وساطة «بايدن» لإتمام صفقة «تيران وصنافير».. قراءة في التحركات الأمريكية
تقوم إدارة الرئيس الأمريكي جوبايدن، حاليا، بدور الوساطة بين مصر والمملكة العربية السعودية وحكومة الاحتلال في إسرائيل بشأن مفاوضات نقل ملكية جزيرتي “تيران وصنافير” في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السعودية. تفاصيل الوساطة الأمريكية كشفها موقع «أكسيوس» الأمريكي نقلا عن خمسة مصادر مطلعة بالولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.[[1]]
فماذا تبقى من الصفقة لتكتمل؟ وما كواليس وتفاصيل هذه الوساطة؟ وما مغزى التوقيت؟ وما الأهداف المحتملة من هذه الوساطة الأمريكية وعلاقتها بالتدخلات الأمريكية الجراحية على خريطة المنطقة؟ وما علاقة ذلك بصفقة القرن ومشروع الشرق الأوسط الكبير الهادف إلى تمكين الوجود الإسرائيلي وضمان بقاء الاحتلال واستمراره تحت حماية النظم العربية؟
ماذا تبقى من الصفقة؟
كانت “تيران وصنافير” جزيرتين مصريتين على مدخل خليج العقبة منزوعتي السلاح تحت السيادة المصرية، بموجب معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية عام 1979. وفي يونيو 2017، ووافق البرلمان المصري، وكذلك المحكمة الدستورية العليا في 2018، على اتفاقية أبرمها السسي مع السعوديين في إبريل 2016م، لنقل السيادة على الجزيرتين إلى السعودية وفقا لاتفاق ترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ورغم الرفض الشعبي العارم والأحكام القضائية الباتة والقاطعة والنهائية من القضاء الإداري (مجلس الدولة والإدارية العليا) ببطلان الاتفاقية و مصرية الجزيرتين إلا أن السيسي دهس كل ذلك وأصر على التنازل عن الجزيرتين مقابل مساعدات سعودية تصل إلى نحو 25 مليار دولار.
وفقا لموقع “أكسيوس”، فإن اتفاق نقل الملكية من مصر على الجزيرتين إلى السيادة السعودية لم يكتمل بعد، وأن المفاوضات لا تزال جارية بشكل سري، وأن الوساطة الأمريكية تستهدف إتمام الاتفاق؛ حيث تعتقد إدارة بايدن أن توسطها بين الدول الثلاثة لإنهاء نقل ملكية الجزيرتين يمكن أن يبني الثقة بين الطرفين ويخلق انفتاحا على العلاقات الدافئة بين إسرائيل والسعودية، اللتين لا تربطهما علاقات دبلوماسية رسمية حتى الآن، وهو ما سيكون الإنجاز الأهم للسياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط منذ اتفاقات أبراهام، التي توسطت فيها إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، وأدت إلى اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، وحظيت بدعم السعودية، التي أوضحت وقتها أنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل ما لم يكن هناك تقدم جدي في عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية. ووفقاً للموقع، فإن “من يقف خلف الكواليس في هذه المفاوضات هو منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكغورك، وهو الشخص الرئيس لإدارة بايدن في جهود الوساطة الحالية”. وقال الموقع إن بايدن “يخطط للذهاب إلى السعودية كجزء من زيارة ثلاثية للشرق الأوسط، وأنه إذا تمت الزيارة، فستكون اللقاء الأول لبايدن مع بن سلمان”.
تحتاج الصفقة حتى تكتمل إلى موافقة إسرائيلية، وهي ما تحاول إدارة بايدن تحقيقه، إذ كانت إسرائيل قد وافقت فقط على الاتفاقية من حيث المبدأ، ريثما يتم التوصل إلى اتفاق بين مصر والسعودية بشأن مواصلة عمل قوة المراقبين متعددة الجنسيات، المسؤولة عن تسيير دوريات في الجزر وضمان بقاء حرية الملاحة في المضيق دون عوائق.
الوساطة الأمريكية تدور حول عدة بنود:
- أولا، القضية الرئيسية في المفاوضات التي تجريها واشنطن مع القاهرة والرياض، هي القوة متعددة الجنسيات للمراقبين، وأن السعودية وافقت على إبقاء الجزر منزوعة السلاح والالتزام بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة لجميع السفن، لكنها أرادت إنهاء وجود المراقبين متعددي الجنسيات في الجزر”. لكن المسئولين في حكومة الاحتلال اشترطوا وضع ترتيبات أمنية بديلة تحقق نفس النتائج.
- ثانيا، تشترط تل أبيب أن تبادر الرياض بخطوات معينة كجزء من جهود أوسع للتوصل إلى اتفاق بشأن عدة قضايا، مثل السماح لشركات الطيران الإسرائيلية بعبور المزيد من الأجواء السعودية، الأمر الذي سيختصر الرحلات الجوية إلى الهند وتايلاند والصين بشكل كبير”.
- ثالثا، تشترط حكومة الاحتلال أيضا على السعوديين “السماح برحلات جوية مباشرة من إسرائيل إلى السعودية، للمسلمين في إسرائيل الذين يريدون الذهاب لأداء فريضة الحج إلى مدينتي مكة والمدينة المنورة”.
العجيب في مسار ومضمون هذه المفاوضات هو اشتراط الإسرائيليين رغم أن السعوديين وافقوا على أن تبقى الجزيرتان منزوعتي السلاح، إضافة إلى أن معاهدة التطبيع المصرية الإسرائيلية سنة 1979م، أكدت على دولية الممرات والمضايق وهو الوضع القائم الذي لم يتغير وبالتالي فحرية الملاحة قائمة ولم تتهدد بالصفقة التي ربما يكون الهدف منها هو استدامة دولية الممرات ونسف الهيمنة المصرية عليها، وعدم ارتباطها باتفاقية التطبيع المصرية الإسرائيلية. علاوة على ذلك فإن الجزيرتين هما من الجزر الصغيرة القاحلة الرملية الصخرية المهجورة، وذلك بحسب تكييف الجزر في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لسنة 1982، وبالتالي فإن الحديث عن تأثيرهما على حرية الملاحة، حديث غير دقيق”. معنى ذلك ما تطرحه تل أبيب مجرد “ذرائع” لتبرير جلوس المسئولين السعوديين والصهاينة على مائدة المفاوضات تمهيدا لاتفاق تطبيع سعودي مرتقب. خلاصة الموقف الإسرائيلي لخصه تقرير لموقع “واللاه”العبري بأن “إسرائيل” تشترط أن يكون نقل جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، بترتيبات أمنية كبيرة وتوسيع دائرة التطبيع معها، وأن إدارة بايدن تتوسط بينهما لإنجاز اتفاق بهذا الخصوص”. فالهدف من هذه المفاوضات والتحركات هو إدخال بلاد الحرمين الشريفين إلى حظيرة التطبيع بشكل رسمي، والاعتراف للصهاينة بما اغتصبوه واحتلوه من أرض فلسطين.
مغزى التوقيت
الوساطة الأمريكية لإتمام صفقة “تيران وصنافير”، تأتي في سياق تحركين متوازيين للإدارة الأمريكية:
الأول، هو الاجتماع الإقليمي المرتقب الذي تشارك فيه الولايات المتحدة الأمريكية خلال جولة بايدن في المنطقة نهاية يونيو 2022م، والمرجح انعقاده في “إسرائيل” بحضور زعماء المنطقة، حسب تصريحات مسؤولين إسرائيليين لموقع «أكسيوس» الأمريكي، وستكون هذه أول رحلة يقوم بها بايدن إلى الشرق الأوسط منذ توليه منصبه. وكان رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت قد دعا بايدن لزيارة إسرائيل في مكالمة هاتفية نهاية أبريل2022، وهي الدعوة التي قبلها البيت الأبيض.[[2]] اللقاء الإقليمي المرتقب في “إسرائيل” يأتي استكمالا للزخم الذي أحدثته قمة النقب التي عقدت في إسرائيل في أواخر مارس الماضي 2022، وحضرها وزراء خارجية الإمارات والبحرين والمغرب، وهي الدول الثلاث التي عقدت اتفاقيات تطبيع مع إسرائيل مؤخرًا، بالإضافة إلى وزيري خارجية مصر والولايات المتحدة الأمريكية. ومن المحتمل أن تشهد هذه القمة الإقليمية أول لقاء مباشر بين بايدن والسيسي، بعد الجهود الإسرائيلية الحثيثة لترطيب الأجواء بين الطرفين، وحث الإدارة الأمريكية على تخفيف انتقاداتها لنظام السيسي في ملف حقوق الإنسان. وكان سامح شكري قد قام بزيارة إلى واشنطن خلال شهر إبريل لترميم العلاقات الثنائية المضطربة بسبب موقف القاهرة من الغزو الروسي لأوكرانيا. لذلك من المتوقع أن تواصل “تل أبيب” دورها في إصلاح العلاقات المصرية الأمريكية، خاصة بعد تدخلها في مارس الماضي “2022” بالضغط على لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ للموافقة على بيع طائرات «F-15» لمصر، فيما قد تستفيد إسرائيل من الدعم المصري لها في ضوء التوتر المتزايد في العديد من عواصم الخليج بشأن اتفاق نووي جديد مُحتمل بين إيران والغرب.
الثاني، هو مساعي واشنطن نحو ترميم علاقتها المتوترة مع حلفائها في الخليج في أعقاب فوز بايدن بالرئاسة، وغضبه من الدعم الخليجي السخي لمنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب. وكان بايدن قد تعهد من قبل بـ«نبذ» السعودية، وهي التصريحات التي أثرت على العلاقات المتوترة بين الدولتين بسبب عدد من القضايا، بما في ذلك سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان ومقتل الكاتب جمال خاشقجي، الذي حمّلت المخابرات الأمريكية مسؤولية قتله لولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بالرغم من نفي المملكة. ورغم ذلك، يخطط بايدن لزيارة السعودية كجزء من رحلته إلى الشرق الأوسط، لتكون هذه هي مقابلته الأولى مع بن سلمان، الذي يعتزم القيام بجولة دولية تشمل تركيا واليونان وقبرص والأردن ومصر. وتستهدف واشنطن توحيد الجبهات في مواجهة روسيا التي تخوض حرباً على أوكرانيا؛ في سبيل ذلك تسعى واشنطن بكل قوة إلى تشكيل تحالف يضم دولاً ذات تأثير في الشرق الأوسط يكون بقيادة إسرائيل، وأن السعودية جزء مهم في هذا التحالف الذي تخطط له واشنطن”، وبالتالي فإن “استئناف الحديث من جديد في مسألة الجزيرتين يمكن أن يكون مدخلاً يمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، بما يسمح بتشكيل ذلك التحالف”.
الأهداف والمآرب
من حيث الأهدف والمآرب، فإن التحركات الأمريكية تستهدف تعزيز العلاقات السعودية الإسرائيلية، وتعمل على استغلال صفقة نقل السيادة على الجزيرتين من مصر إلى السعودية في تدشين اتفاق تطبيع سعودي، تتحقق من خلاله عدة أهداف بضربة واحدة، أبرزها تمكين الوجود الإسرائيلي في المنطقة من خلال تطبيع سعودي يفضي إلى اعتراف رسمي من بلاد الحرمين بإسرائيل، وهو ما يمثل نجاحا منقطع النظير للمشروع الصهيوني، لما تمثله بلاد الحرمين من ثقل ورمزية في العالمين العربي والإسلامي باعتبارها منبع الوحي والإسلام. كذلك فإن التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بين الرياض وتل أبيب، سوف يرفع من أسهم الرئيس الأمريكي الذي تشهد شعبيته تراجعا ملحوظا منذ انتخابه، وسيكون بذلك قد نجح في تحقيق اتفاق تاريخي يضاهي الوساطة الأمريكية في اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل سنة 1978م، تحت رعاية الرئيس جيمي كارتر، والذي كان ديمقراطيا أيضا. كما أن نجاح الإدارة الديمقراطية في ذلك سوف يعزز مكانتها محليا داخل المجتمع الأمريكي نفسه، ويحد من مفاخرة معسكر اليمين المتطرف داخل الحزب الجمهوري باعتبارهم أهم داعمي إسرائيل؛ لأن تدشين اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي يبرهن على أن الديمقراطيين هم الأكثر نجاحا في دعم إسرائيل وعلى أيديهم ــ إذا نجح بايدن في تدشين اتفاق تطبيع سعودي إسرائيلي ــ تتحقق أعظم اختراقات في العالم العربي لصالح المشروع الإسرائيلي باعتراف مصر أولا بشرعية الاحتلال، ثم السعودية لاحقا.
يبرهن على ذلك أن الجزيرتين قد انتقلت ملكيتهما من مصر إلى السعودية منذ تصديق السيسي على الاتفاقية بقرار رقم 607 لسنة 2017 بالموافقة على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين حكومتي مصر والسعودية، والموقّعة في القاهرة في 4 إبريل/نيسان 2016، أثناء زيارة ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، وبعد التصديق عليها في كلا البلدين، وتبادل وثائق التصديق، دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ، وهو ما ترتب عليه وقوع تيران وصنافير داخل الحدود البحرية السعودية. معنى ذلك أن المسألة محسومة بين النظامين المصري والسعودي، والتحركات الجارية هي المحطة التالية التي كانت متوقعة منذ الإعلان عن الصفقة، والهدف منها هو خلق ذرائع ومبررات لجلوس المسئولين السعوديين مع المسؤولين الإسرائيليين، كخطوة في طريق تطبيع العلاقات بين البلدين، وهو ما تريده الإدارة الأميركية بشدة في هذا التوقيت”.[[3]]
الخلاصة أن انقلاب السيسي على الرئيس مرسي والتنازل عن جزيرتي “تيران وصنافير” هي خطوات مرسومة ضمن صفقة القرن الأمريكية، من أجل تصميم المنطقة وتشكيل تحالف الشرق الأوسط الكبير الذي يضمن لإسرائيل مكان الريادة والقيادة فيه تحت الرعاية الأمريكية. وتعتبر إسرائيل هي المستفيد الأكبر من تفريط السيسي في السيادة المصرية على جزيرتي “تيران وصنافير”؛ فالأثر القانوني الذي يفرضه القانون الدولي بناء على هذه الصفقة يحقق لإسرائيل انتصارا سياسيا وعسكريا واستراتيجيا مذهلا دون خوض حروب أو إطلاق رصاصة واحدة. فتبعية الجزيرتين -وخاصة تيران- للجانب المصري تعني أن المياه البحرية إقليمية مصرية، أي تابعة لمصر وليست مياهًا دولية، وهذا هو الممر الوحيد الذي يمكن أن تدخل منه السفن من البحر الأحمر إلى خليج العقبة. وتبعية الجزيرتين لمصر تقتضي وتفرض سيطرة مصر على هذا المضيق، وسلطتها القانونية في السماح وعدم السماح بالمرور فيه لأي سفن أجنبية.. وهذا ما يضع قيدًا على حرية الملاحة الإسرائيلية من خلال خليج العقبة. أما إذا قيل بأن الجزيرتين تابعتان للسعودية، فإن الممر يصيردوليًا، ليس لمصر أي سيطرة قانونية دولية عليه؛ ولا للسعودية.
والأثر الوحيد المترتب على صفقة التفريط في السيادة المصرية على الجزيرتين، يتعلق بالصالح الإسرائيلي في حرية المرور من خلال هذا الممر أو الامتناع إلا بموافقة مصرية. وكل من يقف مع تبعية الجزيرتين لمصر إنما يدعم هذا الموقف الوطني المصري والعربي الخاص بحق مصر في السيطرة على حركة المرور من وإلى خليج العقبة. ورغم أن اتفاقية التطبيع المصري الإسرائيلي (1979)، قد أكدت على دولية الممرات إلا أن هذا التكييف كان مؤقتا ومرهونا بالاتفاقية. ومع استيلاء السعودية على الجزيرتين يصبح مضيق تيران وخليج العقبة ممرا دوليا لم يعد لمصر حق التحكم فيه إلى خليج العقبة وميناء إيلات الإسرائيلي (أم الرشراش المصرية المحتلة).[[4]]
يترتب على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، تنازل مصر أيضاً عن سيادتها الكاملة على مضيق تيران، والذي يصل عرضه إلى 8 كيلومترات، كان تحت السيادة المصرية الكاملة. وتحوُّل السيادة على الجزيرتين إلى المملكة العربية السعودية سوف يعطيها مسافة كيلومترين اثنين يعتبران مياهاً إقليمية سعودية، بينما سيصبح لمصر كيلومتران اثنان هما فقط حدود مياهها الإقليمية، بينما ستصبح مسافة الـ4 كيلومترات المتبقية مياهاً دولية لا سيادة عليها سواءً لمصر أو السعودية، وهو الأمر الذي ترغب فيه إسرائيل بشدة، ويصبّ في صالح مشروعات اقتصادية تخطط لها إسرائيل منذ فترة طويلة، منها حفْر قناة تربط خليج العقبة بالبحر المتوسط عن طريق ميناء إيلات المطل على الخليج؛ وهو ما يمثل أكبر تهديد لقناة السويس كأهم مجرى ملاحي للتجارة العالمية يربط الشرق بالغرب. وهذا تهديد مباشر وخطير للأمن القومي المصري ويمثل طعنة لمصر في الصميم.
بعض الكتابات الإسرائيلية حول هذا الموضوع رأت فيه مؤشرات إيجابية للغاية بالنسبة لإسرائيل، من بينها ما كتبه الصحافي الإسرائيلي حاجاي سيغال على سبيل المثال تحت عنوان «هل ستقوم دولة فلسطينية في سيناء مقابل المال؟» أشار فيه إلى أنه «على عكس ما كنا نعتقد، فإن العرب لا يرون في الأرض شيئاً مقدساً، فالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أثبت أنه مستعد لتسليم أراضٍ… ليس فقط نظير السلام أو نظير أرض بديلة، وإنما نظير المال البحت، فمصر ستحصل على الكثير من الأموال السعودية مقابل تيران وصنافير» مشيرا إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية في سيناء… إذ «تلوح في الأفق إمكانية التوصل مع السيسي ومع الفلسطينيين إلى صفقة يُدفع فيها مبلغ مجز من المال… أي صفقة الأرض مقابل الشيكل».[[5]] في إشارة إلى مقترحات “الحل البديل” وهو ما يشرع فيه السيسي فعلا في شماء سيناء من خلال إقامة مشروعات اقتصادية عملاقة (مطار ــ ميناء ــ مدن سكنية ــ محطات مياه وكهرباء ــ رصف طرق دولية) في منطقة تعد من أكثر المناطق اشتعالا بالإرهاب في العالم من أجل توفير مليون فرصة عمل لأهالي قطاع غزة؛ فلماذا يتم إقامة المشروعات الخاصة بغزة في شمال سيناء؟ ألا يعني ذلك ربط غزة بسيناء بعلاقة أبدية دائمة وفقا أطروحات الحل البديل؟!
كما تمثل صفقة التنازل عن “تيران وصنافير” محطة مهمة للغاية على طريق التطبيع السعودي مع العدو الصهيوني؛ لأن استيلاء الرياض على الجزيرتن يفرض عليها تحقيق “تفاهمات” سياسية وأمنية وحتى تجارية مع الاحتلال، وهو ما يمكن أن يفضي إلى إبرام اتفاقات أمنية وسياسية مع الاحتلال قد تمثل خطوة نحو التطبيع الكامل والاعتراف بالعدو الصهيوني. واعتراف حكومة بلاد الحرمين بالاحتلال، سوف يمثل أعظم انتصار للاحتلال، وقد يفتح الباب على مصراعيه نحو دخول عشرات من الدول العربية والإسلامية إلى حظيرة التطبيع. وتبقى مصر وفلسطين هما أكبر الخاسرين من هذه الصفقة المشبوهة، فهرولة البلاد العربية والإسلامية نحو حظيرة التطبيع دون تسوية القضية الفلسطينيية يعني انتصارا هائلا للاحتلال دون أن يطلق رصاصة واحدة ودون أن يخوض أي حروب؛ بينما تمثل هذه الخيانات بابا من أبواب الجحيم وسوف يرفع منسوب الغضب الشعبي ويهدد بانفجار البلاد العربية من الدخل.
[1] «أكسيوس»: واشنطن تتوسط بين الرياض والقاهرة وتل أبيب لإتمام نقل تيران وصنافير للسعودية/ مدى مصر ــ الثلاثاء 24 مايو 2022م// تيران وصنافير: هل أصبحت سعودية … أم ما زالت مصرية؟/ مونت كارلو الدولية ــ 26 مايو 2022م// بعد 6 سنوات على الاتفاقية، هل سلمت مصر تيران وصنافير للسعودية وما علاقة إسرائيل وأميركا بالقصة؟/ عربي بوست ــ 26 مايو 2022
[2] تنسيق إسرائيلي – أمريكي لعقد اجتماع إقليمي.. ولقاء محتمل بين السيسي وبايدن/ مدى مصر ــ الأربعاء 04 مايو 2022م
[3] تيران وصنافير… ملاحظات قانونية مصرية حول تسريبات المفاوضات/ العربي الجديد ــ 26 مايو 2022// تيران وصنافير ستاراً للصفقة: القاهرة جاهزة للبيع/ الأخبار اللبنانية ــ الجمعة 27 مايو/أيار 2022// وساطة أميركية لنقل تيران وصنافير للسعودية.. هل تعد خطوة نحو التطبيع؟/ تلفزيون العربي ــ الأربعاء 25 مايو 2022
[4] فريق العمل/ طارق البشري لـ«إضاءات»: موقف الدولة من تيران وصنافير لم أره في حياتي/ إضاءات ــ 18 يونيو 2017م
[5] محمد كريشان/إسرائيل وتيران وصنافير/ القدس العربي ــ 19 – أبريل – 2016
منافسة محتملة بين جمال والسيسي بالانتخابات الرئاسية المقبلة 2024
في اطار الأوضاع المأزومة بمصر، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، جاء التسريب المقتضب …