ماذا يجري في السعودية؟

تشهد المملكة العربية السعودية، منذ ليل الأربعاء الماضي، موجة موسعة من الاعتقالات في صفوف العائلة المالكة والوزراء والمسئولين الحاليين والسابقين، بلغت ذروتها، يوم الجمعة الماضية، حيث  شملت عددا كبيرا من الأمراء وأفراد من الأسرة الحاكمة، ومسئولين بالدولة السعودية ورجال أمن وكبار ضباط الداخلية، على خلفية اتهامهم بتدبير محاولة انقلابية.

وعلى رأس قائمة الاعتقالات الأمير أحمد  بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وشقيقه نواف بن نايف، كما استدعت وزير الداخلية الحالي عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية والابن الأكبر للأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي الأسبق.

وبعد يومين من الاعتقال والتحقيقات، أفرجت السلطات السعودية، عن بعضهم، وفق ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الأحد الماضي.

وشملت قائمة المفرج عنهم، بحسب الصحيفة، وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف ووالده الأمير سعود بن نايف، كما ذكرت الصحيفة أن قائمة المفرج عنهم ستشمل الأمير أحمد  بن عبد العزيز، شقيق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق وذلك في وقت متأخر الأحد. ولم ترد معلومات حتى صباح الإثنين حول الإفراج عن الأميرين.

فيما ظهر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مستقبلا  سفيرين لدى المملكة، وسط حضور صحفي، للتدليل على سلامته الصحية، ورضاه عما يقوم به ولي عهده، نجله محمد، بعد تأكيدات صحفية أن أوامر الاعتقال كانت ممهورة بتوقيع الملك سلمان.

 

ولعل الاتهامات الموجهة للأمراء بتدبير انقلاب قصر، على سلطات ولي العهد محمد بن سلمان، يبدو أنها تخفي وراءها، مخاوف من قبل ولي العهد من تصاعد غضب شعبي وتململ داخل الأسرة الحاكمة، بعد قرارات وأزمات متصاعدة، في الداخل والخارج، تسبب فيها ابن سلمان، والذي يخشى بدوره من شعبية الأميرين أحمد  بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف، واللذين يتمتعان بشعبية وقبول دولي، من الأوساط البريطانية والأمريكية، وكذا ما يتمتعان به من قبول داخل بيت الحكم وحرية انتقاد لمشروع ابن سلمان.

حيث نقل عن الأمير أحمد  بأنه أزال من مجلسه صورتين للملك سلمان ولابنه محمد، مؤخرا، كما انتقد قرار وقف العمرة بالداخل والخارج السعودي.

والمعروف أن الأمير “أحمد” من المعارضين لسياسات “ابن سلمان”، قبل أن يعود من منفاه الاختياري بلندن إلى المملكة في 2018، بناءً على دعوتين من شقيقه الملك “سلمان“.

وهو أثقل الأمراء مكانة في العائلة، وسبق أن وافق على العودة للسعودية بعد حصوله على ضمانات بريطانية وأمريكية بعدم المساس به، وكان يُعول عليه في كبح جماح “ابن سلمان.”

بينما تقول تقارير غربية: إن “ابن نايف” قيد الإقامة الجبرية بقرار من “ابن سلمان”، منذ الإطاحة به من ولاية العهد، في يونيو 2017، ولا يخرج إلا بموافقة ولي العهد.

فيما العاهل السعودي يعاني من الزهايمر المتقدم، ولا يسيطر على الأمور السياسية والأمنية في البلاد، التي تبقى في يد ابنه محمد الذي لا يتردد في إزاحة كل من يشك فيه.

 

تكرار تجربة الريتز

 

جدير بالذكر أن السلطات السعودية احتجزت العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر 2017.

وكان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق.

ولاحقا، وسعت السلطات السعودية حملة الملاحقات، وأمرت باعتقالات جديدة شملت نخبا سياسية ودينية ورموزا في عالم المال والأعمال بالمملكة، وامتدت الحملة لتشمل المزيد من أبناء عمومة ولي العهد محمد بن سلمان وأبنائهم وأسرهم.

 

 

دور الإمارات

وفي سياق متصل، كشفت المصادر أن ولي عهد أبوظبي، “محمد بن زايد” كان على علم بمخطط “ابن سلمان” سالف الذكر، بل شارك في وضع ملامحه.

وأشارت “أسوشيتدبرس” إلى تغريدة “حمد المزروعي”، المغرد الشهير والمقرب من “ابن زايد”، عندما كتب قبيل الاعتقالات مباشرة: “كش ملك.”

وقال أحد المصادر: إن “محمد بن زايد” كان له دور فعال في كل حركة لـ”محمد بن سلمان”، وكلما زاد عدد الأخطاء التي ارتكبها الأخير، زاد عدم الاستقرار الذي يسببه، زاد تأثير “ابن زايد” على الشؤون السعودية.

وهو ما يكشف عن دور متصاعد لابن زايد في الشأن الإقليمي، والذي قد يجر كثيرا من عدم الاستقرار في الداخل السعودي، بينما يرى مراقبون أن الإستراتيجية الإماراتية في قيادة المنطقة العربية تتناغم مع الإستراتيجية الصهيو أمريكية، التي ترى في ابن سلمان شخصية مقبولة، يثق فيها وفي انصياعها للأهداف الأمريكية والصهيونية، في كثير من القضايا، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإيران، والتطبيع الخليجي مع الصهاينة..وغيرها من القضايا المحورية.

 

اتهامات!

 

حيثيات اتهام الأمير محمد بن سلمان للأمراء المشاركين في عملية الانقلاب المفترضة، حسب مصادر رسميّة سعودية تحدثت لـ”وكالة رويترز”، هي أنهم قاموا «بإجراء اتصالات مع قوى أجنبية، ومنها الأمريكيون»، و ذلك على الرغم من أن الأمير أحمد  بن عبد العزيز عاد للمملكة العربية السعودية نتيجة «اتصالات مع قوى أجنبية»، وأن الأمريكيين قدّموا له ضمانات بسلامته لو عاد للبلاد، وبالتالي فإن عودته تشكّل «بيعة» منه للملك سلمان ولوليّ العهد.

 

دوافع الاعتقالات

 

وبحسب مراقبين، فإن التفسير الحقيقي لما حصل هو أن الانقلاب جرى فعلا، ولكن من قبل محمد بن سلمان على تلك «الضمانات» الأمريكية، وعلى الرأسمال السياسي لكامل العائلة المالكة وليس على منافسيه المحتملين فحسب، فـ«السيرة الذاتية» لوليّ العهد السعوديّ، التي امتلأت بأخطاء سياسية كارثية، محلّية وإقليمية وعالمية، أعطت بشكل غير مباشر وزنا ومصداقية كبيرين للأمراء الكبار الآخرين.

وقد جاء اعتقال أحمد  بن عبد العزيز، لأنه يعتبر الوريث الطبيعي لخط التسلسل المتبع الذي سارت عليه العائلة السعودية بعد وفاة المؤسس عبد العزيز بن سعود، وكذلك على محمد بن نايف، ولي العهد السابق وشقيقه نواف، لكن المقصود، في الحقيقة، هو أي أمير سعوديّ آخر يتمتع باحترام داخل الأسرة المالكة، أو لديه سيرة سياسية مرموقة وتقدير لدى المنظومة الدولية (وخصوصا الأمريكيين)، وقد نمت هذه المصداقية بالتناظر مع درجة الانحدار السياسي الذي تعرّضت له سمعة الأمير محمد بن سلمان، والسعودية عموما، بسبب أخطائه.

 

استباق رحيل ترامب

 

ومن ضمن الدوافع التي تقف وراء حملة الاعتقالات، أنها قد تكون خطوة استباقية لإدارة المخاطر التي قد تحول دون انتقال الحكم من الملك سلمان إلى ابنه، وفقاً لتحليل أجرته مجموعة أوراسيا للأبحاث. واعتبر كلا الأميرين بديلَين محتملَين لابن سلمان.

ويرجع سبب تسريع “ابن سلمان” بتلك التحركات هو قلقه من احتمال خسارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لاسيما أن جميع منافسي “ترامب” من الحزب الديمقراطي، ينظرون بشكل شديد السلبية لولي العهد السعودي، وانتقدوه بشكل قاس وعلني، خاصة بعد اغتيال الصحفي “جمال خاشقجي” ببشاعة داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية، في أكتوبر 2018.

 

 

تمهيد لإعلان ابن سلمان ملكا

 

وتأتي خطوات ابن سلمان التصعيدية، التي يبدو أنها تتم بموافقة غربية وأمريكية لإعلان نفسه ملكا، واكتساب شرعية في وجود والده الملك سلمان، بعد سلسلة من الانتكاسات السياسية والمواقف السلبية التي تعرضت لها شخصية ابن سلمان في الآونة الأخيرة، سواء بقضية الصحفي جمال خاشقجي، والموقف من إيران، والانتكاسات السياسية والحقوقية باليمن، ..وغيرها.

وفي هذا الإطار، نقل موقع “ميدل إيست آي” الإخباري، عن مصادر قولها:  “إن ولي العهد محمد بن سلمان يقوم بهذه الحملة لأنه يعتزم تنصيب نفسه ملكا قبل قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في الرياض في نوفمبر المقبل”.

ووفقا لتقرير كتبه ديفد هيرست رئيس تحرير الموقع نقلا عن مصادر مطلعة على ذلك المخطط فإن محمد بن سلمان لن ينتظر وفاة والده الملك سلمان بن عبد العزيز لأنه يرى أن وجود والده يضفي عليه الشرعية، ويسعى لاستخدام قمة العشرين كمنصة لإعلان صعوده إلى العرش.

وقالت المصادر: “إن ولي العهد يعتزم إرغام والده -الذي قال الموقع: إنه يعاني من خرف الشيخوخة لكن صحته جيدة باستثناء ذلك- على التنازل عن العرش”.

وأضافت أن هذا سيكون استكمالا للعملية التي بدأها محمد بن سلمان، حين أطاح بابن عمه الأمير محمد بن نايف من منصب ولي العهد.

وقال أحد المصادر: إنه “يريد أن يضمن في حياة والده أنه سيصبح ملكا”،  حيث عرض الملك سلمان وابنه على الأمير أحمد  بن عبد العزيز، فرصة قبل اعتقاله يوم الجمعة للالتحاق بمشروع محمد بن سلمان لكنه رفض، وفقا لمصادر تحدثت لميدل ايست آي.

وبيّن أحد المصادر أن “أحمد تعرض للضغط لكي يعطي دعمه الكامل لمحمد بن سلمان. وقد التقى الملك، الذي استخدم هو وآخرون في الديوان كلمات مهذبة لتشجيعه على دعم ابنه“. وتابع المصدر أن “أحمد  أوضح أنه لن يدعم هذا المشروع”، وأضاف أنه أبلغ الملك أنه لا يطمح لأن يصير ملكا لكنه يتطلع إلى آخرين للتقدم إلى هذا المقام.

 

رسالة للأسرة الحاكمة

 

وتأتي الاعتقالات في أوساط الأسرة الحاكمة، كرسالة على سبيل الإنذار لجميع أفراد العائلة المالكة الذين ربما يشعرون بأنهم مهمشون “من أجل التوقف عن التذمر، وبدء دعم القيادة.

وهو ما توافق مع ما نقلته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، -نقلا عن مصادرها- أنه إذا أمكن اعتقال الأمير أحمد  شقيق الملك، فإن أي أمير يمكن أن يكون عرضة للاعتقال، وسيظل الأمر كذلك.

وذكر تقرير الوكالة أن اعتقال الأميرين أحمد  بن عبد العزيز ومحمد بن نايف قد يكون خطوة استباقية لإدارة ولي العهد السعودي المخاطر التي تحول دون تسلمه العرش خلفا لأبيه، لأنهما بديلان محتملان لتولي الحكم في المملكة، مستشهدة على ذلك بتقرير سابق من “مجموعة أوراسيا الاستشارية.

ونفت الوكالة -نقلا عن مصادر مقربة من الديوان الملكي- ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال من أن الأميرين كانا ينويان الانقلاب على الأمير محمد بن سلمان، وأكدت أن اعتقالهما جاء بمثابة “رسالة إلى بقية الأمراء”، مفادها أنه “لا حصانة لأحد بعد الآن“.

 

تداعيات الاعتقالات

 

ومع تطورات الأحداث، فإن ولي العهد قد يوجّه تهمة «الخيانة» إلى أولئك الكبار، فإذا حصل ذلك علناً، فسيكون إعلانا عن اتجاه المملكة العربية السعودية إلى حقبة جديدة غير مسبوقة، يقوم وليّ العهد السعودي خلالها بتكسير الأجنحة القويّة داخل العائلة المالكة السعودية لتشكيل نظام جديد يضمن السلطة المطلقة لابن سلمان ويحفظ الملك ضمن أبنائه فحسب.

 

تململ داخلي

 

ومع استمرار التوتر داخل أطراف الحكم بالسعودية، ثمة تشققات داخل الأسرة الحاكمة برزت للسطح في وقت تتعرض فيه المملكة لرياح اقتصادية قوية بانخفاض أسعار النفط الخام وتراجع الاستثمار الخارجي الذي بلغ أدنى مستوى له عام 2017 وظل على أقل مستوى له قبل الأزمة المالية عام 2008.

 

السخط المتزايد بين أفراد الأسرة الحاكمة، عبرت عنه مصادر تحدثت لـ”وول ستريت جورنال” عن أن الأمير أحمد  بن عبد العزيز شقيق الملك سبق أن نزع صور الملك وولي عهده من مجلسه الذي يستقبل فيه ضيوفه.

فيما تصاعد الجدل حول “ابن سلمان”، بعد قراره بمنع العمرة خارجيا وداخليا، في الوقت الذي سمح فيه بتنظيم حفل موسيقي كبير بعنوان “ليلة فارسية”، في 5 مارس الجاري، ضمن فعاليات “شتاء طنطورة“.

 

أما واشنطن بوست فقالت إن الاعتقالات ربما يكون دافعها مزيدا من تعزيز سلطة ولي العهد، مشيرة إلى أن المعتقلين متهمون بالخيانة العظمى وهي تهمة خطيرة عقوبتها الإعدام.

وأضافت أن الأمير محمد بن سلمان ظل يعزز سلطته خلال العامين الماضيين بتجريد منتقديه من كل أسلحتهم وتكميم أفواه المعارضة في الداخل والخارج، لكن الاعتقالات الحالية تعبر عن انقسام داخل الأسرة حول نقل سلطة الملك لولي عهده الذي أبعدت تكتيكاته الاستبدادية كثيرا من الأمراء.

بينما عبرت الأكاديمية السعودية المعارضة مضاوي الرشيد بتغريدات، قالت فيها: إن هذه الاعتقالات تعكس التذمر المتزايد من هيمنة “الملك الابن” وسياساته الاجتماعية والاقتصادية والخارجية والدينية “الغريبة.”

كما نقلت الصحيفة عن هاغ مايلز رئيس تحرير “أراب دايغست” المختصة في تحليل الأوضاع السياسية في الشرق الأوسط قوله: إن التصدع في تماسك الأسرة الحاكمة يهدد بصعوبات مستقبلية للأمير محمد بن سلمان عندما يجلس على عرش الملك.

وأضاف مايلز أنه ورغم أن كثيرا من الأسئلة لم تجد إجابات حول ما يجري بالمملكة، فإن الواضح أن ابن سلمان يباشر الحكم دون دعم من بعض أعضاء الأسرة الحاكمة، وأن هذه مشكلة كبيرة له لأن أي ملك محتمل يُتوقع له ألا يحصل فقط على الولاء الكامل للأسرة الحاكمة، بل أن يكون هذا الولاء صادقا ومخلصا.

وقالت نيويورك تايمز إن حجم الاعتقالات لا يزال غير معروف حتى اليوم، لكن ما ظهر منها يوضح إلى أي مدى يمكن أن يذهب ابن سلمان في اعتقال معارضيه المحتملين حتى داخل أسرته، الأمر الذي ينشر الخوف في أوساطها.

وأضافت أن هذه الاعتقالات أثارت تكهنات حول خوف ابن سلمان من مؤامرة ضده، أو أنه يسعى لوقف أي نشاط من خصومه المحتملين خلال تجهيزه لتولي كامل السلطة من الملك الذي تقدم به العمر.

ونقلت عن اثنين من مؤيدي ولي العهد مقربين من البلاط الملكي إصرارهما على القول: إن ابن سلمان مدفوع فقط بنفاد الصبر من أعضاء الأسرة الحاكمة الذين طالما فقد ثقته بهم، ونقلت عن ثالث مقرب من الأمراء المعتقلين قوله: إن تقارير وصلت إلى ابن سلمان مفادها أن هؤلاء المعتقلين ظلوا يشكون منه في تجمعات لأفراد الأسرة الحاكمة وأنه فقد صبره تجاههم.

ونقلت عن مايكل ستيفنز الأستاذ بمعهد الخدمات الملكية المتحدة البريطاني قوله: إن ابن سلمان قضى باعتقالاته الأخيرة هذه على كل خصومه.

وقالت صحيفة تايمز البريطانية: إن هذه الاعتقالات الكاسحة تعزز سيطرة ولي العهد في البلاد. ونسبت إلى مصدر سعودي قوله: إن ابن سلمان يتهم الأمراء المعتقلين بالتخطيط مع القبائل القوية لتنفيذ انقلاب وبالتواصل مع قوى أجنبية بما فيها أميركا لخدمة أهدافها.

 

وأشارت إلى أن هذه الاعتقالات تختلف عن أي اعتقالات سابقة لشمولها أحمد شقيق الملك، وأنها لافتة للانتباه لأن سن الشخص ورابط الدم لهما الأولوية على كل شيء آخر لدى الحاكم في السعودية.

 

وأضافت أن اعتقال أمراء مراتبهم عالية سيعمق الغضب الذي يشعر به بعض أفراد الأسرة الحاكمة ضد ابن سلمان الذي يعتبرونه مغرورا وخطرا، مشيرة إلى أن مقتل الصحفي جمال خاشقجي والهجوم على مصفاة النفط العام الماضي يعمقان الاعتقاد بأن ابن سلمان ليس مناسبا للحكم.

 

ومع ذلك، تقول تايمز: إن اعتقالات فندق ريتز كارلتون والاعتقالات الأخرى قد قضت على كل اعتقاد تقريبا بأن ولي العهد سيتعرض لتحديات جدية في حكمه.

 

 

مستقبل  مأزوم

 

 

وعلى أية حال، فإن  حملة التوقيف التي طالت أمراء كبار في العائلة المالكة السعودية، تبقى بمثابة “تصفية حسابات جديدة داخل بيت آل سعود، تهدف إلى تسهيل صعود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على العرش“.

وبحسب صحيفة “لومنود” الفرنسية فإن “إبعاد ابن سلمان للأمراء المزعجين المحتملين له، يريد من خلاله تأكيد عدم وجود أي شيء يمكن أن يمنع تتويجه، عند وفاة والده الثمانيني، والذي باتت صحته هشة كثيراً، أو إذا قرر هذا الأخير فجأة التنازل عن العرش“.

وأوضحت “لوموند”، أن توقيف كبار الشخصيات في العائلة الحاكمة هو سمة “ابن سلمان”، إذ إنه ألقى القبض في خريف 2017 على نحو 200 من رجال الأعمال والوزراء السابقين وأفراد من العائلة الحاكمة واحتجزهم في فندق “الريتز كارلتون” بالرياض.

وأضافت: “أغلب هذه الشخصيات كان ابن سلمان يرى أنها عقبات محتملة أمام مسيرته نحو العرش“.

خاتمة

….وهكذا تسير السعودية نحو خطوة إستراتيجية بإعلان محمد بن سلمان ملكا، في حياة والده، استباقا لأية تطورات مستقبلية، في الداخل السعودي، سواء بتداعيات أزمة انخفاض أسعار النفط التي قد تضرب المملكة بعد توقعات بانخفاض سعر البرميل لأقل من 20 دولار، بما يضرب الميزانية السعودية وخططها التنموية، إثر تراجع الطلب العالمي، والخلاف الروسي السعودي حول خفض الإنتاج، أو زيادة التململ الداحلي بين أفراد الأسرة الحاكمة، التي لا ترغب في تولي ابن سلمان، الذي انقلب بدوره على التسلسل العائلي للأسرة، والتي كان من المفترض أن تؤول الولاية للأمير أحمد  بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان بن عبد العزيز.

كما أن تسريع ابن سلمان للاعتقالات، مرده لمخاوف إقليمية ودولية ترجح صعود الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر، بما يعرقل أساسا صعود ابن سلمان، الذي يعارض بقاءه الكثير من الدوائر الغربية، رغم إسرافه في عقد صفقات التسليح مع الدول الغربية، لشراء رضاها عنه بأسلحة غير مهمة أو مجدية للسعودية.

إلا أن تلك الخطوات من قبل ابن سلمان، قد تقلب الطاولة عليه، برفض شعبي تقوده أطراف من داخل لأسرة الحاكمة نفسها، في المرحلة المقبلة.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022