هل يتم تنفيذ قرار البرلمان الأوروبى بفرض عقوبات على مصر؟

 

 

صوت البرلمان الأوروبي، فى 18 ديسمبر 2020 على مشروع قرار يطالب المؤسسات الأوروبية بخطوات جادة لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، وقد صدر قرار البرلمان الأوروبي عن النظام المصري بأغلبية كبيرة حيث صوت لصالح القرار 434 من أعضاء البرلمان، واعترض عليه 49 عضواً وامتنع 202 عضواً عن التصويت.

 

أولاً: أهم بنود القرار الأوروبى:

يمكن عرض أهم ما جاء بالقرار الصادر عن البرلمان الأوروبى فيما يلى:

1- ركز القرار بصورة رئيسية على الاعتقالات الأخيرة لقيادات وناشطي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: جاسر عبد الرازق وكريم عنًارة ومحمد بشير؛ والتى جاءت بسبب لقائهم بدبلوماسيين أوروبيين في القاهرة. ويحث البرلمان السلطات على إسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، وإنهاء جميع أشكال المضايقة والترهيب ضدهم وضد مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومديرها بالإنابة حسام بهجت، وإلغاء أي إجراءات تقييدية، بما في ذلك حظر السفر وتجميد أصول الأموال المتخذة ضدهم وضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. كما طالب البرلمان بالإفراج الفورى وغير المشروط عن باتريك جورج زكي (الباحث المصري في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية)، الذي تم تمديد حبسه 45 يوماً أخرى في 6 ديسمبر 2020.

2- ركز القرار على إلغاء قانون المنظمات غير الحكومية لعام 2019 وقانون مكافحة الإرهاب. ويدعو البرلمان السلطات المصرية من جديد إلى إغلاق القضية رقم 173/2011 (قضية التمويل الأجنبي)، ورفع جميع حالات حظر السفر وتجميد الأصول المفروضة على ما لا يقل عن 31 من المدافعين عن حقوق الإنسان وموظفي المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان في إطار القضية.

3- ركز القرار بصورة كبيرة على مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني عام 2016؛ ويدعو البرلمان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء إلى حثّ السلطات المصرية على التعاون الكامل مع السلطات القضائية الإيطالية، ووضع حد لرفضها إرسال عناوين المشتبه بهم الأربعة الذين حددهم الادعاء الإيطالي في روما عند إغلاق التحقيق، وفقاً لما يقتضيه القانون الإيطالي، من أجل إتاحة الفرصة لتوجيه اتهامات رسمية لهم في إطار محاكمة عادلة لهم في إيطاليا.

4- كرر البرلمان الأوروبي دعوته لإجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر؛ ويعتبر أن وضع حقوق الإنسان في مصر يتطلب مراجعة جادة لعمليات دعم الميزانية للمفوضية الأوروبية ويتطلب تقييد مساعدات الاتحاد الأوروبي لدعم الجهات الديمقراطية والمجتمع المدني بشكل أساسي؛ ويدعو البرلمان إلى مزيد من الشفافية بشأن جميع أشكال الدعم المالي أو التدريب الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير وبنك الاستثمار الأوروبي لمصر؛ ويُذكِّر البرلمان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء بأنه لا يجب منح جوائز للقادة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان (في إشارة لوسام جوقة الشرف الذي منحه ماكرون للسيسي). كما كرر البرلمان الأوروبي دعواته إلى وقف جميع صادرات الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة وغيرها من المعدات الأمنية إلى مصر[1].

 

ثانياً: ردود الفعل المصرية على القرار:

على رغم أن تأثير قرار البرلمان الأوروبي على العلاقات المصرية – الأوروبية لا يبدو واضحاً إلى الآن، إلا أن الاستنفار المصري في التعامل معه عكس حالة الاضطراب لدى نظام عبد الفتاح السيسي، خاصة أن القرار يترافق مع مطالبة بعض الأصوات بفرض حظر أوروبي شامل على تصدير السلاح إلى مصر إلى حين تحسن الظروف، فضلاً عما يمكن أن يُولّده من تأثيرات سلبية في الاستثمارات الأوروبية داخل البلد[2].

وقد ظهر هذا الاستنفار المصرى فى رفض مجلس الشيوخ – الغرفة الأعلى من البرلمان – القرار، قائلا إن “استغلال ملف حقوق الإنسان ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية أمر يتنافى مع المواثيق الدولية ومع سيادة مصر على أراضيها”. وشدد المجلس، في بيان، على أن جميع المتهمين الذين أشار إليهم الاتحاد الأوروبي “مدانون بارتكاب جرائم جنائية يعاقب عليها القانون المصري مثل غيره من القوانين العقابية في دول العالم، ويحاكمون بالإجراءات القانونية التي يحاكم بها غيرهم”[3].

وجاء هذا بعد اصدار مجلس النواب المصري بياناً ندد فيه بالقرار الأوروبي مطالبا البرلمان الأوروبي “بعدم تنصيب نفسه ‏وصيًا على مصر، والنأي عن تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة ‏أغراض سياسية أو انتخابية”. كما قال البيان المصري إنه كان يجب على البرلمان الأوروبي أن ينظر “‏نظرة موضوعية للجهود المصرية في حفظ الأمن والاستقرار ليس على المستوى ‏الداخلي فقط، وإنما على المستوى الإقليمي أيضًا، خاصة في مجالي مكافحة الإرهاب ‏والهجرة غير الشرعية في ظل ظروف إقليمية شديدة الاضطراب والتعقيد”[4].

وعلى الرغم مما تظهره تلك البيانات من رفض لقرار البرلمان الأوروبى، وما تعكسه من تعنت مصرى فى الاستجابة للمطالب الأوروبية، إلا أنه على أرض الواقع، حدث نوع من الاستجابة المصرية والفورية لهذه المطالب، والتى ظهرت فى موافقة مجلس الوزراء المصري، فى 24 ديسمبر 2020، على مشروع قرار رئيس الجمهورية، بشأن العفو عن بعض المحكوم عليهم في السجون، والإفراج عنهم قبل قضاء مدة حبسهم، بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة وثورة 25 يناير. ونقلت مواقع محلية مقربة من الأجهزة الأمنية، تصريحات عن مصادر أمنية قولها، إن قائمة الأسماء تتضمن عددا من السياسيين والصحفيين ورموز المعارضة المتهمين في قضايا تتعلق بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وقد نقل موقع «القدس العربي» عن مصادره إن “السلطات المصرية تخطط للإفراج عن 5 آلاف سجين سياسي”[5].

 

ثالثًا: هل يتم تنفيذ قرار البرلمان الأوروبى بفرض عقوبات على مصر؟:

يرى العديد من المراقبين أن البرلمان الأوروبى قد يلجأ هذه المرة إلى فرض عقوبات فعلية على مصر، لمجموعة من الأسباب منها:

1- أن البرلمان الأوروبي لم يسبق أن وجه انتقادات للنظام المصري بهذه الحدة، كما أنه طرح لأول مرة مقترحات محددة لعقاب النظام المصري والتي قد تجد استجابة عالمية واسعة[6].

2- تزامن القرار مع الضغط الإيطالى على نظام السيسى فى قضية مقتل ريجينى، فبعد أن أعلنت النيابة العامة في مصر أواخر الشهر الماضي (نوفمبر 2020) إغلاق التحقيق مؤقتا في مقتل ريجيني، وهو القرار الذى يرجعه مراقبين لسببين أساسين: الأول يبدو أن النظام يريد حماية أحد الأشخاص المهمين من الدوائر المقرّبة من السيسى ، قيل إنه متورّط في القضية. يتعلق الأمر الثاني بالنهج الذي قطعه السيسى بأنه لن تتم محاكمة أي من الضباط إذا ما ارتكب فعلا فاضحا، وهذا مرجعه شبكة التحالفات الأمنية التي يحكم من خلالها السيسى ، ويريد الحفاظ على أفراده لحماية نظام حكمه[7].

فقد اتهمت النيابة الإيطالية أربعة من رجال الأمن المصري بالتورط في قتل وتعذيب الباحث الإيطالي، وليقوم الادعاء الإيطالي بتحريك دعوى غيابية ضد الضباط المصريين الأربعة المشتبه فيهم. ويبدو أن التحرك الإيطالى هذه المرة مختلف عن التحركات السابقة، خاصة أن حركة “النجوم الخمس”، اللاعب الأبرز في ميدان السياسة الإيطالية حالياً، هى من تتزعم الحراك الأوروبي ضد مصر، وهي التي كان يرأسها، وزير الخارجية الحالي لويجي دي مايو.

ويسيطر التوتر على علاقة دي مايو الشخصية بعبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته سامح شكري، مع توجيه نواب “النجوم الخمس” في البرلمان الأوروبي، وعلى رأسهم المقرب منه فابيو كاستالدو، انتقادات لاذعة لمنح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف للسيسي، وهو ما دفع عدداً من الشخصيات العامة، الإيطالية والأوروبية، لإعلان تخليهم عن الوسام، من بينهم كتّاب وفنانون. كما يتزعم دي مايو اتجاهاً يطالب باتخاذ إجراءات حاسمة لتعطيل صفقات السلاح التي عقدها السيسي أخيراً مع الشركات الإيطالية ولم تصدر الحكومة قراراً بشأنها حتى الآن[8].

3- تزامن القرار مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فى 22 ديسمبر 2020، رفضه دفع معونات عسكرية للجيش المصري، معتبراً أن القاهرة ستستخدم المساعدات الأمريكية لشراء معدات عسكرية روسية. وأقر الكونغرس الأمريكي خطة الإنفاق لعام 2021، بالمساعدة العسكرية المعتادة البالغة 1.3 مليار دولار لمصر، واشترط الكونغرس إحراز تقدم في مجال حقوق الإنسان في مصر لصرف 300 مليون دولار من حزمة مساعدات مقررة للقاهرة.

فيما أفادت تقارير أخرى بأنه تم تعليق منح 225 مليون دولار للقاهرة من مساعدتها السنوية إلا بعد تقديم تقرير من الخارجية الأمريكية يؤكد التزام مصر، طوال العام الماضي، بدور القانون وحماية الأقليات وحقوق المرأة وتطبيق إصلاحات تدعم حرية التعبير والتجمع ومحاسبة رجال الأمن المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان[9].

4- أن السنوات المقبلة ربما يتصدر الحديث عن الديمقراطية ومناصرة المجتمع المدني جانبا من اهتمامات الدول الغربية، خاصة مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، وهو الذى يدفع بقوة لجعل قضايا حقوق الإنسان على رأس العلاقات مع مصر، بل وربط بين تحسين حالة حقوق الإنسان فى مصر وتقديم المساعدات الاقتصادية والعسكرية عندما أشار أنه “لن يكون هناك شيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل (يقصد السيسى)”.

 

وفى المقابل، يرى العديد من المراقبين أن إمكانية تنفيذ قرار البرلمان الأوروبى بفرض عقوبات على مصر مستبعد بصورة كبيرة لمجموعة من الأسباب منها:

1- امتلاك مصر لأوراق ضغط على الاتحاد الأوروبى والدول التى تطالب بفرض عقوبات عليها. فعندما لجأت روما إلى الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على مصر لعدم تعاونها فى قضية ريجينى، لجأت القاهرة هى الأخرى لفتح وتدويل قضية سرقة الآثار المصرية من قبل الدبلوماسيين الإيطاليين.

فقد طالبت مصر، فى 17 ديسمبر 2020، الحكومة الإيطالية بسرعة الاستجابة وتسليم الدبلوماسيين السابقين بسفارتها فى القاهرة، لتنفيذ حكم صادر بحبسهم بالسجن المشدد 15 عاما لإدانتهم بنهب آثار مصر. ومن بين هؤلاء الدبلوماسيين لادسلاف أوتكر سكاكال الذي شغل منصب القنصل السابق لإيطاليا في القاهرة، لتهريبه قرابة 22 ألف قطعة أثرية إلى بلاده خلال عامي 2016 و2018، من خلال حاويات البعثة الدبلوماسية.

وتريد مصر توصيل رسالة إلى إيطاليا، بأنه بإمكانها مبارزتها بذات الطريقة، وتمتلك أوراق ضغط تستطيع توظيفها لإحراجها وإظهارها كدولة تتستر على مدانين بأحكام نهائية، وليسوا متهمين بأدلة تشكك في صحتها، كما تفعل روما مع الضباط الأربعة. ويرى مراقبون أن تدويل القضيتين يحقق لكل طرف مصالح معينة، فالقاهرة من حقها مقايضة روما بتسليم الدبلوماسيين مقابل التجاوب مع غلق قضية الضباط الأربعة، وفي حال رفضها (روما) التعاون في هذا المسار، وهذا متوقع بقوة، فإن القاهرة يحق لها الامتناع عن التعاون قضائيا، لأن الطرف الآخر يتعامل بالمثل[10].

فضلاً عن وجود مجموعة من المصالح التى تسعى إيطاليا للحفاظ عليها داخل مصر، وتتمثل أهمها فى: 1- استحواذ شركة إيني للبترول، المملوكة للدولة الإيطالية بالأساس، على النصيب الأكبر من حصة الغاز المصرى. 2- صفقات السلاح المبرمة مع مصر، ويلاحظ أن تلك الصفقات مضمونة من قبل إيطاليا، وهذا يعني أنه إذا لم تدفع مصر ثمن أي من مشترياتها من الأسلحة بما في ذلك السفن الحربية وجميع أنواع الأسلحة، فإن خزانة الدولة الإيطالية هي التي ستتولى دفع الفاتورة لشركات صناعة الأسلحة الإيطالية. 3- قضية احتجاز مائة صياد إيطالي من قبل الميليشيات التابعة لخليفة حفتر المدعوم من مصر، حيث أن سعي الحكومة الإيطالية لإطلاق سراح صياديها سيتطلب التواصل مع الحكومة المصرية، وبالتالي تقديم تنازلات في قضية ريجينى[11].

كما تدرك إيطاليا أن غياب الظهير الدولي عنها، مع استمرارها في التصعيد بمفردها، قد يدفع القاهرة إلى خطوة غير محسوبة باستبدال روما بقوى أخرى غير مستعدة لربط سياساتها الخارجية بملف الحقوق والحريات مثل فرنسا. وفى هذا السياق يمكن تفهم قول رئيس مجلس النواب الإيطالي روبرتو فيكو قبل أيام، إن قضية ريجيني تعكس الضعف الأوروبي عندما يتعلق الأمر بموقف واحد في مجالات مثل حقوق الإنسان، ولو كانت هناك وقفة مشتركة بين فرنسا وإيطاليا لحلت هذه المشكلة منذ وقت طويل[12].

2- أن الخبرة التاريخية القصيرة تشير إلى أن السياسات الأوروبية تجاه مصر تعمل على تغليب مصالحها على انتهاكات حقوق الإنسان. فمع انقلاب الجيش في مصر على الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي في 3 يوليو 2013، توقع كثيرون أن يهرول الاتحاد الأوروبي للدفاع عن حقوق الإنسان مع تعاظم الانتهاكات، لكن قام الأوروبيون على العكس بتوثيق علاقتهم مع نظام السيسي والدفاع عن قمعه مقابل مصالحهم ودور مصر في محاربة الإرهاب ومنع الهجرة غير الشرعية، وصفقات السلاح.

ومنذ 2015 أصدر البرلمان الأوروبي (الجهاز التشريعي) العديد من البيانات ضد انتهاكات النظام في مصر واقترح عقوبات، لكن رفض الاتحاد الأوروبي (الجهاز التنفيذي) تطبيقها. من بين هذه القرارات ما صدر في 4 أكتوبر 2016، بحظر بيع أدوات تستخدم في التعذيب والإعدام بمصر، بأغلبية 612 صوتا مقابل 11 وامتناع 54 عن التصويت، وأيضا قراره في عام 2015، بحظر بيع وتصدير الأدوات المستخدمة في تنفيذ عقوبة الإعدام. أيضا سبق للبرلمان الأوروبي، أن وافق بالإجماع في أبريل 2016 بأغلبية كبيرة ولم يرفضه سوى 10 أعضاء من أصل 598 عضوا على قرار يطالب البرلمان المصري بإجراء مراجعة عاجلة للتشريعات التي “تنتهك الدستور” مثل قانون الإرهاب، وقانون الكيانات الإرهابية، وقانون التظاهر. إلا أن أى من هذه القرارات لم يتم تنفيذها من قبل القاهرة، ولم يقم الاتحاد الأوروبى بفرض أى عقوبات على مصر بل على العكس توطدت العلاقات بينهما.

وفى هذا السياق، يمكن الإشارة إلى الدراسة التى أصدرها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، في 8 أغسطس 2018، بعنوان: حالة حقوق الإنسان في العالم العربي 2017-2018، والتى تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتزم دعم الديمقراطيات “في حال ظهورها في المنطقة العربية، لكنه لن يحاول الضغط على حكومات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تنتهج القمع والثورة المضادة”. ومن ثم فهم يرون أنه رغم أن الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هي الفساد، وضعف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والفرص المتاحة للشباب، وغياب العدالة الاجتماعية، وهذه المشاكل تؤجج التشدد والاحتجاج والتطرف العنيف، إلا أن “الاستقرار” أهم وهو ما تحققه الأنظمة القمعية مثل نظام السيسي[13].

3- تصاعد أحزاب اليمين ويمين الوسط فى أوروبا، وهى الأحزاب التى تتبنى نمط ثابت لاسترضاء الأنظمة الاستبدادية التي تُعتبر “صديقة”، مثل مصر والسعودية والإمارات والبحرين. وفي الأشهر القليلة الماضية فقط، صوتت هذه القوى ضد قرارات وقف مبيعات الأسلحة من الاتحاد الأوروبي إلى السعودية والإمارات، بالرغم من استمرار الحرب الوحشية في اليمن. كما عارضوا الدعوات لوقف صادرات تكنولوجيا المراقبة التي تستخدم لتعقب وإسكات المعارضين في تلك البلدان، وكذلك في مصر والبحرين.

ومن بين أقوى المدافعين عن هذه الأنظمة أعضاء الأحزاب اليمينية المتطرفة التي ينتشر فيها الإسلاموفوبيا، مثل التجمع الوطني الفرنسي، والديمقراطيين السويديين، وهو حزب له جذور نازية، وحزب فرانكو الإسباني الجديد “فوكس”، وإيطاليا ليجا[14].

4- أن الدول الأوروبية لم تقطع علاقاتها مع روسيا أو الصين بسبب تجاوزات حقوق الإنسان في أي منهما، وهي كثيرة ومتنوعة، ما يعنى أن قضايا حقوق الإنسان تراجعت بصورة كبيرة فى تحديد طبيعة العلاقات بين الدول الغربية وغيرها من الدول. أضف إلى ذلك أن أى ضغط قد تمارسه الدول الأوروبية على مصر قد يدفعها نحو توثيق علاقاتها مع كلاً من بكين وموسكو على حساب علاقاتها مع الدول الأوروبية.

 

وإجمالاً لما سبق؛ يمكن القول أن التعامل الأوروبي مع الملف الحقوقي المصري يتمثل فى:

– أن الاتحاد الأوروبي يركز في دفاعه عن حقوق الإنسان على المعارضين من غير الإخوان، وهو ما يتمثل في عدم اشتمال الأسماء التى ذكرها البيان عن المدافعين عن حقوق الإنسان، التي يطالب البرلمان الأوروبي بالإفراج عنهم على أي اسم من الإخوان.

– أن الاتحاد الأوروبي يركز على القضايا الحقوقية التي تتصل به بصورة مباشرة، سواء كانت منظمات مدعومة أوروبياً مثل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أو مقتل مواطنين أوروبيين مثل ريجيني.

– أن مثل هذه التقارير ليست لها صفة الإلزامية، فقرارات البرلمان الأوروبي بشأن السياسة الخارجية للاتحاد غير ملزمة، بل إنه وفي ظل هذه التقارير زادت دول أوروبية من علاقاتها الخارجية مع مصر.

 

 

 

————————

[1] “قرار البرلمان الأوروبي حول تدهور حقوق الإنسان في مصر”، المعهد المصرى للدراسات، 21/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3hcsGDc

[2] “القاهرة بوجه التصعيد الأوروبيّ: مداولات للفلفة الأزمة”، الأخبار، 21/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3hfvTSg

[3] “حقوق الإنسان في مصر: البرلمان العربي يرفض قرار البرلمان الأوروبي”، بى بى سى عربى، 19/12/2020، الرابط: https://bbc.in/34DmIGs

[4] ” “النواب المصري”: قرار البرلمان الأوروبي بشأن حقوق الإنسان في مصر مسيس وغير مقبول”، أر تى عربى، 18/12/2020، الرابط: https://bit.ly/38t6BfG

[5] “الكونغرس يعلق قسما من المعونة الأمريكية لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان”، القدس العربى، 23/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3rq7VZs

[6] ” حقوقي: تعامل مصر بجدية مع توصيات البرلمان الأوروبي ضروري.. و«الشيوخ»: مُستقاة من «مصادر شيطانية»”، مدى مصر، 19/12/2020، الرابط: https://bit.ly/2WCnQFU

[7] ” المسكوت عنه في قضية ريجيني”، العربى الجديد، 22/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3rqlW9k

[8] “تحركات مصرية لتخفيف الضغوط الإيطالية”، العربى الجديد، 19/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3heOGNM

[9] “الكونغرس يعلق قسما من المعونة الأمريكية لمصر بسبب ملف حقوق الإنسان”، مرجع سابق.

[10] ” الاتحاد الأوروبي يدخل على خط الأزمة بين مصر وإيطاليا”، العرب، 19/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3mKIHl0

[11] ” قضية ريجيني الموقف الإيطالي ـ جدل القانوني والمصلحي”، المعهد المصرى للدراسات، 14/12/2020، الرابط: https://bit.ly/2KA0RZ4

[12] ” الاتحاد الأوروبي يدخل على خط الأزمة بين مصر وإيطاليا”، مرجع سابق.

[13] ” تهديد البرلمان الأوروبي بفرض عقوبات على مصر.. ما قابليته للتنفيذ؟”، صحيفة الاستقلال، 21/12/2020، الرابط: https://bit.ly/38pNFyo

[14] ” مصر وإيران.. عقوبات الاتحاد الأوروبي تكشف ازدواجية معايير حقوق الإنسان”، الخليج الجديد، 23/12/2020، الرابط: https://bit.ly/3hdxGYi

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022