سقطرى .. الجزر المنهوبة (2)

 

سعت الإمارات للسيطرة والهيمنة على سقطرى اليمنية باستخدام الأساليب الغير مشروعة، ودون النظر للنتائج التي تخلفها سياستها على المجتمع السقطري، وذلك لعدة دوافع تسعى الإمارات وحكامها لتحقيقها، كإنشاء الإمبراطورية الإقتصادية على سواحل ومؤاني الشرق الأوسط والسعي لتكوين شخصية في مجتمع التجارة العالمي، وإكتساب نقاط قوة في نزاعها مع تركيا للسيطرة على المؤاني ومراكز النفط في الشرق، واستمرارا لسياستها في الحرب على الإسلام السياسي وجماعة الإخوان، وفرض شخصيتها في المنطقة وإن كان على حساب حليفتها السعودية .وأخير تنفيذا لأجندات إسرائيل في المنطقة العربية، والتي تسعى دائما لجعل المنطقة في صراع دائما كي تحافظ على بقائها.

ولم تكتفِ الإمارات باحتلال جزيرة سقطرى، بل اتّخذت العديد من الخطوات الهادفة إلى إلغاء الهوية اليمنية للجزيرة، وفي مقدّمة ذلك منح الجنسية الإماراتية لكلّ الراغبين من “السقطريين” الذين لا يتجاوز عددهم أصلاً عشرات الآلاف، فضلاً عن ربط شبكة اتّصالات الأرخبيل بشبكة الاتصالات الإماراتية (كود إماراتي).

 ثم قامت بتسليم الجزيرة الاستراتيجية للأيادي الصهيونية، وهو الدافع الإماراتي الرئيسي لاحتلال الجزيرة و الذي ظهرت كافة تفاصيلة في الشهرين المنصرمين (أغسطس – سبتمبر)، بعدما كانت تنفي الإمارات وجودة، حتى تمكنت من تحقيقه، حيث ، حيث حرصت إسرائيل على إخفاء بصمتها في مجريات الحرب، لا سيما في مجالَي الاستخبارات ونقل التجربة، لكنها مع ذلك لم تستطع تمويه حضورها المباشر في معارك الساحل الغربي وقدوم ضباطها وقياداتها إلى ميناء المخا، وفق ما تؤكّد المعطيات المتوافرة لدى صنعاء.

 

أهمية سقطرى:

إن موقع الجزيرة على المحيط الهندي، والمطل على خليج عدن في نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب، يمكّن الطرف الإقليمي الذي يسيطر على الجزيرة من تحقيق نفوذ إقليمي وتجاري وعسكري، بما في ذلك إشرافه على طرق التجارة العالمية، كما أن التنوع البيئي في الجزيرة، بما في ذلك مواردها النباتية والحيوانية الفريدة، مغرٍ للدول المتدخلة في اليمن لاقتطاع جزيرة سقطرى، أو ترتيب وضع خاص فيها.

وقد ذكر “علي الذهب” وهو باحث يمني في الشؤون العسكرية، لـ”الأناضول”، إن “سقطرى تكتسب أهمية حيوية؛ لكونها تقع في دائرة السيطرة على البحر الأحمر وخليج عدن وخطوط تدفق نفط دول الخليج العربي إلى خارج المنطقة، وخطوط الملاحة الدولية عموماً، و يُمكِّن السفن من الرسو فيها، مع ما توفره طبيعة سواحلها المتعرجة من حماية للسفن من الرياح العاتية”، وأوضح أن “الموقع الاستراتيجي للجزيرة يلبِّي طموحاً عسكريّاً لمن يسيطر عليها؛ لما يمكن أن تقدمه القواعد التي قد تقام على مثل هذه الجزيرة من تسهيلات للتدخل العسكري في دول بالمنطقة، لا سيما المضطربة منها”.

 

كشف الستار عن الدافع الحقيقي للإمارات في سقطرى

كشفت تقارير صحافية أن الإمارات وفرت موطئ قدم لإسرائيل في اليمن، عبر جزيرة سقطرى اليمنية الإستراتيجية، لإنشاء مرافق عسكرية واستخبارية، لرصد تحركات البحرية الإيرانية في المنطقة، وتحليل الحركة البحرية والجوية في جنوب البحر الأحمر.

وكشف تحقيق فرنسي عن إنشاء إسرائيل قواعد استخباراتية في جزيرة سقطرى اليمنية بالتعاون مع الإمارات ضمن تعاون سري مستمر منذ عدة أعوام لتكريس احتلال الجزيرة ذات الموقع الإستراتيجي، ومراقبة تحركات الحوثيين والسيطرة على الملاحة البحرية في المنطقة، وقال التحقيق الذي نشر في موقع “jforum” (المنتدى اليهودي) الفرنسي، إن إسرائيل بدأت منذ 2016 بناء أكبر قاعدة استخبارات في حوض البحر الأحمر في جبل “أمباساريا” الواقع في إريتريا في المنطقة الإستراتيجية المطلة على مضيق باب المندب، وبحسب التقرير، تقوم إسرائيل والإمارات، بكافة الاستعدادات اللوجستية لإنشاء قواعد استخباراتية لجمع المعلومات في جميع أنحاء خليج عدن من باب المندب وصولاً إلى جزيرة سقطرى التي تسيطر عليها الإمارات.

و لفت تقرير صادر عن موقع “ساوث فرونت” الأميركي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، إلى عزم الإمارات وإسرائيل، إنشاء مرافق عسكرية واستخبارية في جريرة سقطرى، جنوب شرقي اليمن، والموقع يديره فريق من الخبراء والمتطوعين، ويركز على قضايا العلاقات الدولية والنزاعات المسلحة والأزمات، إضافة إلى تحليل العمليات العسكرية، والموقف العسكري للقوى العالمية الكبرى، ونقل الموقع الأميركي، عن مصادر عربية وفرنسية، لم يسمها، أن “الإمارات وإسرائيل تعتزمان إنشاء بنية تحتية لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في جزيرة سقطرى اليمنية” وأوضحت المصادر أن “وفدا ضم ضباطا إماراتيين وإسرائيليين، قاموا بزيارة الجزيرة مؤخرا، وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية” وأشارت إلى أن انهيار الدولة اليمنية وعدم الاستقرار المستمر، مهدا الطريق للإمارات.

كما اتهمت جماعة “الحوثي” الإمارات بإرسال خبراء إسرائيليين إلى جزيرة سقطرى الاستراتيجية جنوب شرقي البلاد.جاء ذلك في تصريحات لهاشم سعد السقطري، محافظ سقطرى المعين من طرف الجماعة، نشرتها وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” بنسختها الحوثية، وقال السقطري إن “مطامع دول تحالف العدوان ومن ورائها أمريكا وإسرائيل، ستسقط في أرض سقطرى التي لم تقبل الغزاة على مر التاريخ”، مشيرا إلى أن “الإمارات تعمل منذ بدء العدوان على إنشاء قاعدة عسكرية وإنشاء مليشيات لزعزعة أمن واستقرار أرخبيل سقطرى نظراً لأهميته الاستراتيجية في المحيط الهندي”، واعتبر السقطري “تطبيع الإمارات مع الكيان الصهيوني تحصيل حاصل كون كل تحركات الإمارات منذ بداية العدوان هدفها أن تكون هناك قواعد أمريكية وإسرائيلية”، مشيراً إلى أن “أبوظبي خدمت إسرائيل بشكل كبير في المنطقة، واليمن كشف حجم العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب”.

 

الرفض اليمني للتسليم

نظم عشرات اليمنيين، مطلع سبتمبر، وقفة احتجاجية بمحافظة أرخبيل سقطرى، رفضا لأي وجود إسرائيلي في الجزيرة التي تحتل موقعا استراتيجيا بالمحيط الهندي، وحمّل المشاركون في الوقفة الاحتجاجية التي جرت بمنطقة قبهاتن غربي الجزيرة، المسؤولية الكاملة لأي جهة تعمل على إدخال وتسهيل الوجود الإسرائيلي بسقطرى في إشارة إلى الإمارات، ورفع المشاركون أعلام اليمن وصور الرئيس عبد ربه منصور هادي، ولافتات كتبوا عليها “ندين بشدة أوجود للصهاينة وداعميهم في سقطرى، نطالب بعودة السلطة المحلية، نرفض المظاهر المسلحة، وطالب المحتجون بعودة قيادة السلطة المحلية إلى المحافظة ، وبسط سيطرة الدولة على مؤسساتها العسكرية والأمنية والمدنية كافة”، وعبر المشاركون عن رفضهم استمرار سيطرة قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات على محافظة أرخبيل سقطرى.

كما طالب نائبان في البرلمان اليمني، رئيس الحكومة الشرعية، معين عبدالملك، بتقديم أجوبة حول نشاط مشبوه تقوم به دولة الإمارات في جزيرة سقطرى الاستراتيجية، وسط أنباء عن توجه لإنشاء قاعدة عسكرية واستخباراتية مشتركة لخدمة أبوظبي وتل أبيب، وطالب النائبان علي عشال، وعلي المعمري، رئيس الحكومة بتقديم رد بخصوص قيام الإمارات بوضع الحجر الأساس لإنشاء معسكرين، دون علم الدولة، وبحسب ما جاء في الرسالة البرلمانية التي تقدم بها النائبان لرئيس البرلمان، والتي اطّلع عليها “العربي الجديد”، فإن المعسكرين يقع أحدهما في الطرف الغربي لسقطرى، بمنطقة قطينان، والثاني في الطرف الشرقي للجزيرة، بمنطقة زفلة، فضلاً عن محاولات إماراتية أخرى لإنشاء قاعدة عسكرية ثالثة دون علم السلطات الحكومية، كما طلبت الرسالة البرلمانية الحكومة بتقديم أجوبة حول قيام شركة طيران إماراتية خاصة، تحمل اسم “رويال جت”، بتسيير 6 رحلات إلى سقطرى، كان من بين ركابها أجانب من جنسيات مختلفة، يعتقد أنهم ضباط وعسكريون، لافتة إلى أنهم يتجولون منذ فترة بالجزيرة، بعد دخولهم من دون تأشيرات ولا حتى أختام دخول من قبل السلطات اليمنية.

وكشفت الرسالة البرلمانية، أن هناك “مساحات شاسعة” من السواحل وعلى مناطق المحميات البيئية بجزيرة سقطرى، تملّكها إماراتيون، وقاموا بتسييجها وإحاطتها بأسوار بالمخالفة للقانون، وأشارت الرسالة كذلك إلى أن شركات اتصالات إماراتية قامت ببناء 8 أبراج للاتصالات بسقطرى، دون الكشف عن أسماء تلك الشركات وما إذا كانت تقدم خدماتها للسكان بالجزيرة أم لا. واستفسرت الرسالة البرلمانية، رئيس الوزراء، بمدى إطلاع الحكومة الشرعية على ما يحدث في سقطرى، والإجراءات التي اتخذتها حيال ذلك. كما طالب البرلمانيان الحكومة بتوضيح “الإجراءات العملية” التي اتخذتها لاستعادة مؤسسات الدولة في سقطرى وعودة السلطة المحلية لممارسة عملها بعد الأحداث التي شهدتها الجزيرة مؤخراً، في إشارة للتمرد المسلح مطلع يونيو/ حزيران الماضي الذي قاده المجلس الانتقالي الجنوبي.

التنفيذ الفعلي للتسليم

قال وكيل وزارة الإعلام اليمنية، محمد قيزان، إن الإمارات بدأت بإنشاء قواعد عسكرية، واحتجاز مساحات واسعة في أراضي أرخبيل سقطرى الاستراتيجي، في المحيط الهندي جنوب شرقي اليمن، وأضاف قيزان بحسب قوله، أن “الإمارات تكشفت مطامعها وأهداف مشاركتها في التحالف العربي، من خلال السيطرة على الموانئ والجزر اليمنية، ودعمها للعديد من المليشيات التي تسعى للانفصال ولا تخضع لسيطرة الدولة”.

وأوضح أن أبوظبي تسير عدد من رحلات الطيران الإماراتي أسبوعياً، تحمل خبراء أجانب دون معرفة الحكومة اليمنية، أو منحهم تأشيرة دخول للأراضي اليمينة. ونوه إلى أن الإمارات احتجزت مساحات واسعة من أراضي الأرخبيل، وتمنع بالسلاح وصول المواطنين إلى هذه الأماكن، مبيناً أن “مسؤولين في السلطة المحلية أكدوا أن الإمارات بدأت بالفعل بإنشاء قواعد عسكرية في الأراضي، وأنها حاولت ذلك في السابق وفشلت، لكنها بعد التمرد الأخير وجدت ضالتها”.

كما نقلت وسائل الإعلام دخول سفينة إماراتية إلى ميناء أرخبيل سقطرى اليمني، الواقع تحت حماية قوات سعودية بطريقة غير قانونية، بعد منعها من الدخول إليه منذ 16 يوماً، حسب رسالة بعثها مسؤول حكومي ونشرت في الإعلام الإثنين 20 سبتمبر/أيلول 2020، الرسالة رفعها مدير عام ميناء سقطرى رياض سعيد سليمان، إلى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة معين عبدالملك، وعدد من مسؤولي البلاد، وجاء في رسالته إن “السفينة الإماراتية (AD ASTRA) دخلت، السبت، رصيف ميناء سقطرى بطريقة مخالفة دون إذن من سلطات الميناء، ودون استكمال الإجراءات الرسمية وفق النظام والقانون، والإمارات تقوم بتفريغ الباخرة التى تحتوي على كمية كبيرة من الاسلحة وابراج الاتصالات وردارات وأجهزة أخرى قد تستخدم للتجسس والاعمال العسكرية في جزيرة سقطرى .

وكشفت مصادر يمنية رفيعة في الشرعية ومصادر خاصة في سقطرى، لـ”العربي الجديد”، أن أبوظبي ركزت خلال شهر سبتمبر/ أيلول الحالي على تعزيز وجودها العسكري والأمني في الجزيرة، وإنهاء أي دور لأي قوات يمنية، سواء التابعة للحكومة أو حتى لـ”المجلس الانتقالي” الانفصالي التي يتلقى الدعم منها، وأرسلت دفعات جديدة من الجنود الإماراتيين وأيضاً مرتزقة أجانب مرتبطين مباشرةً، عملياتياً ولوجستياً بها.

ووفق المصادر ذاتها، التي اشترطت عدم ذكر أسمائها، فإن أكثر من ثلاث دفعات من الجنود وصلت خلال الأيام الأخيرة إلى الجزيرة بإشراف ضباط من الاستخبارات الإماراتية، ويراوح عدد هؤلاء الجنود بين 500 و600  فرد، وأوضحت أن هذه الدفعات وصلت بحراً عبر سفن إماراتية تبحر يومياً إلى الجزيرة، مع سعي أبوظبي إلى إبعاد كل القوات الموالية للشرعية الباقية في بعض المواقع من سقطرى إلى خارجها، بعد أن أبعدت قوات موالية لـ”المجلس الانتقالي” إلى حضرموت وعدن إثر استخدامها للسيطرة على الجزيرة وطرد قوات الحكومة.

وأكد عنصران من قوات “الانتقالي” التي أُجبرت على ترك سقطرى والعودة إلى عدن، لـ”العربي الجديد”، أن الإماراتيين أبلغوهم أن مهمتهم انتهت في سقطرى، وعليهم العودة إلى حضرموت وعدن، واستبدلوهم بقوات جديدة ليست تابعة للشرعية أو “الانتقالي” كذلك تعمّدوا في بداية الأمر طرد جنود الشرعية وإبعادهم من الجزيرة، وكلهم من أبناء سقطرى، وبينهم جنود كانوا في منازلهم منذ أشهر، ولم يشاركوا في أي عمل عسكري أو أمني في الجزيرة.

كما ذكر محافظ محافظة أرخبيل سقطرى، رمزي محروس، في رسالة لرئيس اليمني عبد ربه هادي، إن الحكومة ( التي يقودها معين عبد الملك التابعة للشرعية) وجهت بتفويض موظفين مؤيدين للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، بصلاحياته المالية، وأضاف محروس في الرسالة التي سربت للإعلام، أن معسكرات الدولة تعرضت للنهب، وتم بيع سلاحها وتهريبه خارج الجزيرة، فضلا عن استمرار تدفق المسلحين القادمين من خارج سقطرى وأن هناك ما لا يقل عن 1000 مسلح من خارج سقطرى، ممن جندوا على طريقة المرتزقة لمحاربة أبناء الجزيرة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022