إعلام العسكر من التطبيل وتشوية الحقائق إلى التهرب من الضرائب أزمة “برزنتيشن” مع اتحاد الكرة نموذجا

في الوقت الذي يسعى نظام عبد الفتاح السيسي في فرض ضرائب ورسوم جديدة وتخفيض رواتب العاملين بالدولة وأصحاب المعاشات والغاء الدعم عن خدمات استراتيجية، دون النظر لملايين المتضررين المتوقعين، من أجل زيادة موارد الدولة، في ظل التراجع المالي الكبير، إثر تفشي وباء كورونا العالمي،علاوة على ما تضمنته مشروع الموازنة الجديدة للعام المالي 2020/2021 ، من تقليص حجم الدعم بصورة نهائية في بعض الخدمات، وبصورة كبيرة في بعضها الآخر، وفي ظل تلك الحالة المالية للدولة المصرية، تخرج أزمة اتحاد كرة القدم مع الشركة الراعية، وهي “شركة برزنتيشن” للعلن بعد فسخ العقد من قبل اتحاد الكرة، بسبب تهرب الشركة عن سداد ضرائب كبيرة للدولة ومستحقات مالية لاتحاد كرة القدم، وأعلن اتحاد كرة القدم المصري، الثلاثاء 4 مايو الجاري، عن فسخ عقد الرعاية المبرم مع شركة “برزنتيشن” للدعاية بسبب عدم تسديدها الدفعات المالية المنصوص عليها في العقد، والشركة تعود ملكيتها إلى “المتحدة للخدمات الإعلامية” التي تمتلك “إعلام المصريين” و”إيجل كابيتال” التابعة لصندوق استثماري تملكه المخابرات العامة.

وقال بيان الاتحاد، إنه سبق له تنبيه الشركة مرات متتالية، والتي كررت وعودها بتسديد التزامتها المتأخرة، مضيفًا أن «اتحاد الكرة» أرسل إنذارًا رسميًا إلى الشركة يتضمن التهديد بفسخ التعاقد وهو ما لم تستجب الشركة له، حيث بلغت المستحقات المتراكمة 89 مليون جنيه و173 ألفا و360 جنيها تمثل 5 دفعات مالية، وما يلحق بها من غرامات تأخير في السداد، بالإضافة إلى الوفاء بحق الدولة في قيام الشركة بسداد ضريبة القيمة المضافة 14%‎ على الدفعات المستحقة منذ بداية العقد وحتى القسط العاشر وتبلغ 28 مليونًا و375 ألف جنيه، وهو ما دفع الاتحاد لرفع بدعوى قضائية ضد «برزنتيشن» حملت رقم 1827 لسنة 2020، مطالبة الشركة بتعويض قدره 200 مليون جنيه.

وفي حسابه على تويتر، توقع المدير الفني الأسبق لفريق مصر المقاصة “أحمد حسام ميدو” أن يقوم عدد من اﻷندية كذلك بفسخ عقود الرعاية مع “برزنتيشن”، بسبب عدم سداد مستحقاتها في التواريخ المنصوص عليها في العقود، وقال ميدو على حسابه بتويتر: “الاتحاد المصري فسخ عقد بريزينتيشن لعدم سداد المستحقات المتأخرة واتوقع أن يتبع الاتحاد العديد من الأندية التي عانت في الفترة الأخيرة من عدم سداد الشركة الراعية في التواريخ المنصوص عليها في العقد!! الاتحاد حصل على الضوء الأخضر باتخاذ هذه الخطوة قبل اتخاذها ده رأيي مش معلومة!!” وجاءت تصريحات “ميدو” لتكشف وجها مهما من سيطرة عسكرية من عدة اجهزة على الشركة وعلى اتحاد الكرة، وبينهما مصالح متضاربة، إذ أن الشركة التابعة للمخابرات، تتمتع بحماية ما ، مكنتها من التهرب من دفع المستحقات، بينما يتبع اتحاد الكرة لجهة سيادية، مخول لها الإختلاف مع المخابرات وشركاتها.

إلا أن الأهم في القضية  أن شركة “برزنتيشن” تقوم بانتاج إعلانات عن دفع الضرائب والتبرعات من أجل مصر ومن أجل تنمية وتطوير المجتمع، ثم تتهرب هي من الضرائب ومستحقات اتحاد الكرة، وهو ما يسلط الضوء على خطورة عسكرة القطاعات المدنية بالدولة، إذ أن الحماية الأمنية تدفع تلك “الأذرع” إلى ممارسة البلطجة المجتمعية على الدولة نفسها، ومن ثم على المواطنين، وأصحاب الحقوق الذين قد يكونون أفرادا أو موسسات،وهو ما يحرم الشعب من حقوق ، ليستفيد قلة من الفسدة وأصحاب المناصب العليا في المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية، ما يفاقم الأزمة الاقتصادية، والتي لا يتحملها العسكر غالبا، بل بدورهم يحملونها على الشعب ، في شكل ضرائب او رسوم، سواء صغيرة أو كبيرة، كما يفرضها النظام حاليا على رواتب موظفي الدولة بنسبة 1% وعلى أصحاب المعاشات بنسبة 0.5 %، أو عدم تطبيق التسعير التلقائي للوقود، المرتبط بالأسعار العالمية التي انخفضت بنسب تقوق 60%،  وهو ما برره رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤخرا، بأن الحكومة خفضت فقط مبلغ 25 قرشا، تحسبا لزيادته عالميا بعد وقت، وأن الدولة ستضع الفرق في جهود مكافحة كورونا، وهي مجرد سرقة مقنعة للشعب الذي يرتضي القواعد التي يفرضها عليه السيسي ونظامه، ثم “النظام” نفسه  أول من يخالفها، بحجج ومزاعم متنوعة.

وبحسب خبراء، فإن أزمة “برزنتيشن” التي أصدرت بيانا لاحقا، نفت فيه ما قاله اتحاد الكرة، تتكرر في كثير من القطاعات ، الاقتصادية التي يسيطر عليها العسكر، منذ انقلاب السيسي على الرئيس المنتخب “محمد مرسي” وتقدره جهات دولية بأنه يفوق 60% من الاقتصاد المصري، حيث يعفي السيسي الشركات التابعة لمؤسسة الجيش من الالتزام بأي رسوم أو ضرائب للدولة، بدعوى أن اقتصاد الجيش ملكا له، و”عرق الجيش” كما كان يردد اللواء محمد نصر رئيس قطاع الشئون المالية للقوات المسلحة سابقا قبل أن يحيله السيسي للتقاعد ويعينه مستشارا ماليا للرئاسة، فيما يمنع الدستور الذي اقره السيسي منذ 2014 وجرى تعديله في 2018، مناقشة ميزانية الجيش  بتفصيلاتها، إنما ترد الموازنة كرقم واحد لا يناقش.

“برزنتيشن” وعسكرة  الإعلام

وتحت شعار “إعادة هيبة الدولة والجيش” صرح عبد الفتاح السيسي في اجتماع له مع الصحفيين، عقب الانقلاب العسكري في يوليو 2013، أن تحقيق تلك الهيبة مرة أخرى “يتطلب أذرعا إعلامية تقوم بها مؤسسات الدولة”، وقد تم ذلك بالفعل عبر التداخل بين الأجهزة العسكرية والإستخبارية من جهة والقنوات الفضائية وشركات الإنتاج من جهة أخرى، وفي 25 مايو 2019، وقعت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المالكة لمجموعة إعلام المصريين، ومجموعة دي ميديا الإعلامية، التابعة لجهاز المخابرات العامة، بروتوكولا جديدا مع الهيئة الوطنية للإعلام، تستحوذ بموجبه على المحتوى، سواء ما تم إنتاجه سابقا أو حاليا من التلفزيون المصري، ويمتلك حقوقه الرقمية، ويقضي البروتوكول بإتاحة ذلك المحتوى على المنصة الرقمية الجديدة Watch iT المملوكة للاستخبارات المصرية حصريا، والتي أطلقتها الشركة المتحدة للخدمات الرقمية لتقديم المحتوى في صورة متطورة، وحسب طرق العرض الحديثة للمحتوى الإعلامي بأنواعه، لتصل السطوة الأمنية إلى كنوز “ماسبيرو”.

والمتحدة للخدمات الإعلامية يترأسها تامر مرسي، تمتلك تحت مظلتها مجموعة “إعلام المصريين” مالكة قنوات on والحياة، وصحف ومواقع اليوم السابع وصوت الأمة وعين، وكذلك إدارة شبكة راديو النيل، وعدة شركات مثل “برزنتيشن” و”سينرجي”، وإيجل كابيتال، التابعة لصندوق استثماري تملكه المخابرات العامة، إضافة إلى مجموعة المستقبل المالكة لقنوات cbc ، ومجموعة “دي ميديا” المالكة لقنوات  dmc، والناس، وصحف “الوطن”، و”الدستور”، وموقع “مبتدا”، وراديو “9090.

 

إعلام المصريين

وبرز هذا الاسم بقوة على ساحة الإنتاج في فبراير 2018، عندما أعلنت داليا خورشيد، رئيس مجلس إدارة شركة “إيجل كابيتال”، المالكة لمجموعة “إعلام المصريين” التابعة لجهاز الاستخبارات، قبول استقالة المهندس أسامة الشيخ من رئاسة مجلس إدارة المجموعة، وتعيين تامر مرسي، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب، خلفا له وهو أحد أبرز منتجي الدراما التلفزيونية، في السنوات الأخيرة، وصاحب شركة “سينرجي للإنتاج الفني” التي هيمنت على سوق الدراما بشكل كامل، واستطاع من خلالها أن يقدم العديد من المسلسلات منذ العام 2007، كما أنتج عدة أعمال للفنان عادل إمام منها مسلسل “فرقة ناجي عطا الله”، كما أنتج برنامج “YES, I’M FAMOUS” الذي ظهر به العديد من النجوم العالميين على رأسهم لاعب كرة القدم العالمي ليونيل ميسي، وفي 8 أبريل 2019 أعلنت “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية” الاستحواذ على مجموعة “دي ميديا” الإعلامية المالكة لقنوات “دي إم سي” وتعيين تامر مرسي رئيسا لمجلس الإدارة، ووقتها أعلن مرسي أنه بدأ العمل على إعادة هيكلة القنوات الفضائية في المجموعة من أجل النهوض بالرسالة الإعلامية ورسم مستقبل أفضل للإعلام، وبدء الخطوات التنفيذية لهيكلة القنوات الفضائية التابعة لشركات “إعلام المصريين” و”دي ميديا”.

وفي منتصف عام 2017 في إطار خطتها الرامية إلى السيطرة على المنافذ الإعلامية قامت شركة “فالكون غروب” التابعة لجهاز الاستخبارات بشراء مجموعة تلفزيون قنوات “الحياة” بقيمة إجمالية بلغت مليارا و400 مليون جنيها مصريا، وترأس المجموعة التلفزيونية العقيد محمد سمير المتحدث السابق باسم للجيش المصري، وقبل أن ينتهي العام 2017 أعلنت شركة “إيغل كابيتال للاستثمارات ش.م.م” التي تمتلكها داليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة، شراء حصة رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة في شركة “إعلام المصريين للتدريب والاستثمارات الإعلامية ش.م.م”، وهي الكيان المالك لشبكة قنوات “أون تي في”، وغيرها من الشركات والمؤسسات الإعلامية الفعالة بشكل كبير في مجالات الإعلام المصري.

الصفقة الأخيرة كانت بمثابة إعلان عن تغيير كبير وتام في خارطة الإعلام المصري، فالشركة التي تمتلكها الوزيرة السابقة استحوذت على منصات إعلامية بالغة الأهمية، فبالإضافة إلى مجموعة قنوات “أون.تي.في”، تملكت الشركة تلك المواقع الإلكترونية بداية من موقع اليوم السابع إلى موقع انفراد، ودوت مصر، وصوت الأمة وعين المشاهير، وفي مجال الصحافة المطبوعة ضمت صحف اليوم السابع، وصوت الأمة، وعين، بالإضافة إلى مجلتي ( إيجيبت توداي، وبيزنس توداي). توغلت الشركة “المخابراتية” واستحوذت على عدة شركات أخرى لها ثقلها بالسوق مثل “بريزنتيشن سبورت”، كبرى شركات التسويق الرياضى والدعاية والإعلان بمصر والمنطقة، وشركة مصر للسينما، وشركة “سينرجي” للإنتاج، و”سينرجي” للإعلان، وشركة “أي فلاي” التي أبهرت الجميع خلال الفترة الماضية من خلال التصوير الجوي سواء الأحداث العامة أو الرياضية، فيما بقيت وسائل إعلام الحرس القديم في يد كبار رجال الأعمال المحسوبين على النظام في مصر، فمحمد الأمين يمتلك قنوات “سي بي سي” بالإضافة إلى مجموعة بانوراما التي تضم 4 قنوات، ويمتلك جريدة الوطن الخاصة، بينما يمتلك رجل الأعمال المقرب من السلطة محمد أبو العينين قناة صدى البلد، وتبقى قناة المحور مملوكة لحسن راتب وهو من القليلين الذين يمتلكون استثمارات داخل سيناء، بينما تقع قنوات “النهار” بحوزة رجل الأعمال علاء الكحكي.

ويقول تقرير لمراسلون بلا حدود التي أصبح موقعها ممنوعا في مصر منذ أغسطس 2017 إنه بالإضافة إلى وقوع عدد من وسائل الإعلام بشكل متزايد في أيدي رجال معروفين بصلاتهم الوثيقة مع النظام وأجهزة مخابراته، تمكنت أيادي السلطة الحاكمة من بسط سيطرتها وزيادة نفوذها داخل المشهد الإعلامي المصري في عام 2016 من خلال ظهور شبكة DMC وباقة قنواتها (الأخبار، والترفيه، والرياضة …)، علما أن هذه المؤسسة الإعلامية –التي يصفها بعض الصحفيين بأنها صوت المخابرات– تحصل من السلطات الأمنية على تصاريح التصوير في أماكن وأحداث حيث تُواجَه طلبات وسائل الإعلام الخاصة الأخرى بالرفض، كما تُعرف قنوات هذه الشبكة ببثها مقابلات تُقدَّم على أنها حصرية بينما لا تنطوي في الواقع إلا على تكرار للخطاب الأمني الذي يتبناه النظام في محاربة خصومه.

 

النتيجة: مزيد من القمع وتشوية الحقائق

وفي 3 أبريل 2019، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريرا لها بعنوان ” قبضة السيسي الحديدية تصل إلى التليفزيون”، التقرير ذكر أن مسلسلات رمضان ذات الخصوصية الهائلة في مصر والشرق الأوسط تواجه قيودا خانقة.

وأورد التقرير أن المخرجين والممثلين يخضعون لإملاءات نصية تلفزيونية معينة وتخفض أجورهم، بينما تولت شركة إنتاج مرتبطة بالجيش مسؤولية عدد من أكبر المسلسلات، في إشارة إلى شركة سينرجي.

وأضاف تقرير الصحيفة الأمريكية أن المخرجين تم إبلاغهم بضرورة أن تتبع مسلسلاتهم الأفكار التي جرى إقرارها مثل الإشادة بالجيش والشرطة، أو تشويه سمعة جماعة الإخوان المسلمين، ومن لا يلتزم بالقواعد لن يظهر على الهواء.

وكشفت نيويورك تايمز أن “الحملة ضد المسلسلات التليفزيونية هي الجانب الثقافي للنسخة الاستبدادية بعيدة المدى والمتسلطة التي ترسخت في مصر في عهد السيسي، حيث وصلت إلى مستويات جديدة حتى بالنسبة لبلد يحكمه رجال أقوياء يحظون بدعم الجيش منذ عقود”.

 

إعلام عبد الناصر

وفي 5 أغسطس 2015، وقف عبد الفتاح السيسي في كلمة له خلال حفل تدشين محور تنمية قناة السويس ليقول: “الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كان محظوظا، لأنه كان يتكلم والإعلام كان معاه”، وفي 24 فبراير 2016، في خضم مؤتمر إطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة “رؤية مصر 2030″، قال السيسي منفعلا: “أنا عارف مصر وعلاجها، لو سمحتوا متسمعوش كلام حد غيري، أنا لا بكدب ولا ليا مصلحة غيرها، أنا فاهم أنا بقول إيه”، في إشارة منه إلى أصوات إعلامية مخالفة لسياسته، ومن مفردات غضب السيسي، وتململه الدائم من الآلة الإعلامية برمتها، قطع خطوات واسعة في تحجيمها، وتجلى ذلك في 11 من أبريل 2017، عندما أصدر قرارا، بتشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، برئاسة نقيب الصحفيين الأسبق مكرم محمد أحمد أحد أبرز مؤيدي النظام، بالإضافة إلى عضوية 12 آخرين، وجاء المجلس بمثابة فزاعة السيسي التي يخوف بها كل من يخالفه الرأي، ويحكم من خلالها قبضته على النوافذ الإعلامية برمتها، الحكومي منها والخاص.

توجس السيسي كان نابعا من إدراكه أن بوتقة الإعلام ساهمت في إسقاط مبارك، واندلاع ثورة 25 يناير 2011، وإطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي عبر انقلاب عسكري تم التمهيد له شعبيا، وفي تقديم السيسي نفسه في صورة المخلص والقائد الفذ، وهو ما يؤكد خوفه  من أن يضرب بنفس السلاح الذي استخدمه من قبل، وهو ما جعله يتخذ تلك الإجراءات القابلة للتطور والتوسع، لتصل بصناعة الإعلام إلى حالة متردية فيما يخص قواعد العمل، والحقوق والحريات الأساسية.

 

الحرب على السوشيال

ومع السيطرة الكاملة للمؤسسة العسكرية على وسائل الإعلام الحكومية وإغلاق القنوات المعارضة واعتقال آلآف الصحفيين والنشطاء والإعلاميين، وحجب أكثر من 500 موقعا وصحيفة الكترونية بمصر، لم يجد كثير من المصريين والشباب وسيلة لتلقي الأخبار والمعلومات ومتابعة الأحداث سوى وسائل الإعلام الاجتماعي، والتي تمتاز بالتفاعلية وتبادل التأثير، وهو الأمر الذي أرعب المؤسسة العسكرية والنظام الحاكم، الذي سارع باعتقال النشطاء ومتابعة التدوينات ليل نهار، واعتقال أصحابها سواء أكانوا من المعارضين أو من المصريين العاديين ، بل واحيانا من الموالين للنظام، لمجرد تعليق كتبوه أو شكوى بثوها عبر فضاء السوشيال.

واستغل النظام علاقاته الدولية باغلاق آلاف الصفحات والحسابات على فضاء التواصل الاجتماعي، عبر الشركات الدولية ومقراتها الإقليمية في الإمارات، كما شكل النظام لجانا الكترونية لمهاجمة مخالفي النظام، ونشر اخبار كاذبة ، وتنظيم حملات مضادة لكل من يخالف النظام من أفكار أو شخصيات.

التلفيق

امتدت أذرع النظام إلى اساليب شيطنانية بالتلفيق ضد المعارضين، وهو ما حصل مؤخرا مع اليوتيوبر والإعلامي “عبدالله الشريف”  بنشر فيديوهات مفبركة،على طريقة صلاح نصر وتلميذه موافي في عهد عبد الناصر، فلم يكتف النظام باعتقال بعض أشقاء وأقارب الشريف بمحافظة الإسكندرية ولا بحملات المداهمات المستمرة على منازلهم وتهديدهم وترويعهم، ولجأ لحملات التشوية وفبركة الاتهامات ضده وترويجها على الشبكة العنكبوتية، من خلال الكتائب الإلكترونية.

فيما  أطلق الشريف وسم (#المعيز) في حلقته الأسبوعية التي حملت العنوان نفسه، ليتصدر قائمة الأكثر تفاعلا في “تويتر” بعد دقائق من نشره على صفحته في موقع يوتيوب وتجاوزت مشاهدات الحلقة -بعد 48 ساعة فقط- أربعة ملايين مشاهدة، نصفها على صفحة الشريف بموقع فيسبوك ونصفها الآخر على صفحته بموقع يوتيوب، وفي الفيديو هاجم الشريف أتباع نظام العسكر وأطلق عليهم اسم “المعيز” وتفاعل النشطاء مع حلقة المعيز ونشروا “أكاذيب وتضليل” إعلام نظام العسكر ومؤيديه، وأعاد البعض نشر مقاطع لإعلاميين ورموز الانقلاب مع كشف مخالفتها الواقع، واحتفى مشاركون في الوسم بنجاح الشريف في استجلاب ملايين المشاهدات لحلقاته، وتصدر الوسوم التي يطلقها، ساخرين في الوقت ذاته مما اعتبروه فشلاً لنظام كامل بترسانته الإعلامية وكتائب داعميه في الوقوف أمام فرد واحد.

ومع نجاح حلقة المعيز وتصدرها مواقع التواصل وجه نظام العسكر كتائبه ولجانه الإلكترونية للهجوم على الشريف واختراق الصفحات الخاصة به وبريده الإلكتروني وفبركة اتهامات من صنيعة المخابرات التي تربت في مدرسة صلاح نصر وتلميذه صفوت الشريف والتي تعتمد في عملها على انتهاك الأعراض والاستخفاف بالحرمات وعدم احترام المرأة واستغلالها بطريقة مشينة في الإساءة لسمعة الأبرياء، من عينة أمل عبد الله التي ادعت تحرش عبد الله الشريف لها لفظيا، هذه الأساليب الهمجية كشف عنها الشريف، مؤكدًا تعرض بريده الإلكتروني على موقع جوجل لمحاولات قرصنة تتم بدعم حكومي مصري، ونشر الشريف على صفحته بموقع تويتر صورة تظهر تحذيرا من شركة جوجل يقول إنها اكتشفت مهاجمين مدعومين من إحدى الحكومات يحاولون سرقة كلمة مرور البريد الإلكتروني الخاص به، اتهامات جوجل لنظام السيسي أكدها الممثل والمقاول محمد علي، في مقابلة له مع موقع “ميدل إيست” البريطاني حيث كشف عن تنفيذه مبنى متعدد الطوابق يستخدمه نظام السيسي لإيواء ما أطلق عليه جيش السيسي الإلكتروني لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.

 

تشيك بوينت

كما كشفت إحدى أكبر شركات الأمن السيبراني في العالم أن هجمات إلكترونية استهدفت نشطاء سياسيين ونشطاء وحقوقيين ومحامين وصحفيين وأكاديميين مصريين بارزين قبل سنوات كان مصدرها مكاتب تابعة لحكومة العسكر، ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن تقرير لشركة (Check Point Software Technologies) أن الخادم المركزي المستخدم في الهجمات تم تسجيله بإسم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية، وأن الإحداثيات الجغرافية المضمنة في أحد التطبيقات المستخدمة لتتبع النشطاء تتوافق مع مقر جهاز المخابرات العامة المصرية، ووفقًا لتقرير تشيك بوينت بدأ نظام السيسي هجوما إلكترونيا عام 2016، واستهدف عددا غير معلوم من الضحايا، لكن الشركة حددت 33 شخصا -معظمهم من الشخصيات المعروفة في المجتمع المدني والمعارضة- كانوا مستهدفين في أحد أجزاء العملية التي اكتشفتها، وقبض على اثنين من النشطاء الذين استهدفوا من خلال الهجوم السيبراني الذي اكتشفته الشركة الأمنية، وهما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، والصحفي خالد داود رئيس حزب الدستور السابق.

وفي مارس 2019 كشفت منظمة العفو الدولية في تقرير لها عن رصد هجمات إلكترونية مدعومة من هيئات حكومية تستهدف منظمات المجتمع المدني المصرية بواسطة تطبيقات خارجية وبحسب تقرير العفو الدولية، تتضمن الهجمات محاولات متعددة للنفاذ إلى حسابات البريد الإلكتروني لحقوقيين مصريين بارزين ، وموظفين لدى منظمات إعلامية، ومنظمات للمجتمع المدني، وكشف التقرير أن جوجل أرسلت تنبيهات إلى المستهدفين تحذرهم من هجمات تقف وراءها الحكومة المصرية ، مؤكدا أن سلطات العسكر هي التي قامت بهذه الهجمات أو أنها تقف وراءها، وأوضحت منظمة العفو أن الكتائب الالكترونية تحاول النفاذ إلى حسابات البريد الإلكتروني للأشخاص المستهدفين من خلال صيغة ماكرة من التصيد الإلكتروني تعرف باسم خدمة “أوث “(OAuth) وهي خدمة شرعية بالأساس تتيح لتطبيقات طرف ثالث الدخول المباشر إلى حساب المستخدم، ويكون الهدف خداع المستخدمين لإعطاء أذونات لتطبيقات ضارة تمكنها من الدخول والاطلاع على محتوى البريد الإلكتروني، وقالت المنظمة إنه منذ بداية يناير الماضى حلل فريق فنّي تابع لها عشرات الرسائل المشتبه بها التي أرسلت إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وصحفيين ومنظمات غير حكومية مصرية مشيرة الى أن الجهة التي شنّت هذه الهجمات، استخدمت تقنية الخداع الإلكتروني.

 

عسكرة السوشيال

ووصل الأمر لأن يطالب النائب العام المصري حمادة الصاوي، مؤخرا بعسكرة السوشيال ميديا، مدعيا نشره أكاذيب عن مرض كورونا وواقع الخدمات الصحية المتدهورة بمصر، وهو واقع تؤكده المنظمات المتخصصة والأطباء أنفسهم من واقع الحال، مؤكدا أن “السوشيال ميديا بحاجة إلى ردع واحتراز لحراستها من قوى الشر” مشيرا إلى أنه يعتبرها “حدودا رابعة إلى جوار الحدود التي يحرسها الجيش (البرية والجوية والبحرية)، وجاءت دعوة النائب العام، بعد ساعات من انتشار تدوينات للمجند أحمد الكمالي، الذي استشهد مؤخرا في منطقة “بئر العبد” بشمال سيناء، أشارت لمعارضته للسيسي وسياساته، وهو ما ردت عليه الحكومة المصرية، والاذرع الاعلامية للسيسي بتشويهه، وقات صحف “اليوم السابع” و “المصري اليوم” بحذف صورته من نسخها الالكترونية والورقية، ضمن موضوعات صحفية عن الشهداء العشرة ببئر العبد

وأيضا قبل أن تبدأ الحكومة اجراءاتها تجاه جائحة كورونا، وفي 4 مارس الماضي، حذر رئيس لجنة الاتصالات وتكنولولجيا المعلومات بالبرلمان أحمد بدوي، من السوشيال ميديا، وحذر آنذاك من خطر انتشار الشائعات المضللة والأكاذيب عن بعض القضايا الهامة مثل فيروس كورونا وغيرها، دون وجود ضوابط وآليات للتصدي لهذه الشائعات،وأرجع النائب أحمد بدوي تلك المطالبة لتناول السوشيال ميديا لتفشي كورونا واستغراب السماح بحركة السياحة والطيران إلى مصر والاحتفاء بالصينيين والإيطاليين في موانئ مصر ومتنزهاتها في الأقٌصر وشرم الشيخ، في حين تبنّى بدوي الرواية الحكومية وقتئذ نافيا وجود الفيروس وأن المصريين صحتهم “حلوة” وأنهم قادرون على مواجهة أي فيروس؟!

وهو ما كذبه الواقع أيضا

 

وأد حرية الرأي والتعبير

وبجانب سياسات العسكرة والقمع الاجتماعي والسياسي والإعلامي للكل، حتى وصل الأمر لمصادرة طبعات من  صحف البوابة واليوم السابع والمصري اليوم، وإعدام اصدارت بعضها لتضمن العدد بعض المواد الصحفية آراءً مخالفة للسيسي، فيما توسع ال قمع على أرض الواقع بشكل غير مسبوق…وهو ما رصدته 7 منظمات حقوقية ، الثلاثاء الماضي، حيث استنكرت الحملة الأمنية التي تشنها السلطات المصرية مؤخرا على النشطاء السياسيين والحقوقيين والمحامين والصحفيين بسبب “ممارستهم حقهم المشروع في التعبير عن الرأي، بما في ذلك انتقادهم لأداء الحكومة المصرية في تعاملها مع وباء كوفيد-19 المستجد”، وأوضحوا أنه يتم اتهام النشطاء والمحامين والصحفيين بـ “قائمة التهم الجاهزة المكررة بإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ونشر أخبار كاذبة بشكل شبه تلقائي، فضلا عن إلصاق تهمة الانضمام لجماعة إرهابية للجميع دون سند أو قرائن ودون ذكر لماهية هذه الجماعة أو أسمها “حيث تحول التعبير عن الرأي عبر وسائل التواصل الاجتماعي جريمة ، وطريقا سريعا لغياهب السجون، وأشاروا إلى أن “النظام المصري يصر على الانفراد وحده بالمعلومات، والتحكم في مصادرها وطريقة تداولها، وقد لجأ للتنكيل والحبس لكل من نشر أخبار أو معلومات تخالف الرواية الرسمية حول تطورات فيروس كوفيد-19 في مصر، أو تجرأ على انتقاد بعض سبل الحكومة في مكافحته.”

وتصنف مصر في المرتبة 161 من بين 180 دولة في سلم احترام حرية التعبير والصحافة حسب منظمة مراسلون بلا حدود، كما وصل عدد المواقع الإعلامية المحجوبة في مصر إلى أكثر من 500  موقعا، حسب مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية، وتشير تقارير المؤسسة نفسها إلى أن عدد الصحفيين الذي أحيلوا إلى المحاكمة بسبب عملهم الصحفي وصل إلى 100 صحفيين، بتهمة إشاعة أخبار كاذبة، وكل ذلك من اجل تغييب وعي المصريين وجعلهم لا يجدون معلومة سوى التي يوجهها العسكر عبر اعلامه العسكري….فلا معلومة تذاع الا عبر جهاز سامسونج يعمم المعلومات من مكتب عباس كامل، كما جرى في فضيحة قناة اكسترا نيوز، واذاعت المذيعة نبا وفاة الرئيس محمد مرسي، كما وصلها عبر المخابرات.

وهكذا لم يدع نظام السيسي مجالا لحرية تعبير أو إبداء رأي في مصر، بل ويريد اغلاق كل المنافذ المعارضة بالخارج، وإخماد أصوات العالم، الذي تزايدت انتقاداته لسياسات السيسي، على المستويات الرسمية والشعبية والمدنية، وكان أخرها ما جرى نشره في النيويورك تايمز مؤخرا، والتي وصفت السيسي بأنه “حليفنا المجرم”..

 

فشل جماهيري ومالي للأذرع الإعلامية

ورغم كل ذلك، لم تسير الأمور بما يريدها السيسي ونظامه، ونظرا للوعي الجماهيري والشبابي، والذي بدا كبيرا في الآونة الأخيرة، والذي يرفض الأدلجة والرواية الواحدة المكرورة، والاستعلائية، التي يبثها الإعلام الحكومي والعسكري، والذي يخفي أكثر مما يعلنه من حقائق، جاء نجاح الاعلام البديل في اسقاط اطروحات إعلام النظام وأذرعه الأمنية، تتواصل خسائر الدولة المصرية المالية والسياسية، وهو ما ترجمته القرارات السيادية  مؤخرا، بسحب ملف الإعلام من مدير مكتب جهاز المخابرات العامة عباس كامل، رغم أنه كاتم أسرار السيسي، والرجل الثاني في منظومة الحكم، وهي المكانة التي ينافسه عليه لواءات كثر، ومثل القرار نهاية منطقية، فقد كان الأمر أكبر من أن يتم التغاضي عنه، بعد إخفاق الجهاز في أمرين كبيرين كان القشة التي قصمت ظهر البعير؛ أولهما: نزع ملكيات القنوات الفضائية من رجال الأعمال دون رؤية لكيفية تطويرها أو إداراتها، وإسنادها إلى مندوبين أمنيين يتحركون بأوامر المكتب، كلف الدولة مبالغ طائلة وثانيهما، إهدار الأموال وفي الوقت ذاته تراجع أداء الإعلام والإعلاميين رغم وجود الإمكانات بجانب طريقة معالجة هذا الهدر ففي محاولة لتدارك هذا الإنفاق الكبير، والذي يصل لنحو 6 مليارات جنيه خسائر، أُغلقت مجموعة إعلام المصريين التابعة للجهاز، والتي كانت تملك غالبية القنوات الجديدة بعد الاستحواذ عليها من مالكيها، والعديد من القنوات الخاصة، وشردت آلاف العاملين، بل إن بعض القنوات أغلقت بشكل فوضوي، كقناة الناس، وقناة دي إم سي الرياضية، وقناة دي إم سي نيوز، وتم تشريد آلاف المحررين والإعلاميين والمعدين والصحفيين والفنيين والعاملين والإداريين .

بل إن مجموعة قنوات «دي إم سي» التي كان كانت تابعة لمجموعة دي ميديا التي كان يملكها رجل الأعمال المخابراتي السابق طارق إسماعيل، والذي أقيل من منصبه في أكتوبر 2018، كان من المفترض أن تكون بديلاً لمجموعة قنوات رجال الأعمال الآخرين لكنها فشلت، فأغلقت قناة دي إم سي الرياضية، ودي إم سي نيوز، التي كان يعول عليها السيسي كأقوى قناة إخبارية بعد ثلاث سنوات من الإعداد لها، وتم تسريح 90% من العاملين بها في أغسطس 2019 وأيضا كبدت «قناة دي سي نيوز كبدت الدولة خسائر بمئات ملايين الجنيهات، لأنها أسست (استديو 19) بأجهزة مستوردة، وخبرات أجنبية، ولكن من خلال نظام إخباري وصفه الموظفون بالفاشل وتم استقدام أفضل المحررين ورؤساء التحرير، والكثير من المذيعين، بالمحسوبية، للقناة، وفشلت في الانطلاق .

وبحسب مصادر فإن أداء جهاز المخابرات في ملف الإعلام سبّب انتكاسة كبيرة للسيسي، وشجع المواطنين على التوجه لوسائل بديلة، مثل السوشيال ميديا، وقنوات الإخوان والمعارضة بالخارج، وأفقدت السلطة زهوة الإعلام، وهو ما تمت ترجمته ، منذ مطلع شهر نوفمبر الماضي، حيث  تم استدعاء رجال الأعمال مرة أخرى لسوق الإعلام، لحمل «الشيلة» بعد أن ثقلت، وزادت الخسائر المعنوية والمالية، وتراجعت شعبية السيسى

 

خاتمة

ولعل تهرب “برزنتيشن” من نحو 200 مليون جنيه، يطالب بها اتحاد الكرة حاليا، من ضمنهم تعويضات ومستحقات وضرائب متهرب من سدادها للدولة، من قبل الشركة التي أسستها المخابرات لابتلاع سوق الإعلانات والميديا بمصر، وسهلت لها المناقصات بالأمر المباشر، يمثل صدمة للمصريين، الذين بات عليهم تحمل التقشف وتقليص الدعم بالموازنة الجديدة، والتي تتوسع بالضرائب الجديدة، حيث أن مشروع الموازنة العامة للعام المالي المقبل 2020-2021، تضمن إلغاء دعم الكهرباء بالكامل، وخفض دعم المواد البترولية بنسبة 46.8%، وأظهرت الأرقام المعلنة في مشروع الموازنة الجديدة، تراجع دعم المواد البترولية من نحو 52.963 مليار جنيه إلى 28.19 مليار جنيه (1.8 مليار دولار) في الموازنة الجديدة وتضمن خفض الدعم المقدم للمواطنين أيضًا تراجع دعم السلع التموينية في الموازنة من 89 مليار جنيه إلى 84.487 مليار جنيه .

وفي مقابل خفض الدعم، يستهدف السيسي زيادة الإيرادات الضريبية، وذلك من خلال ضريبة السجائر والتبغ (الدخان) بنحو 13.3% في موازنة العام المالي الجديد لتصل إلى 74.6 مليار جنيه، وكذلك زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 209.14 مليار جنيه إلى نحو 221.26 مليار جنيه، وبشكل إجمالي، تستهدف وزارة المالية زيادة الإيرادات الضريبية بنحو 12.6% لتصل إلى 964.777 مليار جنيه.

وهو ما يطرح تساؤلات، لماذا يتهرب الكبار والشركات العسكرية من دفع الضرائب ومستتحقات الدولة، فيما يخصم من رواتب الموظفين المعدمين ، وغيرهم من المصريين عبر ضرائب متنوعة، ما بين ضريبة الدخل والقيمة المضافة وغيرها؟ والاجابة على هذا التساؤل تنحصر في أن “شركة برزنتيشن” التابعة للمخابرات، تخضع لحماية عسكرية غير متوفرة لبقية المصريين، كما أن خسائر إعلام النظام المليارية هي مجرد إهدار لمقدرات الاقتصاد المصري، في وقت لا يصلح فيه التأميم أو سياسات الحجب، في ظل ثورة تكنولوجية عالمية، انكارها يعتبر خروجا من التاريخ والحضارة الإنسانية، فيما يبقى موقف “برزنتيشن” المخابراتية نوذجا للكثير من شركات الجيش والمخابرات، التي تتنوع انتهاكاتها وسرقاتها من دم المصريين وأموالهم، كما أنه من المتوقع أن يتم تسوية القضية بإعلانات اجبارية واعتذار رسمي من اتحاد الكرة مثلا، والادعاء بأن الشركة سددت ما عليها للدولة وللاتحاد، لتجميل صورة العسكر، حتى وإن لم يتم الدفع بالفعل، ولكن بقوة البندقية أو بأسلحة المخابرات القذرة، التي تستخدم ضد المعارضين وحتى المؤيدين، في حال الخلافات، وهو ما قد تشهده الأيام المقبلة، ولكن يبقى هو النموذج لعسكرة اقتصاد مصر وإعلامها، حيث يبقى التلاعب بالشعب ومقدراته أمرا متاحا لنظام العسكر، ويبقى عموم المصريين الخاسر الأكبر.

 

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022