تعديلات القوانين العسكرية .. قراءة استقصائية في مخاوف السيسي ورغبات السيطرة والبزنس

وافق مجلس النواب المصري، الاثنين الماضي، على مشروع قانون مقدّم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 232 لسنة 1959، في شأن شروط الخدمة والترقية لضباط القوات المسلّحة، والقانون رقم 4 لسنة 1968 حول القيادة والسيطرة على شؤون الدفاع عن الدولة وعلى القوات المسلحة، والقانون رقم 30 لسنة 2014 بإنشاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ونص التعديل على عدم جواز ترشح أي من أفراد (ضباط) المؤسسة العسكرية للانتخابات الرئاسية أو النيابية أو المحلية، سواء من الموجودين بالخدمة أو الذين انتهت خدمتهم، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة…

 

ونص التعديل التشريعي على أن “لصاحب الشأن الطعن على قرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمام اللجنة القضائية العليا لضباط القوات المسلحة، وفقاً للقواعد والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 71 لسنة 1975، والخاص بتنظيم وتحديد اختصاصات اللجان القضائية لضباط القوات المسلحة، وذلك خلال 30 يوماً من تاريخ إعلان صاحب الشأن به، ويكون قرارها في الطعن نهائياً“.

وحسب التعديل، فإنه لا يجوز الطعن في قرارات اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة، أو المطالبة بإلغائها بأي وجه من الوجوه أمام أية هيئة أو جهة أخرى، وذلك بهدف تحصين قرارات اللجنة من الطعن، تحت ذريعة وضع مجموعة من الضوابط على أفراد وضباط الجيش بعد انتهاء خدمتهم، بشأن ممارسة المعلومات التي تتصل بعملهم أثناء الخدمة.

 

وحظر القانون رقم 232 لسنة 1959 على ضباط الجيش إبداء الآراء السياسية أو الحزبية، أو الاشتغال بالسياسة، أو الانتماء إلى الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات ذات المبادئ أو الميول السياسية، وكذلك الاشتراك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية.

 

 

في سياق متّصل، وافق مجلس النواب على مجموع مواد مشروع مقدم من الحكومة، بتعديل بعض أحكام القانون رقم 19 لسنة 2014 بشأن إنشاء مجلس الأمن القومي، والذي يهدف إلى اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية، في الأحوال التي تتعرض فيها الدولة، ومدنيتها، وصون دستورها، وسلامة أراضيها، والنظام الجمهوري، والمقومات الأساسية للمجتمع، ووحدته الوطنية، لخطر داهم، وذلك لاتخاذ تدابير وآليات عاجلة لمواجهة ذلك.

وقالت الحكومة في المذكرة الإيضاحية للقانون، إنه استهدف إضافة مهام جديدة للقوات المسلحة تفعيلاً للمادة 200 من الدستور، من خلال منح رئيس الجمهورية الحق في دعوة المجلس للانعقاد بتشكيله الكامل، بناءً على طلب نصف عدد الأعضاء بالتشكيل المشترك، على أن يُدعى لحضور الاجتماع المشترك كل من نائب رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الشيوخ، ومن يحدده رئيس الجمهورية من رؤساء الجمهورية السابقين، ويكون له صوت معدود عند التصويت.

ووفقاً لمشروع القانون، تكون مداولات المجلسين بالتشكيل السابق سرية، وتصدر قراراته بأغلبية الأصوات، وعند التساوي يُرجح الجانب الذي منه رئيس الجمهورية. وتكون القرارات الصادرة بهذا التشكيل نافذة بذاتها، ومُلزمة للكافة، ولجميع سلطات الدولة.

 

مستشار عسكري للمحافظة

 

واستمراراً للتشريعات الهادفة إلى سيطرة المؤسسة العسكرية على مقاليد الحكم في مصر، وافق مجلس النواب نهائياً، أيضا، يوم الاثنين الماضي، على مشروع قانون يقضي بتعيين مستشار عسكري لكل محافظ مصري، وعدد كاف من المساعدين له، وفقاً للقواعد التي تحددها وزارة الدفاع، ضمن التعديلات المقدمة من الحكومة على أحكام القانون رقم 55 لسنة 1968 بشأن منظمات الدفاع الشعبي، والقانون رقم 46 لسنة 1973 بشأن التربية العسكرية بمرحلتي التعليم الثانوي والعالي. وأضاف القانون مادتين جديدتين، أولاهما برقم 5 (مكرر)، وتقضي بأن يكون لكل محافظة مستشار عسكري، ويصدر بتعيينهم، وتحديد شروط شغلهم الوظيفة، قرار من وزير الدفاع، والثانية برقم 5 (مكرر)، وتحدد اختصاصات المستشار العسكري للمحافظة، ومنها التواصل الدائم مع المواطنين في إطار الحفاظ على الأمن القومي بمفهومه الشامل، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة، والتنسيق مع الجهات التعليمية على مستوى المحافظة لتنفيذ منهج التربية العسكرية.

 

وحدد مشروع القانون واجبات المستشار العسكري في المحافظات، على غرار التعاون في حماية مصالح القوات المسلحة، وفي تنفيذ إجراءات وقاية المنشآت الحيوية للدولة في حدود المهام التي يُكلف بها، فضلاً عن تشكيل مجلس الدفاع الشعبي على مستوى المحافظة، واختصاصاته. كما استبدل المشروع الفقرة الأولى من المادة الرابعة من القانون، بحيث تشتمل التربية العسكرية للطلبة والطالبات على التدريب، والثقافة العسكرية، والخدمة الطبية، ومواجهة الأزمات والتحديات، والتعريف بالمشروعات القومية، ودور القوات المسلحة في صون الديمقراطية، والحفاظ على المقومات الأساسية للدولة، طبقاً للمناهج التي تحددها وزارة الدفاع. واستبدل كذلك عبارة “وزارة الحربية” بعبارة “وزارة الدفاع”، وعبارتي “مستشار عسكري لمدير التربية والتعليم” و”مدير التربية العسكرية” بعبارة “مساعد المستشار العسكري” أينما وردت في القانون.

 

وعزت الحكومة المصرية تقدمها بمشروع القانون إلى “حرص القوات المسلحة على أداء دورها الحيوي في تنفيذ تلك المهام في التوقيت المناسب، وبأقل التداعيات على المصالح الوطنية، واستمرار دعم أجهزة ووزارات الدولة في تنفيذ المشروعات القومية، والتي تتطلب مشاركة أكثر فاعلية، ومتابعة ميدانية دورية للخدمات المقدمة للمواطنين، والمشروعات الجاري تنفيذها”.

 

واعتبرت الحكومة أن القانون يستهدف أيضاً “التدريب على مواجهة الأزمات والتحديات التي تواجه الدولة، والتعريف بالمشروعات القومية، ودور القوات المسلحة في صون الدستور، والديمقراطية، في مواجهة أي خطر جسيم قد يضر بأمن الدولة وسلامتها“.

 

ما وراء التعديلات

ويمكن قراءة العديد من المغازي وراء سلسلة التعديلات القانونية المتعلقة بالمؤسسة العسكرية، واستهداف تقنين توسيع دورها المجتمعي، سياسيا ومجتمعيا، بعد أن جرى فرض هيمنتها الاقتصادية علة مفاصل الاقتصاد المصري..

وهي تعديلات تنقل مصر من المرحلة الهيمنة الاقتصادية والقمع العسكري ، إلى العمل المقننن سياسيا وقانونيا في اركان العمل السياسي والحكومي، وحشر العسكر في أ\وار أكبر من المستشار أو المسئول أو وكيل الووزارة، كما هو واقع في كل الوزارات والهيئات والمحافظات، إلى تقنين دورهم السياسي وتحويل الدولة ككل لتدور في الفلك العسكري.

 

ومن ضمن المغازي والدلالات الكامنة وراء تلك التعديلات:

 

عدم اطمئنان السيسي للمؤسسة العسكرية

 

فعلى الرغم من فرض السيطرة الكاملة للسيسي على المؤسسة العسكرية، عبر تعديلات وتدوير مستمر للقيادات وترقيات غير مفهومة، وتشكيلات عديدة  وتدوير مناصب بين القيادات الاسلحة واعضاء المجلس العسكري، إلا أن السيسي بات متأكدا من عدم رضاء أطراف في المؤسسة العسكرية لسياساته، منذ العام 2016، حينما تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ما حول أراض مصر الخالصة إلى مياة اقليمية، وأشركت اسرائيل في ترتيبات أمن البحر الأحمر.

 

ومؤخرا، كشفت عدة دوائر سياسية، عن سلسلة اجتماعات بين أعضاء في المجلس العسكري، عُقدت عن بعد، علاوة على مشاورات مستمرة شارك فيها أكاديميون من القانونيين، سبقت تمرير مجلس النواب لمشروع القانون الخاص باشتراط حصول العسكريين على إذن من المجلس قبل السماح لهم بالترشح لأي انتخابات رئاسية أو نيابية، أو المحليات، ويترأس السيسي نفسهالمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

 

وأشارت إلى وصول معلومات قدمتها أجهزة سيادية، في إشارة لأجهزة المخابرات، إلى عبد الفتاح السيسي، تكشف عن تواصل بعض السياسيين المدنيين مع عسكريين سابقين في استطلاع للآراء حول طرح بديل مستقبلي في انتخابات مقبلة، من العسكريين الذين يحظون بقبول من جهات وتيارات مدنية. ورغم تأكيد المصادر على أنه مرّ على هذا التواصل أكثر من عامين، إلا أن الأجهزة حذّرت من احتمال تكراره؛ مشيرة إلى طلب مؤسسة الرئاسة الإسراع في تمرير القانون.

 

وهو ما يستهدف منع ترشح أي عسكريين محتملين، سواء من الحاليين أو السابقين، في مواجهة السيسي خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وحسب التعديل، فإنه لا يجوز الطعن في قرارات اللجنة القضائية لضباط القوات المسلحة، أو المطالبة بإلغائها بأي وجه من الوجوه أمام أي هيئة أو جهة أخرى، وذلك بهدف تحصين قرارات اللجنة من الطعن، تحت ذريعة وضع مجموعة من الضوابط على أفراد وضباط الجيش بعد انتهاء خدمتهم، بشأن ممارسة المعلومات التي تتصل بعملهم أثناء الخدمة. ويهدف التعديل إلى قطع الطريق على أي مرشحين محتملين في مواجهة السيسي للانتخابات الرئاسية، على غرار ما حدث في انتخابات الرئاسة عام 2018، حين ترشح رئيس أركان الجيش السابق، الفريق سامي عنان، والعقيد أحمد قنصوة، واللذين اعتقلا فور إعلان اعتزامهما الترشح للانتخابات الرئاسية بدعوى مخالفتهما للقواعد العسكرية، فضلاً عن منع ترشح أفراد المؤسسة العسكرية لانتخابات مجلسي الشيوخ والنواب المرتقبة هذا العام، إلا بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وحظر القانون رقم 232 لسنة 1959 على ضباط الجيش إبداء الآراء السياسية أو الحزبية، أو العمل بالسياسة، أو الانتماء إلى الأحزاب أو الهيئات أو الجمعيات أو المنظمات ذات المبادئ أو الميول السياسية، وكذلك الاشتراك في تنظيم اجتماعات حزبية أو دعايات انتخابية.

 

 

 

توغل عسكري في مفاصل صناعة السياسة

 

 

وينظر مراقبون بقلق إلى تزايد تدخلات العسكريين في الحياة العامة في مصر، وسيطرتهم على مفاصل الدولة السياسية والمدنية، في إطار ما يصفه البعض بأنه “عسكرة الدولة“.

حيث يسعى السيسي ودائرته الجهنمية لتمتين وتمكين المشروع لعسكري في مصر، لمنع اية قوى مدنية او اسلامية للصعود مجددا لمضمار المنافسة السياسية..

وهو الامر الذي كشف عنه الاعلامي المقرب من السيسي، ياسر رزق، مؤخرا، بالقول خلال لقاء تلفزيوني مع الاعلامي المقرب من الاجهزة الأمنية أحمد موسى، بأن السيسي باق لبعد 2035، مستنكرا وجود مخطط من قبل معارضين من التيار المدني وجماعة الاحوان المسلمين للمنافسة في الانتخابات عقب نهاية حكم السيسي المتوقع في 2030، خيث حرى التعديل الدستري ليمنح السيسي من الترشح في انتخابات 2024، وتكون ولايته لـ6 سنوات..

 

 

عسكرة المحافظات والمحليات

 

وهدف تعييين مشتشار عسكري ومساعدين له إلى تعميق الدور العسكري في المحافظات، والتي تشهد عملية عسكرة مبكرة، في كل التعيينات والتغييرات في مناصب المحافظين ومساعديهم..

ففي 27 نوفمبر الماضي،

أدّى، 16 محافظًا جديدًا اليمين أمام السيسي، من أصل 27 محافظًا يتولون مسئولية السيطرة على المحافظات المصرية ..ومن بين 16 محافظة، شملت التعينات 11 من لواءات الجيش والشرطة، ولم يختلف الأمر كثيرًا عن الأحوال في بداية الانقلاب عام 2013، عندما تم تعيين 17 لواء من الجيش والشرطة، فيما اعتبره مراقبون وقتها مؤشرًا لما تتجه إليه البلاد تحت قيادة السيسي..

 

واعتاد المصريون، خلال العقود الثلاثة لحكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، على تعيين محافظين ذوي خلفية عسكرية خصوصًا للمحافظات الحدودية، لكن عددهم كان بالكاد يصل إلى العشرة، ثم تقلص العدد إلى ما بين خمسة وسبعة في عهد الرئيس مرسي، قبل أن يحقق هذه القفزة في ظل المؤقت  عدلي منصور..

 

 

 

تأمين التوغل الاقتصادي

 

وتهدف التعديلات لتقنين التواجد العسكري وعسكرة كافة مناحي الحياة السياسية والمدنية في الدولة.

ومؤخرا، نشرت صحيفة “تي آر تي وورلد” تقريرا حول توغل الجيش في الاقتصاد في عهد عبدالفتاح السيسي ،  ويأتي التوغل العسكري المقنن، لحماية اقتصادات الجيش “عرق الجيش”، الذي توسع بصورة كبيرة منذ صعود قائد الانقلاب العسكري إلى سدة الحكم..

 

وتغلغلت القوات المسلحة في كل قطاع – من بيع البيض إلى صنع الأسمنت وبناء المشاريع العملاقة للطرق السريعة، فمنذ عام 2013، ضيّق الجيش قبضته على الاقتصاد – فهو يبيع كل شيء من التلفزيونات والثلاجات والأسمنت والأسمدة إلى الدجاج والبيض.

وقال يزيد صايغ، وهو زميل بارز في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، في تصريحات لـ “تي آر تي وورلد” إن السيسي “يعتقد أن الجيش قادر على توليد إيرادات للدولة وخلق فرص عمل، وتوفير السلع بأسعار معقولة للمصريين الأكثر فقراً ومتوسطة، وهو أمر جيد له سياسياً“.

وأضاف صايغ أن الجيش المصري شق طريقه إلى مختلف القطاعات التجارية من خلال تعزيز صورته كمؤسسة قادرة على بناء الطرق بسرعة، وتوفير الإغاثة للناس عندما يفشل البيروقراطيون المدنيون والشركات الخاصة.

فعلى سبيل المثال، يقدم الجيش عرضاً كبيراً لتوزيع الطعام على الفقراء خلال شهر رمضان وبيع الدواجن بأسعار مدعومة.

وأوضح صايغ أن إدارة الأعمال التجارية وحصّة المشاريع التجارية ليست بجديد على الجيش المصري. وعلى مدى عقود من الزمان، تقاسم الجنرالات الغنائم الاقتصادية إلى جانب السياسيين والمقربين من رجال الأعمال، مضيفا “لقد أتيحت للجيش ببساطة الفرصة لبناء مصالحه التجارية الخاصة بدءاً من أواخر السبعينيات وخاصة في الثمانينيات في وقت كانت فيه الدولة لا تزال تملك معظم الاقتصاد.

وتابع “وبعبارة أخرى، سُمح للجيش بأن يصبح مجموعة مصالح أخرى في اقتصاد تهيمن عليه علاقات الوصول المتميزة والسياسية، تماماً كما سُمح لشركات القطاع العام ثم للشركات الخاصة بعد الخصخصة في عام 1991″، مضيفا “لكن البصمة الاقتصادية للجيش كانت محدودة إلى حد ما قبل عام 2013، وهي الفترة التي كان فيها المقربون السياسيون من النخبة الحاكمة لديهم حصة الأسد عندما يتعلق الأمر بالسيطرة على العقارات والمصانع، يبدو أن هذا يتغير الآن “.

وكتب صايغ في دراسة مستفيضة العام الماضي أنه منذ وصول السيسي إلى السلطة، تمكن الجيش من إدارة ما يقرب من ثلث الإنفاق على الميزانية، وبناء الطرق والجسور، واستيراد المواد الغذائية والطبية.

وخلافا لبعض الأرقام المبالغ فيها التى تشير إلى أن القوات المسلحة تسيطر على 30% أو 60 % .. يرتفع الناتج الاقتصادي للجيش إلى 6 مليارات دولار فقط، من إجمالي 303 مليارات دولار وذلك وفقا لأرقام البنك الدولي، ومع ذلك، لا يزال من الصعب التأكد من الحجم الدقيق لإيرادات الجيش وأرباحه حيث أن عشرات الشركات والمشاريع التابعة له لا تخضع لمراجعة حساباتها بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن إلقاء نظرة على الأحداث الأخيرة يشير إلى نوايا الجيش.

وفي السنوات الأربع الماضية، أنفق جهاز مشروعات الخدمات الوطنية، وهي ذراع لوزارة الدفاع، مليار دولار على مصنع أسمنت العريش، مما زاد حصتها في سوق الأسمنت المحلية من 3 إلى 23 %، ما تسبب في وجود فائض في الإنتاج لدى الشركات الخاصة مثل هايدلبرغ الألمانية وتعرضها لخسائر مالية.

كما قام جهاز مشروعات الخدمات الوطنية ببناء مصنع للأسمدة، واستثمر 107 مليون دولار في أكبر مزرعة سمكية في الشرق الأوسط في عام 2017، كما انضم الجهاز إلى ثلاث شركات حكومية أخرى لإنشاء ذراع تسويقية تعمل كموزع وحيد للأسمدة الفوسفاتية في مصر، وأصبحت منتجاً رئيسياً للرخام.

وتقوم شركات مختلفة يسيطر عليها الجيش بصنع الغسالات وأجهزة التلفزيون واسطوانات غاز الطهي وشاحنات القمامة ومضخات المياه والمحاقن التي يمكن التخلص منها. والقائمة تطول.

كما يلعب الجيش دوراً مهيمناً في مشروع توسيع قناة السويس الذي تبلغ بمليارات الدولارات والعاصمة الإدارية الجديدة التي يريد السيسي بناءها بالقرب من القاهرة.

ويريد الجنود أن يصدق الجميع أن القوات المسلحة تدير الأعمال التجارية على خطوط تجارية، ولكنها تمكنت من اختراق السوق على خلفية الوصول المتميز إلى العقود الحكومية والمعلومات والإعفاءات الضريبية، وعلى مر السنين، أصبح الضباط المتقاعدون يشغلون مناصب رئيسية في وزارات مختلفة، وبهذه الطريقة ساعدوا رفاقهم في الحصول على عقود لمشاريع جديدة وتسريع الموافقة على التصاريح.

 

آفاق جديدة للعسكرة

 

ابتلاع السياحة والآثار

 

وفي  5 مارس 2020 ، وافق المجلس الأعلى للآثار على التعاقد مع إحدى الجهات السيادية على إدارة الخدمات فى القلعة، على غرار التجربة التي تم تنفيذها في منطقة الأهرامات.

 

وقالت إيمان زيدان، مساعد وزير السياحة والآثار للاستثمار وتنمية الموارد المالية، إن التعاقد يهدف لاستغلال منطقة القلعة ورفع كفاءة الخدمات المقدمة للزائرين وتحسين الإضاءة والإرشادات، وإنشاء كافتيريات ومطاعم واستثمار المناطق غير المستغلة، بجانب رفع كفاءة المناطق الخضراء بالقلعة، بما يؤدى لجذب السياحة، لافتة إلى تقاسم العوائد بين الوزارة والجهة التي تتولى الإدارة.

وكان الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار بحكومة الانقلاب، أعلن عن التعاقد على تشغيل وإدارة الخدمات فى منطقة القلعة وقصر البارون، فى إطار تعظيم الاستفادة من المناطق الأثرية ورفع كفاءة الخدمات أمام الزائرين.

 

وقال العناني، فى وقت سابق: إن وزارته تعتزم طرح خدمات القلعة بحيث تتم إقامة كافتيريات متنقلة، بهدف الاستغلال الأمثل للمنطقة الأثرية، وألا تكون مقتصرة على المسجد فقط.

وفي إبريل 2018، أقرّ البرلمان وبشكل نهائي قانونا مقدما من الحكومة بشأن تعديل بعض أحكام القانون رقم (117) لسنة 1983 بإصدار قانون حماية الآثار. وبالرغم من أن القانون كان يحتاج بالفعل إلى تعديلات كبيرة، كان من شأنها أن تقوم بمنح وزارة الآثار سلطة أكبر تُمكنها من الحفاظ على الآثار التي تنهار وتنهب يوما بعد يوم، إلا أن التعديلات الأخيرة جاءت مخيبة للآمال، في حين مكنت العسكر من التحكم في البقية الباقية من آثار مصر!.

 

العسكرة المباشرة لآثار مصر تتضح في المادة: “تتولى إدارة المتاحف العسكرية كافة مسئوليات ومهام أعمال الإشراف والإدارة والتأمين فيما يخص المتاحف”، وليس أقل خطرا من هذا ما جاء في المادة العاشرة، حيث حُذف لفظ مهم وخطير من ألفاظ القانون الأصلي الذي كان ينص على: “يجوز بقرار من رئيس الجمهورية، عرض بعض الآثار غير المتفردة والتي تحددها اللجان المختصة في الخارج لمدة محددة …”، واللفظ المحذوف هو “غير المتفردة”، وهذا سيفتح الباب واسعا لإخراج أية آثار من مصر مهما كانت نادرة أو مهمة، وهذا بالفعل حدث قبل إقرار هذا القانون، عندما تم إخراج مقتنيات الفرعون الصغير “توت عنخ آمون” مؤخرا، لعرضها في معارض خارجية ولمدة خمس سنوات مقبلة!، وهذه النقطة من النقاط المهمة التي لم تقترب منها جميع التعديلات الملحقة بالقانون منذ إصداره عام 1983.

 

وتعمّقت العسكرة أيضًا، في المادة (18 مكرر)، والتي أضيفت في التعديلات الأخيرة وتنص على أن “تتولى إدارة المتاحف العسكرية كافة مسئوليات ومهام أعمال الإشراف والإدارة والتأمين فيما يخص المتاحف العسكرية”، والحجة في ذلك أنها أسرار عسكرية، وكأنها لم تكن عسكرية قبل هذه التعديلات ففطنوا الآن إلى أنها أسرار عسكرية يجب ألا تُفشى!”.

 

أما المادة (31) فقد أضيف للنص القديم فيها؛ ما يجعل للعسكر السلطة الأعلى في مصر، فقد جاء البند كالتالي: “يرتب المجلس بعد الرجوع لوزارة الدفاع والجهات الأمنية المعنية أولويات التصريح للبعثات والهيئات بالتنقيب عن الآثار”. حيث أُضيفت بعد الرجوع لوزارة الدفاع، ومقصود (بالمجلس) هنا- بعد التعديلات- وزارة الآثار حاليا، وتشترط المادة رجوع وزارة الآثار إلى وزارة الدفاع قبل التصريح للبعثات والهيئات المختصة بالتنقيب عن الآثار!.

 

 

أما المادة التي نادى معظم المختصين بتعديلها وهي المادة (30)، والتي لم تمكن وزارة الآثار من السلطة الكاملة على كل الآثار الإسلامية والقبطية بكل من وزارة الأوقاف والكنيسة المصرية، فقد ظلت على حالها، مما يعرض كل من الآثار الاسلامية والقبطية التي ما زالت تحت سلطة الأوقاف والكنيسة للضياع!

 

 

وفي المادة الثانية من القانون والتي تعد من أخطر التعديلات، تم تغيير مسمى “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية” كي تصبح “اللجنة الدائمة للآثار الإسلامية والقبطية واليهودية”، وهذه جريمة في حد ذاتها، فأين هي الآثار اليهودية في مصر والتي من أجلها نضع لها فرعا من فروع آثارنا، إنه لأمر خطير جدا؛ فالتراث اليهودي في مصر لا يضم أكثر من عشرة معابد؛ كلها عبارة عن مبان صغيرة معظمها لا يتجاوز عمره أكثر من مائة عام وهي مهجورة منذ زمن طويل.

 

وطبقا لهذه المادة الخطيرة، فقد يتم التمكين لليهود من هذه الأماكن في مصر، كما يتم التمكين للأوقاف وللكنيسة من ضم الآثار الإسلامية والقبطية إليهما، وليس من المستبعد أيضا أن نجد للآثار اليهودية قسما في كليات الآثار في مصر! وما يدعونا إلى أن نعتبر أن هذه التعديلات جاءت في الأصل من أجل تحقيق ذلك لليهود؛ هو أن مشروع القانون ذكر في أول هدف من أهدافه: “حماية الآثار المصرية باختلاف أنواعها وحقبها التاريخية”!، وكأن التعديلات وضُعت من أجل اثبات حق لليهود في مصر.

 

 

عسكرة التعليم

 

وفي أغسطس 2019 ، وقّعت وزارة التربية والتعليم ووزارة الدفاع ، بروتوكول تعاون بهدف استغلال السنة الأولى بمدارس التعليم الفني كفترة تأسيس عسكري للطلاب لـ”تحسين حالة انضباط الطلاب وانتمائهم للوطن“.

وأوضحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، أنه سيتم تنفيذ بروتوكول التعاون بدءا من العام الدراسي 2020/2019، في 27 مدرسة فنية صناعية، بواقع مدرسة في كل محافظة من محافظات الجمهورية.

 

ووفقا للبروتوكول الموقع، تعتبر المقررات العسكرية مواد نجاح ورسوب، ويُدرسها ضباطٌ من رجال الدفاع المدني.

وشهد النظام التعليمي في مصر خلال الآونة الأخيرة، انحدارًا على المستوى العلمي والأخلاقي، فضلا عن عسكرته من قِبل النظام الحالي، بعد تدخل الشئون المعنوية في توزيع الوجبات الغذائية وإلزام الطلبة بغناء أغنية الصاعقة “قالوا ايه“.

بجانب توس المؤسسة العسكرية في بناء وادارة المدارس اللغات، كبد وغيرها من المدارس الدولية، الاستثمارية..

 

واحتلت مصر المركز قبل الأخير فيما يتعلق بجودة التعليم من إجمالي 140 دولة على مستوى العالم، طبقًا لتقرير التنافسية العالمية لعام 2016 والذي يصدر سنويًا عن المنتدى الاقتصادي العالمي، وفي 2017 خرجت نهائيا من التصنيف العالمي لجودة التعليم، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، خلال المسح الذي تجريه كل 3 سنوات، عن جودة التعليم العالمي.

وسيطر الجيش على قطاع التغذية المدرسية، من خلال جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة المصرية، بعد تعاقد وزارة التعليم منذ العام 2017، مع جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة؛ لتوريد التغذية المدرسية للطلاب.

 

وتحمل أغلفة وجبات التغذية المدرسية، شعار «تحيا مصر»، وتنويها يقول “معبأ خصيصا لصالح جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ق.م“.

 

وشركة النصر للخدمات والصيانة «كوين سرفيس»، هي إحدى شركات جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابعة لوزارة الدفاع في مصر، وهي المعنية بالإشراف على مشروع التغذية المدرسية، وتحمل أغلفة الوجبات المقدمة للتلاميذ اسم الشركة.

 

وسبق أن شارك «جهاز الخدمة الوطنية»، في تصنيع الوجبة المدرسية خلال العام الماضي على نطاق ضيق في 6 محافظات فقط، بينما في العام 2019 تم إدخال وجبته لـ95% من مدارس محافظات مصر.

وبرزت حينها حوادث التسمم، أبرزها في سوهاج والشرقية. كما تدخل العسكر بشكل فج في التعليم، وتحولت بعض المدارس إلى لجان انتخابية، ووقف الطلاب فى طوابير مصفوفة فى انتظار إجراء عملية التصويت وانتخاب رئيس الجمهورية، وذلك بزعم محاكاة الانتخابات الرئاسية، لتعليم الأطفال المشاركة السياسية.

 

وفي سبتمبر 2017 ومع بداية العام الدراسي الجديد، شهدت المدارس اصطحاب بعض ضباط الشرطة لأبناء قتلى الداخلية، تحت مسمى “تقديرًا لعطاء وتضحيات آبائهم“.

 

وكان اللواء خالد عبد العال، مساعد الوزير لقطاع أمن القاهرة، كلف أول وفد يضم عددًا من ضباط المديرية من كافة الجهات (مرور – حماية مدنية – الإعلام والعلاقات – مكافحة العنف ضد المرأة)، بتنظيم زيارة بدأت بالتوجه لمنازل أبناء ضباط الجيش، واصطحابهم إلى مدارس.

 

وقام وفد المديرية بحضور الطابور الصباحي الأول في العام الدراسي بجانب أبناء الضباط، وقاموا بتوزيع الأعلام وعدد من الأدوات المدرسية المعدة بمعرفة قطاع حقوق الإنسان، على طلبة المدرسة وقد قام مدير المدرسة بإلقاء كلمة افتتاحية بدأها بدقيقة حداد على قتلى الشرطة.

 

الأمر لم يقتصر على هذا الحد وحسب؛ حيث قررت مديرية التربية والتعليم بمحافظة القاهرة، استثناء أبناء أعضاء الهيئات القضائية والشرطة والقوات المسلحة، عن موعد القبول المقرر في دور رياض الأطفال والمدارس.

 

ووجهت المديرية بقبول الطلاب في الصفوف التي تتفق مع مستواهم الدراسي بالمدارس المنقولين إليها، مشيرة إلى أن ذلك يأتي تنفيذا لقرار محافظ القاهرة.

 

 

 

استيلاء المخابرات على المشروعات المتعثرة

 

وفي  10 يوليو 2019 ومن أجل  تكريس العسكرة في كل مناحي الحياة وقطاعات الدولة المصرية وتقليص الوجود المدني، أسند السيسي ملف المشروعات المتعثرة إلى دائرته الخاصة، المكونة من المخابرات العامة والرقابة الإدارية، وذلك بإصدار قرار بضم ممثلٍ للمخابرات وآخر عن الرقابة الإدارية إلى اللجنة المشكلة منذ العام 2017، لمتابعة ودراسة المشاريع الحكومية المتعثر إنهاؤها، والمرغوب حاليا في إعادة استثمارها وتسويقها، بالتعاون مع الأجهزة السيادية، كالجيش والمخابرات والرقابة.

 

هذه اللجنة كانت قد تشكلت برئاسة رئيس الحكومة الأسبق إبراهيم محلب، باعتباره مساعدا للسيسي لشئون ما تسمى بالمشاريع القومية والاستراتيجية، وباشرت مهام عملها لفترة وجيزة ثم جُمدت عمليًا؛ بسبب سوء حالته الصحية، فضلا عن اختلاف الهدف المراد منها في نظر السيسي ودائرته عما كان يتصور محلب أنه مكلف بتفعيله.

 

لكن تبين بمرور الوقت بحسب مصدر حكومي، أن الهدف من تشكيل اللجنة هو منح الجيش والأجهزة السيادية، التي دخلت على خط الاستثمارات والمشاريع الهادفة للربح، كالمخابرات العامة والرقابة الإدارية ووزارة الداخلية، أفضلية على حساب الوزارات المعنية بالمشاريع القومية، للسيطرة عليها، وإعادة التعاقد بشأنها وإعادة هيكلتها بما يتماشى مع الاتجاه الجديد للنظام، لإضعاف الأداء الحكومي المدني وتقييد سلطات الوزراء وفرض رقابة من أجهزة مختلفة عليهم، وتعظيم الاعتماد على تلك الأجهزة ذات الطابع النظامي.

 

وتجلى تكريس هذه الرؤية أنه مقابل ضم ممثلي المخابرات والرقابة الإدارية إلى هذه اللجنة، فقد تم تخفيض عدد ممثلي الجهات الحكومية المدنية إلى شخصين اثنين فقط، هما ممثل لوزارة التخطيط وآخر عن الوزارة أو المحافظة التي يدخل المشروع، محل الدراسة أو إعادة الهيكلة، في نطاق عملها.

 

لكن القرار الأخير الذي أصدره السيسي استبعد ممثلي أجهزة الدولة المتعاقدة والمسؤولة عن تنفيذ تلك المشاريع، ما يعني ضمنيا وواقعيا إسناد التعاقدات والتنفيذ إلى الجيش أو المخابرات أو الرقابة. وتضم هذه اللجنة، إلى جانب الممثلين المباشرين للجهات النظامية الثلاث، كلاً من رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، الذي حل بدلاً من محلب في كل اللجان الرئاسية، ومستشار السيسي لشؤون مكافحة الفساد اللواء محمد عمر هيبة، ومستشار السيسي لشؤون التخطيط العمراني اللواء أمير سيد أحمد، وممثلين لرئاسة الجمهورية.

ولعل السبب المباشر وراء إعادة تشكيل اللجنة هو استغلال الأفضلية التي منحها السيسي للجيش والمخابرات والرقابة الإدارية في قانون التعاقدات الحكومية، الذي صدر في أكتوبر 2018، ودخل حيز التنفيذ في نوفمبر من العام نفسه، والذي يسمح لكل من وزارات الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية، وأجهزتها جميعا، في “حالات الضرورة التي يقتضيها الأمن القومي” التعاقد بطريقة المناقصة المحدودة، أو المناقصة على مرحلتين، أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر.

 

هذا النص- بحسب خبراء- يعتبر تكريسًا وتقنينًا لوضع غير دستوري قائم على التمييز الإيجابي لتلك الوزارات وأجهزتها على باقي الوزارات والشركات، وخصوصا أن تعبير “الأمن القومي” يبلغ من الاتساع ما يُمكن كل وزارة من تفسيره كما تشاء، وما يضمن لها أن تُدرج تحته كل تعاقداتها. علما أن المشروع يضمن “سرية استثنائية” لخطط البيع والشراء المندرجة تحت اعتبار “الأمن القومي” بعدم نشر أي معلومات عنها على بوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية.

 

وبسبب اشتمال القانون المشبوه على مواد تسمح للمرة الأولى بتعاقد جميع الهيئات والإدارات الحكومية مع بعضها البعض، بالأمر المباشر، دون اتباع المناقصات أو المزايدات، أو حتى الممارسات المحدودة، فإن هذا يتيح أفضلية استثنائية لأجهزة الجيش والمخابرات والرقابة التي تمارس أنشطة هندسية وتجارية، للسيطرة على المشاريع الحكومية المختلفة، من دون منافسة من رجال الأعمال والشركات المحلية والأجنبية.

 

ووفقا للمصدر الحكومي، فإن نظام العسكر يتجه إلى “عقد شراكات جديدة بين الأجهزة التابعة لتلك الجهات النظامية، وصندوق مصر السيادي، الذي صدر قانون بإنشائه في أغسطس 2018، لاستثمار الأصول غير المستغلة، ونقلها من مجال المال العام إلى مجال المال الخاص بالدولة القابل للاستثمار بالبيع أو التأجير”…

ومن ثم فإن المشاريع القومية المتعثرة، أو المهملة، أو حتى الناجحة، يمكن نقل مسؤوليتها إلى هذه الشراكات الجديدة، من خلال عمل اللجنة نفسها، والاستفادة من المادة 19 من قانون الصندوق السيادي التي تنص على إعفاء المعاملات البينية للصندوق والكيانات المملوكة له من الضرائب والرسوم، باستثناء توزيعات الأرباح…

وكان السيسي قد شكل لجنة في العام 2018، برئاسة شريف إسماعيل رئيس حكومة الانقلاب السابق، لإعداد قائمة كاملة بالأصول الحكومية غير المستغلة، تمهيداً لضمها بقرار جمهوري للصندوق السيادي الجديد، وأن تعمل اللجنة على تطوير عمل لجنة عليا سابقة كانت مشكلة برئاسة مدير المخابرات  عباس كامل منذ عامين لحصر الأصول غير المستغلة.

 

وكانت القيود التي وضعها قانون المزايدات والمناقصات الصادر سنة 1998م، من أجل تحقيق الشفافية في التعاملات الحكومية، تسببت في ضيق نظام العسكر وإصدار قانون التعاقدات الحكومية، هرباً من تقييد القانون السابق لسلطة الجهات الحكومية المختلفة في التعاقد بالأمر المباشر مع مستثمرين أو شركات مقاولات أو شركات خدمات بعينها، حيث كان الجهاز المركزي للمحاسبات، خصوصاً في عهد رئيسه السابق المحبوس حالياً هشام جنينة، يسجل ملاحظات متكررة ببطلان البيوع وصفقات الشراء التي تعقدها الجهات الحكومية، بما فيها الأجهزة السيادية والأمنية، بالأمر المباشر من دون اتباع المناقصة أو المزايدة، بل وأحال الجهاز بعض تلك الحالات للنيابة العامة للتحقيق في شبهات فساد.

 

وزعمت حكومة الانقلاب أن القانون الجديد صدر استجابة لشروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لضمان مزيد من الشفافية في التعاقدات الحكومية، لكن الحقيقة أن القانون يتضمن قيودا على العروض التي يتقدم بها المستثمرون، في الوقت الذي يحرر الأجهزة العسكرية والسيادية، الممارِسة لنشاط الاستثمار، من أي قيود أو رقابة. ما يمثل تمييزا إيجابيا للجيش والمخابرات وأجهزة الحكومة على حساب القطاع الخاص والمستثمرين عموما.

 

عسكرة القضاء والسلك الدبلوماسي

 

يشار إلى أنه حين تم الكشف في يوليه 2017 عن تنحية وإبعاد 12 دبلوماسيا مصريا بدعاوى أنهم مؤيدون لثورة يناير والإخوان، تم الكشف أيضا أنه يجري ضمن “عسكرة الخارجية” إرسال الملحقين الدبلوماسيين الجدد للتدرب ستة أشهر في “الكلية الحربية” بالنسبة للشباب، و”معهد التمريض” بالنسبة للفتيات بجانب شهر تقريبًا في المخابرات العامة، كي يكتسبوا “صفات عسكرية”!.

 

وروى قاض في إحدى الهيئات القضائيّة لـ “المونيتور” أنّه تلقّى دورة “الدراسات الاستراتيجيّة والأمن القوميّ” في أكاديميّة ناصر العسكريّة العليا “بتكليف رسمي”، مشيرا إلى أنّ “حضور هذه الدورات أصبح إلزاميّا ومعمّما على جميع أعضاء الجهات القضائيّة” وهذه الدورة مدّتها أسبوعان، بواقع 6 ساعات تدريبيّة في اليوم الواحد.

 

وإلزام الصحفيين والدبلوماسيين والقضاة بحضور تلك الدورات يعتبر نوعا من التجنيد الفكريّ، ولا ينبغي أن يفصل عن سياقه الأكبر في إطار محاولات النظام للسيطرة الكاملة على المؤسّسات فهذه الدورات تمثّل الجانب الأيديولوجيّ للسيطرة، واعتناق أفكار النظام العسكري.

 

عسكرة البحوث الطبية والإكلينيكية

 

في 12 أبريل 2018 ، وخلال مناقشة قانون البحوث الطبية في البرلمان تجلت العقلية العسكرية الحاكمة في مصر والتي لا تريد سوى السيطرة على كل شيء، حيث اشترط ممثل وزارة الدفاع موافقة المخابرات العامة على عمل المراكز البحثية العاملة في البحوث الطبية والاكلينيكية، وهو ما يعد تدخلا سافرا في البحث العلمي، الذي يواجه تراجعا كبيرا في مصر منذ الانقلاب العسكري.

 

وطالب اللواء خالد عيسى عامر، ممثل وزارة الدفاع، بتبني مطالب وزارة الدفاع في اللائحة التنفيذية للقانون.

 

وطالب ممثل وزارة الدفاع بالاجتماع، بضرورة مناقشة آليات التفتيش بشكل واضح للمنشآت العسكرية، بلائحة القانون التنفيذية، مضيفا: “وهذا الأمر لا يعد تنصلا من المسئولية، ولكن التجارب ليست دواء فقط، ولا سيما في ظل وجود أبحاث تجرى ليس لها علاقة بالدواء”.

 

ودعا لتشكيل لجنة معنية للتفتيش والتعامل مع الجهات المعنية بشفافية ورقابية، معلنا تأييد الوزارة للمادة العاشرة والتي تنص على تشكيل اللجنة المؤسسية لأخلاقيات البحوث الطبية الإكلينيكية وربط لجانها الفرعية بلجنة مركزية.

 

وأشاد ممثل الدفاع بالمادة ٢٥ فقرة ٤، والتي تنص على عدم خروج أية عينات بشرية تخص البحوث الطبية من جمهورية مصر العربية، لأي غرض، ويستثنى من ذلك حالة الضرورة التي يصدر بها قرار بالموافقة من المجلس الأعلى بعد استطلاع رأي جهاز المخابرات العامة، على النحو الموضح الذي تبينه اللائحة التنفيذية في اللائحة التنفيذية.

ونص القانون الذي يتضمن 12 فصلًا، على إنشاء مجلس أعلى للبحوث ويشكل بقرار من وزير الصحة، وله مهمة وضع الضوابط الخاصة بالبحث وأخلاقياته، واشترط أن يرسل المجلس الأبحاث الطبية إلى جهاز المخابرات العامة لاستطلاع الرأي بفرض الحفاظ على الأمن القومي، وأيضًا أحكام استخدام العينات البشرية الخاصة بالبحوث الطبية واللجان المؤسسية.

 

ويمنح القانون صفة الضبطية القضائية للموظفين القائمين على تنفيذه، وأيضًا مراحل إجراء الأبحاث الطبية الإكلينيكية وحقوق المبحوثين والالتزامات الملقاة على راعي البحث الطبي.

ويعد التدخل السافر من قبل وزارة الدفاع المتحكمة في كل شيء في مصر، خطوة خطيرة نحو عسكرة البحث العلمي، وتحويله للبيزنس الذي يعشقه العسكر.

 

وبحسب مراقبين، فإن هذا التدخل أحد أسباب تدمير البحث العلمي ورفع مصر من خريطة الأبحاث، وترك الأمر للجهات الأمنية تحتكر ذلك.

 

حيث إن الانقلاب العسكري يريد سيطرة الأمن على كل شيء في مصر حتى البحث العلمي، واحتكار الجيش له وحده.

 

ويعاني البحث العلمي في مصر، من أزمات الإهمال والتهميش في موازنات الدولة منذ الانقلاب العسكري، وبالرغم من أن الدستور يدعو إلى تخصيص نسبة لا تقل عن 1% لدفعه، وهو ما جرى تجاهله مع نصوص أخرى فى الدستور، فلم يتحقق حتى الآن!.

 

وقد اندثرت في الفترة الأخيرة العشرات من المراكز البحثية؛ بسبب ضعف التمويل الحكومى ثم الصعوبات المتزايدة فى الحصول على ما يعوض نقص التمويل المحلى أو عدم وجوده أصلا. وفق الدكتور مصطفى كامل السيد.

 

وبحسب دراسات، فإن المشكلة الحقيقية تكمن فى إدارة البحث العلمى وسياساته، وليس فى تمويل الأبحاث العلمية، بلغ عدد الباحثين فى مصر 125 ألفا فى عام 2014 وطبقاً لليونيسكو، فإن 1.5 من ألف عامل فى مصر يعملون فى البحث العلمى، بينما كانت النسبة 11 فى سنغافورة، و7.9 فى أمريكا، و7.8 فى بريطانيا، أما إسرائيل فكانت النسبة 16 من ألف عامل يعملون فى البحث العلمى، وأما عن إنتاج مصر فى الأوراق البحثية، فجاءت مصر فى المرتبة 31 فى إنتاجية الأوراق البحثية فى مجال التكنولوجيا الحيوية فى عام 2016، وجاءت إسرائيل فى المرتبة الـ41 فى العام نفسه، والمثير للجدل فى هذا أنه فى عام 2014 تم استثمار 801 مليون دولار فى 167 شركة ناشئة إسرائيلية فى مجال التكنولوجيا الحيوية.

 

بينما كان الأمر أقل من عدد أصابع اليد الواحدة، سواء كان فى الاستثمار، أو عدد الشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا الحيوية، وهذا ليس بسبب التمويل فى مصر، ولكن بسبب غياب الرؤية وتدهور حالة حقوق الملكية الفكرية، والهجرة الجماعية للعلماء خارج مصر، مع وجود قوانين تمنع الباحثين فى الجامعات الحكومية من إنشاء شركات ناشئة، فنستطيع أن نقول إن إنتاج مصر فى البحث العلمى، لا يساعد فى تقدم الإنسانية، ولكنه يساعد فى التقدم للترقية.

 

عسكرة الأجهزة التنفيذية ووكلاء الوزارات

 

وإلى جانب ما سبق، يجري عسكرة معطم الوظائف القيادية في الوزارات، ويسيطر اللواءات السابقين، من رجال الجيش على مناصب وكلاء الوزارات في وزارات التعليم والصحة والزراعة والري…وغيرها.

وأيضا يترأس رجال الجيش والشرطة الأجهزة التنفيذية والهيئات المستقلة في مصر..

ومن عينة ذلك، ما صدر في

7 نوفمبر 2017 ، من قبل مصطفى مدبولي، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية -آنذاك-  بقرار وزاري رقم 953 لسنة 2017، بتولي اللواء مصطفى خليل خليل إبراهيم، القيام بمهام رئيس الجهاز المركزي للتعمير، ونص القرار على تفويضه في الاختصاصات المالية والإدارية المقررة لشاغل تلك الوظيفة، كما يرأس أو يشترك في عضوية اللجان التي يشترك فيها رئيس الجهاز المركزي للتعمير بصفته الوظيفية أو الشخصية.

وتشهد كل الوزارات والمؤسسات الحكومية تعيين عدد من اللواءات والقيادات العسكرية في المناصب القيادية من أجل فرض السيطرة العسكرية على مفاصل الدولة، التي باتت تعج بالعسكريين، وهو ما يحرم الكفاءات المدنية من فرصها الوظيفية ومن ثم الحرمان من أفق الإبداع والعودة بالمؤسسات إلى عهد تمام يا أفندم وما يحويه من فساد وضبق أفق وتقليل فرص الإبداع.

 

 

عسكرة الاعلام

ولحماية التمدد العسكري، وضمان تغييب الوعي الجماهيري عن كوارث الواقع، سعى السيسي لفرض سيطرة اعلامية شاملة، بقمع الاعلام والصحافة وحجب الالاف من الصفحات والمواقع ، حتى لا يسمع المصريون الا ما يريد السيسي ان يوصله إليهم..

فبحسب ،  قطب العربي، مدير المرصد العربي لحرية الإعلام، خلال ندوة نظمها المركز مؤخرا، تصاعدت عسكرة الإعلام في مصر خلال عام 2019، والتي بدأت منذ عام 2013 وبلغت ذروتها في العام 2019، مضيفًا أن مصر لا تزال في القائمة السوداء والمُظلمة في حرية الصحافة عالميًّا، وتحتل المركز الـ163 من بين 180 دولة وتزداد سوءًا عامًا بعد عامًا.

وباتت المنظومة الإعلامية في مصر مملوكة  للأجهزة الأمنية، ممثلة في المخابرات العامة والمخابرات الحربية، تحت صندوق استثماري يسمى “إيجيل كابيتال”، والذي يدير استثمارات القوات المسلحة، وضمن هذا الصندوق هناك شركة اسمها “إعلام المصريين” تستحوذ على ما يقرب من 80% من القنوات الخاصة في مصر والتي تديرها مجموعة من الضباط.

 

وأوضح أن منظومة إعلام الانقلاب لجأت خلال عام 2019 إلى عملية إحلال وتجديد في بعض القنوات، من خلال تنقلات المذيعين لتحسين الأداء، بعد عزوف المواطنين عن مشاهدة هذه القنوات وتوجههم لمشاهدة قنوات المعارضة في الخارج، مثل الجزيرة ومكملين والشرق ووطن والعربي، والقنوات العالمية مثل بي بي سي وغيرها.

كما جرى  إعادة وزارة الإعلام بعد أن ألغيت بموجب دستور 2012، في محاولة لتحقيق حلم السيسي في إعلام الصوت الواحد المشابه لإعلام الستينيات إبَّان فترة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

 

 

وتضمنت العسكرة، لائحة الجزاءات التي صدرت من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام؛ بهدف فرض مزيد من اقيود على حرية الصحافة والإعلام تقربًا لسلطات الانقلاب العسكري.

 

ومن ضمن العسكرة المتصاعدة، إصدار سلطات الانقلاب أحكاما مغلظة بحق الصحفيين المعارضين في الخارج، والتنكيل بأسرهم واعتقال ذويهم بهدف الضغط عليهم وإسكاتهم.

 

ولفت العربي إلى أن التدابير الاحترازية كانت ظاهرة لافتة في عام 2019 كبديل عن عقوبة الحبس الاحتياطي، وزيادة أعداد المحبوسين خلال عام 2019؛ حيث تم اعتقال 35 صحفيا للمرة الأولى، بالإضافة إلى 5 صحفيين حصلوا على إخلاء سبيل، وتم إعادة اعتقالهم بتهم جديدة، وتم الإفراج عن بعضهم والبعض الآخر لا يزال قيد الاعتقال.

 

عسكرة فجة للاعلام لضمان اخفاء الواقع وتزييفه

 

 

وفي 14 أغسطس 2018 ،

أعلن مكرم محمد أحمد، الرئيس السابق للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، افتتاح أول دورة لعسكرة الصحافة باسم الكاتب الصحفي “أنيس منصور” تحت عنوان “الدراسات الاستراتيجية والأمن القومي” برعاية رئيس المجلس واللواء أركان حرب “صفوت الديب” مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا، والتي تُنفذ بالتعاون مع كلية الدفاع الوطني وذلك في الفترة من الثاني عشر من أغسطس 2018 وحتى الرابع من سبتمبر 2018 في مبنى الإذاعة والتلفزيون.

 

وبحسب تصريحات مكرم فإن هذه الدورة، مخصصة لمديري تحرير الصحف والقنوات بإجمالي 61 متدربا من 22 جريدة و5 قنوات، تحت إشراف لواء أركان حرب ياسر عبد العزيز، مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا.

 

وفي بداية كلمته، رحب مكرم محمد أحمد” باللواء أركان حرب بهجت محمد فريد مدير كلية الدفاع الوطني والحضور ، مؤكدا أهمية هذه الدورة واعتبرها العمود الفقري لكافة الدورات التي عقدها ويعقدها المجلس الأعلى، مؤكدا  أهميتها والتي تتضمن كافة المناصب ابتداءً من رئيس قسم وحتى رئيس تحرير وعملها على تأهيل القيادات الصحفية والإعلامية لمواجهة التحديات الراهنة بتعاون الأكاديمية مع المجلس وزيادة وعي الصحفي وتأهيله لمعرفة أهمية الأمن القومي المصري حتى يستطيع تقييم الأحداث ومعرفة العدو من الصديق.

 

وللتأكيد على هذ الدورة وأنها ليست الأولى ، صرح مكرم محمد أحمد أن كبار الصحفيين حصلوا على هذه الدورة وضرب مثلًا بالكاتب الصحفي ياسر رزق، الذي يتولى حاليا رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم والمقرب من النظام، وقال: “أتوقع الفائدة من هذه الدورة التدريبية ستنعكس على مانشيتات الصحف والحكم العادل في كل القضايا خاصة أن الأمن القومي أصبح معرفة حقيقية مطالب بها الصحفي في مكانه”.

 

وهدفت الدورة لتشكيل فكر القيادات الصحفية والإعلامية الموالية للنظام وتأتي في سياق سيطرة النظام على مفاصل الإعلام ماليا واقتصاديا وتحريريا وحتى بلورة أفكار القيادات الإعلامية التي يفترض أن تتولى مناصب كبرى في مشروعات النظام الإعلامية.

 

وبحسب مراقبين فإن هذه الدورات تستهدف تصنيف القيادات الإعلامية في الصحف والفضائيات الموالية للنظام ومراقبة أفكار وأطروحات المشاركين لمعرفة توجهاتهم تجاه النظام لاختيار من يقودون الآلة الإعلامية للنظام صحفيا وفضائيا وإبعاد من تحوم حولهم شبهات عدم الثقة في النظام وتوجهاته.

ويتزامن هذا الإجراء مع توجهات النظام الرامية لإبعاد وجوه إعلامية قديمة خدمت في بلاط النظام لسنوات طويلة، حتى استهلكت وفقدت مصداقيتها وشعبيتها بين الناس.

 

خاتمة

وامام تلك الوقائع الدامغة على توغل العسكر على المجتمع المصري، تتزايد مخاطر الانفجار والفوضى في مصر، رغم القبضة الأمنية، إذ أن الثورات تخلق في مثل تلك الأجواء..

حيث يتبع السيسي نظاما قممعيا ديكتاتورية بشكل كامل لا يسمح لأحد أن يتكلم أو يعمل أو يعيش إلا في ظل البيادة العسكرية..وهو ما لا تحمد عقباه طال الزمن أو قصر..

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022