موقف الأردن من العدوان الإسرائيلي علي غزة: الأبعاد والمحددات

تبنى الأردن منذ العدوان الإسرائيلي علي غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر 2023 خطابًا قويًا أدان فيه الإجراءات الإسرائيلية، وبخاصة استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في قطاع غزة. ونشطت الدبلوماسية الأردنية بشكل مكثف لتحقيق وقف لإطلاق النار، أو على الأقل فرض “هدنة إنسانية”، وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية إلى سكان القطاع[1]. ولكن يلاحظ أن الموقف الرسمي الذي بدا قويًا وواضحًا بصورة نسبية بداية العدوان الإسرائيلي علي غزة، قد شهد تراجعات ملحوظة في وقت لاحق، وبرزت تعارضات بين الموقف السياسي المعلن وبين الإجراءات العملية على الأرض، وهو ما يطرح التساؤل حول أبعاد الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي علي غزة ومحدداته[2].

أولًا: أبعاد الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي علي غزة:

تركز الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي علي غزة في ثلاثة أبعاد رئيسية، تتمثل في:

1- البعد السياسي والدبلوماسي: في أول رد فعل على أحداث 7 أكتوبر 2023 “عملية طوفان الأقصى”، أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بيانًا[3] في اليوم نفسه دعت فيه إلى “وقف التصعيد”، ودانت “الانتهاكات الإسرائيلية” في حق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية، وأكدت على “ضرورة ضبط النفس وحماية المدنيين”. وقد تجنب البيان إدانة العملية أو حماس على نحو مباشر، وظل الموقف الأردني الرسمي يتحرك خلال الأيام الأولى في إطار “ضرورة وقف التصعيد” و”التأكيد على حل الدولتين”، و”التحذير من أي محاولات للتهجير”، من دون طلب وقف فوري لإطلاق النار في حينه، وهو ما عمل عليه الأردن ومصر وأُقر في بيان صادر عن اجتماع وزاري لجامعة الدول العربية عقد في 11 أكتوبر 2023[4]، وذلك ردًا على دعوات إسرائيلية، دعمتها الولايات المتحدة، لترحيل الغزيين من شمال القطاع تحت عنوان فتح “ممرات آمنة للمدنيين”، وهو الموقف الذي أكد عليه ملك الأردن خلال زيارته مصر لمناقشة العدوان الإسرائيلي على غزة[5]، واعتبره خطًا أحمر[6]. وقد ذهب رئيس الوزراء الأردني، بشر الخصاونة، إلى القول إن “أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة سيعتبره الأردن بمثابة إعلان حرب”[7].

ترافق مع هذه التصريحات السياسية، تحريك الجيش الأردني دبابات وناقلات جند وتعزيزات عسكرية، وتمركز الجيش في مناطق الحدود الغربية بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد أن قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي “إيتمار بن غفير” بتوزيع السلاح على المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية، وكانت تلك التحركات العسكرية من الجانب الأردني بمثابة إعلان الاستعداد للحرب، في حال محاولة تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية باتجاه الأردن[8].

وعلي إثر القصف الإسرائيلي للمستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، في 17 أكتوبر، أصدر الديوان الملكي بيانًا قويًا وصف القصف “بالمجزرة البشعة التي لا يمكن السكوت عنها”، وعلى إثره ألغيت القمة الرباعية[9] التي كان مزمعًا عقدها في اليوم التالي في عمان بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الفلسطيني محمود عباس، إضافة إلى ملك الأردن[10]. كما نقلت تقارير عن مصدر مطلع داخل الحكومة الأردنية، إن الملك عبدالله ألغى مؤتمرًا صحفيًا مشتركًا كان من المفترض أن يُقام خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى عمان في 25 أكتوبر بعد تصريحات الأخير واقتراحه توسيع التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” ليشمل حركة حماس[11].

بعد ذلك، قاد الأردن جهودًا دبلوماسية عربية في الجمعية العامة للأمم المتحدة نجحت في استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد فشل مجلس الأمن نتيجة استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروعي قرار روسي وبرازيلي يدعوان إلى وقف إطلاق النار في الحرب الإسرائيلية على غزة. وقد حظي قرار الجمعية العامة، الذي صدر في 27 أكتوبر، بموافقة أغلبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ودعا إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة تفضي إلى وقف للأعمال العدائية، وذلك في دورة الأمم المتحدة الاستثنائية الطارئة العاشرة التي ناقشت “الأعمال الإسرائيلية غير القانونية”، لكن إسرائيل تجاهلت ذلك وقامت في اليوم نفسه بإطلاق حملتها البرية على قطاع غزة مستغلة الدعم الأميركي لسياساتها[12].

ثم استدعت عمان في 1 نوفمبر 2023 سفيرها لدى إسرائيل، كما أعلنت بأنه لا يمكن للسفير الإسرائيلي العودة إلى الأردن ما لم تتوقف الحرب على غزة. وبالرغم من أن الأردن يعد ثاني أفقر دولة في العالم بمجال المياه، غير أن عمان قررت تعليق اتفاق المياه مقابل الطاقة مع إسرائيل الذي كان من المقرر التوقيع عليه بشكل نهائي خلال مؤتمر “كوب 28” في دبي نهاية نوفمبر 2023. وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي – في مقابلة مع قناة الجزيرة آنذاك في 17 نوفمبر 2023 –  “هل يمكنكم تخيل وزيرًا أردنيًا يجلس إلى جانب وزير إسرائيلي لتوقيع اتفاقية حول المياه والكهرباء بينما تواصل إسرائيل قتل الأطفال في غزة؟”[13]. وبهذه الطريقة يكون الأردن أول دولة عربية ومسلمة تسحب سفيرها من إسرائيل، وأول دولة تلغي اتفاقية تعاون رئيسة، ما يؤكد جدية عمان على الساحة الخارجية والضغط الذي تواجهه على الجبهة الداخلية[14].

2- البعد الإغاثي والإنساني: منذ بدء الحرب على غزة وجه الملك عبد الله الثانى بإرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل عاجل إلى مطار العريش، بالتنسيق مع مصر وذلك بهدف إدخالها إلى القطاع عبر معبر رفح. وأعلن الأردن تبرعه  بمبلغ 4.3 مليون دولار لدعم عمليات “الأونروا” في قطاع غزة في أكتوبر 2023. وقامت الإذاعات الأردنية بتوحيد بثها باللغتين العربية والإنجليزية لجمع التبرعات لإغاثة سكان قطاع غزة ضمن سلسة حملات نظمتها مجموعة الراية الإعلامية التابعة للقوات المسلحة الأردنية بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية .وأقر المكتب الدائم في مجلس النواب الأردني في أولى اجتماعاته برئاسة أحمد الصفدى، رئيس مجلس النواب اقتطاعات مالية من مخصصات النواب دعمًا للأهالي في قطاع غزة، وأكد على أن خطوته تأتي من هدي التوجيهات الملكية[15].

ورفض الأردن الطلبات الإسرائيلية بإخلاء المستشفى الميداني الأردني – المقام في منطقة تل الهوى شمال قطاع غزة منذ عام 2009، وحملها مسؤولية أي محاولة اعتداء على المستشفى وكوادره، كما أقام مستشفى ميدانيًا جديدًا في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة، ترافق ذلك مع إقامة مستشفى ميداني جديد في نابلس في الضفة الغربية؛ بعد تصاعد الأحداث وحصار واقتحام المدن والقرى الفلسطينية. هذا، بالإضافة إلى مستشفى في جنين، مقام منذ عام 2002، مع إرسال قوافل من الإمدادات الغذائية للضفة الغربية[16].

كما أعلن الجيش الأردني، في 5 مارس 2024، تنفيذ 8 إنزالات جوية مشتركة مع مصر وأمريكا وفرنسا لمساعدات إغاثية وغذائية في قطاع غزة، واصفًا العملية بأنها “الأكبر منذ بدء عمليات الإنزال حتى اليوم”. وأشار إلى أن المساعدات الإغاثية والغذائية، استهدفت عددًا من المواقع شمال غزة، وتضمنت مواد مقدمة من برنامج الأغذية العالمي. ولفت الجيش في بيانه إلى أنه نفذ منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع 28 إنزالًا جويًا، 15 منها بالتعاون مع دول “شقيقة وصديقة”[17].

3- البعد الشعبي والمجتمعي: أظهر استطلاع للرأي في الأردن – أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية – أنه أكثر الشعوب العربية تأييدًا للمقاومة ولـ”عملية طوفان الأقصى”. فمنذ بداية الحرب، لم يهدأ الحراك الشعبي الرافض للعدوان الإسرائيلي علي غزة والمطالب برفع سقف مستوى الرد الأردني الرسمي علي هذا العدوان الإسرائيلي[18].

حيث شهد الأردن خروج عشرات المظاهرات على نطاق أكثر اتساعًا وثباتًا في العديد من المدن والمواقع، بما في ذلك أمام السفارة الإسرائيلية الخالية في عمان والتي حاول بعض المحتجين اقتحامها. وفي الوقت الذي كانت فيه بعض هذه المظاهرات عفوية، غير أن الكثير منها جاء بتنظيم وقيادة الأحزاب السياسية، وبخاصة “جبهة العمل الإسلامي” (الجناح السياسي لحركة “الإخوان المسلمون” وأكبر حزب سياسي في الأردن)، والحزب الشيوعي الأردني. وأطلقت المظاهرات عددًا من المطالب بما في ذلك: استدعاء السفير الأردني من إسرائيل، وإلغاء اتفاق الغاز (فنيًا اتفاق مع شركة “شيفرون” الأمريكية لكن الغاز من إسرائيل)، واتفاق الماء مقابل الطاقة، وإلغاء اتفاقية وادي عربة للسلام، والمطالبة بإعادة الخدمة العسكرية الإلزامية (خدمة العلم)[19].

ونادت الاحتجاجات في عمان بقيادات الذراع العسكري لحركة حماس، تحديدًا محمد الضيف القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، والناطق الرسمي باسم الحركة أبو عبيدة، ويحيى السنوار رئيس حركة حماس في غزة، في حين غابت عن الاحتجاجات أسماء شهيرة مثل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، وخالد مشعل رئيس مكتبها الخارجي. وهو ما يشير إلي أن الجماهير الأردنية المناصرة للقضية الفلسطينية تفضل المواجهة العسكرية المسلحة على المواجهة السياسية[20].

وتسبب القصف الذي قامت به إسرائيل للمستشفى الأهلي العربي (المعمداني)، يوم 17 أكتوبر، في حالة من الغضب الشديد في الشارع الأردني، وانطلقت مظاهرات حاشدة في عمان توجهت إلى محيط السفارة الإسرائيلية، التي أُخليت مباشرة بعد أحداث 7 أكتوبر من دون إصدار بيان دبلوماسي، واعتبر سحب الكوادر العاملين في السفارة لـ “دواع أمنية”. وقد قُدرت أعداد المتظاهرين بعشرات الآلاف، وسبق هذه المظاهرات اقتحام شبان غاضبين لمربع السفارة أول مرة[21]. وكانت شرطة مكافحة الشغب الأردنية فرقت احتجاجًا في 13 أكتوبر حاول خلاله مئات الأردنيين العبور إلى إسرائيل[22].

كما تجاوب الجمهور الأردني بصورة واسعة مع دعوات الإضراب الشامل الذي شهده الأردن يوم 11 ديسمبر 2023، حيث أغلقت أعداد كبيرة من المحال التجارية أبوابها، وعلقت لافتات تشير إلى إضرابها من أجل قطاع غزة. وأظهر التراجع الملحوظ في حركة السير وأعداد الطلبة المتوجهين إلى المدارس، مستوى التجاوب مع الإضراب، فيما تصدر وسم #الإضراب_الشامل قائمة الوسوم الأكثر تداولًا على منصة “إكس” في الأردن. وتأتي الدعوة لتنفيذ إضراب عالمي شامل، تلبية لمطالب واسعة النطاق، أطلقها نشطاء من مختلف أنحاء العالم على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسم “#إضراب_من_أجل_غزة و #StrikeForGaza، للتضامن مع قطاع غزة، والضغط على الحكومات من أجل التحرك لوقف الحرب الإسرائيلية عليها. وجاء ذلك بعد أيام من فشل مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض، بينما أيده 13 عضوًا من أعضاء المجلس الـ15 المشروع، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت[23].

وامتد التضامن الشعبي الأردني إلي إعلان العديد من المحال التجارية في البلاد عن التبرع بنسب من الأرباح لصالح إغاثة قطاع غزة[24].

ناهيك بالطبع عن المشاركة في مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية؛ فعلي مواقع يتداول الأردنيون على وسائل التواصل الاجتماعيّ عبارة “أنا مش مقاطع، أنا مستغني”. ويمكن لمن يتجول في بعض أسواق الأردن أن يتلمس أساليب جديدة للمقاطعة كنمط حياة، إذ تسمع في  السوبر ماركت سؤالًا متكررًا، يطرحه بعض الزبائن على الباعة: “عندك بديل عن هاد المنتج؟”، في إشارة للبحث عن منتجات محلية بديلة عن المنتجات الأمريكية والإسرائيلية.

وصلت استراتيجية المقاطعة في بعض الأحيان إلى حيلة تسويقية، اقتنصتها مقاهي ومطاعم أردنية، مثل الإعلان الذي ملأ مواقع التواصل الاجتماعي لعلامة القهوة المحلية “معروف”، الذي كتب إعلانًا ترويجيًا ومشجعًا لمقاطعة مقهى “ستاربكس” حيث نشر: “لا تكون خروف، خليك بموقفك معروف”. وسارعت مطاعم الوجبات السريعة في ابتكار وجبة “هابي ميل”، كبديل عن وجبة الأطفال “هابي ميل” التي يقدمها مطعم “ماكدونالدز”، فضلاً عن دجاج “البروستد” الذي غزا مطاعم محلية كبديل عن “الكي إف سي”، ناهيك عن أن الشراب الغازي الأردني “ماتريكس”، عاد إلى الصدارة منذ بداية الحرب على غزة،  كبديل عن “البيبسي”، علاوة على ذلك ظهر منتج “غود داي” كبديل عن “النسكافيه”[25].

وبناءً علي ما سبق؛ يمكن القول أن هناك فجوة كبيرة بين المطالب الشعبية والإجراءات الرسمية، حيث أن الإجراءات الرسمية لم تكن كافية في نظر الشارع الأردني، الذي طالب بإلغاء معاهدة “وادي عربة” واتفاقية الغاز مع الكيان الصهيوني، وبوقف توقيع اتفاقية الماء مقابل الكهرباء، وبإغلاق القواعد العسكرية الأجنبية على الأراضي الأردنية، وبدعم المقاومة الفلسطينية والانفتاح على فصائلها.

كما أن السلطات الأردنية وأن سمحت بتنفيذ الفعاليات الشعبية، إلا أنها حالت دون وصولها إلى الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة وسفارتي الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، وكذلك رفض إقامة اعتصامات مفتوحة، واعتقال ناشطين على خلفية المشاركة في بعض الفعاليات[26] (تم الإفراج عنهم فيما بعد بتوجيهات مباشرة من الديوان الملكي[27]). وبالفعل نجحت هذه المساعي في تحجيم تأثير التحركات الشعبية وتقليل القناعة بجدواها، خصوصًا في ضوء ضعف وتفكك القوى الشعبية وإحجامها عن كل ما من شأنه حصول احتكاك مع الموقف الرسمي[28].

وفيما يتعلق بعمليات الإنزال الجوي للمساعدات الغذائية، فقد وصف المكتب الإعلامي الحكومي في غزة بأنها “غير مجدية”، وأعتبرها “تماهيًا مع سياسة الاحتلال بتعزيز سياسة التجويع”[29]. ولعل ما يفسر حديث المكتب الحكومي، أن مهمات الإنزال الجوي التزمت بإلقاء المساعدات في حدود مناطق جنوب وادي غزة، مستثنية مناطق الشمال التي تضربها المجاعة فعليًا، وفي هذا التزام حرفي بقرار التجويع والعقاب الجماعي لسكان الشمال الصامدين، كما أن أطنان المساعدات ألقيت في عرض بحر غزة ما تسبب في غرق البعض الذي حاول النزول وجلب هذه المساعدات، فيما قامت البوارج والزوارق الحربية الإسرائيلية التي تحاصر شاطئ البحر بإطلاق النيران علي الحشود المنتظرة لهذه المساعدات[30].

أكثر من ذلك، قالت “المنظمة العربية لحقوق الإنسان” في بريطانيا إن الأردن سمح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام أراضيه لنقل معدات عسكرية ثقيلة إلي إسرائيل بواسطة 15 طائرة مخصصة لهذا الغرض كما سمحت الأردن بنقل قوات خاصة على متن طائرة وطائرتين بدون طيار[31]. وهو ما تم نفيه من قبل مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية[32]. ولكن لم ينجح النفي الأردني في نفي الشكوك حول احتمال صحة الحادثة بالنظر للعلاقة الوثيقة الأمنية والاتفاقات العسكرية التي تربط الأردن بالولايات المتحدة. وقد تزامن الجدل حول طائرة الذخيرة الأمريكية مع تعهد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بإرسال الدعم والإسناد العسكري لدولة الاحتلال بعد ساعات من بدء عدوانها على قطاع غزة. كما تعزز خارطة سير الطائرة واعتراف الجيش الأردني بالفعل أنها عبرت الأجواء الأردنية باتجاه دولة الاحتلال، من فرضية صحة انطلاقها من القاعدة الجوية العسكرية[33].

كما تصدر الأردن – بجانب تركيا – قائمة الدول المصدرة للخضروات والفواكه إلى إسرائيل خلال فترة الحرب[34]، وهي الصادرات التي تعوض النقص الناشئ عن تراجع قطاع الزراعة الإسرائيلي بفعل الحرب، إضافة إلى تسيير خط إمداد بري من الإمارات إلى إسرائيل عبر أراضي السعودية والأردن في ضوء منع جماعة أنصار الله الحوثيين السفن الإسرائيلية من عبور مضيق باب المندب. وهما أمران أخلت الحكومة مسؤوليتها تجاههما، وربطت أولهما بقرارات للقطاع الخاص، وثانيهما باتفاقات المرور الحر للبضائع[35]. ويأتي ذلك رغم تشديد الاحتلال الإسرائيلي لحصاره المحكم والخانق على قطاع غزة، وتزايد إجراءاته لمنع دخول المساعدات الإنسانية، في سياق سياسته لتجويع السكان[36].

ناهيك عن أن إجراءات الأردن التي جاءت ردًا على الحرب في غزة، وبخاصة انتقاداتها الحادة لإسرائيل، واستدعاء سفيرها من تل أبيب، وقرار عدم المضي في اتفاق المياه مقابل الطاقة، تعد غير مسبوقة. وعملت تلك الإجراءات على حفظ ماء وجه الحكومة أمام الدعوات المتحمسة المتزايدة من الشارع لمعاقبة إسرائيل على عدوانها العنيف على غزة. ومع ذلك، فإنه يمكن التراجع عن الإجراءات التي اتخذتها عمان في الوقت الراهن، حيث يمكن إعادة السفير الأردني إلى إسرائيل، ويمكن توقيع صفقة المياه-الطاقة في وقت لاحق[37].

وعلى المستوى الأمني، تكثفت جهود مكافحة التهريب عبر الحدود مع سوريا، الذي أصبح في العام الأخير أكثر اشتمالًا على أسلحة متجهة إلى الضفة الغربية.

وفي ضوء ذلك، تتفهم الولايات المتحدة ودولة الاحتلال التعبيرات الإعلامية والسياسية الصادرة عن الأردن، باعتبارها ضرورة لتهدئة الشارع، ولا تأثير يذكر لها على مسار الحرب عسكريًا وسياسيًا، إذ لا تصدر ردود فعل رسمية إسرائيلية توازي مستوى التصريحات الأردنية العالية السقف.

ويشير هذا الوضع إلى أن تركيز الاحتلال وأولويته منصبة على استمرار ضبط الأردن للأمن عبر الحدود وعدم حصول تغير في الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والأمنية معه إلى حين انتهاء حربه على القطاع. وفي هذا السياق، يمكن تفسير السماح للأردن بإنزال مساعدات جوية في قطاع غزة[38].

ثانيًا: محددات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي علي غزة:

يتعامل الأردن مع القضية الفلسطينية عمومًا والعدوان الإسرائيلي علي غزة خصوصًا ضمن حسابات سياسية وأمنية واقتصادية معقدة، ويتحدد موقفه بمجموعة محددات، أبرزها:

1- المحددات السياسية: التي تتمثل في علاقة الأردن بأطراف الصراع المباشرين؛حيث تقوم سياسة الأردن تجاه القضية الفلسطينية في جوهرها على “حل الدولتين”، وهو لذلك يدعم السلطة الفلسطينية باعتبارها أحد تجليات هذا الحل[39].

تلك الرؤية الأردنية التي تقوم علي “حل الدولتين” تحمل ضمنًا رفضًا لنهج المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة[40]. ولذلك؛ منذ إخراج قيادات حماس من الأردن، وإغلاق مكاتبها في عام 1999 مع بداية عهد الملك عبدالله، يتعاطى الأردن مع الحركة باعتبارها ملفًا أمنيًا، وليس سياسيًا، وتنسق حماس تحركاتها في الأردن مع دائرة المخابرات العامة الأردنية من خلال ممثل لها في عمان. وتتفاوت العلاقة بين الطرفين تبعًا للأوضاع السياسية في المنطقة، فهي تتحسن طورًا وتتدهور أطوارًا. فمثلًا، استقبل الملك عبدالله رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، خالد مشعل، عام 2012 بعد وساطة قطرية، كما سمح الأردن عام 2021 بدخول خالد مشعل وإسماعيل هنية لتقديم العزاء بالقيادي في حماس إبراهيم غوشة. لكن العلاقة تبقى في مجملها فاترة، وقد تتوتر أحيانًا بسبب ما يقول الأردن إنها أنشطة عسكرية لحماس على أراضيه، وقد قامت أجهزة الأمن الأردنية مثلًا باعتقالات لكوادر محسوبة على حماس ومحاكمتهم عام 2015 في ما عرف إعلاميًا بقضية “دعم المقاومة”، كما قامت السلطات الأردنية باعتقال عدد من الكوادر المحسوبة على حماس بتهمة تهريب السلاح للضفة الغربية في يونيو 2023[41].

وفي المقابل، يرتبط الأردن بمعاهدة سلام مع الاحتلال عام 1994، وباتفاقات اقتصادية استراتيجية، كاتفاقية استيراد الغاز، واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة التي تضم مصانع مملوكة لإسرائيليين في الأردن، واتفاقية مبدئية لتبادل المياه من الاحتلال بالكهرباء من الأردن.

وفي اعتبار لا يقل تأثيرًا على سير الأحداث، يراهن الحكم في الأردن منذ نشأته، وفق مراقبين، على العلاقة الوثيقة مع الدولة المهيمنة غربيًا، بدءًا من التحالف مع بريطانيا ثم الولايات المتحدة، ويندر أن يخرج السلوك الرسمي عن مقتضيات هذا التحالف، إذ يتمحور الأردن سياسيًا ضمن “محور الاعتدال” العربي رفقة الأقرب إلى الولايات المتحدة في الإقليم كمصر والسعودية والإمارات، وهو المحور الذي يتخذ مواقف سلبية من حركة حماس ومن حركات “الإسلام السياسي”[42].

ووقع الأردن اتفاقية للتعاون الدفاعي ‫مع الولايات المتحدة دون عرضها على البرلمان، وبدأ سريان العمل بها في الـ22 من مارس 2021. ومن أبرز بنود تلك الاتفاقية؛ توفير أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعًا، كما توجب على الأردن السماح للطائرات والمركبات والسفن بالدخول وحرية التنقل في الأراضي الأردنية والمياه الإقليمية والأجواء الوطنية، إلى جانب السماح باستخدام طيف الراديو والاتصالات السلكية واللاسلكية دون رقابة أردنية[43]. وفي عام 2022، وقعت الولايات المتحدة والأردن اتفاقية مساعدات سنوية بقيمة 1.45 مليار دولار تستمر لمدة قياسية أمدها سبع سنوات، مما يجعل عمان ثاني أكبر متلق للمساعدات الأمريكية على الصعيد العالمي (ومعظمها اقتصادية) بعد إسرائيل[44].

وبفعل هذه الاعتبارات المتعارضة يشكل تصاعد الصراع بين الاحتلال وأي طرف في الإقليم تحديًا للحكم في الأردن، بفعل تناقض موقف الشعب من جهة، وموقف الحليف الخارجي الأهم وهو الولايات المتحدة، مما يدفعه إلى العمل على تهدئة وتيرة الصراعات ما وجد إلى ذلك سبيلًا، وإلى امتصاص غضب الشارع بخطوات سياسية وإعلامية لا تخرج عن اعتبارات التحالف مع الولايات المتحدة وحدود المقبول لديها في تعامله مع دولة الاحتلال[45].

إلا أن علاقة القيادة الأردنية منذ عهد الملك حسين بحكومات بنيامين نتنياهو اتسمت بالفتور، حيث حاولت إسرائيل عام 1997 في عهد نتنياهو اغتيال خالد مشعل على الأرض الأردنية. ونتج عن هذه الفضيحة تهديد من جانب الأردن بإلغاء اتفاق “وادي عربة” للسلام. ومنذ ذلك الحين ينظر الأردن إلى نتنياهو بعين الريبة. كما أن استقبال نتنياهو الحار لحارس السفارة الإسرائيلية في عمان الذي قتل اثنين من المواطنين الأردنيين، والحث على الأعمال العدائية ضد الأماكن الإسلامية المقدسة، أدى إلى مزيد من التدهور في علاقات الأردن وإسرائيل[46].

وقد تصاعدت في السنوات الأخيرة الخلافات بين الأردن وإسرائيل خاصة بعد تولي حكومات يمينية متطرفة للحكم في إسرائيل، ناتجة في أكثرها من السياسات الإسرائيلية الرافضة لأي تسوية للقضية الفلسطينية على أساس الأرض مقابل السلام، والاعتداءات المستمرة التي يقوم بها المستوطنون بحماية الحكومة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة في القدس، التي تقع تحت “الوصاية الهاشمية”[47]. حيث تعتبر الوصاية الهاشمية علي الأماكن المقدسة في القدس أحد أهم نفوذ الشرعية لنظام الحكم الأردني. وتسعي إسرائيل مؤخرًا لسحب الوصاية الأردنية حيث ناقش الكنيست في عام 2022 مشروع قرار قدمه النائب اليميني المتطرف “موشيه فيجلين” يطالب بنقل السيادة على المسجد الأقصى إلى الحكومة الإسرائيلية، لكن الكنيست فشل في تمرير هذا القرار[48].

2- المحددات الأمنية: تتمثل أهم المحددات الأمنية المؤثرة في الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي علي غزة في:

أ- الترانسفير والتهجير: إذ أن الأردن لديه أطول حدود مع فلسطين التاريخية وتأتي على امتداد يصل إلى 335 كيلو مترًا (منها 97 كم مع الضفة الغربية، 238 كم مع إسرائيل)، كما يرتبط الأردنيون بروابط وثيقة بفلسطين، بحكم التاريخ والجوار وتداخل العائلات، ولكون ملايين منهم لاجئين من فلسطين بفعل عدوان الاحتلال الإسرائيلي عامي 1948 و1967[49]. ويشكل اللاجئون الفلسطينيون في الأردن أعلى نسبة من مجموع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في مناطق عمليات الأونروا الخمس (لبنان، والأردن، وسوريا، والضفة الغربية، وقطاع غزة)، فنجد أنه فى حرب 1948 فر نحو 700 ألف فلسطيني إلى الأردن، وفى حرب 1967 واحتلال إسرائيل للضفة الغربية فر نحو 300 ألف فلسطيني آخر معظمهم اتجه إلى الأردن[50].

وتثير نسبة الفلسطينيين في الأردن جدلًا يبدأ بالاختلاف حول الأرقام، وينتهي عند إسقاط هذه النسب على مطالبات سياسية، وتساؤلات حول النظرة للفلسطينيين، وهل هم مواطنون أم لاجئون ينتظرون العودة لوطنهم. ويبدأ النقاش من أرقام تعطي الفلسطينيين نسبة 70% من السكان، إلى أخرى لا ترى أن هناك فلسطينيين في الأردن إلا بنسبة قليلة لا تتجاوز 10%، فيما تؤكد الأرقام الرسمية أن نسبة الفلسطينيين بالأردن تبلغ 42%. وبرأي سياسي أردني تولى منصبًا رفيعًا فإن نسبة الفلسطينيين بالأردن تبلغ 65%. ويؤكد هذا المسؤول أن الحكومة تقسم الفلسطينيين إلى ثلاثة أقسام، لاجئين هجروا من فلسطين عام 1948 حصلوا على الجنسية الأردنية بموجب قرار وحدة الضفتين، ونازحين حضروا بعد احتلال الضفة الغربية عام 1967، وفلسطينيين تركوا الضفة الغربية لأسباب اقتصادية. وبالتالي فأن تطورات العملية السلمية وضعف احتمالات تحقق العودة للفلسطينيين والمطالبات بمنحهم حقوقًا وفقًا لنسبتهم، كلها تثير مشاعر الخطر لدى الأردنيين الأصليين، خاصة إذا صدرت خطة سلام تنهي حق العودة وقبل الأردن بها[51].

ويدرك الأردن أن أبرز تحديات إسرائيل، هي المشكلة الديمغرافية الفلسطينية، إذ يقيم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 ما يقارب 1.7 مليون عربي يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويقيم في الضفة الغربية 3.27 ملايين فلسطيني، ويقيم في غزة 2.23 مليون فلسطيني؛ لذلك عمدت إسرائيل إلى سن قانون يهودية الدولة الإسرائيلية؛ الذي تم إقراره في شهر يوليو من عام 2018، وهو قانون يهدد وجود المكون العربي في إسرائيل، ويضاعف من معاناتهم كمواطنين من الدرجة الثانية، فيما يقرؤه البعض كخطوة أولى وصريحة لتهجير المكون العربي من الداخل الإسرائيلي. فيما تقيم إسرائيل مستوطنات لا يعترف بها المجتمع الدولي على أكثر من 43٪ من مساحة الضفة الغربية، ويقيم في تلك المستوطنات – والبؤر الاستيطانية- حوالي 727 ألف مستوطن إسرائيلي، وتسعى إسرائيل لتوسيع الأعمال الاستيطانية، وقضم المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية.

في ضوء ذلك، يرى الأردن في العدوان الإسرائيلي الحالي علي غزة محاولة للبدء بخطة التهجير؛ للتخلص من الكتلة الديمغرافية الفلسطينية – في الداخل الإسرائيلي والضفة الغربية وغزة – وهي كتلة سكانية تهدد يهودية الدولة الإسرائيلية؛ فسعت إسرائيل منذ أحداث السابع من أكتوبر إلى محاولة تهجير سكان غزة إلى سيناء وابتلاع الأرض؛ لضمها لمستوطنات غلاف غزة، أو إعادة احتلالها وإقامة خطوط ومراكز حماية لمستوطناتها من داخل غزة، خطة رأى فيها الأردن خطوة كبيرة على طريق إعادة السيناريو في الضفة الغربية عند أول حدث أمني يمكن أن يحدث أو يمكن افتعاله. ويدرك الأردن أن الخطة الاستراتيجية لليمين الإسرائيلي الحاكم تقوم على فكرة ابتلاع الجغرافيا، والتخلص من الديمغرافيا الفلسطينية، وتفريغها في دول الجوار، وتحديدًا مصر والأردن؛ بحيث يتم تهجير سكان غزة إلي مصر، ويتم تهجير سكان الضفة إلي الأردن تنفيذًا لفكرة “الوطن البديل” المطروحة من قبل قوى اليمين الإسرائيلي[52].

كان يمكن وصف هذه الطروحات باعتبارها تخوفات مبالغًا فيها، لكن صفقة القرن التي روجت لها إدارة الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” زادت من عمقها، إذ اعترفت الولايات المتحدة بالقدس الموحدة عاصمة لدولة إسرائيل، ونقلت سفارتها إليها، وتعاملت مع القضية الفلسطينية باعتبارها مشكلة اقتصادية، واعتبرت الاستيطان في الضفة الغربية مسألة ثانوية. وقد أدى كل ذلك الى زيادة هواجس الأردن من فرض وقائع جديدة على الأرض يمكن إعطاؤها وضعًا قانونيًا لاحقًا، خصوصًا إذا كانت إسرائيل تمتلك ظهيرًا دوليًا مثل الولايات المتحدة التي يمكن أن تتجاهل تمامًا حليفًا مثل الأردن في حال كانت القضية تخص إسرائيل، إضافة إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي المتزايد نحو اليمين وصعود قوى متطرفة إلى سدة الحكم لا تعبأ كثيرًا بالحلول التقليدية للقضية الفلسطينية، فمثلًا ظهر وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، في باريس وأمامه خريطة لإسرائيل تضم أجزاء من الوطن العربي من ضمنها الأردن[53].

وتزايدت التخوفات مؤخرًا من تنفيذ مخططات التهجير القسري لسكان الضفة الغربية، في ظل تسليح عشرات آلاف المستوطنين من قبل وزير الأمن الداخلي “إيتمار بن غفير”، وضغوطهم المتواصلة على الفلسطينيين للمغادرة والتوجه نحو الأردن[54]. ويتم تداول داخل الأردن لخطوات موثقة عن تصور إسرائيلي لمسارات الترانسفير، وبحسب هذه الخرائط المتداولة، والمصممة من المستوطنين، على ما يعتقد الكثير من الأردنيين، فإن على أهل طولكرم مثلًا أن يتوجهوا إلى مدينة عجلون الأردنية (أرض أجدادهم على ما تزعم الخرائط)، وعلى أهالي رام الله النزوح إلى عمان، وأهالي الخليل إلى محافظة الكرك الأردنية[55].

ب- احتمالات اتساع نطاق المواجهة: منذ عملية “طوفان الأقصى” والعدوان الإسرائيلي على غزة، يتصاعد الحديث عن احتمال توسع الحرب لتضم أطرافًا إقليمية أخرى، خصوصًا في ظل الاشتباكات اليومية بين حزب الله وإسرائيل، ودخول الحوثيين وميليشيات أخرى موالية لإيران على الخط، وتعزيز الولايات المتحدة لقدراتها العسكرية في المنطقة، وتهديد من يمس مصالحها في المنطقة.

يقع الأردن في قلب أي مواجهة إقليمية محتملة، إذ يشترك حدوديًا مع سورية والعراق، حيث توجد ميليشيات مسلحة مدعومة من إيران. ويشكل اندلاع حرب شاملة في الإقليم تحديًا عسكريًا وأمنيًا حقيقيًا للأردن، فهو من الشمال والشرق على تماس مباشر مع تلك المجموعات المسلحة المدعومة إيرانيًا، ومن الجهة الغربية يمتلك أطول حدود مع إسرائيل، وفي الداخل لديه قواعد عسكرية أميركية، يمكن أن تشكل أيضًا أهدافًا عسكرية لهذه المجموعات، ولهذا السبب طلب الأردن، بحسب ناطق باسم الجيش الأردني من واشنطن، نشر منظومة الدفاع الجوي “باتريوت” لتعزيز الدفاع عن حدوده، وهي المنظومة التي تم نشرها سابقًا في عام 2013 استجابة لتصاعد المعارك في سورية[56].

وفي هذا السياق؛ فقد تم استهداف قوات أمريكية متمركزة في الأردن على الحدود مع سورية، في 28 يناير 2024، وأسفر الهجوم بطائرة مسيرة عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 30 آخرين[57].

كما تعرض الأردن لتهديد من قبل القوى الشيعية الحليفة لإيران في العراق، فقد اعتبرت الميليشيات العراقية أن الأردن هدف مشروع إذا استمر في استضافة القوات والقواعد الأمريكية، وتنفيذًا لهذا التهديد أغلق المتظاهرون الشيعة الطرق أمام شاحنات النفط العراقية التي كانت في طريقها إلى الأردن[58].

ج- تنامي قوة الإسلاميين: تظهر الأبحاث أن قضايا السياسة الخارجية، مثل القضية الفلسطينية أو العلاقات مع إسرائيل، لم تكن أولوية سياسية للناخبين الأردنيين. ومن المتوقع أن تغير حرب غزة ذلك في الانتخابات البرلمانية المتوقع إجراؤها في يوليو وأكتوبر من عام 2024. وإدراكًا منها لهذا التغيير، قامت الأحزاب السياسية الأردنية إما برعاية التحركات الشعبية في الشوارع أو عدلت رسائلها الإعلامية لتشمل دفاعًا أكثر قوة عن قضية فلسطين والدعوة إلى تقليص العلاقات مع إسرائيل وحتى قطعها.

وستستفيد الأحزاب الإسلامية من هذا التحول، الذي يقلق القيادة الأردنية. وفي حين أن جميع الأحزاب السياسية على الأرض تشارك في الحراكات السياسية وتحشد الدعم لأهل غزة، تبرز جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص لقربها الأيديولوجي من حركة حماس، ونفوذها وقاعدة دعمها الواسعة بين الأردنيين من أصل فلسطيني، وحقيقة أن الجماعة تعد أكثر تنظيمًا من الأحزاب الأخرى على الأرض. وعلى مدى السنوات الماضية، فقدت جبهة العمل الإسلامي -الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن- جزء كبير من نفوذها كما فقدت قوتها في البرلمان والحكومة. وفي عام 2020، ألغت الحكومة تسجيل حزب جماعة الإخوان المسلمين، ومن المحتمل أن تؤدي الحرب على غزة، والدور الشعبي والإعلامي النشط لجبهة العمل الإسلامي، إلى زيادة رأسمالها السياسي بشكل أو بآخر[59].

يذكر هنا، أن الشيخ مراد العضايلة، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي وجه، في 6 مارس 2024، خطابًا مصورًا للأردنيين، داعيًا المواطنين في مدينتي عمان والزرقاء حصرًا للخروج بعد صلاة الجمعة في 8 مارس (آخر جمعة قبل حلول شهر رمضان المبارك) في “فعالية مليونية” عنوانها “لن نتخلى عن الأقصى”. كما أن عضو كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان حسن الرياطي، أعلن، في 7 مارس، تحويل “أسئلة دستورية” وجهها للحكومة إلى شريحة “استجواب” لرئيس الوزراء بشر الخصاونة؛ لأنه يرفض الإجابة على أسئلته بوضوح وفقًا للمقتضى الدستوري، وللعلم الاستجواب يشمل نحو 10 أسئلة تبحث عن تفاصيل كل صغيرة وكبيرة بخصوص ملف “الشاحنات التي تتحرك” عبر الأراضي الأردنية باتجاه إسرائيل[60].

وللتخفيف من كل ذلك، قد ينتهي الأمر بالأردن إلى تأجيل الانتخابات أو حتى تقليص عدد الأحزاب السياسية إذا أصبح الدعم لجبهة العمل الإسلامي مرتفعًا بما يكفي لمنحها المزيد من المقاعد في البرلمان. وإذا جرت الانتخابات عام 2024، فقد تحشد الجماعة الأردنيين، الذين كانوا منذ فترة طويلة غير مبالين بالعملية السياسية، للتصويت والمشاركة للتأكد من سماع أصواتهم، بخاصة فيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية-الأردنية. ومثل هذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى تشكيل برلمان أكثر إسلامية ومعاداة لإسرائيل، والذي يضعه في مسار تصادمي مباشر مع الحكومة المعينة[61]. ومن ناحية أخري، فأن هناك خشية أردنية – وعربية – من أن انتصار حماس في معركتها الحالية سيعزز من الأجندة الإقليمية الإيرانية ومصالح طهران ونفوذها في المنطقة[62].

3- المحددات الاقتصادية: فإسرائيل هي تاسع أكبر شريك للأردن في الواردات، إذ يعتمد الأردن بشكل كبير على إسرائيل في الحصول على المياه والغاز[63]. فوفقًا لاتفاقية “وادي عربة” 1994 تتلقى الأردن إمدادات مائية من بحيرة “طبرية” التي تتحكم بها إسرائيل. وفي ظل معاناة عمان من نقص حاد في الموارد المائية، قام الأردن بتوقيع اتفاقية مع حكومة بينت– لبيد في أكتوبر 2021 وذلك لشراء 50 مليون متر مكعب لمضاعفة إمدادات المياه السنوية من إسرائيل إلى الأردن من 50 مليون متر مكعب وفقًا لاتفاقية السلام بين الجانبين إلى 100 مليون مكعب. وفي عام 2022، وقع الأردن اتفاقية مع إسرائيل والإمارات تتضمن أن تقوم الإمارات ببناء محطة لتحلية المياه في إسرائيل لتزويد الأردن بالمياه وفى الوقت نفسه ستبنى الإمارات مزرعة ضخمة للطاقة الشمسية في الصحراء الأردنية وستوفر نسبة من استهلاك إسرائيل للكهرباء[64]. ويهدف هذا المشروع – الذي أُطلق عليه مشروع الرخاء- إلى تصدير 600 ميغاوات من الطاقة الشمسية إلى إسرائيل، مقابل 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة إلى الأردن[65].

وفي هذا السياق، قالت قناة “كان” الإسرائيلية إن الأردن توجه لإسرائيل عن طريق عدة قنوات من ضمنها الولايات المتحدة ووزير الخارجية الإسرائيلي “يسرائيل كاتس” – الذي شغل سابقًا منصب وزير الطاقة- لتمديد اتفاق تزويد الأردن بالماء المنعقد مع حكومة بينت– لبيد لعام إضافي، حيث سينتهي الاتفاق الحالي في مايو 2024. وأوضحت القناة أن إسرائيل لم ترد على الطلب الأردني حتى الآن، وذلك على خلفية التوتر بين الجانبين بسبب الحرب في غزة. ووفقًا لمراسل القناة للشؤون العربية “روعي كايس”، فقد طلبت إسرائيل عدة طلبات من الأردن قبل الموافقة على طلبها، وتمثلت تلك الطلبات بقيام الأردن بتخفيف حدة تصريحات الوزراء والنواب الأردنيين ضد إسرائيل، والعمل على تقليل التحريض في الأردن ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما أشار المراسل إلى أن تل أبيب طلبت كذلك إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين بشكل كامل ومن ضمن ذلك إعادة سفير إسرائيل للأردن والسفير الأردني إلى تل أبيب[66].

كما يحصل الأردن حاليًا على إمدادات من الغاز الإسرائيلي من خلال صفقة مشتركة مع شركة “شيفرون” الأمريكية. ومنذ عام 2020، أصبحت إسرائيل مصدرًا رئيسًا للغاز لكلًا من الأردن ومصر، وتم تزويد كلا البلدين بالغاز عبر خط أنابيب بديل في أوائل أكتوبر، بعد أن بدأت إسرائيل هجماتها على غزة. ورغم المطالب الشعبية بانسحاب الأردن من اتفاقه مع شركة “شيفرون” لاستيراد الغاز الإسرائيلي، إلا أن ذلك صعب الحدوث؛ لأن البلاد ستواجه خسارة تقارب مليار دولار كما سترتفع أسعار الوقود[67].

كذلك، فقد أثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة علي قطاع السياحة؛ لأن الأردن أصبح يصنف “دولة خطرة” بسبب أوضاع الحرب. حيث أشار وزير السياحة مكرم القيسي إلى تراجع حجوزات الفنادق في الأردن بنسبة 50% منذ بدء الحرب على غزة، مبينًا أن الطلب على المواقع السياحية تراجع بنسبة 40% منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى انخفاض نسبة حجوزات المطاعم السياحية بنسبة 60 إلى 70%، وذلك بعدما كان القطاع السياحي يسجل انتعاشة في عام 2023 ليسجل ما قيمته 6.9 مليار دولار. ويسبب هذا التراجع مشاكل اقتصادية واجتماعية للأردن، حيث يعمل بالقطاع السياحي ما يقارب 600 ألف عامل بشكل مباشر، يتضمن هؤلاء العاملين عمال فنادق ومرشدين سياحيين، بالإضافة إلى قطاع المطاعم وغيره.

وعلى المستوى الاقتصادي الكلي، فهناك زيادة في أسعار السلع الأساسية نتيجة للتأثيرات في سلاسل الإمداد والتجارة الإقليمية خاصة في منطقة البحر الأحمر، الذي يعتمد الأردن عليه لاستيراد عديد من السلع الأساسية. ويقابل ذلك تأثر الميزانية الوطنية بسبب الحاجة إلى زيادة الإنفاق على الأمن والدفاع في مواجهة التوترات الإقليمية، مما يقلل من الموارد المتاحة للتنمية والخدمات العامة[68].

ختامًا؛ اتخذ الأردن موقفًا متقدمًا – مقارنة بباقي الدول العربية المطبعة مع إسرائيل – للتعبير عن رفضه للعدوان الإسرائيلي علي غزة مثل سحب السفير الأردني من إسرائيل، وتجميد اتفاقية التزود بالغاز الإسرائيلي مقابل تزويد تل أبيب بالطاقة، والتي كان من المفترض أن تتم برعاية إماراتية[69]. ولكن هذا الموقف غير كافي في نظر الشعب الأردني الذي يطالب بخطوات أقوي مثل إلغاء معاهدة السلام، واتفاقيات المياه والغاز مع إسرائيل.

ومن الواضح أن هناك العديد من المحددات الاستراتيجية في الموقف الأردني، بعضها متضارب مع الآخر، بخاصة في ظل المواقف الغربية التي تبنت الرواية الإعلامية الإسرائيلية، وأعلنت دعمًا مطلقًا لسياسات نتنياهو العسكرية في الرد على طوفان الأقصي، بخاصة موقف إدارة الرئيس الأمريكي بايدن، التي أعطت شيكًا مفتوحًا لنتنياهو للانتقام من حركة حماس، من دون أن تضع حدودًا أو قيودًا على حجم الكلفة البشرية هناك، فيما يقع على الطرف الآخر من المعادلة الموقف الإيراني الذي يمثل داعمًا كبيرًا لحماس وحزب الله، فيما لو تطورت الحرب إلى أن تأخذ أبعادًا إقليمية، وفي موازاة ذلك تقع حسابات المعادلة الداخلية التي تأخذ بعدين متناقضين أيضًا؛ الأول المرتبط بحسابات العلاقة السياسية الغائبة مع حركة حماس ودعم الأردن للسلطة الفلسطينية، وارتباط ذلك بالعلاقة العضوية أيديولوجيًا وسياسيًا بين حماس والإخوان المسلمين في الأردن التي دخلت في حالة “أزمة مستدامة” مع السلطة التنفيذية في الأردن، وتنامت عقيدة في أوساط الحكم ترى في الجماعة خصمًا داخليًا، وتم إلغاء ترخيصها قبل أعوام، مع الخشية أن تحاول الجماعة الاستثمار في ذلك سياسيًا – داخليًا. لكن في المقابل هناك رأي عام أردني غاضب وساخط على المذابح الإسرائيلية في غزة ويدعم ما تقوم به حماس في مواجهة إسرائيل من عمليات عسكرية، ما يجعل أي موقف رسمي بعيدًا عن هذه الحالة الشعبية في صدام مع المزاج الشعبي[70].

وفي ضوء ذلك؛ من غير المرجح أن تعيد عمان النظر في علاقاتها الاستراتيجية على المستوى الدولي، بل ستستمر في اتباع سياسة توازن فيها بين تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة، وما يتطلبه ذلك من الحفاظ علي العلاقات مع إسرائيل حتي ولو في حدودها الدنيا خلال هذه المرحلة في مقابل تبنيها موقفًا رافضًا لتصفية القضية الفلسطينية والضغط في اتجاه وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة[71]. ولكن هذا الموقف المتوازن من قبل الأردن قد يتغير بصورة كبيرة في حالة توسع المواجهة بين الاحتلال والفلسطينيين في الضفة الغربية (المنطقة الأهم بالنسبة للأردن) بصورة كبيرة[72].


[1] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مركز الإمارات للسياسات، 28/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/23wec5pt

[2] “إضاءات سياسية (5): محددات الموقف الأردني من معركة طوفان الأقصى”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 1/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/bdehyezf

[3] “الأردن يؤكد ضرورة وقف التصعيد الخطير في غزة ومحيطها”، وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، 7/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yz3zwvtd

[4] “اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية – دورة غير عادية – لبحث سبل التحرك السياسي لوقف العدوان الإسرائيلي وتحقيق الأمن والسلام”، جامعة الدول العربية، 11/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/k2ydpshr

[5] “الملك والرئيس المصري يؤكدان رفض سياسة العقاب الجماعي على غزة”، الديوان الملكي الهاشمي، 19/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3fp43eb6

[6] “الملك يؤكد خلال ترؤسه اجتماعًا بالقيادة العامة للقوات المسلحة رفض الأردن بشكل قاطع لأي سيناريو يستهدف تهجير الفلسطينيين”، الديوان الملكي الهاشمي، 17/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2uhcyw33

[7] “رئيس الوزراء الأردني: أي محاولات لتهجير الفلسطينيين تعتبر بمثابة ’إعلان حرب‘”، وكالة الأنباء القطرية، 6/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3vjy3typ  

[8] “قراءة في الموقف الأردني من الحرب على غزة”، الجزيرة نت، 19/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/t4purbmn

[9]  “وزير الخارجية: عدم عقد القمة الرباعية لأنها لن تكون قادرة على وقف الحرب حاليًا”، وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، 18/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/29468hze

[10] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 14/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2h2bj6e7

[11] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[12] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[13] “الأردن يوقف توقيع اتفاقية للطاقة مع إسرائيل بسبب حرب غزة”، الجزيرة نت، 17/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5ccp2at6

[14] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[15] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، 30/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3mchw4fu

[16] “قراءة في الموقف الأردني من الحرب على غزة”، مرجع سابق.

[17] “الأردن ينفذ 8 إنزالات لمساعدات على غزة مع دول “شقيقة وصديقة””، القدس العربي، 5/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/skj94s8f

[18] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، الجزيرة نت، 17/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/p7b9vuhd

[19] “احتجاجًا على حرب غزة.. الأردن يستدعي سفيره في إسرائيل”، التليفزيون العربي، 1/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/f23c9w3t

[20] “الأردن وحرب إسرائيل على غزة: تحولات في الخطاب السياسي”، صدي مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، 7/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2htkru6x

[21] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[22] ” ستراتفور: هكذا يوازن الأردن بين انتقاد إسرائيل والسلام معها خلال حرب غزة”، الخليج الجديد(مترجم)، 3/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4uzb6h2z

[23] ” استجابة واسعة في الأردن ولبنان وتونس لدعوات الإضراب من أجل غزة”، عرب48، 11/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3bjad4jv

[24] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مرجع سابق.

[25] ” هل أصبحت مُقاطعة إسرائيل نمط حياة في الأردن؟”، درج، 24/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/y2fkxapj

[26] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مرجع سابق.

[27] “الحرب على غزة تنقل الأردن نحو موقع راديكالي”، درج، 23/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/58zz4p5u

[28] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[29] “”سلوك غير إنساني”.. إنزال المساعدات جوًا يثير انتقادات فلسطينية”، التليفزيون العربي، 3/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2uj35anu

[30] “«النشامى» يطيعون إسرائيل: مساعدات في البحر!”، الأخبار، 27/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3ac8vdav 

[31] ” الأردن يسمح بتدفق الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل”، مركز حضارات للدراسات الاستراتيجية، 26/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/ze5am4b6

[32] “الجيش الأردني ينفي صحة شائعات باستخدام قواعده لنقل أسلحة أمريكية لقصف غزة”، سي إن إن عربية، 29/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5n74w2kn

[33] “الأردني ينفي استخدام قواعده الجوية لنقل ذخيرة أمريكية لضرب غزة”، صدارة للمعلومات والاستشارات، 16/10/2023، الرابط: https://cutt.us/RDBN4

[34] “شركات أردنية وتركية تمد “إسرائيل” بالخضار لتعويض النقص الذي سببته الحرب”، عربي21، 22/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2pz4styz

[35] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[36] “إضاءات سياسية (5): محددات الموقف الأردني من معركة طوفان الأقصى”، مرجع سابق.

[37] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[38] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[39] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[40] ” موقف الأردن من المقاومة الفلسطينية”، الخليج الجديد، 5/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/bde4db88

[41] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[42] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[43] “الأردني ينفي استخدام قواعده الجوية لنقل ذخيرة أمريكية لضرب غزة”، مرجع سابق.

[44] “دور الأردن ما زال حيوياً في حرب غزة”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 19/10/2023، الرابط: https://cutt.us/xUWTq 

[45] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[46] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[47] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[48] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مرجع سابق.

[49] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

[50] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مرجع سابق.

[51] “جدل حول أعداد الفلسطينيين بالأردن”، الجزيرة نت، 20/7/2009، الرابط: https://tinyurl.com/mryy2ywn

[52] “قراءة في الموقف الأردني من الحرب على غزة”، مرجع سابق.

[53] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[54] “إضاءات سياسية (5): محددات الموقف الأردني من معركة طوفان الأقصى”، مرجع سابق.

[55] “الحرب على غزة تنقل الأردن نحو موقع راديكالي”، مرجع سابق.

[56] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[57] ” الأردن يُدين “الهجوم الإرهابي” الذي استهدف القاعدة الأمريكية في “موقع متقدم” على الحدود مع سوريا”، سي إن إن عربية، 28/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/bddaepy9  

[58] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[59] المرجع السابق.

[60] “العضايلة: “إذا بليتم فاستتروا”.. إخوان الأردن في “التخشين”: مليونية “زرقاوية” واستجواب برلماني للخصاونة”، القدس العربي، 7/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4k4fw6jr  

[61] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[62] “قراءات أردنية لــ”طوفان الأقصى” بين مقاربتين”، العربي الجديد، 10/10/2023، الرابط: https://cutt.us/joZpM

[63] ” ستراتفور: هكذا يوازن الأردن بين انتقاد إسرائيل والسلام معها خلال حرب غزة”، الخليج الجديد(مترجم)، 3/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4uzb6h2z

[64] “الموقف الأردني من العدوان على غزة”، مرجع سابق.

[65] “الأردن يطلب تمديد اتفاقية المياه وإسرائيل تضع شروطا”، الجزيرة نت، 4/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3esjfcwp

[66] المرجع السابق.

[67] “الأردن وحرب غزة: عواقب كثيرة وخيارات قليلة”، مرجع سابق.

[68] “الحرب الإسرائيلية على غزة.. كيف تلقي ظلالها على الاقتصاد الأردني؟”، تي أر تي عربي، 1/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/ypspvp7x

[69] “الحرب على غزة تنقل الأردن نحو موقع راديكالي”، مرجع سابق.

[70] “الأبعاد الاستراتيجية والإقليمية لعملية “طوفان الأقصى” والحرب الإسرائيلية على غزة”، معهد السياسة والمجتمع، 12/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/48p6wk5c  

[71] “خلفيات الموقف الأردني من العدوان الإسرائيلي على غزة ومحدداته”، مرجع سابق.

[72] “الأردن وطوفان الأقصى.. أبعاد التأثّر والتأثير”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022