لماذا فشلت الدعوة للاحتجاج في 11 نوفمبر؟ محاولة للفهم والتقييم!!

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يدعوا فيها نشطاء بالخارج المجتمع المصري إلى التحرك ضد النظام الحاكم في مصر، فقد تكررت هذه الدعوات، خلال السنوات السبع الماضية، عشرات المرّات، كان من أبرزها ما عُرف بثورة الغلابة 11 نوفمبر 2016، ومظاهرات سبتمبر 2019، وسبتمبر 2020.

هذه الدعوات كان يقف خلفها عادة نشطاء سياسيون ونشطاء إعلاميون غير محسوبين على أياً من القوى السياسية التقليدية المعروفة، فهم عادة نشطاء مستقلون ترتبط اسمائهم بهذه الدعوات فقط وليس لهم سجل سياسي سابق، هذه الدعوات عادة أيضاً لا يشارك في الدعوة إليها كيانات سياسية منظمة أو حركات سياسية أو قوى وجماعات دينية أو أحزاب أو جماعات ضغط، بشكل علني أو تعلن عن تبنّيها.

هذا النمط من دعوات الاحتجاج الذي لا يقف خلفه أحزاب أو جماعات سياسية ليست خصوصية مصرية، إنما هو نمط من الاحتجاج شهد انتشاراً في السنوات الأخيرة؛ فاحتجاجات السترات الصفراء في فرنسا، واحتلوا وول ستريت في الولايات المتحدة، وصولاً للاحتجاجات التي شهدتها العراق ولبنان، كلها احتجاجات شارك فيها المحتجون باعتبارهم أفراداً، دون وجود قوى سياسية كبيرة دعت لها، أو شاركت في تنظيمها، بل ويمكن القول أن الاحتجاجات التي شهدتها السودان وأسفرت عن سقوط نظام البشير تنتمي لذات النمط، وأن قوى إعلان الحرية والتغيير تشكلت في قلب الحراك ولم يكن وجودها سابقاً عليه.

الخصوصية المصرية تكمن في أن الداعين للتحرك ضد النظام في مصر، خلال السنوات الماضية، ليسوا مقيمين في القاهرة، إنما في خارج البلاد، ويسعون لتحريك الجماهير من المنفى.

اعتمدت الجهات التي تقف وراء الدعوة للخروج في 11-11 على مواقع التواصل الاجتماعي حصراً في الترويج لدعوتها، وشهدت الحملة تفاعلاً واسعاً على «فيسبوك» و «تويتر» و «أنستغرام» وغيرها، حيث تداول النشطاء دعوات النزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج، وسرعان ما تصدرت اهتمام المصريين وأصبحت في صدارة الوسوم المستخدمة على «تويتر» و«فيسبوك» وغيرهما[1].

وقد استند الداعون للاحتجاج إلى عدة متغيرات افترضوا أنها قد تزيد من احتمالات نجاحهم، منها؛ أن دعوة التظاهر في 11-11 تأتي تزامناً مع موعد عقد قمة المناخ التي تستضيفه مصر في ذات التاريخ؛ بالتالي قد يساعد ذلك على إيصال صوت المحتجين للقوى الدولية[2]، وباعتبار ذلك قد يحمي المتظاهرين من بطش الأجهزة الأمنية.

كما جاءت الدعوة في وقت شهد غلاء في الأسعار، وزيادة نسب التضخم، وانهيار سعر صرف الجنيه، وتدني شعبية النظام، وارتفاع السخط الشعبي، وانخفاض الرضا العام حتى في الأوساط الشعبية التي ساندت النظام، كل هذه المتغيرات أغرت الداعين للاحتجاج باختيار هذا التوقيت دون غيره[3].

لكن في النهاية لم يستجب الشارع لهذه الدعوات هذه المرة، بعكس المرات السابقة التي شهدت استجابات من الشارع، حتى وإن كانت استجابات محدودة. بالتالي ما سنتناوله في هذه السطور، هو:

(1) محاولة الوقوف على الأسباب التي دفعت الشارع المصري للإحجام عن الاستجابة لهذه الدعوات، رغم التردي الشديد في الاوضاع المعيشية للمواطنين، ورغم السخط الشديد الذي يستشعره الشارع تجاه الحكومة وسياساتها.

(2) كما تسلط الورقة الضوء على الجدل الذي أثير بشأن الجهات الحقيقية التي تقف وراء الدعوات للاحتجاج في 11 نوفمبر؛ فقد اعتبر مراقبون أن عدم استجابة الشارع لدعوات الاحتجاج كان نتيجة أن الداعين للاحتجاج شخصيات مجهولة لا يُعرف عنها الكثير، وليس لها تجارب سابقة في العمل السياسي، كما أثار مراقبون مسألة أن هذه الدعوات قد يكون ورائها النظام المصري نفسه، أو أطراف ما من داخل الدولة العميقة، وأن هذه الشكوك هي السبب عن احجام الشارع عن الاستجابة.

(3) كما تتناول الورقة ردود فعل القوى السياسية المعارضة على هذه الدعوات، وتحاول الوقوف على محددات مواقف قوى المعارضة من هذه الدعوات.

 

لماذا لم يستجيب الشارع لدعوات التظاهر في 11-11:

بالطبع لم يعلن الشارع المصري بنفسه عن أسباب عدم استجابته لهذه الدعوات، كما أن استطلاعات الرأي تبدو غير ممكنة في ظل إغلاق المجال العام، بالتالي الاجابات التي قدمت عن أسباب احجام الناس عن الاستجابة هو استكناه قدمه مراقبون، بالاستناد إلى خبراتهم، وإلى تجاربهم في الاحتكاك بالمجتمع المصري.

وقد أشار هؤلاء إلى عدة متغيرات قد تسلط الضوء على أسباب عدم الاستجابة لدعوات التظاهر في 11 نوفمبر، منها:

أولاً: أن “الدعوات المؤثرة في مصر تأتي عادة من قوى سياسية معروفة”؛ أما هذه الدعوات فهي نداءات تصدر من جهات “مجهولة المصدر” تستهدف “شرائح اجتماعية غير مرئية”[4]، فهي دعوات صادرة عن شخصيات، غير معروف من يقف ورائها، كما أن هذه الشخصيات لا تملك في ذاتها مصداقية في الشارع، فـ “هؤلاء الدعاة للتظاهر ليسوا قادة أحزاب أو حركات سياسية لها منتسبوها على الأرض يمكن تنظيمهم وتوجيههم، والذين يمثلون النواة الصلبة لأي مظاهرة يلتف حولها الشعب لاحقا”[5]، و”طالما لا توجد حركة وطنية قوية ومنظمة فإنه لا يمكن الحديث عن حراك جماهيري، ناهيك عن انتفاضة أو ثورة أو تغيير”[6].

ثانياً: الثورة تحتاج إلى الطليعة الثورية، والتي لو خرجت سيخرج العامة، وقد يسبقونها بمراحل في الشارع، والطليعة الثورية هذه تحتاج إلى قائد جماهيري[7]. أما هذه الدعوات فقد أطلقها نشطاء في الخارج، من وراء الكاميرات، بالتالي لن يستجيب الناس لها.

ثالثاً: مياهًا كثيرة قد جرت منذ ثورة يناير، و30 يونيو 2013، والمواطنين لن يستجيبوا بسهولة لدعوات التظاهر ما لم يكن هناك إدراك واضح ولو نسبي للبديل، أو الهدف من التظاهر من الأساس، خاصة مع عدم وجود قيادة تلك الاحتجاجات تضمن لها الاستمرار حتى تحقيق أهدافها[8]. فإن دعوات 11 نوفمبر في حقيقتها “دعوة من مجهول، لا اسم لها ولا عنوان ولا خطة ولا تصوّر، ولا كيان سياسي يقف وراءها، ولا شيء سوى الغضب من أجل الغضب[9]“.

رابعاً: هذه الدعوات محاولة لاستنساخ تجربة يناير 2011؛ فلا يزال الخطأ الأكبر في حسابات المعارضة الجذرية للنظام الحالي في مصر، هو القياس علي نموذج ثورة يناير 2011، بغض النظر عن اختلاف غالبية الظروف، غير أن الأهم في الحالة المصرية هو الحقيقة الساطعة والبسيطة، التي تقول إنه من النادر جدا أن يقوم شعب ما بثورتين في جيل واحد[10].

خامساً: هناك من أحجم عن الاستجابة للدعوة  خوفاً من “أن يكون هذا الحراك مدفوعا من بقايا نظام مبارك، بعد ظهور جمال مبارك المتكرر في مناسبات عدة واستقباله بحفاوة لا تخطئها العين، وقد تكون وراءها قيادات عسكرية من الجيش بسبب غضبها على السيسي لأسباب مختلفة، والبعض الآخر يتخوف من وقوف تيار الإسلام السياسي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين خلفها، فتكون الدعوات غطاء يستخدم فيه الشعب لانقلاب على انقلاب أو تمكين الإسلام السياسي مرة أخرى”[11].

سادساً: الدور الذي لعبته الأجهزة ألأمنية في إجهاض محاولات الاحتجاج، من خلال شن حملات اعتقال موسعة في عموم البلاد، مع نشر قوات أمنية، ومخبرين سريين، وتوقيف عشوائي للمارة في الشوارع، وأخيراً مراقبة شبكات التواصل ورواد مواقع السوشيال ميديا وتتبع حساباتهم وملاحقتهم والقبض على أصحاب تلك الحسابات[12].

هذا فضلاً عن “إلغاء أي فعاليات جماهيرية كانت مقررة يوم الجمعة 11-11، سواء رياضية أو فنية، مع التنبيه على الأندية ومراكز الشباب في جميع المحافظات بغلق أبوابها في السابعة مساءً”، وقرارات أخرى عممتها الحكومة المصرية على الوزارات ذات الصلة، فقد أصدر الوزير أشرف صبحي تعميماً، تم توزيعه على جميع مراكز الشباب، بإلغاء وتأجيل كل الأنشطة الرياضية المقررة في 11 نوفمبر، و قرار رابطة الأندية المصرية، الخاص بتأجيل الجولتين القادمتين من الدوري المصري الممتاز لكرة القدم، في ظل وجود مباريات كانت محددة في 11 من الشهر الحالي.

وفي هذا السياق جرى تأجيل حفل الفنان محمد منير الذي كان مقرراً في مدينة الإسكندرية مساء الخميس 10 نوفمبر الحالي، ليصبح في 2 ديسمبر المقبل. كذلك كان هناك تعليمات أمنية لمقاهي القاهرة بالغلق في 11 نوفمبر، توجيهات للمسئولين عن مراكز الدروس الخصوصية في القاهرة والجيزة، أجيل الحصص الدراسية يوم الجمعة المقبل، مع التشديد على إلغاء أي مواعيد دراسية بتلك “السناتر”، للمرحلة الثانوية[13].

 

من يقف وراء دعوات التظاهر… محاولة لفهم ما حدث:

بصورة عامة ثمة وجهتي نظر حول الجهة الحقيقية التي تقف وراء الدعوة للتظاهر في 11 نوفمبر؛ وجهة النظر الأولى: أن النشطاء المعارضين بالخارج هم بالفعل أصحاب هذه الدعوة ومطلقوها، تولدت لديهم فكرة الدعوة ومن ثم نفذوها دون توجيه أو إيعاز من جهات أخرى. فالدعوات التي يطلقها أفراد غير منتمين لكيانات سياسية معروفة، ويستجيب لها الناس، دون وجود قيادة ميدانية، ودون وجود قوى تنظيمية تؤطر الحراك، ودون مطالب واضحة، إنما فقط للتعبير عن السخط والرفض لما يجري، هي ثمة كثير من الاحتجاجات التي يشهدها العالم كله في السنوات الأخيرة، ويمكن تصنيفها ضمن نموذج اللاحركات الاجتماعية[14].

وجهة النظر الثانية: أن السلطة نفسها هي من تقف وراء الدعوة للتظاهر في 11-11؛ بحثاً عن انتصار شكلي، وللإيهام بأن المجتمع لا يزال يدعمها رغم اخفاقاتها، وأن مروجي الدعوة مجرد أبواق تم استخدمها من جانب النظام في مصر، تلقفت الدعوة وروجت لها؛ ولعل مما يدعم هذا الطرح “أن أصوات الأبواق الإعلامية في الداخل المصري أعلى من صوت المعركة، وبدا الأمر كما لو كانت “تصويتاً” لها”؛ هذا التناول الإعلامي الواسع للدعوة، أعطى للشارع المصري شعور بأن هناك من سيتحرك ضد النظام ومن ثم دفعهم للاسترخاء انتظارا لما سيحدث[15].

داخل هذا الاتجاه الذي يرى أن الدعوة للتظاهر في 11-11 هي من صنيع السلطة، ثمة مكون يرى، أن تلك الدعوات المتكررة إنما هي بالونات اختبار مخابراتية من النظام، لقياس مدى جهوزية الشارع من جهة ومصداقية المعارضة وفصيلها الأكبر من جهة أخرى. ثمة مكون ثالث يرى أن هناك “سخط بين القيادات الأمنية يتزامن مع السخط الإقليمي للداعمين الأولين للانقلاب، فاستطاع النظام أن يستوعب الأول ويلعب على التناقضات في الثاني، ومن ثم كسب الرهان، وهو ما جعل المشهد خاليا في يوم التظاهرات المحدد، وهو ما يعني أن هناك أيضا من كان يحرك المشهد”[16].

وجهة النظر الأخيرة[17]: أن النشطاء الداعين للتظاهر هم أصحاب الدعوة الأصليين، دون إيعاز أو توجيه من أحد، لكن هناك جهات داخل جهاز الدولة غير راضية عن أداء النظام، من ثم حاولت توظيف الدعوة للتظاهر في تحريك الناس ضد النظام، وفي الترويج لفكرة أن النظام يواجه انقسامات داخل النظام قد تعصف به؛ ومن ثم تم تسريب معلومات عن استقالات بجهاز المخابرات، وعن إقالات، وعن وجود مجموعات من الضباط ساخطة وتتحرك لتغيير النظام القائم.

كما أن النظام نفسه استغل الدعوة، من خلال دفع النوافذ الإعلامية الداعمة له للتخويف من الدعوة وإظهار حالة من الذعر منها، ولما لم يستجب الناس للدعوة، روج النظام لذلك باعتباره دليل على تمسك المجتمع بالنظام القائم وتأييده له ولسياساته، كما وظف ذلك للإيحاء لمعارضيه بأن الوضع مستتب وأن هناك مكون شعبي كبير يؤيد النظام، وحتى المكون المعارض لن يتحرك ضد النظام القائم.

حتى المعارضة التقليدية، رغم أنها لم تعلن تأييدها الرسمي للحراك، ولا دعت الناس للاستجابة، بل إن بعض القوى السياسية أعلنت رفضها الدعوة ودعت الشارع إلى عدم الاستجابة لها، إلا أن جزء كبير منها روجت للدعوة ورحبت بها، علها تحرك المجال السياسي الراكد في مصر. فالمعارضة اختارت أن تناءى بنفسها عن الدعوة للاحتجاج في 11 نوفمبر، وأن تراقب الوضع من بعيد فإن استجاب الناس أسرعت للحاق بالركب، وأن فشلت الدعوة لم تتحمل تبعات هذا الفشل.

 

مواقف القوى السياسية من تظاهرات 11 نوفمبر ومحدداتها:

لم يعلن أي حزب أو جماعة من المعارضة دعمه تلك الدعوات، أو تأييده نزول المواطنين استجابة لها[18].

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أندفع بعضها يعلن رفضه للدعوة ويحذر منها؛ فعلى صعيد القوى المدنية: أعلن خالد داود، المتحدث الرسمي باسم أحزاب الحركة المدنية، في بيان له، أن الدعوات للتظاهر يوم 11- 11 مشبوهة ومرفوضة، مؤكداً أن الحركة لن تنساق وراء دعوات مشبوهة للتظاهر من دون هدف واضح ومحدد[19].

كذلك أعلن رئيس الهيئة البرلمانية لـ حزب التجمع رفضه الدعوة للتظاهر في 11-11، مشيراً إلى أن “أن الشعب المصري بخبرته التاريخية لا يستجيب لما يسمى بدعوات الخارج أو معارضة الخارج عبر التاريخ”، مضيفاً أن الدعوة بلا وجهة ولا قيادة ولا وجود على الأرض يلامس مصالح وطموحات الناس؛ فلن تكون هناك استجابة لها[20].

أما كمال أبو عيطة القيادي بحزب الكرامة فقد قال أن بالنسبة له ومن يعرف “لن يخرج أحد منا قدمه خارج بيته إلا وهو يعلم ما هي الخطوة التالية، فقد خطونا خطوات عديدة في حياتنا وقد أتت بنتائج عكسية، ولن نخرج إلا حينما نعرف أن الخروج سيؤدى إلى التقدم لا التأخر”[21].

أما  السيد البدوي، رئيس حزب الوفد الأسبق، فقد اعتبر هذه الدعوات إنما هي لإحداث الفوضى، مضيفاً أن الشعب المصري أذكى منها بكثير، مؤكداً “أن  يوم 11 نوفمبر يوم طبيعي في مصر، ومش عارف ليه خدت أكبر من حجمها في الإعلام المصري”[22].

كذلك أعلنت حركة شباب 6 إبريل، عدم مشاركتها في فعاليات التظاهرات المحتملة في 11 نوفمبر، داعية في الوقت ذاته النظام المصري إلى فتح المجال العام[23].

وعلى مستوى القوى الإسلامية: فقد أعلن حزب النور السلفي استنكاره ما أسماه “الدعوات الهدامة التي تستهدف النزول في مظاهرات يوم 11/11 للاحتجاج على سوء الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه أكثرُ دول العالم الآن في الحقيقة”، مضيفاً أنه لا ينكر وجود بعض السلبيات “إلا إن علاجها يكون بالعمل على الإصلاح وتوجيه النصح والتعاون بين كافة طبقات المجتمع وقيام الجميع بدوره وتحمله المسؤوليةَ تجاه هذه السلبيات”، منوهاً إلى “أن كثيرًا ممن يقفون خلف هذه الدعاوى التي يتاجرون فيها بآلام الناس هم أنفسهم من كانوا في يوم من الأيام يسعون لصنع الأزمات التي تضر المجتمع وتعرقل مسيرته ليثور على النظام”[24].

واختار باقي القوى الإسلامي الصمت حيال الدعوة، دون رفضها والتشكيك فيها، ودون تأييدها والانخراط فيها.

 

الخاتمة:

من أبرز الملاحظات التي يمكن الخروج بها من الدعوة للتظاهر في 11 نوفمبر؛ أن أية تحرك ثوري حقيقي أحدث تغييراً يستلزم دعم واسع من المجتمع، وفي الوقت ذاته يصعب الحديث عن حراك ناجح بدون قوى سياسية حقيقية وإطار تنظيم يحمي أي حراك من الفوضى. بالتالي فإن معادلة التغيير تستلزم وجود عنصرين؛ الأول: أطر تنظيمية وقوى سياسية وفواعل منظمة تحمي الحراك وتوجهه وتهندسه من الداخل. الثاني: دعم شعبي واسع، حاضنة شعبية تغذي الحراك وتضمن استمراره رغم الضربات الأمنية ومحاولات الحصار والإجهاض المتوقعة.

في الوقت ذاته، لا يمكن القول أن هذه الدعوات للاحتجاج ضد النظام القائم والتي يطلقها نشطاء منفيون أنها بلا قيمة؛ فهي أشبه بإلقاء الأحجار في المياه الراكدة، أمام عجز القوى السياسية المنظّمة سواء كانت أحزابا أو جماعات أو حركات عن الفعل السياسي.

كذلك فهي تنتج حالة من الحراك السياسي، وتعزز روح الرفض والمعارضة للسياسات القائمة والمنظومة الحاكمة.

كما أن هذه الدعوات تحمل للنظام رسائل بأن الوضع غير مستقر، وأن الأمور ليست على ما يرام، وهو ما ينال بدرجات ما من منظومة استبداده، كذلك فإن الثورات الكبرى وحركات التغيير الرئيسة الحديثة والمعاصرة بدأت بدعوات فردية، وهذه الدعوات تحرك الكبت الكامن في الصدور وتكسب مؤيدين وداعمين جدد في رحلة التحرر والنضال[25].

 

[1] القدس العربي، دعوات تتصاعد في مصر للثورة مجدداً و11-11 يُهيمن على شبكات التواصل، 29 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/26j4al37

[2] أسماء دياب، لماذا تفشل دعوات “الإخوان” للتظاهر في مصر؟، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، في: 29 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/22qsnrbh

[3] ياسر عبد العزيز، “13/13/2013″، عربي 21، 13 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2lqtjfwo

[4] الحرة، دعوات جديدة للتظاهر “ضد النظام” .. ماذا تنتظر مصر في 11-11؟، 28 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/2y85jf5h

[5] قطب العربي، دروس 11 نوفمبر في مصر، عربي 21، 13 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2g6l6vbb

[6] عربي 21، هل تنجح دعوات النزول للشارع في نوفمبر بتحريك المصريين؟، 10 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/29z4jlq5

[7] سليم عزوز، 11/11.. مَن وراءها؟!، عربي 21، 14 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2gfopjgj

[8] خالد داود، هي الثورة الساعة كام لو سمحت؟ دروس 11/11 وغرق أوتوبيس الدقهلية، المنصة، 15 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/29888dea

[9] محمد طلبة رضوان، 11/11 أو غيرها، العربي الجديد، 8 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/272cbqcw

[10] عبد العظيم حماد، يناير لا يأتي في نوفمبر، مصر 360، 8 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2pho664k

[11] ماجدة محفوظ، 11/11.. حراك أم شِراك؟!، عربي 21، 8 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2pjksl9c

[12] ماذا وراء خلو الشوارع في مصر من احتجاجات “11/11″؟، عربي 21، 12 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2prxq5ns

[13] العربي الجديد، استنفار أمني في مصر يسبق 11/11، 9 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2jtlc74a

[14] يقصد بمفهوم اللاحركات الاجتماعية الأنشطة الجماعية التي يقوم بها فاعلون غير جمعيين  non-collective actors .  ويمكن تحديد أربع سمات رئيسية لها. تتمثل السمة الأولي في أنها عبارة عن ممارسات يشترك في القيام بها أعداد كبيرة من البشر العاديين دون اتفاق فيما بينهم. وتتعلق السمة الثانية بأنه ينتج عن تشابه ممارساتهم تغيير اجتماعيا ما. وتنصرف السمة الثالثة إلى أنه نادرا ما يتحكم في أنشطتهم أيديولوجية معينة. وتتعلق السمة الرابعة بأنه عادة لا تكون هناك قيادات أو منظمات معروفة، فهؤلاء الفاعلون يعملون بصورة تلقائية، ويبدأ تحركهم برد فعل فردي يتسم بالعفوية في تعاطيه مع متغيرات الواقع. أنظر: رضوى عمار، الزاحفون:|نموذج “اللاحركات الاجتماعية” في تحليل سياسات الشارع، السياسة الدولية، 2 مايو 2012، في: https://tinyurl.com/2lrzjg9o

[15] سليم عزوز، 11/11.. مَن وراءها؟!، عربي 21، مرجع سابق.

[16] ياسر عبد العزيز، “13/13/2013″، عربي 21، مرجع سابق.

[17] عربي 21، هل تنجح دعوات النزول للشارع في نوفمبر بتحريك المصريين؟، 10 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/29z4jlq5

[18] العربي الجديد، من وراء دعوات التظاهر في مصر؟، 24 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/2jly8trt

[19] القاهرة 24، متحدث الحركة المدنية: دعوات التظاهر في 11-11 مشبوهة ومرفوضة وتحركها جماعة الإخوان، 29 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/26o7j536

[20] القاهرة 24، حزب التجمع عن دعوات 11/11: بلا وجهة ولا قيادة.. ولا تلامس مصالح وطموحات الناس، 26 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/2bkun8ax

[21] القاهرة 24، كمال أبو عيطة عن 11/11: الدعوات السياسية يجب أن تصدر من سياسيين وليس مقاولين أو هاربين، 26 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/23wdp9pr

[22] القاهرة 24، السيد البدوي: دعوات 11 نوفمبر لإحداث الفوضى.. والشعب المصري أذكى منها، 28 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/27bev9l9

[23] الخليج الجديد، مصر.. حركة 6 أبريل تعلن عدم مشاركتها بمظاهرات 11 نوفمبر، 5 نوفمبر 2022، في: https://tinyurl.com/2ey44xpm

[24] القاهرة 24، نصحًا للأمة والمجتمع.. حزب النور يستنكر دعوات التظاهر 11/11، 30 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/2caefoed

[25] عصام عبدالشافي، حدود فاعلية الدعوات الفردية إلى التظاهر في مصر، العربي الجديد، 20 أكتوبر 2022، في: https://tinyurl.com/22logd6k

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022