تطورات الأوضاع في إثيوبيا والسودان وانعكاساتها على سد النهضة

 

تمر دولتي السودان وإثيوبيا بظروف متقاربة التحديات، سواء كان واقعًا محليًا تتعقد مشكلاته الداخلية بفعل خلافات سياسية، أو استهدافًا خارجيًا لا يزال يُملي توجيهاته وشروطه للسير وفق إرادته وتحقيق سياساته. وضمن واقع دولي منشغل بهمومه في تحورات كورونا، وغيرها من هموم، يظل التساؤل إلى أين تقود التنبؤات وما تُفضي له قضايا البلدين ضمن ما يواجهان من ظروف داخلية وتحديات خارجية؟ وما هو تأثير ذلك على قضية سد النهضة الإثيوبي وماذا سيكون مصيره المُتوقع خلال عام 2022؟ تلك هي التساؤلات التي سنحاول الإجابة عليها خلال هذا التقرير…

تطورات الأوضاع في إثيوبيا والسودان:

بالنسبة لإثيوبيا؛ تمكَّنت قوات آبي أحمد -بفضل دعم إقليمي واضح- من امتلاك اليد العليا في الصراع العسكري، والعودة إلى أجواء ما قبل نهاية يونيو 2021. ورغم خطوات حكومة آبي أحمد مطلع العام الجاري 2022؛ من قبيل الإعلان عن البدء الفعلي في إطلاق مسار حوار وطني شامل، والإفراج عن عدد من أبرز قادة المعارضة السياسية؛ فمن ناحية تظل تسوية الأزمة الإثيوبية مرهونة بأكملها تقريبًا بمسار الوساطات الدولية والإقليمية وتفاعلاتها وضوابط تأثيراتها في القوى الداخلية الفاعلة في هذه الأزمة، والتي ستحكم في النهاية مخرجات الأزمة الإثيوبية، وسُبُل وضع نهاية للاقتتال الأهلي وسيناريوهات التسوية السياسية، وتفادي تعميق الأزمة الإنسانية القائمة. ومن ناحية أخرى فبالرغم من إيجابية تقديم التيجرانيون مقترحات لتسوية يتم التفاوض حولها، وتتعلق بعمل دولي ملزم، إلا أنها تظل مقترحات غير واقعية، ومن ثمَّ فإنه ليس هناك تقدم حقيقي في مسار تسوية سلمية لمسألة غربي التيجراي؛ إضافةً إلى عقبة أخرى لا تزال ماثلة أمام السلام، تتمثَّل في امتلاك التيجراي جيشًا نظاميًا كبيرًا ربما يفوق عدده مئات الآلاف، وعقيدته الأساسية هي حماية إقليم التيجراي الذي يواجه تهديدًا وجوديًّا.[1] وبالنسبة للسودان؛ ففي ظل التهديدات الغربية على الحكومة المقبلة بعد استقالة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، جدَّد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان التأكيد على التمسك بالمكتسبات الوطنية، وحماية بلاده من الانزلاق نحو الفوضى والعمل الجاد للمحافظة علـى الفترة الانتقالية ونجاحها واستكمال مهامها ومواصلة مسيرة السلام، وبناء كل مؤسسات الحكم الانتقالي وتنظيم انتخابات حرة في وقتها المُحدد في 2023 يفوض فيها الشعب السوداني من يختاره لحكم البلاد. [2]

إثيوبيا والسودان: ماذا بعد؟

تبقى خيارات المجتمع الدولي محدودة في فرض تسوية عاجلة للأزمة الإثيوبية، ويُمكن أن يكون العامل الأول في هذا القصور متمثلًا في عدم رغبة الأول في الضغط بشكل كامل على نظام آبي أحمد تخوفًا من انفلات الأوضاع في إثيوبيا، وقدرة الأخير، كما في حالة نظام أسياس أفورقي، على الاستفادة من تناقضات السياسات والمصالح الدولية والإقليمية في إقليم القرن الإفريقي لصالح “استدامة التخلف” والقمع السياسي دون أي محاسبة دولية على انتهاكات ترقى -وفق تقارير أممية موثقة- إلى جرائم الحرب. وتُعزِّز فرص هذا السيناريو التشاؤمي حقيقة الأوضاع الراهنة من تسارع الوساطات الأمريكية والأوروبية والإفريقية وبعض الدول الإقليمية لتثبيت وقف إطلاق نار بين قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية ومقاتلي جبهة تحرير التيجراي دون تحقيق نجاح يُذكر حتى منتصف يناير 2022، مع وجود دلائل خطيرة على نزوع نظام آبي أحمد لمواصلة الضربات الجوية التي عاد لتوجيهها ضد أهداف في إقليم التيجراي. لكن رغم ذلك يظل العامل الحاسم في الأسابيع المقبلة في مسار الوساطات الدولية والإقليمية ومدى قدرة أو عجز الإدارة الأمريكية على العودة القوية لإقليم القرن الإفريقي، والانخراط بشكل ملموس في قضاياه وفي قلبها الأزمة الإثيوبية.[3] وبالنسبة للسودان؛ فإن السنوات المقبلة وإلى حين إجراء الانتخابات المرتقبة لترشيح حكومة مدنية في 2023، ستشهد مزيدًا من الصراع بين الأطراف السودانية في ظل تمسك المؤسسة العسكرية بالسلطة إلى حين إيداعها في أيدٍ مدنية ترعى حقوق ومصالح أهل السودان.[4]

التأثير على سد النهضة:

أيا كانت نتائج الفصل الأخير للمعارك في إثيوبيا، فإن السيناريو الوحيد الذي يُمكن أن ينعكس إيجابيًا على قضية سد النهضة هو تفتت إثيوبيا نفسها إلى دويلات عرقية، سيكون إقليم بنى شنقول الذي يوجد السد على أراضيه أحد هذه الدويلات أو أن ينضم إلى السودان. وهذا السيناريو مُستبعد تمامًا في ظل الظروف الإقليمية والقارية الراهنة، فشرارة التفتُّت إذا اندلعت في إثيوبيا تُهدد بإشعال حرائق مدمرة في معظم دول القارة الإفريقية التي تعاني من انقسامات عرقية وقبلية كبيرة وسط مجتمعاتها. أما إذا انتصر آبى أحمد، فسوف يكون أكثر شراسة في مفاوضات السد، وسوف يسرع في بنائه ليصبح هو شخصيًا أسطورة إثيوبية، باعتباره أول حاكم إثيوبي على مدار التاريخ كله منذ عهد الفراعنة حتى الآن، ينجح في التحكم في سريان نهر النيل، خاصةً وأنه يتبنَّى مشروعًا سياسيًا في بلاده يحاول من خلاله تجاوز فكرة الحصص العرقية في مناصب الدولة القيادية، ومنع سيطرة عرقية على الحكم، من خلال حزب الازدهار. أما السيناريو الثالث فيتمثَّل في انتصار جبهة تحرير تيجراي واختفاء آبى أحمد من المسرح السياسي، وهو على عكس ما يتصور الكثير من المصريين بأنه الحل الأمثل لسد النهضة، فسمعة التيجراويين عندما كانوا يمسكون بمقاليد الحكم في أديس أبابا لم تكن جيدة، بسبب سياسة التمييز العرقي التي كانوا يتبعونها، ولا أحد يضمن أنهم لن يكونوا أكثر تشدُّدًا في مفاوضات سد النهضة، لكى يكسبوا شعبية وسط الإثيوبيين، الذين نجح آبى أحمد في تعبئتهم ضد مصر، وتصويرها على أنها العدو التاريخي لهم.[5] إلا أنه رغم ذلك فإن التوتر في الداخل الإثيوبي انعكس بشكلٍ أو بآخر على تعطيل العمل بسد النهضة؛ حيث بيَّنت صورًا للأقمار الصناعية صدرت يوم السبت 25 ديسمبر 2021، لبحيرة السد ‏ونسب الملء فيها، أن بحيرة سد النهضة تراجع مستواها بعدة أمتار خلال الشهريين ‏الماضيين لتصل إلى منسوب 573 متر، فوق سطح البحر بإجمالي تخزين 8 مليار م3، ومازالت ‏المياه تفيض من أعلى الممر الأوسط بكميات قليلة حوالي 10 مليون م3/ يوم، وهى ناتج التصريف ‏من بحيرة تانا البالغ 3.8 مليار م3/ سنة، مع استمرار غلق بوابتي التصريف في الجناح الغربي ‏للسد.‏ وهو ما يُشير إلى كون الحرب الدائرة حاليًا في إثيوبيا ترتَّب ‏عليها تسخير الأموال الإثيوبية للمجهود الحربي، لذلك لم يعد هناك فائض للإنفاق على ‏إتمام العملية الإنشائية للسد؛ تمهيدًا للملء الثالث، مما أدى إلى تعطُّل عمليات البناء في الوقت ‏الحالي.[6] الأمر الذي كان يستوجب تحركًا مصريًا سودانيًا في المسار التفاوضي؛ إلا أن الوضع في السودان وإيقافها من قِبل الاتحاد الإفريقي قد حال دون ذلك.

كل ما سبق يخص الوضع الداخلي في كلٍّ من إثيوبيا والسودان، أما فيما يخص الوضع الخارجي؛ فيُمثِّل التنافس الأمريكي- الصيني في الإقليم ورقة رابحة في يد آبي أحمد، فبينما كانت الولايات المتحدة المانح الأكبر لإثيوبيا حتى اندلاع حرب التيجراي على خلفية اعتبار واشنطن لإثيوبيا شريكها المستقر في الإقليم، مقابل دعم الأخيرة لواشنطن في كافة مجالات اهتمامها في القرن الإفريقي لاسيما الحرب على الإرهاب في الصومال؛ فإن تراجع هذا التأثير الأمريكي في إثيوبيا والقرن الإفريقي؛ أظهر استعداد الصين التام لشغل فراغ القوة، لاسيما بعد مؤشرات قوية على انتهاج الصين دبلوماسية الانخراط السياسي المباشر في شئون القرن الإفريقي بالمخالفة لتقاليد السياسة الخارجية الصينية التي تنأى عن التدخل المباشر في شئون الدول الأخرى. واتضحت تلك المؤشرات في زيارات وزير الخارجية الصيني وانج يي لأديس أبابا وإريتريا وكينيا.

تحركات جديدة في إطار تصاعد الصراع الأمريكي- الصيني في القرن الإفريقي:

على نحوٍ مفاجئ، غادر الدبلوماسي الأمريكي المخضرم جيفري فيلتمان، مهمته في القرن الإفريقي، مخليًا مكانه للقادم من العاصمة التركية أنقرة، ديفيد ساترفيلد. باستثناء الصراع القديم الجديد بين الأقطاب الدولية على النفوذ في القرن الإفريقي؛ فإن ثمَّة دلالات لتغيير واشنطن جلدها الدبلوماسي هناك: أولها؛ فشل فيلتمان في حل الأزمات المُعقدة؛ حيث الأزمات المتواصلة بمنطقة القرن الإفريقي لا تحمل أملًا في حل قريب؛ كما في السودان وإثيوبيا والصومال. وثانيها؛ ارتباك الموقف الأمريكي؛ حيث شهد الموقف الأمريكي لأغلب أزمات منطقة القرن الإفريقي ارتباكًا كبيرًا؛ بما ينم عن عدم إدراك أبعاد الصراع والسياقات المحتملة أو على الأقل فهم طبيعة الديناميكيات المتغيرة. وثالثها؛ إعادة هندسة الاستراتيجية الأمريكية؛ كشف بيان وزير الخارجية الأمريكي الخاص بإعلان المبعوث الجديد عن بعض التغيرات في إدارة الولايات المتحدة لأزمات المنطقة، وهو ما يعكس توجُّه الإدارة الأمريكية نحو مراجعة أدوارها في المنطقة، وإعادة الانخراط بشكلٍ فعَّال؛ لاسيما في ظل المنافسة المحتدمة من جانب الأطراف الدولية على ممارسة دور أكبر في المنطقة. وقد جاء ديفيد ساترفيلد السفير الأمريكي المنتهية ولايته في تركيا لخلافة فيلتمان في المنصب، ليتسلم أربع أزمات مُتناجِّرة: الحرب الأهلية المتفاقمة في إثيوبيا، والانقلاب العسكري في السودان، وأزمة سد النهضة، والخلافات بين رأسي السلطة في الصومال. واللافت أن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أعلن خلال زيارته لكينيا –الحليف التقليدي للولايات المتحدة- عن خطة بلاده تعيين مبعوث خاص لمنطقة القرن الإفريقي. وليس جديدًا المبارزة الصينية في منطقة القرن الإفريقي، باعتبارها أظهرت هيمنة واسعة الناطق في مقابل الولايات المتحدة. لكن خطوة بكين الجديدة، تشير إلى أنها تحاول ترسيخ وجودها وإبراز مهارات إدارة النزاع لديها في مناطق الحضور الأمريكي، لاسيما بعد فشل فيلتمان في إحراز تقدم ملحوظ في الصراعات القائمة بما استدعى إعادة التفكير في الاستراتيجية الأمريكية تجاه منطقة القرن والآليات الحاسمة تجاه مجموعة الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية.[7]

تخوفات مصرية من تأثير التحركات الأمريكية والصينية الجديدة على قضية سد النهضة:

تنظر مصر بقلق إلى محاولات التمدد الصيني في منطقة القرن الإفريقي، والتي كان آخرها الجولة التي بدأها وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى المنطقة، معلنًا خلالها عن عزم بلاده تعيين مبعوث خاص للقرن الإفريقي. ويتمحور القلق المصري خصوصًا حول أزمة سد النهضة والموقف الصيني الذي بدا في أكثر من مناسبة داعمًا لإثيوبيا، ويتعزَّز القلق المصري بتراجع الدور الأميركي الملحوظ في المنطقة، والذي تجسَّد أخيرًا في استقالة المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الإفريقي جيفري فيلتمان، بعد فشل السياسة الأميركية في التعامل مع أزمة الحرب الأهلية الإثيوبية، بين جبهة تحرير تيجراي والحكومة الفيدرالية، وفشلها أيضًا في التعامل مع أزمة انقلاب السودان. واستقالة فيلتمان ستُشكِّل عائقًا جديدًا في مسيرة المفاوضات حول أزمة سد النهضة، والتي تدور في حلقات مفرغة منذ عام 2011، بالإضافة إلى العائق الرئيسي، وهو تعليق عضوية السودان في منظمة الاتحاد الإفريقي. وكانت مصر تُعوِّل كثيرًا على أن يكون الموقف الأميركي فيما يتعلق بأزمة سد النهضة داعمًا لها، بينما لا تثق في الموقف الصيني الذي ترى أنه يميل ناحية إثيوبيا، وذلك على الرغم من محاولات القاهرة السابقة للتقرُّب من بكين. والزيارة الرسمية لوزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى إريتريا مطلع هذا العام، بحث خلالها الوزير تعزيز الدبلوماسية الصينية في مواجهة الولايات المتحدة في القرن الإفريقي. ويأتي ذلك في ظل دور بكين في دعم حكومة أبي أحمد في الحرب الأهلية الإثيوبية، ودعمها لإريتريا، التي وقعت تحت طائلة حزمة عقوبات أميركية جديدة بسبب دورها في أزمة إقليم تيجراي، وذلك بالإضافة لانضمام أسمرا لمبادرة الحزام والطريق الصينية. وهكذا أصبح لدى الصين نفوذ يتضخم في الدول الثلاث الأهم في منطقة القرن الإفريقي وهي جيبوتي وإثيوبيا وإريتريا، وحتى كينيا. في الوقت الذي تتخبط فيه السياسة الأميركية في منطقة القرن الإفريقي، وفي ظل استقالة فيلتمان، تعرض الصين خدماتها على دول القرن الإفريقي، والتي تشمل خدمات اقتصادية تتمثل في استثمارات ضخمة، ومساعدات مالية وصحية لمواجهة جائحة كورونا، فضلًا عن خدمات سياسية تتمثَّل في عرض الوساطة والتدخل في أزمات بعينها مثل أزمة تيجراي. هذا بينما تُفضِّل الصين عدم الانخراط في أزمة سد النهضة، لأسباب عدة؛ أولها دعمها للحكومة الإثيوبية، وعلمها بأنها لن تقبل بأي وساطات لأن السد بالنسبة لها عامل حاسم لشرعيتها. كما تخشى أيضًا من أن تُستَغل وساطتها لصالح مصر في نهر النيل، لإضعاف موقفها كدولة منبع للعديد من الأنهار الدولية، خاصةً نهر الميكونغ الذي تحرِّض الولايات المتحدة دول مصبه لمواجهة الصين.[8]

مل السد ومصير المفاوضات عام 2022:

حتى الآن لم يشكل السد أي خطر على مصر والسودان، لأن كل ما تم تخزينه هو أقل من 8 مليار متر مكعب في العامين السابقين، ولم تستطع إثيوبيا توليد كهرباء منه حتى الآن، رغم أنها تستطيع توليد كهرباء إذا خزنت فقط 4 مليار متر مكعب. وفشلت إثيوبيا في تركيب الطوربينات، وتأسيس محطة توليد الكهرباء، وأيضًا تأسيس أبراج الضغط العالي لنقل الكهرباء، وربما تنتظر عملية الملء الثالث لتبدأ التوليد، وهناك أيضًا مشاكل لوجستية، يصفها البعض بأنها تتصل بعوامل فساد إداري ومالي من ناحية إدارة السد، الأمر الذي عرقل عملية توليد الكهرباء. ومع بداية العام 2022 من المُفترض أن تبدأ إثيوبيا الملء الثالث للسد شهر يوليو 2022، وبالتالي ستعمل على رفع الحاجز الأوسط للسد تمهيدًا للملء ابتداءً من شهر مايو المقبل. خلال الفترة الماضية؛ تم التأكيد على أن لا بديل عن الحل الدبلوماسي كحل وحيد لهذه الأزمة. وفي ظل وقف عضوية السودان في الاتحاد الإفريقي، ونهاية فترة تولي جمهورية الكونغو لرئاسة الاتحاد الإفريقي في نهاية شهر فبراير المقبل، فمن المُرجَّح انتظار الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي ليبدأ مباحثات جديدة خلال مارس وأبريل ومايو –حال حل الأزمة في السودان-، أي قبل أن تبدأ إثيوبيا في رفع الحاجز الأوسط، وتبدأ الملء مع موسم الفيضان في شهر يوليو 2022. لكن خلال هذا الوقت هناك محاولات لإحداث التغييرات خاصة في سعة ملء السد أو سعة البحيرة الخاصة بالتخزين، وتخفيضها من 75 مليار متر مكعب إلى 40 مليار متر مكعب.[9]

الخُلاصة؛ شهدت نهايات عام 2021 انعكاسًا للأوضاع في الداخل السوداني والإثيوبي على توقف سير المفاوضات بين الدول الثلاث أطراف أزمة سد النهضة (مصر والسودان وإثيوبيا). وكان هذا بالتزامن مع محاولة الولايات المتحدة لململة أوراقها من مختلف مناطق الصراع كما فعلت بسحب قواتها من الصومال، وكذلك الانسحاب الفوضوي في أفغانستان، والذي مثَّل إنذارًا لمختلف الحلفاء مفاده عدم الاعتماد على الدعم الأمريكي والبحث عن داعمين آخرين، والذي اتضح في عدم استجابة إثيوبيا للرفض الأمريكي، وزيادة ترساناتها بعقد صفقات أسلحة مع تركيا وإيران والإمارات. الأمر الذي جعل الولايات المتحدة تحاول إعادة النظر في سياساتها نحو القرن الإفريقي، وتغيير مبعوثها هناك لإعادة النظر في القضايا العالقة الخاصة بكلٍ من إثيوبيا والسودان والصومال وسد النهضة. وقد تزامن هذا التحرك الأمريكي مع تحرك صيني مقابل في دول القرن الإفريقي؛ وصل مؤخرًا إلى الإعلان عن تعيين مبعوث صيني للقرن الإفريقي، مما يجعل الجانب المصري يستشعر القلق من تصاعد نفوذ الطرف الصيني الداعم للموقف الإثيوبي في أزمة سد النهضة، لاسيما في ظل عدم وضوح توجه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي سيتبعها المبعوث الجديد لحل أزمات المنطقة.

 

[1]  د. محمد عبد الكريم أحمد، “آفاق تسوية الأزمة الإثيوبية: الوساطات الدولية والإقليمية”، قراءات إفريقية، 18/1/2022. متاح على الرابط: https://cutt.us/U15xr

[2]  هاشم عي حامد محمد، “المصالح تضع إثيوبيا والسودان في دوائر اهتمام واشنطن وأوروبا”، عربية Independent، 7/11/2022. متاح على الرابط: https://cutt.us/JWEB0

[3]  د. محمد عبد الكريم أحمد، مرجع سبق ذكره.

[4]  هاشم عي حامد محمد، مرجع سبق ذكره.

[5]  محمد عصمت، “3 سيناريوهات بانتظار سد النهضة”، الشروق، 6/12/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/N1wZc

[6]  عباس شراقي، “بعد تراجع قوات “التيجراي”.. هل يشرع أبي أحمد في الملء الثالث لسد النهضة؟”، الرئيس News، 26/12/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/QrK6k

[7]  زينب مصطفى، “أبعاد ودلالات تغيير واشنطن مبعوثها في القرن الإفريقي”، مصر 360، 10/1/2022. متاح على الرابط: https://cutt.us/nZE6O

[8]  “الصين في القرن الإفريقي: خطر على موقف مصر بأزمة سد النهضة”، العربي الجديد، 9/1/2022. متاح على الرابط: https://cutt.us/kzCZj

[9]  نجاح حمود، “سد النهضة في 2021.. حلم إثيوبيا الذي يؤرق مصر والسودان”، الميادين، 24/12/2021. متاح على الرابط: https://cutt.us/KYSx7

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022