إعلان تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي

إعلان تقرير المخابرات الأمريكية عن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي

الأهداف والتداعيات وسيناريوهات المستقبل

 

بقرارها الإفراج عن تقييم الاستخبارات الوطنيّة الأميركية لمقتل جمال خاشقجي، أطبَقت إدارة جو بايدن حصارها على وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان. حصارٌ يتزايد منذ «حادثة القنصلية» في خريف عام 2018، التي فاقت بتداعياتها كلّ ما تصوّره يوماً وريث العرش، وعلى رغم مساعيها إلى امتصاص صدمة التقرير، عبر تطمين قيادة المملكة القَلِقة إلى استمرار«الحلف التاريخي»، إلّا أن الإدارة الأميركية أبرزت هدفها بوضوح: إعادة ضبط العلاقات المُصابة بحمّى ترامب، لاستقطاب بن سلمان مذلولاً إلى دارها

 

أولا: خلاصات التقرير

وكشف الرئيس الامريكي جو بايدن عن تقريرالمخابرات الأمريكية عن مقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الجمعة 27 فبراير 2021، بعد تهذيبه بشكل يخدم المصالح العليا لواشنطن،سواء أكان على طريق الابتزاز المالي للادارة السعودية، تحت سيف العقوبات، أو التواجد الأمريكي بالشرق الأوسط.

وخلص تقرير “الاستخبارات الأميركية” إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان “وافق على خطف أو قتل خاشقجي، حيث كان يرى فيه تهديدا للمملكة، وأيد استخدام تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته”.

وجاء استخدام حرف العطف أو على ما يبدو بديلا عن حرف “و”، كما في اتفاقية السلام بين إسرائيل والعرب في 1979، باستخدام كلمة أراض بدلا من كلمة الأراضي، و بنى التقرير خلاصاته استناداً إلى مكانة ابن سلمان في عمليّة صنع القرار في بلاده، فضلاً عن الضلوع المباشر لمستشاره الرئيسي (سعود القحطاني) وأفراد من فريق حمايته الخاص في الجريمة، إلى جانب “دعمه استخدام تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكات المعارضين في الخارج، ومنهم خاشقجي”.

وذكر التقرير أن فريق الاغتيال الذي وصل إلى إسطنبول في الثاني من أكتوبر 2018، ضمّ مسؤولين عملوا أو كانوا مرتبطين بـ”المركز السعودي للدراسات والإعلام” في الديوان الملكي، مشيراً إلى أن العمليّة جرت بقيادة سعود القحطاني، المستشار السابق في الديوان الملكي، الذي أشرف على سبعة من أعضاء “قوّة التدخّل السريع”، وهي “مجموعة فرعيّة من الحرس الملكي السعودي، تتولّى مهمّة الدفاع عن وليّ العهد، وتستجيب له فقط”، والتي ما كانت لتشارك في العمليّة من دون موافقته.

واتّهم تقييم الاستخبارات الأفراد التالية أسماؤهم بأنهم شاركوا أو أمروا أو تواطأوا في مقتل خاشقجي نيابةً عن وليّ العهد:

سعود القحطاني، ماهر المطرب، محمد الزهراني، منصور أباحسين، بدر العتيبة، عبد العزيز الهوساوي، وليد عبد الله الشهري، خالد العتيبة، ثائر الحربي، فهد شهاب البلوي، مشعل البستاني، تركي الشهري، مصطفى المدني، سيف سعد، أحمد زايد عسيري، عبد الله محمد الهويريني، ياسر خالد السالم، إبراهيم السالم، صلاح الطبيقي ومحمد العتيبة.

وجاء الكشف عن التقرير فيما يسعى الرئيس جو بايدن إلى إعادة ضبط العلاقات الأميركية في الشرق الأوسط، وإعادة “مبادئ حقوق الإنسان” إلى مكانة بارزة في السياسة الأميركية، بحسب تقديرات أمريكية. كشفٌ يعكس استعداد الإدارة الوليدة لتحدّي المملكة في قضايا كثيرة، من مثل حقوق الإنسان وملفّ الحرب على اليمن، غير أن الرئيس الأميركي يخطو بحذرٍ للحفاظ على العلاقات مع المملكة، في إطار سعيه إلى إحياء الاتفاق النووي المُبرم مع إيران، ومعالجة تحديات أخرى؛ من بينها “محاربة التطرّف الإسلامي”، والمضيّ في سياسة دونالد ترامب لتعزيز قائمة المطبّعين العرب مع إسرائيل.

فيما، أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها، رفضها “القاطع” لما ورد في التقرير من “استنتاجات مسيئة وغير صحيحة عن قيادة المملكة”، وسرعان ما تصاعدت بيانات التضامن من قبل الدول العربية والاسلامية مع السعدية، فاصدرت باكستان والبحرين والامارات والكويت وقطر وجيبوتي بيانات تضامنية مع السعودية، وذلك بجهود دبلوماسية من الرياض، من أجل خلق رسالة من عدة اطراف اقليمية ودولية لواشنطن بخطورة ما تسعى له ادارة بايدن.

وعلى الرغم من الضجة الكبيرة التي أثارها التقرير في السعودية وعدد من الدول بالشرق الأوسط،  إلا أن العديد من المنظمات دانت امتناع بايدن عن معاقبة شخص محمد بن سلمان، حيث أكدت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء “أجنيس كالامار” أن عدم اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات ضد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، أمر “خطير للغاية”.

وجاء ذلك في تصريحات بمؤتمر صحفي شاركت فيه كالامار بجنيف، حسبما نقلت وسائل إعلام غربية، منها صحيفة فايننشال تايمز.

وقالت كالامار إنه لأمر “خطير للغاية أن تعلن واشنطن أن الحاكم الفعلي للسعودية وافق على قتل خاشقجي دون اتخاذ إجراء ضده”.

 

ضغوط  تصاعدية

وإزاء ما تقدَّم، رتّبت واشنطن سلسلة من الخطوات لتخفيف الصدمة، إذ تحدّث بايدن، قبل ساعات من صدور التقرير، إلى الملك سلمان، في مكالمة قال الجانبان إنها جدّدت التأكيد على التحالف القائم منذ عشرات السنين بينهما، وتعهّدا في خلالها بالتعاون.

في هذا الوقت، يدرس البيت الأبيض إلغاء صفقات سلاح مع السعودية “تثير مخاوف تتعلّق بحقوق الإنسان”، وفي الوقت ذاته، قصر المبيعات العسكرية المستقبلية على الأسلحة “الدفاعية”، ريثما تنتهي الإدارة من تقييم العلاقات مع المملكة.

وفرضت الإدارة الأمريكية عقوبات على 76 سعوديًا بمن فيهم المتعاونون المقربون من الأمير.

وأشار “بايدن” إلى أنه سينظر على نطاق أوسع في حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، حيث قام الأمير الشاب بسحق المعارضة وتهميش خصومه أو حتى سجنهم.

والجمعة الماضية؛ قال “بايدن” إنه أوضح في مكالمة مع الملك “سلمان”، إن قتل المعارضين السياسيين غير مقبول وإنه يجب التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان.

وكانت المكالمة إلى الملك “سلمان” دليلاً على نية “بايدن” المعلنة بالعودة إلى البروتوكول التقليدي من خلال التواصل مع الحاكم ، وليس وريثه.

ونقلت “رويترز” عن دبلوماسي غربي في الرياض “إنه مجرد أمر رمزي بما يكفي لإظهار أن ترامب وضع الأمير محمد في موقف لا يستحقه، وليس موقفًا يناسبه، وقد حان الوقت لإعادته إلى حيث ينتمي”.

بالنسبة إلى “بايدن” قد يتجاوز الأمر الرمزية، حيث أشارت إدارته إلى أنها قد تلغي مبيعات الأسلحة إلى أحد أكبر مشتريها إذا أثاروا مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، وقصر الصفقات المستقبلية على الأسلحة “الدفاعية” فقط.

ورفعت واشنطن أيضًا حظر “ترامب” بشأن التعامل مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران والتي أطاحت بحكومة تدعمها السعودية في اليمن وهي الآن في حالة حرب مع القوات السعودية وحلفائها، خلفت الحرب الملايين من المعوزين القريبين من المجاعة، وتريد واشنطن إنهائها.

لكن القيادة الديموقراطية في الكونغرس ترى أن العقوبات الأميركية الحالية غير كافية؛ إذ قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، روبرت مينيديز، إن: “ما نراه هو الخطوة الأولى لجلب المحاسبة والشفافية لجريمة قتل خاشقجي، وأتمنّى أن نرى إجراءات ملموسة لمحاسبة وليّ العهد السعودي”.

لكن وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أكّد أن بلاده لا تريد “قطيعةً” في العلاقات مع السعودية، بل إعادة ترتيبها “لتصبح أكثر انسجاماً مع مصالحنا وقيمنا”، وهو ما اعتبره الزميل المشارك في مؤسسة “تشاتام هاوس” البحثية “نيل كويليام”، إن التقرير يشكل “طقطقة قوية لمفاصل الأصابع” ولكن حتى مع العلاقات الأكثر رسمية، ستظل واشنطن المزود الرئيسي للدفاع والأمن في المملكة، يعود التحالف إلى عام 1945، عندما التقى الرئيس “فرانكلين روزفلت” العاهل السعودي الملك “عبدالعزيز بن سعود” على متن سفينة تابعة للبحرية الأمريكية ووعد بالحماية العسكرية مقابل الوصول إلى احتياطيات النفط السعودية.

وفي إطار التفاعل السياسي للأمور، عقب الكشف عن محتوى التقرير، قدم بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي العديد من الاقتراحات للتصعيد ضد السعودية، فقدم الأربعاء 3 مارس الجاري، مشرعون أميركيون عن الحزب الديمقراطي مقترحا في الكونجرس، يهدف إلى معاقبة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، على خلفية تورطه بجريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.

ويتضمن المقترح، الذي قدمه العضو الديمقراطي بمجلس النواب توم مالينوويسكي مع اثنين من الأعضاء الديمقراطيين، أن يتم منع ابن سلمان من دخول الولايات المتحدة، لدوره في قتل خاشقجي، إضافة إلى حظر سفر جميع الأشخاص المذكورين في تقرير الاستخبارات الأميركية.

وينص مشروع القانون على أنه “لا يمكن للرئيس جو بايدن التنازل عن هذا الحظر، إلا بإخطار الكونغرس علنا قبل 15 يوما من إصدار التأشيرة”.

وذكر مالينوويسكي، في بيان، أن القانون واضح، ويشدد على ضرورة تطبيق حظر تأشيرة الدخول على الأشخاص المرتبطين بانتهاكات حقوق الإنسان، معتبرا أن إدارة بايدن تقوض رسالة واشنطن إلى الرياض بعدم محاسبة ابن سلمان، رغم تسميته بأنه قاتل خاشقجي.

 

ثانيا: دلالات التقرير الأمريكي

إرث ترامب:

ووفق  الكاتب الأردني، عمر عياصرة، بمقاله بـ”السبيل”، “إدارة بايدن تفرد أوراقها” : ” رسالة تقرير خاشقجي، المتزامنة مع الاتصال بين بايدن والملك سلمان بن عبد العزيز، ايضا كانت مقصودة، فهناك تأسيس على علاقة جديدة مختلفة، لكنها تراعي المصالح الإستراتيجية بين البلدين.

وعلى ما يبدو فإن بايدن لم يأت  للمنطقة برؤية الحزب الديمقراطي التقليدية، ولن يكون نسخة عن أوباما، لكنه سيبقى متأثرًا بإرث ترامب، فقد يتكيف حينًا، وقد يحاول التملص بوضوح احيانا كثيرة.”..

 

مازق لبايدن والسعودية:

ويمثل التقرير وما تبعه من تفاعلات وسجالات متباينة، مأزقا للجانبين، حيث اعتبرت شبكة “CNN” أن كلا من “جو بايدن” وولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” في مأزق وأمام كلفة هائلة في حال حدوث فك ارتباط بين الرياض وواشنطن، على خلفية تقرير الاستخبارات الأمريكية المتعلق باغتيال الصحفي “جمال خاشقجي”.

وذكرت الشبكة الأمريكية، في تقرير لها، أن الحقيقة القاسية لـ “بن سلمان” هي أن محكمة الرأي العام الدولي أدانته منذ فترة طويلة، وأن المسؤولين السعوديين يقرون بأن الصورة الدولية لولي العهد “شوهت بشكل دائم”.

وأضافت أن تلطخ صورة “بن سلمان” يعود إلى ما قبل مقتل “خاشقجي”، فحرب اليمن وابتزاز قرابة 200 أمير ورجل أعمال سعودي بتهم فساد مزعومة داخل فندق “ريتز كارلتون” الرياض، وضعت كلها سمعة ولي العهد على المحك.

كما أن “بايدن” بدون السعودية، لا يفقد النفوذ العسكري والضغط على إيران في المنطقة فحسب، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب لخصميه الرئيسيين، الصين وروسيا، للفوز بالجائزة الكبرى الاستراتيجية ويقضي على هيمنة واشنطن في قلب الخليج.

ومن ثم لا توجد خيارات سهلة أو جيدة، والتي يمكن أن تفسر سبب معاقبة بايدن لولي العهد، ولماذا كان تقرير الاستخبارات الذي طال انتظاره يفتقر إلى التفاصيل.

فقد أخطر وزير الخارجية الأمريكي “أنتوني بلينكن” السعودية، بقوله: “أوضحنا بشكل قاطع أنه يجب إنهاء التهديدات والاعتداءات التي تتجاوز الحدود الإقليمية للمملكة ضد النشطاء والمعارضين والصحفيين، ولن تتسامح الولايات المتحدة معها”.

وبحسب الشبكة الأمريكية، فإن تهديد “بلينكن”، “سيف ذو حدين، فبايدن رهينة للخط الأحمر الآن، فعلى الرغم من دقة المصالح الأمريكية أمام إمكانية غدر سعودي مرة أخرى، فإن الحكم على ولي العهد بأنه قد أساء إلى المعايير الأمريكية مرة أخرى سيكون أمرا بالغ الصعوبة”.

 

خلافات الداخل الأمريكي:

واثار  التقرير الذي جاء متطابقا مع سياسة “النصف عصا – نصف جزرة”، ردوداً متباينة تراوحت بين النقد والتفهم والخيبة.

زبحسب المحلل السياسي ، فيكتور شلهوب بـ”العربي الجديد”، فإن النقد في غالبيته جاء من الكونغرس، خصوصاً من الديمقراطيين، في ما يتعلق بالعملية العسكرية. كثيرون من بينهم أخذوا على البيت الأبيض عدم التشاور المسبق مع الكونغرس، مع أنه جرى إبلاغ “قياداته” بها قبل حصولها. كما طالبوا بكشف المزيد من المعلومات عنها، وكأن هناك فيها ما يدعو إلى الريبة، كما دعوا إلى وجوب حصول الإدارة على موافقة مسبقة من الكونغرس في المستقبل، مع أن الرؤساء تجاوزوا هذا الإجراء منذ الحرب العالمية الثانية ودخلوا حتى في حروب من دون إذن الكونغرس.

زفور إعلان  التقرير، خطف الأضواء واحتل العناوين الرئيسية المرئية والمقروءة، وبشبه إجماع في التعبير عن السخط، ليس فقط من دور ولي العهد السعودي في القضية، بل أيضاً من ردّ إدارة بايدن الرمادي، خصوصاً وأنه “لا يتناسب مع الثمن” الذي سبق وتوعّد به الرئيس بايدن. وازدادت الدهشة عندما قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن في مؤتمره الصحفي، إن التقرير “يتحدث عن نفسه”، مع التنويه بعقوبات فردية خفيفة، والاكتفاء بالإشارة إلى أن الإدارة عازمة على مراجعة العلاقات مع السعودية وإعادة “وضع معايير جديدة” لها، وهو مطلب مزمن يكاد يحظى بشبه إجماع في الكونغرس، الذي يشدد على وجوب وقف التعامل مع المملكة بعد الآن بطريقة “إعطاء الشيكات على بياض” لها.

إلا أن اجماعا بواشنطن حول تقرير خاشقجي وموقف بايدن، مجرد  ممارسات منقوصة أو عاجزة، لم تسفر عن تغييرات في أوضاع المنطقة وأزماتها، بل فاقمتها وعززت ديمومتها. وربما يكون هذا هو المطلوب في حسابات الممسكين بخيوط اللعبة.

 

تأرجح الشراكة الأمريكية السعودية:

ومما لا شك فيه ، فستقود ردود الأفعال العملية من الجانبين الأمريكي والسعودي على نشر تقرير “خاشقجي”، إلى توقع المدى الذي يمكن أن يبلغه تراجع الشراكة الاستراتيجية بينهما، والتي تعود إلى تاريخ 14 فبراير 1945، عندما التقى الملك “عبد العزيز آل سعود” والرئيس “فرانكلين روزفلت” على متن البارجة “يو أس أس كوينسي” في قناة السويس، واتفقا على توفير الولايات المتحدة الحماية العسكرية للسعودية مقابل الإقرار بامتياز الوصول الأمريكي إلى النفط السعودي.

وكانت الفترة ما بين أكتوبر 1973 ومارس 1974 إحدى المحطات الصعبة في تاريخ هذه الشراكة، عندما حولت السعودية والدول العربية في منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” النفط إلى سلاح، ورفعت سعره بنسبة 70% للضغط على الولايات المتحدة، التي كانت تدعم إسرائيل في حربها ضد مصر.

وشهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي عودة للعلاقات الاستراتيجية الدافئة مجددا، وبعد غزو العراق برئاسة “صدام حسين” للكويت، في أغسطس 1990، سمحت السعودية بنشر مئات الآلاف من القوات الأمريكية في أراضيها. وشكلت الأراضي السعودية قاعدة للتحالف الدولي الذي قادته واشنطن لطرد القوات العراقية الغازية.

لكن شراكة السعودية والولايات المتحدة تعرضت لثاني محطاتها الصعبة، وأخطرها على الإطلاق، بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة، التي تبناها “تنظيم القاعدة”، ونفذها 15 سعوديا من أصل 19 مهاجما قاموا بتحويل مسار طائرات في الهجمات التي تسببت بمقتل قرابة 3 آلاف شخص.

ورغم أن السعودية نددت بالهجمات، إلا أنها ظلت متهمة بتمويل جماعات التطرف حتى اليوم بدوائر السياسة الأمريكية.

وفي أكتوبر 2013، أعلنت الرياض رفضها شغل مقعد في مجلس الأمن الدولي في خطوة غير مسبوقة، للاحتجاج على ما اعتبرته “تقاعسا” من مجلس الأمن وواشنطن في النزاع السوري، وهي الخطوة التي مثلت ثالث محطات تأرجح العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن، في ظل امتعاض الرياض من سياسات الرئيس الأسبق “باراك أوباما” وإبرامه الاتفاق النووي مع إيران.

وبوصول “دونالد ترامب” إلى الرئاسة الأمريكية، تمتعت الرياض بحقبة من الشراكة الاستراتيجية المتينة مع واشنطن، وفي مايو 2017، اختار “ترامب” السعودية ليقوم بأول رحلة رئاسية له، حيث لقي استقبالا حارا، ودعا خلال الزيارة إلى “عزل” إيران.

وأعلن البلدان، خلال حقبة “ترامب”، عن عقود عسكرية ضخمة تتجاوز قيمتها 380 مليار دولار، بينها 110 مليارات لبيع أسلحة أمريكية إلى الرياض.

لكن خسارة “ترامب” للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وفوز “بايدن” عاد بالشراكة بين الرياض وواشنطن إلى التأرجح، ما عززته دعوة الرئيس الأمريكي الصريحة إلى “إنهاء” الحرب في اليمن، ووضع حد لـ”مبيعات الأسلحة” إلى السعودية.

وجاء نشر تقرير “خاشقجي” ليمثل حلقة جديدة في سلسلة تبدو متوالية لضغط الإدارة الأمريكية الجديدة على السعودية.. فهل تصل إلى تحويل مسار السعودية باتجاه الصين وروسيا؟ أم تكتفي الولايات المتحدة بحدود الضغط الدنيا؟ الأيام المقبلة تحمل مؤشرات الإجابة.

 

ثالثا:  أهداف الإدارة الأمريكية:

إعادة ضبط العلاقة الأمريكية السعودية

وقد حققت إدارة بايدن اختراقًا في العلاقة مع السعودية سيمكنها من اعادة برمجة العلاقة وفق تفضيلات وتوجهات الإدارة الامريكية الجديدة، وإعادة ضبط العلاقة، وبحسب الباحث السياسي الأردني، حازم عياد ، في مقاله “اعادة ضبط العلاقات الامريكية السعودية” ستبقي الباب مفتوحًا على مفاجآت وضغوط وتحديات للسعودية في إدارة علاقاتها بالولايات المتحدة.

وبالرغم من رفض الرياض الاستنتاجات الواردة في التقرير الصادر عن وكالة المخابرات الامريكية حول حادثة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، إلا أن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن من القول إن “تقرير خاشقجي يتحدث عن نفسه وخطوات اليوم مهمة جدا لإعادة ضبط العلاقات السعودية الأمريكية”. وذلك بقوله إن “أمريكا اتخذت عددا من الخطوات القوية اليوم لمنع سلوك مماثل من السعودية في المستقبل”؛ فوزارته فرضت حظرًا على 76 مواطنا سعوديا على صلة بالقضية فيما عرف بـ”حظر خاشقجي”.

في حين ان وزارة الخزانة فرضت عقوبات على قوات التدخل السريع التابعة للحرس الملكي السعودي، وهي إجراءات غير مسبوقة في تاريخ العلاقة الامريكية السعودية على مدى الـ 80 عامًا الماضية.

 

-مصالح أمريكية أكبر

ووفق تقديرات استراتيجية، فإن لجوء الخارجية الأمريكية، إلى مصطلح “ضبط العلاقة الامريكية مع السعودية، يستهدف ترك الباب مفتوحا بين البلدين،  حيث حرص “أنتوني بلينكين” على التأكيد  على أن “أمريكا ملتزمة بالدفاع عن السعودية، وإن ما فعلته بلاده لا يمزق العلاقات مع السعودية لكنه يعيد ضبطها”.

وعلى الرغم من أن المفهوم فضفاض ، إلا أنه يشمل على الارجح وقف مبيعات الاسلحة الى المملكة السعودية بحجة إمكانية استعمالها في حرب اليمن، أو برفع جماعة انصار الله الحوثي من قائمة الإرهاب والعقوبات الامريكية؛ فمفهوم الضبط كإجراء بات فضفاضًا يشمل ملفات اقليمية ومحلية سعودية.

ومن المرجح  أن يمتد ملف ضبط العلاقات، الى ملفات داخلية سعودية تتعلق بالبيت السعودي الداخلي، سواء كانت على صلة بحقوق الانسان أم بالادارة السياسية والامنية والهيكل السياسي الداخلي. وهو ما أعلن عنه بايدن خلال اتصاله الأول بالملك سلمان بن عبد العزيز، ملمحا إلى أن وجود محمد بن سلمان في منصب ولاية العهد، خيارا غير موفق وغير مقبول أمريكيا وغربيا، وهو ما ترجمه استثناء بايدن له  من اتصالاته الرسمية.

كما أن المؤكد أن ادارة بايدن حققت اختراقًا مهمًا في العلاقة مع السعودية سيمكنها من اعادة برمجة العلاقة على وقع التفضيلات والتوجهات التي تملكها الادارة الامريكية الجديدة تجاه العديد من الملفات المرتبطة بالمملكة، سواء الداخلية ذات الطبيعة المحلية أم الخاجية ذات الطبيعة الاقليمية، ومن هنا فإن إعادة ضبط العلاقة ستبقي الباب مفتوحًا على مزيد من المفاجآت والضغوط والتحديات للمملكة العربية السعودية في إدارة علاقاتها بالولايات المتحدة الامريكية.

 

رابعا: تداعيات استراتيجية

مأزق ولاية العهد

ومن المرجح أن يواصل الرئيس الأمريكي إصراره على التحدث فقط مع الملك “سلمان”، وهو ما حدث في 25 فبراير الماضي ، لكن هذا لن يكفي كرد أمريكي على جريمة القتل البشعة وتورط “بن سلمان” فيها، بالنظر إلى الجو العام المحيط بالقضية بين أعضاء الكونجرس ووسائل الإعلام والرأي العام.

وتشئ الدبلوماسية الأمريكية، إلى وبراجماتية الطروحات الديمقراطية، إلى امكانية إضاف بن سلمان  إلى قائمة الـ17 سعوديا الذين فرضت إدارة “ترامب” عقوبات ضدهم. ومن شأن ذلك أن يمنعه من السفر ويجمد أصوله التي تسيطر عليها الولايات المتحدة.

وكان “بن سلمان” قد نجا من مثل هذا الإجراء بسبب حماية الرئيس السابق “دونالد ترامب” له. وفي الواقع، تفاخر “ترامب” في مقابلة عام 2018 مع الصحفي الاستقصائي “بوب وودوارد” بأنه أنقذ “بن سلمان” من الكونجرس، الذي طالب بكشف المعلومات التي لدى إدارة “ترامب” بشأن اغتيال “خاشقجي”.

وقد ينظر البعض إلى معاقبة “بن سلمان” بحظر السفر على أنها مجرد “قرصة أذن”؛ لأنها لن تؤثر على مطالبته بعرش السعودية. فبعد كل شيء، “بن سلمان” هو الحاكم الفعلي للمملكة، بينما يتراجع والده المريض الملك “سلمان بن عبدالعزيز” تدريجيا عن المشهد السياسي. وهكذا يمكن لولي العهد أن يسيطر على السلطة عبر ولاء قطاع عريض من المجتمع السعودي، فضلا عن القوى الاقتصادية والأمنية والعسكرية في البلاد.

ومع ذلك، فإن هذا المنطق يتجاهل التأثير الأخلاقي والسياسي والاقتصادي لتسمية ولي العهد باعتباره شخصا غير مرغوب فيه من قبل السلطات الأمريكية. واليوم، تعتبر السعودية زعيمة العالم العربي، ليس بسبب حجمها الكبير أو عدد سكانها ولكن بسبب نفوذها المالي وكونها موطن اثنين من أقدس الأماكن في العالم الإسلامي، المسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة.

وسيبقى اتهام ولي العهد بالمسؤولية عن القتل الشنيع لمواطن سعودي تجرأ على تقديم المشورة حول كيفية حماية ولي العهد ودولته لحقوق الإنسان في المملكة، لعنة وبقعة سوداء في جبين حاكم يستخدم لقب “خادم الحرمين الشريفين”. ومن المؤكد أن وضع “المنبوذ” لن يبشر بالخير بالنسبة للمكانة الأخلاقية لملك سعودي يريد أن يحظى باحترام العرب والمسلمين، بل والعالم.

ومن الناحية السياسية، من المعروف أن “بن سلمان” لديه العديد من الأعداء والمنافسين داخل العائلة المالكة السعودية، والذين ينتظرون لحظة مناسبة للظهور كمنافسين على العرش. فقبل صعود الملك “سلمان” إلى منصب ولي العهد عام 2012، لم يكن “بن سلمان” سوى “أمير”. وبحلول عام 2017، بعد عامين من تولي والده منصب الملك، أصبح “بن سلمان” وزيرا للدفاع ونائبا لولي العهد ابن عمه “محمد بن نايف”، ثم وليا للعهد بعد ذلك.

ولم يخل هذا الصعود من الآلام للعديد من الأمراء الآخرين، بما في ذلك ولي عهد “سلمان” الأول والثاني، “مقرن بن عبدالعزيز” و”محمد بن نايف”، بالإضافة إلى أولئك الذين خدموا في عهد عمه الملك “عبدالله”. كما شن “بن سلمان” حملة تطهير في صفوف العائلة المالكة ودوائر النخبة الأخرى. وبطبيعة الحال، خلق ذلك على طول الطريق العديد من المنافسين والأعداء الذين يمكنهم استخدام مكانته المتراجعة كرجل ملوث بالدم لتبرير الجهود الجادة للإطاحة به.

ومن الناحية الاقتصادية، يعتمد جزء كبير من أجندة “بن سلمان” على موقعه بصفته ملكا بلا منازع وشرعيا وخاليا من النقائص. وتتضمن خطته المعروفة بـ”رؤية 2030″ تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، وتطوير قطاعي السياحة والترفيه، وتوقيع اتفاقيات ثنائية مع عمالقة التكنولوجيا والقوى التجارية، ومتابعة التطوير العقاري المذهل. وغني عن القول أن هذه المشاريع تتطلب مئات المليارات من الدولارات التي لا تملكها المملكة حاليا، بالنظر إلى تقلص الإيرادات من صادرات النفط خلال تباطؤ الاقتصاد العالمي.

ويتضمن أحد هذه المشاريع خطة غير واقعية لبناء مدينة “نيوم” على الساحل الشمالي الغربي للمملكة. وبتكلفة تبلغ نحو 500 مليار دولار، يُنتظر بناء هذه المدينة كمدينة خالية من الكربون؛ حيث تعتمد الحياة الاجتماعية والاقتصادية فقط على الطاقة المتجددة وحيث يتم التضحية بالتقاليد من أجل نسخة من الحداثة الهجينة.

وتتطلب مشاريع “بن سلمان” الجديدة أيضا ضخ مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية التي قد لا تأتي في أي وقت قريب، سوف تتفاقم التداعيات على الساحة الداخلية السعودية بفعل التطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي، مثل حرب اليمن، وشؤون مجلس التعاون الخليجي، وموقف السعودية من إيران، ومكانة السعودية في العالم.

ووفق تقدير استراتيجي للمركز العربي ،أعده الباخث عماد حرب ، ونشرته “واشنطن دي سي”، ستبدو المملكة مجروحة وضعيفة بوجود “بن سلمان” على رأسها. والأهم من ذلك، من المرجح أن تفقد المملكة الكثير من الدعم الذي كانت تعتمد عليه سابقا من الولايات المتحدة، ليس فقط عسكريا ولكن أيضا سياسيا واستراتيجيا، في وقت ينتشر فيه الحديث عن محور أمريكي آسيوي في العاصمة الأمريكية، ومن الممكن ان تلجأ الرياض لتقديم الكثير من المزايا المالية لواشنطن، عبر ضخ أموال أو مساعدات أو صفقات لاداؤ بايدن، كما سبق وان قدمت لإدارة ترامب.

 

مزيد من اخضاع السعودية

ولعل اصدار السعودية التقرير بهذا الشكل المهندس والمهذب إلى حد كبير،  كان مستهدفا، حيث هدف قرار بايدن، ومن خلال توجيه أصابع الاتهام علنًا إلى “بن سلمان” الحاكم الفعلي للمملكة وليس بالاسم جعلت واشنطن أيضًا من الصعب على حلفائها الغربيين التعامل معه بشكل مباشر، ولكن في حين أنها قد ترغب في التقليل من شأن الأمير البالغ من العمر 35 عامًا، تدرك واشنطن أنها لا تستطيع تحمل الانفصال الكامل عن حليفها العربي الأقدم والثقل الموازن الرئيسي لإيران في المنطقة. وهو ما ترجمه وزير الخارجية “أنتوني بلينكين” للصحفيين “ما فعلناه ليس لقطع العلاقة ولكن إعادة ضبطها لتكون أكثر انسجامًا مع اهتماماتنا وقيمنا”.

وقالت “إليزابيث كيندال” الباحثة في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أكسفورد إن التقرير “محرج للغاية للمملكة العربية السعودية وقادة العالم الآخرين حيث أصبحوا مضطرين إلى تقرير ما إذا كان سيتم الاستمرار في التعامل مع ولي العهد ومتى وكيف سيتم ذلك”، وقد هدف بايدن عدم معاقبة بن سلمان “لأن ثمن خطوة كهذه عالٍ للغاية وستضع واشنطن في موقف عدائي مع الرياض”.

 

 

خامسا: سيناريوهات المستقبل

وبحسب وكالة وكالة بلومبرج الأمريكية فإن أسرع خطوة إضافية يمكن اتخاذها ضد السعودية هي :

-الخيار الأول، اتخاذ عقوبات جديدة ضد الدائرة المقربة من “بن سلمان”، بعد حظر أكثر من 70 مسؤولا سابقا من دخول الولايات المتحدة وتجميد أصولهم. وذهب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فيرجينيا “تيم كين” أبعد من ذلك حين دعا إلى  محاسبة المملكة بموجب “قانون ماجنيتسكي” الذي يمنح الولايات المتحدة سلطة واسعة لفرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان الأجانب.

-الخيار الثاني، مبيعات الأسلحة: الضغط بمبيعات الأسلحة يمثل ورقة ضغط ثانية بيد إدارة “بايدن”، التي أقدمت منذ قدومها في أيامها الأولى على تجميد مبيعات السلاح إلى السعودية والإمارات كجزء من مراجعة أوسع لسياستها بالمنطقة.

فقد تلغي الإدارة الأمريكية بيع الأسلحة الهجومية إلى السعودية، التي يمكن أن تستخدمها في حرب اليمن، وهو أمر يبدو مستبعدا بعض الشيء. وذلك مخافة أن تلجأ الرياض إلى روسيا أو الصين للتسلح..وهو أمر غيرواقعي ، وفق تقديرات الوكالة الامريكية، نظرا لأن السعودية “منظومتها الدفاعية غربية تماما، ولا يمكن استبدالها بسلاح روسي أو صيني.

-الخيار الثالث أمام إدارة “بايدن”:  هو تقديم مزيد من التفاصيل حول تورط “بن سلمان” في اغتيال “خاشقجي”، وهو ما من شأنه أن يضعف مكانة ولي العهد، وفي هذا الإطار، بإمكان الولايات المتحدة اتخاذ “تحركات “رمزية”، مثل تأخير اجتماعاتها بكبار القادة السعوديين أو التقليل من ثنائها على المملكة كحليف رئيسي، ومن شأن ذلك، حسب تقرير بلومبرج، تعقيد جهود “بن سلمان” لتصوير المملكة كلاعب “منفتح ومسؤول في الساحة العالمية على الرغم من انتهاكات حقوق الإنسان”، لكن هذا النهج، لن يخلو من مخاطر، بحسب الباحثة المقيمة في معهد أمريكان إنتربرايز “كارين يونج”، التي قالت إن إهانة ولي العهد “قد تفسد العلاقة (السعودية الأمريكية) لعقود قادمة” .

-الحيار الرابع: الموقف من حرب اليمن : إذ بإمكان الولايات المتحدة أن “تنتزع التزاما” من السعوديين بوقف هذه الحرب والتوصل لحل سلمي مع  الحوثيين.

وقد أعربت السعودية بالفعل عن استعدادها للعمل مع إدارة “بايدن” على طريقة لإنهاء الاقتتال، خصوصا بعد تكثيف هجمات الحوثيين ضد المملكة مؤخرا.

-الخيار الخامس : يتعلق بالجانب الدبلوماسي، إذ يمكنه مطالبة السعوديين على الأقل بتخفيف لهجتهم ضد تجديد الاتفاق النووي مع إيران المبرم عام 2015 ثم انسحبت منه الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”.

ويمكن لإدارة “بايدن” أيضا مطالبة السعودية بتحسين العلاقات مع إسرائيل، بما في ذلك إصدار إعلان رسمي عن علاقات دبلوماسية بين البلدين. وهو ما يبدو الخطوة الأبرز في المرحلة المقبلة، وكانت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أشارت ، يوم الأحد الماضي، إلى وجود مخاوف لدى عدد من المسؤولين بدولة الاحتلال إزاء الضغوط المتزايدة لإدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” على السعودية، باعتبارها تسهم في تعزيز موقف إيران، وزعزعة التقارب الحاصل في العلاقات بين الرياض وتل أبيب.

وأوردت الصحيفة الصادرة باللغة الإنجليزية، في تقرير نشرته الأحد، أن المواقف الأمريكية الأخيرة من الرياض “تضعف التحالف الإقليمي ضد إيران، في وقت تظهر فيه الولايات المتحدة استعدادا أقل لمواجهة نظام آية الله”، في إشارة إلى عزم إدارة “بايدن” العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق “دونالد ترامب” في عام 2018.

وكانت القناة العامة 11 العبرية قد أفادت، الأربعاء الماضي، بأن اتصالات سعودية إسرائيلية رفيعة المستوى جرت مؤخرا، وتمحورت حول “القلق السعودي” من سياسات الرئيس الأمريكي “بايدن” خلال المرحلة المقبلة، وجاء طرح القلق السعودي بالاتصالات مع إسرائيل من الانطباع لدى الرياض أن بمقدور إسرائيل تقديم مساعدة ما في مواجهة إدارة “بايدن”، وينسجم ذلك مع تأكيد موقع “بوليتيكو” على أن “بايدن” يريد أن يبعث برسائل إلى “نتنياهو”، و”بن سلمان”، أنهما لم يعودا في مركز العالم الأمريكي وعليهما التفكير مليا قبل اتخاذ أي خطوة تقوض المصالح الأمريكية.

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن “بايدن” سيكون لديه الكثير من الخيارات لتعقيد الأمور أمام السعودية، لو حاولت تخريب جهود العودة للاتفاقية النووية مع إيران؛ بينها فرض عقوبات على “بن سلمان” ورجاله لتورطهم في مقتل الصحفي “جمال خاشقجي”، أو قطع الاتصالات معه بشكل دائم والتأكيد أن الولايات المتحدة لن تقف أمام المحاولات التي تريد جلب السعودية أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في اليمن.

 

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022