جنوح السفينة في قناة السويس

جنوح السفينة بقناة السويس.. الدلالات والتداعيات

 

في مشهد تراجيدي بدا تعويم السفينة “إيفر جيفن” العالقة بقناة السويس وكأنه نصر كبير، في حين أنه شكل أزمة فاضحة لمصر على المستوى العالمي، والتي حاول نظام السيسي قلبها وتصويرها بإنها دلالة كبيرة على موقع مصر الاستراتيجي ودورها العالمي في التجارة العالمية.

أزمة جنوح السفينة حادث يتكرر في الكثير من دول العالم، إلا أن الأزمة الحقيقية بدءت في تعاطي النظام المصري معها، من الأكاذيب الممنهجة التي كشفت وعمقت أزمة الثقة في نظام عبد الفتاح السيسي، وأوضحت أنه بات خطرا على العالم اجمع، كما وصفه الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست.

فمنذ اليوم التالي للحادثة اصدرت هيئة قناة السويس بيانا أكدت فيه نجاح قاطرات الهيئة بتعويم السفينة، وأن الملاحة قد جرى اعادتها، ليكتشف العالم الأكذوبة وأن السفينة لم تراوح مكانها.

 

الأزمة

جنحت سفينة الحاويات العملاقة “إيفر جيفن” التي كانت متجهة من يانتيان (الصين) إلى روتردام، في قناة السويس الثلاثاء، وكانت قد دخلت في الممر المائي، آتية من البحر الأحمر جنوباً ولكنّها عانت من انعدام الرؤية “بسبب رياح رملية شهدتها مصر”.

“إيفر جيفن” كانت محملة بأكثر من 220 ألف طن من السلع والبضائع، ومنذ صباح الثلاثاء 23 مارس تعطلت حركة مئات السفن، وحتى صباح الأحد الماضي  كان أكثر من 360 سفينة قد علقت على مشارف القناة بانتظار العبور، تبلغ الشحنة الإجمالية لتلك السفن نحو 1.9 مليون طن متري من النفط الخام، بحسب بيانات منصة “ريفينتيف” لتعقب حركة السفن حول العالم.

ولا يعد جنوح سفينة الحاويات العملاقة الأول من نوعه، فقد شهد المجرى الأصلي للقناة في عام 2012 جنوح سفينة يونانية بعد تعطّل محركاتها، ما أدى إلى تعطل الملاحة حتى تمكنت وحدات الإنقاذ من سحبها، وفي 2014، وقع حادث تصادم بين سفينة حاويات ترفع العلم الألماني وأخرى ترفع علم سنغافورة، وتسبب ذلك أيضا في تعطل حركة الملاحة مؤقتا في المجرى المائي الحيوي.

 

الأهمية الاستراتيجية للقناة عالميا

ووفق البيانات الرسمية الصادرة عن هيئة قناة السويس، تعبر القناة قرابة 24% من إجمالي تجارة الحاويات العالمية، فيما تستوعب القناة نسبة 100% من تجارة الحاويات المارّة بين آسيا وأوروبا، ويمرّ ما يقرب من 66% من صادرات النفط الخليجي إلى الدول الغربية عبر قناة السويس، وخط أنابيب سوميد الذي يربط الإسكندرية بالبحر الأحمر.

وتقول وكالة بلومبيرغ إنه يمر حوالي 12% من التجارة العالمية، وحوالي 10% من تجارة النفط المنقولة بحراً، و 8% من الغاز الطبيعي المسال العالمي عبر القناة.

وتربط القناة بين آسيا وأوروبا، إذ إنّها تقلل المسافات بشكل كبير، ستة آلاف كيلومتر أقل بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال، أو تقليص مدّة الرحلة ما بين أسبوع إلى أسبوعين كانت تحتاجهما السفن للالتفاف حول أفريقيا.

وتقول المتخصصة في مجال النقل البحري ضمن مجموعة “بوسطن الاستشارية” “كاميل اغلوف”، إنّ القناة تشكّل محوراً “بالغ الأهمية” لأن “كل حركة العبور التي تصل من آسيا تمرّ عبر قناة السويس، وإذا لم تمر عبر هذه القناة، فسيتوجب أن تلتف حول رأس الرجاء الصالح”.

 

 

 

دلالات الأزمة

اضعف جدوى مشروع تفريعة السيسي

وتهدف “قناة السويس الجديدة” إلى استيعاب تدفق السفن التي تنقل النفط والملابس والإلكترونيات وغيرها من السلع بين أوروبا وآسيا، وتضمنت توسيع أجزاء من القناة وحفر مسار موازي للقناة على طول القسم الشمالي منها بين البحر الأبيض المتوسط ​​والبحيرة المرة الكبرى، وهي بحيرة مائية تربط شطري القناة.

لكن سفينة “إيفر جيفن” جنحت في الجزء الجنوبي من القناة، الذي لا يزال به ممر واحد فقط، إذ لم تحفر الحكومة مسارا ثانيا على طول الجزء الجنوبي من القناة أثناء التوسعة؛ لأنها قررت أن ذلك لن يستحق الاستثمار الإضافي، وهوو ما يؤكد أن تحقيق عائد الاستثمار المتوقع من توسعة القناة عام 2014 سيستغرق سنوات؛ لذلك اختار المسؤولون استثمارا محدودا، وأرجؤوا ترقيات أخرى في القناة إلى المستقبل.

 

فشل نظام السيسي بإدارة الأزمات:

وبحسب مقال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست بـ”ميدل ايست آي”، فعندما تم إغلاق قناة السويس بسبب جنوح سفينة حاويات طولها 400 متر، ساد الصمت لمدة 26 ساعة، لم تتحدث أي وسيلة إعلامية مصرية عن القناة المغلقة، بدلاً من ذلك أصدرت “هيئة قناة السويس” بيانًا إعلاميًا أعلنت فيه العبور الناجح لسفينة سياحية إيطالية تحمل 65 حالة “كورونا” على متنها.

ولم يبدأ الكذب “الجاد” إلا يوم الأربعاء، حيث أشار أول بيان رسمي إلى أن “الجهود مستمرة لإعادة فتح القناة”، وقللت “هيئة قناة السويس” من أهمية التأثيرات على الملاحة، وأرسلت رسالة تأكيد بأن الملاحة ستستمر كالمعتاد، ولتعزيز هذه الرسالة، سمحت السلطة لقافلة من السفن بالدخول من الطرف الشمالي في بورسعيد في 24 مارس/آذار.

وحذرت الهيئة الصحفيين من الالتفات إلى أي أنباء أو “إشاعات” عن أخطر حادث إغلاق للقناة منذ حرب أكتوبر 1973، ولم يكن الصحفيون المصريون بحاجة إلى أي تشجيع للانصياع إلى هذا الخط حيث قاموا بتغذية الدعاية الرسمية، احتفالًا ببيان هيئة القناة وزعموا أن السفينة قد أعيد تعويمها، حتى إنهم حاولوا إثبات ذلك من خلال صور الأقمار الصناعية، بالرغم أن الصور نفسها أُظهرت السفينة ثابتة في مكانها.

تم إخفاء الحقيقة حتى عن جهات الشحن الدولية، ونقلت شركة الشحن التابعة لـ”وكالة الخليج – مصر” عن “هيئة قناة السويس” قولها إن سفينة الحاويات التي تقطعت بها السبل في القناة لأكثر من يوم أعيد تعويمها جزئيًا وأنها تقف بجانب الضفة، وأن الحركة ستستأنف قريبًا.

تم إرسال نفس الرواية إلى مجلة “لويدز”، التي قالت إنها اطلعت على رسالة بريد إلكتروني أرسلتها الهيئة المصرية إلى جمعية مالكي السفن الصينية، وجاء فيها: “ستعود القوافل وحركة المرور إلى طبيعتها خلال وقت قصير جدًا بمجرد سحب السفينة إلى موقع آخر” ويوم الخميس، بعد يومين من بدء الفوضى، أعلنت “هيئة قناة السويس” رسميًا تعليق الملاحة، وتشير هذه التطورات إلى أن الحكومة المصرية متمرسة في الكذب، إنها تكذب على شعبها كل يوم، ولكنها في أوقات الأزمات تكذب أيضًا على المجتمع الدولي.

ومن جانب آخر، بدأ تعامل هيئة قناة السويس مرتبكا وبدائيا، حيث ظهرت إحدى كراكات حفر صغيرة بجانب السفينة تحاول سحب المياة الرواسب من أسفل السفينة، وهو ما فشلت فيه معدات الهيئة، حتى جرى الاستعانة بشركة هولندية متخصصة، في التعويم، الذي أظهر عجز النظام في إدارة اللوجستيات.

 

-إسرائيل تستثمر في أزمات السيسي:

رغم العلاقات الحميمية التي تجمع السيسي بإسرائيل، والتي بدءت منذ انقلابه العسكري في 2013، إلا أن اسرائيل باتت المستفيد الاكبر من أزمة تعطل الملاحة بقناة السويس، فقد عادت إلى الواجهة مجددا فكرة الممر المائي البديل الذي سبق أن طرحته إسرائيل للربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، والتي اعلن عنها قبل شهور قليلة حيث جرى بالفعل، محادثات بين إسرائيل والإمارات بشأن حفر قناة مائية جديدة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر، مماثلة لقناة السويس المصرية، وهو ما تسبب بغضب مصري؛ بسبب أن القناة المقترحة يمكن أن تشكل تهديدا مباشرا لمصالح مصر في الملاحة المائية بالمنطقة، كما أنها يمكن أن تؤدي إلى خفض إيرادات قناة السويس، التي تشكل مصدرا مهما للدخل من العملة الصعبة للاقتصاد المصري.

وقال مقال نشرته جريدة “تايمز أوف إسرائيل” إن المحادثات بشأن الممر المائي المنافس لقناة السويس بدأت بعد 19 يوما فقط على توقيع اتفاق التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب العام الماضي، كما تحدث المقال في الجريدة الإسرائيلية عن أنه خلال الفترة من 2015 إلى 2020 استطاعت قناة السويس أن تُدر على مصر أكثر من 27.2 مليار دولار أمريكي، وذلك ارتفاعا من 25.9 مليار دولار خلال السنوات الخمس التي سبقت، ما يعني أن ثمة طلبا عالميا متزايدا على الملاحة في المنطقة، وهو ما يُمكن أن يُغري إسرائيل والإمارات بأن تفتحا ممرا مائيا يتقاسم مع المصريين هذه المكاسب.

لكن، وبحسب تقارير إعلامية، فقد تبين أن فكرة الممر المائي البديل لقناة السويس ليست جديدة، فقد نشر موقع “بزنس إنسايدر” تقريرا قبل أيام، يكشف فيه لأول مرة عن وثائق أمريكية تعود إلى العام 1963، تتضمن خطة لفتح ممر مائي بديل عن قناة السويس بطول 160 ميلا (256 كلم)، ويربط بين البحرين المتوسط والأحمر، ومن شأنه تغيير خارطة الحركة التجارية العالمية.

وبحسب الوثائق، فإن الخطة الأمريكية المقترحة كانت تقوم على فكرة استخدام القوة النووية من أجل فتح الممر المائي بشكل سريع وفعال، حيث يتم استخدام قنابل نووية على طول المسافة بين البحرين؛ من أجل الحفر وفتح الممر المائي بسرعة قياسية، ووفقا للمذكرة التي تعود إلى العام 1963، فقد كانت الخطة ستعتمد على 520 قنبلة نووية لفتح الممر المائي، ودعت المذكرة إلى “استخدام المتفجرات النووية في حفر القناة عبر صحراء النقب” داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبينما يدور الحديث عن قناة مائية إسرائيلية بديلة للسويس، فقد نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن مساعي تل أبيب للعب دور أكبر في سوق الطاقة بالمنطقة، وتحدث التقرير عن تعاون إسرائيلي إماراتي في مشروع خط أنابيب لنقل النفط، وذلك بالتزامن مع إعلان الإمارات استثمار 12 مليار دولار في إسرائيل، الأمر الذي يعزز من احتمالات أن تكون إسرائيل أكبر المستفيدين من أزمة قناة السويس، وبحسب عريب الزنتاوي، بمقاله “عن أزمة السويس2021” بـ”الدستور”الأردنية ، فإن المشاريع البرية والبحرية البديلة لقناة السويس، تجري حولها محادثات متعددة الأطراف، تارة برعاية أوروبية، ودائماً برعاية أمريكية، لترجمة حلم إسرائيل بالتحول إلى مركز وممر Hub، للطاقة والتجارة، ومن ضمن مسعى أوسع لإدماجها في المنطقة اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً.

 

تداعيات الأزمة:

قد عبرت الأزمة عن العديد من التداعيات ورسمت الكثير من معالم المشهد المستقبلي المصري والإقليمي والدولي، على المستوى السياسي والإداري واللوجستي والاستراتيجي، وهو ما قد يبدو واضا بالايام المقبلة.

خسائر اقتصادية

تسببت أزمة إغلاق قناة السويس بموجة من القلق على مستوى العالم؛ بسبب أن عشرات الشركات سوف تتأخر بضائعها عن الوصول إلى الأسواق، فيما اضطرت شركات شحن إلى تغيير مسار سفنها إلى الطريق التقليدي القديم عبر رأس الرجاء الصالح، وهو ما سيؤدي بالضرورة إلى ارتفاع تكاليف الشحن، وبالتالي ارتفاع العديد من السلع في الأسواق.

ويتوقع المحللون أن تتأثر عمليات تجارية تبلغ قيمتها 40 مليار دولار بهذا الإغلاق في قناة السويس، فيما يُشار إلى أن 10% من نفط العالم و8% من الغاز المسال يمر بالقناة، إضافة إلى العديد من السلع الحيوية والمهمة التي تمر يوميا من خلال القناة، وهو ما يُمكن أن يشجع العالم على دعم مشروع حفر القناة البديلة، بما ينتهي إلى أن تكون إسرائيل أكبر المستفيدين من الأزمة الراهنة.

ويبيّن تقييم أجرته مجلة “ليلويدس ليست” البريطانية المتخصصة بأخبار الشحن، ونقلته وكالة “بلومبيرغ” الأميركية،الخميس الماضي، أن هناك حوالي 9.6 مليارات دولار من حركة المرور البحرية اليومية أوقفتها سفينة الحاويات الضخمة التي أغلقت قناة السويس.

وتشير البيانات إلى أن حركة المرور المتجهة غربًا تبلغ قيمتها حوالي 5.1 مليارات دولار في اليوم، وحركة المرور المتجهة شرقاً تبلغ 4.5 مليارات دولار تقريبًا، فيما تظهر البيانات التي جمعتها بلومبيرغ أن هناك حوالي 185 سفينة، حتى الخميس الماضي،  تنتظر عبور الممر المائي، في حين أن “ليلويدس” تقدر العدد بـ165 سفينة، ما يعني أن الرقم قد يكون أعلى من تقديرات المجلة.

وتضمنت قائمة الانتظار يوم الأربعاء 40 ناقلة تنقل سلعًا من المحاصيل إلى البضائع الجافة، مثل الإسمنت، وكذلك السفن التي تحمل النفط والوقود والمواد الكيميائية، وفقًا لبيانات “بلومبيرغ”، كما كانت هناك ثماني سفن تحمل مواشي، وأكثر من 30 سفينة شحن عامة وصهريج مياه.

كما أحدث تعطل الملاحة بقناة السويس اضطرابا في سوق النفط الدولي، وارتفعت الاسعار بنسبة 5%، وشهدت أسعار النفط تقلبات كثيرة في الجلسات الأخيرة، بسبب الخشية على إمدادات النفط جراء جنوح سفينة في قناة السويس وبعد تقييم مخزونات الخام في الولايات المتحدة، وفي يوم الأربعاء، كان سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط تسليم مايو قد زاد بنسبة 4.61% مقارنة بالثلاثاء ليصل إلى سعر 60.42 دولاراً بعدما بلغ لفترة وجيزة عتبة 5%.، أما برميل النفط المرجعي لبحر الشمال (برنت) للشهر نفسه، فقد بلغ سعره 63.60 دولاراً في لندن بارتفاع نسبته 4.62%..

 

ارتباك بقطاع التأمين على الشحن البحري

وبسبب تعطل حركة الملاحة بالقناة، فإن مالك واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم، يواجه هو وشركات التأمين مطالبات بملايين الدولارات، وقال وكلاء تأمين وسماسرة إن مالك السفينة، شركة شوي كيسان كيه اليابانية، وشركات التأمين، قد تواجه مطالبات من هيئة قناة السويس عن فاقد الإيرادات ومن السفن الأخرى التي تعطلت حركتها.

وأشار ديفيد سميث، مدير مكتب سمسرة التأمين البحري مكجيل وشركاه، إلى أن “كل الطرق تؤدي إلى السفينة”، وبحسب تقارير دورية عن قطاع التأمين، فإن سفن الحاويات من هذا الحجم، عادة، مؤمن عليها ضد الأضرار التي قد تلحق بالهيكل والمعدات، وأكدت التقارير أن السفينة مؤمن عليها في السوق اليابانية، وتتحمل الشركة المؤمنة على الهيكل والمعدات تكلفة عملية إنقاذ السفينة أيضا، بحسب تقارير بثتها “فرانس برس”و” رويترز”.

 

تراجع أهمية مصر بقطاع النقل العالمي

وجاءت الأزمة الحالية في أعقاب سلسلة من كوارث النقل الأخرى التي حدثت خلال عهد السيسي، ففي عام 2015، أسقط تنظيم “الدولة” طائرة ركاب روسية فوق شبه جزيرة سيناء؛ ما أسفر عن مقتل 224 شخصا، وفي عام 2016، تحطمت طائرة تابعة لـ”شركة مصر للطيران” (الناقل الرسمي للدولة) في البحر المتوسط؛ ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 66 شخصا، وفي عام 2019، أدى حادث اصطدام قطار وحريق نتج عنه إلى مقتل أكثر من 20 شخصا في “محطة مصر” وسط العاصمة القاهرة، وهذا الشهر اصطدما  قطاران بمحافظة سوهاج، جنوبي مصر، الجمعة؛ ما أسفر عن مصرع 32 شخصا على الأقل، وإصابة العشرات.

ووفق تقديرات استراتيجية، تمثل أزمة انسداد القناة تحديا من نوع جديد لـ”السيسي”؛ حيث أصبحت متشابكة للغاية مع مكانة مصر ورئيسها نفسه في العالم، فقد جعل السيسي مشروع توسيع قناة السويس بقيادة الجيش محور برنامجه الاقتصادي، وسعى “السيسي” إلى تحفيز الروح الوطنية المصرية من خلال الاحتفالات، التي تم تنظيمها بمناسبة تدشين المشروع، والتي تضمنت دعوة رؤساء دول، وعروض جوية بالطائرات المقاتلة.

 

تصاعد أفكار المشاريع البديلة لقناة السويس

بجانب الموقف الإسرائيلي و الإماراتي، نحو توقيع افكار لخلق ممرات بديلة لقناة السويس، سواء برية أو بحرية، فقد أعلنت مؤخرا، وزارة الطاقة الروسية، عن قدرة روسيا على زيادة حجم الشحن والنقل عبر الطريق البحري الشمالي، وسرعة الوصول إلى الأسواق الاستهلاكية الرئيسية، مذكرة بموقع روسيا الجغرافي الفريد، ما يمنحها مزايا عدة، إضافة إلى توافر إمكانات عالية لزيادة حجم نقل البضائع، مما يسمح بتقليص وقت نقل البضائع بشكل كبير من آسيا إلى أوروبا.

ونقلت وكالة “تاس” الروسية عن مصدر روسي، أن حركة نقل البضائع على طول الطريق البحري الشمالي في عام 2020، بلغت ما يقرب من 33 مليون طن من البضائع، بما في ذلك أكثر من 18 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال، واعدا بتحقيق المهمة التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيادة حركة الشحن بحلول عام 2024 إلى 80 مليون طن سنويا.

الموقف الروسي، كرره أيضا السفير الإيراني في روسيا، بالترويج لممر ملاحي لدى بلاده، مقترحا اياه كخط بديلا لقناة السويس في ظل أزمة السفينة الجانحة، وفق تصريحات نقلتها وكالات الأنباء العالمية، مؤكدا أنه أسرع للسفن وبتكلفة أقل تصل إلى فارق 30%، ولعل فكرة الطرق البديلة لقناة السويس تعد التهديد الأكبر الذي تنتظره مصر في الفترة المقبلة، خاصة واذا تكررت مثل تلك الأزمة.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022