التوسع التركي في المنطقة وتأثيره على الأوضاع في مصر والمنطقة

 التوسع التركي في المنطقة وتأثيره على الأوضاع في مصر والمنطقة

اثارت الاتفاقية التى وقعتها تركيا مع السودان لتطوير جزيرة سواكن السودانية وجعلها منطقة ارتكاز للحجاج الذاهبين إلى مكة واستعادة دورها القديم غضب النظام المصري وإعلامه الذي شن حملة شعواء على السودان وتركيا متهمين الطرفان بتهديد الأمن القومي المصري، وكأن السودان قد ارتكب جريمة لا تغتفر وكأن تركيا قد قامت بجرم لا يمكن أن يغفر وذلك بعد أيام قليلة من تصريحات قليلة لوزير الخارجية تشير لإمكانية تطوير العلاقات مع النظام التركي.

إلا أنه في الواقع يغفل المتابعين لتطورات التحركات التركية في المنطقة عدة أمور في غاية الأهمية:

أولاً: لا تتحرك تركيا خاصة فيما يتعلق بعلاقاتها الخارجية ومحاولاتها لتطوير استثماراتها في الخارج من منطلق عقيدي وإنما تتحرك بالأساس من منطلق المصلحة، بمعني أنها تنظر إلي مصالحها بالأساس، وتفعل كل ما من شأنه أن يحمي مصالحها وأمنها القومي في منطقة صارت تعج بالتحديات ليس فقط علي تركيا وإنما علي الامتين العربية والإسلامية، وهو ما يعني أن الوجود التركي في السودان إنما يصب بالأساس في صالح النظام التركي ومشروعه في المنطقة، وهو في ذلك قد يرد بشكل أو بآخر علي التواصل ما بين النظام المصري ونظيره القبرصي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يثبت تواجده في مناطق الجوار السعودي والإماراتي للضغط علي الطرفين للتنسيق معه باعتبار أنه الأقرب إليهم في مواجهة النفوذ الايراني في المنطقة أو لمنع أي محاولة للتآمر علي نظامه مثلما تحاول ان تفعل الامارات بدعم غربي في العديد من العواصم العربية.

ثانياً: يمثل الوجود التركي في منطقة البحر أهمية كبيرة لتركيا ليس فقط سياسيا وإنما كذلك اقتصاديا، وقد يكون ذلك السبب في انقلاب الاعلام الموالي للإمارات على تركيا بهذا الشكل المفجع، لأنه قد يكون تلك الجزيرة إلي مرسي للسفن العابرة في البحر الاحمر بالشكل الذي يؤثر على جبال علي الاماراتية، وهو ما لا يمكن القبول به خاصة وان الامارات قد انفقت المليارات من أجل ألا يقام هذا المشروع في مصر على ضفاف قناة السويس.

ثالثاً: يمثل هذا الوجود منفذا لتركيا بعيدا عن دائرة الصراعات في جوارها الاقليمي ومحاولة للانطلاق صوب افريقيا والاستفادة من ثرواتها الهائلة، خاصة وأن السنوات القليلة الماضية قد شهدت تراجعا في الاقتصاد التركي، وهو ما يحاول النظام التركي تعويضه من خلال الانفتاح على افريقيا.

رابعاً: يمثل الامر اهمية كبيرة بالنسبة للسودان التي لم تحصل على ما وعدتها به المملكة العربية السعودية جراء مشاركتها في التحالف الذي تقوده المملكة ضد جماعة الحوثي في اليمن، ما دفعها للقبول بالدور التركي من أجل تحسين أوضاعها الاقتصادية والخروج من تحت العباءة السعودية التى باتت تكلفها الكثير دون مقابل.

خامساً: تحاول السودان بالإضافة إلى الاستفادة الاقتصادية المباشرة أن تستفيد سياسيا وعسكريا من خلال تطوير علاقاتها مع تركيا، وتفويت الفرصة على الامارات وحلفاءها وكذلك على النظام المصري في الاضرار بالامن القومي السوداني، أو حتى الاضرار بالنظام السوداني الحاكم، خاصة وأن الايام الماضية قد شهدت انقلابا فاشلا على النظام تحت اشراف اماراتي معتاد.

سادساً: تحاول السودان استخدام الورقة التركية للضغط على النظام المصري من أجل ايجاد حلول بناءة لمشكلة حلايب وشلاتين، ومنع القاهرة من تعميق وجودها في تلك المنطقة الغنية بالذهب، والتى يحاول النظام السوداني انتزاعها من مصر على غرار ما فعلت السعودية في جزيرتي تيران وصنافير.

لذلك يعد الوجود التركي في السودان خطوة هامة تصب في صالح النظام التركي بأكثر من أي شيء آخر، وقد تفيد قوى الاسلام السياسي علي المدي البعيد في حال تطوير تلك العلاقات للدرجة التى تمثل ضغطا على الانظمة الديكتاتورية في المنطقة، ودعم القوى الموالية لها خاصة في ليبيا ودول الجوار من خلال فضح المخططات الاماراتية والمصرية والتى تستهدف التمكين للديكتاتوريات القديمة والقضاء على الوجود الاسلامي في المنطقة.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022