مسارات معركة طرابلس بعد سيطرة حكومة الوفاق على قاعدة الوطية

نجحت قوات حكومة الوفاق في بسط سيطرتها الكاملة على قاعدة الوطية الجوية في 18 مايو الجاري، لتنضم إلى سلسلة الانتصارات التي حققتها قوات الوفاق بعد بسط نفوذها على ست مدن كانت خاضعة لسيطرة قوات حفتر هي: صرمان، وصبراتة، والعجيلات، والجميل، ورقدالين، وزلطن، التي تقع على امتداد الشريط الساحلي الغربي الذي يصل طرابلس بالحدود التونسية بنحو 150 كيلو مترًا.

وقد أثارت هذه التطورات مجموعة من التساؤلات، لعل أبرزها التساؤلات عن مستقبل المنطقة الغربية في ليبيا على ضوء تلك الانتصارات؟، وهو ما يمكن الإجابة عنه من خلال وضع ثلاثة سيناريوهات رئيسة لما يمكن أن تؤول إليها الأوضاع في المستقبل، تتمثل في:

 

المسار الأول: سيطرة حكومة الوفاق على كامل المنطقة الغربية:

يدعم هذا السيناريو مجموعة من المؤشرات، منها:

1- استمرار قوات حكومة الوفاق في توسيع عملياتها العسكرية، فبعد نجاحها في السيطرة على الشريط الساحلي الغربي الذي يصل طرابلس بالحدود التونسية، والذي يضم ست مدن، هي: صرمان، وصبراتة، والعجيلات، والجميل، ورقدالين، وزلطن – فقد تمكنت قوات الوفاق مؤخرًا من تحقيق انتصار إستراتيجي مهم؛ حيث تمكنت -في 18 مايو الجاري- من فرض سيطرتها على قاعدة الوطية، والتي يمثل سقوطها في أيدي قوات الوفاق ثاني سقوط لغرفة عمليات رئيسة في المنطقة الغربية التابعة لمليشيا حفتر، بعد سقوط مدينة غريان في 26 يونيو 2019. كما تعتبر القاعدة أكبر تمركز لمليشيا حفتر في غرب العاصمة طرابلس.

وبسقوط قاعدة الوطية، من المتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة في كامل المنطقة الغربية، بتساقط جميع قطع الدومينو، بدءًا من ترهونة، وجنوب طرابلس، ثم مدينة سرت، وقاعدة الجفرة الجوية، التي تمثل مفتاح السيطرة على كامل إقليم فزان (الجنوب)[1].

ولعل ذلك ما دفع قوات الوفاق -على لسان المتحدث باسم عملية “بركان الغضب” مصطفى المجعى- إلى التأكيد على أن العمليات العسكرية لن تتوقف عند السيطرة على قاعدة الوطية، ولكنها ستستمر إلى أن يتم دخول مدينة ترهونة، ثم الاتجاه لمناطق أخرى، أهمها قاعدة الجفرة «أكبر القواعد العسكرية في ليبيا»[2].

وعلى المستوى الدبلوماسي، فقد دفعت الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات الوفاق وزارة الخارجية الليبية إلى تنشيط عملها، فقد تعهدت الوزارة -في 18 مايو الجاري- بالعمل مع جميع الوزارات المعنية على «توثيق انتهاكات الدول الداعمة للانقلابي خليفة حفتر، من خلال الأسلحة التي تم العثور عليها في قاعدة الوطية الجوية”. جاء ذلك في بيان لوزير الخارجية الليبي محمد سيالة، نشره عبر صفحة الوزارة الرسمية بـ «فيسبوك»، عقب إعلان الجيش الليبي السيطرة الكاملة على القاعدة الإستراتيجية غرب العاصمة طرابلس. وأضاف سيالة أن «كل الانتهاكات سيتم تقديمها لمجلس الأمن الدولي ولجنة العقوبات».

وفي السياق ذاته، فقد أكد المتحدث باسم الخارجية الليبية، محمد القبلاوي، في تصريحات أدلى بها لقناتي «فبراير» و«ليبيا أحرار» (خاصتين)، إلى أن حكومته: «ستقدم أدلة على تورط الإمارات في سفك دماء الليبيين، وخرق قرارات مجلس الأمن». وتابع: «ما تم العثور عليه من أسلحة في قاعدة الوطية، سنتوجه به إلى مجلس الأمن كأدلة على انتهاك عدة دول قرار حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، لا سيما منظومة (بانتسير الروسية)، التي دعمت بها أبو ظبي حفتر». وأضاف: «خاطبنا ممثل ليبيا لدى المحكمة الجنائية الدولية لمقاضاة الإمارات على ما تسببته من سفك دماء الليبيين».

ولفت إلى أن «العمل على توثيق الأسلحة سيكون لصالح الدولة الليبية أمام مجلس الأمن، وسيحرج داعمي حفتر، خاصة الإمارات ومصر والأردن». وأشار إلى أن «دبلوماسية الحكومة الليبية ساهمت في تراجع فرنسا عن دعم حفتر، بعد العثور على صواريخ جافلين الأمريكية أثناء تحرير مدينة غريان (100 كلم جنوب طرابلس)»[3].

وما يدعم من إمكانية نجاح تلك الخطوة الدبلوماسية من قبل حكومة الوفاق، أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تبدو متفاعلة مع التطورات في ليبيا، وقد كانت لها إفادة لمجلس الأمن عبر الفيديو كونفرانس قبل عدة أيام، أكدت فيها أن المحكمة تعمل حاليًّا على إصدار مذكرات جديدة بالقبض على بعض الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب بعد الغارات الأخيرة لمليشيات حفتر على طرابلس ومعيتيقة. وكانت  المدعية العامة للمحكمة واضحة في توجيه الاتهام بشكل مباشر لمليشيات اللواء حفتر، وذكرت بعض القيادات بالاسم، مثل محمود الورفلي، أحد كبار مساعدي حفتر، وتهامي محمد خالد، مسؤول جهاز الأمن الداخلي في نظام القذافي، موضحة أن مكتبها يواصل جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالحوادث التي وقعت خلال الصراع المسلح، والتي يمكن أن تشكل جرائم حرب، بموجب نظام روما (للمحكمة الجنائية الدولية)، الذي يحرم الهجمات المتعمدة على المستشفيات والمدارس ودور العبادة[4].

2- الدعم التركي، فيبدو أن تركيا عاقدة العزم على المضي قُدما نحو دعم قوات الوفاق، وهذا ما تؤكده المناورات التي أجراها سلاح الجو والبحرية التركية في المتوسط، في 16 أبريل الماضي، والتي جاءت بالتزامن مع تصاعد الاشتباكات في ليبيا، عقب تمكن قوات حكومة الوفاق من السيطرة على 8 مدن غربي العاصمة طرابلس. وبينما تحدثت مراصد معنية برصد حركة الطيران وصحافيون عن اقتراب طائرات حربية تركية من السواحل الليبية، لم تؤكد أو تنفي مصادر رسمية تركية هذه الأنباء[5]. وتأتي هذه التدريبات التركية كرد مباشر وصريح على عملية “إيريني” التي أعلنت عنها أوروبا مؤخرًا، والتي يتم النظر إليها من قبل كل من تركيا وحكومة الوفاق على أنها تستهدف فقط الدعم العسكري التركي للأخيرة.

وبعيدًا عما إذا كانت هناك قوات خاصة تركية على الأرض، فإن ما من شك أن الطائرات بدون طيار التركية (بيرقدار) والقتالية التركية آف 16، إضافة إلى أنظمة الدفاع الجوي المضادة للطائرات “حصار” المزودة بـصـواريـخ أرض – جـو، والمـوجهـة بـالـليـزر، التي دخلت ليبيا منتصف يناير الماضي، أصبحت حائلا دون وصول طيران حفتر إلى سماء المنطقة الغربية، بعد أن كان طيران الأخير يمتلك الأجواء الليبية[6].

أكثر من ذلك، يبدو أن تركيا عاقدة العزم على عدم التوقف عند تحقيق انتصارات داخل ليبيا فقط، ولكنها تسعى إلى تحقيق ذلك أيضًا في منطقة شرق المتوسط كلها، وهو ما ظهر في قيام شركة البترول التركية (تباو) بتقديم طلب للحكومة الليبية في طرابلس للحصول على إذن بالتنقيب في شرق البحر المتوسط، بحسب ما ذكرته وكالة الأناضول التركية. ونقلت الوكالة عن فاتح دونماز وزير الطاقة التركي قوله إن “أعمال الاستكشاف ستبدأ فور الانتهاء من العملية (عملية التنقيب)”[7].

3- تزايد الانخراط الجزائري في الأزمة الليبية، والذي سيكون غالبًا في صالح حكومة الوفاق. فقد سبق وأن أكد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن “طرابلس خط أحمر”، في إشارة لرفضه للحملة العسكرية التي قادها حفتر على طرابلس في أبريل 2019.

كما تعارض الجزائر التدخل المصري الداعم لحفتر، وهو ما ظهر في حديث الرئيس الجزائري، في 1 مايو الجاري، أن بلاده كادت أن تطلق مسارًا لحل الأزمة الليبية، لكن “هناك من عطل الجهود الجزائرية؛ لأنه يعتقد أن ذلك سيكون نجاحًا دبلوماسيًّا وبروزًا لها في المنطقة، حتى إفشال تعيين وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة مبعوثًا أمميًّا في ليبيا كان في هذا السياق؛ لأن تجربته كانت ستساهم في الحل”[8].

وعلى الرغم من عدم تسمية تبون للجهات المعطلة للجهود الجزائرية، إلا أن معظم التحليلات أشارت إلى أن إحدى هذه الجهات المقصودة هي مصر، خاصة وأن العلاقات بين مصر والجزائر تحت حكم الرئيس عبد المجيد تبون ليست في أفضل أحوالها، وهو ما تمثل في عدم استجابة تبون للدعوات المتكررة التي تلقاها لزيارة القاهرة، ومن بينها دعوة شفهية وجهها السيسي شخصيًّا خلال لقاء عابر بينهما في مؤتمر برلين الخاص بحل الأزمة الليبية في يناير الماضي. وهو ما يعكس حالة من الخلاف المكتوم بين الدولتين.

خلاف، سرعان ما وجد تبون نفسه مضطرًّا للإفصاح عنه للملك سلمان خلال زيارته للسعودية أواخر فبراير الماضي، عندما أعلن عن رفضه الانفراد المصري بالقرار في الشأن الليبي، ومطالبًا بإحياء آلية “دول الجوار”[9].

ولعل الامتعاض الجزائري من التدخلات الدولية والإقليمية في ليبيا، هو ما دفعها للجوء إلى إمكانية إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، فقد تم طرح مسودة لتعديل الدستور الجزائري للنقاش المجتمعي، والتي كان من ضمن أبرز بنودها الجديدة ما يسمح لأول مرة بإرسال وحدات من الجيش الجزائري خارج البلاد[10]. وقد رجح العديد من المراقبين بأن إرسال تلك القوات سيكون بالأساس إلى ليبيا، مع ترجيح أن يصب ذلك في صالح حكومة الوفاق.

4- علو الأصوات الأوروبية الداعمة لحكومة الوفاق، فقد رفضت إيطاليا دعوة مصرية للمشاركة في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، ضم مصر وفرنسا واليونان والإمارات وقبرص، بشأن تطورات الأحداث في ليبيا.

وقد جاء التطور الإيطالي هذه المرة برفض المشاركة من الأساس، بعدما اتخذت روما في وقت سابق موقفًا بالمشاركة في اجتماع للآلية نفسها في الثامن من يناير الماضي، إلا أنها رفضت في اللحظات الأخيرة التوقيع على البيان الختامي للاجتماع. ويأتي الرفض الإيطالي على المشاركة في الاجتماع (الذي جاء بالأساس لانتقاد التدخل التركي).

وعلى الرغم من أن القاهرة طلبت من الجانب الإيطالي التنسيق المشترك مع التحفظ على ما تراه لا يتناسب مع موقفها الدولي المعلن، إلا أن روما رفضت ذلك، مؤكدة أن تركيا، التي تدعم حكومة الوفاق، ليست دولة عدوة بالنسبة إليها، وأن هناك علاقات ممتدة بين الطرفين، ما يصعب افتعال أزمة. كما تمسكت إيطاليا بموقفها الرافض لممارسات حفتر الأخيرة، وفي مقدمتها قصف الأحياء المدنية، واستهداف المرافق الخدمية في العاصمة طرابلس، إضافة إلى رفض إعلانه الأخير بشأن إسقاط اتفاق الصخيرات، وإعلان نفسه رئيسًا في تصرف أحادي[11].

5- علو الأصوات الأمريكية الداعمة لحكومة الوفاق، فهناك ما يشبه الاختلاف بين صناع السياسة الخارجية الأمريكية من الأزمة الليبية، ففي حين أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أقرب إلى حفتر، ودَعَمه ضمنيًّا عبر الاتصال الهاتفي الذي جمع بينهما قبل الهجوم على طرابلس في أبريل 2019، كان وزير الخارجية مايك بومبيو يعارض حملة حفتر العسكرية على طرابلس، وطالب حفتر بالوقف الفوري لهذا الهجوم.

وقد أدت انتصارات حكومة الوفاق إلى علو موقف الخارجية الأمريكية، وهو ما ظهر مؤخرًا في تصريحات السفير الأمريكي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند بأن “الولايات المتحدة تريد أن ترى نهاية للهجوم الذي تشنه قوات حفتر على طرابلس، ووقفًا دائمًا لإطلاق النار، وحلًّا سلميًّا تفاوضيًّا للنزاع، واصفًا ما يحدث في ليبيا بأنه حرب إقليمية بالوكالة”. وحول موقفهم من حفتر ومستقبله السياسي، قال السفير: “خليفة حفتر لديه نفوذ، ولكن نفوذه ينحسر مع كل يوم تستمر فيه المواجهات، وهو عرضة لخطر فقدان كل شرعية سياسية، ما لم يسمح للشرق الليبي بالتفاوض، خاصة أن الدول التي تدعمه بدأت تدرك أن أهدافها في ليبيا قد تم تقويضها من خلال الهجوم الذي شنه حفتر على طرابلس”[12].

6- تأكيد أمين عام حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ينس أستولتنبرغ، استعداده لدعم الحكومة الليبية برئاسة فائز السراج. فقد قال أستولتنبرغ، في مقابلة أجرتها صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، أنه “يجب على الأطراف الليبية كافة، الالتزام بحظر استيراد السلاح، وهذا لا يعني وضع حفتر وحكومة السراج في كفة واحدة، ولهذا السبب الناتو مستعد لدعم حكومة طرابلس”[13].

وفي اتصال هاتفي مع السراج، فقد أعرب أستولتنبرغ عن “قلق  الحلف من وجود مرتزقة روس من فاغنر تحارب مع الطرف المعتدي (حفتر)، وأكد على ضرورة تطبيق حظر وصول السلاح برًّا وجوًّا، وعدم الاكتفاء بتطبيقه بحرًا فقط”. كما اتفق الجانبان على “التنسيق والتعاون بين أجهزة الحلف والمؤسسات العسكرية والأمنية في ليبيا وفقًا لما تم بحثه في لقاءات سابقة، وبما يساهم في دعم وبناء القدرات العسكرية والأمنية وتدريب الكوادر الليبية، والرفع من إمكاناتها، كما تم الاتفاق على تفعيل اللجان المشتركة بين الجانبين”[14].

وقد تم تفسير موقف الناتو على أنه دعم قوي لحكومة الوفاق وتركيا، وإن اختلفت هذه التفسيرات في شكل هذا الدعم على النحو التالي:

التفسير الأول: يرى أن موقف الناتو الجديد قد يساهم في دعم قرار حظر الأسلحة بشكل كامل بالبلاد بحرًا وجوًّا وبرًّا. على عكس عملية “إيريني” التابعة للاتحاد الأوروبي، التي تهدف لمنع تدفق الأسلحة إلى ليبيا من البحر فقط؛ لمنع تدفق السلاح التركي إلى حكومة الوفاق، في الوقت الذي تغض الطرف فيه عن تدفق السلاح لحفتر جوًّا عبر الإمارات، أو برًّا عبر مصر[15].

التفسير الثاني: أن الناتو يعلن عن سياساته الواضحة من النزاع في ليبيا؛ حيث يصطف لصالح حكومة الوفاق الشرعية، التي تحظى باعتراف المجتمع الدولي، وهو ما يدعم جهود تركيا التي تصطف لذات الطرف الشرعي.

التفسير الثالث: أن دعم الناتو سيقتصر على الدعم الفني واللوجستي لحكومة الوفاق، دون أن يتطور إلى تدخل مباشر لصالح الوفاق، على اعتبار أن الحلف هو أداة تنفيذية تضم قرابة 30 دولة، والقرار فيه لا بد أن يكون مشتركًا تجاه أي تدخل خارجي.

التفسير الرابع: التأكيد على أن التحرك التركي في ليبيا يأتي بدعم من الناتو، خاصة أمريكا، التي أصبحت تدعم تركيا في ليبيا بعد تصاعد الوجود الروسي عبر مرتزقة فاغنر. أكثر من ذلك فإن هذا الدعم لا يتوقف على التحركات التركية في ليبيا فقط، ولكنه يمتد لمنطقة شرق المتوسط، وهو ما يظهر في ظهور تصريحات الأمين العام للناتو عقب البيان الخماسي من قبل فرنسا وقبرص واليونان ومصر والإمارات، الذي صدر مؤخرًا ضد تركيا وتحركاتها شرق المتوسط، ومذكرة التفاهم البحرية والأمنية العسكرية مع ليبيا[16].

التفسير الخامس: أن الحلف قد يعمل على تحقيق توازن يمنع من التصعيد بين فرنسا وتركيا؛ بل وإمكانية تحقيق نوع من التنسيق بينهما؛ لقطع الطريق على روسيا في محاولة استغلال تلك الخلافات بين الطرفين من أجل ترسيخ وجودها في الخاصرة الجنوبية لأوروبا[17].

      إلا أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه حكومة الوفاق حاليًّا، والتي قد تحول دون استمرار عملياتها العسكرية، منها:

1- قيام حفتر باستنزاف حكومة الوفاق اقتصاديًّا، عبر فرض الحصار النفطي الذي يهدد الإنفاقات العسكرية لحكومة الوفاق، منذ أغلق حفتر الموانئ النفطية في 17 يناير الماضي، وقد بلغت الخسائر من جراء خطوة حفتر أربعة مليارات دولار، بحسب المؤسسة الوطنية للنفط الليبية.

وفي أحدث تصريحٍ على نجاح إستراتيجية حفتر، صرحت مصادر مقربة من محافظ مصرف ليبيا المركزي لموقع «العربي الجديد» بتعرض حكومة الوفاق إلى عجز مالي كبير، دفعها إلى تغطية الإنفاق العام من الاحتياطيات من النقد الأجنبي، وهو ما يهدد بتبديدها في أقل من عامين، ما يعني أن حفتر قد ينتصر بالصمود. وتتفق صحة التصريحات مع البيانات الرسمية لمصرف ليبيا المركزي، والذي أظهر أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي بلغت بنهاية شهر أبريل الماضي 76.8 مليار دولار، مقابل 134.5 مليار دولار بنهاية عام 2010، وهي الأزمة التي دفعت محافظ المصرف الليبي للجوء إلى القضاء؛ لكبح سياسة السراج الاقتصادية[18].

2- هناك تشكك في جدية الخطوة الدبلوماسية التي اتخذتها حكومة الوفاق بالتصعيد الدبلوماسي ضد الإمارات، وهو ما يظهر في عدم قيام حكومة الوفاق إلى الآن بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات.

وتبدو التفسيرات لموقف السراج متباينة أحيانًا، فبعضها يشير إلى تروي الرجل قبل الإقدام على هذه الخطوة خوفًا من تداعياتها، والتي تتمثل في المزيد من التهور الإماراتي، والمزيد من الدعم لقوات حفتر علانية. وقد يصل الأمر بالإمارات إلى تسليم مقر سفارة ليبيا في أبو ظبي وقنصليتها في دبي لرجال حفتر، والاعتراف رسميًّا بحفتر بعد تفويضه “التلفزيوني” الأخير، وإعلانه قبول هذا التفويض لحكم ليبيا.

وبعض التفسيرات تشير إلى ترك الرجل الباب مواربا مع الإمارات، لعلها تتوسط بينه وبين حفتر، كما فعلت من قبل (آخر فبراير 2019). كما أن بعض التفسيرات وجدت في شخصية السراج نفسها سببًا لهذا التردد؛ حيث إن الرجل هو ناتج الإرادة الدولية التي جسدها اتفاق الصخيرات ديسمبر 2015، وليس ناتج انتخابات شعبية، أو ناتج زعامة ثورية، ولا ينتظر من مثل هكذا شخصية أن تتخذ قرارًا بقطع العلاقات مع الإمارات.

وأخيرا، هناك تفسيرات تشير إلى وجود مقربين من السراج لهم عوائل تقيم في الإمارات، أو لها استثمارات في الإمارات أيضًا[19].

 

المسار الثاني: قيام حفتر بحملة عسكرية مضادة لاسترجاع المواقع التي خسرها:

يدعم هذا المسار مجموعة من المؤشرات، والتي تتمثل في استمرار تقديم الدعم العسكري له من قبل حلفائه، منها:

1- ما كشفه موقع “العربي الجديد” نقلًا عن مصادر خاصة، عن محاولة الإمارات شراء ولاءات قبلية لمبايعة حفتر. وجاء في التفاصيل، أن اجتماعًا عُقد أخيرًا في قاعدة الرجمة، شارك فيه مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، شقيق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، فضلًا عن بعض قادة المليشيات التابعين إلى حفتر، وزعماء قبليين في المنطقة الشرقية، اتفق خلاله على توفير أبو ظبي حزمة تمويل كبيرة لشراء ولاءات عدد من وجهاء المدن وقبائلها، لإعلان الولاء لحفتر، وتبعيتهم له، وذلك من دون أي قتال، أي دون استتباع ذلك أي التزام من جانب تلك المدن بمشاركة أبنائهم في أي أعمال قتالية إلى جانب حفتر[20].

2- ما كشفته العديد من التقارير الدولية من قيام كل من الإمارات وروسيا بتزويد حفتر بالمرتزقة الروس (فاغنر) والأفارقة (الجنجويد) والمرتزقة السوريين. كما تم إرسال تقرير من قبل الخبراء الأمميين للأمم المتحدة، سُلم لمجلس الأمن الدولي في 24 أبريل الماضي، كشف أن مرتزقة من مجموعة “فاغنر” الروسية ومقاتلين سوريين جاؤوا من دمشق لدعم حفتر في ليبيا. وهذه هي المرة الأولى التي تؤكد فيها الأمم المتحدة وجود مرتزقة في ليبيا تابعين للمجموعة الروسية المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين[21].

3- في إشارة قد لا تخلو من التلويح بإمكانية التدخل العسكري في ليبيا، فقد دعا السيسي، 18 مايو 2020، قادة الجيش إلى الاستعداد القتالي لحماية أمن مصر القومي، وذلك في اجتماع حضره وزير الدفاع محمد زكي ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ورئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وقائد المنطقة المركزية العسكرية. وهو الاجتماع الذي جاء بعد ساعات فقط من إعلان القائد الأعلى للجيش الليبي فائز السراج، السيطرة الكاملة على قاعدة الوطية الجوية (غرب)[22].

ويمكن القول إنه إذا لم تتدخل مصر عسكريًّا بصورة مباشرة، فإنها قد تقوم بتقديم مزيد من الدعم العسكري لحفتر؛ لاسترجاع المناطق التي فقدها في المنطقة الغربية، خاصة إذا وجدت أن تلك الخسارة قد تؤدي إلى فقدانه السيطرة على المنطقة الشرقية المحاذية للحدود الغربية المصرية.

4- تنفيذ عملية إيريني، فعلى الرغم من معارضة الحكومة الليبية الشرعية، وعدم إقرار مجلس الأمن الدولي لها، شرع الاتحاد الأوروبي في تنفيذ عملية “إيريني” البحرية، التي تتصدرها فرنسا، أكبر داعم أوروبي لحفتر، تحت شعار “حظر توريد السلاح إلى ليبيا”. في حين أن الهدف الحقيقي لفرنسا -على وجه الخصوص- من وراء العملية، حرمان طرابلس من أي دعم عسكري تركي للدفاع عن نفسها في وجه هجوم مليشيات حفتر، فالعملية تركز على مراقبة السلاح القادم من البحر (الطريقة الرئيسة لوصول السلاح التركي)، في حين تغض الطرف عن تدفق السلاح إلى قوات حفتر عبر الحدود البرية الليبية المصرية، وعن طريق الرحلات الجوية من مطارات أبو ظبي.

ويبدو أن فرنسا أكثر الدول تحمسًا لتوجيه إيريني وفق أجندتها الخاصة، بدليل مسارعتها لإرسال فرقاطتين للسواحل الليبية وهما فرقاطة “أكونيت”، التي بإمكانها حمل طوافة، وفرقاطة “جون بار” المضادة للطائرات، وهي أكبر مشاركة عسكرية لدولة أوروبية في هذه العملية لحد الآن[23].

5- التصعيد الدبلوماسي ضد تركيا، والذي ظهر في صدور بيان وزراء خارجية كل من مصر والإمارات وفرنسا وقبرص واليونان، 11 مايو الجاري، أعربوا خلاله رفضهم لما سموه التحركات التركية القائمة في المنطقة الاقتصادية لإجراء عمليات تنقيب داخل المناطق البحرية لقبرص.

وأعاد الوزراء التأكيد أن مذكرة التفاهم بشأن تعيين الحدود البحرية في البحر المتوسط، ومذكرة التفاهم بشأن التعاون الأمني والعسكري، الموقعتين في نوفمبر 2019 بين تركيا ورئيس حكومة الوفاق الليبية فائز السراج، تتعارضان مع القانون الدولي وحظر السلاح الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، كذلك تُقوضان الاستقرار الإقليمي. وأشار الوزراء إلى أن مذكرة التفاهم بشأن تعيين الحدود البحرية في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية لدولة ثالثة، ولا تتفق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عنها أي آثار قانونية تخص دولة ثالثة[24].

وهو ما قد يشير إلى تحرك هذه الدول عسكريًّا ضد تركيا في ليبيا، عبر تقديم مزيد من الدعم العسكري لحفتر؛ من أجل استنزاف أنقرة عسكريًّا بليبيا، وحتى لا تتحول الانتصارات التي حققتها تركيا مؤخرًا في ليبيا إلى دافع لها في محاولة تكرار مغامراتها العسكرية؛ لكسب مزيد من النفوذ في منطقة شرق المتوسط.

ولكن تتمثل أهم التحديات أمام هذا المسار في:

1- تصاعد الخلافات بين حفتر ورئيس مجلس النواب بطبرق عقيلة صالح، على خلفية إعلان حفتر مؤخرًا إسقاط العملية السياسية، بما فيها مجلس النواب، وإعلان نفسه حاكمًا على ليبيا بتفويض شعبي جديد.

فقد ظهر رئيس البرلمان الليبي في فيديو مسرب وهو في اجتماع بين قبيلته العبيدات، رافضًا تفويض حفتر لنفسه للحكم، قائلًا: «كان يجب طلب التفويض في شيء يملكه»، كما عارض إعلان حفتر السياسي، وأكد استمرار البرلمان الليبي في عمله.

وقد ظهرت بوادر الخلاف بين عقيلة صالح وحفتر سريعًا على الأرض، بإعلان كتيبة التوحيد المدخلية السلفية -أبرز مقاتلي حفتر- انشقاقها، وجاء في بيان قائدها أشرف الميار: «ولي الأمر في هذه البلاد هو مجلس النواب، المتمثل في المستشار عقيلة صالح، ولا يجوز الخروج عليه في أي حال من الأحوال، ومن خرج عليه فقد نقض البيعة، وهذا من الغدر». وهو ما يعني إمكانية خسارة حفتر لورقة القوات المدخلية، وهو ما لا يهدد مشروعه العسكري في طرابلس وحسب، بل في سيطرته على شرق ليبيا؛ لأنه استخدمها (السلفية المدخلية) للحفاظ على سلطته، وبخلاف الفتاوى القديمة التي شجّعت أتباعهم على الانضمام للقتال معه، فيُنسب لها دور كبير في إسقاط بنغازي بعد معارك طويلة استمرت ثلاث سنواتٍ، حتى انتزعتها من قبضة الميليشيات الإسلامية المناوئة لها[25].

كما ظهرت بوادر توتر عسكري إثر هجوم مباغت، في 15 مايو الجاري، شنته إحدى فصائل كتيبة طارق بن زياد، التي يقودها صدام نجل حفتر، على الكتيبة 102 مشاة في منطقة مرتوبة، التي تعتبر أقوى الأذرع العسكرية لقبيلة العبيدات التي يُعتبر “صالح” زعيمها الحالي. وجاء الاقتحام بعد بيان جديد لشباب قبيلة العبيدات، أعلنوا فيه رفض مساعي حفتر لتفويضه لحكم البلاد، والتأكيد على شرعية مجلس النواب الذي يترأسه “صالح”، وتجديد دعمهم لمبادرته السياسية[26].

2- ظهور بوادر لخلافات روسية مع حفتر، فعلى الرغم من الدعم العسكري غير المباشر الذي توفره روسيا لحفتر عبر مرتزقة فاغنر، إلا أن الأمور ليست على ما يرام بين الطرفين في الفترة الأخيرة.

فروسيا عارضت بشكل علني تنصيب حفتر نفسه حاكمًا على ليبيا، كما أن رئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، كشف في لقاء مع قبائل العبيدات عن تواصل الروس معه، ودعوته لطرح مبادرة سياسية خاصة، وأن الوضع العسكري على شفير الهاوية.

وسبق لحفتر أن رفض التوقيع على هدنة في موسكو، بوساطة روسية تركية في يناير الماضي؛ مما أحرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم أنه أحد أكبر داعميه.

وحتى نشاط مرتزقة فاغنر على الأرض، فإنه تراجع خلال العام الجاري، مقارنة بالربع الأخير من 2019؛ مما يعكس خلافات بين الطرفين وبداية فقدان ثقة متبادل، قد يكون الخلاف المالي أحد أسبابها.

لذلك فموسكو، التي لا تهتم سوى بمصالحها أكثر من حرصها على وصول حفتر إلى الحكم، لم تضع كامل بيضها في سلة حفتر؛ بل ترتبط أيضًا بعلاقات وثيقة مع عقيلة صالح، المدعوم من رئيس أركان مليشيا حفتر عبد الرزاق الناظوري، وعبد الله الثني، رئيس ما يسمى الحكومة المؤقتة (غير معترف بها دوليًّا)، وهذا الثلاثي قد يكون بديلًا محتملًا للجنرال الانقلابي، في مرحلة ما من الصراع.

ويُعد سيف الإسلام القذافي، أحد أوراق روسيا التي يمكن أن تلعبها في الوقت المناسب، كما أنها لم تقطع علاقاتها بالحكومة الشرعية في طرابلس، رغم الخلاف بين الطرفين، وتركها خيارًا أخيرًا في حال انتصارها بالحرب[27].

 

المسار الثالث:  سيناريو إنهاء الصراع عن طريق الحل السياسي:

يدعم هذا المسار مجموعة من المؤشرات، منها:

1- ما تم تسريبه من معلومات من شخصيات نافذة موالية لحفتر عن زيارة قام بها الأخير إلى حليفه المصري عبد الفتاح السيسي، وطلب وساطة أجنبية لدى المجلس الرئاسي، وأعلن استعداده لسحب قواته للشرق؛ لكن بشرط بقائه رقمًا في المعادلة السياسية[28].

2- المبادرة السياسة التي اقترحها رئيس مجلس النواب بطبرق عقيلة صالح، والتي تقترح تشكيل مجلس رئاسي جديد، وتعديل الدستور، ثم إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية[29]. كذلك ما اقترحه بعض مشايخ بني وليد بدعوى الوساطة بين مصراتة وترهونة وحقن الدماء، ومن الدعوات الداخلية للحوار أيضًا ما اقترحه موالون لمعسكر حفتر مؤخرًا من ضرورة حل ليبي للأزمة بقيادة شخصيات ليبية من غير السياسيين والعسكريين في اجتماع داخل ليبيا، وبإشراف الأمم المتحدة؛ لوضع ميثاق ملزم لجميع الفرقاء[30].

3- الأحاديث عن إمكانية الإطاحة بحفتر والسراج في ضوء الوصول إلى حل سياسي شامل بين الأطراف المحلية والدولية، فهناك تحركات من قبل معسكر شرق ليبيا، يقودها حاليًّا رئيس البرلمان عقيلة صالح، بدأت تدفع في اتجاه رئيس الأركان عبد الرزاق الناظوري، باعتباره من الشخصيات التي تلقى قبولًا لدى الأطراف كافة؛ لكونه شخصية عسكرية، ويعدّ الرجل الثاني بعد حفتر، كذلك فإنه يتمتع بعلاقات جيدة مع القبائل الكبرى في شرق ليبيا. إضافة إلى أن معسكر غرب ليبيا لن يكون لديه اعتراضات على تصدره المشهد في أي فرصة لاحقة، ما يسهل محاولات التوصل إلى حل سياسي. كما سيترافق ذلك مع ضرورة التوافق بشأن شخصية جديدة أيضًا ممثلة لمعسكر غرب ليبيا بديلة لفائز السراج، وهناك ترجيحات بأن تكون تلك الشخصية هي وزير الداخلية المدعوم من مدينة مصراتة، فتحي باشاغا[31].

4- دعوة الإمارات إلى العودة مرة أخرى للعملية السياسية، فقد كتب وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في 19 مايو الجاري، في تغريدة له على تويتر: “نجدد الموقف الواضح لدولة الإمارات من الأزمة الليبية، المتصل بموقف المجتمع الدولي، فلا يمكن إحراز أي تقدم حقيقي على الساحة الليبية دون وقف فوري وشامل لإطلاق النار، والعودة إلى مسار العملية السياسية، ولا بد أن يتوقف التصعيد الإقليمي لتحقيق ذلك”[32].

5- أن مصر يبدو أنها أقرب إلى الحل السياسي؛ فهي لا ترغب في دخول حرب مع تركيا، وسبقت الإشارة قبل شهر إلى أن حفتر طلب من مصر التدخل لإبعاد البوارج التركية عن السواحل الليبية، وهو ما أكده راديو فرنسا الدولي، وهذه كلها مؤشرات تفيد بضعف احتمال توسع الصراع إلى حرب كبرى[33].

         إلا أن أهم التحديات التي تواجه تحقق هذا المسار تتمثل في أن حكومة الوفاق أصبحت لا ترى في دعوات الحوار السياسي إلا محاولة من حفتر وحلفائه لكسب مزيد من الوقت؛ لاستعادة تحشيد قواته.

فقد أكد السراج خلال تصريحات لصحيفة لاريبوبليكا الإيطالية منتصف أبريل الماضي، أنه لن يتفاوض مجددًا مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر، متهمًا إياه باستغلال الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا لاستئناف الهجمات على العاصمة طرابلس. وأضاف السراج: “لن أجلس على طاولة الحوار مع حفتر بعد الكوارث والجرائم التي ارتكبها في حق كافة الليبيين .. سعينا دائما لحل خلافاتنا عن طريق عملية سياسية؛ لكن حفتر تنكر لكل اتفاقية تم التوصل لها .. ليبيا لن تخضع مجددًا لشخص واحد أو مجموعة من الأشخاص”[34].

وهو ما أكده أيضًا المجلس الأعلى للدولة الليبي، بعد تحرير قاعدة الوطية، مشيرًا إلى أنه: “لن يُجرى أي حوار سياسي بالبلاد، إلا بعد القضاء على مشروع انقلاب خليفة حفتر”[35].

وحول مبادرة رئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح الأخيرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية، محمد القبلاوي: “نحن نرحب بأي مبادرة سياسة من حيث المبدأ، ويمكن أن نُخضع أي تحرك لحل الأزمة للمشاورات، لكن مبادرة صالح لا تشير إلى دولة مدنية، وجاءت في وقت يخسر فيه حفتر مواقعه في الغرب الليبي، وتوقيتها غير مناسب، ونعتقد أنها جاءت لإنقاذ حفتر من ورطته”[36].

وفيما يتعلق بدعوة وزير الخارجية لوقف القتال والعودة للمسار السياسي، فقد  رد وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا على هذه الدعوة، بالتأكيد على أن الأزمة في ليبيا ما كانت لتكون أصلا  لولا التدخل الإماراتي الخبيث، ودعمها للانقلابيين، وإرسالها للأسلحة، وشراؤها للذمم بمالها الفاسد، وتحريضها على العنف بإعلامها المُضلل. مشيرًا إلى أن حلم الإمارات بديكتاتور آخر في المنطقة هو مجرد سراب[37].

ولعل ما زاد من قناعة حكومة الوفاق بعدم جدية دعوات حفتر وحلفائه بالعودة إلى المسار السياسي، ما قام به حفتر من الإطاحة باتفاق الصخيرات 2015، الذي يعتبر الأرضية المشتركة، وربما الوحيدة، التي يمكن من خلالها الوصول إلى حل سياسي للأزمة الليبية[38].

 

 

 

[1] “ليبيا .. سقوط قاعدة الوطية ضربة قاضية لمشروع حفتر (تحليل إخباري)”، وكالة الأناضول، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2yd3TNa

[2] “ليبيا: الحكومة تسيطر على قاعدة «الوطية» .. السراج: المعركة لم تنته”، القدس العربي، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/36eRfKe

[3] المرجع السابق.

[4] “لماذا لم يقطع السراج العلاقة بالإمارات؟”، عربي 21، 17/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2ZtynWF

[5] “طائرات وسفن حربية تركية تجري تدريبات في البحر الأبيض تزامنًا مع التوتر في ليبيا وشرق المتوسط”، القدس العربي، 17/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3e6fInx

[6] “اتجاهات موازين القوى في الغرب الليبي”، مركز الدراسات الإستراتيجية والدبلوماسية، 11/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2ThIt93

[7] “وكالة: البترول التركية تطلب إذنا للتنقيب في ليبيا”، تي أر تي عربي، 14/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2zXkR2v

[8] “تونس والمغرب والجزائر ترفض “الانقلاب” على الشرعية بليبيا .. اتصالات هاتفية بين قادة الدول ودعوات لقمَّة “عن بعد””، عربي بوست، 3/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2Lf7XzD

 

[9] “صراع مصري ـ جزائري كبير: تبون يبحث عن دور غائب”، الأخبار، 25/4/2020، الرابط: https://bit.ly/35hEjCG

[10] “هل تستعد الجزائر للتدخل عسكريًّا في ليبيا؟”، العربي الجديد، 15/45/2020، الرابط: https://bit.ly/3cLRZsH

[11] “إيطاليا ترفض دعوة مصرية بشأن ليبيا”، العربي الجديد، 14/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2ZmCGD7

[12] “ماذا وراء هجوم السفير الأمريكي على “حفتر” وداعميه؟”، عربي 21، 17/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3g2oN2F

[13] “أمين عام الناتو يؤكد دعم حكومة الوفاق الليبية”، عربي 21، 15/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2WKmbPr

[14] “مكالمة هاتفية بين رئيس المجلس الرئاسي وأمين عام حلف شمال الأطلسي”، الموقع الرسمي لحكومة الوفاق الوطني على الفيسبوك، 16/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3e30MXy

[15] “محللون أتراك: لهذا السبب غير الناتو مواقفه في ليبيا”، عربي 21، 19/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2yfkCPV

[16] “ماذا تعني تصريحات أمين عام الناتو بالنسبة لطرابلس وأنقرة؟”، عربي 21، 16/5/2020، الرابط: https://bit.ly/36keLWb

[17] “لماذا تغير موقف الناتو من حفتر؟ صراع المصالح داخل الحلف رجَّح دعم السراج”، عربي بوست، 19/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2WKQLrX

[18] “بعيدًا عن الانحيازات المسبقة .. هل بات حفتر قاب قوسين أو أدنى من السقوط؟”، ساسة بوست، 13/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2yeZFof

[19] “لماذا لم يقطع السراج العلاقة بالإمارات؟”، مرجع سابق.

[20] “تحركات إماراتية لشراء ولاءات .. وحفتر يُخضع كتائب لإشراف أبنائه”، العربي الجديد، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/36cXFJX

[21] “روسيا والإمارات .. تجنيد لمرتزقة سوريين ودعم للعلاقات بين الأسد وحفتر”، تي أر تي عربي، 15/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2Ti2CvH

[22] “السيسي يجتمع بقادة الجيش المصري بعد ساعات من هزيمة خليفة حفتر في معركة الوطية الإستراتيجية”، عربي بوست، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2LEoBZA

[23] “عملية “إيريني” الأوروبية .. فرنسا تلقي طوق نجاة لحفتر (تحليل إخباري)”، وكالة الأناضول، 10/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3bKJ5KO

[24] “إيطاليا ترفض دعوة مصرية بشأن ليبيا”، مرجع سابق.

[25] “بعيدًا عن الانحيازات المسبقة .. هل بات حفتر قاب قوسين أو أدنى من السقوط؟”، مرجع سابق.

[26] “بوادر توتر عسكري شرق ليبيا .. و”الوفاق” تواصل قصف مواقع حفتر”، العربي الجديد، 16/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3dVGwXE

[27] “هل بدأ حفتر يخسر حلفاءه الدوليين؟ (تحليل)”، الأناضول، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2WIRqdE

[28] “اتجاهات موازين القوى في الغرب الليبي”، مرجع سابق.

[29] “مجلس النواب الليبي يطلق مبادرة من 8 بنود لإنقاذ البلاد”، سبوتينك عربي، 24/4/2020، الرابط: https://bit.ly/2zUkcih

[30] “اتجاهات موازين القوى في الغرب الليبي”، مرجع سابق.

[31] “أفكار داخل معسكر شرق ليبيا لاستبدال حفتر”، العربي الجديد، 15/5/2020، الرابط: https://bit.ly/3cNV1g6

[32] رابط التدوينة: https://bit.ly/36j2Doq

[33] “اتجاهات موازين القوى في الغرب الليبي”، مرجع سابق.

[34] “خارجية ليبيا لـ “عربي 21”: حفتر مكانه السجن وسنقاضي الإمارات”، عربي 21، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2XfQVqo

[35] ““الأعلى للدولة” الليبي: لا حوار قبل القضاء على مشروع الانقلاب”، القدس العربي، 18/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2Tls9E2

[36] ” خارجية ليبيا لـ “عربي 21”: حفتر مكانه السجن وسنقاضي الإمارات”، مرجع سابق.

[37] “رد عنيف لوزير داخلية ليبيا على دعوة قرقاش لوقف إطلاق النار”، عربي 21، 19/5/2020، الرابط: https://bit.ly/2WOieJp

[38] “اتجاهات موازين القوى في الغرب الليبي”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022