مستقبل سيناء بعد العملية الشاملة.. هل حققت الحرب أهدفها؟

 مستقبل سيناء بعد العملية الشاملة.. هل حققت الحرب أهدفها؟

في تطور لافت دون الإفصاح عنه رسميا، بدأ الجنرال عبدالفتاح السيسي، بتنفيذ عملية كبيرة لسحب القوات من محافظة "شمال سيناء"؛ إيذانا بقرب الترتيبات لإنهاء العملية العسكرية الشاملة التي بدأت في 9 فبراير  2018، عملية الانسحاب غير المعلن عنها بدأت فعليا منذ أيام وشملت نحو 70% من القوات التي شاركت في العملية التي أتمت السبت الماضي شهرها الرابع على   التوالي[1].

و«سيناء 2018» هي العملية العسكرية الأكبر للجيش المصري منذ حرب أكتوبر 1973؛ حيث أدخل هناك 5 أضعاف القوات المسموح بإدخالها وفق اتفاق كامب ديفيد مع (إسرائيل)، بتنسيق مع تل أبيب. وتشارك كافة أفرع القوات المسلحة المصرية في العملية بإسناد جوي وبحري، وبمشاركة حاملة الطائرات «ميسترال»، وطائرات «الرافال»، وقوات خاصة من الجيش والداخلية.

ولعل عملية الانسحاب الجارية تفسر  أسباب تباعد البيانات العسكرية وتراجع الاهتمام الإعلامي بالعملية. وكان الجيش قد أصدر  23 بيانا عن سير العمليات كشفت عن مقتل أكثر من 200 مسلح و33 ضابطا وجنديا على الأقل، بينما بلغ عدد الموقوفين 4056 شخصا، وتم تدمير المئات من مخازن وأوكار التنظيمات المسلحة بحسب توصيف البيانات العسكرية.

أحد الأسباب وراء عمليات سحب القوات، قيام الجنرال السيسي بدراسة إعلان إنهاء العمليات بإعلان الانتصار على الإرهاب في  الـ30 من شهر يونيو الجاري؛ أملا في عودة الاستثمارات مع تردي الأوضاع الاقتصادية بصورة مزرية؛ والظهور أمام الشعب بالبطل المحارب الذي قضى على خطورة تنظيم ولاية سيناء.

يؤكد صحة هذه الأنباء عدة مؤشرات:

أولا: وعد الجنرال السيسي الشعب بأمور مفرحة بعد عيد الفطر والإعلان عما وصفها بمزيد من الإنجازات وذلك خلال حضوره حفل إفطار الأسرة المصرية 05 يونيو بفندق "الماسة" بالقاهرة[2]. ومن ضمن هذه الوعود المفرحة الإعلان بالانتصار على الإرهاب لكنه حتما سيبقى الباب مفتوحا بالإعلان عن القضاء على معظم قدرات تنظيم ولاية سيناء وليس كلها.

ثانيا: بعد تصريحات السيسي بيومين فقط أرسل وفدا إلى شمال سيناء يضم المهندس إبراهيم محلب مساعد الجنرال السيسي للمشروعات القومية والإستراتيجية وكذلك اللواء أحمد جمال الدين مستشار السيسي للأمن ومكافحة الإرهاب، واللواء السيد عبدالفتاح حرحور محافظ شمال سيناء، وخلال لقائهم بوفد من رؤوس القبائل أعلن محلب عن تخصيص "250" مليار جنيه لتنمية وتعمير سيناء؛ معترفا بأن الوضع الأمني خلال السنوات  الماضية أعاق عمليات التنمية. محاولا مصالحة الأهالي الذين طالبوا بتخفيف القيود المفروضة عليهم والتي ضاعفت معاناتهم منذ بدء الحملة الشاملة قبل 4 أشهر. كما أعن المحافظ عن انتهاء المحافظة من خطة مرحلة ما بعد انتهاء العملية الشاملة «سيناء 2018»، وإنه يجرى وضع خطة لإنشاء مشاريع استثمارية وفتح الشوارع والميادين[3]. في إشارة إلى قرب انتهاء العملية العسكرية.

ثالثا:  تزامن مع هذه الزيارة  تخفيف الإجراءات المفروضة على تحركات الأهالي والتي أعاقت حركتهم وضيقت على معيشتهم في كافة مناحي الحياة، وخفف النظام  منذ زيارة وفد محلب جزئيا من إجراءات صاحبت العمليات الأمنية الدائرة حاليا، ومنها فتح محطات وقود تم إغلاقها أمام الأهالي، وفتح طريق السفر من شمال سيناء لبقية المحافظات بعد توقفه، والسماح للحالات العاجلة والإنسانية والمرضى بالخروج بتنسيقات مسبقة[4].

رابعا: قيام المتحدث العسكري باسم الجيش قبل أيام،  بنشر مقطع مصور لجولة قال إنها لرئيس الأركان محمد فريد حجازي في مدينة العريش[5]، في رسالة حاولت الإيحاء بأن "الوضع الأمني جيد ويسمح بزيارة الشخصية الثانية في وزارة الدفاع المصرية". في المقابل، فإن ما أضعفها هو أن الزيارة جاءت بشكل سري، إن صدقت رواية المتحدث العسكري، ولم يشعر بها المواطنون، خصوصاً القاطنين في محيط الكتيبة 101 التي ظهر الفريق حجازي فيها، بينما لم يجرِ أي جولة ميدانية على الكمائن العسكرية التابعة للجيش في مدينة العريش، كما جاء في بيان المتحدث العسكري حول الزيارة.

وباتت سيناء في عهد الجنرال السيسي مستباحة للطيران الصهيوني الذي نفذ أكثر من "100" قصف على أهداف بسيناء تردد أن ذلك تم بتنسيق أمني مع سلطات نظام 30 يونيو في إطار ما يسمى بالحرب على الإرهاب وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية[6].

هل حققت الحرب أهدافها؟

وكان الجنرال السيسي، قد كلف رئيس الأركان محمد فريد حجازي خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يوم 29 نوفمبر الماضي 2017، باستخدام «القوة الغاشمة لاستعادة أمن سيناء خلال 3 أشهر، وهي المدة التي كان قد حددها السيسي للقضاء على الإرهاب بعد مذبحة مسجد الروضة في نوفمبر 2017 والتي استشهد فيها "300" من أهالي سيناء.  ورغم بدء العملية الشاملة في 09 فبراير ، إلا أن رئيس الأركان طالب في 25 من الشهر ذاته تمديد العمليات 3 شهور أخرى لكن المدة انقضت في 25 أبريل الماضي 2018 دون تحقيق إي إنجاز.

وكان البيان الثاني للجيش الذي صدر في 09 فبراير مع بدء العملية الشاملة قد حدد "4"أهداف للعملية؛ هي: "إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية وضمان تحقيق الأهداف لتطهير المناطق من البؤر الإرهابية وتحصين المجتمع المصري من شرور الإرهاب والتطرف بالتوازي مع مواجهة الجرائم الأخرى ذات التأثير". فهل تحققت هذه الأهداف المعلنة؟!

خبراء الحرب والإستراتيجيات يدركون أن «العملية العسكرية في سيناء تتجاوز مسألة الحرب على الإرهاب، لأنها تخالف أبجديات مكافحة التمرّد، فتنظيم ولاية سيناء لا يسيطر على أراض وإنما يتبع تكتيكات حرب العصابات. وهي حرب تتطلب مقاربات مختلفة وليس نمط الحرب الكلاسيكية. الأمر ــ إذا ــ لا يحتاج لجيش بل لعمل استخباري وقوات خاصة، لذلك كان من الواضح أن الهدف الأساسي من العملية يرتبط بالانتخابات الرئاسية وتأمين ولاية جديدة للسيسي بإظهاره كبطل محارب للإرهاب، عدا عن أن العملية ترتبط بترتيبات صفقة القرن  وتصفية القضية الفلسطينية»[7].

الأمر الآخر أن الأسبوعين الآخيرين شهد سقوط ما لا يقل عن 15 مجندا بين قتيل وجريح في اعتداءات للتنظيم في مدينة العريش ومحيطها؛ الأمر الذي يمكن تفسيره بأن "ولاية سيناء" أراد توجيه رسالة واضحة من هذه الهجمات من حيث المكان فقد جاءت في "العريش" ذات الثقل الأمني والعسكري والتي تعاني من حصار مشدد منذ بدء العملية الشاملة، أما رسالة التوقيت فقد جاءت الهجمات بعد هدوء نسبي استمر عدة أسابيع. في المقابل، حاولت المؤسسة العسكرية إظهار المشهد الذي أرادته، من خلال الحديث عن ضربة أمنية تعرّض لها "الإرهابيون" باستهداف مجموعة مسلحين بعد اكتشاف مخبئهم في مدينة العريش، وذلك عقب ساعات قليلة من مقتل ضابط برتبة نقيب ومجندين من قوات العمليات الخاصة التابعة للداخلية. مع ذلك، فإن أياً من المصادر المحلية في مدينة العريش أو المستشفى العام في المدينة لم تذكر أي معلومات عن حدوث اشتباكات، أو ورود إصابات، أو جثث قتلى، مما أضعف الرواية الرسمية، التي جاءت لإظهار استتباب الأمن في سيناء، خصوصا مدينة العريش، في ظل عودة هجمات تنظيم "ولاية سيناء"[8].

بلا شك فإن الحملة كانت تمثل قفزا وهروبا من المشكلات والأزمات التي تعثرت قبل مسرحية الرئاسة مارس الماضي وأهمها ملف سد النهضة، وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وساعدت الجنرال في التغطية على فشله في إخراج مسرحية الرئاسة؛ حيث تعمد النظام التضخيم من حجم المواجهات لتكون مادة لوسائل الإعلام بدلا من الحديث عن المسار السياسي المتعثر  وفضيحة مسرحية الرئاسة الباهتة التي لم تنجح في لفت انتباه الجمهور والقراء.

الحملة من زاوية أخرى خدمت الجنرال في تسويق دوره في مواجهة تنظيم "داعش" أمام الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية؛ فصناعة «عدو»  حتى لو كان وهميا  أو بوجود تنظيم متشدد همجي ودموي لأقصى الحدود في حد ذاته ضرورة للنظم الشمولية المستبدة لتسويق نفسها واكتساب شرعية مفقودة لم تحظ بها من خلال أدوات ديمقراطية سليمة وصحيحة وعليها توافق شعبي واسع. كما توظف هذه النظم الشمولية وجود مثل هذا "العدو" (داعش/ ولاية سيناء) لخط الأوراق مع الحركات المؤمنة بالسلمية والمسار الديمقراطي مثل الإخوان والجماعة الإسلامية وغيرها ووضعها في ذات الخانة باعتبارها أكثر خطورة على النظام السلطوي لانتشارها الواسع وحاضنتها الاجتماعية المنتشرة، وتوظف هذه النظم الشمولية  حالة الحرب لإسكات معارضيها بحجة قدسية الحرب على الإرهاب وممارسة انتهاكات صارخة ومصادرة الحريات وتكريس الاستبداد بهذه الحجة الملفقة والشماعة الجاهزة؛ فعندما يعلو صوت المعركة ضد الإرهاب تستطيع إسكات كل الأصوات والزج بأصحابها خلف القضبان.

ومن الأهداف المهمة للحملة حماية خط الغاز الموصل للكيان الصهيوني؛ وما يعزز ذلك أن الجنرال وبمجرد البدء في الحملة تم الإعلان، مارس الماضي عن صفقة الغاز مع الصهاينة بقيمة "15" مليار دولار  لمدة 10 سنوات[9].

 

سيناء وصفقة القرن

تصورات  "إسرائيل" تقوم على القضاء نهائيا على القضية الفلسطينية، ورسم ملامح هذه المخططات الجنرال "جيورا إيلاند"، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومى الإسرائيلى، والباحث بمعهد الأمن القومى الإسرائيلى،  والتي تسمى "غزة الكبرى"[10] وبمنح القطاع 600 كم مربع بطول 30 كم وعمق 20كم من الساحل حتى جنوب رفح، مع تبادل أراضي مع مصر وامتيازات أخرى في إطار ما تسمى "صفقة القرن" التي أعلن الجنرال السيسي القبول بها في زيارته لواشنطن واجتماعه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أبريل 2017م، كما تقضي بسيطرة "إسرائيل" على القدس و60% من الضفة الغربية.

وكانت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ" الألمانية في تقرير لها ديسمبر 2017، ذهبت فيه إلى أن "مجمل السياسات التي ينفذها نظام السيسي بشبه جزيرة سيناء تؤشر لإِعداد هذه المنطقة لإقامة دولة فلسطينية فوقها". وتشير الصحيفة في التقرير الذي أعده رئيس قسم العالم العربي والشرق الأوسط بالصحيفة راينر هيرمان، إلي أن "صفقة القرن تجاوز ترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية لشمالي سيناء، إلى إثارة قضية تهجيرهم من القدس الشرقية إلى العريش ومحيطها". ويشير هيرمان في تقريره إلى أن "تصور الوطن البديل اكتسب زخما كبيرا بعد استخدام عبدالفتاح السيسي مصطلح صفقة القرن عقب مباحثاته في أبريل من العام الماضي بالبيت الأبيض مع نظيره الأميركي دونالد ترامب"، رابطا بين "صفقة القرن وإهمال السلطات المصرية لإعمار سيناء وتهجير أهلها"[11].

إزاء هذه المعطيات يمكن الربط بين العملية الشاملة وممارسات نظام السيسي في سيناء باعتبارها جزءا من الصفقة يتعين على الجنرال القيام به من أجل تكريس سلطاته بدعم إسرائيلي أمريكي وتحالف وثيق مع الرياض وأبو ظبي.

كما يمكن تفهم التسريبات التي نشرتها نيويورك تايمز، وبثتها قناة "مكملين" للضابط أشرف الخولي الذي كان يعطي التوجيهات لأحد المذيعين لافتا إلى أن وجود أهالي سيناء يمثل عقبة وخطرا وهي التسريبات التي فضحت توجهات نظام السيسي نحو تهجير أهالي سيناء وتفريغ شمالها لإبرام صفقة القرن الأمريكية.

لكن يبدو أن إصرار  الأهالي على التمسك بأرضهم وبيوتهم أفشل هذه المخططات رغم الانتهاكات الخطيرة والتضييقات التي تعرضوا لها وغطت كافة مناخي الحياة من عجز في الطعام والوقود، وإغلاق المدارس والمستشفيات والمحلات إضافة إلى التهجير القسري وسياسات التجويع والحصار وخنق النشطات الاقتصادية والتجارية والاعتقالات والاغتيالات خارج إطار القانون كشف عنها فيديو مقتل صبي في مايو الماضي[12]؛ ما أحدث دويا هائلا في الأوساط الحقوقية والإعلامية وإدانات كبيرة للمؤسسة العسكرية. كذلك يعاني أهالي سيناء من التشهير بهم حدا وصل إلى اتهامهم بالخيانة والعمالة من أبواق إعلامية موالية للنظام. وهو ما يفسر لجوء النظام إلى سياسة جديدة بدأت مع زيارة وفد محلب وجمال الدين وإعلان محافظ شمال سيناء عن خطة ما بعد العملية الشاملة تشمل عودة الحياة رويدا رويدا إلى بعض حالتها الطبيعية.

وحتىى تكتمل الصورة بجميع أبعادها، لا يمكن تجاهل استهداف الجنرال بحملته على سيناء، فرض مزيد من الحصار على غزة والضغط على حركة المقاومة الإسلامية حماس ومحاولة ترويضها من أجل التجاوب مع الضغوط الأمريكية الإسرائيلية المتعلقة بالقبول بصفقة القرن. وابتزاز الحركة فيما يتعلق بتخفيف الحصار مقابل تنازلات تمنح السلطة الفلسطينية أو تيار محمد دحلان  الموالي للإمارات وإسرائيل السيطرة على غزة أو على الأقل المشاركة في إدراتها بما يكشف تحركات المقاومة ومخازن سلاحها ويتيح فرصة كبيرة للتجسس على حركات المقاومة. ليس ذلك فقط، بل الإجهاز على ما تبقى من أنفاق وجيوب كانت تستمد منها غزة بعض ما تحتاج إليه.

يدلل على ذلك، بدء الجيش تجريف منطقة "أبو حلو " جنوب مدينة رفح، المتأخم لموقع كرم أبو سالم العسكري الصهيوني. وأبلغت قوات الجيش سكان تلك المنطقة بضرورة إخلائها خلال عيد الفطر، تمهيدا لتجريفه بشكل كامل"، وسط أنباء من مصادر قبلية تقول إن الحي خارج نطاق المنطقة العازلة التي حددها الجيش قبل 4 سنوات وأن تجريفه يأتي تنفيذ لأوامر "إسرائيلية" لأنها ممتعضة من الوجود السكاني قرب الموقع العسكري[13].

ويدلل على ذلك أيضا، تجاهل وجود مليشيات  محمد دحلان والتي تقترب من 700 مسلح فروا من قطاع غزة عام 2007 عندما لاحقتهم حركة حماس لوقف  جرائمهم ومنع الفوضى التي أثاروها بعد نجاح حماس في انتخابات 2006م. المثير في الأمر أنه تم توزيع وجبات عليها صور محمد دحلان على العالقين من أهالي العريش بعد انطلاق العملية الشاملة ب10 أيام ما أثار كثيرا من التساؤلات والشكوك حول طبيعة الدور الذي تقوم به مليشيا دحلان الموالية للإمارات[14].

ولم يقف دور الإمارات عند مليشيا محمد دحلان، بل كشف الكاتب "آدم إنتوس" في مجلة نيويوركر الأمريكية معالم الشرق الأوسط الجديد في عهد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» في تقرير تم نشره مؤخرا ، موضحا أن التعاون بين الدول الخليجية و"اسرائيل" يتسع اليوم ليشمل شبه جزيرة سيناء المصرية،  لافتا إلى أن ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد» قام بنشر قوات إماراتية لتدريب ومساعدة القوات المصرية التي تقاتل المسلحين في سيناء بمساعدة من الطائرات الحربية الإسرائيلية وبمعلومات تزودها وكالات الاستخبارات العبرية. ويؤكد أن صفقة ترامب مع دول الخليج سوف تفضي إلى اعتراف السعودية والإمارات بـ"إسرائيل" وسيكون الفلسطينيون هم الخاسر الأكبر[15].

 

بيزنس عابر للقارات

خطة إيلاند "غزة الكبرى" كما تضمنت تبادلا للأراضي يشمل مصر والسعودية والأردن؛ اشتملت أيضا على ضخ استثمارات كبيرة في مصر تسهم في دفع الأوضاع الاقتصادية إلى الأمام، وعلى هذا الأساس  يمكن تفهم سياق تنازل الجنرال عن جزيرتي تيران وصنافير للجانب السعودي؛ ما يجعل من المملكة جزء من الصفقة الكبرى.

وللممكلة دور اقتصادي في الصفقة بإقامة مشروعات مشتركة يمكنها وصفها بعابرة للقارات تضم دول المنطقة، وهو ما يفسر منح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "1000" كم مربع في جنوب سيناء في إطار مشروع نيوم السياحي في أطار مشروع بن سلمان السعودية "2030"[16].

 

الخلاصة

قيام السيسي بسحب معظم القوات المشاركة في "العملية الشاملة" يرجح إعلانه بعد العيد مباشرة الانتصار في الحرب على الإرهاب ضمن حزمة من المشروعات التي ينوي افتتاحها لإيهام الشعب بإنجازاته التي لا يرى الشعب لها أثرا في حياته أو تحقيق الرفاهية المنشودة. كما أن سحب القوات يأتي في سياق وقف الانتقادات التي تتعرض لها المؤسسة العسكرية والتشويه الذي يلاحق سمعتها بعد بث ونشر الانتهاكات التي تمارسها بحق مواطني سيناء. ولعل تقرير "هيومن رايتس ووتش" أحدث دويا هائلا ساهم في قرار الانسحاب[17].

العملية الشاملة حققت عدة أهداف للجنرال أهمها تمرير مسرحية الرئاسة ومثلت غطاء ممتازا لفشله السياسي والاقتصادي وهروبا من الأزمات التي تفاقمت وعجز عن حلها.

إصرار أهالي سيناء على التمسك بأرضهم أفشل مخططات الجنرال في إفراغ شمال سيناء من سكانها وبات يتعاطى مع المشهد وفق هذه الحقائق، في ظل ترقب إعلان واشنطن صفقة القرن بعد العيد مباشرة. وهي الصفقة التي ستفشل على وقع صمود شعوب المنطقة رغم خيانة وتآمر حكامها.

 

 

 



[1] زين الأنصاري/خاص: سحب 70% من القوات بسيناء تمهيدا لإعلانها «خالية من الإرهاب»/ الخليج الجديد 12 يونيو 2018

[2] السيسي لـ المصريين: انتظروا أمورا مفرحة بعد عيد الفطر.. فيديو/ صدى البلد  الثلاثاء 05 يونيو 2018

[3] خالد محمد/ «محلب» من العريش: 250 مليار جنيه لتنمية سيناء/ المصري اليوم  07 يونيو 2018

[4] ارتياح في سيناء بعد تخفيف إجراءات أمنية صاحبت الحرب على الإرهاب/ الشرق الأوسط  الخميس 07 يونيو 2018

[5] مها سالم/ رئيس الأركان يشارك قوات مكافحة الإرهاب بشمال سيناء الإفطار ويشيد بدور شيوخ القبائل/ بوابة الأهرام 06 يونيو 2018

[6] الطيران الإسرائيلي شن مئة غارة بسيناء/ الجزيرة نت 3 فبراير 2018

[7] «سيناريوهات انتهاء العملية الشاملة في سيناء»/العربي الجديد/ 28 فبراير 2018

[8] محمود خليل/"العملية الشاملة" في شهرها الخامس: مصر تهدم أبو حلو بطلب إسرائيلي/ العربي الجديد  الأحد 10 يونيو 2018

 

[9]   «تعاون بين مصر وإسرائيل لحماية خطوط الغاز.. ومباحثات لإنشاء شبكة بحرية جديدة»/ العربي الجديد/ 26 فبراير 2018

[10] محمد البلاسي/ «الوطن» تنشر خطة إسرائيل لإنشاء دولة «غزة الكبرى» على أراضى سيناء/ الوطن الخميس 22 نوفمبر 2012

[11] تفريغ سيناء وتهجير أهلها.. هل اقتربت صفقة القرن؟/ (عربي 21) الخميس، 04 يناير  2018

 

[12] فيديو صادم.. الجيش المصري يقتل طفلا بعد اعتقاله بسيناء/ الجزيرة نت 08 مايو 2018

[13] محمود خليل/"العملية الشاملة" في شهرها الخامس: مصر تهدم أبو حلو بطلب إسرائيلي/ العربي الجديد  الأحد 10 يونيو 2018

[14] إياد الشريف/ صور| غموض حول توزيع وجبات «دحلان» بسيناء.. والأمن: لم نتلق إخطارًا/ مصر العربية  19 فبراير 2018

[15] قوات إماراتية تقاتل في سيناء بغطاء جوي إسرائيلي/ قناة العالم  الاثنين  11 يونيو 2018م

[16] صلاح لبن/ مشروع نيوم.. هكذا تشارك مصر في أكبر مشروع سياحي عالمي/ التحرير 05 مارس 2018

[17] منظمة حقوقية تتهم مصر بتكثيف أعمال هدم المنازل في سيناء/ رويترز  22 مايو  2018

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022