المشهد السياسي  عن الفترة من 1 إلى 7 مايو 2021

 

 

  • للمرة الأولى منذ 2013؛ وزير الدفاع المصري يزور مدينتي رفح والشيخ زويد:

أعلن موقع وزارة الدفاع المصرية يوم 29 إبريل عن قيام الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة بتفقُّد عناصر القوات المسلحة والشرطة بنطاق شمال سيناء للوقوف على الحالة الأمنية، ومتابعة إجراءات تنفيذ الخطط والمهام المكلفين بها، وذلك في زيارة استمرت خمس ساعات. حيث تفقَّد مركز العمليات الدائم بقطاع تأمين شمال سيناء، واستمع إلى شرح مُفصل تضمن عرض الخطط والقرارات بواسطة قادة القطاعات لما تقوم به القوات المسلحة والشرطة من إجراءات مشتركة لمحاربة الإرهاب. كما أدار حوارًا مع القادة والضباط والصف والجنود؛ أكد خلاله ثقته في قدرتهم على تنفيذ مهامهم للحفاظ على أمن تلك المنطقة. كما قام بجولة تفقدية تضمَّنت المرور على مدينة رفح الجديدة –وليست المُهجَّرة- التي تم إنشاؤها لتكون مجتمع سكنى عمراني متكامل الخدمات والمرافق، وقام بزيارة رئاسة مجلس مدينة الشيخ زويد، وأعقب الزيارة عقد لقاء مع محافظ شمال سيناء وعدد من القيادات الأمنية، والمرور على مستشفى العريش للقوات المسلحة لمتابعة مراحل إنشاء وتطوير مركز علاج الأورام بالمستشفى.[1] وجاءت الزيارة في الوقت الذي تستمر فيه هجمات تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش الإرهابي ضد قوات الجيش والمتعاونين معها، في كافة مناطق شمال ووسط سيناء، وتزامن مع الزيارة قتل ثلاثة مدنيين مصريين، برصاص التنظيم. حيث هاجم التنظيم قرية الأمل شرق قناة السويس، واقتحم منازل عدد من المواطنين بدعوى تعاونهم مع قوات الجيش، ولم يعثر التنظيم على المطلوبين لديه ما دفعه لقتل أفراد من أسرتهم.[2]

وجاءت الزيارة بشكل مفاجئ ومن دون إعلان مُسبق، وبالتزامن مع قطع لشبكات الاتصال والإنترنت، وهو روتين مُتَّبع في حال زيارة أي شخصية هامة لشمال سيناء، خصوصًا إذا كانت عسكرية، وذلك مرتبط بالتأكيد بالوضع الأمني، وتخوفًا من تسرب المعلومات لتنظيم داعش، ما يؤدي إلى استهداف الشخصية، كما حدث مع وزيري الداخلية والدفاع السابقين مجدي عبد الغفار وصدقي صبحي، باستهداف طائرتهما في مطار العريش العسكري في ديسمبر 2017. وأُحيطت الزيارة بانتشار عسكري مُكثَّف، ورافقها موكب عسكري غير مسبوق، شاركت فيه عشرات الآليات العسكرية، عدد منها يختص بقطع الاتصال بالعبوات الناسفة، وكذلك الكشف عنها، في ظل انفجار عشرات العبوات بدوريات الجيش وحملاته العسكرية على مدار السنوات الماضية، ما أدى لوقوع عشرات القتلى والجرحى. ووعد الفريق أثناء الزيارة بتخفيف القيود المفروضة على المواطنين في إطار مكافحة الإرهاب، ومنع الإمدادات عن تنظيم داعش الإرهابي، وذلك بالتنسيق مع الجهات الحكومية، خصوصًا في ظل شهر رمضان وعيد الفطر، كما وعد بتكرار زيارته لسيناء كلما سنحت الفرصة بذلك، للالتقاء بأهلها ومسؤوليها والبحث عن واقع أفضل للمواطنين.[3]

واللافت للنظر أن تلك هي الزيارة الأولى لرئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد لمدينتي رفح الجديدة والشيخ زويد في محافظة شمال سيناء، شرقي البلاد، منذ أحداث صيف عام 2013، حيث لم تتخطى زياراته حيز العريش. وليس ذلك بسبب عدم رغبته بزيارة المدينتين اللتين تمثلان خط الدفاع الأول عن البوابة الشرقية لمصر، وإنما لاستمرار هجمات تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش، وسيطرته على أجزاء من تلك المناطق حتى فترة قريبة.

 والسؤال  هل هذه الزيارات  تشير إلى تحسُّن أمني في بعض مناطق شمال سيناء، وذلك في مراكز المدن؟

وهل تعتبر هذه الزيارة دليل على عدم استقرار الأمن فى مناطق أخرى والتي حرص رئيس اﻷركان على عدم التواجد فيها مع العلم أن جزء من هذه المناطق هى مناطق استراتيجية تتوسط سيناء؟

 

  • تحركات دبلوماسية مصرية في الداخل والخارج لحل ملف سد النهضة:

استمرارًا لمحاولات الدولة المصرية لحل قضية سد النهضة في إطار تفاوضي؛ لاسيما مع عدم وضوح موقف الجانب السوداني الذي يستحيل مع عدم موافقته الحل العسكري؛ ظهرت خلال هذا الأسبوع تحركات مصرية على المستويين الرسمي وغير الرسمي؛ حيث: على المستوى الرسمي؛ دعا السفير المصري لدى واشنطن معتز زهران، الولايات المتحدة إلى التدخل لإنقاذ مفاوضات سد النهضة المتعثرة، مُعتبرًا أنها الوحيدة القادرة على تحقيق اختراق بهذا الخصوص. جاء ذلك في مقال نشره في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، بعنوان “وحدها واشنطن تستطيع إنقاذ مفاوضات سد النهضة الآن”. وقال زهران أن إثيوبيا أحبطت عملية وساطة أخرى، هذه المرة بقيادة الاتحاد الإفريقي، لحل أزمة متصاعدة على نهر النيل. وأنه مع اقتراب إثيوبيا من تنفيذ الملء الثاني لخزان السد من جانب واحد، وبالتالي تجاوز (الخط الأحمر) الذي حدده السيسي، باتت هناك حاجة لوساطة الولايات المتحدة من أجل الوصول إلى حل سلمي لمنع الاضطرابات في المنطقة. وكانت الولايات المتحدة قد عيَّنت في وقتٍ سابق من الشهر الجاري؛ الدبلوماسي المخضرم جيفري فيلتمان كمبعوث خاص للقرن الإفريقي، وكلَّفته بعدة مهام من بينها معالجة الخلاف حول سد النهضة. وقال وزير الخارجية المصري سامح شكري، في جلسة استماع برلمانية، أن إثيوبيا رفضت وساطات لحل أزمة سد النهضة، دون تسمية أطراف تلك الوساطات.[4]

أما على المستوى غير الرسمي؛ فقد أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية في مصر، والتي تضم أحزابًا وكيانات وشخصيات سياسية بينها المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، حمدين صباحي، إنها تؤكد على الحق المشروع في استخدام كل موارد القوة، بما في ذلك القوة العسكرية، للدفاع عن الحق في المياه والحياة، في إطار الحق الشرعي في الدفاع عن النفس. كما أكدت في بيان بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، نشره صباحي على صفحته الرسمية على فيسبوك، أنها ترفض ما أسمته بتسعير المياه أو تغيير خريطة دول الحوض بضم أطراف جديدة. وأعربت الحركة عن دعمها الكامل لكل توجه يستهدف الحفاظ على حقوق مصر في نهر النيل، واعتبرت أن الإلحاح الإثيوبي على خصخصة النهر، والقبض على محبسه وتحويله لنهر إثيوبي وتحويل مصر والسودان إلى مصرف أو بحيرة تابعة، يمثل تهديدًا وجوديًا يمس الحق في الحياة والمياه والسيادة والمكانة بالمخالفة للتاريخ والجغرافيا والقانون الدولي الذي يؤكد مبدأ الإدارة والسيادة المشتركة للدول المتشاطئة للأنهار الدولية.[5]

وهكذا؛ يبدو أن التحركات المصرية على المستوى الرسمي تضغط في اتجاه وساطة الولايات المتحدة لحل الأزمة، والتي جاءت بالتزامن مع زيارة المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي لأربعة دول هي مصر والسودان وإثيوبيا وإريتريا، والتي بدأت بنهاية هذا الأسبوع. أما على المستوى غير الرسمي؛ فيتضح من لهجة خطاب ما تُسمي  بالحركة المدنية الديمقراطية افتقارها لفهم طبيعة الدور الذي من المُفترض أن تلعبه الدبلوماسية الشعبية في الوقت الحالي، والتي يجب عليها العمل خلال تلك الفترة على محاولة تضييق الهوة بين المصريين والأفارقة لتحسين العلاقات. فاللهجة الفوقية في التعاطي مع قضية السد؛ يستخدمها الجانب الإثيوبي للترويج لفكرة التعالي المصري على الأفارقة، واستثارة عقدة السادة والعبيد الموجودة بين عموم الأفارقة جنوب الصحراء، ودول الشمال الإفريقي بشكلٍ عام، ومصر بشكلٍ خاص. في الوقت الذي تسعى فيه الدولة المصرية لتغيير تلك النظرة لكسب مواقف دول حوض النيل وضم صوتها لصوت مصر في الحفاظ على حقها في مياه النيل.

  • صفقة مصرية جديدة للرافال الفرنسي؛ ما الهدف من زيادة التسليح؟

أعلن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية عن توقيع القاهرة وباريس اتفاقًا تشتري بموجبه مصر 30 طائرة جديدة من طراز رافال. وقال في بيان نشر على موقعه الرسمي على فيسبوك أنه سيتم تمويل العقد المُبرم من خلال قرض تمويلي تصل مدته كحد أدنى 10 سنوات. وجاء إعلان المتحدث العسكري المصري بعدما كشف موقع ديسكلوز الاستقصائي الفرنسي عن إبرام الصفقة بين القاهرة وباريس بقيمة 3.95 مليارات يورو (4.75 مليارات دولار). وكانت القاهرة -وهي زبون مهم بالنسبة إلى قطاع صناعة الأسلحة الفرنسي- أول بلد أجنبي يشتري مقاتلات رافال في العام 2015. وكان هذا العقد -الذي حصلت بموجبه على 24 طائرة من شركة “داسو” المصنعة للطائرات- يتضمن خيار حصول مصر على 12 مقاتلة أخرى من طراز رافال لكنها لم تطلبها. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد استقبل في ديسمبر الماضي عبد الفتاح السيسي ومنحه وسام جوقة الشرف، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تتهم منظمات غير حكومية السلطات المصرية بانتهاك حقوق الإنسان. إلا أن ماكرون امتنع عن ممارسة ضغط كبير على مصر رغم تزايد القمع ضد كل أشكال المعارضة الإسلامية أو الليبرالية. وأظهر البلدان تقاربًا بشأن قضايا الأمن الإقليمي الأخرى، مثل الخلافات مع تركيا في شرق البحر المتوسط، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.[6]

وكان إيريك ترابييه، الرئيس التنفيذي لشركة “داسو” الفرنسية المُصنِعة لطائرات “رافال”، قد زار القاهرة في نوفمبر الماضي، حيث استقبله السيسي بمقر رئاسة الجمهورية ولكن دون الإعلان عن ذلك. وتناول اللقاء بحث صفقة تسليح ضخمة بين مصر والشركة الفرنسية. وبعدها بنحو شهر وخلال زيارته إلى باريس، التقى السيسي بمقر إقامته هناك بترابييه مرة أخرى. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بسام راضي، وقتها، أن اللقاء تناول جوانب التعاون المثمر مع شركة “داسو”، في ظل ما تتمتع به من خبرات عريقة في الصناعات العسكرية التي تعتمد على أحدث النظم التكنولوجية والفنية، وأكد السيسي آنذاك على ضخامة التحديات التي تواجه المنطقة، الأمر الذي يتطلب بالمقابل الالتزام بدعم القدرات واستخدام أحدث النظم التكنولوجية في مجال التجهيزات الأمنية والدفاعية.[7]

وهنا يجب الإشارة إلا أن نسبة واردات السلاح في مصر قد قفزت من عام 2016 وحتى عام 2020 إلى 136%، وذلك وفق تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام (سيري). وكشف التقرير -الذي نُشر مؤخرًا- عن أن مصر كانت من بين أكبر أسواق السلاح الفرنسي والألماني والروسي خلال الفترة المشار إليها. ومن بين أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع واردات مصر من الأسلحة -وفق التقرير- استثمارها بكثافة في قواتها البحرية، على خلفية النزاعات مع تركيا بشأن الموارد الهيدروكربونية في شرق البحر المتوسط. وبذلك تواصل مصر مسيرتها في ماراثون التسلح، بعد أن احتلت المرتبة الثالثة عالميًا في استيراد الأسلحة في الفترة (2015-2019) بنسبة 5.58% من السوق العالمي، وذلك بعد السعودية والهند، وفق تقرير للمعهد نفسه صدر العام الماضي. [8]

كل هذا يضع علامات استفهام حول أسباب هذا الإنفاق الضخم؛ في وقت يعاني فيه اقتصاد البلاد من أزمات متتالية. كما يتزامن هذا النهم لشراء السلاح ومضاعفة مصر من قدراتها البحرية والجوية مع تصاعد التوتر في منطقة شرق المتوسط بعد اكتشافات الغاز الطبيعي بشكل ضخم من جهة، وفشل مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا من جهة أخرى. ومع استبعاد دخول مصر في صراع مسلح مباشر على أي جبهة، سواء على جبهتها الغربية في ليبيا، أو في شرق المتوسط، أو في أزمتها مع إثيوبيا بسبب قضية سد النهضة، أو غيرها من الملفات الخارجية؛ يُرجِّح البعض كون هذه الصفقات هي ثمن لبقاء السيسي أكثر من كونها احتياجات للقوات المسلحة؛ فهو يشتري بها صمت الغرب كما يشتري بها قادة الجيش الذين أصبحوا يعملون سماسرة سلاح، يحصلون على عمولات ضخمة من تلك الصفقات.

 

 

 

 

[1]                  “الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتفقد الحالة الأمنية ويلتقى رجال القوات المسلحة بشمال سيناء”، القوات المسلحة المصرية- وارة الدفاع، 29/4/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/OxJra

[2]                  “‘داعش’ تقتل 3 مدنيين تزامنا مع زيارة رئيس أركان جيش مصري لسيناء”، قناة العالم، 30/4/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/5GacF

[3]                  محمود خليل، “رسائل زيارة رئيس الأركان المصري إلى رفح والشيخ زويد”، العربي الجديد، 1/5/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/dhEO9

[4]                  ديانا شلهوب، “سفير مصر: واشنطن وحدها قادرة على إنقاذ مفاوضات سد النهضة”، وكالة الأناضول، 30/4/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/keu4B

[5]                  “مطالبات للسيسي والبرلمان بمراجعة اتفاق إعلان المبادئ بشأن سد النهضة”، العربي الجديد، 30/4/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/Zp54q

[6]                  “الحكومتان المصرية والفرنسية توقعان عقد شراء 30 طائرة من طراز رافال”، الجزيرة نت، 3/5/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/9dKsz

[7]                  “كواليس صفقة الـ30 مقاتلة “رافال” الجديدة بين مصر وفرنسا”، العربي الجديد، 3/5/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/wF8yp

[8]                  محمد عبد الله، “ارتفاع واردات مصر من السلاح.. كفاءة قتالية أو أسباب أخرى؟”، الجزيرة نت، 24/3/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/2Q5bS

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022