شكلت الأيام الأخير من نوفمبر 2021 محطة جديدة في قطار التطبيع، وارتفاع في مستوى العلاقات بين الحكومات العربية والكيان المحتل (إسرائيل)، وتصدرت (المغرب والأردن ومصر) هذا المشهد، في حين شهدت البلدان العربية على مستوى الشعوب رفض وتظاهرات لهذه التحركات.
فماذا حدث خلال هذه الأيام؟ هو ما سنتعرف عليه خلال السطور القادمة..
البداية من المغرب
حيث وقع وزير الأمن الإسرائيلي، بني غانتس، والوزير المغربي المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، مذكرة تفاهم بشأن التعاون الأمني بين “إسرائيل” والمغرب، في إطار زيارته للمغرب، والأربعاء، وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، إن غانتس ولوديي، وقّعا مذكرة تفاهم دفاعية رائدة في مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي والتدريب العسكري وغير ذلك”.[1]
وقد لبى مئات المغاربة دعوة “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” للتظاهر ضد التطبيع المغربي المتصاعد مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وشارك مئات الحقوقيين والمواطنين، في فعاليات احتجاجية بمدن وجدة وبركان وبنسليمان وبني ملال وأولاد تايمة. وفي بيان لها حول التظاهرات، قالت “الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع” إنها ترفض أن يكون المغرب مطية للكيان الصهيوني لتحقيق مشاريعه التوسعية في منطقة “المغرب الكبير” كما أدانت الجبهة زيارة وزير الحرب الإسرائيلي، بيني غانتس، للرباط
من جانبه، ندد رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الدكتور أحمد الريسوني، بشدة بالعلاقات المغربية الإسرائيلية، وأكد الريسوني أن “القضية لم تعد كما قيل، لكن المغرب الآن غارقة تمامًا في العلاقات المشبوهة مع العدو الصهيوني وفتح الأبواب أمامه من صفقات شاملة وزيارات متتالية وغزوات صهيونية مدمرة”. وأكد الريسوني أن المغرب يمتلك قدرات عسكرية واستخباراتية قوية، وأن دولاً كثيرة تقدم خدماتها له. وتساءل الريسوني: “ما الذي يمكن للعدو الصهيوني أن يقدمه في هذه المجالات أكثر من اختراق وتورط وشراء مسؤولين وعملاء؟”.
الأردن
شهدت الأردن احتجاجات غاضبة ضد صفقة الكهرباء مقابل الماء مع إسرائيل، حيث شارك آلاف الأردنيين في احتجاج حاشد في قلب العاصمة الأردنية عمان، احتجاجا على إعلان النوايا الموقع يوم الاثنين الماضي في دبي لعقد صفقة المياه مقابل الطاقة بين الأردن وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة. وردد المتظاهرون هتافات تندد بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مطالبين الحكومة بإلغاء الصفقة على الفور وقطع العلاقات مع إسرائيل. وبعد فترة وجيزة من الإعلان عن الصفقة، نظم مئات الطلاب احتجاجات في مختلف الجامعات في جميع أنحاء البلاد.
وبحسب التقارير، فإنه إذا تم تنفيذ الصفقة، ستكون واحدة من أكبر مشاريع التعاون الإقليمي بين دولة عربية وإسرائيل، وتنص على قيام دولة الإمارات ببناء مصنع بقدرة 600 ميجاوات لتوليد الطاقة الشمسية لتصديرها إلى إسرائيل مقابل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة سنويا.
مصر
وفي مصر على هامش اجتماعات منتدى غاز المتوسط بالقاهرة -الخميس قبل الماضي- وقع وزير البترول والثروة المعدنية المصري طارق الملا ووزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار على مذكرة تفاهم لإمكانية زيادة إمدادات الغاز “لإعادة التصدير”، حسب بيان وزارة البترول المصرية. وترأست مصر الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي عٌقدت أعماله بالقاهرة بمشاركة وزراء قبرص واليونان وإسرائيل والأردن، وحضور ممثلين عن دول أجنبية، وتم اختيار قبرص لرئاسة منتدى العام المقبل.[2]
وأضاف بيان صادر عن وزارة البترول المصرية، أن الاتفاقية تأتي في إطار جهود تهدف إلى التوسع في استخدام أنواع الوقود الأقل تلويثًا للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في المنطقة. وذكرت مذكرة التفاهم أن الغاز الطبيعي وقود انتقالي، حيث يساهم استخدامه في شرق المتوسط في خفض الانبعاثات بشكل كبير، خاصة بعد الانخفاض الحاد في استخدام الفحم والبترول في مصر وإسرائيل.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، عقدت مجموعات عمل مشتركة من البلدين عدة اجتماعات أجريت خلالها مراجعة شاملة لإمكانية التوسع في إمدادات الغاز الطبيعي لإعادة تصديره. وأكد طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية أن دعم التعاون المشترك من أجل الاستفادة من الموارد الطبيعية في البلدين أمر مهم.
رد الفعل الفلسطيني
دعا رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إلى وضع خطة متكاملة لإسقاط التطبيع “الذي أخذ صفة التحالفات العسكرية والأمنية”. وأكد هنية في كلمة خلال حفل افتتاح مؤتمر “رواد بيت المقدس” الثاني عشر المقام في إسطنبول بتركيا، أن “التطبيع سيزيد الحكومات المطبّعة ضعفاً، ولن يزيد الكيان الصهيوني قوة”. وأضاف: “يجب علينا أن نسقط التطبيع، وألا نسمح لهذا الورم السرطاني بأن يتمدد في جسد الأمة الإسلامية، ولا يكفي أن نتصدى له فقط”. وشدد هنية على أن “القدس تشكل محور الصراع، ومفجرة الثورات، منذ التاريخ وحتى عملية الشهيد فادي أبو شخيدم“، لافتا إلى أهمية وضع المخططات الكاملة لتحريرها من الاحتلال، وليس فقط التصدي للانتهاكات التي يمارسها. [3]
وقال إن المقاومة مستمرة في مراكمة القوة، وبناء الصرح والوسائل والقدرات، مؤكدا أنها “خيارنا الاستراتيجي؛ كانت ولا زالت وستبقى”. وتابع هنية: “نحن بحاجة إلى جبهة موحّدة مع مكونات الأمة.. آن الأوان أن نحسم الصراع التاريخي مع العدو الصهيوني”. وبيّن أن عملية “سيف القدس” التي ردّت عدوان الاحتلال الأخير على القدس وغزة، “شكلت تحولاً مهمًّا في مجرى الصراع مع العدو في كل فلسطين”. ورأى هنية أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان “يشكل انحساراً أمريكيًّا سيضعف حلفاءها في المنطقة، وأولهم العدو الصهيوني”، لافتاً إلى ضرورة الربط بين هذا الانسحاب وبين عملية سيف القدس ونتائجها، من خلال التأكيد على أن أمريكا لم تعد شرطي العالم، وأن “شمس الأمة لا تغرب، لكن ربما تتعرض لكسوف”.
[1] المغرب يوقّع اتفاقية مع إسرائيل لشراء طائرات مسيرة وأسلحة متقدمة – القدس العربي.
[2] مصر تستعد لمزيد من الغاز الإسرائيلي مجددا.. تجارة أم استهلاك محلي؟ – الجزيرة
[3] “حماس” تدعو المغرب للتراجع عن اتفاقياتها الموقعة مع إسرائيل – القدس العربي.