خطوات تطور العلاقات التركية المصرية… الدوافع ومصير المعارضة

 

تقرير رصد لخطوات الدولتي (المصرية والتركيا) نحو تهيئة الأسباب لترك باب التقارب بينهما مفتوحا، لتحقيق أكبر قدر من المصالح الخاصة، وهو تقرير معتمد على أهم ما جاء في الوكالات العالمية والمواقع الإخبارية وتحليلات الخبراء والباحثين في المنطقة.

 

عناصر التقرير

  • مساعي تركيا تتمثل في:
  • تصريحات الحكومة والمقربون منها.
  • زيادة الواردات والتعاون التجاري.

 

  • مساعي مصر تتمثل في:
  • التحركات الأخيرة في الملف الليبي، وقطع الطريق على الضغط الإماراتي.
  • موقفها من الجرف القاري للمنطقة التركية في شرق المتوسط.

 

  • دوافع التقارب بالنسبة لمصر:

دوليا:

  • بسبب تغيير الديناميكية الدولية بفوز بايدن
  • بسبب انخفاض حدة التصعيد بين تركيا واليونان، وتركيا وإسرائيل.

 

إقليميا:

  • بسبب تجاهل الدور المصري في قضية مقاطعة الخليج، وتقارب الخليج من تركيا.
  • بسبب الخلافات مع الإمارات التي تتمثل في (الضغط الإماراتي على الجيش المصري).
  • بسبب مكانة مصر المهزوزة بعد موجة التطبيع.

 

  • دوافع التقارب بالنسبة لتركيا:
  • جزء من السياسة الخارجية الجديدة بالنسبة لتركيا خلال العام الحالي 2021 والمبنية على دوافع داخلية وخارجية.
  • رغبة تركيا في منع مصر من أن تكون رهينة لدول أخرى تريد استخدامها كدرع في معاركها الخاصة مع تركيا.
  • رغبة تركيا في التوسع الاقتصادي في أفريقيا دون وجود معوقات.

 

  • مصير المعارضة:
  • أولية طرح الملف المعارضة في مناقشة الملفات.

 

 

 

 

 

 

 

مساعي الجمهورية التركية نحو التقارب: وتمثلت في مجموعة من التصريحات، والتي بدأت بتلميحات من مستشار الرئيس التركي “ياسين أقطاي” بضرورة التواصل مع الدولة المصرية، ثم أنطلقت التصرحات في سلم الحكومة التركية، حتى كان أخر التصريحات من المتحدث باسم الرئاسة التركية ( إبراهيم قالين) “بإمكانية الفتح صفحة جديدة مع مصر وبعض دول الخليج، ثم لحقة إعلان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الجمعة 12 مارس، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها.

السبت 12 سبتمبر أكد ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب “العدالة والتنمية” الرئيس رجب طيب أردوغان ضرورة أن يكون هناك تواصل بين مصر وتركيا، بغض النظر عن أي خلافات سياسية قائمة جاء ذلك في مقابلة مصورة مع موقع “عربي 21″، ومقره إسطنبول، وفي رده على سؤال بشأن ما إذا كان هناك تفاهم بين أنقرة والقاهرة بخصوص الملف الليبي، قال أقطاي: “لا توجد لديّ معلومات دقيقة في هذا الخصوص، لكن حسبما أسمع وأرى فإن هناك تقاربا وتواصلا بين الأطراف”.وأضاف: “لابد أن يكون هناك تواصل بالفعل بغض النظر عن أي خلافات سياسية بين الرئيس أردوغان وعبدالفتاح السيسي، فالحكومتان والشعبان يجب أن يتقاربا”.

الاربعاء 30 ديسمبر صرح وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، إن بلاده ومصر تسعيان لتحديد خارطة طريق بشأن علاقاتهما الثنائية، والتحرك وفق مبدأ “عدم التضارب في المحافل الدولية”، موضحا أن التواصل مع مصر على الصعيد الاستخباراتي مستمر لتعزيز العلاقات، والحوار قائم على مستوى وزارتي الخارجية.

السبت 20 فبراير كشفت مصادر مصرية مقربة من اللجنة المعنية بالملف الليبي، تفاصيل زيارة رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد الدبيبة، أول من أمس الخميس إلى القاهرة، وكشفت أن الدبيبة حمل أيضاً رسائل تقارب لمصر مع تركيا، من دون أن توضح إن كانت تلك الرسائل اجتهاداً شخصياً منه، أم أنها رسائل تم تحميله بها من الجانب التركي، بحكم العلاقات القوية بين الجانبين، في ما يخص أزمتي ليبيا وشرق المتوسط.

الاثنين 22 فبراير  تحدث السفير التركي لدى الدوحة، محمد مصطفى كوكصو، عن طبيعة علاقات بلاده مع مصر، مع استمرار التوتر السياسي بين الطرفين. وقال كوكصو، في مقابلة مع قناة “الجزيرة مباشر” ، إنه متفائل بتحسن العلاقات مع مصر، مشيرا إلى “استمرار العلاقات التجارية والاستثمارات بين البلدين رغم المشاكل على الصعيد السياسي”.

الجمعة 26 فبراير قال وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الجمعة، إن بلاده بدأت التحضير لاتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، مؤكدا من جهة أخرى أنه لا يوجد أي سبب يمنع تحسين العلاقات مع السعودية. وأكد تشاووش أوغلو أنه في حال قامت السعودية بخطوات إيجابية فسنقابلها بالمثل والأمر ذاته ينطبق على الإمارات.

الأربعاء 4 مارس  صرح  جاووش أوغلو إنّ تركيا ومصر قد تتفاوضان على ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط، إذا سمحت العلاقات بينهما بمثل هذه الخطوة. وأوضح جاووش أوغلو أنّ عروض التنقيب التي طرحتها مصر احترمت الجرف القاري لتركيا، وإنّ “أنقرة نظرت إلى هذا الأمر نظرة إيجابية.

السبت 6 مارس ثمّن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، احترام مصر للجرف القاري التركي خلال أنشطتها للتنقيب شرقي المتوسط، مؤكدا أن ذلك تطور هام. جاء ذلك في كلمة لأكار خلال إشرافه على مناورات “الوطن الأزرق 2021” البحرية، التي انطلقت في بحري المتوسط وإيجة في 25 فبراير الماضي، وتختتم فعاليتها الأحد، وقال أكار إن تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة، معربا عن ثقته بأن تفعيل هذه القيم يمكن أن ينعكس على حدوث تطورات مختلفة في الأيام المقبلة، وأكد الوزير التركي أن القرار المصري، المتمثل باحترام الصلاحية البحرية التركية بالمتوسط، يصب كذلك في مصلحة حقوق ومصالح الشعب المصري، معرباً عن اعتقاده بإمكانية إبرام اتفاقية أو مذكرة تفاهم مع مصر في الفترة المقبلة، بما يتماشى مع اتفاق الصلاحية البحرية المبرم مع ليبيا، المسجل لدى الأمم المتحدة، وأوضح أكار أن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو يواصل الأعمال اللازمة بالتنسيق مع المؤسسات والمنظمات والوزارات ذات الصلة في هذا الإطار.

الاثنين 8 مارس  وقال الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالين في في مقابلة مع وكالة “بلومبرغ” الأميركية: “يمكن فتح فصل جديد في علاقتنا مع مصر ودول الخليج، للمساعدة في السلام والاستقرار الإقليميين”، وكرر موقفاً تركياً أخيراً يفيد بأن “مصر دولة مهمة في الوطن العربي، وتبقى عقل العالم العربي، وهي قلب العالم العربي”، مضيفاً: “نحن مهتمون بالتحدث مع مصر حول القضايا البحرية في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى قضايا أخرى في ليبيا، وعملية السلام والفلسطينيين”.

الثلاثاء 9 مارس  قال متحدث حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر تشليك، اليوم ، إن موقف أنقرة المبدئي حيال مصر المرتبط بالماضي من ناحية الحقوق والديمقراطية لا يزال مستمرا، ولكن الحوار معها جاء لضرورة التطورات شرق المتوسط. وفي مؤتمر صحافي عقده في أنقرة على هامش اجتماع قيادة الحزب، قال تشليك ردا على سؤال حول المفاوضات مع القاهرة “مصر دولة مهمة، ولدى تركيا علاقات قوية مع الدولة والشعب المصري تستند للتاريخ المشترك”، وأضاف: “سبب تراجع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين يعود لمرحلة معروفة، والموقف هذا ينطلق من الحقوق الشعبية والديمقراطية التي حصلت في مصر، ولكن هناك وضعا جديدا في البحر المتوسط”،  وشرح تشليك ما ذهب إليه بالقول: “المسألة لا ترتبط بموضوع الغاز فقط، بل هناك القضية السورية والحرب في ليبيا، وبات البحر المتوسط مرتعا للسفن الحربية لكل دول العالم تقريبا”. وأكمل: “التحركات الاستكشافية دفعت الدول المتشاطئة للبحث عن صيغ للتفاهم، ولدى تركيا الأرضية المناسبة للحوار مع مصر حول هذه القضايا، وهذا لا يعني أن تركيا تخلت عن موقفها المبدئي السابق، والحوارات مرتبطة بالمقاربة المتبادلة بين الطرفين”.

الجمعة 12 مارس  أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الجمعة 12 مارس، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين تركيا ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وعدم طرح البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك. جاء ذلك في تصريحات للتلفزيون التركي حول المستجدات في ملفات السياسة الخارجية

الجمعة 12 مارس وقال مصدران في المخابرات المصرية إن مسؤولًا أمنيًا مصريًا تلقى اتصالًا هاتفيًا من مسؤول في المخابرات التركية أمس الخميس 11 مارس يبدي الرغبة في عقد اجتماع بالقاهرة لبحث سبل التعاون على الأصعدة الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية، وأضافا أن المسؤول المصري رحب بالدعوة، ووعد بالرد في أسرع وقت ممكن. جاءت المكالمة في أعقاب اتصالات غير رسمية بين مسؤولين أمنيين مصريين وأتراك لبحث سبل التواصل بين الجانبين. وبحسب المصدرين، لم تطرح قضية الحدود البحرية، التي تمثل مصدر توتر بين تركيا ودول أخرى في شرق البحر المتوسط

 

التبادل التجاري خلال أخر عامين: وهي تمثل اقدم الخطوات التركية والمصرية على حد سوء، وهي نقطة هامة وأرضية صلبة في مساعي أي من الدولتين نحو التقارب.

ورغم التوتر الذي شاب العلاقات المصرية التركية على المستوى السياسي خلال السنوات الماضية، إلا أنه لم يتأثر التبادل التجاري بين البلدين بالخلافات السياسي،  وتشير الإحصاءات الرسمية إلى زيادة حجم التبادل التجاري بين أنقرة والقاهرة بنسبة 7% خلال الشهور العشرة الأولى من 2020، بعدما وصلت إلى 4.499 مليارات دولار مقابل 4.379 مليارات دولار في نفس الفترة من 2019. ورغم تأثر حركة التجارة بين تركيا مصر وتركيا جراء إجراءات الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، بلغت صادرات مصر إلى تركيا نحو 619 مليون دولار، وذلك بعد تراجعها خلال الفترة من يناير إلى مايو 2020، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ووفقا للبيانات الرسمية الصادرة عن جهاز الإحصاء في يوليو 2020، تراجعت الواردات من تركيا إلى 1.2 مليار دولار، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2019، وقد بلغ إجمالي واردات مصر غير البترولية 23.5 مليار دولار خلال الفترة من يناير إلى يوليو 2020. واستحوذت تركيا على 5.2% من إجمالي تجارة مصر الخارجية خلال الفترة من يناير-مارس 2020، وفقا لنشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وبحسب بيان الإحصاء، ارتفعت صادرات مصر من الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها إلى تركيا خلال أول 3 أشهر من عام 2020 الماضي بنسبة 8.1% لتبلغ 63.239 مليون دولار في مقابل 58.481 مليون دولار،  كما زادت الصادرات المصرية من لدائن ومصنوعاتها إلى تركيا بنسبة 17.5% لتبلغ 25.822 مليون دولار العام الماضي، مقابل 21.975 مليون دولار في عام 2019. كذلك ارتفعت فاتورة استيراد مصر من حديد أو صلب-فولاذ من تركيا لتبلغ 112.349 مليون دولار العام الماضي، مقابل 103.06 مليون دولار بنمو 9%،ومن مصنوعات من حديد وصلب- فولاذ بنسبة 4.3% لتسجل 48.269 مليون دولار في مقابل 46.285 مليون دولار. وبحسب “الإحصاء” زادت قيمة واردات مصر من سيارات وجرارات ودراجات وأجزاؤها من تركيا بنسبة 41.6% خلال أول 3 أشهر من عام 2020 الماضي، لتبلغ 98.856 مليون دولار في مقابل 69.79 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2019.

 

مساعي الجمهورية المصرية نحو التقارب: تمثلت في نقطتين هامتين هما (الخطوات الإيجابية في الملف الليبي في الفترة الأخيرة – تصريحات مصر وخطواتها في قضية الجرف القاري لخط الطول 28 للدولة التركية).

و الأحد 27 ديسمبر زار وفد أمني مصري رفيع المستوى العاصمة الليبية طرابلس، في خطوة مفاجئة، بحثت مع المسؤولين في حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، إعادة العلاقات بين الجانبين، واستئناف الرحلات الجوية المتوقفة بين طرابلس والقاهرة منذ عام 2014. وضم الوفد نائب رئيس جهاز المخابرات ومسؤولين كبارا من وزارتي الخارجية والدفاع، وجاءت زيارته بعد نحو أسبوع من لقاء رئيس جهاز المخابرات المصرية، عباس كامل، في بنغازي، مع كل من الجنرال خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح. ولذلك تكتسب الخطوات المصرية الراهنة أهمية بالغة على عدّة صعد، وفي السياق نفسه، نقل مسؤول مصري أن الزيارة التي أجراها وفد من بلاده إلى طرابلس مؤخرا، هدفت إلى قطع الطريق أمام تحريض من أبوظبي لـ”حفتر” على مغامرة عسكرية جديدة، بحسب “مدى مصر”، وذلك في ضوء رغبة القاهرة في التحرك لمنع المزيد من الحضور العسكري التركي في ليبيا، وهو ما قد يسمح به استمرار القتال.

 

والاثنين 1 مارس قالت صحيفة “كاثيميريني” اليونانية إن مصر فتحت باب التفاهم مع تركيا في شرق المتوسط عبر إعلانها عن مناقصة للبحث عن الطاقة الهيدروكربونية تأخذ بعين الاعتبار حدود الجرف القاري لتركيا. وأوضحت الصحيفة في خبرها المعنون بـ “القاهرة تبقي أبوابها مفتوحة أمام أنقرة”، أن خريطة المناقصة التي أعلنتها الحكومة المصرية توضح أن المناطق الغربية في المتوسط تم تحديدها بموجب الاتفاق المبرم بين القاهرة وأثينا. وأضافت: “غير أن الخريطة المصرية تشير إلى أن المساحة الأخرى الواقعة شرق خط الطول 28، تحدد الحدود الجنوبية للجرف القاري التركي المشار إليها في الاتفاق التركي الليبي”.

ونقلت صحيفة “The Indicator” اليونانية الخبر بعنوان “مصر تتفق مع تركيا في شرق المتوسط”. وأضافت أن الدبلوماسية اليونانية تلقت معلومات حول توصل مصر إلى اتفاق مع تركيا بشأن ترسيم حدودها البحرية، وأن هذا الاتفاق سيلحق الضرر بالمصالح اليونانية مستقبلا. ولفتت الصحيفة اليونانية إلى أن مصر أعلنت عن مناقصة لـ24 قطعة في المتوسط ​​وخليج السويس والمنطقة الصحراوية. وأردفت: “لكن المشكلة تكمن في أن الخطوط الرئيسية لإحدى القطع في المتوسط​​ لم تنظم كما هو متفق مع اليونان، بل يبدو أنها نظمت مع تركيا”.

 

أما عن الدوافع المصرية:

  • فعلى المستوى العالمي: استجابت مصر للتغيرات العالمية وترتيب ملفاتها.
  • فالرسائل المصممة بعناية بين البلدين لا تستجيب لمصالحهما المشتركة فحسب، بل تستجيب أيضا للديناميكيات الدولية والإقليمية المتغيرة، والتي تمثلت في فوز الرئيس الأميركي جو بايدن في انتخابات العام الماضي، ما دفع العديد من دول المنطقة -بما في ذلك مصر وتركيا- إلى إعادة ضبط سياساتها لاستيعاب الإدارة الجديدة.

 

  • وعلى المستوى الإقليمي:
  • لم تكن مصر راضية عن نتائج قمة مجلس التعاون الخليجي الأخيرة في العلا بالسعودية، حيث إن الحليفين المفترضين -السعودية والإمارات- “لم ينسقا مع مصر، ولم يأخذا مصالحها في الاعتبار عندما اتفقا على المصالحة مع الدوحة”، لذلك من الممكن أن تكون القاهرة قد حسبت أنه لن يكون من مصلحتها أن تظل معادية لتركيا في وقت يوقف فيه شركاؤها في الخليج موقف معاكس، وتسمح المصالحة لتركيا بتعزيز علاقاتها مع قطر والكويت وعمان مع التوصل في الوقت ذاته إلى اتفاق مع المملكة العربية السعودية، وإلى حد ما مع دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي كانون الثاني/يناير، اضطر المسؤولون المصريون إلى الاستماع إلى المسؤولين الإماراتيين الذين أعربوا عن رغبتهم في تطبيع العلاقات مع تركيا والبناء على مصالحهم الاقتصادية المتبادلة، في حين كانت مصر على شفا الاصطدام مع تركيا في ليبيا نتيجة الضغوط الإماراتية.

 

  • رغبة مصر في إثبات ذاتها بالنسبة للإمارات بعد مجموعة من الخلافات بين (السيسي وأبن زايد) حول الملف الليبي، وضغط الإمارات على الجيش المصري للتدخل العسكري بشكل شامل في الأراضي الليبي، وهو ما سلط عليه تقرير الجزيزة الضوء في 7 يوليو 2021 بعنوان “من يتعجّل مواجهة مصرية تركية في ليبيا؟.. مواقع التواصل تجيب: السعودية والإمارات” وذكرت فيه أن” استيقظ المصريون صباح اليوم الثلاثاء على وسم تصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “#الجيش_المصري”، وكان من المثير أن أغلب المشاركين فيه من السعودية والإمارات، وهو ما وصفه مغردون بأنه محاولة لتوريط مصر في مواجهة تركيا على الأراضي الليبية، ويأتي تصاعد الوسم الذي يشيد بالجيش المصري وقدرته على ردع “الأعداء” بعد ساعات قليلة من بيان لمجلس نواب طبرق الداعم لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، والذي أعطى الضوء الأخضر لدخول الجيش المصري إلى ليبيا لمواجهة قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا.

 

  • كذلك رغبة مصر في إرجاع المكانة المهزوزة في المنطقة بعد موجة التطبيع التي قادتها الإمارات لصالح إسرائيل، ما تسبب في تقليل الدور المصري بالنسبة للقضية الفلسطينية، و مخاطر المشاريع الإماراتية الإسرائيلية على الدولة المصرية وقناة السويس، وهو ما سلط عليه تقرير الشارع السياسي الضوء بعنوان “تراجع الدور المصري إقليميا.. الملف الفلسطيني نموذجا” وتقرير أخر بعنوان ” التطبيع الإماراتي .. مصر تقف على أعتاب تهديدات مصيرية” والذي ركز فيه على المشاريع المتفق عليها بين الإمارات وإسرائيل وعلى رأسها الخط النقل النفطي (إيلات ــ عسقلان).

 

  • شرق المتوسط: فتمثلت الدافعية في ترك الباب مفتوح أمام التقارب التركي، كما فعل قبلها حلفائها في مجموعة شرق المتوسط، حيث:
  • أجرت اليونان وتركيا أول محادثات رسمية مباشرة منذ خمس سنوات حول المواجهة في شرق البحر الأبيض المتوسط، في حين كانت الأمم المتحدة مستعدة لعقد اجتماع لاختبار ما إذا كان من الممكن التوصل إلى حل للمشكلة القبرصية.

 

  • من جانبها، كانت إسرائيل حذرة من انتقاد موقف تركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط. حيث أن تل أبيب تقوم بالأعمال على مشروع خط أنابيب “إيستميد” لتصدير الغاز إلى أوروبا. ولكن بالنظر إلى أن خط الأنابيب قد لا يرى أبداً ضوء النهار بسبب طوله الشديد (1900 كيلومتر)، وتكلفته (حوالي 7 مليارات دولار) والطريق عبر الأراضي التركية المطالب بها – مما يعني أن أنقرة قد تمنعها – من المرجح أن تبقي إسرائيل خياراتها مفتوحة مع تركيا، لأنها ستكون الطريق البديل الوحيد.

 

  • ولدى مصر قضية مماثلة مع تركيا بشأن ترسيم الحدود البحرية. وقد فضل المسؤولون في وزارة الخارجية المصرية وأجهزة الاستخبارات المصرية التوصل إلى اتفاق بحري مع تركيا بدلاً من اليونان، لأنه يمنح مصر منطقة بحرية أكبر بكثير. لكن الرئاسة المصرية اتفقت على اتفاق مع أثينا لتأمين بعض المكاسب السياسية، مع عدم إغلاق الباب أمام تركيا – خاصة بعد الاتفاقات الإماراتية الإسرائيلية، التي أضرت بالمصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية لمصر.

 

وإدراكاً منها لهذه الحقائق وحسابات القاهرة الجيوسياسية، دأبت أنقرة على مغازلة مصر بصمت على أساس مصالحها المشتركة في شرق البحر الأبيض المتوسط وليبيا، وتستند رسائل أنقرة المُصاغة بعناية إلى صيغة مربحة للجانبين وإلى حقيقة أن التعاون مع تركيا يخدم مصالح القاهرة.

 

أما عن دوافع تركيا:

  • من الناحية السياسية، لدى تركيا مصلحة حيوية في منع مصر من أن تكون رهينة لدول أخرى تريد استخدامها كدرع في معاركها الخاصة مع تركيا – ولا سيما الإمارات واليونان، كما حدث في القضية الليبية ومعاهدة ترسيم الحدود مع اليونان، وبهذا المعنى، تقدم أنقرة يدها من خلال الانفتاح على مصر، ويمكن قول الشيء نفسه عن القاهرة في مواجهة تركيا.

 

  • كذلك يشكل التقارب المصري جزء من السياسة التركية الجديدة، والتي أعلن عنها وزير الخارجية التركية “مولود جاويش أغلو” في 30 ديسمبر الماضي، والتي تهدف إلى أنخفاض التصعيدات على مستوى السياسة الخارجية واللجوء إلى الحوار وقطف ثمار ما زرعته السياسة التركية العامين الماضيين.

 

  • الداوفع الداخلية، يبرز سعي حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى منع انعكاسات المشاكل الدولية على الوضع الداخلي، لا سيما الاقتصادي، تمهيداً للانتخابات المقبلة في عام 2023، أو استعداداً لأي انتخابات مبكرة تدفع بها المعارضة في الداخل، وقد تجري هذا العام أو العام المقبل، وبالتالي محاولة المعارضة الاستثمار في هذا الملف داخلياً.

 

  • الدوافع الخارجية، فتنطلق من تسلم إدارة أميركية جديدة بقيادة جو بايدن الحكم في واشنطن، وهو ما يقلق أنقرة بعد تجربة مريرة مع الإدارة الديمقراطية السابقة في زمن باراك أوباما، وحين كان بايدن نائبه، وشهدت العلاقات بين البلدين حينها تراجعاً كبيراً، لا سيما في ملف دعم التنظيمات المناوئة لتركيا، مثل “حزب العمال الكردستاني” داخل سورية، وجماعة “الخدمة” المتهمة بالمحاولة الانقلابية صيف عام 2016. وفي ظلّ هذا الواقع، تخشى تركيا عزلة في ملف شرق المتوسط وليبيا، ولذلك فهي تسعى إلى تحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول الإقليم، كما تعمل لمنع مزيد من العقوبات عليها، ما يحملها أعباء اقتصادية، وذلك في ظلّ تلمّسها مواقف إيجابية من مصر والسعودية والعراق، فيما تحتاج العلاقة مع الإمارات وإسرائيل إلى وقت أطول.
  • الدوافع الاقتصادية، تمثلت في رغبة تركيا تجنب الصدام مع مصر في خططها الاقتصادي في القارة الأفريقية، وهي الخطط التي حذرت منها إسرائيل في دراسة “قوة تركيا” وهي دراسة أعدتها وزارة الاستخبارات الإسرائيلية، ونشرت تفاصيلها صحيفة (إسرائيل اليوم)، وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن استثمارات بلاده في أفريقيا وفرت أكثر من 100 ألف فرصة عمل بالقارة، مشيرا إلى أن قيمة المشاريع التركية المنجزة فيها بلغت نحو 70 مليار دولار، وأوضح، خلال افتتاحه جلسة منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الأفريقي، أن بلاده رفعت عدد السفارات في القارة السمراء من 12 إلى 42، ومكاتب الاستشارات التجارية إلى 26.

مصير المعارضة: وفي ظل الحديث عن التقارب بين الدولتين (مصر وتركيا) برز التسأل عن ملف المعارضين المصريين في تركيا ومصيرهم.

حيث كشف سعيد الحاجكاتب وباحث في الشأن التركي- في مقال له بعنوان التقارب التركي-المصري والمعارضة المصرية (aljazeera.net)
أن أحد أهم الأسئلة المرتبطة بمسار التقارب المفترض -حتى اللحظة- بين تركيا ومصر هو انعكاساته على المعارضة المصرية المقيمة في تركيا، إذ يُتصور تلقائيًا أن يكون ذلك أحد اشتراطات القاهرة على أنقرة، وهو ما تروّجه أطراف مصرية، بيد أن نظرة معمّقة على الخلاف التركي-المصري تقول إن المعارضة المصرية لم تكن السبب المباشر للخلاف -ولا حتى أهم أسبابه- ولا يفترض أن تكون أهم متطلبات التقارب، فالخلاف بدأ مع عدم اعتراف تركيا بانقلاب 2013 قبل أن يكون للمعارضة المصرية وجود أو حضور فيها، ثم تعمّق لاحقًا مع حالة الاستقطاب في المنطقة. هذا الموقف لا علاقة مباشرة له بدعم تركي مفترض للمعارضة أو للإخوان المسلمين، وإنما لاعتبارات مبدئية وداخلية كما سلف ذكره، كما كانت علاقاتها الأسبق مبنية على شرعية الرئيس محمد مرسي وانتخابه ديمقراطيًا وليس لأنه من الإخوان.

ثانيًا، تبدو المعارضة المصرية اليوم ضعيفة ومشرذمة وبعيدة عن إمكانية التأثير في المشهد المصري الداخلي، وباتت أقرب إلى حالة إعلامية منها إلى معارضة سياسية فاعلة، ومن ثمّ فهي ليست اليوم هاجسًا أمنيًا أو سياسيًا للنظام المصري. ولذلك، يغلب على ظني أنها لم تناقـَش أصلًا في اللقاءات المصرية-التركية ولم تكن مطلبًا مباشرًا للقاهرة.

ثالثًا، موضوع استضافة المعارضة ليس فعلًا تركيًّا من طرف واحد، فمصر أيضًا فتحت أراضيها وإمكاناتها لجماعة غولن المصنفة على قوائم الإرهاب التركية والمتهمة بتنفيذ الانقلاب الدموي الفاشل عام 2016.

رابعًا، ثمة مصالح حيوية بين البلدين أرجح كثيرًا في كفة العلاقات من نقاش موضوع المعارضة المصرية كاشتراط لبدء الحوار أو لإبرام تفاهمات ما. فملفات مثل ترسيم الحدود البحرية أو الملف الليبي أو حتى التجارة البينية والاتفاقات الاقتصادية المفيدة للجانبين أهم بكثير للقاهرة وليس فقط لأنقرة من ملف المعارضة.

خامسًا، إن المتوقع للعلاقات المصرية-التركية أن تنتقل بعد التهدئة الحالية إلى خطوات بناء الثقة وربما التوصل إلى اتفاق بحري، أي تفاهمات على أساس التنافس والخلاف وليس التعاون والتحالف. وعليه، فليس هناك ما يغري أنقرة أو يدفعها إلى التخلي تمامًا عن المعارضة المصرية إرضاء للقاهرة.

سادسًا وأخيرًا، لا يعني كل ما سبق أن المعارضة المصرية في تركيا بعيدة عن التأثر بأي تقارب بين البلدين، وإنما الحديث هنا عن عدم محوريتها في أسباب الخلاف وسياق التقارب، وبقائها ضمن إطار التوابع والارتدادات.

وعليه، فإن فكرة التعاون الأمني مع النظام المصري وتسليمه من يطالب بهم من رموز المعارضة ليس أمرًا محتملًا ولا حتى افتراضًا قائمًا بجدية، كما تروّج بعض الأطراف، لكن ذلك لا يمنع أن منابرها الإعلامية التي تعمل على الأراضي التركية قد يطرأ عليها بعض التغييرات.

بعض هذه التغيرات ستكون قرارًا ذاتيًّا من باب التحسّب والتكيّف مع التطورات، وبعضها الآخر قد يكون خطوات تركية تؤطّر وجودها وعملها تحت شعار التنظيم أو تسهم في إعادة صياغة سُقُفها وسياساتها التحريرية، وهو ما حدث في قناة مكملين في الأيام الأخيرة.

كذلك نشرت “العربية نت” في تقرير لها عن مصادر بالنسبة لملف الإخوان، أن أنقرة لم تقدم ورقة تسليم قيادات الجماعة الفارين المقيمين على أراضيها، ووقف منصاتهم الإعلامية وفضائياتهم كأولوية يمكن التفاوض عليها في الوقت الحالي، بل مازالت حتى اللحظة تقدم تطمينات للجماعة بأنها لن تقوم بتسليم قادتها، وفي السياق، كشف الدكتور خيري عمر خبير الحركات السياسية والإسلامية المقيم في تركيا لـ “العربية .نت” أن ملف الإخوان يجب النظر إليه من زاوية أخرى، فتركيا تتعامل مع الإخوان على أراضيها على أنهم معارضون. كما أضاف أن تركيا قد تطلب بعد التطورات الأخيرة مع مصر من قيادات الإخوان وقف معارضتهم للقاهرة من داخل البلاد، أو تخفيف حدة الخطاب الإعلامي في منصاتهم الفضائية وعدم انتقاد مصر وقيادتها، مشيرا إلى أن الجماعة حاليا منغمسة في حل مشاكلها الداخلية ولن تندفع في تصريحات أو خطابات إعلامية ضد القاهرة. من جهته، أوضح محمد ترك أوغلو، نائب رئيس منظمة البيت التركي المصري وهي منظمة تركية حديثة تعنى بالتقريب بين البلدين لـ”العربية.نت” أن هناك ترحيبا بالتصريحات التركية الأخيرة تجاه مصر، فهما بلدان كبيران ومهمان إقليميا، والخلاف السياسي يجب فصله عن العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين. كما رأى أن هناك تفاهما بين الإخوان في تركيا حول التطورات الأخيرة، وتغيرات الوضع الإقليمي، وقد اتفقوا على عدم الوقوف عقبة قي طريق المصالحة التركية والقطرية المصرية.

الخلاصة:

أولا: أن هذا التقارب بين الدولتين في الوقت الحالي، لن يصل إلى التوافق التام ورجوع العلاقات إلى طبيعتها، فالدولة المصرية تحكمها مجموعة من التحالفات، من الصعب الانقلاب عليها وهي تحالفاتها مع مجموعة شرق المتوسط والتحالفات مع المجموعة الخليجية، وهي بطبيعة الحال غير تحالفات وسياسات معاكسة للسياسات التركية.

ثانيا: إن ما يحدث ما هو إلا ظهور بعد النقاط المشتركة التي ترى الدولتين، وخاصة تركيا أنها فرصة لاستغلالها، وتخدم مصالحها في ظل تلك السياسات المتضاربه.

ثالثا: الحديث عن إمكانية حدوث اجتماع بين قمتي السلطة (أردغان – السيسي)، هو أمر غير وأرد، وذلك يعود لأساس الاختلاف الأولى بين الدولتي وعدم الإعتراف بالنظام المنقلب.

رابعا: من قدم خطوات فعلية لهذا التقارب هو الدولة المصرية، وإن كان الظاهر إعلاميا أن تركيا هي المهروله نحو هذا التقارب، وذلك لاعتماد تركيا حتى الآن في هذا الخطوات على التصريحات وليس الفعل كما فعلت مصر.

خامسا: الحديث عن ملف المعارضة وتسليم المعارضين، هو أمر صعب الحدوث وذلك لعدة أسباب، أولها، أن شعبية “أردغان” المبنية في الخارج والداخل على احتواه للمعارضين واللاجئين، وفي حالة التسليم سوف يفقد تلك الشعبية والميزة، ثانيا، قيام السيسي باستلام المعارضين، سوف يشكل عليه ضغط دولي بسبب ملف حقوق الإنسان، ويؤثر على الملفات القديمة، وهو ما يعطي فرصة لبايدن في محاولة ضغطه على الدولة المصرية، ثالثا، أن شكل التعامل مع المعارضة سيكون هو الضغط على نشاط المعارضين وفي مقدمتهم نشاط القنوات الفضائية، وهو ما حدث بالفعل في مطلبت المخابرات التركية للقنوات بتقليل الهجوم على الدولة المصرية.

 

المصادر

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022