دلالات زيارة السيسي للمملكة العربية السعودية

علي الرغم من أن الزيارة ليست مفاجئة وسبقها تصريحات ولقاءات ثنائية ما بين وزيري خارجية البلدين، إلا أنه قد صاحبها صخب إعلامي كبير، وكأنها انتصار للنظام الحالي وخروج من عنق الزجاجة الذي انحشر فيه بسبب الاوضاع الاقتصادية المتردية التى تحياها البلاد منذ فترة طويلة، ولا أمل في الخروج منها الا بدعم اقليمي ودولي كبيرين، وهي أمور مبالغ فيها، خاصة وأن مسببات القلق والتوتر في العلاقة ما بين الطرفين لاتزال قائمة، وقد يكون من الصعب انهاءها بسهولة، خاصة وأنها تمثل قناعات لدى النظام الحالي، فرؤيته للنظام السوري والحرب الدائرة في سورية ليس من السهل تغييرها، وحتى وإن تغيرت فإن التغيير سيكون في التكتيك وليس في الاجراءات ولا في الاستراتيجية التى يتبناها النظام لدعم بشار الاسد، كذلك الأمر بالنسبة لإيران التى يسعى النظام للتواصل معها وإن بشكل غير مباشر، يضاف الي ذلك أن النظام يعلم جيدا أن ما دفع السعودية لاستعادة العلاقات بهذه الوتيرة إنما هي الولايات المتحدة والادارة الامريكية الجديدة، ومن ثم فإنه قد لا يقدم على تقديم تنازلات كبيرة، خاصة وأنه يعلم انعكاسات تلك التنازلات السلبية عليه وعلي صورته المهتزة في الشارع المصري.

لذلك فإنه من السابق لأوانه الحكم علي نجاح الزيارة، فهي وإن نجحت إعلامياً، إلا أن استثمار ذلك وتحويله الي واقع حقيقي تعيشه البلدين امرا لايزال مستبعداً، خاصة وأن السعودية باتت تتعامل بحذر شديد مع النظام، وهي تريد ان ترى وقائع علي الارض وليس فقط تصريحات وردية يدلي بها النظام بين الحين والاخر، يضاف الي ذلك أن النظام بدوره يسعى للحصول علي الدعم المالي وهذا ماقد لا تقدمه المملكة في هذا التوقيت الا بعد أن ترى خدمات حقيقية علي الارض، يضاف الي ذلك أن السبب الرئيسي في إعادة العلاقات هي الإدارة الأمريكية مدفوعة بضغوط صهيونية ترى في العلاقات المصرية السعودية مصلحة صهيونية كبيرة، إذ ترى ان السعودية هي الوحيدة القادرة علي دعم النظام الحالي وبقاء استمراره لأطول فترة ممكنة، خاصة وأن الحكومة الصهيونية لا تقدر علي تقديم الدعم المالي المطلوب للابقاء علي كنزهم الاستراتيجي.

لذلك يمكن القول ان استفادة النظام من المملكة لن تكون بالشكل المطلوب، لأن المملكة لديها ما تقدمه للنظام من دعم مالي، بينما تكلفة ما تطلبه المملكة أكبر من مقدرة النظام الحالي ومن شأنه أن يكشفه داخليا ويوتر علاقاته بمختلف مؤسسات الدولة، خاصة الجيش الذي يخشى من ارسال قوات الي اليمن وتكرار سيناريو عبد الناصر الفاشل مرة اخرى.

ويعني ذلك أن المرحلة المقبلة بين الطرفين ستكون بمثابة فترة اختبار بين الطرفين لتبيان ما يمكن أن يقدمه كل طرف الي الاخر، وبناء علي ما يحدث علي أرض الواقع ستتحدد شكل العلاقة، فالمملكة لا يشغلها خلال تلك الفترة سوى تحقيق مصالحها ومصالح نظامها، وهي لذلك علي استعداد لتنفيذ كل ما يطلب منها، أما إذا بقيت الأمور في نطاق التصريح والاعلام فلن يحدث تغييرا علي الارض، بل قد تتوتر العلاقات بشكل أكبر من السابق، خاصة وأن الخطر الحوثي يتزايد وكذلك خطر النظام السوري الذي مازال يتمتع بقوة ونفوذ كبيرين علي الأرض بسبب الدعم الايراني والروسي له.

وهذا ما يجعل الفترة الحالية في غاية الخطورة لأنه سيتوقف عليها تقييم حقيقة المواقف الامريكية الداعمة للخليج، وكشف التحول الحادث في السياسة الخارجية الامريكية تجاه دول الخليج وعلي رأسها السعودية واعتبارها الحليف الاسترايتيجي للولايات المتحدة مثلما كانت في السابق، ودعمها في مواجهة النفوذ الايراني المتصاعد في المنطقة، فإذا لم يحدث ايا من ذلك وعجزت الادارة الحالية عن الوفاء بالتزاماتها وهو أمر مرجح في ظل التحديات الداخلية التى تعانيها تلك الادارة، فإن المرجح أن تتوتر علاقة المملكة بالنظام المصري من جديد، وتحاول البحث من جديد عن شركاء آخرين لمساعداتها سواء في حربها في اليمن أو في صراعها مع إيران في سورية وغيرها من مناطق الالتهابات القائمة.

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022