التغيرات لإى إدارة ترامب والسياسة الأمريكية تجاه سوريا

 

التغييرات في إدارة ترامب والسياسة الأمريكية

تجاه سوريا

 

وصفت مجلة إيكونوميست حال السياسة الأمريكية بالقول أن باب إدارة ترامب يدور سريعا، في إشارة لكثرة الاستقالات والإقالات التي تشهدها، وهذا بالطبع سيكون له تأثير على طريقة إدارة الحكم وتكوين سياسة متماسكة في الأمن الوطني والسياسة الخارجية، خاصة حين يكون هم الفريق الجديد مجرد إرضاء رغبات وتنفيذ سياسات الرئيس، فهو باختياره جون بولتون ومايك بومبيو، لن يجد معارضة فيما يخص التوجهات التصعيدية ضد كل من إيران وكوريا الشمالية، ليصبح شعار أمريكا أولا مجرد شماعة لإخفاء دور أمريكا في العالم.

 

ومن المتوقع استمرار مسلسل الإقالات ليشمل روبرت موللر القائم على التحقيق الخاص بتأثير روسيا على الانتخابات الرئاسية، وللقيام بذلك، سيكون عليه عزل نائب وزير العدل رود روزنستين والذي قدم شهادة أمام الكونغرس قال فيها أن لا داعي في الوقت الحالي لعزل موللر، ولو فعل فستكون النتائج كارثية تماما مثلما حدث مع ريتشارد نيكسون وأدت لخروجه من الرئاسة، بالإضافة إلى جيف سيسشنز الذي أغضب ترامب عندما أخرج نفسه من تحقيق موللر، وتعرض في الفترة الماضية لسلسلة من الإهانات كتلك التي تعرض لها تيلرسون وماكمستر قبل عزلهما.[1]  

 

وبعدما قام الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بتعيين شخصيتين محافظتين من الصقور في منصبي الخارجية ومجلس الأمن القومي، أعلن أنه ستقوم الولايات المتحدة بالانسحاب من سوريا، وفي نفس الوقت طالب الخارجية بتجميد 200 مليون دولار كانت مخصصة لجهود إعادة الإعمار في سوريا، بما تعني احتمالية جدية ترامب في هذا القرار.

 

يعتمد ترامب إلى حد كبير في قراراته على أنه لا يمكن التكهن بمواقفه، ويقوم باتخاذ مواقف عنترية، كان البعض يراها تحتاج لمزيد من التفكير، مثل القرار الخاص بالقدس، لكن ما حدث أن رد الفعل هدأ إلى أن أصبح غير مؤثر.

 

لكن هناك مواقف يقوم فيها ترامب بالتراجع عما أصدره، مثل تهديده بالاعتراف بتايوان، وحين ردت الصين بتجميد علاقتها بواشنطن، عاد ليستقبل الرئيس الصين بحفاوة. نفس الأمر مع السعودية ودول الخليج حين هاجمها بقوة في حملته الانتخابية، لكنه اختراها لتكون أول محطاته الخارجية.

 

خطاب ترامب بخصوص سوريا، يراه محللون بأن له أبعاد داخلية، فهو يهدف لتسويق مشروع متكامل حول إعادة بناء البنى التحتية في الولايات المتحدة، وذلك في إطار التحضير لانتخابات الكونجرس في نوفمبر، ومن ناحية أخرى فهو يريد مقاربة ما كان يروج له في حملته الانتخابية، إذ يرى أن الأموال التي تتكفلها البلاد في الشرق الأوسط وكوريا الجنوبية يجب توجيهها لبناء أمريكا ورفاهية الشعب. ومن ثم يأتي دور الحلفاء في المنطقة وخاصة دول الخليج لتحمل هذه الأعباء وتغطية كلفة الانخراط الأمريكي في سوريا،[2] وذلك عن طريق إنشاء جيش عربي عبارة عن "ناتو عربي" يشكل القوة الفاعلة على الأرض، يستهدف من خلالها إيقاف الاندفاع الإيراني في المنطقة، لأن الأمر إن توقف عند حد هزيمة تنظيم الدولة، فستحتل إيران الشرق الأوسط. لذا كان يجب إغلاق الحدود البرية بين العراق وسوريا.

 

وتلخص الرد السعودي في أنه لا بد أن تبقي واشنطن على قواتها في سوريا على الأقل في المدى المتوسط من أجل التصدي للنفوذ الإيراني، بما يتيح لها دور في تحديد مستقبل سوريا.

 

يتزامن مع هذا الأمر، وفي ظل التعيينات الجديدة في فريق ترامب، موعد اقتراب مراجعة الاتفاق النووي في مايو، والذي قد يؤدي إلى إلغاء الاتفاق وإعادة العقوبات على إيران، هذا يعني أن هناك تناقض بين رغبة ترامب بالخروج من سوريا، وبين هدفه في محاصرة إيران في مناطق نفوذها.

 

من جانب آخر، تظن دول الخليج أن ما يقوم به ترامب فيما يخص إيران والمنطقة يعد تتويجا لنفوذها في البيت الأبيض، لكن هناك أمور لم تحسب لها، وهي أن رغبتها في التصعيد ضد قطر وإيران، ستكلفها المزيد من الموارد، خاصة مع نظرة ترامب لهم بأنهم مجرد مصادر للمال.[3]

 

تصورات الجنود عن الحرب والسياسة:

 

هناك أمر يجب على ترامب أخذه في الاعتبار عند الحديث بخصوص سوريا، وهو الجنود التي يتم إرسالها للخارج، ففي تحليل على موقع "ديفنس وان"، ظهر أن الجنود الذين قاموا بالتصويت لترامب جاء خوفا من توجهات هيلاري كلنتون التي قد تعني مقتلهم، وذلك لأنها كانت تنوي مزيد من اتساع العمليات العسكرية، وفضلوا ترامب بسبب توجهاته الانعزالية، وكانت من أهداف اعلان كلينتون بالخروج العسكري، استخدامه كوسيلة إلهاء سياسي لدعم نفسها وتشتيت انتباه العامة عن أجندتها المحلية التي لا تحظى بشعبية.[4]

 

وحين يصرح ترامب بأنه سينسحب من سوريا، فهو يقلل من المجهود العسكري الذي تم ضد تنظيم الدولة هناك والأراضي التي تمت استعادتها، فيرى الجنود أن الولايات المتحدة بحاجة للبقاء إلى أن يتم التوصل لسلام. واعتمدوا أيضا في رأيهم على أن أغلب الآراء المنتقدة لأوباما كانت بسبب سحب القوات الأمريكية من العراق، الذين عادوا إليها ثانية للتغطية على هذا الخطأ، وفي نفس الوقت كانوا منهكين في أفغانستان، لتعود لديهم نفس المخاوف إذا ما تم الخروج من سوريا كما يريد ترامب.

 

بشكل عام، لم توضح إدارة ترامب الخطط المستقبلية لمكافحة الإرهاب المتزايد، وخاصة في شمال أفريقيا، وما إذا كانت تتوفر الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف. فإن كان هناك وضوح بخصوص سوريا والعراق وأفغانستان، فهناك غموض بشأن أفريقيا.

 

وقدم التحليل اقتراحا بأنه بدلا من إرسال القوات، يجب العمل على تأهيل القوات المحلية، أو إرسال بعثات على فترات متقطعة، لكن لا يمكن البقاء في أفريقيا.

 

واشار إلى أن ترامب يرى الجيش كلعبة في يده، يستخدمها لمطاردة الأشرار، ثم يترك السكان المحليين في فوضى، دون إدراك منه بأن غياب الأمن والحكم الرشيد هو ما يولد الإرهاب، وخاصة النوع الذي يركز على ضرب الولايات المتحدة وأوروبا.

 

 



[1]إبراهيم درويش، "سياسة الباب المتحرك: التغيير المستمر في الوجوه يحرر ترامب من القيود ويفرغ السياسة الخارجية"، القدس العربي، 31/3/2018، متاح على الرابط: http://www.alquds.co.uk/?p=908069

 

[2]رلي موفق، "ترامب يهز شباك الحلفاء: المطلوب ناتو عربي في سوريا"، القدس العربي، 31/3/2018، متاح على الرابط: http://www.alquds.co.uk/?p=908073

 

[3]سليمان حاج إبراهيم، "ترامب يثير المزيد من الفوضى في المنطقة لاستنزاف قدرات السعودية والإمارات"، القدس العربي، 31/3/2018، متاح على الرابط: http://www.alquds.co.uk/?p=908071

 

[4]BY KEVIN BARON, "Trump’s ‘Very Soon’ Withdrawal From Syria Is Exactly What Many Troops Feared", Defense One, 29/3/2018, available through: http://www.defenseone.com/politics/2018/03/trump-very-soon-withdrawal-from-syria/147084/?oref=d-skybox

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022