أولا: فعاليات الزيارة:
وجاءت الزيارة التي ضمت قيادات وزارية عراقية رفيعة المستوى، حاملة العديد من الملفات، في مقدمتها الملف الأمني والتعاون الاقتصادي، علاوة على ملف توسط العراق بين إيران والسعودية وبعض الأطراف العربية في القضايا الإقليمية.
واستمرت الزيارة يوما واحدا، جرى عقد عدة لقاءات بين الوفد العراقي، ونظرائهم، وعقد الرئيس الايراني إبراهيم رئيسي، ورئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، تضمن العديد من التصريحات الدبلوماسية، العبارات المطاطة، حول نتائج الزيارة، التي قدم فيها السوداني المزيد من التعهدات بحماية الاراضي الايرانية وعدم السماح بأن تمثل أي تهديدات طهران، وسط تشديدات خامئني والقيادات الايرانية، فيما لم تقدم ايران اية ضمانات للعراق بحماية أراضيها أو عدم تنفيذ هجمات عسكرية داخل الأراضي العراقية، وسط أحاديث عن التعاون الاقتصادي والمشاريع المشتركة، بجانب ترحيب إيراني بأدوار الوساطة التي تلعبها الحكومة العراقية، بين الرياض وإيران.
الزيارة الأولى من نوعها لرئيس الوزراء العراقي للدولة الداعمة لتحالف “الإطار التنسيقي” الذي شكّل الحكومة العراقية الجديدة،تضمنت سلسلة لقاءات مكثفة مع المسؤولين في البلاد، كان أبرزَها لقاؤه مع المرشد الأعلى علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بالتزامن مع عقد الوفد العراقي الوزاري لقاءات مع نظرائهم الإيرانيين، صدرت عن الجانبين العراقي والإيراني عدة بيانات توضح أبرز ما تم بحثه في الزيارة الأولى للسوداني إلى طهران.
وفي ختام الزيارة التي استمرت يوماً واحداً، قال السوداني، بعد عودته إلى بغداد: “أنهينا زيارتنا إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأجرينا مباحثات جدّية مع القيادة هناك، وفي مقدمتهم السيد علي خامنئي”.
وكان الوفد العراقي، ضم إلى جانب السوداني، عدد من المسؤولين، بينهم وزير الخارجية فؤاد حسين، ووزير النفط حيان عبد الغني، ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، ومدير مكتب رئيس الوزراء، والمستشار الاقتصادي، ومدير المصرف العراقي للتجارة، إلى جانب مسؤولين أمنيين ومستشارين حكوميين.
وتم خلال الزيارة بحث ملفات عدة، منها “القصف الإيراني، وإطلاع طهران على الإجراءات التي تم اعتمادها داخل العراق للتعامل مع ملف الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة، وملفات المياه والطاقة المتعلقة باستيراد الغاز والكهرباء، إلى جانب سعي العراق إلى إكمال دور الوساطة بين طهران والرياض..
وقال السوداني، في مؤتمر صحافي مع رئيسي في طهران، إن “الحكومة ملتزمة بتنفيذ الدستور وعدم السماح باستخدام الأراضي العراقية للإخلال بالأمن في إيران، وإننا نعتمد في علاقاتنا الخارجية مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية. وتم بحث العلاقة والتعاون في المجال الأمني، وأمن البلدين لا يتجزأ”.
ثانيا: سياق زيارة السوداني طهران:
جاءت زيارة السوداني طهران على وقع غضب إيراني من مواقف عراقية منددة بانتهاكات إيرانية لسيادة العراق بعد هجمات شنها الحرس الثوري الإيراني على ما قال إنها مواقع ومقار لتنظيمات كردية إيرانية في إقليم كردستان العراق.
وبدا أن السوداني الذي وصل لمنصبه بفضل القوى الشيعية الموالية لإيران والذي تم استدعاؤه على عجل لطهران، يأخذ في اعتباره الثقل الإيراني في المعادلة السياسية وإلى أي مدى يمكن أن تذهب طهران ما لم يسر في ركبها.
ويبدو أن لقاء السوداني بوفد من الكونغرس الأميركي مؤخرا في بغداد وتأكيد الأخير إدانة واشنطن للهجمات الإيرانية على شمال العراق وانتهاك السيادة العراقية وتعبيره عن دعم الولايات المتحدة للعراق في مواجهة التهديدات الإيرانية، أثار غضب الجانب الإيراني وهو ما يفسر إلى حدّ ما سبب استدعائه لرئيس الوزراء العراقي.
وتهيمن إيران على مفاصل الدولة العراقية من خلال نخبة سياسية موالية لها وميليشيات مسلحة تحركها عند الضرورة.
وجاءت الزيارة بدعوة من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على وقع توتر صامت بين البلدين الجارين على خلفية انتهاكات إيرانية لسيادة العراق من خلال هجمات على شماله استهدفت مواقع لتنظيمات كردية إيرانية دون تنسيق أو تشاور مع بغداد.
كما جاءت الدعوة الايرانية لرئيس الوزراء العراقي لزيارة طهران، بعد لقاء جمع السوداني برئيس إقليم كردستان العراق نجيرفان بارزاني في بغداد عبر فيه الأخير عن مخاوف من احتمال اجتياح إيراني للإقليم بذريعة ملاحقة التنظيمات الكردية الإيرانية التي تتهمها طهران بالتورط في ما وصفته بـ’أعمال إرهابية وتخريبية’ في خلال الاحتجاجات التي تشهدها مناطق كردية في أقاليم إيران النائية المحاذية للحدود مع كردستان العراق.
وتوترت العلاقات بين البلدين في الأشهر الأخيرة عندما كان العراق مسرحا لنزاع سياسي بين الطرفين السياسيين الشيعيين الأساسيين: الإطار التنسيقي من جهة والتيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وصل أحيانا إلى العنف.
وكان المركز الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي أعلن أن السوداني استقبل السفير الإيراني لدى العراق محمد كاظم آل صادق، قبيل الإعلان عن الزيارة، حيث نقل إليه دعوة رسمية من قبل الرئيس الإيراني رئيسي، لزيارة طهران.
وجاء في البيان الصادر في هذا الشأن عن مكتب رئيس الحكومة العراقية، أن اللقاء بين السوداني وآل صادق، تناول عددا من الملفات ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، وبما يشمل الجانب الاقتصادي والاستثمار، كما جرى التأكيد على استمرار المشاورات الأمنية بين إيران والعراق بالشكل الذي يحفظ سيادة البلدين ويحقق مصالح الشعبين الصديقين ويرسّخ أمن المنطقة واستقرارها.
ويأتي ذلك في وقت أعلن فيه قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني العميد محمد باكبور، تعزيز الوحدات المدرّعة التابعة للحرس عند الحدود الغربية والشمالية الغربية للبلاد، مؤكدا أنّ “مواجهة الجماعات الانفصالية مستمرة”.
وكانت بعثة إيران في الأمم المتحدة بعثت برسالة إلى أعضاء الأمم المتحدة، تطالب فيها العراق بالعمل وفق التزاماته وإغلاق مقارّ الجماعات الإرهابية داخل أراضيه.
وأكدت البعثة أن “على الحكومة العراقية أن تؤدي دورا مؤثرا في ضبط كل حدود العراق الدولية”، موضحة أنّ “إيران لم تمتلك خيارا آخر سوى الدفاع الذاتي عن أمنها وأمن مواطنيها ضمن الأطر والقوانين الدولية”.
وأعلنت إيران، الإثنين 28 نوفمبر الماضي، تقديم أكثر من 70 وثيقة إلى العراق بشأن وجود جماعات إرهابية مسلحة، في منطقة كردستان العراق، بعد إعلان الحرس الثوري الإيراني بدء جولة جديدة من الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على “مقار المؤامرة ومراكزها المعادية لإيران، في إقليم كردستان العراق”، بحسب البيان الايراني..
ثالثا: نتائج الزيارة:
بقراءة ما رشح عن الزيارة، وما تضمنه البيان الرسمي المؤتمر الصحفي بين رئيسي والسوداني، يمكن استخلاص عدة نتائج للزيارة.
1- تعهدات أمنية عراقية غير مقنعة لطهران:
وشملت الزيارة عدة مباحثات حول القضايا المشتركة ، ذات الأهمية القصوى إلا أنه يبدو أن الدوائر الإيرانية ، غير مقتنعة بالتعهدات والضمانات العراقية، التي قدمها السوداني للإيرانيين..
وأطلع الوفد الوزاري العراقي الإيرانيين على الإجراءات الأخيرة المتعلقة بتأمين الحدود مع إيران، وخطة نشر قوات إضافية هناك.
إذ أن ملف الحدود الإيرانية، الغربية تحديداً (المحاذية للعراق) بيد الحرس الثوري الذي يتولى أيضاً التعامل مع الجماعات الكردية الإيرانية المعارضة الموجودة في العراق، ولم يكن مقتنعاً كثيراً بخطة العراق المتعلقة بنشر وحدات مشتركة من البيشمركة وحرس الحدود العراقي..
ويستهدف الجانب الإيراني تنظيف كامل الشريط الحدودي من الجماعات الإيرانية المعارضة ونزع سلاحها، وتسليم أسماء معينة في تلك الجماعات..
لكن المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي شكك في تعهّد العراق بضبط الحدود بين البلدين أمنيا وذلك خلال لقائه لاحقا بالسوداني قائلا “للأسف يحدث هذا الأمر في بعض مناطق العراق”، وفق ما نقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء ‘إرنا’، مضيفا “الحل الوحيد يكمن في توسيع سيطرة الحكومة العراقية على تلك المناطق أيضا”.
وتتهم الحكومة الإيرانيّة الفصائل الكردية المعارضة بتشجيع الاضطرابات التي تشهدها إيران منذ 16 سبتمبر بعد وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) بعدما أوقفتها الشرطة في طهران لعدم التزامها قواعد اللباس في الجمهورية الإسلامية.
2- لا ضمانات إيرانية بعدم التدخل العسكري في شمال العراق:
وخلال المباحثات، لم تقدم إيران أية ضمانات تتعلق بتوقف القصف الصاروخي ضد جيوب المعارضة الإيرانية داخل العراق، وكانوا واضحين تماما بشأن الإصرار على استهداف أي موقع تتوفر عنه معلومات بأنه يشكل تهديداً ضد أمنها، وخلال ذلك ينتظرون ما ستسفر عنه الإجراءات العراقية..
وتتهم إيران أطرافا داخل إقليم كردستان بأنها توفر دعماً غير مباشر لتلك الجماعات من باب التعاطف القومي الكردي.
وفي الوقت الذي تتشكك فيه إيران من خطة العراق لحماية الحدود، قوبلت خطة السوداني بارتياح في إقليم كردستان العراق، وفق مصادر دبلوماسية عراقية، تحدثت وسائل اعلام عربية.
وتقوم خطة السوداني على تنفيذ حملات أمنية ضد المناطق التي تتواجد فيها هذه الجماعات الكردية ومنع تحول أراضي العراق لبؤر تهدد أمن جيرانها، مع التأكيد على الدول المجاورة باحترام السيادة العراقية على أراضيها، سواء تركيا أو ايران….
رؤية إيران المنتقدة لحكومة كردستان العراق، الذي يحظى بالحكم الذاتي، تقابلها انتقادات ، من سياسي كردستان العراق..
فوفق عضو الحزب “الديمقراطي الكردستاني” عماد باجلان فأن إيران تبتز إقليم كردستان بكل الطرق، فهي تتحدث عن مقرات للموساد، ثم مخططات للمعارضة الكردية الإيرانية في أربيل، ثم تسعى إلى اقتحام حدود الإقليم، لأنها فشلت في إدارة أزمتها الداخلية والتظاهرات التي تعصف بها وتندد بالحكم الديني، بالتالي فهي تريد أن تحقق أي نصر، حتى وإن كان هذا وهمياً…
واعتبر باجلان، في تصريحات اعلامية، أن “أي مواطن كردي يعرف تماماً أن المعارضة الكردية الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان ما هي إلا تنظيمات تمارس أدواراً ثقافية وفكرية، ولا تملك القدرة على المواجهة المسلحة مع السلطات الإيرانية؛ بالتالي فإن ذريعة اقتحام الإقليم هي لابتزازه…
ووفق تقديرات استراتيجية، يبدو أن التزام إيران بالاتفاقات الأمنية، غير معروف، لأنها قد تعود عبر الحرس الثوري إلى تهديد أمن إقليم كردستان، وبالتالي فقد تنهار الاتفاقات في أي لحظة، بسبب عدم التزام إيران بها..
حيث سبق وأن هدد الحرس الثوري الإيراني باجتياح بري لإقليم، وسط مخاوف إقليمية ودولية وعراقيل لوجستية تقف أمام القرار الإيراني، حيث تتواجد قوات تركية في المنطقة الحدودية كما أن تمدد الجيش العراقي بالمنطقة يثير مشكلات عسكرية مع قوات الإقليم…
3- ترحيب بالأدوار الايجابية لبغداد بشأن الوساطة بين إيران والسعودية:
وفي هذا المضمار، الذي يحقق مصالح ايرانية عليا، جاء الترحيب الايراني إلى حد كبير بالوساطة العراقية، بين السعودية وإيران، وايضا مساعي بغداد ترطيب العلاقات بين ايران ودول أخرى، أبرزها الأردن ومصر، لكن ضمن ما تسميه إيران ثوابتها من قضايا مهمة في المنطقة..
وتبدو إيران منفتحة على الحوار الذي ترعاه العراق بين ايران والسعودية، لكن يبدو أن حكومة السوداني تسير باتجاه حل المشاكل في الملفات الداخلية (داخل العراق) أكثر من اهتمامها بالملفات الخارجية، خصوصاً أن السوداني تعهد بحكومة خدمات، وهو أمام مسؤولية كبيرة، وفق مراقبين..
تستضيف العاصمة العراقية بغداد، منذ أبريل 2021، مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بين إيران والسعودية، ضمن فرق ضمت ممثلين أمنيين ودبلوماسيين من كلا البلدين، ورعى رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي 5 جولات منها، عقدت جميعها في بغداد، آخرها في إبريل الماضي.
وكان من المقرر عقد جولة سادسة، نهاية يوليو الماضي، على مستوى وزيري الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وفقاً لما أعلن عنه الأخير في 23 يوليو الماضي، غير أنها أجلت لأسباب متضاربة بحسب أوساط عراقية، من بينها أن ذلك جاء بطلب إيراني من العراق، وأخرى تحدثت عن خلافات حيال الملفات التي ستُطرح في هذه الجولة، ومنها الملف اليمني.
وعلى الرغم من استمرار اثنين من عرّابي الوساطة العراقية بين الرياض وطهران، وهما وزير الخارجية فؤاد حسين ومستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، في منصبيهما، مع تسلم الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني السلطة التنفيذية، إلا أن ثمة الكثير من الشكوك حيال مصير الوساطة التي بدأت فعلياً قبل أكثر من عام.
4- منافع اقتصادية متبادلة:
وأخذت العلاقات الاقتصادية والتجارية حيزاً مهماً من المباحثات، إضافة إلى ملفات الطاقة، وتحديداً الغاز الإيراني الذي يعتمد عليه العراق لتوليد الكهرباء، ودور العراق في استضافة الزوار الإيرانيين خلال الزيارات الدينية.
5- تصريحات دبلوماسية تراعي المصالح الايرانية فقط:
واتسمت عبارات المؤتمر الصحفي المشترك بين السوداني ورئيسي بطهران، بعبارات دبلوماسية أكثر منها مرتبطة بواقع الأزمات، وأكد الجانبان على أهمية التنسيق وتعزيز التعاون الأمني، لكن لم ترد إشارات من السوداني للانتهاكات الإيرانية لسيادة العراق بقدر ما شدد على أن بغداد مصمّمة على عدم “السماح باستخدام الأراضي العراقية لتهديد أمن إيران”، مؤكداً أن “الحكومة ملتزمة بتطوير التعاون مع الجمهورية الإسلامية في جميع المجالات”.
واتفقت إيران والعراق الثلاثاء على محاربة الإرهاب وضمان الأمن المتبادل وتطوير العلاقات الاقتصادية وأولويات للبلدَين، خلال زيارة خاطفة قام بها السوداني للعاصمة الإيرانية وهي عناوين فضفاضة لزيارة لا يبدو أنها كانت عادية.
-رسائل السوداني بالاستقلالية بين المحاور الاقليمية تبدو غير مقنعة:
وسعى السوداني في زيارته طهران، لإيصال رسائل وعدم انحيازه لمحور سياسي بالمنطقة، على حساب محور آخر.
فيما يزور المملكة العربية السعودية ديسمبر الجاري، من أجل دفع الرياض لإكمال الحوار والتفاوض مع طهران من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين خلال الفترة المقبلة، علاوة على دول أخرى من أجل إيصال رسائل مفادها أن العراق وحكومته ليسا مع محور ضد محور آخر؛ بل مع إقامة علاقات مع الجميع وبشكل متوازن، وهو ما سيكون محل اختبار في الفترة المقبلة.. وكان السوداني استبق زيارة ايران بزيارة الكويت والأردن..
الأكثر من ذلك، تمثّل هذه الزيارة اختبارًا حقيقيًّا في مدى قدرة السوداني على ضبط السلوك الإيراني داخل العراق، خلال الفترة الماضية، وعقب اغتيال قائد قوة القدس السابق في بغداد، قاسم سليماني، مارست طهران سلوكًا ضاغطًا على حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، فقد تصاعدت الهجمات الصاروخية على عدة مواقع أمريكية في العراق، وكان أبرزها الهجوم الصاروخي الذي طال مواقع مختلفة في أربيل في مارس 2021، عندما استهدفت صواريخ الحرس الثوري منزل رئيس شركة كار للغاز، باز كريم.
رابعا: تحديات تواجه السوداني بعد زيارة طهران:
وعلى الرغم من أهمية زيارة السوداني ولإيران وتحركاته بالمنطقة، إلا أن جملة من التحديات والإشكالات تواجهه في إدارته للحكومة العراقية، سواء على الصعيد الداخلي والإقليمي، أو الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.. وهو ما ستسفر عنه الأيام المقبلة…
1-مدى القدرة على مواءمة الداخل العراقي مع متطلبات إيران الاستراتيجية في العراق:
إذ يهدف الدور الإيراني في العراق وضمن افتراضات التحوُّط الاستراتيجي، إلى ضمان وحماية متطلبات الأمن القومي، والحفاظ على سلامة المصالح الحيوية الإيرانية، وينطوي هذا الدور على عدد من الأهداف والأولويات الاستراتيجية مختلفة الاتجاهات، والتي تصبُّ بمجملها في تحقيق المصلحة القومية العليا في العراق، عبر التأثير السياسي، والسيطرة الاقتصادية، والحدّ من المنافسين الإقليميين، فضلًا عن إنهاء اللعبة المزدوجة مع الولايات المتحدة في العراق، وهي أهداف وأولويات بدأت حاضرة بقوة على أجندات إيران في زيارة السوداني الحالية.
ويدرك السوداني جيدًا أن التوصل لخطوط واضحة مع إيران في العراق، قد يسهّل عليه إدارة الحكومة العراقية خلال الفترة المقبلة، ورغم أنه أعلن قبيل زيارته لطهران أنه مرشّح الإطار التنسيقي الشيعي لرئاسة الوزراء، وأنه غير متحرّج من هذا الانتماء، إلا أن هذا لا يمنع من القول إن الفصائل الولائية الممثلة عبر أجنحتها السياسية داخل الإطار التنسيقي، قد تكون لديها رغبات مختلفة عن إيران في بعض الملفات، وهو ما قد يعقّد مهمة السوداني في كيفية إدارة العلاقة بينها وبين رغبات إيران في العراق.
ونظرًا إلى الأهمية الاستراتيجية التي توليها إيران للعراق، كانت هناك العديد من الأولويات الاستراتيجية التي حاولت إيران المحافظة عليها، رغم التحديات التي واجهتها بعد سليماني، وهي الأولويات التي ستكون حاضرة بقوة أيضًا خلال فترة السوداني، والتي يأتي في مقدمتها السعي للحفاظ على النفوذ الإيراني في العراق، ومواجهة تداعيات أي عملية انفتاح عراقي على محيطَيه العربي والدولي، وتحديدًا على مستوى الاقتصاد والتجارة والطاقة.
بالإضافة إلى إفشال أي مساعٍ إقليمية تحاول إبعاد العراق عن الدور الإيراني، وتحييد الاندفاعة العربية التي تحاول استقطاب العراق بعيدًا عن إيران، مثل المشاريع الإقليمية التي ظهرت خلال حكومة الكاظمي، وأبرزها “مشروع الشام الجديدة”، فضلًا عن الحضور العربي القوي في العراق، الذي تمثل بمؤتمر قمة “بغداد للتعاون والشراكة” في أغسطس 2021.
وتحرص إيران أيضًا على تسريع عملية إخراج القوات الأمريكية من العراق، وهي أولوية حظيت بدعم واهتمام الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، المدعوم من الحرس الثوري، كمحاولة لإنهاء اللعبة المزدوجة مع الولايات المتحدة في العراق، عبر زيادة وتيرة الضغط السياسي والعسكري، وتمكين الفصائل المسلحة القريبة منها في الداخل العراقي، من خلال دعم جهود الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة الجديدة، والاستحواذ على المناصب الحكومية المؤثرة، وهي أولوية أكّد عليها رئيسي خلال لقائه بالسوداني في طهران.
2- عدم ثقة السعودية وأطراف عربية في استقلالية السوداني:
وبالرغم من رغبة السوداني في استثمار الحوار السعودي الإيراني، لكسر حالة عدم الثقة الخليجية والعربية به، باعتباره ثمرة تحالف سياسي مقرَّب من إيران، إلا أن إمكانية نجاحه في هذه المهمة ستتوقف على مدى الرغبة السعودية في التماهي مع هذا المسعى، فقد سبق أن أعلنت السعودية عن إيقاف جولات الحوار مع إيران مع الساعات الأولى لتولي السوداني رئاسة الوزراء خلفًا للكاظمي.
قابل هذا الرفض السعودي تأكيدًا عراقيًا عبر الكلمة التي ألقاها رئيس الجمهورية، عبد اللطيف رشيد، في القمة العربية الأخيرة في الجزائر، مبديًا رغبة العراق في استمرار جهود استضافة المباحثات السعودية الإيرانية، فرغم حاجة السعودية وإيران استئناف الحوار لاعتبارات إقليمية ودولية عديدة، أبرزها سوريا واليمن وأمن الخليج، إلا أن السعودية بدأت تدرك جيدًا أن السوداني وعبر ارتباطه السياسي الحالي، لا يمكن أن يشكّل عنصر توازن بين الطرفَين، كما أنه لا يمكن أن يأخذ المخاوف السعودية بعين الاعتبار، خصوصًا إذا ما اصطدمت مع الضرورات السياسية للفصائل المسلحة، وهو ما يجعل مهمة السوداني معقدة جدًّا في هذا الإطار، ويأتي جزء كبير من هذا التعقيد من حالة عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده البلاد.
كما لا يملك السوداني، أدوات “رئيس الوزراء السابق” الكاظمي في إدارة الوساطة، وهناك أيضًا متغيرات إقليمية ودولية جعلت من استمرار الحوار السعودي الإيراني أمرًا مستبعدًا، وعلى رأس تلك المتغيرات الاحتجاجات الداخلية التي تعصف بإيران، وهي الاحتجاجات التي أحدثت توترًا بين طهران والرياض، بعد أن اتّهمت الأولى الثانية بمحاولة ذكائها، ثم أخبرت الرياض واشنطن أنها تخشى هجومًا إيرانيًّا عليها.
يضاف إلى ذلك، تراجع الحماس في واشنطن وطهران بشأن استنئاف جهود إحياء الاتفاق النووي، إذ يهدّد كل ما سبق الثمار التي أفرزتها جولات الحوار السعودي الإيراني بوساطة عراقية، مثل التقارب الذي حدث في وجهات نظرهما حيال القضية الفلسطينية، وتسهيل أمور الحجّاج الإيرانيين في السعودية خلال موسم الحج، وتهيئة المناخ الدبلوماسي لإعادة تبادل افتتاح السفارات والقنصليات، وهو مسار كان سيتمّ تفعيله خلال جولة الحوار السادسة المفترضة، والتي يبدو أنها لن تتمَّ على الأرجح بالوقت الحاضر.
خامسا: مستقبل الأزمة بين ايران وحكومة كردستان العراق وحكومة بغداد:
وأمام المعطيات السابقة، إلى جانب العودة لتاريخ الملف الكردي الملتهب، بالمنطقة الحدودية بين ايران والعراق وتركيا، وتشابكات الإقليمية والدولية، فإن تصاعد الأزمة السياسية، يبقى السيناريو الأكثر قربا للواقع، وأن حكومة السودان، ستعمل -كما سابقيها- ضمن الاستراتيجية الايرانية، المنفذة بالمنطقة، حتى لو كان ذلك على حساب الشعب العراقي، مع مساحة مسموح بها من التصريحات السياسية والدبلوماسية، التي تحفظ ماء الوجه المسكوب لحكومة بغداد أما العراقيين والعالم…
وتسببت الهجمات العسكرية الايرانية في حرجا كبيرا للحكومة العراقية، بجانب الأضرار التي تكرسها على مستوى حكومة إقليم كردستان..
يشار إلى أن الجماعات المعارضة الكردية الإيرانية، التي تتواجد في إقليم كردستان العراق، تُواجه ضغوطات إقليمية عديدة، وتقابل اية إدانات حقوقية لما تتعرض له، سواء في إيران أو كردستان لحساسيات سياسية وتعنت من قبل طهران، بل تعد الورقة الكردية إحدى ملفات الخلاف الغربي الإيراني، فيما تعتبرها إيران ورقة بيد الغرب واعداء الجمهورية الإسلامية للضغط على طهران، خاصة في ضوء المظاهرات الاحتجاجية الحالية في طهران..
المسألة الكردية
وعرفت إيران المعارضة الكردية في المحافظات ذات الأغلبية الكردية، منذ ما قبل الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، فكان الأكراد الإيرانيون من أهم الأعراق في إيران الذين عارضوا الملك الإيراني المخلوع “محمد رضا شاه بهلوي”، كما ساعدوا، آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران، في معارضة الشاه، على أمل تحقيق الوعود التي قدمها الخميني لهم، وكان من ضمنها إعطاؤهم حكماً شبه مستقل.
لكن بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، لم يجد الأكراد الإيرانيون تحقيق الوعود التي قدمها لهم الخميني، بل تعرضوا للمزيد من الممارسات التمييزية، خاصة عندما أصدر الخميني فتواه الشهيرة في أغسطس 1979 بإعلان الجهاد ضد المتمردين الأكراد، الداعين للانفصال بمحافظاتهم عن الجمهورية الإسلامية.
وعندما أدرك الأكراد الإيرانيون أن وعود الخميني ذهبت مع الريح، لجأ بعضهم إلى حمل السلاح والمطالبة بالانفصال، وترتب على هذا التصرف فتوى الخميني الشهيرة التى زادت الأمور تعقيداً..
وبعد الثورة الإسلامية كان هناك حزبان كرديان إيرانيان فقط، هما الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وحزب كومله، لكن بعد فتوى الخميني، وزيادة الدعوات لحمل السلاح بين الأكراد الإيرانيين، نشأت أحزاب أخرى وهي كالآتي:
الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، وتأسس عام 1945، لكن بسبب خلافات داخلية في الحزب، انشق عدد من أعضائه وأسسوا حزباً آخر باسم “الحزب الديمقراطي الكردستاني-إيران”، وفي أغسطس 2022، أعلن قادة الحزبين المصالحة، وأن كليهما سيعملان تحت اسم واحد وهو “الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني..
هذا الإعلان بالتوحد، هو ما زاد من مخاوف المسؤولين الأمنيين الإيرانيين، وهذا الإعلان يرتبط بالطبع بالتحركات الإيرانية لحث حكومتي بغداد وإقليم كردستان العراق لمواجهة الجماعات المعارضة الكردية الإيرانية..
الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني، والحزب الذي انشق عنه، يعتبران من الأحزاب الكردية الإيرانية المعروفة عنها الاعتدال والوسطية، لدى الحزب جناح مسلح، ويقيم أعضاؤه في إقليم كردستان العراق وبالتحديد في مدن متفرقة في مدينة أربيل التي تقع بها حكومة إقليم كردستان العراق، ويسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني (العراقي).
أما حزب كوملة، تأسس في عام 1967 بقيادة عبد الله مهتدي، وهو حزب ذو ميول يسارية، وكان على صلة وثيقة بالحزب الشيوعي الإيراني “توده”.
أما منظمة كوملة كادحي كردستان، فهي حزب منشق عن حزب كوملة الرئيسي، وانشقت في عام 2008، وأيضاً هي حزب بميول يسارية، يتواجد عدد من أعضائها داخل إقليم كردستان العراق، لكنهم بعيدون عن المخيمات الخاصة باللاجئين الأكراد الإيرانيين، كما يوجد لديها عدد من الأعضاء في الدول الأجنبية.
ومنظمة الكفاح الكردستاني الإيرانية، تأسس هذا الحزب عام 1980، بقيادة بابا شيخ حسني، ويطلق عليها اسم “خبات”، ويتركز أعضاء هذا الحزب في المناطق الجبلية بالقرب من الحدود مع إيران.
وحزب الحياة الحرة الكردستاني، فهو أحدث الأحزاب الكردية الإيرانية، وأكثرها نشاطاً، تأسس عام 2004، يمتلك جناحاً مسلحاً قوياً وكبيراً، يمتد قوامه إلى 1400 مقاتل، مقارنة بالأحزاب الكردية الإيرانية الأخرى، كما أن أعضاءه ليسوا فقط من إيران، بل من سوريا، وتركيا والعراق.
ويتمركز حزب الحياة الحرة الكردستاني، في المناطق الجبلية الوعرة الممتدة بين إقليم كردستان العراق، والحدود الإيرانية، وخاصة تلك التي يتواجد بها أعضاء حزب العمال الكردستاني.
ويعد حزب الحياة الحرة الكردستاني من أهم وأقوى الأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة، نظراً إلى نشأته الحديثة، لكن صلاته القوية بحزب العمال الكردستاني، عززت موقفه وعمله في المنطقة..
ومنذ الثمانينات، لجأت جماعات المعارضة الكردية الإيرانية، إلى اختيار منفاها في إقليم كردستان العراق، الذي رحب بتواجدهم على مر السنوات الماضية.
وذلك نظراً للعلاقة الطيبة القوية بين الشعبين، عندما ثار أكراد العراق على صدام حسين، حاربهم فلجأوا إلى أكراد إيران للاحتماء والعيش، كما أن الأكراد الإيرانيين يتمتعون بسمعة طيبة في إقليم كردستان العراق..
وأيضا، ووفق تقديرات استراتيجية، فإن استقبال إقليم كردستان العراق لأكراد إيران، مسألة مهمة وحساسة، إذ أن هناك عقيدة بين الأكراد تلزمهم بحماية القومية الكردية، مهما كان الثمن.. كما أن الأكراد الإيرانيين، مرحب بهم للغاية بين سكان إقليم كردستان العراق، ولم يُسببوا الكثير من المتاعب لحكومة إقليم كردستان العراق، عندما كانت تطلب منهم في أي وقت من الأوقات ضبط النفس وعدم استخدام السلاح، كانوا ينتصرون بجدية، على عكس حزب العمال الكردستاني، الذي هاجم أكراد العراق في بعض المرات لتحقيق مصالحه..
وكانت قد اندلعت الاحتجاجات الإيرانية الحالية، بعد مقتل “مهسا أميني”، الكردية الأصل، من مدينة سقز الكردية الإيرانية، لتصل إلى أغلب المدن الإيرانية فيما بعد، لكنها عادت بقوة إلى المحافظات الكردية الإيرانية شمال غرب إيران.
ومع تزايد المواجهات والاشتباكات بين المتظاهرين الإيرانيين في المحافظات الكردية الإيرانية، وقوات الأمن، سارعت الحكومة الإيرانية لاتهام جماعات المعارضة الكردية الإيرانية التي تتمركز بين محافظتي أربيل والسليمانية في إقليم كردستان العراق، بتأجيج الاحتجاجات في شمال غرب البلاد، لم تكن هذه هي المرة الأولى، ولكنها أكثر المرات قلقاً للمؤسسة الإيرانية.
وتزعم قوات الحرس الثوري الايراني أنها رصدت في المحافظات الكردية الإيرانية، وجود عناصر من مسلحين الجماعات الانفصالية الكردية، كما رصد الحرس الثوري تحركات كبيرة لهؤلاء الانفصاليين على طول الحدود الإيرانية مع إقليم كردستان العراق..
وتخشى الدوائر الإيرانية من تحركات للأكراد الذين تصفهم بــ”الانفصاليين” باستغلال الاحتجاجات الحالية، لحمل السلاح ومواجهة القوات الأمنية، والمطالبة بالانفصال عن إيران..
بينما تقلل الدوائر السياسية المستقلة، من حجم التهديد الذي تشكله جماعات المعارضة الكردية الإيرانية المنفية في إقليم كردستان العراق.. مستندين إلى أن جماعات المعارضة الكردية الإيرانية المتواجدة في إقليم كردستان العراق، حجم تمويلها قليل وسلاحها أيضاً قليل، مقارنة بحزب العمال الكردستاني على سبيل المثال، كما لم يشهد الاقليم اشتباكات كبيرة بين هذه الجماعات وقوات الأمن الإيرانية على مر سنوات طويلة، لا يخلو الأمر من بعض المناوشات الخاصة بتهريب البضائع.. لكن لدى المؤسسة الإيرانية وجهة نظر أخرى فيما يخص حجم التهديد المرتبط بجماعات المعارضة الكردية الإيرانية، وتواجدها في إقليم كردستان العراق، وفق ما نقلت الفايننشال تايمز مؤخرا..
وتكاد تجمع الجهات الأمنية الايرانية، على أن “الاضطرابات في داخل إيران مرتبطة بتدخل أجنبي، عن طريق الجماعات الانفصالية، وعملاء الغرب داخل إيران، لذلك ليس من الطبيعي أن تستقبل حكومة إقليم كردستان العراق جماعات إرهابية تهدد الأمن القومي الإيراني، مهما حاولت أن تقلل من أهمية هؤلاء الإرهابيين، وتوفير ملاذ آمن لهم، يساعدهم بشكل قوي على اختراق أمننا القومي”.
ومع التطورات الأخيرة، سواء بزيارة السوداني لطهران، ومن قبله زيارة قائد فيلق القدس، الجنرال إسماعيل قاآني إلى العراق في منتصف شهر نوفمبر الماضي، والتهديد باجتياح بري لإقليم كردستان العراق، الذي يؤوي جماعات المعارضة الكردية الإيرانية ـ تتزايد المخاطر من اندلاع أعمال عسكرية كبيرة، سواء عبر القصف الصاروخي الايراني واستخدام مسيرات، تستهدف اقليم كردستان، ما قد يستدعي تدخلات غربية، وضغوط إقليمية على حكومة السودان العراقية، المكلفة توفير الأمن لحكومة الإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، في إطار الفيدرالية العراقية..
وبعد مباحثات السوداني بطهران، وتشكيك خامنئي في الخطة الاستراتيجية العربية، المتضمنة نشر مزيد من قوات الجيش العراقي وقوات البيشمركة في إقليم كردستان، تبقى فرص الاجتياح البري الإيراني للإقليم متصاعدة، أو على الأقل استمرار الهجمات الإيرانية على مواقع جماعات المعارضة الكردية الإيرانية في إقليم كردستان..
مع توقعات بأن العملية البرية الإيرانية المحتملة داخل إقليم كردستان العراق، ستكون “محدودة”، فقط لدفع جماعات المعارضة الكردية الإيرانية بعيداً عن الحدود الإيرانية..
وقدم الايرانيون للسوداني وحكومة بغداد خرائط ومعلومات عن أماكن تواجد أعضاء جماعات المعارضة الكردية في إقليم كردستان العراق، وطلبوا من المسؤولين العمل على نزع سلاح هذه الجماعات، وإغلاق مقرات أحزابهم، ونقلهم إلى دول أخرى أو مخيمات اللاجئين في الإقليم..
إلا أن ما يطلبه الإيرانيون صعب تحقيقه.. ويضع حكومة السودان في مأزق ، وفق مصادر من داخل الإقليم، تحدثت وسائل إعلام عالمية، الأكراد لا يسمحون للقوات المسلحة العراقية بالتوغل داخل أراضيهم، كما أن إعادة انتشار القوات المسلحة العراقية في هذه المناطق، من الممكن أن يشكل تهديداً للقوات التركية المتمركزة في نفس المناطق، الأمر صعب..
ويزيد الحرس الثوري يومياً من قواته المتواجدة على الحدود مع إقليم كردستان العراق، وهذا من شأنه أن يمثل خطراً لكلا القوات المتمركزة فى هذه المنطقة، كما أن مسألة الاجتياح البري للإيرانيين داخل الأراضي العراقية، ستضع الحكومة في بغداد في موقف ضعيف وحساس، ولن تفيد عمليات الإدانة الدبلوماسية فقط في هذا الأمر…
ختاما:
يبدو أنه لا توجد حلول إيجابية تلوح في الأفق حتى الآن، في الإيرانيون لن يتخلوا عن سياستهم الأمنية والعسكرية والسياسية تجاه إقليم كردستان العراق، ومطالبهم بضرورة دفع العراق للتصدي للجماعات الانفصالية، كذلك من الصعب أن يتوقف الحرس الثوري عن هجماته لقصف قواعد الجماعات المعارضة الكردية في إقليم كردستان العراق..
كما أن انتماءات السوداني وخضوعه لاملاءات الإطار الشيعي الذي أوصله للسلطة، والمؤتمر بالأمر الايراني، سيفاقم من أزمة الحكومة العراقية و تعاطيها مع الملف، وهو ما سينعكس سلبا في علاقة العراق مع محيطه العربي وامتداداته الغربية…