هل أصبحت قطر حصان طروادة بعد المصالحة الخليجية؟

 

 

نشطت الدبلوماسية القطرية في الظهور بقوة في الفترة الأخيرة، وأخذت تصريحات قادتها في الزيادة بقوة، وبصفة خاصة عقب اتمام المصالحة الخليجية، حيث أعادت قطر لتقديم نفسها كوسيط لحل كثير من النزاعات في المنطقة، وأبرزها الصراع الإيراني السعودي، حيث أكد وزير الخارجية القطري على ضرورة جلوس الفرقاء على مائدة المحادثات لحل الخلافات العالقة بينهما. كما تحاول الدوحة المساهمة في حل الأزمة السياسية في لبنان، وكذلك المساعدة على انهاء الحرب اليمنية. يتطرق هذا التقرير إلى أبرز تحركات الدوحة في الفترة الأخيرة.

 

الدوحة تدعو لاعادة الاتفاق النووي الإيراني:

دعا وزيرا الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، والتركي مولود تشاويش أوغلو، إلى حل أزمة الاتفاق النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية، وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك عُقد، بالعاصمة القطرية الدوحة، وقد شدد وزير الخارجية القطري على أهمية انخراط الولايات المتحدة وإيران مرة أخرى في حل الأزمة النووية بالطرق الدبلوماسية، وقال وزير الخارجية التركي إنّ أنقرة والدوحة تشجعان واشنطن وطهران على حل أزمة الاتفاق النووي بالطرق الدبلوماسية”، مضيفاً أنّ “أنقرة والدوحة تستطيعان العمل على حل مشاكل المنطقة، كما أكد وزير الخارجية التركي على ضرورة أن تنتهي أزمة اليمن، وعلى دعم بلاده جهود الأمم المتحدة لإحلال السلم والأمن هناك، مشدداً على أن الحل في سورية وليبيا سياسي وسلمي فقط، ونحن نتقاسم نفس الموقف مع قطر في هذا الأمر، وأكد على أنّ علاقات بلاده مع قطر تشهد تطوراً كبيراً في جميع المجالات، مضيفاً أن القوة الناعمة القطرية مهمة جداً، وتثمن تركيا جهود قطر وخاصة في الشأن الأفغاني[1].

فيما نقلت وكالة الأنباء القطرية  تصريح للخارجية أن، دولة قطر تعمل وتسعى على أن يكون هناك خفض للتصعيد، وأن يكون هناك إعادة للعملية السياسية والعملية الدبلوماسية للعودة إلى الاتفاق النووي، وقد جاءت هذه التصريحات في مذكرات إعلامية عن اتصالين هاتفيين أجراهما الوزير القطري مع كل من الممثل الأمريكي الخاص بالشأن الإيراني روبرت مالي ومستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان[2].

 

قطر تدعوا دول الخليج للحوار مع إيران:

حثّت قطر دول الخليج على الدخول في حوار مع إيران ، معتبرة أنّ الوقت الآن مناسب للدوحة للتوسط في المفاوضات بعد أن بدأت دول الخليج بتجاوز صراعاتها البينية،  وأشار وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي دعا منذ فترة طويلة لعقد قمة بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست وإيران، إلى أن الحكومة تأمل في أن يحصل هذا الأمر، قائلاً: “ما زلنا نعتقد أنّ هذا يجب أن يحدث”، لافتاً إلى أنّ هذه الرغبة مشتركة مع دول الخليج الأخرى، ورداً على سؤال: هل أصبحت قطر في وضع يسمح لها بلعب دور الوسيط مع مساهمة التغيير في البيت الأبيض باصطفافات إقليمية أوسع وبالابتعاد عن المواجهة؟، قال الوزير القطري إنّ حكومة بلاده عرضت القيام بذلك، وهي تدعم أساساً المحادثات الجارية بين إيران وكوريا الجنوبية لضمان الإفراج عن ناقلة نفط محتجزة من قبل الحرس الثوري الإيراني في وقت سابق من هذا الشهر، وأضاف أن قطر ستسهّل المفاوضات مع أطراف المسألة، وستدعم من يتمّ اختياره لقيادتها، مضيفًا، نريد الإنجاز، نريد أن نرى الصفقة تعقد، مؤكداً أن قطر ستدعم أي طرف يقود هذه المفاوضات أينما كان.

ورداً على سؤال عن موقف قطر من التيارات الإسلامية السياسية، التي تعتبرها أبوظبي تهديداً للاستقرار، أوضح الوزير القطري أنه من المهم ردم الخلافات، لكننا سنقوم بدعم إرادة الناس أياً تكن، وأياً يكن ما يسعون إليه من أجل بلدانهم، مضيفاً: إذا كانوا يسعون للعدالة باستخدام طرق سلمية للتعبير عن ما يظنون أنه محق، فإنّ قطر ستستمرّ بدعمهم[3].

في ذات السياق أبدى زعيم التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، استعداده للوساطة بين الرياض وطهران بالتعاون مع قطر، وقال المسؤول الإعلامي لمكتب الصدر، حيدر الجابري: هناك محاولة من قطر لفتح حوار بين الجارتين السعودية وإيران[4]، وأضاف أن الصدر أبدى استعداده للتعاون بهذا الخصوص لما فيه من أثر إيجابي على العراق وشعبه.

من جهته، حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واشنطن المسؤولية عن القيام بكل ما بوسعها لمنع الحوار بين إيران وبلدان الخليج العربي، مشيداً، في سياق آخر، بالمصالحة الخليجية التي أسفرت عن رفع الحصار عن دولة قطر، وقال لافروف: “نحن معنيون بأن تقيم إيران والبلدان العربية حواراً طبيعياً بينها، وتخرج به إلى اتفاقات تعزيز الثقة والشفافية في الشؤون العسكرية والدفع بالتعاون بشكل عام. للأسف، فإن زملاءنا الأميركيين، الإدارة الحالية على الأقل، كانوا يقومون حتى الآن بكل ما بوسعهم حتى لا يُعقد مثل هذا الحوار. وأشار إلى تعزيز الحوار بين إيران والبلدان العربية، مضيفاً: الأهم ألا تتم عرقلة هذه العملية وألا تتخذ أعمال هادفة إلى نسف حتى جهود خلق الظروف لمثل هذا الحوار[5].

 

قطر تحاول تحريك المياة اللبنانية الراكدة:

كما أجرى نائب رئيس مجلس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، زيارة إلى لبنان، شملت لقاء مع وزير الخارجية اللبناني السابق جبران باسيل، واتصالاً مع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري؛ لإيجاد حل توافقي مشترك لتشكيل الحكومة.  وقد دعا وزير الخارجية القطري محمد بن عبدالرحمن، جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة الوطنية، والتعجيل بتشكيل الحكومة، مؤكداً أن الدوحة ستدعم أي سبيل تؤدي إلى ذلك، كما شملت اللقاءات المعلنة للوزير القطري خلال الزيارة كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب.

نذكر في هذا السياق، أن الدوحة، نجحت خلال عام 2008، في استضافة زعماء لبنانيين متنافسين وتوسطت في اتفاق الدوحة الذي أنهى 18 شهراً من الصراع السياسي، وساهم في تجنب الانزلاق إلى حرب أهلية[6].

ختامًا، يوضح هذا العرض السردي الموجز جزء من التحركات القطرية في ملفات يبدو أن الصراع السعودي الإيراني ظاهرًا فيها بقوة، ولذلك من المنتظر أن يكون هناك صعود قوي للمحور التركي القطري في حل أزمات المنطقة، وهو أمر قد يشير إلى حدوث هدوء في حالة الاستقطاب الاقليمي والسياسي في المنطقة.

 

 

 

 

[1] الدوحة وأنقرة تدعوان إلى حل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق الدبلوماسية، العربي الجديد، 11/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3qjPULh

[2] وزير خارجية قطر: نسعى لإعادة العمل بالاتفاق النووي الإيراني، القدس العربي، 10/2/2021، الرابط: https://bit.ly/3pqcXTH

[3] قطر تحثّ دول الخليج على الدخول في حوار مع إيران، العربي الجديد، 19/1/2021، تاريخ الاطلاع 9/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3tU7UxX

[4] الصدر يعرض الوساطة بين الرياض وطهران بالتعاون مع الدوحة، عربي 21، 27/1/2021، تاريخ الاطلاع 10/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3quGLiY

[5] لافروف يتهم واشنطن بعرقلة الحوار الخليجي الإيراني، العربي الجديد، 21/1/2021، تاريخ الاطلاع 10/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3aiS9J6

[6]  الحريري يلتقي ماكرون لبحث أزمة تشكيل الحكومة.. وزير خارجية قطر يدعو من لبنان إلى حل توافقي، عربي بوست، 10/2/2021، تاريخ الاطلاع 11/2/2021، الرابط: http://bit.ly/3b0Gmi2

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022