الغارة على نقابة المهندسين.. الصدى والرسائل والمآلات

الغارة التي شنها بلطجية موالون لحزب السلطة “مستقبل وطن” على الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهندسين التي انعقدت في مركز مؤتمرات جامعة الأزهر، الثلاثاء  30 مايو 2023م لسحب الثقة من النقيب طارق النبراوي تركت رسائل واضحة المضامين والدلالات، لا سيما وأنها تزامنت مع انعقاد جلسات الحوار الوطني الذي بدأ 3 مايو بين السلطة ومكونات تحالف 30 يونيو الذين قادوا الانقلاب العسكري بغطائه المدني على المسار الديمقراطي الوليد وثمرة 25 يناير المجيدة.

بدأت الأزمة في  أعقاب انتخابات النقابة التي  أجريت في مارس 2022م التي أسفرت عن فوز النقيب الحالي طارق النبراوي على النقيب السابق ووزير النقل الأسبق، هاني ضاحي بنحو ألفين صوت، فيما أجريت الانتخابات على 11 من مقاعد «التكميليين» التي يتشكل منها مجلس النقابة، وأسفرت عن هيمنة كاملة لقائمتي «في حب مصر» التي فازت بسبعة مقاعد، و«الجمهورية الجديدة» التي فازت بأربعة مقاعد، وكلتاهما تابعتان للسلطة، ولم تفز قائمة «نقابيون» التي يرأسها النبراوي نفسه بأي مقعد.

وبالتالي شهد مجلس النقابات صدامات مستمرة، لا سيما وأن معظم أعضاء المجلس ينتمون إلى حزب “مستقبل وطن” الذي يشرف عليه جهاز الأمن الوطني من الألف إلى الياء، بينما ينتمي النقيب إلى التيار الناصري المعارض.

تصاعدت الأزمة في مارس 2023م؛ حين طرح النقيب طارق النبراوي في «عمومية المهندسين» عدة قضايا أمام المهندسين للتصويت عليها بشكل مفاجئ، دون أن تكون مُدرجة على جدول المناقشات، ما تسبب في انزعاج أغلب أعضاء مجلس النقابة. القرارات التي وافق عليها المهندسون الذين حضروا الجمعية شملت:

  • تقليص عدد الملتحقين الجدد بالنقابة، من خلال التوقف عن قيد خريجي المعاهد الهندسية التي لم تحصل على شهادة جودة التعليم والاعتماد من الهيئة القومية للجودة.
  • منع أعضاء مجلس نقابة المهندسين المنتخبين من تولي مناصب في مجالس إدارة الشركات التي تمتلك النقابة أسهمًا فيها، ترسيخًا لمبدأ فصل الملكية عن الإدارة.
  • زيادة معاش المهندسين.
  • أما النقطة الأبرز في الخلاف، فهي تغيير الأمانة العامة للنقابة وتكليف مجلس النقابة باختيار أمانة جديدة.

هذه القرارات زادت الصراع الدائر داخل مجلس النقابة اشتعالا بين النقيب الذي ينتمي إلى المعارضة المدنية العلمانية (ناصري الانتماء)، ومعظم مجلس النقابة الذي ينتمي إلى حزب السلطة “مستقبل وطن”.  وقام أعضاء مجلس النقابة المنتمون إلى “السلطة” برفع دعوى قضائية تطالب ببطلان عمومية مارس، نظرًا للتصويت على قرارات لم تدرج على جدول الأعمال، لتقرر محكمة القضاء الإداري إيقاف تنفيذ قرارات الجمعية وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.

فالنبراوي وجد أن النقابة تحولت إلى فرع من حزب “مستقبل وطن” وباتت النقابة تدار من غرف الأمن الوطني وليس من مجلس النقابة؛ فأراد استرداد النقابة قبل استفحال الأمر، فدخل في صدام  مباشر مع مجلس النقابة وعلى رأسه الأمين العام، اللواء يسري الديب، (مساعد وزير التربية والتعليم لشؤون الهيئة العامة للأبنية التعليمية)، والأمين العام المساعد، أحمد محمد صبري، (أمين شؤون المجالس المحلية بحزب مستقبل وطن، وعضو تنسيقية شباب الأحزاب).

في مقابل النقيب تمكن الجناح التابع للسلطة داخل مجلس النقابة من جميع توقيعات 1960 مهندسا حسب اللائحة يطالبون بجمعية عمومية غير تقليدية لسحب الثقة من النقيب الذي لم يجد بدا من عقد الجمعية وفقا للائحة والقانون. وعلى مدار يوم الجمعية تدفق آلاف المهندسين، ورصد كثيرون عمليات حشد منظم تحت إشراف أجهزة أمنية، ومع نهاية التصويت بدأت المؤشرات تؤكد موافقة نحو 90%  من المشاركين الذين وصل عددهم حسب أنصار النقيب إلى نحو 24 ألفا، بتجديد الثقة في النقيب؛ الأمر الذي مثل صدمة لجهاز الأمن الوطني، وأعضاء مجلس النقابة الموالين للسلطة.

وقبيل إعلان النتيجة رسميا من جانب القضاة المشرفين على التصويت، هاجم مجموعة من البلطجية صناديق الاقتراع وكسروها ومزقوا أوراق التصويت، واعتدوا على بعض الحاضرين وأصابوهم، واضطر أعضاء لجنة المراقبة والمتابعة إلى مغادرة المكان خوفا على حياتهم. النبراوى اتهم اطراف بعينها بالمشاركة فى الاعتداء مستشهدا بفيديوهات تظهرهم خلال الاقتحام وهم ليسوا مهندسين.

وأعلن النبراوي يوم 6 يونيو أنه حضر جلستين للتحقيق معه من قبل النيابة العامة، تقدم خلالهما بمستندات وصور وفيديوهات توضح وتدين المتورطين في واقعة التعدي على عمومية المهندسين، لافتًا إلى أن النيابة واجهته بأكثر من 40 محضرًا حُررت ضده بـ«ادعاءات كيدية واضحة الكذب»، حرر أحدها بعض أعضاء هيئة مكتب النقابة. وكانت النيابة العامة قد بدأت التحقيق في الأحداث بداية من الخميس غرة يونيو 2023م.

وحرر النبراوي بلاغات ضد الأمين العام لمجلس النقابة، وهيئة المكتب، وضد عدة قيادات بـ«مستقبل وطن» وأمانة منطقة الشرابية بالحزب، في أعقاب الاعتداءات التي سبقت إعلان نتيجة التصويت على سحب الثقة منه، بعدما انتهى فرز اﻷصوات إلى اكتساح مؤيدي بقائه نقيبًا.  وكان حسابا «صحيح مصر» و«متصدقش» على تويتر وفيسبوك، نشرا معلومات بناءً على تحليل صور وفيديوهات، تثبت مشاركة قيادات بـ«مستقبل وطن» في اقتحام «عمومية المهندسين»، وشملت القائمة نواب البرلمان اﻷربعة عيد حماد، وإيهاب العمدة، ومحمد عبد الرحمن راضي، وأبانوب عزت عزيز، وآخرين من أعضاء الحزب، دون أن يكون أيًا من المذكورين مهندسًا أو ذا صفة تبرر وجوده في مقر انعقاد عمومية المهندسين، بحسب الحسابين المعنيين بتدقيق وتصحيح المعلومات.

الرسائل

أولا، ما جرى في نقابة المهندسين اعتبر برهانا على إدارة السلطة للبلاد بمنطق عصابات المافيا والبلطجية، وعندما يقف جهاز أمني كبير خلف هذه الأعمال المشينة الخارجة على القانون فإن ذلك يمثل برهانا إضافيا على أن أجهزة الدولة تحولت إلى قطاع طرق وعتاة إجرام وأن الحديث عن دولة الدستور والقانون هي مجرد تفاهات فارغة المعنى والمضمون، أما الحقيقة على الأرض فإن كل شيء يتم حسمه بالعنف والبطش والبلطجة.

وقد انطوى بيان الحركة المدنية ــ  صدر الأربعاء 31 مايو 2023م ـ على هذه الرسالة المخيفة، فقد وصف البيان من قاموا بذلك بالبلطجية وصف الهجوم بالمدبر وأن الهدف من الهجوم وتحطيم صناديق الاقتراع وأثاث مقر الانتخابات وضرب المندوبين والتعدي على لجنة الإشراف على الانتخابات هو تعطيل إعلان النتيجة ومحاولة الاعتداء على نقيب المهندسين.

وقال البيان نصا: «أن تنزلق الأمور لاستعمال البلطجة والعنف لتعطيل إعلان نتيجة التصويت في جمعية عمومية لنقابة مهنية هي سابقة خطيرة تحمل دلالات على أن كل الأساليب مباحة في إدارة الصراعات النقابية والسياسية ضد القوى النقابية والسياسية  المستقلة، فكل الأساليب بما فيها استدعاء العنف والبلطجة متاحة إذا أتت النتائج  على عكس رغبة هذه الإرادة  في رسالة قوية لكل القوى المستقلة والمعارضة، بل في مواجهة إرادة عموم المواطنين المصريين».    مشكلة بيان الحركة المدنية أن يعتبر ما جرى انزلاقا للعنف وسابقة خطيرة وكأن ما جرى في يوليو 2013 كان محطة ديمقراطية نزيهة لم يتم الإطاحة فيها بالعنف والقتل الرئيس المنتخب وحكومته وقتل الآلاف واعتقال عشرات الآلاف من المدافعين عن الديمقراطية وحكم  الشعب؟!

من جهة ثانية، فإن ما جرى في المهندسين هو امتداد  للعصف بالإرادة الشعبية؛ فالنظام العسكري الحالي لا يضع اعتبارا لأصوات الجماهير وإرادة الشعب؛ فقد انقلب من قبل على إرادة الشعب وأطاح بأول رئيس مدني منتخب بإرادة الشعب الحرة في تاريخ مصر، وتم حل البرلمان المنتخب بإرادة الشعب الحرة بعد ستة شهور فقط انتخابه (يناير2012 ـ يونيو 2012). وما جرى في المهندسين هو امتداد لنفس المنهج (رفض الإرادة الشعبية إذا خالفت السلطة).

وقد انتبه الكاتب الصحفي يحيى قلاش، نقيب الصحفيين الأسبق، لهذه الرسالة الواضحة والخطيرة قائلا إن ما حدث في نقابة المهندسين لا يجب أن يمر مرور الكرام وبلا محاسبة. وتابع في تدوينة له، الأربعاء 31 مايو 2023م: «لم يكتف الذين خططوا لارتكاب جريمة سحب الثقة من النقيب المنتخب طارق النبراوي على نحو غشوم وعبثي دون تقدير تبعاته أو الرسالة التي يبعث بها في هذا التوقيت».

وأضاف: «بل ضافوا للجريمة فضيحة عندما رفضوا قبول إرادة الجمعية العمومية التي جددت الثقة في النقيب وقاموا باقتحام مكان الفرز وإفساد الأوراق الانتخابية والاعتداء على جمهور الحاضرين!».  واختتم: «دلالة ما جرى في المهندسين واضحة والرسالة لا تخطئها أي عين بصيرة، لكن هل يعيها من خططوا لهذه الجريمة أو نفذوا هذه الفضيحة؟!!».

ثالثا، جهات في الحركة المدنية اعتبرت ما جرى في المهندسين رسالة إلى المشاركين في الحوار تؤكد الشكوك التي تساورهم بأن الحوار مجرد إجراء شكلي والسلطة غير راغبة مطلقا في ترك أي مساحة للمعارضة العلمانية بعدما سحقت الإسلاميين، فإذا كانت السلطة لا تتحمل وجود مجرد نقيب ناصري التوجه في نقابة المهندسين؛ فهل يمكن لهذه السلطة أن تجري انتخابات رئاسية أو برلمانية شبه حرة تتيح للشعب حرية الاختيارا؟! وهل يمكن  لهذه السلطة أن تسمح بتداول سلمي حقيقي للسلطة؟  

رابعا، ما جرى في جمعية المهندسين اعتبر أيضا بروفة حية  لما يمكن أن يحدث في مسرحية الانتخابات الرئاسية المقبلة والتي سوف تجرى في الشهور الأخيرة من العام الجاري “2023”، فالدولة من أعلى رأس فيها (السيسي ـ الجيش)، وصولا إلى أجهزتها الأمنية (المخابرات ـ الأمن الوطني) غير مهيأة أصلا أو مستعدة لأي مسحة ديمقراطية حتى لو كانت هامشية لا توثر في وجود السلطة. بينما اعتبر قطاع من العلمانيين المشاركين في الحوار ما جرى بالمهندسين هو رسالة تؤكد وجود أجنحة داخل السلطة غير راضية بالمرة عن الحوار مع المعارضة وتستهدف بما جرى إفشال جلسات الحوار والمضي قدما في سياسات البطش الأمني وإخضاع المجتمع كله بأدوات العنف والإرهاب.

خامسا، الرسالة الأهم هي عدم ضبط أي من المتورطين في الجريمة؛ ورغم معرفة الجناة والبلطجية فلم يتم محاكمة أي منهم، ولم يتم التحقيق مع أي واحد من البلطجية، ولم يتم إيقاف أي ضابط بالجهاز الذي تورط في هذه الفضيحة في رسالة لا تخفى دلالتها بأن أجهزة الدولة والمنسبين لها والعاملين تحت سلطتهم تحت وصاية الدولة نفسها حتى لو أخطأوا وانتهكوا الدستور والقانون ومارسوا البلطجة عيانا تحت أعين عشرات الكاميرات والفيديوهات الموثقة.

ولذلك لجأت السلطة إلى لغة التهدئة والتصالح مع النقيب رغم أن ذلك لا يعفي مطلقا من ضرورة المحاكمة ومحاسبة المتورطين مهما علت رتبهم داخل الدولة إذا كانت مصر دولة قانون حقا كما يدعون! وحتى كتابة هذه السطور لم يتم فتح تحقيقات جادة في هذه الجريمة الموثقة، ولم تتم محاسبة المتورطين في هذه الأحداث الإجرامية، وتقديمهم للعدالة الجنائية لينالوا ما يستحقوه من عقاب.

وانحياز السلطة للتصالح كان بهدف التغطية على الجريمة قبل شهور من مسرحية الرئاسة التي يتم ترتيب أوراقها لتمكين السيسي من ولاية رئاسية ثالثة رغم أنف الشعب وإرادة الجماهير التي لم تكره شخصا بقدر ما تكره السيسي وعصابته.

سادسا، رغم أن النبراوي أحد رموز المعارضة العلمانية الشكلية إلا أن السلطة لم تتسامح معه؛ فقد كان عضوا في تجمع “مهندسون ضد الحراسة” الذي كانت تقوده جماعة الإخوان المسلمين بعد وضع النقابة تحت الحراسة سنة 1994م، حتى تمكن المهندسون في 2011م من الحصول على حكم من محكمة شمال القاهرة برفع الحراسة عن النقابة.

وفي أول انتخابات لمجلس النقابة، نهاية 2011، التي جرت وفقا للقانون 66 لسنة 1974، بعدما قضت المحكمة الدستورية في يناير2011م بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 الخاص بتنظيم شئون النقابات المهنية، وهو القانون الذى وصفته النقابات المهنية بـ”القانون المشبوه”، والذى وضعه نظام مبارك لإحكام قبضته الحديدية على النقابات المهنية، حتى وصل بها إلى حال سيئ، وفرض الحراسة على معظمها. نجح المهندسون التابعون لجماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على مجلسها، بما في ذلك مقعد النقيب، الذي حصل عليه المهندس ماجد خلوصي، بعد تغلبه على النبراوي.

وفي أعقاب الانقلاب بدأ النبراوي بجمع التوقيعات لسحب الثقة من المجلس ونقيبه، وهو الأمر الذي نجح فيه بالفعل في يناير 2014، ليتبع ذلك انتخابات جديدة شهدت فوز النبراوي بمقعد النقيب وفازت قائمته بأغلبية المجلس، بعدما حظي بدعم السلطة وأجهزتها الأمنية. وفي 2018 خسر النبراوي ضد مرشح الحكومة هاني ضاحي، وزير النقل الأسبق، وقائمته «مهندسون في حب مصر»، ليفوز الأخير، بعد جولة إعادة، بمقعد النقيب، بدعم واضح من الدولة.

ثم عاد النبراوي وفاز ضد ضاحي في مارس 2022م، رغم هزيمة قائمته كاملة بينما تشكل المجلس من القوائم الحكومية وتكون أغلبه من مسؤولين في شركات حكومية.

المآلات

مع انتشار الفضيحة على نطاق واسع، لجأت السلطة أولا إلى وقف جلسات ما يسمى بالحوار الوطني بشكل مؤقت (لمدة أسبوع) بدعوى الظروف المناخية. وعادت الجلسات الأحد 12 يونيو، وفسر كثير من الخبراء والمحللين أسباب هذا التوقف المؤقت لجلسات الحوار بسبب حرص الجهة المسؤولة عن تنظيم الحوار، على إنهاء أزمة نقابة المهندسين، قبل استكمال جلسات الحوار، نظراً لأن الكثير من المشاركين، وخاصة من أعضاء النقابات المهنية والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، كانوا سيفتحون حديثاً عن الأزمة خلال الجلسات، وهو ما فضل المسؤولون تجنبه”.

من جهة ثانية، وخلال فترة توقف الحوار، أجرى مسئول بارز في «جهة سيادية» ج أ، مفاوضات مكثفة مع نقيب المهندسين، توسط فيها سياسي كبير بالحركة المدنية لديه علاقة قوية بالنبراوي؛ للاتفاق على مخرج من الأزمة التي تسبب فيها «جهاز أمني» تحت لافتة «لم الشمل»، والتوصل إلى حل يحافظ على سمعة أجهزة الدولة ويلبي طلبات النقيب، بعدما تسبب هجوم البلطجية (الجهاز الأمني ـ حزب مستقبل وطن) على مقر الجمعية العمومية بحرج للنظام السياسي، لأنه جاء في الوقت الذي يدير فيه (حواراً وطنياً) يهدف (بحسب ما أعلن رئيس الدولة) لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية”.

من جهة ثالثة، تضمن الحل عدة بنود تم الإعلان عنها في مؤتمر عقدته النقابة مساء الخميس 09 يونيو 2023م، شارك فيه النقيب ووكيل النقابة حسام رزق، ووزير النقل الفريق كامل الوزير، ووزير الموارد المائية والري هاني سويلم، وتتضمن:

  • تنازل النقيب عن البلاغات التي قدمها ضد هيئة مكتب النقابة وحزب مستقبل وطن، وذلك مقابل إعلان نتيجة تصويت الجمعية العمومية للنقابة على سحب الثقة منه، الذي انتهى لبقائه في منصبه، على أن يقوم بالإعلان وزير الري والموارد المائية، هاني سويلم. خاصة أنّ كاميرات المراقبة التقطت صوراً لنواب بحزب (مستقبل وطن)، كانوا يقومون بقيادة البلطجية الذين اقتحموا مقر انعقاد الجمعية”.
  • أعلن وكيل نقابة المهندسين حسام رزق، تقدم جميع أعضاء هيئة مكتب نقابة المهندسين باستقالاتهم من عضوية هيئة المكتب من أجل “إفساح الطريق أمام المهندسين لاختيار آخرين، بمن فيهم الأمين العام يسري الديب، الذي كان (رأس الحربة) في الحرب التي يواجهها النبراوي”.

الخلاصة

لا يجب التهوين مما حدث في نقابة المهندسين حتى لو نجحت جهة سيادية في إجبار الجميع على الصلح؛ لان ما جرى بالفعل ليس هينا! هو رسالة واضحة من السلطة أنها لن تتسامح مطلقا مع صعود أي شكل من أشكال المعارضة حتى لو كانت هذه المعارضة شكلية على غرار قوى وأحزاب ما تسمى بالحركة المدنية.

فالسلطة العسكرية التي اغتصبت الحكم بانقلاب عسكري في يوليو 2013 بغطاء مدني من هذه الأحزاب العلمانية لن تسمح إلا بمعارضة شكلية يتم توجيهها بالريموت كنترول لا تتجاوز الخطوط الحمراء المرسومة لها.

وما جرى خلال الفترة الماضية داخل بعض النقابات المهنية يربك حسابات السلطة؛ فقد تمكنت شخصيات محسوبة على المعارضة من الوصول إلى منصب النقيب؛ بدأت تلك العودة في نقابة الأطباء بفوز حسين خيري بمنصب النقيب عام 2015، ثم فوز طارق النبرواي بمقعد نقيب المهندسين عام 2022، وأخيراً فوز خالد البلشي بمنصب نقيب الصحافيين في مارس2023م.

ورغم ذلك فإن الشواهد والأحداث أظهرت أنه على الرغم من وجود نقباء وأعضاء في مجالس إدارات النقابات المهنية محسوبين على المعارضة، إلا أن ذلك لم يحجّم السيطرة الأمنية، المفروضة على باقي أجهزة ومؤسسات الدولة، على تلك النقابات.

والحديث عن استقلال النقابات حول مجرد وهم لا وجود له فعليا على أرض الواقع؛ فلا يزال الأمن الوطني هو من يدير فعليا هذه النقابات حتى لو كانت على رأس إدارتها رموز معارضة، لأن السلطة تنجح عادة في ترويض هؤلاء وغرز عملائها في كل مكان.

رغم القبضة الأمنية الشديدة إلا أن تجديد الثقة في النبراوي على رأس نقابة المهندسين، ونجاح خالد البلشي على رأس نقابة الصحفيين يبعث رسالة واضحة بأن الشعب قد يئس من هذه السلطة الفاشلة وأجهزتها القمعية؛ الأمر الذي يربك حسابات السلطة وأجهزتها الأمنية بشأن الترتيب لمسرحية الرئاسة المقبلة  أواخر هذا العام.

ما جرى في المهندسين رسالة واضحة؛ فهذه السلطة لا تريد شريكا، في سياق موقفها الدائم بإضعاف المجتمع لحساب السلطة، فهي لا ترغب في أي حوار حقيقي وجاد، وولا تحترم الحوار ولا الأطراف المتحاورة، وإذا فات ما حدث دون محاسبة رغم الصلح، فإن الأسوأ لا يمكن اجتنابه فى المستقبل القريب! إنها بروفة لما يمكن أن يحدث في مسرحية الرئاسة.

المصادر:

  • من “المهندسين” لـ”الصحافيين”… رسائل سياسية من النقابات المصرية/ العربي الجديد ــ 01 يونيو 2023
  • أحمد بكر, رنا ممدوح, سلمى هندي و محمد عز«المهندسين».. موقعة سحب الثقة و«مستقبل وطن»/ مدى مصر ــ 31 مايو 2023
  • “استقلال النقابات” في مصر… الآمال شيء والواقع أمر آخر/ العربي الجديد ــ 07 ابريل 2023
  • ليلى فريد/ قلاش: دلالة ما جرى في نقابة المهندسين واضحة والرسالة لا تخطئها أي عين بصيرة.. ولايجب أن يمر مرور الكرام وبلا محاسبة/ درب ــ  31 مايو، 2023م
  • عماد الدين حسين/ ما حدث للمهندسين مسيء لمصر/ بوابة الشروق ــ الجمعة 2 يونيو 2023
  • مصادر: مفاوضات «حكومية» مع النبراوي للتنازل عن بلاغاته مقابل إعلان استمراره نقيبًا/ مدى مصر ــ الأربعاء 07 يونيو 23م
  • مصر: “أجهزة سيادية” تنجح بالسيطرة على أزمة نقابة المهندسين/ العربي الجديد ــ 09 يونيو 2023
  • النبراوي يطالب النائب العام بتسريع تحقيقات الاعتداء على «المهندسين».. و«مستقبل وطن»: ادعاءات مغرضة/ مدى مصر  ــ غرة يونيو 23م
  • النبراوي في النيابة لاستكمال تحقيقات «عمومية المهندسين»/ مدى مصر ــ  الإثنين 5 يونيو 2023م
  • أحمد عبدربه/ نقابة المهندسين.. والإصلاح السياسي/ بوابة الشروق ــ السبت 3 يونيو 2023

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022