تحالف التيجراي والأرومو ومستقبل الدولة الإثيوبية

 

تواجه حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، تحديًا مصيريًا مع تمكُّن متمردي جبهة تحرير شعب تيجراي، من استعادة السيطرة على معظم أجزاء إقليم تيجراي في الشمال، والتقدم غربًا وشرقًا وجنوبًا، بالتحالف مع حركات تمرد في أقاليم أخرى. ووفقًا لآبي أحمد، فإن الجيش الإثيوبي يخوض حربًا على ثماني جبهات، في محاولة لتبرير سقوط مدينة ميكلي، عاصمة تيجراي، في يد المتمردين، ومعها أغلب مدن الإقليم باستثناء المنطقة الغربية الحدودية مع السودان وإرتيريا، والمكشوفة عسكريًا لوقوعها في سهل مفتوح.

ولم يكتف متمردو تيجراي بتحرير ميكلي، بل زحفوا إلى إقليمي العفر باتجاه الشرق، والأمهرة باتجاه الجنوب، واستولوا على عدة مناطق ومدن. وتلقت إثيوبيا ضربة ليست موجعة للحكومة والجيش الإثيوبي فحسب، بل ولوحدة إثيوبيا كدولة. فجبهة تحرير تيجراي وجيش جبهة تحرير أوروميا تحالفا لقتال الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد ومعه مليشيات الأمهرة.

فما هي السياقات الحاكمة داخل إثيوبيا الآن؟ وكيف تطورت الحرب الإثيوبية؟ وما هي استراتيجية التيجراي في حربها ضد الحكومة الإثيوبية؟ وكيف تم التحالف بين الجبهتين؟ وما هي تداعياته؟ تلك هي التساؤلات التي ستسعى تلك الورقة للإجابة عليها..

السياق الحاكم للساحة الإثيوبية خلال الفترة الحالية:

تحالف التيجراي والأرومو ومستقبل الدولة الإثيوبية

تعيش إثيوبيا واقعًا سياسيًّا وأمنيًّا متأزمًا ومضطربًا في ضوء ما تمثله خريطة الأزمات الإثيوبية من تحديات وضغوط تضفي مزيدًا من الضبابية حول مستقبل الدولة، خاصة في ظل إخفاق النظام الحاكم في إيجاد حلول ناجعة للخروج من المأزق الراهن، وانشغاله بتثبيت أركان حكمه في البلاد والتخلص من خصومه السياسيين بكافة الطرق دونما أي اعتبار للمهددات التي ربما تقوض أركان الدولة. وثمة بعض الملاحظات الكاشفة للسياق الحاكم على الساحة الإثيوبية خلال الفترة الراهنة، ويتمثل أبرزها في: حرب الرؤى بين النخب السياسية في البلاد حول المركزية والفيدرالية، إثارة النعرة الوطنية لدى الشعوب الإثيوبية، إصرار جبهة تحرير تيجراي على تحقيق أهدافها، الاتفاق بين جبهة تحرير تيجراي وجيش تحرير أورومو -الحليفان الجديدان- على أن الحل الوحيد لتسوية الأزمة الإثيوبية تكمن في الإطاحة بحكم آبي أحمد عسكريًا من البلاد، بروز الحركات المسلحة المعارضة حيث أعلنت ثلاث حركات مسلحة تأسيس تحالف ثلاثي بهدف إسقاط الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا ويتألف من جيش تحرير أورومو وجبهة تحرير بني شنقول – جوموز وجبهة تحرير جامبيلا التي تأسست مؤخرًا، تصاعد النزعات الانفصالية، مستقبل دور القوات الخاصة التابعة للأقاليم الإثيوبية، التداعيات على دول الجوار الإقليمي، ضبابية الدور الدولي في الصراع.[1]

تطورات الحرب الإثيوبية:

متغيرات مهمة شهدتها ساحة الحرب الإثيوبية في الأسابيع الماضية أدت إلى بروز تصورات أكثر قتامة عن المآل الذي قد تتجه إليه المعارك الدائرة منذ نوفمبر الماضي. ويأتي في مقدمة هذه المتغيرات إلغاء رئيس الوزراء الإثيوبي لوقف إطلاق النار من جانب واحد الذي أعلنه في 28 مايو، بجانب إعلانه التعبئة العامة بدعوته كل الإثيوبيين القادرين على حمل السلاح إلى الانضمام إلى القوات الفيدرالية، وهو ما سُبق بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتجنيد الميليشيات الإقليمية للانضمام إلى جانب القوات الفيدرالية في مواجهة قوات دفاع تيجراي، بالإضافة إلى استمرار السياسة التي توصف بحصار إقليم تيجراي واستخدام خطاب يحمل ملامح الإبادة الجماعية. على الضفة المقابلة، وسَّعت قوات دفاع تيجراي نطاق المعارك ميدانيًّا خارج أراضيها في إقليم العفر وتوغلت في إقليم أمهرة، بالإضافة إلى تحالفها مع جيش تحرير أورومو. الاشتباكات بين العفر والعيسى وتقدم قوات بني شنقول واستعصاء الحل السياسي كانت مؤشرات على دخول الحرب في إثيوبيا مرحلة جديدة. مع هذه التطورات الميدانية المتسارعة، بدأت تلوح في الأفق ملامح حرب شاملة تنخرط فيها كل المكونات الإثيوبية، رافقها صعود خطاب استقلالي لدى التيجراي على الأقل يهدِّد وحدة الكيان الإثيوبي، وهو ما دفع إلى السطح من جديد السيناريوهات التي تتحدث عن واقعية احتمال انزلاق إثيوبيا في شكل من أشكال تفكك الدولة وانهيارها.

استراتيجية التيجراي:

تحالف التيجراي والأرومو ومستقبل الدولة الإثيوبية

كانت جبهة تحرير التيجراي حققت انتصارات كبيرة على الجيش الفيدرالي في تيجراي، ثم تقدمت إلى مناطق شاسعة في إقليم الأمهرة، وبعدها تقدمت داخل إقليم العفر بحجة أنها تريد قطع الطرق والسكة الحديد مع جيبوتي لأنها تمثل شريان حياة حكومة أديس أبابا، ويقولون كذلك: “نحن لا نهاجم العفر إنما نهاجم قوات آبي أحمد المتمركزة هناك، ونسعى لخنق نظام أديس أبابا اقتصاديًا”، الأورومو دخلوا على خط المواجهة وقالوا: “لن نسمح للتيجراي بدخول إقليمنا وأديس أبابا ضمن أرضنا”. فيما يعتبر العفر ما جرى خطأ استراتيجيًا فادحًا ارتكبته الجبهة خصوصًا بعد استهداف مدنيين من العفر وقتلهم بدم بارد، بل يعتبرون ما جرى خيانة لهم فهم وقفوا على الحياد في حرب آبي أحمد علي وجيشه الفيدرالي على إقليم التيجراي، بل أعلن قيادات العفر أنهم ضد ما يجري للتيجراي من مذابح، ثم أعلنوا أنهم سيدافعون عن أنفسهم، حيث أكد قادتهم أن شعب العفر شعب مسالم ومتسامح لكنه لا يقبل الظلم أو الاعتداء، ولهذا تدور معارك طاحنة في الإقليم. لكن تحالف الأورومو والتيجراي قد يغير عقلية زعماء العفر، الذين قد ينضمون إلى هذا التحالف إن وجدوا أن الكفة تميل للأورومو والتيجراي على حساب الجيش الفيدرالي.[2]

محاور تحرك متمردي التيجراي:

يتحرك متمردو تيجراي على أكثر من محور ويقاتلون في أكثر من جبهة، بشكل يصعب معرفة نياتهم، هل يسعون للزحف مباشرة نحو العاصمة أديس أبابا لإسقاط حكم آبي أحمد، مثلما فعلوا في 1991، عندما أسقطوا حكم مينغستو هيلا مريام، أم أنهم يفضلون أسلوب طالبان في السيطرة على أطراف الأقاليم ثم مراكزها قبل الهجوم على العاصمة؟ وهذا التكتيك الحربي المحترف يربك الجيش الإثيوبي، لأنه لا يدري من أين سيبدأ هجوم المتمردين الرئيسي، وأين يجب أن يضع قواته الأساسية لصد أي هجوم كبير، فضلا عن أنه يجبره على تقسيم قواته إلى وحدات عسكرية أصغر وفي أماكن متباعدة يسهل استهدافها في حرب عصابات يجيدها مقاتلو تيجراي. والمحاور الرئيسية التي يتحرك منها متمردو تيجراي 6 على الأقل، لكل منها أهميته الاستراتيجية أو التكتيكية:[3]

  1. محور الطريق نحو جيبوتي: والذي تمر منه جميع الصادرات والواردات الإثيوبية عبر ميناء جيبوتي، كما تأتي عبره المساعدات الإنسانية الدولية إلى الإقليم. وبالنظر إلى أن إثيوبيا دولة حبيسة ولا تطل على أي بحر أو محيط، فيمثل هذا الطريق أهمية استراتيجية سواء للحكومة أو المتمردين، المحاصرين بين القوات الحكومية في الجنوب والجيش الإرتيري في الشمال.
  2. محور الطريق نحو أديس أبابا: أكثر محور يشهد تقدمًا للمتمردين يتجه جنوبًا نحو أديس أبابا، وتمكَّن متمردو تيجراي عبر هذا المحور من إسقاط كوبو، ثم تقدموا نحو مدينة ولديا الاستراتيجية، لكنهم تعثروا في إسقاطها بسرعة، فالتفوا حولها ودخلوا مدينة مرسا، وبعد أيام من الحصار انهارت دفاعات ولديا وسقطت في أيدي المتمردين. وتقترب المعركة من ديسي، التي تعد ثاني أكبر مدينة في أمهرة بعد “بحر دار” مركز الإقليم، حيث يقطنها حوالي 350 ألف نسمة، وتبعد نحو 400 كلم شمال أديس أبابا. وإذا سقطت ديسي، لن يكون أمام المتمردين للوصول إلى العاصمة سوى مدينة بيبري ببرهان، كمدينة كبيرة وبعض البلدات. وأي تقدم جديد في هذه الجبهة يعني أن المتمردين يرغبون في إسقاط حكم آبي أحمد وحلفائه من الأمهرة بأقرب وقت ممكن، خاصةً أنهم يملكون آلاف الرجال المتمرسين على حرب العصابات وحتى على حروب الجيوش النظامية.
  3. محور شرق غوندر: وفي هذه الجبهة سيطر المتمردون على لالبيلا، المدينة التاريخية والمقدسة لدى المسيحيين والتي توجد بها كنائس منحوتة على الصخر، وتقدموا نحو مدينة غاشنا، ثم استولوا على مدينة نافاس. وإذا تمكن متمردو تيجراي من دخول مدينة دبري تابور، عندها يمكنهم السيطرة على مفترق الطرق الرئيسي الذي يربط عاصمة الإقليم “بحر دار” بمدينة غوندر، مركز قيادة المنطقة الغربية في الجيش الحكومي، ومحاصرة القوات الإثيوبية والإرتيرية في غرب تيجراي من الجنوب والشرق.
  4. محور شمال غوندر: أكثر المحاور التي واجه فيها متمردو تيجراي مقاومة شديدة من المليشيات المحلية في إقليم أمهرة، لذلك كان تقدمهم فيه بطيئًا ومحدودًا، رغم تقدمهم السريع في بداية الهجوم نحو غوندر، مركز القيادة العسكرية للجيش الإثيوبي في المنطقة الغربية التي تضم بالخصول إقليمي تيجراي والأمهرة. ووصول القتال إلى “شيشهو”، فهذا يعني أن المتمردين قطعوا نصف المسافة نحو غوندر، التي يعني سقوطها تطويق القوات الحكومية في غرب تيجراي، ومنع وصول المؤن والإمدادات إليها إلا عبر الطيران أو إرتيريا.
  5. محور غرب تيجراي: ويحاول المتمردون استعادة الجزء الغربي من تيجراي بعدما أسقطوا أغلب مدن الإقليم في المنطقة الشرقية وعلى رأسها ميكلي. ولكن أمام المتمردين عقبتان؛ الأولى تتمثل في التضاريس، والثانية في الجيش الإريتري. فغرب تيجراي منطقة سهلية منبسطة لا تناسب حرب العصابات التي يتبعها إلى حد ما مقاتلو جبهة تيجراي، كما يمكن للطيران الحربي استهداف كتائبهم بسهولة في أرض مفتوحة. وتتمركز في المنطقة قوات إريترية إلى جانب وحدات من الجيش الإثيوبي، وهذا التحالف يصعب على المتمردين عملية اقتحامها، وقد يكلفهم خسائر كبيرة، بل إن القوات المتحالفة قد تقوم بهجوم مضاد على عاصمة الإقليم من هذه المنطقة كما فعلت في نوفمبر 2020. وأهمية غرب تيجراي وقوعه على الحدود مع السودان، التي توترت علاقاته مع إثيوبيا في الفترة الأخيرة، ويسعى المتمردون للحصول على دعم خارجي بالسلاح والمؤن سواء من السودان أو عبره. بينما تحاول أديس أبابا قطع أي خط تواصل بين المتمردين والعالم الخارجي.
  6. محور العفر: يهدف فتح جبهة تيجراي محورًا في الشمال الغربي لإقليم العفر، إلى حماية ظهر وحداتها المتقدمة نحو الطريق الدولي المؤدي إلى ميناء جيبوتي. وإقليم العفر يقع شرق تيجراي، ويحده شمالا إرتيريا، ومن الغرب جيبوتي ومن الجنوب الشرقي إقليم الصومال الإثيوبي (أوجادين) ومن الجنوب الغربي الأمهرة. ويسعى المتمردون لمنع مليشيات العفر من تقديم الدعم العسكري للقوات الحكومية، أو استخدام أراضيهم للهجوم على ميكلي، حيث تقدم متمردو تيجراي نحو 40 كلم داخل الإقليم، ووجدوا مؤيدين لهم في ظل انقسام شعبي بين العفر. وفتح هذه الجبهة يهدف أيضًا إلى محاصرة إرتيريا من الجنوب الشرقي، بينما تحشد قواتها في الجنوب الغربي المحاذي لإقليم تيجراي، بهدف مهاجمتها والسيطرة على أجزاء من أراضيها لإجبارها على الانسحاب من المنطقة الغربية من تيجراي، أو على الأقل تشتيت قواتها، بما يساعدها على استعادة كامل الإقليم.

 

إعلان التحالف:

تحالف التيجراي والأرومو ومستقبل الدولة الإثيوبية

في تطور جديد، أعلنت جماعة جيش تحرير أورومو تحالفها مع قوات جبهة تحرير شعب تيجراي ضد الحكومة الإثيوبية. وكانت وكالة رويترز للأنباء قد نقلت في وقت سابق عن دبرصيون جبرميكائيل زعيم جبهة تحرير شعب تيجراي القول إن محادثات تجرى بين الجانبين بشأن هذا التحالف. وتخوض الجماعتان المسلحتان نزاعات منفصلة مع الحكومة، لكنهما تقولان إنهما ستتبادلان الآن معلومات حول ساحة المعركة وتقاتلان بالتوازي. ومن جانبها، ندَّدت الحكومة الإثيوبية بالتحالف العسكري بين جبهة تحرير شعب تيجراي وجيش تحرير أورومو. وتقول السلطات في أديس أبابا إنها لم تتفاجأ بهذا الإعلان. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد إن ذلك يثبت موقف الحكومة، التي تقولها منذ أمد طويل، بأن بعض الجماعات المتمردة في البلاد تعمل معًا. وتتهم الحكومة جبهة تحرير شعب تيجراي بتعبئة فصائل مختلفة بما في ذلك جيش تحرير الصومال لزعزعة استقرار إثيوبيا مما أدى إلى تصاعد العنف بين القبائل والنزوح الجماعي للسكان.[4] وقد وافقت جبهة تحرير تيجراي في إثيوبيا على التحالف مع جبهة تحرير الأورومو (أوروميا)، وقال كومسا دريبا، زعيم جيش تحرير أورومو، إنه تم الاتفاق على الشراكة بين جبهة تحرير شعب تيجراي وجيش تحرير أورومو بعد محادثات جرت على مدى الأسابيع الستة الماضية. وأكد جيتاشيو رضا العضو البارز في الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي التوصل إلى الاتفاق، وقال كومسا المعروف بالاسم الحركي جال ماروو: “هناك اتفاق على التفاهم للتعاون في تحالف عسكري”. وقال جيتاشو: “لقد أقامت جبهة تحرير تيجراي وجيش تحرير أورومو الشراكة بعد الاتفاق على مبادئ احترام تقرير المصير وحقوق الإنسان”، وأضاف “لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن العمل معهم يمكن أن ينجح”، والجدير بالذكر أن حكومة آبي صنفت كلًا من جيش تحرير أورومو وجبهة تحرير تيجراي كمنظمتين إرهابيتين في شهر مايو الماضي.[5]

تحالف ما بعد العداء:

تُعرف جبهة أورومو بتاريخ طويل ضد الحكومة الإثيوبية تخللته مذابح الآلاف من المدنيين في منطقتي أورومو وبني شنقول جوموز، وقد أكدت الجبهة لوكالة أسوشيتيد برس أن الطريقة الوحيدة لحل المشكلة في البلاد هي عزل الحكومة الحالية، وأكد كومسا دريبا، المعروف أيضًا باسم جال ميرو، قائد جيش جبهة تحرير أورومو، أنه لكي يحدث ذلك ولكي يتم عزل حكومة أبي أحمد، “قمنا بتشكيل تحالف عسكري مع قوات تيجراي، وتم تشكيل التحالف على أساس مبدأ محاربة الأعداء المشتركين معًا”. وللمنظمتين تاريخ من التحالف العسكري والسياسي لم يسير على ما يرام. قبل وقت قصير من الإطاحة بحكومة العقيد منجستو هايلي ميريام، أقامت المنظمتان تحالفًا، لكنه لم يدم. اختلفت جبهة تحرير أورومو مع جبهة تحرير شعب تيجراي بعد عام تقريبًا من تولي الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبي، التي كانت تسيطر عليها جبهة تيجراي السلطة في عام 1991. بعد ذلك بوقت قصير، اضطرت منظمة أورومو التي يبلغ عمرها نصف قرن إلى الفرار من مركز القوة الإثيوبي لقيادة نشاط حرب عصابات قصير في الجزء الجنوبي الشرقي والجنوب الغربي من إثيوبيا.  لم يدم طويلاً حيث واجه هزيمة مدمرة من الحكومة بقيادة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي. وأعقبت الهزيمة العسكرية إجراء قانوني من جانب جبهة تحرير تيجراي وهي في سدة الحكم، وتم حظر جبهة تحرير أورومو باعتبارها منظمة إرهابية.[6]

عواقب محتملة على سيناريو الانهيار الإثيوبي:

وفقًا لمقال شارك في كتابته جيفري فيلتمان، مبعوث الإدارة الأميركية إلى القرن الإفريقي، فإن “القرن الإفريقي جزء لا يتجزأ من المشهد الأمني ​​في الشرق الأوسط، وبشكل متزايد. لا يوجد بلد يُظهر هذا بوضوح أكثر من إثيوبيا”. وتتمثل عواقب الانهيار الإثيوبي في التالي: تهديد الاستثمارات السياسية والاقتصادية لدول الشرق الأوسط في إثيوبيا، المخاطر الأمنية في البحر الأحمر مثل توسع الحرب نحو إرتيريا وجيبوتي وتأثيراتها السلبية على الصومال والتي قد تصل لدول الخليج، تزايد موجات اللاجئين غير الشرعيين، توسع حركات متطرفة وزيادة دعم جماعة الحوثي مع رواج سوق تهريب الأسلحة، تراجع احتمالات حرب المياه في وادي النيل، تصاعد استهداف مجموعة الشباب للمصالح التركية مع انسحاب القوات الإثيوبية.[7]

الخُلاصة؛ تقف إثيوبيا اليوم على أبواب التفكك، فإما اجتماع قيادات الأقاليم الإثيوبية والاتفاق على مصالحة شاملة ترضي جميع الأطراف وترد الحقوق إلى أهلها وتسمح بحق تقرير المصير لمختلف الأقاليم الإثيوبية، وإما حروب شعواء وتفكك إثيوبيا إلى دويلات بعد حروب ستأكل الأخضر واليابس، وقد بات الوضع يقترب من خيار التفكك بشكل ليس له مثيل في تاريخ القرن الإفريقي الحديث، حيث إقليم الأوجاين الذي يريد العودة للصومال الدولة الأم، وإقليم العفر الذي يريد الانضمام إلى عفر جيبوتي وعفر إريتريا، والأورومو يبحثون عن دولتهم التي ينتظرونها من عقود وأزمنة. وإجمالًا؛ يصعب التنبؤ بالوصول إلى ترتيبات سياسية وأمنية في إثيوبيا من شأنها إيقاف الحرب الإثيوبية في إقليم تيجراي في المدى القريب، خاصةً في ظل الحملة الموسعة التي تتبناها الحكومة الفيدرالية بتعبئة المزيد من المواطنين للتورط في الصراع الدائر، والتهديد بنشر القدرة الدفاعية الكاملة ضد جبهة تيجراي، مما قد ينذر باحتمال اندلاع هجوم عسكري واسع النطاق خلال المرحلة المقبلة.

[1]  أحمد عسكر، “إلى أين يتجه الصراع في إقليم تيجراي الإثيوبي؟”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 16/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/N1vSL

[2]  محمود سعيد، مرجع سبق ذكره.

[3]  “إثيوبيا.. لماذا يتقدم متمردو “تيجراي” من 6 محاور باتجاهات عديدة؟ (تحليل)”، الأناضول، 17/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/NSlqQ

[4]  “الصراع في تيجراي: تعرف على الجماعات المسلحة التي وحدت صفوفها ضد حكومة أبي أحمد”، عربي BBC، 14/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/XhUos

[5]  محمود سعيد، “تحالف «الأورومو» و«التيجراي» العسكري.. ضربة موجعة لآبي أحمد”، شبكة رؤية الإخبارية، 11/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/3CKbr

[6]  محمد اسماعيل، “بعد تحالف تيجراي وأورومو.. بلومبرج: “عزل حكومة آبي هو الحل””، الرئيس News، 12/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/wioF5

[7]  عبد القادر محمد على، “تصاعد الصراع في إثيوبيا وعواقبه على قوى الشرق الأوسط”، مركز الجزيرة للدراسات، 24/8/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/xmvnN

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022