تعاملت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها عدوا يجب استئصاله لضمان لمصالح الأمريكية في مصر والمنطقة وعلى رأسها ضمان أمن الكيان الصهيوني، وقبل أن يغادر ترامب البيت الأبيض تقدم أربعة أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي هم تيد كروز، وجيم إنهوف، ووبات روبرتس، ورون جونسون، وجميعهم من الحزب الجمهوري، بمشروع قانون يصنف الجماعة كمنظمة إرهابية.[[1]] وهو ما قوبل من جانب إعلام تحالف الثورات المضادة بحفاوة كبيرة ومبالغة تعكس الحرص الشديد من جانب النظم المستبدة على تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأن ذلك سيمثل دعما كبيرا للسياسات القمعية من جانب هذه النظم، كما ستمنح هذه السياسات القمعية دفعة هائلة وزخما كبيرا، وسيدفع هذه الحكومات نحو مزيد من القمع بدعوى محاربة الإرهاب. وبالطبع سيفضي مثل هذا القرار إلى حصار أنشطة الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية وسيدفع ذلك حكومات أوروبية إلى الاقتداء بالسياسات والمواقف الأمريكية وملاحقة قيادات الجماعة عبر الإنتربول الدولي وغير ذلك من الحصار والتضييق على الجماعة على المستوى الدولي.
الخطوة الجمهورية الأخيرة تبرهن على أن محاولات اليمين المتطرف لا تتوقف من أجل وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية؛ فالعمل على وضع الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية يمثل قناعة راسخة لدى الرئيس دونالد ترامب وفريق إدارته الجمهوري الذين ينتمون جميعا إلى اليمين المتطرف، وقد سعى ترامب بالفعل وفريق إدارته إلى الضغط على المؤسسات الأمريكية التي تشارك بفعالية في صناعة القرار الأمريكي كالكونجرس بغرفتيه (الشيوخ والنواب) ووزارة الدفاع (البنتاجون)، والخارجية والمخابرات (CIA) ومجلس الأمن القومي الأمريكي. وفي 30 إبريل 2019م، خرجت سارة ساندرز، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، لتعلن أن الرئيس ترامب يعمل على تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية أجنبية، وأن ترامب قد استشار فريق الأمن القومي وقادة المنطقة الذين يشاركونه قلقه، وهذا التصنيف يسير في طريقه من خلال عملية داخلية”. وقد نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن مصادرها الخاصة أن إدارة ترامب تضغط من أجل إصدار قرار بوضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية. وهي التحركات الأمريكية التي جاءت في أعقاب زيارة قام بها رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي لواشنطن في 9 إبريل 2019م. حيث توسل السيسي لترامب من أجل إصدار هذا القرار.[[2]] ورغم التوجهات العدائية من جانب اليمين المتطرف وعلى رأسه الرئيس ترامب نفسه للإخوان إلا أنه لم يتمكن من وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية رغم سيطرة الجمهوريين على البيت الأبيض والكونجرس من جهة أخرى؛ وذلك لاعتبارات سياسية تتعلق بصناعة القرار داخل مؤسسات الحكم الأمريكية والتي لا ينفرد بها مؤسسة عن باقي المؤسسات. فإذا كان للبيت الأبيض دور كبير في صناعة القرار الأمريكي، فإن للكونجرس بغرفيته وأجهزة الأمن الأمريكية سواء جهاز السي آي إيه والخارجية الأمريكية والبنتاجون و جماعات الضغط والمصالح تأثيرا كبيرا على صانع القرار بما يضمن حماية المصالح الأمريكية وديمومتها من منظور قومي وليس حزبي.
محطات وملاحظات
وبشأن المحاولات الأخيرة التي تبنتها أجنحة داخل الحزب الجمهورية للضغط على الكونجرس من أجل وضع جماعة الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية يمكن رصد الملاحظات الآتية:
أولا، هذه هي المحاولة الثالثة لتيد كروز، لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية. المحاولة الأولى كانت في 2015م بعهد الرئيس السابق باراك أوباما، وأعاد تقديم ذات المشروع في 2017م، بعد انتخاب ترامب ، دون أن يحظى بقبول في المجلس رغم الأغلبية الجمهورية. وفي محاولته الثالثة في 3 ديسمبر 2020م، غرَّد “كروز” متباهيا بالخطوة واعتبرها خطوة في إطار دفع معركة الولايات المتحدة ضد إرهاب التطرف الإسلامي.
ثانيا، مغزى التوقيت في هذه الخطوة أنها محاولة لاستدراك الوضع بعد هزيمة ترامب من جانب تحالف الثورات المضادة بالمنطقة، والتي فقدت ـ بلا شك ــ حليفا كبيرا هو سيد البيت الأبيض، كما أنها ما جاءت إلا بضغوط من أنظمة الاستبداد العربي في محاولة لإرباك إدارة بايدن وقطع الطريق على أي دعم من الإدارة الجديدة للبيت الأبيض للجماعة التي تمثل في حقيقة الأمر عنوانا كبيرا لتفسير الإسلام على نحو يتقارب مع الديمقراطية وينفي وجود أي تصادم بينهما. وحتى جماعة الإخوان ممثلة في نائب المرشد/ إبراهيم منير، اعتبرت تقديم تيد كروز لمشروع القانون مفاجأة في توقيتها؛ لأن الرئيس ترامب وفي ظل وجود أغلبية جمهورية داخل الكونجرس لم يتمكن من وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية؛ الأمر الذي اعتبر توافقا مع محددات وتوجهات الخارجية الأمريكية وأجهزتها واستجابة لتوجهات الكونجرس التي تكونت من خلال جلسات الاستماع التي عقدها حول مصر. وطالب منير بالرجوع إلى ما انتهت إليه التحقيقات البريطانية الموسعة حول أنشطة الجماعة و أفكارها بمشاركة أمريكية والتي برأت الجماعة من الإرهاب. واعتبر التوقيت يستهدف الإلهاء عن الورطة التي تواجه نظام العسكر في مصر في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني بعد توجيه الادعاء الإيطالي الاتهام ـ رسميا ـ لأربعة من القيادات الرفيعة في أجهزة السيسي الأمنية. [[3]]
ثالثا، من اللافت أن المحاولة الثالثة لوضع الجماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية، جاءت بعد بيانات صادرة من أكبر هيئات دينية في الرياض وأبو ظبي تصنف الجماعة كتنظيم إرهابي وتصف أعضاء الجماعة بالخوارج، كما جرى في بيان هيئة كبار علماء السعودية في 10 نوفمبر 2020م، وبيان إفتاء الإمارات في 24 نوفمبر، كما مورست ضغوط كبيرة على الأزهر لإصدار بيان مشابه بهذا الشأن؛ ورغم رفض الإمام الأكبر إلا أن الأزهر يبدو أنه رضخ أخيرا وأصدر بيانا مشابها عبر أحد مراكز الفتوى الإلكترونية التابعة له؛ الأمر الذي يعني أن هناك تنسيقا على أعلى مستوى بين اليمين المتطرف في الولايات المتحدة ونظم الاستبداد العربي لتصعيد الحرب على الجماعة وإضفاء مسحة شرعية على هذه الحرب القذرة ضد أكبر حركة إسلامية في العالم، عبر التوظيف السياسي للمؤسسات الدينية لخدمة أجندة النظم المستبدة واليمين المتطرف في كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
رابعا، المحاولة الثالثة انتهت أيضا بالفشل، كما حدث في المحاولتين الأولى والثانية. معنى ذلك أنه باختلاف الرئيس سواء كان ديمقراطيا كأوباما، أو جمهوريا كترامب، وباختلاف تركيبة الكونجرس بغرفتيه، فقد فشلت محاولات تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية رغم الضغوط الخليجية الكبيرة خصوصا من جانب أبو ظبي والرياض والقاهرة؛ الأمر الذي يكشف أن سياسة الولايات المتحدة تجاه الإسلام السياسي لا تختلف بصورة جذرية، وإنما تتبع منظورات المصالح الأمريكية في المنطقة وتصوراتها حول القضايا الكلية المتعلقة بمحاربة الإرهاب وضمان أمن إسرائيل.
عقبات في قانونية ودبلوماسية
بحسب تقدير موقف لمعهد كارنيجي، يُجمع الخبراء بشكل صارخ على أن جماعة الإخوان المسلمين ليست تنظيماً إرهابياً. ويحظى هذا الأمر بأهمية نظراً إلى الخلافات الشديدة بين هؤلاء الخبراء حول سائر جوانب إيديولوجيا المنظمة وسلوكها وسياستها. لقد تطوّرت فروع الإخوان المسلمين وتفرّعت في اتجاهات عدّة مختلفة منذ العام 2011. ففي مصر، تبعثر الإخوان بسبب الانقلاب العسكري، فيما تولّوا إدارة الحكومة في المغرب، وتقاسموا السلطة في تونس، واضطلعوا بدور قيادي في المعارضة السورية. لذا، مثل هذا التصنيف لا علاقة له بالواقع كثيراً، لكن من شأنه أن يخدم المصالح السياسية الداخلية لترامب، ويلعب على وتر مواقف اليمين الأميركي المعادية للإسلام، ويمارس ضغوطاً على منظمات المجتمع المدني المسلمة.[[4]]
ويرى كثير من الخبراء أن هناك عدة عوامل أعاقت إدارة ترامب الجمهورية التي تنتمي إلى اليمين المتطرف وحالت دون وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية، أهمها أن الجماعة لها عشرات الفروع في معظم دول العالم، ولكل فرع وضعه المختلف فيما يتعلق بعلاقته بالسلطة ونظام الحكم، كما تحظى الجماعة بدعم حكومات لا يستهان بها كما في تركيا وقطر وماليزيا وإندونيسيا وحتى باكستان، وتشارك في حكومات المغرب وتونس ولها وجود برلماني في عشرات الدول. وقد أعلنت تركيا على لسان المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم عمر جليك رفضه للتحركات الأمريكية نحو وضع الجماعة على لائحة الإرهاب الأمريكية، وقد أكد جليك في مايو 2019م، أن توجه الولايات المتحدة لتصنيف الجماعة “منظمة إرهابية” من شأنه أن يعزز معاداة الإسلام في الغرب وحول العالم. وحذَّر من أن قرارا أمريكيا بهذا الشأن “سيشكل ضربة كبيرة لمطالب التحول الديمقراطي في الشرق الأوسط، وسيؤدي إلى تقديم الدعم الكامل للعناصر غير الديمقراطية، وهذا أيضاً يعتبر أكبر دعم يمكن تقديمه للدعاية لتنظيم داعش”. وأضاف أن مثل هذه الخطوة “ستكون لها نتائج تعزز معاداة الإسلام في أوروبا وأمريكا، وتقوي موقف اليمين المتطرف حول العالم”.[[5]] وبالتالي فإن وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية يضع الخارجية الأمريكية في ورطة كبيرة في إدارة علاقتها مع الجماعة وفروعها المختلفة في العالم.
من جهة ثانية، فإن الجماعة في مصر هي الحركة الوحيدة التي فازت بثقة الشعب في أنزه انتخابات في تاريخ مصر كله بعد ثورة 25 يناير 2011م، وجرى الانقلاب على حكومتها المنتخبة بديمقراطية ونزاهة من جانب الجيش؛ وبالتالي فإن وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية في ظل هذه الحقائق، يعصف بكل معنى لادعاءات واشنطن حول نشر الحريات والقيم الديمقراطية في العالم.
ومن جهة ثالثة، فإن وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية يمثل طعنة للإسلام الوسطي وللتيارات الإسلامية التي تؤمن بالديمقراطية والتغيير والتداول السلمي للسلطة وهؤلاء يمثلون الشريحة الكبرى بين التيارات الإسلامية، ومثَّل انقلاب الجنرال عبدالفتاح السيسي على الحكومة الإسلامية المنتخبة في مصر منتصف 2013م ضربة للخطاب السياسي للإخوان المسلمين والحركات الإسلامية المؤمنة بأفكارها كما مثّل انقلابه في ذات الوقت تعزيزا لخطاب التنظيمات المسلحة كداعش والقاعدة والتي ترى الديمقراطية كفرا؛ وبالتالي فإن وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية بناء على هذه المعطيات يمثل انصياعا أمريكيا لضغوط أنظمة الاستبداد العربي من جهة، ويمثِّل ضربة للخطاب الإسلامي المعتدل الذي تمثله الجماعة من جهة ثانية، كما يمثل تعزيزا إضافيا لخطاب الدواعش من جهة ثالثة.
ومن زاوية رابعة، فإن وضع الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية سوف يفضي إلى مزيد من الاحتقان الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها؛ ذلك أن هناك عشرات المؤسسات الإسلامية التي تمارس نشطاها بشكل قانوني وسلمي وتربطها علاقات نسبية بجماعة الإخوان؛ وبالتالي فإن وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية سوف يدفع باتجاه الصدام بين الحكومة الأمريكية والمسلمين في الولايات المتحدة. وهو ما حذر منه تقدير موقف سنة 2017م لمعهد بروكنجز للبحوث والدراسات للباحث شادي حميد، الذي «حذِّر من إخفاق الولايات المتحدة في التمييز بين الجماعات المتطرفة مثل داعش وباقي جماعات الطيف السائد للإسلاميين مثل جماعة الإخوان المسلمين، فإنها ستعزز فكرة أنه لا مجال للإسلاميين في العملية السياسية». وواصل تحذيراته بأن «تصنيف الإخوان كـ(منظمة إرهابية أجنبية) يمكن أن يكون بمثابة ضوءاً أخضر لمهاجمة المجتمع المسلم في أمريكا بسبب ما يقال عن ارتباطها بالإخوان».[[6]]
ويمثل التكييف القانوني للجماعة معضلة لإدارة ترامب؛ فحتى وزير الخارجية في عهد ترامب ريكس تيلرسون يرى في تصريحات له في يونيو 2017م أن وضع الجماعة التي تضم ملايين الأعضاء، وأجنحة متعددة برمتها على قائمة الإرهاب، هو “أمر معقد”؛ وذلك رداً على سؤال بشأن إمكانية تصنيفها “إرهابية”.[[7]] فهذا الانتشار الواسع للجماعة على المستوى الدولي وقف عائقا أمام إدارة ترامب ــ رغم حرصها وإصرارها ــ وحال دون وضع الجماعة على لوائح الإرهاب الأمريكية؛ وحتى وزير الخارجية مايك بومبيو الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف والذي تولى حقيبة الخارجية الأمريكية في أعقاب إقالة ريكس تيلرسون، وكان متحمسا لتصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية وجد معارضة قوية من مؤسسات سياسية وإعلامية أمريكية وطالبته أن يثبت قانونا وبحسب الفقرة 1182 من قانون الإدراج التي تنص على أن (للتنظيم القدرة والنية للانخراط بأعمال إرهابية، وأن هذه الأنشطة تهدد الأمن القومي الأمريكي أو المواطنين الأمريكيين). وجرى تحذيره من أن تجاوز البعد القانوني في هذه المسألة، وأن ذلك سيكلف إدارة ترامب صراعا قضائيا أمام المحاكم الأمريكية لن يكون في صالحها؛ وبالتالي سيمثل إلغاء قرار إدارة ترامب من جانب القضاء الأمريكي انتصارا مدويا للجماعة. على غرار ما جرى في التحقيقات البريطانية التي جرت بضغوط خليجية وانتهت إلى تبرئة الجماعة من تهمة العنف والإرهاب.
وكان تقدير موقف أعده معهد كارنيجي قد حذر من هذه الخطوة ورصد 9 أسباب تجعل من تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية قرارا خاطئا، وقد يؤدي إلى عواقب يمكن أن تؤثر على الأمن في الولايات المتحدة الأمريكية؛ وبحسب الكاتبين “ميشيل دن” و”أندرو ميلر” فإن ثمة أسباب قانونية ودبلوماسية وبراجماتية وحقوق مدنية تجعل من مثل هذا التصنيف مقوضا للجهود المبذولة لحماية الأمريكيين من خطر الإرهاب. ورصد التقرير تسعة أسباب، أبرزها، عدم وجود أدلة مادية موثوقة تثبت أن الجماعة تستخدم العنف لتحقيق أهداف سياسية فضلا عن أنها لم تستهدف الأمريكيين عمدا. إضافة إلى أن “القانون الأمريكي لا يسمح بالتصنيف القائم على الإيديولوجية فقط بدلاً من أعمال العنف. والقيام بذلك سوف يسيس العملية”. ومن جانب آخر فإن مثل هذا التصنيف سيسهم في زيادة الشعور المناهض للولايات المتحدة بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، خصوصا بعد مواقف الإدارة الأمريكية بشأن القدس واللاجئين. ومثل هذا التصنيف سيمثل دعما لخطابات داعش والقاعدة ويمثل برهانا على صحة حجتهما القائلة بأن النشاط السياسي الذي يتسم باللاعنف لا جدوى منه، وسوف يستخدمون مثل هذا التصنيف في تجنيد شباب إسلامي يائس ومعزول ومحبط كان يؤمن ذات يوم بالسياسة السلمية. كما أن تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية سيحول حتما موارد الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعيدا عن الإرهابيين الحقيقيين الذين يسعون فعلا للقتل على الهوية والدين كتنظيم داعش. وانتهى إلى أن وضع الجماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية سيكون حيلة سياسية تؤدي إلى نتائج عكسية تجعل جميع الأمريكيين أقل أمانا.[[8]]
خلاصة الأمر، هل يمكن للرئيس ترامب أن يعلن أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية قبل مغادرة البيت الأبيض يوم 20 يناير المقبل؟ الجواب كلا؛ إذ يجب على إدارة ترامب أن تبين كيف تمارس الجماعة نشاطاً إرهابياً يهدد الولايات المتحدة أو مصالحها، وذلك بعد أن تعد وكالات مكافحة الإرهاب أدلة مكتوبة، كما على وزير الخارجية التشاور مع المدعي العام ووزير الخزانة قبل اتخاذ مثل هذا القرار، وسيكون بعد ذلك أمام الكونجرس الأمريكي سبعة أيام لرفض القرار أو قبوله، ثم أخيراً يكون بإمكان الجماعة التقدم بطعن خلال 30 يوماً أمام محكمة فيدرالية أمريكية”. وإذا كانت إدارة ترامب قد فشلت في ذروة قوتها في إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب الأمريكية؛ فإن الفشل هذه المرة أكثر وضوحا لعدة عوامل، أبرزها خسارة ترامب في الانتخابات الرئاسية، وسيطرة الديقراطيين على البيت الأبيض والكونجرس من جهة ثانية، حيث تتسلم إدارة بايدن الحكم في 20 يناير المقبل “2021”م، وتلك فترة قصيرة لا تمنح ترامب الوقت الكافي لاتخاذ مثل هذا القرار.
ويؤكد الكاتب الأمريكي كيركيباتريك، مدير مكتب صحيفة نيويورك تايمز بالقاهرة إبان الفترة ( 2010ــ 2014) بأن مخططات ترامب نحو إدراج الإخوان كمنظمة إرهابية قوبلت باعتراضات من طرف وزراة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) ووزارة الخارجية الذين اعتبروا أنه لا يمكن تصنيفها؛ لأن التعريف القانوني للإرهاب لا ينطبق على الجماعة أو أولئك الذين يتعاملون معها. ويؤكد الكاتب أن السمة التي تميز الجماعة هي أنها تؤيد إجراء انتخابات ديمقراطية في جميع أنحاء الوطن العربي، ما يجعلها على خلاف مع الحكومات الاستبدادية في المنطقة، وبخلاف مع الجماعات الإسلامية التي تتبنى العنف. ويبرهن الكاتب على صحة موقفه بالضغوط الخليجية التي مورست على الحكومة البريطانية من أجل فتح تحقيق حول أفكار ونشاط الإخوان غير أن التحقيق انتهى إلى عدم إمكانية وضع الجماعة على لائحة الإرهاب؛ لأنها لا تنطبق عليها مواصفات التصنيف الخاص بالجماعات الإرهابية. ويختم الكاتب بالقول إنه حتى الخبراء الذي يعتبرون أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة “شريرة”، يقولون إنهم لم يروا أدلة كافية لإقناع المحكمة بتصنيف الجماعة كجماعة “إرهابية”.[[9]]
[1] مشروع قرار في الشيوخ الأمريكي لتصنيف “الإخوان” منظمة إرهابية/ عربي “21” الخميس، 03 ديسمبر 2020
[2] بطلب من السيسي.. ترامب يسعى لتصنيف “الإخوان” إرهابية/ الخليج أولاين الثلاثاء 30 إبريل 2019
[3] جماعة الإخوان ترد على مشروع قانون أمريكي يطالب بتصنيفها “إرهابية”/ الجزيرة مباشر 6 ديسمبر 2020
[4] ما التداعيات التي يمكن أن يخلّفها تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الإخوان المسلمين كتنظيم إرهابي؟/ معهد كارنيجي 9 مايو 2019
[5] “الإخوان” ترد على نوايا ترامب لتصنيفها “إرهابية”.. وتركيا تحذر/ الخليج أون لاين الأربعاء غرة مايو 2019
[6] «بروكنجز»: «عواقب وخيمة» حال إدراج «الإخوان» على قائمة «الإرهاب» الأمريكية/ الخليج الجديد الخميس 13 أبريل 2017
[7] “الإخوان” ترد على نوايا ترامب لتصنيفها “إرهابية”.. وتركيا تحذر/ الخليج أون لاين الأربعاء غرة مايو 2019
[8] “كارنيجي”: تسعة أسباب تجعل تصنيف “الإخوان منظمة إرهابية” قرارا خاطئا/ الاستقلال مايو 2019
[9] نيويورك تايمز: لهذه الأسباب لا يمكن وضع “الإخوان المسلمين” على لائحة الإرهاب/ الخليج أون لاين الأربعاء غرة مايو 2019