المباحثات الاستكشافية التركية المصرية.. ماذا جرى فيها؟ وما أفاقها المستقبلية؟

 

 

بعد  ساعات من اختتام المحادثات الاستكشافية التي جرت بالقاهرة على مستوى نائبي وزيري الخارجية في كلا من مصر وتركيا، جاءت تصريحات الرئيس التركي رجب أردوغان، عقب صلاة الجمعة 7 مايو، بأحد مساجد اسطنبول، مرحبا بتاريخ االعلاقات المشتركة مع الشعب المصري.. ليؤكد سير بلاده في مسار المصالحة مع مصر.

وذلك في أول تعليق له بعد محادثات دبلوماسية معلنة في القاهرة بين وفدين من البلدين لإصلاح العلاقات المتوترة بينهما، قائلا :”موقف تركيا تجاه الشعب المصري إيجابي جدا”، و “لا يمكن أن نكون أعداء لهذا الشعب”.

 

ماذا دار؟

وفي وقت سابق الخميس 6 مايو، قال فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي إن تحرك مصر وتركيا بشكل مشترك سيصب في مصلحة السلام والتنمية بالمنطقة، مشيدا باحترام مصر الاتفاقية التركية مع ليبيا، وذلك عندما بحثت عن الموارد الطبيعية خارج الحدود التي تنص عليها الاتفاقية.

وشهدت القاهرة يوم الخميس 6 مايو الجاري اختتام المباحثات الاستكشافية بين وفدي مصر وتركيا برئاسة نائبي وزيري خارجية البلدين، ووفقا للخارجية المصرية، فقد جرت المفاوضات في مقر الوزارة بالقاهرة برئاسة السفير حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية ونظيره التركي السفير سادات أونال، وذلك في أول لقاء مشترك يُعقد على المستوى الدبلوماسي بين الجانبين منذ 8 سنوات.

وفي بيان مشترك قال الجانبان إن المناقشات كانت صريحة ومعمقة، حيث تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلا عن عدد من القضايا الإقليمية، ولا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط، وأشار البيان إلى أن الجانبين سيقومان بتقييم نتيجة هذه الجولة من المشاورات والاتفاق على الخطوات المقبلة.

ومن المنتظر أن يؤدي نجاح هذه الجولة إلى اجتماع آخر على مستوى وزيري الخارجية يتم تحديد موعده ومكان انعقاده في وقت لاحق، ومن المقرر أن ينقل الوفدان المباحثات إلى القيادة السياسية في كلا الدولتين، قبل الاتفاق على أية اجراءات لاحقة، وقبل الاتفاق على أي شيء، وأجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالا هاتفيا، وتقول أنقرة إن رئيسي المخابرات كذلك كانا على اتصال.

ووفق دوائر دبلوماسية، تحدثت لـ”رويتر” ، يتسم رد مصر على المفاتحات التركية بالحذر حتى الآن، وكان مما أثار غضبها توفير تركيا ملاذات آمنة لقيادات مصرية معارضة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ تولي السيسي السلطة، وكان أردوغان -الذي ينتمي لحزب ذي جذور إسلامية- دعم أحزابا وساسة عربا على صلة بالإخوان المسلمين، مما وضعه على خلاف ليس فقط مع مصر بل أيضا مع قوى خليجية عربية مثل السعودية والإمارات.

وفي بادرة قبل شهرين، طلبت تركيا من القنوات التلفزيونية المصرية العاملة على أراضيها تخفيف انتقاداتها لحكومة السيسي، إذ إن أنقرة لا تريد أن تتسبب هذه القنوات في مشاكل، كما لم تطلب أنقرة من أعضاء الإخوان المسلمين المقيمين في تركيا مغادرتها، وأصر الجانب التركي في المحاثات الاستكشافية على التأكيد  على أنه لا يعتبر جماعة الإخوان حركة إرهابية، وأن أعضائها المقيمين على أراضيها مقيمين بشكل قانوني، وكانت أنقرة أبلغت جماعات المعارضة المصرية في تركيا -التي تضم ليبراليين إلى جانب الإسلاميين- بأن مساعي تركيا لتحسين العلاقات لن تأتي على حسابها، بحسب وكالة الأناضول، وكانت البلدان قد اتفقتا من حيث المبدأ على عدم مناوأة أحدهما الآخر في المحافل الدولية، ومنها حلف شمال الأطلسي، حيث سمحت عضوية تركيا فيه لها باستخدام حق النقض (فيتو) ضد مشاركة مصر في بعض شراكات الحلف.

وتوترت العلاقات بين القوتين الإقليميتين منذ إنقلاب عسكري على الرئيس المنتخب ديمقراطيا والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي عام 2013، وطردت كل دولة سفير الأخرى، إلا أن العلاقات الاستخباراتية والاقتصادية لم تتوقف، وظل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين على درجة القائمين بالأعمال، في حين تواصل كل من سفارة تركيا بالقاهرة وقنصليتها في الإسكندرية وسفارة مصر لدى أنقرة وقنصليتها في إسطنبول أنشطتها، وأدى الخلاف بكل منهما إلى مساندة فصيل مختلف في الحرب الدائرة في ليبيا، ووضعهما على طرفي نقيض في نزاع بشأن السيادة والحقوق في مياه شرق البحر المتوسط.

 

أهداف  استراتيجية

وتنظر تركيا لإصلاح العلاقات في إطار مسعى لمد الجسور مع الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، بعد سنوات من التنافس السياسي والتدخلات العسكرية التي أظهرت نفوذ تركيا، لكنها أثرت بشدة على تحالفاتها مع العالم العربي، المحادثات الاستكشافية شملت التعاون في مجالي التجارة والطاقة، فضلا عن الاختصاص القضائي في المسائل البحرية في شرق المتوسط. بجانب الخطوات الضرورية التي قد تقود إلى تطبيع العلاقات بين البلدين على المستويين الثنائي والإقليمي..وتقترب قيمة التبادلات التجارية بين البلدين من 5 مليارات دولار سنويا، رغم الخلاف السياسي.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي التركي، فراس رضوان أوغلو، لـ”بي بي سي نيوز ” إن الطرفين لديهما مصلحة في إحراز تقدم في ملف تطبيع العلاقات بينهما. فمصر تحاول من خلال تقاربها مع تركيا أن تضغط على حلفائها الذين تنكروا لها في مشروع مد خط نقل الغاز البحري “إيست ميد” من شرق المتوسط وحتى أوروبا، والذي تم استبعاد مصر منه، موضحا أن التقارب مع تركيا قد يكون خطوة تكتيكية لإجبار هذا التكتل على وضع مصر ضمن حساباتهم في مشاريع الغاز.

كما  أن تركيا تريد استخدام الورقة المصرية للضغط بقوة على جارتها اليونان للجلوس إلى طاولة التفاوض وتقديم تنازلات حقيقية، وحسم الملفات الخلافية في المتوسط وبحر إيجة.

 

ملاحظات متبادلة

وعلى الرغم من أن  أن أجواء الاجتماع الأول والساعات السابقة عليه خلال الاتصالات واللقاءات الشخصية “كانت إيجابية”، لكنها لم تخل من ملاحظات سلبية من كلا الطرفين على الأداء الإعلامي تجاه بعضهما بعضاً، خاصة في الأسابيع الأخيرة، حيث احتج الجانب المصري بشكل واضح على تصريحات مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، التي انتقد فيها إعدام عدد من المتهمين المدانين في قضية اقتحام قسم كرداسة، ووصفها بأنها “تهدف لمغازلة الإسلاميين المعارضين أيديولوجيا”، وأن تكرار مثل هذه التصريحات سيبطئ جهود تطبيع العلاقات.

ومن ناحيته، انتقد الجانب التركي استمرار الهجوم الإعلامي المصري على سياسات أنقرة، رغم تراجعه الكمي بشكل واضح في الشهرين الأخيرين. كما تلقت القاهرة مطالب بأن يعبر الإعلام المصري بشكل واضح عن تطور المشاورات بين البلدين، لتفنيد المعلومات غير الصحيحة والمغلوطة التي تنتشر في الإعلام الإماراتي والسعودي عن تعثر المشاورات، وظهور مشاكل مستجدة على الصعيدين الأمني والسياسي، وذلك وفق مصادر دبلوماسية، تحدثت لـ”العربي الجديد”.

وهو ما دعا وزارة الخارجية المصرية لإصدار بيان عن اللقاء جاء في هذا الصدد، بعدما كان قرار المخابرات العامة، بصفتها المسؤول الأول عن الملف، يتجه إلى عدم الإعلان، وترك الجانب التركي يتحدث وحيداً عن المفاوضات، كما حدث خلال الشهرين السابقين، إلى حد إصدار تعليمات للصحف الموالية للنظام بعدم نشر بيان عن التقارب أصدره وزير الدولة للإعلام المستقيل أسامة هيكل.

 

القضايا  والنقاشات

محتوى النقاشات، وفق ما رشح من متابعات اعلامية وتصريحات دبلوماسية، تركزت حول مستقبل العلاقات بين البلدين، والشروط المصرية لتطبيعها في المجالات كافة، خاصة الأمنية والاقتصادية، والمطالب التركية، والملف الليبي، والضمانات التي تكفي القاهرة على الصعيدين الثنائي والإقليمي، وبصفة خاصة عدم التدخل في الشؤون المحلية المصرية، ووقف الهجوم الإعلامي من القنوات المصرية في تركيا، وكانت القاهرة قدمت لأنقرة قائمة بأسماء أشخاص مطلوب إنهاء تواجدهم بتركيا، بعد أن صدرت بحقهم أحكامًا نهائية، ولكنها لم تطلب تسليمهم، لأنه لا توجد اتفاقية تسليم جنائيين بين البلدين، بجانب مطلب مصر بانسحاب شامل للأتراك من ليبيا، ولانتزاع تعهدات من أنقرة بعدم التدخل العسكري مرة أخرى في الشأن الليبي، مقابل تنسيق الجهود المصرية التركية لدعم سلطة سياسية في ليبيا ترعى مصالح الطرفين.

المباحثات تطرقت أيضاً إلى خلاف حول مطالبة مصر بتسليم شخصيات بعينها من المعارضين المقيمين في تركيا، لكن أنقرة تعارض هذا التوجه من حيث المبدأ. بينما أكدت مصر أنها ليست معنية باسترداد جميع المعارضين المقيمين في الخارج، سواء بتركيا أو غيرها، بل باسترداد بعضهم فقط، بحجة أهميتهم لمجريات تحقيقات قضائية، وتطرقت المباحثات إلى ملف التعاون المحتمل في مجال الغاز، حيث أوضح الجانب المصري أنه  لا يمانع انضمام تركيا إلى منتدى شرق المتوسط، لكنها من ناحيتها تضع لذلك بعض الشروط، لكن المناقشة الفنية لتلك المواضيع مؤجلة إلى حين الاتفاق على البنود الأكثر أهمية، والخاصة بالعلاقات المباشرة بين البلدين.

 

فرص نجاح التقارب

تؤكد «المشاورات الاستكشافية»  أن المبدأ السياسيّ الشهير، أن هناك مصالح دائمة وليس هناك سياسات دائمة، وأن السياسات تتغيّر حين بتغيّر عناصرها.

على المستوى الدوليّ، يمكن اعتبار انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن، أحد العوامل الكبيرة المؤثرة بالنسبة للطرفين اللذين فقدا مساحة مناورة كان يؤمنها وجود الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث كان السيسي يتمتع بـ«حظوة» ملحوظة لدى الأخير، كما وجد اردوغان طريقة مناسبة للتعامل مع ترامب منعت رفع منسوب التوتّر بين البلدين.

وعلى المستوى الإقليمي يبدو الطرفان مرهقين سياسيا من تداعيات ملفّات عدة متوازية، فعلى صعيد الملف الليبي شهدنا فقدان الجنرال خليفة حفتر، المحسوب على مصر والإمارات، زخمه وسطوته تحت تأثير التدخّل العسكري التركيّ، وفي المقابل فقد أحسّت أنقرة بالضغط اليونانيّ، المدعوم أوروبيا، والذي أثمر حلفا بحريا مع الإمارات وإسرائيل وقبرص ومصر، كما يمكن احتساب مجموعة تطوّرات إقليمية أخرى لعبت دورها، ومنها وقف حصار مصر والسعودية والإمارات والبحرين لقطر، وعودة الأمريكيين والأوروبيين للتفاوض مع إيران على إعادة الاتفاق النووي، وإعلان السعودية، على لسان ولي العهد محمد بن سلمان رغبة مستجدة في التفاوض مع إيران، وكذلك حاجة متزايدة لإقفال الملف اليمني الملتهب.

من المنطقيّ، والحال هذه، أن معظم القوى السياسية في المنطقة، بما فيها نظاما الحكم في تركيا ومصر، باتت تعيد حساباتها وترتّب أوراقها لاستيعاب التغيّرات المقبلة، بتفكيك الخلافات القديمة والبحث عن اصطفافات جديدة، وعليه فإن التقدم في «المباحثات الاستكشافية» بين أنقرة والقاهرة، يعتمد على قدرة الإدارتين الحاكمتين على استشراف هذه التغيّرات ورؤية المصالح المشتركة الممكنة، سيسعى الطرفان، إذا أرادا السير في هذا المسار إلى حبس أشباح الخصومات الأيديولوجية والتاريخية في قمقم،  إلى أن يفضّ ختمها حدث كبير!، وذلك وفق تقدير استراتيجي نشرته صحيفة “القدس العربي” الخميس الماضي.

 

مكاسب مشتركة وراء التقارب

ويأتي في مقدمة المصالح التي قد تتحقق من التقارب بين البلدين، ملف ترسيم الحدود البحرية المشتركة، حيث تبدو القاهرة على استعداد أن تقوم بفتح نقاش قانوني حول ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا على أساس الأخذ في الاعتبار أن القاهرة لن تدعم موقف تركيا في أي خلاف حدودي بينها وبين اليونان. أي أن الترسيم المصري التركي سيجري بالأخذ في الاعتبار عمليات الترسيم التي جرت بالفعل بين مصر واليونان وبين مصر وقبرص.

هذا بجانب الفرص الاستثمارية الواعدة التي يحققها ترسيم الحدود بين البلدين، ما يفتح المجال الاقتصادي للتعاون واسعا فيما يخص الاستكشافات الكربوهيروكربونية في شرق المتوسط، جيث كانت مصر قد طرحت مناقصة للتنقيب عن النفط والغاز في مياهها الإقليمية شرق المتوسط ،وأخذت في الاعتبار الحدود المشروعة للجرف القاري التركي (منطقة ماردين28) وهذا ما أشاد به وزير الخارجية التركي واعتبر أن هذه الخطوة ستؤدي إلي فتح باب لمباحثات ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

الأمر الثاني الذي تبدو القاهرة مستعدة لتقديمه،  هو التنسيق فيما يخص مصالح البلدين الأمنية والاقتصادية، خاصة فيما يتعلق بإعادة الإعمار في ليبيا، شريطة التزام تركيا إنهاء أي تواجد لمسلحين، سواء مسلحين أجانب أو مسلحين تم منحهم الجنسية الليبية من قبل حكومة “فائز السراج”، من خلال تنسيقات أمنية مع تركيا، بجانب ما يخطط  له الجانبان لزيادة التجارة الثنائية والاستثمارات، وتجاوز مشاكل مثل الحواجز الجمركية واللوائح البيروقراطية، والإجراءات الطويلة للحصول على تأشيرة دخول بين البلدين.

ووفق دراسة “التقارب المصري التركي وانعكاسه علي القضايا الإقليمية”، التي نشرها المركز الديمقراطى العربى ، ابريل الماضي، فإن إعادة العلاقات التركية المصرية، يصب في صالح مصر فيما يخص نزاعها مع اثيوبيا ، على خلفية سد النهصة، إذ أعلنت تركيا استعدادها للتوسط في ملف سد النهضة، قبل الملء الثاني للسد في يوليو المقبل، وهو ما يمثل تحديا اقتصاديا وحضاريا على الدولة المصرية.

من جانب اخر، يعد تحقيق نجاحات في ملف العلاقات التركية الاقليمية دعما لأردوغان، الذي يستعد لخوض الانتخابات العامة في تركيا في 2023، ومن ثم فإن حلحلة الخلاف مع مصر سيصب في صالح قوة اردوغان وشعبيته في الداخل التركي، خاصة مع سياساته الاقليمية نحو تصفير الازمات.

 

أفاق واعدة

البلدان هما من أبرز القوى الإقليمية وتربطهما علاقات تاريخية عميقة، ويواجهان أزمات متشابهة برأي كثيرين، سواء الاقتصادية منها والانهيار الذي لحق بعملتيهما المحليتين في السنوات الأخيرة، أو البرود في علاقاتهما مع واشنطن ورفض الأخيرة بيعهما أحدث طائراتها المقاتلة من طراز F-35 في وقت تشهد علاقاتهما بموسكو دفئاً مقلقاً للغرب، كما أن المخرج الوحيد لأزماتهما برأي مراقبين، يكمن في شرق البحر المتوسط، حيث الاحتياطات المهولة من الغاز، وتوقيع اتفاقيات ترسيم لمناطق الصلاحيات البحرية بين البلدين، وتوقيع اتفاقيات أكثر أهمية تتعلق بالتنقيب والتصدير والاستثمار تبعاً لإمكانيات تركيا وقدرات سفنها في البحث والتنقيب.

أخيراً التقارب المصري التركي، لن يعود بالضرر بأي شكل من الأشكال على البلدين، بقدر ما سيفتح نوافذ فرص للحديث عن تحالفات جديدة وفرص استثمار وقوة مؤثرة لا يمكن تجاوزها أو إغفالها في منطقة شديدة التعقيد والحساسية والأهمية بكل المقاييس، يمكن من خلال ذاك التقارب بذل جهود وساطة وبضغوط دولية ومقاربات أخرى لتفكيك الأزمات الداخلية بمصر وحل أزمات السجناء والمخفين قسريا وعموم المعارضين والمجتمع المدني بمصر.

 

مصير المعارضين

وتقف المعارضة المصرية المقيمة في تركيا أمام تحدي صعب، إذ أن المطالبات المصرية المتعددة بتسليم شخصيات مهمة منهم، قد تكون عائقا امام مسار التقارب، إلا أن تأكيدات الادارة التركية بأنها لن تسلم أيا منهم للقاهرة، يبدو تطمينا مهما، كما أن القاهرة لا تحتاج كل المقيمين من المعارضين المصريين في تركيا، بجانب عدم وجود اتفاقية جنائية بين البلدين لتسليم الجنائيين، تبدو عوامل دافعة لاغلاق اللف، إلا أن ما لن تسمح به القاهرة هو عمل القنوات الاعلاميية أو نشاطات المعارضة السياسية المصرية على اراضي تركيا، كالمؤتمرات والندوات وغيرها من الفعاليات.

ويسع المعارضة البحث عن دول أخر كمقر لطلب اللجوء او البحث الجاد عن التجنيس والحصول على الجنسية التركية أو القبرصية”التركية” أو غيرها. وكان عدد كبير من المعارضة المصرية الموجودة في تركيا قد حصلوا  على الجنسية التركية، وهي من بين الأخطاء التي ارتكبتها السلطات المصرية، برفضها تجديد جوازات سفرهم التي غادروا بها مصر في عام 2013، ويبقى على المعارضين حسن التعاطي مع التطورات التركية الداخلية والخارجية، وعجم تحميل النظام مسئوليات قد لا يستطيع الاستمرار في تحملها، وهو على مقربة نحو عامين على انتخابات عامة في 2023، قد تكون صعبة عليه بصورة كبيرة وسط التحديات الاقتصادية والاقليمية والدولية التي يواجهها.

خاصة وأن السياسة التركية بدأت تميل، في المرحلة الراهنة، إلى المرونة وسلوك طريق الحوار حيال الملفات والقضايا الخلافية في منطقة شرقي المتوسط وليبيا، وذلك في محاولة لتجنب المواجهات والسيناريوهات المكلفة. وبالتالي، ربما يشكل الحوار والتصالح مع مصر محاولة لسحب نظامها إلى خانة التقارب والتفاهم، بدلاً من العداء والمواجهة، وإبعادها عن المحور الإقليمي الرباعي، من جانب أخر، لعل عدم الاصرار التركي على طرح ملف المعارضين الاتراك المقيمين بمصر، من جماعة الخدمة وأنصار جماعة كولن المعارضة لأردوغان والذين يملكون العديد من المدارس والمراكز بمصر، قد يكون بابا للمعاملة بالمثل لتجنب مطالبة مصر بضغوط أكثر على تركيا في هذا الملف، إلا أنه على أيه حال فإن ما لا يحل بالتوتر والصراع ، قد يحل بشكل أسرع بالحوار والتفاهمات، التي بات على المعارضين تفهمها وتقبلها في المرحلة المقبلة.

 

 

 

 

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022