علي الرغم من شهر الهدوء الاشتباك بين ايران واسرائيل بقي علي حاله

 

على الرغم من شهر الهدوء في الشمال، فإن إتجاه الإشتباك بين إيران وإسرائيل بقي على حاله
لعاموس هرئيل – محلل عسكري
•مرّ شهر تقريباً على المعركة التي دارت في 10 شباط/فبراير في أجواء سورية وإسرائيل،  أسقطت خلالها إسرائيل طائرة إيرانية من دون طيار تسللت إلى أراضيها، وهاجمت أهدافاً إيرانية وسورية على الأراضي السورية، وخسرت بصورة غير مسبوقة طائرة إف-16 بنيران مضادات جوية سورية. في هذه الفترة لم يظهر في سورية ولو تقرير واحد عن هجوم جوي إسرائيلي آخر ضد شحنات سلاح ومخازن صواريخ أو قواعد عسكرية، مثل تلك التي انتشرت كثيراً خلال الخمس سنوات الأخيرة.
•هذه التهدئة موقتة على ما يبدو. والأحوال الأساسية في الجبهة الشمالية بقيت على حالها، حتى بعد تبادل الضربات غير المسبوق بين الطرفين، ولكن من المعقول الافتراض أن تتجدد المناوشات في المستقبل. التفوق البارز للمحور المؤيد لنظام الأسد في الحرب الأهلية السورية يمنح القوات التابعة له الثقة، ويزيد رغبة هذا المحور في الحصول على مقابل للجهود التي وظفها من أجل إنقاذ الطاغية السوري عندما كانت حظوظ صموده ضعيفة.
•في الملخص الذي قدمته الاستخبارات العسكرية للمستوى السياسي، وُصفت التحركات الإسرائيلية والإيرانية بصفتهما اتجاهين استراتيجيين قويين من شبه المؤكد أن مصيرهما أن يصطدما: هناك من جهة الإصرار الإيراني على تأسيس وجود عسكري في سورية، ومن جهة أُخرى، إصرار إسرائيلي على كبحه، أعلن عنه مرة أُخرى رئيس الحكومة نتنياهو في خطابه في مؤتمر إيباك هذا الأسبوع ("يجب أن نكبح إيران وسنتمكن من كبحها").
•لماذا لم تتطور الأمور من يوم قتال إلى حرب في ذلك السبت من الشهر الماضي؟السبب هو أن إسرائيل وإيران تتوخيان الحذر وتحرصان على عدم الوصول إلى ذلك المشروع الإيراني في المنطقة لا يزال في مراحله الأولى،وليس هناك مصلحة لطهران حالياً في الدخول بمواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل. وتُظهر متابعة الخطوات الإيرانية في السنوات الأخيرة  أن الإيرانيين أحياناً يغيّرون الاتجاه،وأحياناً أُخرى يتوقفون بصورة كاملة،في مواجهة تهديدات إسرائيلية أو عمليات هجومية منسوبة إلى سلاح الجو. 
•من الجانب الإسرائيلي، وعلى الرغم من النية العلنية على إحباط الخطط الإيرانية في سورية ولبنان، يبدو أن لا نتنياهو ولا وزير الدفاع ليبرمان ولا قيادة الجيش الإسرائيلي يتوجهون نحو مواجهة عسكرية ليس في الإمكان مسبقاً معرفة كيف ستنتهي. لقد جرت أغلبية جهود الكبح الإسرائيلية حتى اليوم من تحت الرادار، وبصعوبة حظيت بصدى إعلامي. وإذا كان في الإمكان الاستمرار هكذا من دون مواجهة مباشرة، يمكن أن تكون هذه هي طريقة العمل الإسرائيلية المفضلة.
•على إسرائيل وعلى إيران أيضاً أن تأخذا في الحسبان الموقف الروسي. موسكو هي المنتصر الأكبر في الحرب الأهلية السورية والقوة العالمية الوحيدة التي لا تزال لديها صلة مع كل الأطراف المعنية بالنزاع. وآخر ما يرغب فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو حرب إيرانية – إسرائيلية في الشمال تعرض للخطر الإنجاز الاستراتيجي الرقم واحد له في المنطقة في السنوات الأخيرة، أي إنقاذ نظام الأسد. ويبدو أن هذه هي الرسالة التي نُقلت إلى القدس وإلى طهران قبل نهاية يوم القتال في الشمال. وقد تصرّف الطرفان بما يتلاءم مع ذلك.
•يقول رئيس معهد دراسات الأمن القومي اللواء في الاحتياط عاموس يادلين لـ"هآرتس" إن إيران تبني قوتها وتزيد نفوذها في سورية من خلال دمج ثلاثة نماذج: نموذج حزب الله، ونموذج العراق، ونموذج كوريا الشمالية. فخلال سنتيْ2014-2015أقام حزب الله والحرس الثوري خلايا إرهابية،تأسست على خلايا درزية محلية في الجولان السوري وتنظيمات فلسطينية. ولدى مقتل ناشطين من هذه الشبكات في عمليات نُسبت إلى إسرائيل،تخلت إيران عن محاولتها تطبيق نموذج على غرار حزب الله في سورية.
•النموذج الثاني هو الصيغة التي استُخدمت في الماضي بنجاح في العراق والمتعلقة بنشر ميليشيات شيعية تابعة لإيران في شتى أنحاء سورية. هذه الميلشيات التي اعتمدت على مجندين من العراق ومن أفغانستان وباكستان، ساعدت في ترجيح الكفة  في القتال لمصلحة نظام الأسد. لكن عدد عناصرها في سورية لم يزدد، وهو حالياً بحسب بعض التقديرات أقل من 10 آلاف.
•مؤخراً، أُضيف النموذج الثالث، الذي يسميه يادلين الكوري الشمالي، لأنه يُذكر بتهديد صواريخ بوينغ يانغ على سيول. ويبدو أن إيران تسعى لتجديد ترسانة الصواريخ البعيدة المدى لنظام الأسد في سورية، الذي استُخدم الجزء الأكبر منه أو دُمِّر في الحرب الأهلية. وفي الوقت عينه تنوي إيران إقامة خط إنتاج للصواريخ الدقيقة لحزب الله في لبنان، وبذلك تكون قد أسست على المدى البعيد تهديداً متمثلاً في صواريخ قريبة وكثيفة على حدود إسرائيل. ويجري هذا التحول خلال سنوات الهدوء التي وفّرها اتفاق فيينا الذي يؤجل التهديد النووي الإيراني إلى سبع وحتى إلى عشر سنوات على الأقل.
•وحتى مع الافتراض المتفائل بأن طهران ستلتزم بكلمتها، فإنها
 
 
لدى انتهاء شروط الاتفاق ستكون في وضع مريح جداً:  أيضاً تستطيع العودة  إلى الدفع قدماً بالمشروع النووي، وأن تبني أيضاً تهديداً صاروخياً مزدوجاً من سورية ومن لبنان سيدفع بإسرائيل إلى التفكير مرتين وثلاث مرات قبل أن تشن هجوماً ضد المنشآت النووية الإيرانية.
•ومن المتوقع أن تزداد الترسانة الصاروخية وأن تنتشر على جبهات واسعة جداً، وأن يتحول جزء منها إلى صواريخ دقيقة. لقد كشف نتنياهو في خطابه في مؤتمر ميونيخ في نهاية شباط/فبراير للمرة الأولى عن الهدف الإيراني: تسليح حزب الله بصواريخ يصل مدى دقتها إلى  10 أمتار من الهدف.  
•لقد عاود رئيس الحكومة في محادثاته هذا الأسبوع في واشنطن مع الرئيس الأميركي الضغط على ترامب كي يعلن خروج أميركا من الاتفاق النووي في أيار/مايو. وفي الوقت عينه تحاول دول الإتحاد الأوروبي قيادة مبادرة تفرض على إيران مزيداً من الرقابة والقيود بشأن كل ما يتعلق بمشاريع صواريخها وانتشار الصواريخ والتكنولوجيا وسط منظمات ارهابية وتنظيمات تخوض حرب عصابات في المنطقة. هذه هي الأهداف الموضوعة في السنوات المقبلة، انطلاقاً من الإدراك بأن صراع القوة مع إيران سيستمر أيضاً في السنوات المقبلة، وأن  ما وفّره اتفاق فيينا هو توقف موقت  للمواجهة وليس حلاً شاملاً.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022