عرفت مصر السينما مبكرا، وكان أول فيلم سينمائي قصير سنة 1896م، في حين يرى البعض أن بداية السينما بمصر كانت في 20 يونيو 1907 مع تصوير فيلم تسجيلي صامت قصير عن زيارة الخديوي عباس حلمي الثاني إلى معهد المرسي أبو العباس بمدينة الإسكندرية.
وفي عام 1917 أنشأ المخرج محمد كريم بمدينة الإسكندرية شركة لصناعة الأفلام وعرضها، استطاعت هذه الشركة إنتاج فيلمين هما «الأزهار الميتة» و«شرف البدوي» وتم عرضهما في مدينة الإسكندرية أوائل عام 1918. وكان (أولاد الذوات) هوولاأ أول فيلم ناطق سنة 1932م قام ببطولته يوسف وهبي وأمينة رزق. كما شهد هذا العام ظهور أول مطربة مصرية وهي نادرة وذلك في فيلم (أنشودة الفؤاد) الذي اعتبر أول فيلم غنائي مصري ناطق، بينما كان أول مطرب يظهر على الشاشة هو محمد عبد الوهاب في فيلم (الوردة البيضاء).
تطورت صناعة السينما لاحقا، وأنتج 16 فيلما سنة 1944م زادت إلى 67 فيلما سنة 1946م. وفي الستينيات أممت صناعة السينما، حيث أنشئت فيه المؤسسة العامة للسينما لإنتاج الأفلام الروائية الطويلة، التي تتبع القطاع العام في مصر، مما أدى إلى انخفاض متوسط عدد الأفلام من 60 إلى 40 فيلمًا في السنة، كما انخفض عدد دور العرض من 354 دارًا عام 1954 إلى 255 دارًا عام 1966م. وفي منتصف عام 1971 م تم تصفية مؤسسة السينما وإنشاء هيئة عامة تضم مع السينما المسرح والموسيقى. وتوقفت الهيئة عن الإنتاج السينمائي مكتفية بتمويل القطاع الخاص وبدأ انحسار دور الدولة في السينما، والاعتماد على شركات القطاع الخاص المملوك غالبا لمقربين من السلطة.
ظهور صناعة الدراما
في 31 مايو 1934م كان أول بث إذاعي حكومي على الإذاعة المصرية، لكن المحطة الفارقة والمؤثرة كانت في 21 يوليو 1960 حيث كان اول بث تلفزيوني حكومي من ماسبيرو. وهو ما جعل الدولة تفرض سطوتها على صناعة الوعي من خلال توظيف السينما في تحقيق أجندة النظام. وظهرت صناعة جديدة بالغة التأثير لاحقا هي صناعة الدراما؛ وتم عرض أول مسلسل مصري هو (هارب من الأيام) الذي تم إنتاجه سنة 1962م، وهو مسلسل مأخوذ عن رواية للكاتب ثروت أباظة تحمل العنوان نفسه وقام بعمل السيناريو والحوار السيناريست فيصل ندا وأخرجه نور الدمرداش وقام ببطولته عبدالله غيث وتوفيق الدقن وحسين رياض ومديحة سالم.[[1]]
تتحدث القصة عن واقع القرية المصرية، وعلى رأسها شخصية العمدة الحاكمة المتسلطة، التى لا تعرف من الدين إلا قشوره، إذ يتخذ من نفوذه وسيلة لإخضاع الأهالى، إلى أن تتعرض القرية لعدة حوادث سرقة وتخريب، مما يثير الرعب في قلوب سكانها لعدم قدرتهم على اكتشاف الفاعل، ليظهر بالنهاية أن الطبال الذي يتعرض لسخرية الناس هو من يقف وراء كل هذه الجرائم. حقق المسلسل شهرة مدوية في الشارع المصري حتى قال مؤلفه في إحدى اللقاءات التلفزيونية بأن مجلس الوزراء كان يجتمع بعد عرض الحلقات، كما روى بأنه قد تم القبض عليه بعد الحلقة السابعة لاتهامه بالإشارة إلى رئيس الجمهورية وقتها جمال عبد الناصر بأنه طبال، وتم الافراج عنه بعد 48 ساعة.[[2]]
تطورت صناعة الدراما لاحقا وكانت فترة الثمانينات والتسعينات هي ذروة العمل الدرامي بأعمال كبرى مثل ليالي الحلمية والمال والبنون ورأفت الهجان وأرابيسك والسبنسة والراية البيضاء وزيزينيا وذئاب الجبل ورحلة أبو العلاء البشري ولن أعيش في جلباب أبي وإمام الدعاة ومحمد رسول الله وغيرها.
وكان ملايين المصريين يتابعون مسلسل الساعة (7) كل يوم على القناة الأولى لسنوات طويلة، وللحق كان هناك مسلسلات وبرامج هادفة، وحتى اليوم لم ينتج التلفزيون المصري برامج ناجحة أكثر من المسلسلات مثل برامج (العلم والإيمان) الذي كان يقدمه الدكتور مصطفى محمود في التاسعة من مساء كل يوم إثنين من الأسبوع على القناة الثانية. ومسلسل (خواطر الشعراوي) وعالم الحيوان وغيرها من البرامج الهادفة حقا والتي لم يعد لمثلها وجود حاليا.
بقي الوضع على هذا النحو حتى قبل عقدين من الزمان؛ حيث كانت الدولة هي المتحكم في البث التلفزيوني من الألف إلى الياء عبر قنوات التلفزيون الحكومي. وكان رمضان يتميز بنكهة خاصة على المستوى الإعلامي، حيث تميز بالدراما الدينية، وكثافة الفوازير الاستعراضية والتي كانت تثير كثيرا من السخط والغضب الشعبي لما تبثه من عري ورقص ودعوة للشهوانية الجامحة؛ الصورة الإعلامية على هذا الشكل كانت انعكاسا لحالة مصر التي لا تعرف هويتها على نحو صحيح؛ فالمؤسسات الدينية (الأزهر ــ الكنيسة) تدعو إلى التمسك بالفضيلة والقيم الأخلاقية، بينما الإعلام منفلت ويبث رسالة مضادة لرسالة الأوليين في معظم برامجه وأفلامه ومسلسلاته.
هذه الازدواجية ظلت قائمة فليس هناك رسالة واضحة المعالم حول الملامح والسمات الإنسانية والأخلاقية التي تسعى الدولة بكل منظومتها وآلتها إلى تجذيرها في المجتمع كجزء من الحفاظ وحماية الهوية الوطنية بكل سماتها وأبعادها. بل كانت الرسالة على الدوام متناقضة ومضادة وتهدم بعضها بعضا؛ فقد تجد برنامجا دينيا يدعو إلى الفضائل والتمسك بالقيم والتعاليم الدينية كالعلم والإيمان أو خواطر الشعراوي. وفي غضون دقائق تجد فيلما يدعو إلى الشهوانية الجامحة والانفلات الأخلاقي والسلوكي وعدم التسليم بالتعاليم الدينية سواء كانت الإسلامية أو المسيحية. فهل الدولة بآلتها الإعلامية مع الفضيلة والتمسك بالقيم أم مع الشهوانية والانفلات الديني والأخلاقي والسلوكي؟ أم انها مجرد سمسار لا هم له سوى الربح والمكسب فتعرض البضاعة حسب رغبات المستهلكين؟ أم كان ذلك جزءا من سياسات الإلهاء والتنويم لضمان بقاء الشعب تحت السيطرة وتأمين حكم الجنرالات لعقود طويلة؟!
انطلاق الفضائيات الخاصة
منذ أن أطلقت مصر برامجها التليفزيونية الأولى في عام 1960، احتكرت القنوات الحكومية التي تديرها الدولة البث الأرضي. وزارة الإعلام تنظم بدقة القنوات الفضائية الخاصة كذلك. يمتلك اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري وهو كيان حكومي جميع القنوات الأرضية السبعة عشر. القناة الأولى والقناة الثانية هما القنوات الرئيسية للشبكة وتبث عبر مصر. قناة النيل التليفزيونية المملوكة للدولة هي القناة الرئيسية للغات الأجنبية وتهدف إلى تعزيز وجهة نظر مصر وتشجيع السياحة. توجد 6 قنوات أرضية إقليمية والتي كانت تُبث جميعها في نطاق القاهرة الكبرى.. تم الإعلان عن أن 23 قناة تابعة للدولة اعتبارًا من عام 2012 ولكن كانت نسب مشاهدتها صغيرة ومتضائلة.
في 12 ديسمبر 1990م، أطلقت القناة الفضائية المصرية، التي تعتبر أول قناة فضائية عربية والقناة الفضائية الرسمية لجمهورية مصر العربية. والتي ركزت محتواها على أمرين: الأول هو عرض المواد الترفيهية (الأفلام ـ مسلسلات ــ برامج ترفيهية ورياضية). والثاني هو تبني الخطاب السياسي للسلطة وتسويقه بين الجماهير. فالقنوات الأرضية لا يشاهدها إلا المصريون في الأراضي المصرية. أما الفضائية فيمكن أن يشاهدها أن مواطن بالعالم كله.
المحطة الأخرى التي كانت تمثل قفزة كبرى هي ظهور الفضائيات الخاصة وشاشات رجال الأعمال وذلك مع بث أول فضائية خاصة في 2002 هي قناة (دريم) للمليونير الراحل أحمد بهجت. ثم توالى ظهور الفضائيات الخاصة التي يملكها رجال الأعمال المقربون من نظام مبارك كقنوات (دريم ــ الحياة ـ المحور) وكان للحكومة حصة مالية في أسهم هذه الفضائيات. وظهرت الصحف الخاصة المملوكة لرجال الأعمال كان أولها (المصري اليوم) سنة 2004م وتبعها ظهور صحف الشروق واليوم السابع وغيرها. هذه الطفرة الإعلامية زعزعت قبضة السلطة على الإعلام وعلى صناعة الدراما. حيث تولت هذه الفضائيات بث مسلسلات من إنتاج القطاع الخاص وحرصت أن تكون قوية لجذب المشاهدين والفوز بنصيب وافر من تورتة الإعلانات للتغطية على نفقات القناة.
وهو ما سحب البساط تدريجيا من التلفزيون الحكومي وقنواته التي تراجعت بشدة بفعل الجمود والإهمال والفساد. هذه التحولات الضخمة أفضت إلى انتزاع المجتمع مساحات معقولة من الحريات وأدت في النهاية إلى اندلاع ثورة يناير2011م. وشهدت مصر انطلاق مرحلة جديدة اتسمت بالانفلات الإعلامي وتوظيف أدوات الإعلام من (سينما ـ دراما ــ برامج توك شو ـ وغيرها) في الصراع السياسي الذي دار بين قوى المجتمع من جهة والمؤسسة العسكرية المتشبثة بالسلطة من جهة أخرى مدعومة بالقوى العلمانية المتخوفة من الشعبية الطاغية للإسلاميين على المجتمع. حتى نجح الجنرالات ـ بدعم القوى العلمانية ـ في تدبير انقلابهم في يوليو 2013م وفرضوا سياجا من حديد على الإعلام بكل صوره وأشكاله، وأعادت السلطة قبضتها على صناعة الإعلام من الألف إلى الياء، عبر تأميم جميع الفضائيات والصحف وشركات الإنتاج الإعلامي. وظهرت شركة المتحدة المملوكة لجهاز المخابرات كذرع الدولة في الهيمنة على صناعة الإعلام.
شبكات الترفيه الخليجية والمنصات الرقمية
أدى العدد الهائل من المحطات الفضائية الخاصة التي تم إطلاقها خلال الفترة من 2008 إلى 2012 إلى تغيير سوق الإنتاج التلفزيوني المصري بشكل كبير مما من سيطرة القنوات الحكومية عن السوق. تم بث أكثر من 50 مسلسل تلفزيوني سنويًا خلال شهر رمضان وهو موسم المشاهدة التليفزيوني الرئيسي. وتم عرض عدد من البرامج التلفزيونية المدبلجة – من تركيا والهند بشكل رئيسي – على القنوات التلفزيونية المصرية حيث جعل السوق أكثر تنافسية. بدأت شركات الإنتاج التلفزيوني المصري في التكيف مع الجهود المبذولة لمطابقة العروض الأجنبية التي بدأت تهيمن على السوق. بدأت شركات مثل مجموعة فنون مصر ومجموعة العدل وغيرها الكثير في مضاعفة ميزانيات الإنتاج السنوية ضمن الجهود المبذولة لمطابقة عروض المسلسلات التلفزيونية الأجنبية من حيث جودة الإنتاج.
أسهم في حدة التنافسية انطلاق شبكات متخصصة في صناعة الترفيه. ففي 2003 انطلقت شبكة فضائيات (روتانا) وهي شركة ترفيهية كان الأمير السعودي الوليد بن طلال بن عبد العزيز يملك أغلبها. أطلقت روتانا خمس قنوات فضائية مجانية هي: روتانا موسيقى، روتانا كليب، روتانا طرب، روتانا أغاني، روتانا خليجية هذه القنوات مخصّصة للأغاني العربية الحديثة، الأغاني الكلاسيكية والطربية، والموسيقى الخليجية، وروتانا سينما وروتانا زمان وهي قنوات فضائية غير مشفّرة وتعتبر من القنوات العربية المتخصصة في الأفلام السينمائية والأفلام الكلاسيكية العربية القديمة. في 21 مايو 2011 تم افتتاح قناة روتانا مصرية، وفي 2012 تم افتتاح قناة روتانا أفلام، روتانا كلاسيك وفي 2017 انطلق بث قناة روتانا دراما المختصة في عرض المسلسلات العربية (المصرية والسورية واللبنانية والخليجية) والمسلسلات التركية وفي 2020 انطلق بث قناة روتانا كيدز المختصة في عرض المسلسلات والأفلام والبرامج العربية للأطفال. ليوم توجد عشرات الشبكات ومئات الفضائيات التي تبث الأفلام والمسلسلات والبرامج الترفيهية على مدار اليوم دون توقف. ويحظى شهر رمضان بأهمية خاصة عند ملاك هذه الفضائيات لبث أحدث وأهم الأعمال الترفيهية على الإطلاق حتى تحول رمضان إلى موسم للأعمال الدرامية على مستوى العالم العربي كله حيث تبث مئات المسلسلات وتعاد ليل نهار على مدار الشهر الكريم على نحو حول الشهر الكريم من شهر صوم وعبادة إلى شهر أفلام ومسلسلات!
المنصات الرقمية
وشهد عام 2020 تحوّلات على صعيد صناعة الدراما العربية، في ظل نموّ وتطوّر متسارعين لمنصات البثّ الإلكتروني العربية، مثل “شاهد” و”فيو”، والعالمية مثل “نتفليكس” التي وجدت في قصص وسيناريوهات المنطقة مادة خصبة لنوع جديد من المسلسلات، ونوع جديد من الجمهور المحلي والدولي. وبعد زمن من استحواذ “نتفليكس” على العدد الأكبر من جماهير المنصات، وبعدما قررت الاستثمار في الدراما والسينما في العالم العربي بشكل لافت في 2020، وإنتاج أعمال خاصة لمصلحتها أو عرض أعمال عربية قديمة ومعاصرة، بثّت المنصة الأكثر شعبية في العالم (195 مليون مشترك بحسب آخر إحصاء لها) الحماس في منصات حديثة مثل “شاهد”. واستطاعت “نتفليكس” فرض نمط وأساليب درامية جديدة على صعيد النوعية في التصوير والاخراج والصوت والقصة، وبذلك قدّمت نموذجاً مغايراً للدراما العربية المعهودة العالقة في أغلبيتها في قصص الحب والخيانة والمشكلات العائلية، بينما يميل “التريند” اليوم إلى التشويق والبوليسي والجريمة، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر في منصات عربية مثل “فيو” و”شاهد”، إذ انقلبت الأخيرة رأساً على عقب في بداية 2020، ونشطت بشكل لافت وأضافت قائمتين جديدتين إلى خدماتها، وبذلك بدأت تنتج أعمالها الخاصة ذات المستوى العالمي بمواصفاتها الخاصة.
اختطاف شهر رمضان!
خريطة الدراما حاليا تؤكد أن السوق المصري لا يزال يحظى بنسبة مشاهدة عالية بناء على القوة السكانية التي تتمتع بها مصر والتاريخ الحافل في صناعة الدراما، لكنها تواجه منذ عقدين من الزمان منافسة شرسة من الدراما السورية وحاليا من الدراما الخليجية التي تحظى بتمويل مفتوح استقطب أقطاب الدراما على مستوى العالم العربي كله. بخلاف المسلسلات التركية والهندية والكورية المعربة والتي تحظى بنسبة مشاهدة لا يستهان بها، وبالتالي فإن المواطن العربي والمصري على وجه الخصوص يجد نفسه محاصرا حصارا عنيفا خلال شهر رمضان الذي تجد فيه مؤسسات الإنتاج الدرامي موسما لعرض أعمالها.
فهناك نحو مائة عمل درامي خلال شهر رمضان فقط وهذه الأعمال تتكرر مرتين وأو ثلاثة خلال نفس اليوم بمعنى أن الحلقة الواحدة تبث في أكثر من موعد لتناسب ظروف أكبر عدد من المشاهدين حتى يتمكنوا من متابعة هذه الأعمال. معنى ذلك أنه يتاح نحو 400 ساعة يوميا من البث الدرامي على شاشات عشرات الفضائيات التي تتنافس للفوز بأكبر عدد من المشاهدين. وسط حملات إعلانية مكثفة لتكريس النزعة الاستهلاكية وبث رسائل الوعي الزائف والمضلل واختطاف المواطنين بأدوات السحر الدرامي والترفيهي فلا يعاملون شهر رمضان بما يستحق باعتباره فرصة للتوبة وتجديد العهد على الطاعة مع الله تعالى.
آخرون يرون أن عملية الاختطاف تتم لشهر رمضان ذاته من خلال تكثيف أدوات السحر الدرامي لتكوين غطاء كثيف من أدوات الترفيه يمكنها أن تحجب رمضان ذاته فلا يدرك الناس قيمة رمضان لانشغالهم الدائم بمتابعة عشرات المسلسلات والبرامج الترفيهية، فتضيع منهم فرصة العمل الصالح واستثمار هذا الشهر الكريم الذي اختصه الله بليلة هي خير من ألف شهر.
الخلاصة أن الطغاة حريصون على إغراق الشعوب في بحار الوعي الزائف واللهو الدائم حتى يمكن السيطرة عليها والتحكم فيها بأدوات التأثير الدرامي وصناعة الترفيه التي ينفقون عليها المليارات كل سنة. وتقاطعت مصالح الحكام مع مصالح الغرب الحريص على انتزاع المسلمين من إسلامهم وتهميش هويتهم الدينية والحضارية حتى يستمر في استنزاف ثرواتنا ونهب كنوزنا وتدمير حضارتنا.
واليوم فإن القائمين على صناعة الترفيه الضخمة يستهدفون شهر رمضان بالاختطاف والمسلمين بالحصار. فالشهر الكريم يتم اختطافه بكل وحشية وعنف، وتحويله إلى سلعة على عدة مستويات وأبعاد، أولها وأخطرها، على مستوى الدراما الموجهة أمنيا لتسويق الوعي الزائف والروايات المفبركة التي تنحاز إلى مواقف السلطة على الدوام وتخدم أجندتها. وثانيها على مستوى تسويق السلع الرديئة والفاسدة من خلال الدعاية الضخمة والإعلانات المصنوعة بحرفية شديدة للتأثير على الناس، وإغوائهم ليتحولوا إلى قطيع من المستهلكين الذين لا هم لهم سوى تلبية شهواتهم وملذاتهم بشراء جميع أشكال السلع غير الضرورية لتكريس النزعة الاستهلاكية التي لا يستفيد منها سوى حيتان رجال الأعمال وطائفة من المستوردين والتجار. فهم يتعاملون مع رمضان بوصفه (سلعة) وفرصة لملء بما لذ وطاب؛ وهذا تدمير ممنهج للمعنى الحقيقي للصيام.
ثالثا، كذلك ربما أسوأ من يتعامل مع شهر رمضان كسلعة هم فئة مذمومة من “تجّار الدين”، و”نجوم الوعظ!”، الذين يطلون على الناس من شاشات السلطة مروجين لأجندتها مذعنين لكل سياساتها ومواقفها حتى لو تصادمت مع ثوابت الإسلام وأحكام الشريعة، وإذا واجه أحدهم موقفا يستوجب منه الصدع بالحق توارى خلف جبنه ونفاقه و تحول إلى بوق يختلق الذرائع التي يسوغون بها مواقف السلطة فيدلسون على الناس ويلبسون الحق بالباطل ويكتمون الحق وهم يعلمون.
[1] “هارب من الأيام” أول مسلسل عربي يُعرض على شاشة التلفزيون المصري/ الهيئة الوطنية للإعلام ــ السبت 15 إبريل 2023م
[2] تعرف على أول مسلسل جمع المشاهدين حول شاشة التليفزيون/ اليوم السابع ــ الأربعاء، 17 أغسطس 2016م// انظر موقع “فنك” المتخصص في الفن والدراما على الرابط التالي (1)