سوريا مشاهد متفرقة لواقع مأزوم

 

شهدت الأزمة السورية تطورات محورية في اتجاهات شتى في الفترة الماضية، ربما كان من المستبعد توقع حدوثها معًا، أو حتى حدوث بعضها في حقيقة الأمر.

تمثل التطور الأول، في تزايد الحديث حول تزايد التفاهمات السورية الإسرائيلية، بصورة دفعت البعض للتوقع بأنه ثمة تطبيع في المستقبل ينتظر دمشق وتل أبيب، في ظل حرص الولايات المتحدة الأمريكية على تصفية الصراع السوري الإسرائيلي بصفة كاملة، شبيه بما حدث مع مصر والأردن، كي لا يبقي أمام إسرائيل سوى الصراع مع فلسطين.

بينما التطور الثاني، تمثل في التطور الذي شهده الموقف السياسي لدي هيئة تحرير الشام في علاقتها بالمجتمع الدولي، بصورة دفعت الكثير للتوقع بأن تقوم واشنطن برفع التنظيم من قائمة المنظمات الإرهابية.

بينما التطور الثالث، وهو في حقيقة الأمر ليس تطور معاكس، بقدر ما هو امتداد للطريقة التي تعمل بها الكيانات السياسية المعارضة في سوريا، حيث شهدت انقسامات حادة واندلع تلاسن لفظي بين قاداتها.

يبحث هذا التقرير تلك المشاهد، للنظر في آثارها على مستقبل سوريا الجديدة.

سوريا الأسد وتل أبيب: طريق التطبيع يبدأ من أبوظبي:

تواترت الأنباء في الأيام الأخيرة عن جهود تبذلها عواصم عربية طبعت علاقاتها مع إسرائيل لسحب سوريا إلى ذات مسلسل التطبيع الذي بدأته إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب مع عدد من الدول العربية وإسرائيل، ومن المرجح أن يواصله الرئيس الجديد جو بايدن.

يتركز الجهد العربي أساساً في تصاعد العلاقة الوثيقة والصداقة الناشئة بين الإمارات والنظام السوري لإقناع الأسد بالتطبيع مع إسرائيل، لاسيما وأن ردود الفعل السورية الرسمية الصادرة عن دمشق في التعقيب على التطبيع الذي قامت به الإمارات والبحرين والسودان والمغرب لم يكن وفق المتوقع، بل جاء فاترا وباردا، بعيدا عن العبارات الحماسية التي دأب على إصدارها بين حين وآخر. 1

توقف الإسرائيليون مطولاً عند صمت النظام السوري أمام تلك الاتفاقيات التطبيعية، ولم يصدر عنه شجب قوي، بل انتشر مقطع فيديو سابق للقيادي البعثي السوري مهدي دخل الله، وهو يدعو لتوقيع سوريا معاهدة سلام مع إسرائيل، طالما أنها منوطة بتفاهمات روسية أميركية، متوقعا أن تتم قريباً جدا. أكثر من ذلك، فما زالت أصداء مقابلة الأسد مع وسائل إعلام روسية، حين اشترط التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل بانسحابها من الجولان، فضلا عن عدم تعقيبه على انطلاق المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية لترسيم حدودهما البحرية. 2

الجدير بالذكر، أن قراءة العلاقات الخارجية للنظام السوري لا يظهر الإمارات وحدها في صورة التقارب معه، بل إن هناك عددا من الدول العربية تحاول الاقتراب من دمشق، وإعادتها إلى الجامعة العربية، ومنها مصر، حليفة إسرائيل، رغم أن السيسي الذي قدم مساعدات أمنية وسياسية لنظام الأسد يخشى ردود الفعل الأميركي والإسرائيلي على تحركاته هذه، وبالتالي فهو حذر من الاقتراب أكثر من اللازم، لكن التعرف على عمق العلاقات المصرية الإسرائيلية، لاسيما بعد انقلاب السيسي في 2013، يقدم إجابة جديدة عما قد يقف خلف هذا التقارب بين القاهرة ودمشق، ومدى وجود تل أبيب بينهما.

كما أن تصفية الصراع السوري الإسرائيلي سيعني مزيد من العزلة للموقف الفلسطيني المقاوم لمسارات تسوية القضية الفلسطينية، لذلك فرغم الضعف الكامل الذي يشوب نظام الأسد، إلا أن دوره في تقديم سوريا على مائدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، سيسهم بالطبع في مزيد من التعزيز والهيمنة للموقف الإسرائيلي، خاصة أن اتفاقية ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان وضعت حدًا لمسلسل الحرب المنتظرة بين بيروت وتل أبيب، وأعادت امكانية حدوث تفاهمات بينهما، وحدوث الأمر بالمثل في سوريا، يعني تقوية لإسرائيل، كما أنه يسهم في مزيد من الاضعاف للمشروع الإيراني الطائفي في المنطقة، ويعزز من قوة ونفوذ الإمارات والسعودية والمحور الخليجلي الإسرائيلي بصفة عامة.

ولكن يبدو التحدي الحقيقي هو موقف إيران من هذا الأمر إن حدث، لأن الأخيرة منتشرة في سوريا بصورة كبيرة لا يجهلها أحد، كما أن استمرار الضربات الإسرائيلية على مواقع فيلق القدس والمليشيات الإيرانية، لن يحدث الخلل المنتظر في موازين القوى، وأن تلك الضربات ليست أكثر من مناوشات استفزازية، رغم أن هناك من يرى أن إسرائيل تحاول من خلال اتفاق ضمني بين روسيا والولايات المتحدة منع إيران من زيادة نفوذها في الأراضي السورية، وأن ضرباتها تحدث تأثيرًا حقيقيًا، ولكنه مؤقت ولا يسهم في انقلاب المعادلات الميدانية.

إن الأسد يعلم أن طهران لها فضل كبير في بقائه في السلطة حتى تلك اللحظة، لكنه يعلم أيضًا أن مستقبله في سوريا متوقف على قبول المجتمع الدولي به في المستقبل، وهو أمر مستبعد بدون أن يقدم تنازلًا حقيقيًا يسمح له بالاستمرار، لاسيما أن سوريا ممزقة تمامًا بين أقطاب دولية واقليمية كبرى، بصورة قد تجعل من الأسد لم يملك من أمره شيئًا، ولكن ربما تسهم محاولته تطبيع العلاقات مع إسرائيل في اعطائه فرصه في سوريا الجديدة، عندما تبدأ شركات إعادة الإعمار في تشييدها، ولكن أين نصيب طهران من تلك التقسيمة؟ سؤال يفرض نفسه بقوة، ومن الصعب توقع حدوث تطبيع دون أن يكون هناك اجابة على هذا السؤال، ولا يمكن التدليل على بعض الضيق الذي يظهره بشار من محاولة طهران التوسع في السيطرة على أراضي سورية لاسيما في الجنوب، ولكن ليس هذا تدليلًا وحده على أن الباب سهلًا ومفتوحًا أمام بشار للتطبيع مع إسرائيل، ونحن هنا لسنا بصدد تقديم اجابات بقدر ما محاولة اثارة الاشكاليات التي ينتظرها هذا الأمر.

واشنطن وهيئة تحرير الشام وجهًا لوجه:

مر المشروع السياسي الجهادي للقائد أبو محمد الجولاني بتحولات راديكالية مستمرة لا تتوقف، وهنا لم نشير إلى جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام لأن النظر إلى تلك الكيانات لا ينبغي أن ينفصل بعيدًا عن موقف الجولاني منها، بل الأقرب للصواب أنه من يحركها لأهداف سياسية براغماتية. وقد ظهرت براغماتية الجولاني عندما قرر الانشقاق من تنظيم داعش واعلان بيعته لتنظيم القاعدة، لحماية تنظيم جبهة النصرة من التحلل والاندماج في تنظيم الدولة، عندما قرر تمدده في الشام واعلانه تأسيس الدولة الإسلامية في العراق والشام. كما ظهرت براغماتيته عندما أعلن حل تنظيم جبهة النصرة المصنف على قائمة الإرهاب العالمي، وتشكيله هيئة تحرير الشام، وهو الهيئة التي لها تفاهمات ومحادثات عديدة مع الجانب التركي، مكنتها من البقاء والصمود حتى تلك اللحظة، رغم تعرض باقي أقرانها من التنظيمات للضربات الدولية المستمرة، حيث استهدفت الولايات المتحدة مؤخراً في عدة ضربات جوية من دون طيار قياديين في تنظيم حراس الدين الأكثر تشدداً في شمال غرب سوريا وهو التنظيم المحسوب بارتباطه المباشر مع تنظيم القاعدة، المعادي بشكل غير مباشر لـتحرير الشام، خاصة وأنه قد انفضت قياداته عن الجولاني وعملت على تأسيس فصيل يمثل الجناح المتشدد والمنشق عن النصرة.

سعت هيئة تحرير الشام خلال الشهور الماضية إلى طرح نفسها كـفصيل معتدل مُعارِض للنظام السوري، لا بوصفها فصيلاً جهادياً مُتشدداً ينبغي إبقاء اسمه على قوائم الإرهاب الدولية كما هو الحال الآن بالنسبة لـجبهة النصرة. وفي هذا الإطار، حاول الجولاني إبعاد القياديين والعناصر الأكثر تشدداً، خاصة الأجانب، وذلك بعد انشقاق صامت لقيادات أجنبية أسست لها جماعة متشددة جديدة تبتعد عن براغماتية الجولاني وفق رأيها. وسعى الجولاني بعد اتفاق موسكو الذي عقد في مارس 2020، إلى إعادة تموضع تنظيمه في إدلب، ومحاولة فرض نفسه نقطة قوة رئيسة في المنطقة تجمع المدنيين حوله، وتضرب نفوذ كل القوى الجهادية المحيطة بمنطقته، في محاولة تكيُّف مع الواقع الذي فرضه الاتفاق الذي وقعه كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان حول إدلب.3

من جهة أخرى، لعل تكرار استهداف الشخصيات المناوئة لهيئة تحرير الشام وزعيمها الجولاني، من قبل الولايات المتحدة كان يدفع للترجيح بقرب حصول تغيير ميداني يُعلَن من خلاله تشكيلٌ عسكريٌّ جديدٌ تُغيِّر فيه الهيئة من جلدها، ويُشرعِن سيطرتها على ما تبقى من الشمال السوري، بحيث يكون موافقاً عليها من قبل كل من واشنطن وموسكو وأنقرة.

ففي فترة حكم ترامب للولايات المتحدة، تركزت السياسة الخارجية لواشنطن في سوريا على مواجهة تنظيم داعش والنفوذ الإيراني هناك، بينما كان التعاطي السلبي مع تحرير الشام محدود الأثر، في ظل التعاون غير المعلن بين الجانبين ضد حراس الدين، وارتياح الجولاني لضرب تنظيم داعش ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي خصمه اللدود.

ولعل السياسة الأمريكية المتبعة في الآونة الأخيرة ضمن إطار التحالف الدولي، والمتمثلة في تقويض نفوذ حراس الدين، قائمة على إعادة تشكيل الوضع في الشمال السوري بصورة جديدة؛ من خلال شلّ فعالية القيادات وأصحاب الأفكار المتطرفة، ومنح المجال للقوى المحلية، بما فيها هيئة تحرير الشام، للتخلص من هؤلاء، وهو الأمر الذي يُرجِّح حدوث اندماج بين الأخيرة وقوى محلية أخرى محسوبة على التيار المعارض المعتدل، بحيث يتيح ذلك للهيئة أن تتولى شؤون المنطقة وتصفية المخالفين لها بشكل شرعي وبرضا دولي.

وعليه، فإن سياسة الاستهداف المتبعة تتيح للقوى المحلية في إدلب إعادة التموضع من جديد داخل النسيج السوري، ويستتبع ذلك القضاء على نفوذ حراس الدين ومن يتصل بهم وبتنظيم القاعدة.

إلى أن تلك التطورات، تعرضت لحجر عثرة يتمثل في هزيمة ترامب وفوز بايدن، حيث يعتقد أن حكم بايدن للبيت الأبيض قد يُعيد سياسة العداء الأمريكية للجولاني، ورغم أن بايدن قد لا يستهدف الجماعة بضربات جوية كما فعل سلفه أوباما مع تنظيمات إرهابية أخرى، إلا أنه من غير الوارد دخوله في تفاهمات مع الجولاني، وقد يترك أمر هذا الملف المُعقَّدلكل من موسكو وأنقرة، وربما يكون ذلك هو ما أرادته إدارة ترامب عندما صعَّدت ضد الجولاني، رغبةً منها في خلط أوراق هذا الملف قبل تَسلُّم بايدن السلطة في واشنطن. والأرجح أن تفكيك تحرير الشام سيتم عبر دفع الظروف الإقليمية والدولية تركيا بشكل رئيس لممارسة مزيد من الضغط على الجولاني لتغيير جلد التنظيم ودمجه بـالجيش السوري المعارِض المدعوم من أنقرة.4

أي أن المحصلة تعني بقاء الجولاني في المشهد السياسي غالبًا على الأقل في الشهور المقبلة، حتى يجد جديد في الأمر، فلم يعد ينظر إلى هيئة تحرير الشام باعتبارها تنظيمًا جهاديًا بالمعني التقليدي، بعدما صرح الجولاني أن تنظيمه يركز جهاده على بشار الأسد فقط، وأنه لن يعرض الدول لأي عمليات انتقامية، وهو تحول جذري في رؤية مشروع السلفية الجهادية العالمي، بل هو ردة وانتكاسة من وجه نظرهم، والسؤال هنا هل يمكن أن نرى جبهة انقاذ اسلامية جديدة في سوريا، شبيه بجبهة انقاذ الجزائر التي ألقت السلاح وأعلنت قبولها بالنظام السياسي ومبادرة الوئام الوطني للمصالحة الوطنية التي قام بها عبدالعزيز بوتفليقة.

المعارضة السياسية المنقسمة على انقاسمها:

من جهة ثالثة، يبدو أن المشهد السياسي للمعارضة السورية اليوم معقداً إلى حد كبير، في انعكاس واضح لحالة استعصاء الحل السياسي للأزمة السورية. وتعصف حالة من التشظي والانقسام بما يعرف بـمنصة القاهرة بينما لا يبدو وضع باقي المكونات السياسية المعارضة أفضل، وعلى رأسها الهيئة العليا للتفاوض. وتبرز مساع لعقد عدة مؤتمرات وإعادة ترتيب التحالف، ما قد يدفع إلى هيكلة الهيئة العليا للتفاوض، وبالتالي اللجنة الدستورية المعارضة من جديد.

وتتفاقم الخلافات داخل منصة القاهرة، على أساس الانقسام الذي ظهر عقب عقد 25 شخصية، من بينهم غالبية ممثلي الأمانة العامة لمؤتمر القاهرة الذي التأم منتصف العام 2015، لاجتماع في الأول من ديسمبر الماضي، تمخض عنه تشكيل لجنة سياسية مكونة من 8 شخصيات، تعمل حالياً على تشكيل مكاتب عمل لها. في المقابل غاب ممثلو هيئة التنسيق الوطنية رغم دعوتهم، إضافة إلى تيار الغد الذي يترأسه أحمد الجربا، ويمثله في المنصة أحمد شبيب، إضافة إلى منسق المنصة في هيئة التفاوض وممثل شباب الحراك الثوري فراس الخالدي. يومها وقع الخالدي وشبيب بياناً مشتركاً باسم منصة القاهرة إثر الاجتماع، قالا فيه إن بعض المواقع الإعلامية تطرقت إلى عقد اجتماع افتراضي نسب زوراً إلى مؤتمر القاهرة. واعتبرا أنه لا يمثل مؤتمر القاهرة، ولم تتم مناقشته على مستوى المنصة، لكنه اجتماع دبّر في ليل، وكان الهدف منه ربما تجاوز بعض الاستحقاقات التنظيمية، ولحماية بعض الأشخاص ومآرب شخصية بحتة. كما أن أمين سر لجنة متابعة مؤتمر القاهرة وعضو الهيئة العليا للتفاوض عن منصة القاهرةقاسم الخطيب، أعد كتاباً لهيئة المفاوضات يطلب فيه استبدال فراس الخالدي بصالح نبواني، أحد المشاركين باجتماع الـ25 شخصية الشهر الماضي والقيادي في تيار قمح الذي يترأسه هيثم مناع. مع العلم أن تيار الغد السوري فصل الخطيب من أمانته العامة العام الماضي، برغم نفيه انتمائه للتيار سابقاً، الأمر الذي أظهر وجود خلاف بينه وبين الجربا، أعاده الأول للخلاف حول آليات عمل الهيئة وما عرف بملف المستقلين.5

وعلى أثر هذا التطور، أرسل الخالدي كتاباً آخر إلى هيئة التفاوض يطلب فيه استبدال الخطيب، وهو عضو هيئة التفاوض وعضو اللجنة الدستورية، وأن يحل مكانه نضال محمود الحسن عضواً في الهيئة وتليد صائب عضواً في اللجنة الدستورية. فما كان من هيئة التفاوض، برئاسة أنس العبدة، إلا أن أقرّت كتاب الخالدي، في وقت غاب عن الجلسة كل من هيئة التنسيق الوطنية ومنصة موسكو. وكان الطرفان علقا مشاركتهما في اجتماعات الهيئة منذ نحو عام، على خلفية خلاف حول ما عرف بمؤتمر المستقلين الذي عقد نهاية 2019، وهدف إلى ضم عدد من الشخصيات إلى كتلة المستقلين في هيئة التفاوض، الأمر الذي رفضه الائتلاف حينها.

وحول شرعية موافقة هيئة التفاوض على تغيير ممثلي المنصة، رأى الخالدي أن شرعية قرارات الهيئة واضحة بنظام داخلي، والجميع توافق عليه. لذلك كل ما يتسق مع هذا النظام هو شرعي، وغير ذلك محاولة لمصادرة قرارات باقي المكونات. ونفى أن يكون الخطيب ليس ممثلاً لـتيار الغد، قائلاً :لو كان ذلك صحيحاً لكان الطلب في استبداله مرفوضا من قبل الهيئة العليا للتفاوض. وأعاد الخالدي عدم مشاركتهم في الاجتماع الذي عقد بداية ديسمبر الماضي، لما سماه أموراً داخلية.6

هناك مساعي جدية لعقد جولة جديدة من مؤتمر القاهرة، تعيد تجميع أكبر قدر ممكن من القوى السياسية الديمقراطية. ويدور منذ أشهر حوار مع الخارجية المصرية والعديد من القوى السياسية في هذا الإطار، في وقت يتم تناقل معلومات غير رسمية عن عزم السعودية والإمارات، بدعم روسي أميركي، عقد اجتماع جديد في الرياض، يهدف إلى إعادة تشكيل الهيئة العليا للتفاوض، على أساس التساوي بعدد الممثلين بين المنصات، الأمر الذي سيمنع الائتلاف من السيطرة على القرار، وبالتالي إضعاف السطوة التركية على اللجنة، ويخرج الهيئة من حالة الشلل الذي تعيشه منذ نحو عام.

ختامًا، هذا جزء من المشهد السياسي الداخلي للأزمة السورية، الذي حاولنا أن نختزله في ثلاثة عناصر رئيسية ورابع ثانوي، بعيدًا عن الصراع الخارجي الاقليمي، فنحن نقصد بالتحديد الأطراف التي تصدر نفسها عن أنها تمثل السوريين، فالنظام يبحث عن مخرج يسمح له بتجديد دمائه والبقاء في المستقبل، وجبهة النصرة القاعدية، وجدت نفسها في العمل السياسي ومسارات التسوية والتفاوض والرضا الدولي، وتخلت عن مشروعها السلفي، وتركت العنصر الثانوي الذي يتمثل فيه حراس الدين، في التعرض للضربات العسكرية المستمرة، التي تستنزفه يومًا بعد يوم وتفقده قدراته على المناورة، فضلًا عن المبادرة، وأخيرًا فالنخب السياسية المعارضة تعيش في عالم موازي من التطاحن الداخلي على من يمثل منصب كذا وهيئة كذا، في حين يعاني الشعب من أوضاع مأساوية من مخيمات لا تليق بالحد الأدني الإنساني، ولاجئين في كل مكان يفتقدون لأبسط الحقوق. هذا هو المشهد الحقيقي في مستقبل سوريا الجديدة التي تنتظر أن تولد من جديد.

————————————————–

2 المرجع السابق

3 مالك الحافظ، مصير هيئة تحرير الشامالمُتذبذِب بين إدارتي ترامب وبايدن، مركز الامارات للسياسات، 18/1/2021

https://epc.ae/ar/brief/oscillating-fate-of-hayat-tahrir-al-sham-between-trump-and-biden-administrations

4 المرجع السابق

6 المرجع السابق

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022