تحالف أوكوس بين أمريكا وبريطانيا واستراليا: الدوافع والتداعيات

 

أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، في 15 سبتمبر 2021، في إعلان افتراضي مشترك، عن تشكيل تحالف “AUUKUS” (اختصار لأسماء الدول الثلاث المشاركة: أستراليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة)، وهو حلف عسكري يجمع الدول الثلاث في شراكة دفاعية متعددة المستويات، ستسمح للدول الثلاث بتبادل التقنيات الكمية التي تغطي مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والأنظمة التسليحية “تحت الماء” والضربات الاستراتيجية بعيدة المدي.

ويركز التحالف في المقام الأول على المحيط الهادي والهندي ضد تهديد الصين (على الرغم من عدم ذكر ذلك صراحة). وكجزء من الترتيب، سوف يطلق “أوكوس” برنامجًا لمدة 18 شهرًا لتسريع استحواذ أستراليا على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، مما يلغي عمليا صفقة بيع غواصات فرنسية تقليدية إلى أستراليا التي كافحت منذ عقد من الزمان للحصول على الغواصات النووية. وبهذا تمنح الولايات المتحدة الآن لأستراليا قدرة الوصول إلى التقنيات التي سبق أن شاركتها مع المملكة المتحدة فقط[1].

وسنحاول في السطور القادمة توضيح أهم الدوافع التي تقف خلف هذا التحالف، وأهم التداعيات الناتجة عنه خاصة فيما يتعلق بمدى تأثيره على العلاقات الأمريكية – الأوروبية عامة والفرنسية خاصة، كذلك تأثيره على حالة التنافس والصراع بين أمريكا والصين.

أولًا: دوافع التحالف:

يمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب والأهداف التي دفعت هذه الدول الثلاث للتحالف فيما بينها، تتمثل أبرزها فيما يلي:

1- بالنسبة لأستراليا: بموجب هذا التحالف سوف تقوم كلًا من أمريكا وبريطانيا على مدار الثمانية عشر شهراً القادمة بعملية نقل التكنولوجيا النووية لتمكين أستراليا من بناء 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية. كما أن هذا التحالف سيكون رادع للتحركات الصينية التي تهدف إلى فرض سيطرتها على منطقة “الإندو-باسيفيك” التي تشمل جميع الدول الساحلية المتشاطئة لأي من المحيطين (الهندي – الهادئ) والدول الواقعة داخل مياههما ومن هذه الدول استراليا[2].

وتتميز الغواصات الأمريكية عن الغواصات الفرنسية – التي قامت استراليا بإلغائها وشراء الغواصات الأمريكية – بعدة مزايا تقنية؛ حيث تتميز الغواصات النووية عن نظيرتها التي تشتغل بالديزل أو الكهرباء، سرعتها الكبيرة ومداها الطويل، وقدرتها على الغوص لفترات ممتدة دون الحاجة للصعود إلى السطح، كما أنها لا تصدر أصوات قوية مما يمنحها القدرة على توجيه ضربات مؤلمة دون أن يتم رصدها، وهذا ما يثير قلق بكين.

ومع أن فرنسا كان بمقدورها بناء سفن بالدفع النووي لأستراليا بدلا من الدفع بالديزل أو الكهرباء، إلا أن التكنولوجيا الأمريكية أكثر تقدما. فالغواصات النووية الأمريكية لا تحتاج التزود بوقود اليورانيوم إلا مرة كل 30 عاما، بينما الغواصات النووية الفرنسية فلا بد أن تزود بوقود اليورانيوم كل 10 أعوام، بينما لا تملك كانبيرا أي مفاعل نووي لإنتاج وقود اليورانيوم. وهذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون، بأن كانبيرا لم تتمكن من شراء سفن فرنسية تعمل بالطاقة النووية لأنه “يتعين إعادة شحنها، على عكس الغواصات الأمريكية. ولذلك فإن هذه الأخيرة هي وحدها المناسبة لأستراليا”[3].

2- بالنسبة لبريطانيا: يوفر هذا التحالف فرصة جيدة لبريطانيا لتعزيز مكانتها الدولية في مجال العلوم والتكنولوجيا لما ينطوي عليه الاتفاق من نقل التكنولوجيا النووية والتقنيات الأكثر تقدماً إلى كانبرا، وما سينتج عنها أيضًا من عوائد مالية كبيرة كمقابل لتلك التكنولوجيا. كما تمكنت بريطانيا بذلك من تجنب عزلة دولية محتملة في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي عبر تحقيقها مكسباً استراتيجياً من خلال انضمامها لهذا التحالف[4]. من زاوية أخرى، فإن بريطانيا التي انفصلت عن محيطها الأوروبي بدت أكثر حرية في اتخاذ ما يناسبها من سياسات، فلندن التي تحررت من قيود الاتحاد الأوروبي ومتطلبات الإجماع في بروكسل يشار إليها الآن بوصفها لاعبًا أساسيًا في السياسة الدولية، وليست صفقة الغواصات إلا مقدمة للدور المحوري الذي تطمح إليه بريطانيا في مناطق مختلفة من العالم في الفترة المقبلة[5].

3- بالنسبة لأمريكا: يمكن الإشارة إلى عاملين رئيسيين يقفان خلف التوجه الأمريكي لهذا التحالف هما:

أولاً: العامل المالي، يعطي الأميركيون الجانبَ التجاري في الصفقات مع الدول حيزاً واسعاً من التركيز. وأغلبية مناوراتهم عبر العالم، تحمل في خلفيتها عاملاً مالياً يقوم على بيع الأسلحة والقدرات والتجهيزات العسكرية. وتزويدهم أستراليا بغواصات تعمل على الطاقة النووية، سيكون له مردود مالي ضخم. فصفقة الغواصات التقليدية التي كانت مقررة بين فرنسا واستراليا كانت تقدر بحوالي 56 مليار دولار، وهو رقم أقل بكثير مما ستحصل عليه واشنطن من بيع الغواصات النووية[6].

كما أن الحرب الباردة على الصين، وبعد فشل الحرب التجارية والتكنولوجية التي بدأها ترامب عام 2018 ، فإن إدارة بايدن تستعير أدوات قديمة من الحرب الباردة، أهمها محاولة إجهاد القوة المناوئة من خلال سباق التسلح، وهو سباق يستجيب حاليا لمصالح لوبي السلاح الأمريكي، بعد الانسحاب من الحروب (مثل أفغانستان والعراق) التي كانت تضخ إلى خزائن الصناعات العسكرية عشرات المليارات من الدولارات كل عام[7].

ثانياً، وهو الأهم بين العاملَين: العامل الاستراتيجي، وهو المرتبط بصورة مباشرة بالصراع الحالي مع الصين، بحيث يمكن لأستراليا، من خلال موقعها الحيوي الاستراتيجي، والرابط بين المحيطين الهندي والهادئ، أن تؤدي دوراً مؤثّراً في المواجهة الصينية – الأميركية، وأن تمتلك، نتيجةَ ذلك، الولايات المتحدة الأميركية في تلك البقعة الاستراتيجية، مباشَرة أو عبر حليفتها أستراليا، أكثرَ من غواصة نووية. فهذا الأمر يعطي الأميركيين نقاطاً متقدمة جداً، في البُعدين العسكري والاستراتيجي، على مستوى الصراع مع الصين[8].

وتشير عدة تقارير إلى سعي “بايدن” لتأمين المزيد من القواعد العسكرية في أستراليا، والرغبة في نقل المزيد من القوات والقاذفات الأمريكية إلى شمال أستراليا، لاعتقاد واشنطن أن كانبرا ستنشر قواتها العسكرية في حال اندلاع حرب أمريكية صينية. كما ستفضي الغواصات إلى تنامي القدرات العسكرية الأسترالية، لصعوبة اكتشاف الغواصات التي تعمل بالوقود النووي من قبل الأساطيل البحرية، فضلاً عن قدرتها على إطلاق الصواريخ لمسافات أطول والبقاء في المياه لمدة أكبر.

وقد أشار وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتونسيتيح، إلى أن الاتفاق الأمني الجديد بين الولايات المتحدة وأستراليا سيسمح لواشنطن بإنشاء قواعد لوجستية جديدة بما يعزز التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، وتحسين قابلية العمل المشترك بين قوات البلدين. واتفق المسؤولون بواشنطن وكانبرا على تكثيف التدريبات المشتركة، وتأسيس “قدرات مشتركة” في مجال الخدمات اللوجستية وفيما يتعلق بصيانة الغواصات الجديدة. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون، أن بلاده ستحصل على صواريخ كروز الأمريكية طراز “توماهوك” مما سيعزز من قدراتها الجوية كذلك[9].

ويكشف هذا التحالف الجديد عن الجدية التي تأخذ بها إدارة “بايدن” المخاوف من تهديدات الصين المتزايدة إلى الحد الذي أجبرها على مشاركة تكنولوجيا حساسة مع أستراليا في ظل محدودية الدول التي تمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية، ولا سيما مع إشارة تقرير صدر حديثاً عن البنتاجون إلى أن الصين باتت أكبر قوة بحرية في العالم[10]. فقد نجحت بكين في زيادة قدراتها؛ فهي تمتلك ست غواصات نووية، ويمكنها إطلاق صواريخ نووية، و40 غواصة هجومية. وعلى صعيد حاملات الطائرات فقد شرعت الصين في بناء حاملة الطائرات الثالثة وامتلكت في الفترة من 2015 وحتى 2019 حوالي 132 سفينة مقابل 68 سفينة للولايات المتحدة فقط. وهو أمر طبيعي إذا ما علمنا أن القوة البحرية تستهلك أكثر من 55% من موازنة الدفاع الصينية[11].

وتكثف الولايات المتحدة تواجدها العسكري في بحر الصين الجنوبي الذي يعتبر ممراً استراتيجياً بالنسبة إلى واشنطن، ونقطة اختناق للصين. تمر عبره تجارةُ الصين الضخمة مع العالم، والتي تُقَدَّر بنحو 5.3 تريليونات دولار سنوياً، ويشكّل ممراً حيوياً للطاقة المستوردة بنسبة 77% من حاجاتها. وبحسب البيانات والتحليلات، ليس من الضروري أن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع الصين، بل يكفي عرقلة خطوط التجارة البحرية وتعطيلها، من أجل إنهاك الاقتصاد الصيني[12].

ثانيًا: تداعيات التحالف:

تناولت العديد من الكتابات والتحليلات التداعيات الاستراتيجية التي سيحدثها هذا التحالف، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية – الأوروبية عمومًا والفرنسية خصوصًا، وكذلك فيما يتعلق بالصراع والتنافس الأمريكي – الصيني، وهو ما سنوضحه بمزيد من التفاصيل كما يلي:

1- العلاقات الفرنسية – الأمريكية: أثارت اتفاقية أوكوس غضب فرنسا، حيث قامت باريس بإلغاء “حفل صداقة” مع الولايات المتحدة كان مقررًا بواشنطن، في 17 سبتمبر 2021، وهي الذكرى السنوية الـ240 لمعركة “تشيزبيك”، التي انتصرت فيها واشنطن بمساعدة البحرية الفرنسية في حرب الاستقلال ضد بريطانيا. ولم تكتف فرنسا بذلك، إذا أطلقت على لسان وزير خارجيتها، جان إيف لودريان، تصريحات حادة، اعتبر فيها أن ما حدث هو “طعنة في الظهر، وأمر لا يمكن أن يحدث بين الحلفاء”. وأصدر لودريان بيانًا مشتركًا مع وزيرة الدفاع الفرنسية، فلورنس بارلي، منتصف سبتمبر الجاري، جاء فيه: “ناسف للخيار الأمريكي استبعاد حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا من شراكة منظمة مع أستراليا، في وقت نواجه فيه تحديات غير مسبوقة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ”[13].

وقد استخدمت فرنسا لغة بعيدة عن الدبلوماسية، ناهيك عن الدبلوماسية بين الحلفاء، وجاءت في التصريحات الفرنسية مفردات مثل “الأكاذيب”، “الازدواجية”، “الوحشية” و”الازدراء”. كما استدعت فرنسا سفيرها لدى الولايات المتحدة للمرة الأولى على خلفية أزمة الغواصات النووية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن أحد الخيارات التي تبحثها فرنسا، التي أقصيت من صفقة غواصات مع أستراليا، هو “الانسحاب من هيكل القيادة العسكرية المتكاملة” لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وسبق لفرنسا أن انسحبت من القيادة العسكرية للناتو عام 1966، في عهد شارل ديغول، بسبب ما اعتبرته تزايد النفوذ الأمريكي على الحلف بدعم من بريطانيا، واكتف بعضويتها داخله، ولم تعد إلى القيادة المركزية للحلف إلا في 2009[14].

وبرغم محاولة أمريكا احتواء الموقف وتهدئة باريس وذلك عبر تصريح وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن الذي أكد فيه على أن فرنسا تمثل لها “شريكاً حيوياً” في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وأن الولايات المتحدة تولي الأهمية لهذه العلاقة لكنها تسعى في الوقت ذاته إلى تطوير وتوسيع تحالفاتها لمجابهة أي تهديد. كما تؤكد واشنطن على لسان بلينكن تمسكها بالتعاون والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي. وجاء في تصريحه أنه: “لا توجد فجوة إقليمية تفصل بين مصالح شركائنا في المحيط الأطلسي والمحيط الهادي” ، وشدد بلينكن في الوقت ذاته على رغبة أمريكا في “التعاون الوثيق مع الناتو والاتحاد الأوروبي في هذا الإطار”[15]، وترتيب الرئيس الأمريكي جو بايدن للتحدث مع ماكرون عبر الهاتف في الأيام القليلة المقبلة. بجانب، إمكانية حصول ماكرون على تنازلات من جانب واشنطن، مثل تخفيف القيود المفروضة بسبب “كوفيد-19″، على السفر إلى الولايات المتحدة أو تعزيز المساعدات الأمريكية في منطقة الساحل الغربي في أفريقيا حيث يحارب الجنود الفرنسيون جماعات “إرهابية”[16].

إلا أن ماكرون يبدو أنه غير مستعد للتهدئة مع واشنطن بعد إذلال صفقة الغواصات لمجموعة من الأسباب، منها:

– أن تصرفات ماكرون الغاضبة موجهة إلى حد ما إلى الجمهور المحلي، فقبل 7 أشهر من الانتخابات الرئاسية أظهرت بعض استطلاعات الرأي أن منافسته الرئيسية مارين لو بان، زعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني القومي تقلص الفارق بينهما، لذلك فإنه يحتاج إلى أن يظهر للناخبين أنه قوي، وقادر على رد الصفعة للأمريكان[17].

– خسارة فرنسا لصفقة الغواصات الأسترالية “عقد القرن”، فقد وقعت أستراليا، في أبريل 2016، عقدًا تاريخيًا مع فرنسا لتوريد 12 غواصة هجومية طراز (Barracuda)، ووصلت قيمة الصفقة لـ 56 مليار يورو، ما شكّل دفعة استثنائية لمجمع الصناعات الدفاعية الفرنسية الذي انبرى يبحث عن سوق جديدة لغواصاته ومزاحمة الغريم التقليدي “ألمانيا” في هذا المضمار والتي تعد من أكبر مصنعي وموردي الغواصات الهجومية في العالم من جهة، ومن جهة أخرى أعطى العقد الأسترالي فرنسا الزخم لتشغل موقعًا أمنيًا واقتصاديًا يتعدى بوتقة الدوائر التقليدية الأوروبية والشرق أوسطية.

وبموجب التحالف الثلاثي الدفاعي والموقع مع الولايات المتحدة وبريطانيا، ألغت أستراليا عقدها مع الجانب الفرنسي، مقابل حصولها على 8 غواصات أمريكية تعمل بالدفع النووي. الأمر الذي أرجع مجمع الصناعات الدفاعية الفرنسية خطوات للوراء، وأبقى فرنسا كما هي موردًا “للمقاتلات وقطع السطح البحرية فقط”[18]. كما أن إلغاء صفقة الغواصات مع فرنسا يهددان صفقات أخرى موقعة أو تعمل شركات دفاعية فرنسية على الاستحواذ عليها في المنطقة، لا سيما مع الهند واليابان[19].

– إقصاء فرنسا في منطقة “الإندو-باسيفيك”، لم تنحصر الأهداف الفرنسية وراء تأمين صفقة “الغواصات” مع أستراليا حول القيمة المادية فقط، وإنما طالت أيضًا المكانة الجيوسياسية لباريس في منطقة تعد مركز الاقتصاد العالمي، وهي منطقة “الإندو-باسيفيك” التي تمتد من شرق إفريقيا شرقًا لتصل إلى الأمريكيتين غربًا. بمعنى أن المنطقة تشمل جميع الدول الساحلية المتشاطئة لأي من المحيطين (الهندي – الهادئ) والدول الواقعة داخل مياههما.

وتمثل فرنسا قوة مقيمة في هذه المنطقة، حيث يعيش 1.6 مليون فرنسي في أقاليم ما وراء البحار مثل نيو كاليدونيا وبولينيزيا الفرنسية، علاوة على أن حوالي 93% من منطقتها الاقتصادية الخالصة تقع في منطقة “الإندو – باسيفيك”، ويصل عدد الجنود الفرنسيين هناك إلى 8 آلاف فرد. ولهذا، وضع رئيس الجمهورية الفرنسية، في مايو 2018، وفي قاعدة جاردن ايلاند في سيدني؛ الاستراتيجية الفرنسية في منطقة “الإندو-باسيفيك”، حيث تركزت في بنودها على تحويل فرنسا كقوة وسيطة شاملة ومستقرة، لديها شبكة من العلاقات مع دول المنطقة ومنظماتها الإقليمية مثل “الآسيان – واتفاقية التعاون الإقليمي بشأن مكافحة القرصنة في آسيا”.

إلا أن التحالف الأمني الثلاثي بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا؛ قد أقصى فرنسا بعيدا عن الترتيبات الأمنية الأمريكية “الغربية” في هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للمصالح الفرنسية. ووضع التحركات الفرنسية في معزل عن أي صيغ تشاركية على الصعيد الأمني مع شركائها وخاصة الولايات المتحدة وأستراليا، فيما يخص احتواء الصين وتأمين الممرات البحرية وقوافل التجارة على المسرح البحري الممتد بطول هذه المنطقة. الأمر الذي يُصعب على الجانب الفرنسي تأكيده على عالمية قوة بلاده، ويدفعه إلى إعادة تدشين بنية تحتية جديدة من التحالفات والشراكات مع دول جنوب وشرق آسيا[20].

– ينظر ماكرون إلى الصفقة الأمريكية باعتبارها رسالة غضب أمريكي من السياسة الفرنسية، خاصة أن باريس أبرز من يدفع نحو تشكيل “الجيش الأوروبي”، الذي قد يكون بديلا عن حلف الناتو، وهي أيضًا من تفضل الحوار على الخصومة مع الروس، ناهيك بأن “ماكرون” هو من زار بكين في 2019 وعاد منها بصفقات بقيمة 15 مليار دولار، وباريس هي قائدة الاتحاد الأوروبي الذى لا يريد خوض حرب باردة مع الصين إلى جانب الولايات المتحدة، ويفضل الوساطة والتسوية والتوفيق بين الطرفين حرصًا على مصالحه معهما، وماكرون أيضًا من تصدر مواجهة سياسة “أمريكا أولا”، التي ظن الأوروبيون أنها تخص الرئيس السابق دونالد ترامب، واتضح بعد أزمة أفغانستان أنها تخص الرئيس الحالي بايدن أيضًا[21].

ومن الجدير بالذكر هنا، أنه منذ مجيء ماكرون إلى الحكم، وهو ـ كعدد من القادة الفرنسيين قبله – يسعى لمزيد من الاستقلالية الأوروبية عن الولايات المتحدة الأميركية. وتطوّرت التصوّرات الفرنسية، منذ خطاب ماكرون في جامعة السوربون عام 2017، والذي اعتبر فيه أن “الطريقة الوحيدة لضمان المستقبل هي إعادة تأسيس أوروبا ذات سيادة وموحَّدة وديمقراطية”، ثم دعوته عام 2018 إلى “تعميق التضامن في الاتحاد الأوروبي وإنشاء جيش أوروبي”، وصولاً إلى دعوته ميركل عام 2020 إلى حوار استراتيجي للبحث في سياسة مستقبلية للاتحاد، تأخذ في الاعتبار المستجدات في الساحة الدولية والتراجع الأميركي.

ولم يكتفِ ماكرون بذلك، بل اعتبر في مقابلة مع مجلة The Economist، عام 2019، أن “الناتو” يعاني “موتاً دماغياً”، الأمر الذي أثار ردَّ فعل سريعاً من جانب الحلفاء في “الناتو”. كان ماكرون ينتقد، في تلك المقابلة، ما اعتبر أنه غياب للتنسيق بين أعضاء “الناتو”، والشكوك في التزام الولايات المتحدة الأميركية أمنَ حلفائها واستمرارَ “الناتو” في ظل حُكم دونالد ترامب، الذى هدد بالانسحاب من الحلف ما لم تزد الدول الاوروبية مساهماتها في التمويل[22].

– أن الخلاف يعبر عن شكوك الاتحاد الأوروبي وأعضاء حلف الأطلسي، فباريس لا تثق في تبريرات بايدن بأن هذا التحالف لمواجهة التهديدات المتسارعة من جانب الصين، بل اعتبرته سلوكاً يمس جوهر التحالفات والشراكات، لأنه يهمش فرنسا وبالتالي أوروبا والأهمية التي توليانها لمنطقة المحيطين[23]. جدير بالذكر، أنه جرى الكشف عن هذا التحالف عشية إعلان الاتحاد الأوروبي استراتيجيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، مما دفع محللين إلى التساؤل عما إذا كان “أوكوس” سيقوض الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه يظهر أن واشنطن منحازة للندن، التي انفصلت عن الاتحاد[24].

2- التحالف الأمريكي – الأوروبي: تتمثل أبرز التداعيات التي قد يسببها هذا التحالف الثلاثي على التحالف الأمريكي – الأوروبي في إمكانية تصدع تحالف الناتو، وإحداث نوع من التقارب الأوروبي “الحذر” مع روسيا والصين، ويمكن توضيح ذلك كما يلي:

أولًا: تصدع الناتو: تسبب التحالف الثلاثي في إحداث هزة قوية في علاقة أمريكا مع الاتحاد الأوروبي. فقد أعلن مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل أن التكتل “يتأسف” لعدم إبلاغه بشأن الاتفاقية الأمنية المبرمة بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا لمنطقة المحيطين الهندي والهادي، ودخول الاتحاد الأوروبي على خط الأزمة شيء طبيعي، باعتبار أن فرنسا أحد ركائز الاتحاد الأوروبي في الأساس، خاصة في ظل تذبذب العلاقات بين واشنطن وبروكسل، التي ترجع إلى فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وهو ما أكده وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بأن هذه التصرفات شبيهة بتصرفات ترامب، والتي استمرت حتى الآن أثناء فترة بايدن الحالية[25].

وتعتبر أزمة الغواصات هي الأزمة الثانية التي تتسبب في خلخلة العلاقات الأمريكية – الأوروبية بعد أزمة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، في 15 أغسطس 2021. وقد تسببت الأزمتين في استياء الأوروبيين لعدة أسباب، أهمها؛ أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وإنشاء تحالف مع بريطانيا واستراليا جاء دون استشارة الجانب الأوروبي، وعدم مراعاة مصالحه الاقتصادية والأمنية. بجانب، شعور الأوروبيين بعدم وفاء بايدن بوعده بضرورة تحالف الديمقراطيات الغربية بقيادة بلاده التي “عادت” إلى موقعها على قمة الهرم العالمي، والاكتفاء بتحقيق مصالح بلاده بعيداً عن مصالح وأمن الحلفاء الأوروبيين. وأخيرًا، فقد فهم الأوروبيين لعملية الانسحاب والتحالف على أنها رسالة أمريكية مفادها أن أمن ورخاء أوروبا، وتسخير الدرع الأمريكية لحمايتها لم يعد يحظى بالأولوية لدى واشنطن، وأن رؤية ترامب، المتمثلة في “أمريكا أولاً”، لا تزال هي نهج إدارة بايدن[26].

وتدفع حالة الاستياء الأوروبي من السياسة الأمريكية نحو تحقيق نوع من الاستقلالية عن الحليف الأمريكي. فقد تحدث المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، عن إعادة “تعريف المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف الناتو”، دون الإشارة إلى الخروج من الحلف. ولمّح لودريان، إلى إمكانية سعي بلاده لإحداث تغييرات جوهرية في مبادي وقيم الحلف قائلا: “لقد بادر الناتو، بناء على طلب رئيس الجمهورية (إيمانويل ماكرون)، بالتفكير في أساسياته، وفي القمة القادمة للحلف بمدريد، سيتم الانتهاء من المفهوم الاستراتيجي الجديد. وبطبيعة الحال، فإن ما حدث للتو (أزمة الغواصات) له علاقة بهذا التعريف”.

كما تحاول فرنسا إحياء فكرة إنشاء جيش أوروبي بدعم من ألمانيا، لا تكون بعده في حاجة للمظلة الأمريكية، ويمكنها من أن يكون لها قرارها الاستراتيجي المستقل عن واشنطن في القضايا الكبرى خاصة تلك المتعلقة بالمناطق المتوترة في محيطها القريب، سواء في ليبيا عبر عملية “إيريني” البحرية الأوروبية، أو في الساحل الإفريقي عبر عملية “تاكوبا” للقوات الخاصة الأوروبية. وإن كانت العمليتين العسكريتين قبالة السواحل الليبية وفي الساحل الإفريقي، قد أثبتت محدودية الدور الأوروبي بسبب الصراع على الزعامة أو اختلاف المصالح والأولويات[27]. فإن فرنسا قد تكون أكثر جدية في تحقيق نوع من الاستقلالية العسكرية عن واشنطن وتكوين قوة أوروبية موحدة، خاصة بعد أزمة الغواصات الأخيرة، والانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وفى ظل رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي في العام القادم[28].

وسبق أن أشار شارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبي خلال “منتدى بليد الاستراتيجي” في سلوفينيا، الذي انعقد في مطلع سبتمبر 2021، إلى “ضرورة أن يسعى الاتحاد الأوروبي إلى استقلالية أكبر في صنع القرار وقدرة أكبر على التصرف في العالم”، لذا بحث وزراء الدفاع لدول الاتحاد إنشاء قوات خاصة للتدخل السريع في الأزمات والطوارئ الدولية التي تشكِّل تهديداً لأمن ومصالح دولها، لتقليل الاعتماد الكامل على المقدرات العسكرية لواشنطن. وقد تم تقديم مقترح في مايو 2021 لإنشاء قوة أوروبية تضم خمسة آلاف فرد، وذلك في إطار المراجعة الاستراتيجية لدول الاتحاد والمزمع مناقشتها خلال نوفمبر 2021، والتي قد تشمل محاولة تعديل شرط الإجماع إلى موافقة الأغلبية[29].

ثانيًا: التقارب الأوروبي “الحذر” مع الصين وروسيا: فهناك أيضًا إمكانية وجود نوع من تقارب المصالح الحذر مع دول مثل الصين وروسيا، لأن تلك السياسات التي يتبعها بايدن – والشبيهة بسياسات إدارة ترامب السابقة – قد زعزعت الثقة الأوروبية في الإدارة الأمريكية الحالية، ما قد يدفع نحو ترويج مبدأ “أوروبا أولًا”، كما هو “أمريكا أولًا”[30]. خاصة إذا أخذنا في الاعتبار، أن الأزمة السياسية الناتجة عن إقامة الحلف الثلاثي تعكس خلافًا عميقًا داخل التحالف الغربي بشأن إدارة العلاقات مع الصين وروسيا، وهو خلاف تشترك فيه دول أخرى مثل إيطاليا وألمانيا. فإيطاليا انضمت لمشروعات مع الصين ضمن مبادرة الحزام والطريق، وألمانيا اصطدمت بالولايات المتحدة بشأن خط الغاز الروسي الثاني «نورد ستريم- 2» الذي اكتمل بناؤه رغم العقوبات الأمريكية، ويُنتظر إنهاء الإجراءات القانونية والتجارية والإدارية لتشغيله، ربما قبل نهاية العام الحالي[31].

كما أن المتابع للتحرك الأوروبي في المجال الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط؛ سيلاحظ أن هناك تباعد بين الموقفين الأوروبي والأمريكي، ولو أنه خفي، في الصراعات البينية في المنطقة، وبالذات في الموقف من الصفقة النووية بين إيران والقوى الدولية الكبرى، فالموقف الأوروبي وخاصة فرنسا أكثر ميلًا إلى الموقف الصيني والروسي[32]. فلم تتوافق فرنسا مع الولايات المتحدة في الانسحاب من الاتفاق النووي، عام 2018، لتظل مع بعض الدول الأوروبية متمسكة بالاتفاق، حيث اعتبرت أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق أمر يؤثر بالسلب على الاستقرار الإقليمي والدولي، كما رأت أن سياسة الضغوط القصوى التي تبنتها واشنطن تجاه طهران لم تحقق الكثير من الفوائد، ومن ثم، ربما يكون من الأجدى، وفقاً لها، توظيف أدوات التفاوض والدبلوماسية والحوافز الاقتصادية كأنسب وأفضل الأدوات لتحقيق الهدف نفسه، الذي تسعى إليه واشنطن، وهو منع إيران من امتلاك القنبلة النووية.

وفي هذا الصدد، يبدو أن باريس حريصة على الانفتاح على طهران، ولعل هذا ما كشف عنه الاتصال الهاتفي الذي جرى، في 5 سبتمبر الجاري، بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والإيراني إبراهيم رئيسي، وتضمن تأكيد الأول على تطوير وتعميق العلاقات بين إيران وفرنسا وضرورة إعادة النظر في العلاقة بين البلدين على المستويات المختلفة الاقتصادية والثقافية والإقليمية. كما تطرق الاتصال إلى الملف اللبناني ليشير الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى أن الشعب اللبناني يعاني اليوم من عقوبات اقتصادية يمكن لفرنسا أن تلعب دوراً في رفعها، معتبراً أن “جهود ومساعدة إيران وفرنسا وحزب الله لتشكيل حكومة قوية في لبنان يمكن أن تدعم ذلك”.

وهناك أيضًا، الخلاف بين واشنطن وباريس حول الملف اللبناني، وخاصة فيما يتعلق بالتعاطي مع حزب الله ومشاركته السياسية. ففيما تصنف واشنطن الحزب، بجناحيه العسكري والسياسي، كجماعة إرهابية، فإن باريس تبنت موقفاً مغايراً يقوم على تصنيف الجناح العسكري فقط للحزب كتنظيم إرهابي، بينما تتعامل مع الحزب كفاعل سياسي هام في المشهد، ويتعين التواصل والحوار معه، وبالتالي، فإنها ترى أن تصنيف الجناح السياسي للحزب، كتنظيم إرهابي، سيكون له تأثير سلبي على الأوضاع في لبنان والدور الفرنسي هناك[33].

ولكن، هناك شكوك في إمكانية حدوث تغير جذري في التحالف بين أمريكا وأوروبا لعدة أسباب، لعل أبرزها:

– أن الاتحاد الأوروبي غير قادر بإمكانياته العسكرية، وهنا نقصد؛ توفير الكادر البشري لمهامهم العابرة للحدود، لحماية مصالحه أو لتوفير الدعم لأنظمة تشكل مناطق نفوذ له؛ لأن نسبة الشباب في أوروبا قليلة جدا، بما يقيد حركة صانعي القرار في أوروبا[34].

– عدم قدرة الاتحاد الأوروبي وحده على توفير الحماية خاصة النووية ضد خصومه؛ لأنه لا يوجد إلا قوة نووية وحيدة في الاتحاد الأوروبي (فرنسا) بعد انسحاب بريطانيا من الاتحاد.

بجانب، أن فرنسا لديها القليل من الإمكانات النووية، والتي لن تكون قادرة على ضمان أمن الدول الأخرى. كما أن فرنسا، صاحبة الـ300 رأس حربي، ليست حريصة على مشاركتها مع أي دولة أوروبية؛ لأن ذلك قد يقوى تلك الدولة ويزيد نفوذها داخل أوروبا بما يهدد من الزعامة الفرنسية[35].

– محدودية القدرات الأوروبية عمومًا والفرنسية خصوصًا على تحدى السياسات الأمريكية، ولعل أبرز مثال على ذلك، عندما أراد الاتحاد الأوروبي الاستمرار في العلاقات التجارية مع إيران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، عصت الشركات الأوروبية حكوماتها ورفضت مواصلة علاقتها مع طهران خوفًا من العقوبات الأمريكية.

ورغم وعود الاتحاد الأوروبي بالاستمرار في الاتفاق والعمل على حماية الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران، لكن الشركات الأوروبية لم تكن على استعداد لأن تقع تحت مقصلة العقوبات الأمريكية، حتى لو لم تكن لها تعاملات كبيرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأن العقوبات الأمريكية على التحويلات بالدولار يمكن أن تدمر أي شركة حتى لو لم تكن تتعامل مع واشنطن بشكل كبير. والمثال على ذلك شركة بيجو الفرنسية للسيارات التي ليس لها وجود تقريباً في الولايات المتحدة، بينما يعتبر السوق الإيراني مهماً لها للغاية، ورغم ذلك انسحبت منه خوفاً من مقصلة العقوبات الأمريكية.

– أخيرًا، فإن الخلاف الحالي ينظر إليه على أنه خلاف فرنسي أمريكي بالأساس، والدول الأوروبية الأخرى تحاول تجنب التورط فيه على ما يبدو، ما يجعل من قدرة فرنسا على تشكيل تحد للسياسة الأمريكية تظل محدودة، وذات أثر تكتيكي في الأغلب[36].

3- الصراع الصيني – الأمريكي: تجلت مظاهر الرفض الصيني للشراكة الأمنية الناشئة في التصريحات على المستوى الرسمي، حيث دعت السفارة الصينية بواشنطن إلى ضرورة التخلص من “عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي”، من منطلق أن الدول لا ينبغي عليها أن تؤسس “تكتلات إقصائية” بهدف استهداف أو إلحاق الضرر بمصالح دولة أخرى. ونددت الحكومة الصينية بالصفقة التي وصفتها بأنها غير مسؤولة على الإطلاق على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية “تشاو ليجيان”، الذي اعتبر أن واشنطن ولندن أقدمتا على تصرف غير مسؤول من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي والجهود الرامية للحد من الانتشار النووي بما يعنيه من تكثيف لسباق التسلح النووي عبر إمداد أستراليا بالتكنولوجيا النووية[37]. فيما ذهب موقع “جلوبال تايمز” الصيني –صوت الحكومة الشيوعية– إلى أبعد من ذلك؛ إذ ذكر أن هذه الاتفاقية قد تؤدي إلى توجيه ضربة نووية إلى أستراليا.

أمريكا والصين تتبادلان الاتهام بانتهاج سياسة الترهيب في جنوب شرق آسيا

ويمكن تحديد أسباب الغضب الصيني من التحالف الثلاثي ووصول غواصات تعمل بالدفع النووي لأستراليا؛ في سببين رئيسيين:

السبب الأول؛ أن هذا التحالف سيقوض بصورة رئيسية الردع الاستراتيجي والردع النووي للصين. فعلى مدار العقدين الماضيين أجرت الصين عمليات كبرى لإعادة هيكلة قواتها المسلحة بما يتماشى مع مفاهيم الأمن القومي لبكين، وذلك في ضوء تحليل الصين للاتجاهات الأمنية للنظام الدولي، حيث يرى المحللون العسكريون في بكين، أن العالم يتجه للتعددية القطبية، وأن هناك تغيرات آتية في العلاقات بين القوى العظمي، وتباعًا في خطط انتشارها العسكرية العالمية. ومن هذه النقط طورت الصين استراتيجيات الردع التقليدي والنووي لديها. فالأول للتعامل مع الشبكة الإقليمية المناوئة للتمدد الصيني وخاصة في منطقة بحر الصين الجنوبي، والثانية للتعامل مع القوى الدولية المتقدمة تقنيًا في حال دخولها للمنطقة.

وعلى الرغم من إعادة هيكلة جيش التحرير الشعبي الصيني وتخفيف جسمه البري في مقابل زيادة الأصول الجوية والبحرية المزودة بقدرات معركة الاسلحة المشتركة؛ إلا أن جيش التحرير لا يستطيع مواجهة تكتل غربي موحد ضده كالتحالف الثلاثي، خاصة وأن الصين لم تترجم شراكاتها الأمنية والعسكرية المتنامية مع روسيا وإيران إلى ما يرقى لكونها تحالفًا ذا أسس أيديولوجية وأمنية مستقرة. ويقوض التحالف الثلاثي آليات الردع الصينية، بل ويرفع تكلفتها لمواجهة بيئة أمنية جديدة بدأت ترتسم ملامحها منذ قدوم الفرقاطات والغواصات الغربية لأستراليا منتصف العام الجاري (2021).

والسبب الثاني؛ ترى الصين أن هذا التحالف سوف يؤدى إلى نشوب سباق تسلح نووي في المنطقة، ففي تعليقها الرسمي على الإعلان الأمريكي للتحالف الثلاثي، قالت كوريا الشمالية إن التحالف الأمريكي في المحيط الهادئ والصفقة الأمريكية بتزويد أستراليا بغواصات الدفع النووي، قد يؤديان إلى سباق تسلح نووي في المنطقة. ويتزامن تدشين التحالف الثلاثي مع إجراء كوريا الشمالية لتجارب إطلاق صواريخ كروز بعيدة المدى (1500 كم)، وتجربة إطلاق صواريخ بالستية من على متن قطار، حيث تمت هذه التجربة في 15 سبتمبر 2021، في نفس يوم الإعلان الأمريكي عن التحالف الثلاثي، وبالتزامن أيضًا مع إطلاق كوريا الجنوبية تجربة إطلاق ناجحة لصاروخ باليستي من غواصة، لتصبح سابع دولة في العالم تمتلك هذه التكنولوجيا.

ومن المرجح أن تتجه الصين إلى تطوير أسلحة تكتيكية نووية مناسبة للعمل على متن سفنها، وغواصاتها النووية البالغ عددها 28 حسب مكتب الاستخبارات البحرية الأمريكية. وما يعزز هذا الاتجاه ارتفاع النفقات الدفاعية لمنطقة “الإندو-باسيفيك” من 20% في عام 2009 إلى 28% من أجمالي النفقات الدفاعية العالمية، بجانب أن الديناميكيات الجيوسياسية المتسارعة هناك تدفع بظهور منافسة شديدة بما في ذلك التوترات على المناطق المتنازع عليها بين القوى الإقليمية[38].

وتدرك الصين أن هذا التحالف الثلاثي يكشف عن أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر جدية في مواجهة بكين، وذلك لعدة أسباب:

أولًا؛ أن الحزبين الكبيرين، الجمهوري والديمقراطي، متفقان على أن الصين هي العدو الرئيسي لأمريكا، وأنها أخطر من روسيا على الصعيد الاستراتيجي في الأمد الطويل. كان ذلك صريحًا في استراتيجية الأمن القومي، التي أعلنها ترامب عام 2017، كما أنه أكثر وضوحًا في الاستراتيجية المؤقتة للأمن القومي، التي أعلنها بايدن في مارس 2021. ومع قرب موعد انتخابات التجديد الفصلي للكونغرس في العام المقبل (2022)، فمن المرجح أن تتغلب الاعتبارات الانتخابية على الخطاب السياسي للبيت الأبيض، عن طريق تبني خطاب «قومي شعبوي» معاد للصين، لضمان توسيع القاعدة التصويتية المؤيدة للرئيس في كل من المجلسين[39].

ثانيًا؛ أن هذا التحالف يأتي بالتزامن مع توتر العلاقات بين الصين واستراليا (التي تتقدم صفوف دول المواجهة في استراتيجية تقودها الولايات المتحدة تجاه الصين)، حيث تصاعدت حدة التوترات بين البلدين على مدار الأعوام الماضية على خلفية فرض رسوم جمركية صينية على عدد من السلع الأسترالية لانتقاد الحكومة الأسترالية للكيفية التي تتعامل بموجبها السلطات الصينية مع أقلية الإيجور، فصلاً عن المطالبة بإجراء تحقيق دولي للتعرف على أصول فيروس كورونا[40].

ثالثًا؛ أن هذا التحالف مكمل للتحالفات السابقة التي أقامتها الولايات المتحدة في منطقة جنوب شرق أسيا؛ لتطويق الصعود الصيني أو تحجيمه مثل التحالف الاستخباري “خمسة إي”، أي الدول الخمس الناطقة بالإنكليزية، وضم نيوزيلندا وكندا إلى دول الحلف الثلاثي (أمريكا وبريطانيا واستراليا). بجانب، التحالف الرباعي كواد الذي يضم أمريكا واليابان والهند وأستراليا. والمفارقة أن اتفاق أوكوس جاء قبل أيام قليلة من اجتماع الكواد، والذي كان قد أجرى أولى مناوراته البحرية العسكرية العام الماضي (2020). كما أن نائبة بايدن، كامالا هاريس، من المقرر أن تسافر خلال هذه الأيام إلى سنغافورة وفيتنام، ضمن الإطار نفسه، وهو ما يعني أن ثقل الآلة الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية انتقل عمليا إلى آسيا[41].

رابعًا؛ استعداد الولايات المتحدة لتحويل دول تلك المنطقة لدول نووية، ولأن تضرب عرض الحائط بمعاهدتي عدم الانتشار النووي والحفاظ على منطقة جنوب الهادي «منطقة خالية من السلاح النووي»، اللتين وقعت أستراليا عليهما.

خامسًا؛ صارت أمريكا مستعدة لتجاهل كل حلفائها بالمطلق، إذا لزم الأمر، للوصول لأهدافها الاستراتيجية. فقد تجاهلت واشنطن الغضب الفرنسي وما قد يسفر عنه من تصدع لحلف الناتو من أجل تحقيق هدفها الاستراتيجي بمحاصرة الصعود الصيني.

سادسًا؛ سعى إدارة بايدن، منذ يومها الأول، للانسحاب من حروبها العبثية ليس فقط في أفغانستان والعراق وإنما في سوريا وليبيا، وتجاهل الشرق الأوسط من أجل التركيز على ما تراه تهديدًا صينيًا عبر التواجد العسكري المكثف في بحر الصين الجنوبي وفى المحيطين الهندي والهادي[42].

سابعًا؛ بالتوازي مع إعلان تحالف الإيكواس يستمر الحوار الاستراتيجي بين الأميركيين والروس، وتناول أحد اجتماعاته في جنيف قبل أيام التنسيق بالنسبة لسوريا، في ضوء استعداد أميركي للانسحاب من الشمال الشرقي السوري بحلول ربيع 2022. وتطرقت اللقاءات السابقة إلى العلاقات والمصالح في مناطق أخرى، بهدف التوصل إلى تفاهمات تجتذب روسيا أو تحيدها في الخلاف الأميركي الصيني، لكن تفاهمات لا تزال موضع بحث، أو أن نتائجها لن تُعلن. وإن كان هناك صعوبة بإمكانية ضبط موسكو أو إبعادها عن بكين، أيّاً تكن العروض التي تقدّمها واشنطن[43].

ومع ذلك، يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة الصعود الصينية ستواجه عدة إشكاليات، أبرزها:

– تعثر سياسة أميركا، وربما فشلها، في حشد الحلفاء في سياسة احتواء الصين، وهو ما اتضح مع ردة الفعل الغاضبة من جانب فرنسا مع الإعلان عن تكتل أوكوس.

– ظهور اعتراضات داخلية من قبل مسئولين استراليين سابقين على هذا التكتل، وأتت المعارضة الأشد للحلف الجديد من رئيس الوزراء الأسترالي الأسبق، بول كيتنغ، عبر انتقاده اللاذع سياسات بلاده الملحَقة بواشنطن، وخشيته من فقدانها سيادتها الوطنية، بحيث تصبح “معتمدة مادياً على الولايات المتحدة، التي سلبت من أستراليا أيَّ مظاهر في حرية الخيار، في أي انخراط لها قد تراه ملائماً” (مقابلة له مع شبكة “سكاي نيوز أستراليا”، 16 سبتمبر الجاري). وذكّر كيتنغ واشنطن بحجمها في منطقة المحيط الهادئ، قائلاً “الصين قوة قارّية، بينما الولايات المتحدة قوة بحرية”. وأضاف “أن الأرض تتغلّب على البحر في كل مرة” في زمن الصراعات، وخصوصا بين القوى العظمى”.

– عدم انتظام نيوزيلندا في الاصطفاف، وربما خروجها منه، مع توجّهات إقليمية معادية للصين، جسدتها في إعلانها عدم السماح للغواصات النووية الأسترالية بدخول مياهها الإقليمية، متشبثة بسياستها المعلَنة في عام 1984، من أجل المحافظة على “خلوّ المنطقة من الأسلحة النووية”[44].

– أظهرت المناقشات الأولية لمسعي الإدارة الأمريكية السابقة إلى إقامة «تحالف عسكري رباعي» في مواجهة الصين، يضم معها كلا من استراليا واليابان والهند، أُطلِق عليه مجموعة «كواد – QUAD» تحفظات قوية من اليابان، وكذلك من كوريا الجنوبية، التي اشتركت في الجولة الأولى من المشاورات، ثم فضلت أن تبقى خارجها، خشية أن يصبح الحلف مبررا يسمح للقوات الأمريكية باستخدام أراضي وأجواء والمياه الإقليمية للدول الأعضاء، في شن هجمات على الصين، ومن ثم تعريضها لردود انتقامية[45].

– أن الصين ليست وحدها هي التي ستدرك هذا التهديد من “أوكوس”. فسوف يثير تأكيد وزير الدفاع الأسترالي على السعي وراء “التفوق الإقليمي” قلق جيران أستراليا في جنوب شرق آسيا، وخاصة إندونيسيا. وبالرغم من أن علاقات جاكرتا مع كانبيرا قد تحسنت بشكل ملحوظ في الأعوام الأخيرة، إلا أنهما يشتركان في ماض مثير للجدل يمكن أن يعود مرة أخرى إذا تسارعت الحرب الباردة الجديدة في آسيا.

– أن الاستراتيجية الأمريكية تعتمد على القوة العسكرية لمواجهة الصعود الاقتصادي للصين، وهو ما قد يشكك في جدوى تلك الاستراتيجية. كما أن الصين ليست كالاتحاد السوفيتي الذى خسر الحرب الباردة أمام الولايات المتحدة في الحرب الباردة لسبب رئيسي وهو ضعف قدراته الاقتصادية على عكس الصين التي تعتبر أقوى اقتصاد عالمي[46].

– أن ذلك قد يدفع الصين إلى تبنى خيارات تهدد السياسة الأمريكية، وفى هذا السياق، فقد سبق أن قررت قمة منظمة شنغهاي للتعاون والشراكة (التي تضم روسيا والصين وكزاخستان وطاجيكستان وقيرغيزستان وأوزبكستان والهند وباكستان، وتتمتع أفغانستان وبيلاروسيا ومنغوليا بصفة مراقب، في حين تعد أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا دولا شريكة[47]) التي عقدت مؤخرًا في العاصمة الطاجيكية قبول عضوية إيران في المنظمة. ما اعتبره العديد من المراقبين بمثابة إعلان انطلاق مرحلة جديدة من التكافل الإقليمي بين دول المنطقة، وتمهيد لتذليل آثار العقوبات الأميركية على إيران، إذ إن الأسواق الآسيوية ستكون كفيلة باستيعاب النفط الإيراني الذي يرفض الاتحاد الأوروبي استيراده خوفاً من العقوبات الأميركية[48].

ومن الملفت أن إيران أبدت منذ عشرين عاماً رغبتها بالحصول على عضوية كاملة (كانت مراقِبة حتى الآن) في المنظمة، ولم تحصل على الضوء الأخضر سوى الآن. ويبدو أن فتح أبواب المنظمة أمام عضوية إيران وفي هذا الوقت بالذات إنما يندرج بكل وضوح في ردّ الصين على قيام حلف «أوكوس» بوصفه حلقة جديدة في المسار الأمريكي المعادي لبكين. وإذ تأتي هذه الخطوة بعد إبرام اتفاقية «الشراكة الاستراتيجية الشاملة» بين الصين وإيران قبل ستة أشهر، تنذر بمزيد من خطوات التقارب بين بكين وطهران وموسكو رداً على مواقف إدارة بايدن[49].

[1] “علامات استفهام حول حلف أوكوس العسكري بين أمريكا وبريطانيا وأستراليا”، الخليج الجديد (مترجم)، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XNTjsQ

[2] “معاهدة “أوكوس”: تداعيات التحالف الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا”، إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 18/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3hVwJWb

[3] “من حلف الأطلسي إلى تحالف الهادي.. الصراع الدولي يغير بوصلته (تحليل)”، الأناضول، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3u0ajb7

[4] “معاهدة “أوكوس”: تداعيات التحالف الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا”، مرجع سابق.

[5] “التحالفات الباردة تقرع “أجراس العودة” في المحيط الهادئ.. والبطولة لـ “سلاح الكبار””، المرصد المصري، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/39pQ8K4

[6] “ماذا وراء الصفعة الأميركية للفرنسيين؟”، الميادين، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3u0eWSv

[7] “أمريكا تنهي حروبها الصغيرة لتبدأ حربها الكبيرة ضد الصين!”، القدس العربي، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XOnakV

[8] “ماذا وراء الصفعة الأميركية للفرنسيين؟”، مرجع سابق.

[9] “معاهدة “أوكوس”: تداعيات التحالف الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا”، مرجع سابق.

[10] المرجع السابق.

[11] “التحالفات الباردة تقرع “أجراس العودة” في المحيط الهادئ.. والبطولة لـ “سلاح الكبار””، مرجع سابق.

[12] ” أستراليا “الثمينة” بين أميركا والصين.. “أوكوس” يصدّع “الناتو””، الميادين، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3u9UWNd

[13] ” “طعنة أوكوس”.. هل تُفقد باريس الثقة بواشنطن؟ (تحليل)”، الأناضول، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3Ayie1R

[14] ” فرنسا تدرس جميع الخيارات للرد على أزمة الغواصات”، العرب، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XECzUq

[15] “”صفقة الغواصات”. هل تفقد باريس واشنطن أم تخسر أمريكا الاتحاد الأوروبي؟”، تي أر تي عربي، 17/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3ku0E9o

[16] “بلومبرج: ماكرون غير مستعد للتهدئة بعد إذلال صفقة الغواصات”، الخليج الجديد، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3lMbzeg

[17] المرجع السابق.

[18] ” اصطفاف جديد.. تداعيات الاتفاق الدفاعي الثلاثي على الوضع الأمني في منطقة “الإندو-باسيفيك””، المرصد المصري، 22/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2Zp3Efk

[19] ” “طعنة أوكوس”.. هل تُفقد باريس الثقة بواشنطن؟ (تحليل)”، مرجع سابق.

[20] ” اصطفاف جديد.. تداعيات الاتفاق الدفاعي الثلاثي على الوضع الأمني في منطقة “الإندو-باسيفيك””، مرجع سابق.

[21] ” “الطعنات” الأمريكية للأوروبيين”، العين الإخبارية، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3AzozKm

[22] ” بعد طعنات الحلفاء: هل آن أوان الاستقلال الأوروبي؟”، الميادين، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3hX1IRC

[23] “أميركا ترسم تحالفات جديدة”، الخليج الجديد، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3AwV3Vq

[24] ” “طعنة أوكوس”.. هل تُفقد باريس الثقة بواشنطن؟ (تحليل)”، مرجع سابق.

[25] ” كيف يؤثر إلغاء صفقة الغواصات على علاقات “باريس” وواشنطن”؟”، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3ABqnlZ

[26] “تداعيات الانسحاب من أفغانستان على العلاقات الأوروبية-الأمريكية”، مركز الإمارات للسياسات، 16/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3zuGqk3

[27] “من حلف الأطلسي إلى تحالف الهادي.. الصراع الدولي يغير بوصلته (تحليل)”، الأناضول، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3u0ajb7

[28] ” كيف يؤثر إلغاء صفقة الغواصات على علاقات “باريس” وواشنطن”؟”، مرجع سابق.

[29] “تداعيات الانسحاب من أفغانستان على العلاقات الأوروبية-الأمريكية”، مركز الإمارات للسياسات، 16/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3zuGqk3

[30] ” كيف يؤثر إلغاء صفقة الغواصات على علاقات “باريس” وواشنطن”؟”، مرجع سابق.

[31] “أمريكا تنهي حروبها الصغيرة لتبدأ حربها الكبيرة ضد الصين!”، مرجع سابق.

[32] “أمريكا: تحالف يتراجع وتحالفات تتقدم”، مرجع سابق.

[33] “أزمة الغواصات: الارتدادات المحتملة للخلافات الأمريكية- الفرنسية على قضايا المنطقة”، الحائط العربي، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XHvqTv

[34] “أمريكا: تحالف يتراجع وتحالفات تتقدم”، مرجع سابق.

[35] ” الخلاف مع أميركا وأستراليا.. هل يدفع فرنسا للانسحاب من الناتو؟”، الاستقلال، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3u4ND9K

[36] “بعد إلغاء صفقة الغواصات الأسترالية.. هل تنتقم فرنسا من أمريكا عبر الشرق الأوسط؟ الإجابة لدى”بيجو””، عربي بوست، 19/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3ELHV16

[37] “معاهدة “أوكوس”: تداعيات التحالف الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا”، مرجع سابق.

[38] ” اصطفاف جديد.. تداعيات الاتفاق الدفاعي الثلاثي على الوضع الأمني في منطقة “الإندو-باسيفيك””، مرجع سابق.

[39] “أمريكا تنهي حروبها الصغيرة لتبدأ حربها الكبيرة ضد الصين!”، مرجع سابق.

[40] “معاهدة “أوكوس”: تداعيات التحالف الدفاعي الجديد بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا”، مرجع سابق.

[41] “من كابول إلى «أوكوس»: أضرار جانبية لمواجهة الصين؟”، القدس العربي، 16/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3EEnIup

[42] “اتفاق أوكوس: انهيار التحالفات الغربية وحرب باردة جديدة”، الخليج الجديد، 22/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2ZcYS4i

[43] “أميركا ترسم تحالفات جديدة”، الخليج الجديد، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3AwV3Vq

[44] ” أستراليا “الثمينة” بين أميركا والصين.. “أوكوس” يصدّع “الناتو””، مرجع سابق.

[45] “أمريكا تنهي حروبها الصغيرة لتبدأ حربها الكبيرة ضد الصين!”، مرجع سابق.

[46] “تحالف أوكوس العسكري.. محاولة غربية أخرى لعزل الصين”، الخليج الجديد، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/3lOoeNN

[47] ” بدعم من روسيا والصين.. منظمة شنغهاي للتعاون توافق على عضوية إيران”، الجزيرة نت، 17/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XFD6W2

[48] “بين “أوكوس” وشنغهاي: قراءة في تغيّرات النظام الدولي”، الميادين، 20/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XCoNBU

[49] ” أمريكا والصين على رقعة الشطرنج الدولية”، القدس العربي، 21/9/2021، الرابط: https://bit.ly/2XK0ySo

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022