سوريا المنضوين تحت لواء “قوات حماية الشعب الكردي” إجراءات انتقامية تركية، وهو ما عملت الولايات المتحدة على تفاديه من خلال إنتاج وجود عربي معاد لتركيا في شمال سوريا يضمن عرقلة مساعي تركيا إحكام سيطرتها على الشمال السوري تمهيدا لإقامة المنطقة الآمنة فيها، بما يضمن حماية عمقها من هجمات إرهابية محتملة تدعمها سوابق نفذتها ميليشيات كردية. التصعيد  الإماراتي الأخير يشي بأن عام 2019 سيشهد تطورات صراعية في العلاقات بين محور الثورة المضادة وبين المحور التركي – القطري.

دوافع التدخل  الإماراتي السعودي


-العلاقات  الإماراتية مع السعودية

العلاقات المتميزة بين كل من الحكام الفعليين للإمارات والسعودية باتت معلومة للكافة، و إلى جانب التحالف الوثيق بين البلدين فيما عرف باسم “محور الثورة المضادة” الخصم اللدود لتطلعات الشعوب العربية للحرية، فقد أثمرت “خلوة العزم” التي استمرت بين خبراء البلدين في مدينة جدة لمدة عام عن تمزيق مجلس التعاون الخليجي لصالح إستراتيجية “مشروع العزم” التي تنقل مركز الثقل المؤسسي الخليجي من “مجلس التعاون”  إلى مجلس مشترك “سعودي – إماراتي” بديل. وأدت الشراكة بين الطرفين – قبل المشروع وخلاله – للانخراط المشترك في تدبير الانقلاب العسكري في مصر، ثم “حرب اليمن” وما يختلجها من أكبر مأساة إنسانية في التاريخ المعاصر بحسب توصيف المستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل. إلا أن هذا الوفاق لا يخفي تناقضا في المصالح بين الطرفين، تبدى – بصورة أساسية – في اليمن، لتنكشف معه تخوفات الطرف  الإماراتي من الطموح الإقليمي السعودي، وبخاصة في جيبوتي والمنطقة الجنوبية من اليمن التي ترغب  الإمارات في الانفراد بها وإدارتها من خلال حكومة علمانية تهمش الإسلاميين وتتجنب إعادة تنظيم القاعدة. كما تبدى من خلال اليمن سطحية العداء  الإماراتي لإيران وتوابعها من الحوثيين، وتفضيلها تعقب واستئصال الإخوان. ناهيك في نهاية المطاف عن ازدراء النظرة الدونية التي تنظر بها السعودية للأشقاء الخليجيين “الصغار” في المساحة والقوة.

ويرجع بعض المراقبين التدخل  الإماراتي الذي قاد السعودية في مراحل لاحقة بمواجهة إرادات الشعوب العربية في دول الربيع العربي،  إلى النمو الشامل في دولة  الإمارات والذي مثل حافزا هاما لها في البحث عن السبل الكفيلة بالتموقع في الساحة السياسة العالمية، انطلاقا من عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، عبر بناء شراكة متينة مع المملكة العربية السعودية، فضلا عن تقربها الاستراتيجي من الولايات المتحدة الأمريكية بموجب اتفاقية عسكرية مغرية كانت لها الفضل في اكتسابها لوزن استراتيجي هام رغم صغر حجمها الجغرافي.

كما أن التحولات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية، منذ حلول الربيع العربي شكلت مصدر فوبيا للأنظمة الملكية في كل الأقطار العربية وأهمها منطقة الخليج، ومنها  الإمارات والسعودية، وفق نظرية الأواني المستطرقة.

رغم التصريحات الرسمية التي انبعثت من وسائل الإعلام  الإماراتية والمؤسسات الدستورية للدولة، حول ترحيبها بالربيع العربي ودعمها المادي والسياسي للشعوب المنتفضة إلا أن التحركات الميدانية لمؤسسات  الإمارات والسعودية وممثليهما الدبلوماسيين في هذه المناطق بالذات لا تتماشى وتلك المواقف المعلنة، حيث عبر الكثير من المحللين السياسيين عن ظاهرة الازدواجية في التعامل مع الثورات باعتماد أسلوب انتقائي وغير واضح المعالم أثار الشكوك حول نوايا النظامين  الإماراتي والسعودي.

وقد تطور الدور المناهض للثورات العربية من قبل  الإمارات والسعودية، من محاولة الظهور بمقدم خدمات وأموال لحلحلة الازمات الاقتصادية والاجتماعية المتفجرة في دول الربيع العربي أبان الانتفاضات الشعبية فيها، واعتبرت أبوظبي والرياض الأمر مجرد أزمة عاجلة، سرعان ما تزول بمجرد تقديم الدعم المالي، إلا أنها مع التطور الطبيعي للثورات العربية بتفاعلاتها المختلفة، تبدلت النظرة السعودي- إماراتية.. نحو الانحياز للتيارات العسكرتارية، مستخدمة وسائل عديدة، للالتفاف على المآلات الطبيعية لأية ثورة شعبية ببلوغ سيادة الشعب وحريته في اختيار من يحكمه، ما بين الإعلام والمال والدعم السياسي للتيارات الرجعية لإعادة الأوضاع  إلى ما كانت عليه.

شرطي بالوكالة

بحسب مراقبين، السلوك التدخلي الإقليمي لدولة  الإمارات يقوم على عدة أسس، منها مواجهة التيار الإسلامي الذي تكن له قيادات دولة  الإمارات عداء واضحا، فضلا عن رغبتها في تقديم نفسها كلاعب إقليمي يمكنه المشاركة في ترتيبات أمن الإقليم بالوكالة عن القوى الكبرى، هذا فضلا عن رغبتها الذاتية في بدء خبرة كولونيالية جديدة تستفيد فيها من موارد الدول الإقليمية الضعيفة أو الفاشلة بحد تعبير الخبير الأمريكي مارك لينش.

وذلك من خلال:

-توظيف القوة:

 من أبرز سمات السلوك التدخلي  الإماراتي مباشرته للاستعراض غير الأخلاقي للقوة العسكرية، وهي ممارسة لا يبدو أنها تفيد  الإمارات في ذاتها، وإنما تفيد في تصويرها كدولة قادرة على مباشرة المهام بالوكالة لصالح القوى الكبرى التي ربما لا تريد مزيدا من التورط بنفسها في الصراعات الدائرة في المنطقة، وهو توجه لمسته المنطقة مع تراجع اهتمام الولايات المتحدة بها في عهد إدارة الرئيس باراك أوباما، أو الخطاب الابتزازي الذي يباشره الرئيس الحالي دونالد ترامب. أحد أهم الملاحظات على السلوك التدخلي  الإماراتي ما يتمثل في اهتمامها بالسيطرة على المضايق على سبيل المثال. وتسيطر  الإمارات على مضيق باب المندب من خلال خمس قواعد عسكرية، وهو أمر من شأنه إثارة قلق القوى الكبرى، ما لم تكن هذه القواعد تعمل بالتنسيق مع القوى الكبرى نفسها. ومثال آخر تدخل  الإمارات لملء الفراغ الذي قد ينجم عن رغبة الدول الغربية في الانسحاب من سوريا، مع رغبتهم في عدم ترك الساحة لتركيا.

-تصفية نشاط الإسلاميين واحتواء الشارع العربي:

 من أهم بواعث النشاط التدخلي للإمارات وتابعتها السعودية قي هذا السياق، في النطاق الإقليمي العمل على احتواء تمدد الإسلاميين سياسيا، خاصة بعد أن شهدت  الإمارات بالتزامن مع الربيع العربي محاولة من إسلاميي  الإمارات أنفسهم تقديم طرح إصلاحي في  الإمارات. ويحمل ولي عهد  الإمارات، محمد بن زايد، مزيجا من الخوف والغضب حيال التيار الإسلامي، أوعزه البعض لتخوفه من قدرتهم على إنتاج حالة تعبئة تهز العروش المحافظة في العالم العربي، وبخاصة في الخليج، وقد تأثر هذا التوجه بالمشورات الأمنية المصرية المهاجرة للخليج. كما أن ثمة من يطرح تصورا مفاده أن التوجه الإسلامي يمثل عائقا أمام المشروع  الإماراتي الذي يمكن تسميته بـ”الكولونيالية الجديدة”، والتي تنطوي على خلق علاقة تطبيع واضحة مع القوى العالمية والكيان الصهيوني بالمنطقة، ولهذا يربط ديفيد هيرست بين عداء ولي العهد  الإماراتي للإسلاميين وبين تخوفات رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون، وتخوفات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المعبر عن اليمين المسيحي في الولايات المتحدة، ويمكن إضافة تخوفات الكيان الصهيوني الذي يمثل الشريك الأمني الأساسي للإمارات.

-التخطيط لحقبة ما بعد النفط:

النزوع الكولونيالي الجديد الذي تباشره دولة  الإمارات يمثل في أحد أبعاده رغبة في توسيع بدائلها لما بعد عصر النفط. صحيح أن البيانات الصادرة عن الوزارات الاقتصادية في  الإمارات تشي بأن النفط لم يعد يساهم في الناتج القومي بأكثر من 30%، إلا أن الاكتفاء بتحويل الدولة  إلى منصة للأعمال الاقتصادية ربما ليس كافيا من وجهة نظر حكام  الإمارات الذين يرغبون في تحويل الفائض المالي الضخم لديهم  إلى مضخة لتوليد المال، وفي هذا الإطار يعمدون للسيطرة على الدول الضعيفة أو الفاشلة للاستفادة من مواقعها ومن طاقتها البشرية ومن مواردها وربما من مشروعاتها، وهو نشاط يمتد من أفغانستان  إلى صربيا والجبل الأسود مرورا باليمن وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والسودان ومصر. ويبدأ البيزنس بالعمل المصرفي مقابل النفوذ والفائدة، والحصول على الأرض والموارد البخسة لإنشاء المشروعات، وربما المشاركة في مشروعات قائمة تمهيدا للاستيلاء عليها، فضلا عن إقامة مشروعات الخدمات ذات الوظائف الجيواستراتيجية كإنشاء الموانئ ومحطات تموين السفن وصيانتها. إلخ، وربما تطور الأمر لتجارة السلاح واحتمال إنتاجه على نحو ما تشهده العلاقات  الإماراتية – الصربية.

آليات الانقضاض على الثورات

-إيواء المستبدين والفاسدين المطاردين من شعوبهم:

السخط  الإماراتي السعودي من ثورات الربيع العربي عمومًا، وصعود جماعة الإخوان المسلمين  إلى سدة الحكم على وجه الخصوص، دفعهما أيضًا لتكون ملجأ للفارين من العدالة فأصبحت  الإمارات ملجأ لرموز الأنظمة العربية التي أطاحت بها الثورات،  الإمارات ملجأ للفارين من العدالة مثل أحمد شفيق، ومثل دحلان وأسرة بشار وغيرهم من أنصار وأقارب القذافي والمخلوع صالح وغيرهم.

يكشف تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية في أغسطس الماضي أسماء ليبية من نظام القذافي تقيم على أراضيها منها محمود جبريل وزير التخطيط في عهد القذافي، وأيضا عبد المجيد مليقطة أحد الرموز المهمة في تحالف القوى الوطنية الذي يتزعمه جبريل، كما يوجد في  الإمارات اثنان من رموز أجهزة الأمن التونسية المتورطين في عمليات قمع المظاهرات زارا دولة  الإمارات وأمضيا مدة طويلة في ضيافة كل من ضاحي خلفان مدير شرطة دبي، ومحمد دحلان القيادي الفلسطيني المتهم بالفساد.

وقد نقل  إلى  الإمارات مع أسرته وزير الدفاع اليمني السابق محمد ناصر أحمد، وبعد ثورة 25 يناير المصرية نقلت صحيفة “وورلد تريبيون” الأمريكية أن 19 طائرة نقلت أعضاء مهمين من نظام حسني مبارك وعائلاتهم  إلى مطار دبي ب الإمارات العربية المتحدة يوم 29 من يناير 2011.

ومن ليبيا، يعد اللواء خليفة حفتر أبرز من زاروا  الإمارات وتلقوا الدعم من حكامها، وبعد الثورة السورية قام الأسد بتهريب والدته أنيسة مخلوف  إلى دبي في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية ومع ابنتها الكبرى بشري.

ومن فلسطين، يقيم دحلان المتورط في قضايا قتل وفساد مالي، ويحظى دحلان بعلاقات مميزة مع قيادات  الإمارات حيث يعمل مستشارا أمنيا للشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، ويمارس دحلان أدوارًا مشبوهة لخدمته من بينها اختراع وجود “خلية إخوانية” تسعى لقلب نظام الحكم في  الإمارات، وتضم عددًا كبيرًا من المصريين تعرضوا لعمليات تعذيب أثناء التحقيق من جانب الأجهزة الأمنية  الإماراتية.

-دفع الأموال لصحفيين أجانب وعرب، من أجل شن هجوم على من تريد من دول وأشخاص. بل وصل الأمر مؤخرًا لدعوة دولة غربية للتشديد على المسلمين في أراضيها، عندما طلب ولي عهد إمارة أبو ظبي محمد بن زايد من نائب المستشارة الألمانية خلال زيارته  الإمارات عدم التغافل عن الشباب المسلم في المساجد الألمانية ونصح بتشديد الرقابة عليهم ، وأكد ذلك نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد زيغمار غابرييل.

-الضغوط السياسية:

أما في الوطن العربي فلدى  الإمارات والسعودية الكثير من الجهود لتضيق على الإسلاميين. فعلى سبيل المثال ضغطت  الإمارات على الأردن من أجل جعل جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إرهابية، ويذكر موقع “المونيتور” الأمريكي أن الأردن حاكمَ نائب المراقب العام للإخوان زكي بني أرشيد بعد انتقاده للإمارات بسبب تصنيفها الإخوان جماعة إرهابية.

كما لم تتوقف جهود  الإمارات عند حدود دول الربيع العربي فقط، بل امتدت لتشمل الدول الداعمة له وعلى رأسها قطر، فشنت حملة إعلامية على قطر في الغرب لتشويه سمعة القطريين، وتصويرهم كداعم رئيس للإرهاب، اختارت دولة  الإمارات وضع إستراتيجية أكثر سرية في مواجهتها لقطر، وذلك من خلال دفع الملايين من الدولارات لشركة ضغط في الولايات المتحدة، مؤلفة من كبار المسؤولين السابقين في الخزانة من كلا الحزبين، الجمهوري والديمقراطي؛ وذلك لزراعة ونشر قصص مضادة لقطر عن طريق الصحفيين الأمريكيين.

وقد تمّت الإشارة للمرة الأولى  إلى هذه الحملة الغامضة ضد قطر في تقرير للصحفي ديفيد كيركباتريك نشرته “نيويورك تايمز”، وذكر التقرير أن: “التوافق المحتمل في المصالح، بما في ذلك بين المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل يسعى لتصوير الدوحة على أنّها “عراب للإرهابيين في كل مكان”. وقال التقرير: “وظفت دولة  الإمارات العربية المتحدة شركة استشارات أمريكية، وهي مجموعة كامستول، وتظهر سجلات هذه الشركة، وهي مسجلة كشركة أجنبية، وجود محادثات بينها وبين الصحفيين الذين كتبوا بشكل متكرر مقالات تنتقد دور قطر في جمع الأموال لصالح الإرهاب”، وقدمت  الإمارات الملايين من الدولارات لهذه الشركة، وأنفقت وقتًا طويلًا في إقناع أصدقائها من الصحفيين لنشر القصص المعادية لقطر، ونجحت في ذلك  إلى حد كبير.

واستراتيجية الشركة كانت واضحة، حيث استهدفت الصحفيين من المحافظين الجدد، والكتاب الموالين لإسرائيل، مثل لايلي لايك من مجلة ديلي بيست، وألانا غودمان من مجلة فري بياكون، وإليوت أبرامز، وجينيفر روبين من الواشنطن بوست، ومايكل روبن من معهد إنتربرايس الأمريكي.

ولم ترحم  الإمارات أحدًا، فحتى من كان شريكها في الأمس وأصبح اليوم عدوها، سارعت لتجنيد الإعلام ضده، وهذا ما حدث مع السعودية التي كشف أن  الإمارات وراء هجوم إعلاميين مصريين على العاهل السعودي الملك سلمان.

وفي هذا الشأن، يقول الكاتب الصحفي جمال سلطان – رئيس تحرير صحيفة المصريون – في تصريحات تلفزيونية لبرنامج “حراك” على قناة “فورشباب”: إن مؤيدي السيسي لديهم قلق شديد من تغير السياسية السعودية نظرًا للدعم الاقتصادي الذي كانت تقدمه المملكة للنظام الحالي, لافتًا  إلى أن الجهة التي تقف وراء هجوم إعلاميين مصريين على الملك سلمان هي “دولة خليجية” في إشارة  إلى  الإمارات التي تقوم بتمويل قطاع كبير من الإعلام في مصر مما يمكنها من التحكم في توجهاته.

-الدعم المالي للثورات المضادة:

تضخ  الإمارات والسعودية كثيرًا من الأموال، في إطار جهودها الهادفة  إلى إجهاض الربيع العربي، وتهميش دور الإسلام السياسي في المنطقة، فحسب صحيفة “فينناشال تايمز” البريطانية عنوان بـ “ الإمارات تضخ أموالًا لتهميش دور الإسلام السياسي في المنطقة” أن أحد أسوأ الأدوار التي تقوم بها دولة  الإمارات العربية المتحدة، والتي تتمثل بمحاربة الإسلام في الحياة العامة في البلاد العربية، لا سيما تلك التي حط فيها قطار ثورات الربيع العربي هي ضخ الكثير من المال لتهميش الإسلاميين.

أما في الشأن المصري، فقد أكدت مصادر عدة أن  الإمارات دعمت ومولت الانقلاب العسكري الذي أطاح بالرئيس السابق، محمد مرسي، بقيادة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، فضلًا عن ترحيبها وتغطيتها السياسية للسلطة العسكرية في مصر.

وتدعي  الإمارات أن الأموال التي تضخها إنما هي محاولة للوقوف بجانب مصر ودعم اقتصادها المتردي بعد ثورة الـخامس والعشرين من يناير، وفضحت الصحيفة حقيقة أن جزءًا كبيرًا من المشروعات الاستثمارية  الإماراتية في مصر تقوم بتنفيذها شركات تابعة للجيش من وراء ستار، بهدف الوصول السريع لرأس المال في يد قادة الجيش الذين يحكمون قبضتهم على السلطة في مصر.

-الدعم العسكري:

واحدة من أبرز الدول التي تتدخل  الإمارات فيها عسكريًا الآن هي ليبيا، البلد العربي المنهك في الخلافات والنزاعات الداخلية بعد سقوط القذافي. فدعم حفتر ضد الإسلاميين الليبيين بالنسبة للإماراتيين هي النهاية الحقيقية للربيع العربي الذي جاء بالإسلاميين  إلى سدة الحكم في تلك الدول.

وتكشف صحيفة نيويورك تايمز أن  الإماراتيين بالتعاون مع الجيش المصري هاجموا ليبيا، وقال مسئولون أمريكيون إن مصر و الإمارات العربية كانتا وراء الغارات الجوية التي شنت في ليبيا أكثر من مرة مستهدفة إسلاميين يتقاتلون من أجل السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، فالغارات الجوية في طرابلس نفذتها طائرات إماراتية مستخدمة قواعد عسكرية في مصر، كما وفرت  الإمارات الطائرات الحربية، وطائرات التموين الجوي والأطقم، بينما سهلت مصر سبل الوصول  إلى قواعدها الجوية.

وبخصوص انتهاكات حظر الأسلحة، قال الخبراء: إن  الإمارات صدّرت بشكل غير مشروع أسلحة  إلى ليبيا وإنهم تلقوا معلومات تفيد بأن أبو ظبي نقلت عتادا عسكريا  إلى مدينة طبرق شرق البلاد أواخر العام الماضي.

وكانت غرفة ثوار ليبيا قد أكدت أن جهاز الأمن  الإماراتي قام بتشكيل خليتين من أجل الانقلاب على الثورة الليبية وضرب نتائجها، وإيقاف تصدير النفط الليبي، وقالت غرفة العمليات في بيانها: “حسب المعلومات التي حصلنا عليها فإن الأمن  الإماراتي شكل خليتين على مستوى عالٍ جدًا، الأولى أمنية تعمل على إسقاط النظام الليبي الجديد، ومواجهة المد الإسلامي، وإسقاط المؤتمر الوطني. أما الخلية الثانية فهي خلية (إعلامية) متخصصة تعمل خارج وداخل ليبيا وتتخذ من العاصمة الأردنية عمان مقرًا لها.

وحول دور الخلية الثانية أوضح البيان أنها تهدف بالدرجة الأولى لبث الأخبار التي تخدم عمل الخلية الأمنية، كما ترمي  إلى التحريض على التيار الإسلامي تحسبًا لوصوله  إلى الحكم، وخاصة مع ارتفاع رصيده مؤخرًا في الشارع الليبي بحسب أغلب التقديرات.


كما تكرر التواجد العسكري  الإماراتي السعودي في مناطق عدن ومحافظات الجنوب، وأكثر في جزيرة سوقطرة، إضافة لبناء  الإمارات قاعدة عسكرية في جزيرة ميون المطلة على مضيق باب المندب دون استشارة أو أي تنسيق مع الجانب اليمني ممثلاً بحكومة الرئيس هادي الشرعية، وصفه العديد من اليمنيين بالنشاط الاحتلالي، وترمي  الإمارات من كل ذلك إعادة نفوذها بمنطقة باب المندب الحيوية، وتحديداً في ميناء عدن، الذي كانت تستأجره من حكومة علي عبدالله صالح فيما سبق، إضافة لذلك سعيها المباشر في الحصول على استثمارات في المنطقة تؤكد حضورها الفاعل، عبر استخدام نفوذها وتأثيرها على صانعي القرار في أية حكومة يمنية قادمة، وذلك من خلال استثماراتها ومشاريعها الاقتصادية، واستخدام الجمعيات الخيرية الإمارتية كذراع ناعمة لتثبيت رؤى  الإمارات في بناء المنطقة بعيداً عن توجهات ثورات الشعوب في التغيير والإصلاح، وربما جاءت أخبار انسحاب القوات الإمارتية أو إعادة انتشارها مؤخراً، ما يدل على تغييب الصورة السلبية لدورها المخرب، ويأتي في إطار ذر الرماد في العيون.

أسباب الحرب  الإماراتية السعودية على الربيع العربي

منذ الربيع العربي، بدأ دور الإمارات والسعودية في الظهور كمحاربين للثورات الشعبية، وباعتبارهما لاعبَين رئيسيين في الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.

-فوبيا التمدد الثوري:

وتسبب الفوبيا من الثورات الشعبية في رسم كثير من السياسات  الإماراتية السعودية.

ففي  الإمارات بدأ الحديث عن مجموعات تهدد النظام الداخلي، من جميع الخلفيات بما في ذلك مجموعات من المحامين والقضاة وموظفي الخدمة المدنية وأساتذة الجامعات والطلاب وحتى رجال الأعمال، تأثروا بموجات التغيير المنتشرة في أرجاء المنطقة، فانتهى بهم المطاف في السجن، ويواجهون الآن اتهامات بتقويض الحكم؛ مما اضطر عدد من هذه المجموعات  إلى الفرار وطلب اللجوء في بلدان أخرى والبقاء في المنفى خارج دولة  الإمارات.

كما أن الجاليات العربية التي يشتبه في نشاطها السياسي واجهت معاملة مماثلة، بما في ذلك السوريين المشتبه في انتمائهم  إلى جماعة الإخوان المسلمين والفلسطينيين الذين يشتبه في تعاطفهم مع حركة حماس، اُعتقلوا أيضًا، وتعرضوا للتعذيب وأُخرجوا قسرًا من البلاد.

ووفقًا لعزام التميمي، في ندوة “الربيع العربي بالشرق الأوسط”، التي عقدت بلندن، ديسمبر 2018″، فإنه كان من الواضح أن الربيع العربي كشف نشأة موقفين في الشرق الأوسط، الموقف الأول: تبنته دول مثل قطر وتركيا حيث التقى تعاطف الحكومات مع الأحداث مع الرغبة الشعبية للتغيير والإصلاح، لكن في بلدان أخرى، مثل الأردن والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى بما في ذلك  الإمارات، كان هناك قلق من التهديد الذي مثلته هذه الدعوات من أجل الديمقراطية، وهروب زين العابدين بن علي من تونس كان وراء فكرة أن هذا الشعور الشعبي قد يمتد  إلى دول أخرى، مما دفعهم  إلى اتباع سياسة نشطة لمحاولة قمع الربيع العربي.

كما أوضح الدكتور التميمي أن دولة  الإمارات العربية المتحدة كانت قادرة على حشد الدول في أنحاء الشرق الأوسط من أجل قمع الانتفاضة، وقال: “في الواقع إنه ليس سرًا أن  الإمارات كانت وراء الانقلاب ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيًا في مصر، محمد مرسي”، مضيفًا: “فعلى خلفية انتشار الربيع العربي كمطلب شعبي للإصلاح السياسي سجلت وضعية حقوق الإنسان في  الإمارات العربية المتحدة تدهورًا كبيرًا. “.

ومن جهة أخرى، قال “نيكولاس ماك قيهن” من هيومن رايتس ووتش: “دولة  الإمارات العربية المتحدة في واقع الأمر وفي كثير من الأحيان انزلقت تحت الرادار من دون مراقبة، ولكن في الحقيقة كانت دولة وحشية أرادت إخفاء وحشيتها من خلال نفوذها”، مضيفًا: “قبل انطلاق شرارة الربيع العربي كانت علامات الوحشية في  الإمارات في واقع الأمر موجودة، ولكنها وبعد الربيع العربي ومع الدعوة  إلى الإصلاح المعتدل، وإعطاء الصلاحيات التشريعية للمجلس الوطني الاتحادي، ومع المطالبة بانتخاب أعضائه ردت  الإمارات بطريقة أكثر وحشية، واعتبر النظام هذه المطالب تهديدًا وجوديًا وتهديدًا للاستقرار.

واتُّهمت  الإمارات بخرقها للقواعد في “محاكمات هزلية” للإسلاميين تم خلالها عرض الحالات باعتبارها قضية أمن قومي، حيث اُعتقل الناشطون السياسيون واُحتجزوا من دون توفير محامين للدفاع عنهم، كما أكد النشطاء السياسيون عمليات التعذيب والمعاملة المهينة التي واجهوها في سجون  الإمارات، وأكدوا تعرضهم لمعاملة سيئة ولجميع أنواع التحرش من سرقة لسياراتهم وأموالهم وحساباتهم المصرفية وتهديد لأسرهم، في حين تطورت المعاملة في السجن من الضرب  إلى ربطهم في أوضاع مؤلمة واستخدام الحرارة الشديدة والبرد القارس.

-لعنة المال

يقف أغلب المحللين عند تحليل ظاهرة لعنة الموارد، متناسين ما خفي من أسباب أخرى كالهيمنة الأجنبية على النفط العربي. فقد عانت معظم الدول العربية الغنية بالنفط والغاز من نزاعات حادّة، زعزعت استقرارها وأمنها ولا سيَّما العراق وليبيا ومؤخراً الجزائر.

وأصل تلك النزاعات هو وفرة النفط الذي خلق العديد من الفرص لفساد النخب الحاكمة التي مكَّنت الأيادي الأجنبية من السيطرة على النفط العربي، بعدما كان ذلك شبه مستحيل في حقبة سابقة من الزمن.

وساهم الذهب الأسود في تأجيج جشع وطمع الحكام، ودفعهم  إلى سلك مختلف الدروب للاستحواذ على الحكم وترسيخ الفساد، الذي يضمن بقاءهم في كراسيّهم لفترة أطول، ولا ننسَ الأطماع الخارجية التي تربَّصت بالنفط العربي، والتي منحت كذلك فرصاً للنخب الحاكمة للاستمرار في الحكم لم يتمكنوا من الحصول عليها فرادى.

وتعد  الإمارات مثال حيّ على تسخير النفط لشراء الصمت الاجتماعي وتحقيق الكبت السياسي، وتغيير مسار الثورات التي اندلعت في العديد من الدول العربية وأهمّها اليمن، كما بلغ الإنفاق العام في السعودية مستويات غير معقولة، وكل ذلك في سبيل امتصاص أيّ غليان أو تذمُّر شعبي.

كما استعملت  الإمارات أيضاً مواردها النفطية في توجيه الثورة اليمنية نحو منطقة الصراع المزمن وتحويل اليمن  إلى ساحة حرب مستباحة.

وإضافة للتدخُّل  الإماراتي في الحالتين السورية والليبية، ما زال الانقلاب العسكري في مصر لصيقاً بمليارات الريع النفطي الخليجي.

ولعل من بين العوامل التي تؤمن للإمارات حرية نسبية في استعراض القوة الإقليمية علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن وصف هذه العلاقات بأنها بالغة الأهمية بالنسبة للإمارات، لدرجة أن سفارة أبو ظبي تنفق مئات الملايين من الدولارات على الصيت فقط، ما بلغ درجة وصف قناة “دويتشه فيله” الألمانية سفير  الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، بأنه “سيد واشنطن”، وتصفه شبكة “بي بي سي” البريطانية بأنه أكثر من سفير لدى واشنطن، كما تصفه “هافنجتون بوست” بأنه “الرجل الأكثر سحرًا وتأثيرًا في واشنطن” في مقال يحمل عنوانه دلالة أكبر من دلالة التوصيف، حيث كان عنوان المقال “إنها مدينته – His Town”.

ولم يكن وصف دويتشه فيله له بأنه “أسرع طريقة للحصول على المال في واشنطن” محض دعاية، فمكالمة هاتفيه منه دفعت  الإمارات لتمويل معهد لـ”أمراض قلب الأطفال” في واشنطن بمبلغ 150 مليون دولار.

كما أن الطريق السريع المفتوح أمام “العتيبة” مع كل مراكز التأثير في واشنطن ليس بعيدا عن هذا الإطار، فالرجل لدى وصوله  إلى منصب سفير بلاده في واشنطن؛ قام بتعيين “إيمي ليتل توماس”، أهم مسؤولة علاقات عامة في إدارة “جورج بوش الابن” للعمل كمسؤولة البروتوكول في سفارة  الإمارات، وهي السر في فتح جميع الأبواب التي كان يحتاجها السفير، وتلك العلاقة هي ما تمكن  الإمارات من ممارسة أدوارها القذرة في المنطقة العربية وتحميها من المحاسبة.

كما أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين لا تقل تميزا عن صورة سفارة  الإمارات في واشنطن، فحجم الاستثمارات  الإماراتية في واشنطن يبلغ 100 مليار دولار، منها 27 مليار دولار في صورة استثمارات مباشرة، تسهم في الحفاظ على نحو 12 ألف فرصة عمل. كما سجلت التجارة الخارجية غير النفطية نحو 24 مليار دولار خلال عام 2017، منهم 4 مليار دولار صادرات إماراتية. هذا النفوذ ما يجعل الولايات المتحدة في حالة تغطية مستمرة على العدوان  الإماراتي الإقليمي، ومستعدة لتحمل المخاطر التي يتسبب بها هذا النوع من الحلفاء على حد توصيف مسؤولين سابقين في الإدارات الأمريكية، وهي مخاطر ترتبط بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وتبلغ حد مشاركة مسؤولين أمريكيين سابقين في أنشطة تجسس على رؤساء دول، ومن بينهم أمير دولة قطر تميم بن حمد نفسه.

كما تستضيف دولة  الإمارات على أراضيها قواعد عسكرية خاصة بثلاث دول، هي: الولايات المتحدة وفرنسا وأستراليا.

وتتمتع  الإمارات بعلاقة وطيدة مع دولة الاحتلال، فاللقاءات العلنية بين سفراء  الإمارات وسفراء الكيان الصهيوني تتلاحق في الصحف العربية والعالمية. كما فازت شركة “آسيا غلوبل تكنولوجي” السويسريّة، التي يُديرها رجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي “ماتي كوخافي”، بعقد بملايين الدولارات لبناء مشاريع للحفاظ على الأمن الداخلي في  الإمارات. كان موقع “بلومبيرج” الأمريكي، أكد أن تل أبيب باعت للإمارات والسعودية خدماتٍ للحرب، كما أنها تحرس آبار النفط، وتزودهم بحراس شخصيين. وبخاصة في الدول الغربية. ولم تكن عملية اغتيال القيادي بحركة المقاومة الإسلامية “حماس” عماد المبحوح، أولى العلاقات التعاونية الأمنية القذرة، بل تطورت العلاقات لصالح تجسس بعثة الصليب الأحمر  الإماراتية على المقاومة الفلسطينية التي استهدفت جمع معلومات استخباراتية عن مواقع كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس” ومنصات إطلاق الصواريخ. وتبع ذلك مشاركة إسرائيل بتقنية تجسس مكنت  الإمارات من اختراق هواتف كبار المسؤولين في الدول العربية. وقادت  الإمارات كذلك جهود التطبيع الرياضي مع دولة الاحتلال بالسماح بعزف النشيد الوطني لإسرائيل ورفع العلم حال فوز أي مستوطن بميدالية ضمن بطولة للجودو.

وأمام تلك المعطيات التي تصوغ للإمارات وحلفائها الانطلاق في مشاريع السيطرة بالمنطقة العربية، لخدمة أهداف وأجندات إماراتية سعودية تتماهى مع المشاريع الغربية والأمريكية في المنطقة العربية، لا يمكن الفكاك منها بقوة المصالح الاستراتيجية المشتركة بين الجانبين  الإماراتي السعودي من جهة والغرب وأمريكا وإسرائيل من جهة أخرى.

مخلب غربي

ولعل ما يفسر انزعاج  الإمارات والسعودية من الربيع العربي، وفق الباحث “نيكولاس ماك قيهن” أن  الإمارات استمرت في الحفاظ على صورة إيجابية لها من خلال الضغط لكونها أعلى هيئة إنفاق خارجي في دعم المستشفيات، وجهود الإغاثة في حالات الكوارث والأحداث الثقافية، لكسب ود ودعم الأنظمة القوية الأجنبية، وتحديدًا الولايات المتحدة وبريطانيا، مضيفًا: “بطبيعة الحال، قد استخدمت دولة  الإمارات في نهاية المطاف أداة القوة الناعمة لتعزيز نفوذها مثل إنفاقها الضخم على نادي كرة القدم مانشستر سيتي، مع القيام بعدد من المشاريع الأخرى.

ما أكسبها زخما سياسيا دوليا، منحها حرية التحرك في القيام بأدوار سياسية، يصنفها البعض بالقذرة، كمحاولات إخضاع الشعب الفلسطيني للمشروعات الصهيونية، وعملها كسمسار نقل أملاك المقدسيين للصهاينة، وقيامها بتسويق المستبدين العرب في الغرب، بجانب تقديم الخدمات اللوجستية والاستراتيجية للمشروعات التغريبية بالمنطقة العربية.

الغباء السياسي

وكان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي أرجع في أحاديث صحفية سابقة الأسباب التي تدفع  الإمارات والسعودية للوقوف أمام طموحات شعوب الربيع العربي في التحرّر  إلى “الغباء السياسي” لهذه الدول.

واستطرد بالقول: “لا تفسير لهذا الأمر؛ فلو كانت هذه الأنظمة واثقة من أنها تكتسب شرعيتها من شعوبها، وتقيم العدل فيهم، لما خشيت من ارتدادات الثورات عليها.

أبعاد الدور التخريبي للإمارات والسعودية

يعتقد جوناثان فنتون هارفي، الصحفي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنه رغم الوعي المتزايد بـ”النفاق  الإماراتي”، فإن ذلك لم يمنع الدول الغربية، وضمن ذلك أمريكا والمملكة المتحدة، من الحفاظ على علاقات قوية مع  الإمارات وتزويدها بالأسلحة.

فيما يتعلق بالدور  الإماراتي إقليميا ودوليا- يتلاحظ اتساع امتداد هذا الدور جغرافياً واختراقه هياكل وأبنية كثيرة، حيث يشمل تقريبا كامل المساحة العربية سواء منها ما شملته رياح الربيع العربي أو تلك التي لم تشملها.

هذا الحضور العمودي والأفقي هو الذي يدفع  إلى طرح أسئلة كثيرة عن القدرة والخلفية والأهداف والدوافع. فكيف لدولة صغيرة الحجم أن تتحكم في مصائر ملفات إقليمية كبرى ذات تقاطعات كبيرة إذا لم تكن جزءا من مشروع أكبر؟

فقامت  الإمارات بحجْر السفر على المواطن القطري الذي اعتبرته بالأمس مرشحا بارزا لقيادة الانقلاب الذي خططت له على نظام الحكم في قطر، ومنعت سفر النساء التونسيات على الخطوط  الإماراتية، وقبلها منعت رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق من السفر لأوروبا، وقبلها أيضا هندست التدخل الدامي في اليمن، ثم رسمت مخطط حصار قطر.

هذه الحوادث الخطيرة -والتي لا تستوفي لائحة الفعل الانقلابي والفوضوي- إنما تشكّل علامات دالة على طبيعة الفعل السياسي الخارجي لدولة  الإمارات، وتصورِه لحدود سيادة الدول خاصة العربية منها، ومدى تهديد ذلك للأمن القومي والاجتماعي لهذه الدول.

ولأن إفشال الثورات العربية، هدفا غربيا في مجمله، حتى لو بدت بعض التصريحات من هنا أو هناك، ويبقى استمرار النظام هدفا غربيا بامتياز، تغذيه الدوائر الصهيونية العالمية، لترسيخ قناعة عالمية، بأن العرب لا يصلحون للحرية ولا للانتخابات ولا للديمقراطية، وأن النظام القمعي هو قدَرهم الوحيد. وبهذا تشرّع الأنظمة الدكتاتورية العربية للقمع والاستبداد والفساد ونهب الثراوت، باعتبار ذلك هو الخيار الوحيد لحكم المنطقة العربية.

كما تسعى  الإمارات والسعودية لشيطنة الإسلاميين وكل دعاة الديمقراطية لضمان ترسيخ مشروعهم التغريبي الصهيو أمريكي.

مخاطر مستقبلية

لا شك اليوم في أن تخريب المشهد العربي، وضرب كل التجارب الانتقالية السلمية فيه، ودعم الانقلابات الدامية والناعمة؛ إنما يشكل أخطر تهديد لمستقبل المنطقة، لأنه فعل لا يكتفي بمعاداة الشعوب وضرب حقها في الحرية والعدالة الاجتماعية، بل يؤسس أيضا للفوضى والعنف كخيار وحيد للتغيير.

إن أخطر ما يهدد أمن الدول العربية اليوم هو موجة اليأس التي ستعقب حالة الإحباط من فشل الثورات السلمية، لأنها ستشكل قاعدة تبني عليه جماعات العنف والفوضى وقوى التخريب -التي تقف وراءها- مشروعَها في تدمير ما تبقى من كيانات الأمة، وخياراتها السلمية للخروج من حالة الانهيار والتبعية والفساد والاستبداد.

سيناريوهات مستقبلية

الأول: انحسار التوغل  الإماراتي والسعودي بسبب الخلافات البينية:

ومع استمرار المغامرات التي يقودها النظامان السعودي و الإماراتي ضد الشعوب العربية، تبدلت بعض المواقف البينية، فقد بدا واضحاً أن  الإمارات تنظر بكثير من الريبة والقلق إزاء خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في جعل المملكة مقصداً سياحياً وبيئة استثمارية جاذبة لرؤوس الأموال التي فقدت الثقة جزئياً أو كلياً بالإمارات وخاصة إبان الإزمة المالية الخانقة التي ضربتها والتي مازالت مفاعيلها تسري حتى يومنا هذا. ولا شك أن تأسيس دور للسينما والسماح بإقامة حفلات غنائية ومهرجانات عالمية واعتماد الترفيه كمصدر للدخل القومي في المملكة سيحرم  الإمارات من أهم امتيازاتها التي طالما استقطبت بموجبها مواطني مجلس التعاون الخليجي. لكن الخطر الأكبر الذي تخشاه  الإمارات هو مدينة نيوم السعودية وميناؤها الذي من شأنه -حين اكتماله- أن يحول جزءاً كبيراً من التجارة العالمية صوب البحر الأحمر ما يشكل ضربة كبيرة لموانئ دبي التي توصف بأنها الذراع الاقتصادية الضاربة للإمارات العربية المتحدة.

وعلى ما يبدو فإن التحالف السعودي  الإماراتي الذي توحد في محاربة حريات الشعوب، قد يتصادم أمام اختلاف المصالح التي أظهرت الأحداث حجم تناقضها وتباعدها وتحولها  إلى وقود لصراع خفي بينهم خرجت بداياته جلية  إلى العلن، ولا ندري كيف ستكون نهاياته.

وكذلك ومع استمرار تمنع السيسي عن تقديم الدعم العسكري المفتوح للسعودية في صراعاتها مع إيران في الخليج العربي، نأت السعودية عن تقديم مساعدات مالية مجانية، ما عرض الاقتصاد المصري لهزة عنيفة، ما قد يجعل حلف الشر المبرم بين السعودية و الإمارات ومصر، يتضعضع بعض الشيء، وهو ما يصب بدوره في صالح الشعوب العربية.

السيناريو الثاني: استفراد  الإمارات بالتوغل إقليميا:

حيث يرى خبراء، أن استراتيجية  الإمارات تقوم على أنه لا ثوابت مع الحلفاء العرب، فبرغم وجود علاقات تحالف جمعت  الإمارات بدول الخليج جميعها، إلا أن السلوك  الإماراتي خلال الخمسية الماضية يتسم بالتنكر لكل هذه العلاقات. فمن جهة، لم يمثل مجلس التعاون الخليجي أية قيمة للإمارات عندما بدا أنه يمثل قيدا على تصورات قياداتها السياسية، فجرى العصف به لصالح علاقات ثنائية مع المملكة السعودية. ومن جهة ثانية، فإن العلاقات مع السعودية لم تمثل ثابتا يمكن الاستناد إليه في فهم السلوك الخارجي  الإماراتي، وهو ما تبدى جليا في الحرب الدائرة في اليمن، حيث بدا للقيادة  الإماراتية مواجهة حلفاء السعودية في اليمن بالأسلحة الثقيلة متى بدا أن تلك المواجهة تخدم رؤيتها الخاصة في اليمن، حتى لو كانت على حساب السعودية نفسها، وهو ما تبدى في تحذير رئيس اليمن الراحل، علي عبد الله صالح، وميليشياته قبيل هجمات التحالف على صنعاء. كما تتحرك  الإمارات كذلك ضد الأمن الإقليمي لسلطنة عمان برغم ما بين الدولتين من تفاهمات حول إدارة الصراع في شبه الجزيرة، حيث تتحرك  الإمارات لشراء ولاءات قبلية وأراض عمانية متاخمة للخط الحدودي بين البلدين، وفي أراض عمانية تقع داخل الخط الحدودي  الإماراتي، وهو ما يشير لنوايا باحتمال إعلان ضم هذه الأراضي.

بل خططت  الإمارات في وقت سابق لمهاجمة الدور الكويتي المحايد مع قطر، إلا أن التحالف الاستراتيجي الكويتي الأمريكي عرقل ذلك التوجه. وهو ما يرشح استمرار تمدد  الإماراتي العدائي ضد الدول العربية، بتشجيع وحماية من الدوائر الأمريكية الغربية.

السيناريو الثالث: صعود موجة ثانية من الربيع العربي توقف الأدوار السعود إماراتية بالمنطقة:

وهو ما يمكن الإشارة إليه في التجربة التونسية، وإصرار الشعب عبر جولات انتخابية على أن يكون الصندوق الانتخابي هو الحكم، ورفض التدخلات الإقليمية، وتجلي الوعي الشعبي بصورة أكبر بعد حالة أظهرت فيها الأحداث الحقائق جلية، ونزعت مجريات الأمور السياسية عربيا، القناع وأظهرت الخداع الذي يحمله المشروع العسكري والمدعوم إماراتيا وسعوديا للانقلاب على إرادة الشعوب، لضمان استمرار مصالحها في سيطرة نخبها المصنوعة غربيا على سدة الحكم، وهو ما يتحلى في هتافات الجماهير السودانية الثائرة ضد السعودية و الإمارات والسيسي، وكذا جماهير الكرة في كل الأقطار العربية التي توحدت على الهتاف ضد السيسي، وكذا رفض الشعب الجزائري طروحات العسكر وإصرارهم على التظاهر أيام الجمعة والثلاثاء بالداخل الجزائري ويوم الأحد بالخارج الأوربي، ضد إصرار العسكر على تسيير الانتخابات الجزائرية الرئاسية، وفق المعادلة القديمة لاستعادة تخليق النظام العسكري بوجوه جديدة.

……………………………

المراجع:

دراسة ” الإمارات و الموقف من الرّبيع العربي”،مركز الدراسات الإستراتيجية والديبلوماسية،2017

مال  الإمارات سلاح رئيس لتقويض ثورات الربيع العربي، الجزيرة نت، مارس،2019

 الإمارات وانتهاك سيادة الدول والثورات،محمد هنيد، العرب، اللندنية، يونيو، 2019

ميليشيات  الإمارات تنقلب على اتفاق الرياض بشأن الحل في اليمن، موقع إمارات ليكس، ديسمبر2019


تحديات الالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض، عبد الله الدهمشي، يمن برس، ديسمبر2019

السعودية و الإمارات و مصر. مثلث الشر الذي يصارع نفسه، نون بوست، أغسطس 2019

الدور الإقليمي  الإماراتي: حصاد فراغ القوة، تقدير موقف، مركز الجزيرة، فبراير، 2017

الحرب السرية في الخليج: معركة الاستحواذ على الصحافة الأجنبية، أحمد الدباغ، موقع “ساسة بوست”، 31 يوليو 2017.

 يوسف العتيبة : أكبر من سفير لدى واشنطن، شبكة “بي بي سي” العربية، 14 يونيو 2017.

تفاصيل “مخطط السعودية لغزو قطر”، موقع وكالة “سبوتنيك” الإخبارية الروسية، 16 ديسمبر 2018.

 تونس: أداء حركة النهضة في 2017،

وسام فؤاد، المعهد المصري للدراسات، 9 فبراير 2018.

 الإمارات خصم جديد لتركيا،

يوسف شيخو، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 16 فبراير 2018.

هل تحوّل تركيا جزيرة “سواكن” السودانية لقاعدة عسكرية؟،

عباس محمد صالح، موقع “الخليج أونلاين”، 15 نوفمبر 2018.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022