كي لا يفرج عنه ابو الفتوح ماذا بعد

 كي لا يُفرَج عنه

أبو الفتوح: "إن النضال السلمي هو الطريق الوحيد للتغيير في مصر"؛ فاعتقلته السلطات المصرية وأدرجت اسمه على قوائم الإرهاب … ما أغبى التناقض!
مقدمة
يعتبر اعتقال عبد المنعم أبو الفتوح حدث في غاية الأهمية لأنه يعكس مدى قدرة الدولة بيدها الحديدية على أسر المعارضين أيًا كان من هم، وقادرة بأساليبها المرعبة على أن تجعل من هم خارج القفص متحفظين في معاداتهم للدولة؛ إن الجميع في المعارضة والمجتمع أدرك الآن أن الدولة على المستوى الداخلي لم يعد لديها خطوط حمراء.
تعددت الأقاويل بعد اعتقال أبو الفتوح ما بين أنه يستحق ذلك لأنه انحرف عن رشده، وبين أن ذلك يُعتبر ظلمًا، ولكن الأزمة الحقيقية ظهرت في عدم وجود أى ردة فعل حادة من قبل الرأى العام أو النخب السياسية وتوقف الأمر عند البيانات التى ترفض وتدين التي تذكرنا بإعراب الأمم المتحدة عن قلقها عند أى حدث سياسي أو إنساني مؤسف. وعلى وجه الخصوص الحركة المدنية الديمقراطية التى كانت قدمت نفسها على أنها ممثلة لتيار المعارضة في بيانها التأسيسي فهى بذلك أثبتت ضعفها وعدم قدرتها على الوقوف فى وجه الدولة الأمر الذي يعكس أشياء كثيرة منها خوف رجالها على مصالحهم ويعكس أن للمعارضة في مصر حدود وخطوط حمراء كثيرة يتوقف عندها الفعل بل يتوقف عندها اللسان والقلم.
نبني هذه الورقة على فرضية وهي أن الدولة استطاعت أن تأسر المعارضين بيد من حديد، واستطاعت أن تكمم أفواه الذين من المفترض أن يكون لهم دور في تقويم الدولة … الدولة بمفهومها المجرد، ولكن الدولة هنا تعنى النظام الحاكم.
لن يتم الإفراج عنه في ظل (صمت المعارضة – تلفيق جيد للتهم – الثبات على الموقف)
صمت المعارضة: المعارضة تستنكر وفقط، كما استنكرت إعدام أبرياء من قبل، فالدولة قادرة على جعل الشخص يصمت إن لم يكن خوفًا من عواقب المعارضة كمن في القفص،  فيكن صمت ناتج عن حوار داخلى يصل به إلى أنه بمجرد اعتراضه فهو يقف أمام العدالة المفترضة المزعوم تحقيقها من قِبل الدولة؛ أعتقد أن الدولة قامت باصطياد هذا الشخص في وقت مناسب، فالاستقواء على أبو الفتوح واعتقاله ناتج عن متابعة مخابراتية لخريطة تحالفات المعارضة السياسية في مصر ورؤية تجاهل أبو الفتوح من قِبل بعض القوى المدنية المتبقية وعدم توجيه أي دعوات له مؤخرًا.
تلفيق جيد: هذه النقطة تتعلق تفاصيلها بالسلطة فهى النقطة المتمكنة بها بشدة، فكما لفقت لغيره من قبل فلم تيأس وتفشل في التلفيق لأبو الفتوح، فعلى سبيل المثال أصدرت الداخلية بيان يدينه حيث حيازته على أرض في البحيرة بها بؤرة إرهابية وسرعان ما ردت أسرته بتأجير هذه الأرض منذ مدة طويلة وهي الآن تحت حيازة المستأجر ولا علاقة لهم بها نهائيًا وذلك بالتأكيد لا يهم السلطة في شئ فقامت بتجديد الحبس على إدعاءات لا دليل عليها
الثبات على الموقف: عادة ما نسمع عن صفقات سياسية تتم داخل المعتقلات تقام على أن نفرج عنك مقابل كذا وكذا، ولكن عادة ما تفشل عندما يكون المعتقل رجل مثل أبو الفتوح تاريخه السياسي يتحدث عنه، فنحن نضع فرضية الإفراج عنه في حالة تراجعه عن مواقفه التى أعلن عنها ونضع أيضًا احتمال كبير أو يقين بألا يحدث ذلك، يعد انتزاع الاعترافات تحت تأثير التعذيب سياسة منتهجة في الشرطة المصرية ولكن تُكبَح جماحهم حينما يتعلق الأمر بشخصيات عامة وخاصة من كبار السن.
خاتمة
استمرار اعتقال أبو الفتوح يجعلنا نستطيع تفكيك المشهد السياسي المصري إلى:
سلطة حاكمة مستبدة تكمم الأفواه
معارضة سياسية تدعي النضال في حيز آمن فقط
رأى عام لا يعرف ما يدور أبعاد المشهد السياسي
إعلام توجيهي لأقصى الحدود
بالنظر إلى سياسات النظام الحالى مع العامة هي قد تحتوي على شيء من الذكاء وفهم للطبيعة السيكولوجية للمصريين فالنظام قادر على منعهم من الثورة فهو قادر على أن يضيق عنق الزجاجة لدرجة تسمح بالتنفس فقط ليبقوا على قيد الحياة ومن حين إلى أخر يقدم لهم بعض المنح التى هى أصلًا حقوقًا مكتسبة بالإضافة إلى بعض الوعود يفتح بها بابًا للأمل، فضًلا عن تضخيم إنجازات معينة تجعل المواطن المصري العادي يتعمد تجاهل سوءات النظام بل يري أيضًا أن ما تفعله الدولة صحيحًا.
ومن جانب المعارضة، منهم كما المطاريد خارج البلاد ومن عزم على أن ينجو بنفسه، ومنهم من يناضل في الحيز الآمن وهذا النوع الأخير غير الثورى هو الذي قد يكون عون للنظام الحالى دون أن يعلم.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022