تراقب روسيا عن كثب حالة التصعيد التي يشهدها قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي عليه في أعقاب الهجوم الذى نظمته حماس داخل مستوطنات غلاف غزة يوم السابع من أكتوبر 2023 (عملية طوفان الأقصى). إذ فوجئت روسيا كما غيرها من الدول بقوة الهجوم واتساع نطاقه، لكن ومع اتجاه الجانب الإسرائيلي لشن عدوانه على القطاع بدءًا من اليوم الرابع ومحاولاته فرض خطط من شأنها التهجير القسري لسكان القطاع تجاه المناطق الجنوبية منه، أو بدفعهم نحو “وطن بديل” خارج حدود غزة، بدأ الموقف الروسي ينتقل من مرحلة “المراقبة المتأنية” للحدث إلى مرحلة “التفاعل المحسوب” معه، فبدا الموقف الروسي يدين حماس وإسرائيل، لكنه في الوقت نفسه يبدو أكثر ميلًا للأولى، وانعكس هذا الموقف في الإدانة الرسمية من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية سيرجى لافروف لنمط معالجة الغرب للحدث وتطوراته[1]. وعليه تسعي هذه الورقة إلي الوقوف علي أبعاد الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة، ومحددات هذا الموقف، ومدي تأثير الموقف الروسي علي وقف هذا العدوان.
أولًا: أبعاد الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة:
يمكن الإشارة إلي أبعاد الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة كما يلي:
1- التصريحات الرسمية: اتسمت تصريحات المسئولين الروس في بداية الحرب بالترقب والتمهل، وصدر أول التصريحات من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في 7 أكتوبر 2023، والذي اكتفى بالقول: “روسيا تجري اتصالات مع إسرائيل وفلسطين ودول عربية، وتدعو أطراف الصراع إلى وقف إطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات”[2]. ثم علقت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بالقول: “نؤكد موقفنا المبدئي والثابت بأنه لا يمكن بوسائل القوة حل هذا النزاع المستمر منذ 75 عامًا، وفقط يمكن حله حصرًا بالوسائل السياسية والدبلوماسية، ومن خلال إقامة عملية تفاوضية كاملة على الأسس القانونية- الدولية المعروفة، التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش بسلام وأمن مع إسرائيل”. وأعتبرت “التصعيد الحالي نتيجة مباشرة للفشل المزمن في الامتثال للقرارات ذات العلاقة الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولقيام الغرب عمليًا بعرقلة عمل – رباعية الشرق الأوسط للوسطاء الدوليين التي تضم روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة”. ودعت الخارجية الروسية، الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى وقف فوري لإطلاق النار، ونبذ العنف، وممارسة ضبط النفس اللازم، وإقامة عملية تفاوض، بمساعدة المجتمع الدولي، تهدف إلى إقامة سلام شامل ودائم طال انتظاره في الشرق الأوسط[3].
كشفت هذه التصريحات الأولية حرص روسيا علي عدم مهاجمة أيًا من طرفي الصراع (إسرائيل وحماس)، مكتفية بوضع اللوم على الغرب. وربما كان ذلك نابعًا من رغبة روسيا في لعب دور الوساطة، خاصة وأنها تري نفسها وسيطًا فعالًا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لعدة أسباب، منها؛أنها دولة محايدة نسبيًا ليس لها مصالح مباشرة في الصراع مثل الولايات المتحدة، ولديها علاقات جيدة مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على حد سواء، ولديها خبرة طويلة في إدارة النزاعات والوساطة في مناطق أخرى مثل سوريا، وترغب في زيادة تأثيرها ودورها الإقليمي وهذا يتطلب النجاح في مهمة التوسط، وأن الإحباط الفلسطيني من دور الوساطة الأمريكية قد يفتح المجال لدور روسي بديل[4].
لكن حالة الترقب بدأت تتلاشى بالتدريج لدى المسؤولين الروس مع تصاعد وتيرة الحرب على غزة، وسقوط المدنيين الفلسطينيين بأعداد كبيرة. فخلال مؤتمر الطاقة الذي عقد في موسكو، في 11 أكتوبر 2023، انتقد الرئيس فلاديمير بوتين ما ينشر عن خطة إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، محملًا سياسة الاستيطان الإسرائيلية المسؤولية، ومعتبرًا أن أحد أسباب ما قامت به حركة حماس يعود إلى هذه السياسة، “فالأرض التي يعيش عليها الفلسطينيون هي تاريخيًا أرضهم”، حيث كان من المفترض إقامة دولة فلسطينية مستقلة[5]. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما شبه، في 13 أكتوبر، خلال مؤتمر صحفي في بشكيك عاصمة قرغيزستان، الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة بحصار ألمانيا النازية لمدينة لينينغراد الروسية خلال الحرب العالمية الثانية. وقال بوتين إن الحصار المحكم الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة الذي يعيش فيه أكثر من مليوني نسمة غير مقبول. محذرًا من أن شن إسرائيل عملية برية في غزة سيؤدي إلى زيادة الخسائر في صفوف المدنيين. وكرر بوتين انتقاداته السابقة للولايات المتحدة، قائلًا إن “المأساة الحالية هي نتيجة لفشل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط”[6].
فيما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة مع وكالة أنباء بيلاروسيا الرسمية “بيلتا” نشرتها في 28 أكتوبر 2023، إن القصف الإسرائيلي على غزة يتعارض مع القانون الدولي ويخاطر بالتسبب في كارثة يمكن أن تستمر لعقود. وقال لافروف “بينما نندد بالإرهاب، فإننا نرفض بشكل قاطع إمكانية الرد على الإرهاب من خلال انتهاك قواعد القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك الاستخدام العشوائي للقوة ضد أهداف من المعروف أن هناك مدنيين يتواجدون فيها، ومنهم الرهائن المحتجزون”. وأضاف أن من المستحيل القضاء على حماس، مثلما تعهدت إسرائيل، بدون تدمير غزة مع معظم سكانها المدنيين. وتابع “إذا تم تدمير غزة وطرد مليوني نسمة، مثلما يقترح بعض السياسيين في إسرائيل والخارج، فإن ذلك سيؤدي إلى كارثة لعقود عديدة، إن لم يكن لقرون”. وقال “لابد من التوقف والإعلان عن برامج إنسانية لإنقاذ السكان تحت الحصار”[7].
بينما أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في 22 نوفمبر 2023، أن إسرائيل لم تقدم أي دليل يثبت استخدام حركة حماس للمستشفيات في قطاع غزة لأغراض عسكرية، مضيفًا أن ضرب أهداف مدنية أخرى مثل المساجد، والكنائس، ومخيمات اللاجئين، ومواقع الأمم المتحدة التي يلجأ إليها النساء والأطفال في غزة هربًا من القصف يمثل انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي[8]. كما دعا نيبينزيا، في 27 فبراير 2024، إلى دراسة إمكانية فرض عقوبات من مجلس الأمن الدولي علي إسرائيل بسبب عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة[9].
بالنظر إلي هذه التصريحات الروسية يتضح أن موسكو قد امتنعت عن الإشارة إلى هجوم حماس في السابع من أكتوبر (عملية طوفان الأقصى) باعتباره عملًا “إرهابيًا”، ولم تعتبر موسكو حماس حركة “إرهابية”، بل اعتبرتها منظمة تحرير وطنية (وهذا اعتراف بحماس، وإقرار بحقها)، كما أنها رفضت التعامل مع حماس على أنها كيان منفصل عن الشعب الفلسطيني[10]. ورغم إدانة روسيا لهجوم حماس على المدنيين الإسرائيليين، إلا أنها وجهت اللوم للاحتلال الإسرائيلي على ممارساته، ورده غير المتناسب. كما انتقدت روسيا الدور الغربي لعدم ضغطه على إسرائيل من أجل تحقيق مطلب الدولة الفلسطينية المستقلة[11]، وإعطائه الشرعية لإسرائيل في استمرار عملياتها العسكرية بدون محاسبتها على قتل المدنيين واستهداف المؤسسات في قطاع غزة[12].
2- الاتصالات الدبلوماسية: بينما سارع قادة الدول الكبرى، وفي طليعتهم رئيس الولايات المتحدة إلى زيارة إسرائيل لإعلان دعم مطلق للعدوان المخطط له علي غزة عقب عملية “طوفان الأقصى”، فإن المسؤولين الروس لم يبادروا إلى اتخاذ خطوة مشابهة[13]. بل إن الرئيس بوتين لم يتصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلا بعد مرور عشرة أيام، في 16 أكتوبر 2023، معزيًا في ضحايا الهجوم، في خطوة متأخرة مقارنة بنظرائه من قادة الدول الغربية الذين توافدوا فورًا على إسرائيل للتضامن معها وتأييدها. وكذلك أبدى بوتين خلال الاتصال استعداده للمشاركة في علاج الأزمة بالوسائل السلمية، بينما أعلنت أغلب العواصم الغربية دعمها الكامل لشن حرب على غزة. كما لم تقم موسكو خلال هذه المكالمة ولا في أي اتصالات روسية رسمية بإدانة حماس أو الإشارة إليها كحركة “إرهابية”[14].
وإذا كان الرئيس بوتين انتظر أسبوعًا ليتصل بنتنياهو معزيًا، فإن نتنياهو انتظر شهرين ليجري اتصالًا هاتفيًا بالرئيس الروسي. وذكرت الصحافة الإسرائيلية أن رئيس حكومة إسرائيل أعرب خلال الاتصال عن شجبه الموقف الروسي من الحرب، ومواقف روسيا في الأمم المتحدة المعارضة لإسرائيل. كما لم يفته خلال الاتصال أن ينتقد بشدة التعاون الذي وصفه بالخطر بين روسيا وإيران. لكنه من ناحية ثانية، طلب من بوتين الضغط على اللجنة الدولية للصليب الأحمر فيما يتعلق بزيارة الأسرى وتزويدهم بالأدوية. أما بيان الكرملين، فكان عامًا كالعادة، وأشار إلى أن الطرفين ناقشا الحالة الصعبة التي وصلت إليها الأمور، وخصوصًا ما يتعلق بالأوضاع الإنسانية المتدهورة في قطاع غزة[15].
3- اللقاءات السياسية: أعلن الرئيس بوتين استعداد موسكو للوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس أن لا بديل من المفاوضات لحل الصراع. وقد تلقف كل من حركة حماس وإسرائيل هذه المبادرة، لكن كل وفق رؤيته؛ فقد أعلنت حماس ترحيبها بـ “الجهود الروسية الحثيثة الرامية إلى وقف العدوان الهمجي الممنهج على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة”. وثمنت موقف الرئيس الروسي من العدوان المتواصل ورفضه الحصار واستهداف المدنيين الآمنين[16]. أما في إسرائيل، فعلى الرغم من الامتعاض الواضح من المواقف الروسية، فإن المسؤولين الإسرائيليين لم يعلنوا صراحة رفض المبادرة الروسية، ربما أملًا في اختراق روسي لدى حماس يؤدي إلى الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لديها[17].
وعلى هذا الأساس، استقبلت موسكو، في 26 أكتوبر 2023، وفدًا رفيع المستوى من حركة حماس برئاسة رئيس مكتب العلاقات الدولية في الحركة موسى أبو مرزوق إلى موسكو، أجرى محادثات مع مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الروسية ركزت، بحسب وكالة الأنباء الروسية، على إطلاق المحتجزين الأجانب لدي حماس، وبينهم المواطنون الروس، وإجلاء المواطنين الأجانب من قطاع غزة، والمساعدة في الوصول إلى اتفاق لتبادل الأسرى باستخدام صلات روسيا مع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي[18].
وللمرة الثانية منذ اندلاع الحرب زار وفد من حركة حماس برئاسة موسى أبو مرزوق موسكو، في 19 يناير 2024، وفي حين جاء بيان الخارجية الروسية عامًا، فأشار إلى أن موسكو حثت على إطلاق الأسرى لدى حركة حماس، وأن التركيز انصب على الوضع الإنساني في غزة، ذكر بيان حماس أن وفدها أجرى مباحثات سياسية مع الخارجية الروسية حول سبل وقف إطلاق النار بما يحقق إنهاء العدوان على شعبنا الفلسطيني، وتوضيح موقف وسياسات الحركة للتعامل مع ملف الأسرى لدى المقاومة[19].
ولم تتوقف المبادرات الروسية في هذا الإطار، إذ دعت موسكو قادة الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح إلى إجراء محادثات في موسكو في 29 فبراير 2024، وأعلن نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف، أن المحادثات قد تمتد إلى الأول أو الثاني من مارس 2024[20]. وقد تم اللقاء بالفعل، وربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تجتمع فيها الفصائل الفلسطينية منذ 7 أكتوبر 2023، في خضم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة[21]. ويرى مراقبون أن روسيا تسعى لوساطة فلسطينية داخلية بين الفصائل من شأنها أن توحد الموقف الفلسطيني إزاء التطورات المتسارعة. وقد يكون الحديث عن الجهود لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة أحد هذه الأطر[22].
4- القرارات داخل مجلس الأمن: قدمت روسيا مشروع قرار إلى مجلس الأمن تضمن الدعوة إلى وقف إنساني دائم لإطلاق النار، وإدانة لكل أعمال العنف ضد المدنيين وجميع الأعمال الإرهابية، وتأمين إطلاق الأسرى، وتوفير المساعدات الإنسانية للقطاع، والسماح بإجلاء المدنيين الراغبين في ذلك. لكن مشروع القرار رفض في 16 أكتوبر 2023؛ فبينما صوتت روسيا والصين والجابون وموزمبيق والإمارات لصالح مشروع القرار، فقد صوتت ضده الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واليابان، بينما امتنعت بقية الدول عن التصويت وهي البرازيل ومالطا وألبانيا وسويسرا والإكوادور وغانا[23].
ثم قدمت روسيا مشروع قرار ثان بمجلس الأمن بعد فشل تمرير مشروع القرار السابق، يطالب بهدنة إنسانية تساعد في إيصال المساعدات الإنسانية من خلال إنشاء ممرات إنسانية للسماح للوكالات الإنسانية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية المحايدة بالوصول الكامل والسريع والآمن ودون عوائق إلى جميع المناطق المتضررة في القطاع وفقًا للقانون الإنساني الدولي، بهدف توفير السلع والخدمات الأساسية المهمة لحياة السكان المدنيين في قطاع غزة، بما في ذلك المياه والكهرباء والوقود والغذاء، والإمدادات الطبية. وتضمن القرار إدانة كافة أعمال العنف والأعمال العدائية ضد المدنيين، إلا أن مشروع القرار رفض في ٢٥ أكتوبر 2023؛ بسبب معارضة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة [24].
كما استخدمت روسيا حق النقض “الفيتو” في جلسات مجلس الأمن بدافع تعطيل مشاريع القرارات التي تمنح إسرائيل الحق بالدفاع عن نفسها، وإنكار حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، ناهيك عن رفض القرارات التي تصنف حركة المقاومة حماس كمنظمة “إرهابية”، أو اتهامها باستهداف المدنيين، أو تلك التي تدعو إلى استمرار الحرب وترفض وقف إطلاق النار[25]. وفي هذا السياق؛ استخدمت موسكو رفقة بكين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته مالطا يدعو لهدن إنسانية في غزة ويدين حماس، بحجة أنه غير متوازن[26]. وفي 25 أكتوبر 2023 استعملت روسيا حق النقض (الفيتو) ضد القرار الأميركي الداعم لإسرائيل ولحقها في الدفاع عن النفس[27].
وفي ديسمبر 2023 استخدمت الولايات المتحدة حق “الفيتو” مسقطة تعديلًا اقترحته روسيا على مشروع قرار إماراتي يتعلق بغزة. واعتبر مندوب روسيا في الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة “استحوذت على المناقشات والمفاوضات بشأن قرار الإمارات العربية المتحدة وراء الكواليس وأفرغت القرار من جوهره”، وأشار إلى إصرار الولايات المتحدة على استخدام عبارة ماكرة خطرة تنص على “تهيئة الظروف للوقف المستدام للأعمال القتالية”، وهي تعني “منح إسرائيل الحرية للقيام بمزيد من القصف العشوائي غير المحدود وغير المقيد للبنية التحتية المدنية وللسكان المدنيين في غزة”. واعتبر أن من سيصوت على القرار سيكون متواطئًا ومسؤولًا عن تدمير غزة[28].
وعلي مستوي الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد أيدت روسيا مشروع القرار العربي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية كبيرة، في 27 أكتوبر 2023 بشأن هدنة إنسانية فورية دائمة في غزة ومستدامة تفضي إلى وقف الأعمال العدائية، وتوفير السلع والخدمات الأساسية للمدنيين في شتى أنحاء غزة فورًا وبدون عوائق. وقد أيد القرار 121 دولة، وعارضته 14 دولة فيما امتنعت 44 دولة عن التصويت، وذلك من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة[29].
5- المساعدات الإنسانية: أعلنت وزارة حالات الطوارئ الروسية، في 19 أكتوبر 2023، عن تقديم 27 طنًا من المساعدات الغذائية إلى المدنيين في قطاع غزة عبر معبر رفح المصري، وأفاد إليا دينيسوف نائب وزير الطوارئ الروسي في بيان أن طائرة خاصة أقلعت من مطار رامينسكوي قرب موسكو باتجاه مطار العريش في مصر، وسيتم تسليم المساعدات الإنسانية إلى ممثلين عن الهلال الأحمر المصري ليتم إرسالها إلى قطاع غزة[30].
6- التغطية الإعلامية: كان من الملاحظ إشارة الصحف والمحللين الروس عقب عملية “طوفان الأقصى” إلي أن السبب الأساسي لاندلاع المواجهات العنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين يعود إلى إهمال القضية الفلسطينية بل نسيانها، معتبرين أن حماس أعادت تذكير العالم بأن تجاهل القضية الفلسطينية لا يعني انتهاءها. وأن هذا التجاهل الدولي كان قائمًا حتى قبل الصراع الأوكراني وجائحة كوفيد-19 والاضطرابات الاقتصادية اللاحقة، لكن ذلك ترافق حتى بعدم الاهتمام للجانب الإنساني من الصراع وقتل مدنيين فلسطينيين خلال عمليات الجيش الإسرائيلي ضد قادة حماس وغيرها من الفصائل، وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أيضًا كأحد أسباب الحرب الحالية[31]. وتظهر التغطية الإعلامية الروسية للحرب ميلًا واضحًا مؤيدًا للفلسطينيين وكاشفًا عن المعاناة الإنسانية مقارنة بانحياز تغطية وسائل الإعلام الغربية لصالح رواية الاحتلال[32].
جدير بالذكر هنا، أن فريق قناة “آر تي” الروسية قد نشر فيديو له، في يونيو 2021، من داخل أنفاق سريا القدس في غزة، ورصد من عمق ستين مترًا تحت الأرض طبيعة عمليات الحفر وترميم ما دمرته الحرب الإسرائيلية علي غزة في مايو 2021. ونقل الفيديو عن قياديين في وحدة النخبة أن السرايا جاهزة لأي حرب مع إسرائيل وأن الانفاق هذه تحمل وظيفة هجومية[33].
7- التجاوب مع الرفض الشعبي: استجابت روسيا لمواطنيها الروس المسلمين في دول القوقاز، من بين أولئك الغاضبين من الجرائم الإسرائيلية في غزة، الذين رفضوا لجوء الإسرائيليين إلى مناطقهم (في داغستان وخلافها من الجمهوريات في القوقاز). حيث قامت روسيا بإعادة الإسرائيليين إلى حيث أتوا من دون أن تتعرض لمواطنيها، وذلك عقب سماحها للمسلمين الغاضبين لاقتحام مطار محج قلعة الدولي، عاصمة جمهورية داغستان الفيدرالية الروسية، في 29 أكتوبر 2023، بعد هبوط طائرة مدنية قادمة من تل أبيب تقل مجموعة ممن يسمون “يهود الجبل”، وهم يهود منطقة شمال القوقاز، الذين هاجروا بعد الحرب على أوكرانيا[34].
وفي ظل هذه المواقف الروسية، فقد شكرت حماس موقف روسيا الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، والجهود التي تبذلها مع الأطراف المعنية بهدف وقف إطلاق النار وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وبادرت فعلًا إلى إطلاق ثلاثة أسرى يحملون الجنسية الروسية خلال عملية التبادل مع إسرائيل، في بادرة شكر وتقدير لمواقف بوتين.
أما إسرائيل فسارعت إلى إدانة زيارة وفد حماس إلي روسيا، واعتبرت أنها تضفي شرعية على ما وصفته بالفظائع التي يرتكبها “إرهابيو” حماس، ودعت الحكومة الروسية إلى طردهم فورًا[35]. واستتبع بيان الإدانة باستدعاء السفير الروسي في إسرائيل للاحتجاج على الخطوة الروسية[36].
بينما اتهم المندوب الإسرائيلي الدائم بالأمم المتحدة جلعاد إردان موسكو – في رده علي المندوب الروسي الدائم بالأمم المتحدة – بما اعتبره “استغلالها هجوم حماس لتحقيق أغراضها الأنانية في محاولة لصرف انتباه العالم عن غزوها لأوكرانيا”، واصفًا روسيا بأنها “الدولة الأخيرة التي لها الحق في تعليم إسرائيل الأخلاق”[37].
فيما تعالت أصوات بإسرائيل تدعو إلى تغيير سياستها تجاه موسكو، والتعامل مع روسيا كخصم، وضرورة توحيد المواقف مع الغرب في حرب أوكرانيا، والبدء في تقديم أسلحة إلى كييف[38]. وفي هذا السياق؛ يمكن تفسير موافقة إسرائيل على استقبال الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بعد أن رفضت استقباله بداية بحجة أن “التوقيت غير مناسب”[39].
ثانيًا: محددات الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة:
تتمثل المحددات المؤثرة في الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة في:
1- الرؤية الروسية لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي: تستند روسيا في بناء موقفها من الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي بصفة عامة إلي قرارات الشرعية الدولية (الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة)، والمبادرة العربية للسلام عام 2002، وخريطة الطريق التي كانت اللجنة الرباعية المؤلفة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة (تم تشكيلها عام 2002) قد اقترحتها كقاعدة استناد لأي تسوية محتملة بين الطرفين، وانطلاقًا مما تتضمنه هذه الوثائق، فإن روسيا تدعم تطبيق “حل الدولتين”، وقيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلي جنب مع دولة إسرائيل علي أساس حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية[40].
وبناءً علي ذلك؛ فإن روسيا تري أن ما جرى يوم 7 أكتوبر 2023 هو نتيجة انسداد الأفق السياسي، وفشل المفاوضات التي انفردت برعايتها الولايات المتحدة الأمريكية. وفي ظل إدراك روسيا بأنها لن تكون وسيطًا مقبولًا من جانب الغرب وإسرائيل في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فقد أعلنت روسيا عن دعمها عقد “مؤتمر دولي للسلام” يمكن من خلاله إطلاق جهد دولي منسق، وفق جدول زمني واضح، لإطلاق عملية سلام على مبدأ “الأرض مقابل السلام”، ومبادرة السلام العربية عام 2002؛ بغرض إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، والجولان السوري، وباقي الأراضي اللبنانية المحتلة[41].
2- العلاقة مع حماس: فمنذ فترة طويلة تحافظ موسكو على علاقات معتبرة مع حماس التي تسيطر على غزة؛ كونها فازت بالانتخابات البرلمانية الفلسطينية عام 2006، وسيطرت على غزة بعد اقتتال مع السلطة الفلسطينية لاحقًا. وفي حين صنفت دول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي حماس كحركة “إرهابية”، وفي حين أعلنت بعض الدول مثل أستراليا ونيوزيلندا، تصنيفها الجناح العسكري لحماس – كتائب عز الدين القسام – كمنظمة “إرهابية”، إلا أن روسيا لم تعلن قط تصنيف أي من جناحي حماس (السياسي والعسكري) كجماعة “إرهابية”، وبدلًا من ذلك حرصت على لقاء قادة حماس من أجل توحيد الفصائل الفلسطينية المختلفة تمهيدًا لاستئناف عملية السلام وتعزيز “حل الدولتين”.
وعلى مر السنين شقت بعض الأسلحة الروسية الصنع، مثل الأسلحة المضادة للدبابات والصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف طريقها إلى غزة عبر إيران على الأرجح[42].
يضاف ذلك إلى ما نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية حول قيام شركة تداول عملات مشفرة روسية بالمساعدة في نقل الأموال إلى حركة حماس، وهي شركة متخصصة في مساعدة روسيا على تجاوز العقوبات الدولية[43].
وتعتبر العلاقات بين روسيا وحماس مفيدة للطرفين؛ حيث يضفي كل منهما الشرعية على الأهداف السياسية للآخر ويصطفان للوقوف ضد الولايات المتحدة التي تقف وراء كل من إسرائيل وأوكرانيا. فبينما تستفيد روسيا من تزايد حضورها ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط من خلال العلاقات الدبلوماسية مع حماس، تستفيد حماس من الدعم السياسي من روسيا باعتبارها عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولأنها تقدم الحركة على أنها موضع ترحيب في واحدة من أهم العواصم في العالم[44].
3- العلاقة مع إسرائيل: مع اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022، ظهرت بوادر توتر في العلاقات الروسية- الإسرائيلية انطلاقًا من دعم إسرائيل للرؤية الغربية تجاه الحرب في أوكرانيا، وتحول تل أبيب لملاذ للمعارضين الروس، والسماح لعدد من الخبراء الإسرائيليين بالتطوع للقتال بجانب الأوكرانيين[45]، والتعاون مع أوكرانيا في أنظمة التشويش لإسقاط الطائرات المسيرة، وإرسال حوالي 300 ألف قذيفة من عيار 155 ملم لأوكرانيا[46]، مرورًا بتعمق العلاقات الإيرانية الروسية على وقع التعاون بين البلدين، في مواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليهما، وتقديم طهران طائرات مسيرة لروسيا في حربها ضد أوكرانيا[47]، حيث هنالك قلق إسرائيلي من أن التقارب الإيراني الروسي قد يؤدي إلى تعميق التعاون بين البلدين في المجال العسكري وتطوير القدرات الإيرانية، أو تزويد إيران بمنظومات دفاعية روسية متطورة تعيق على إسرائيل تنفيذ هجمات مستقبلية على المشروع النووي الإيراني، أو أن يؤدي هذا التعاون إلي خروج روسيا عن الموقف الدولي الرافض لتطور المشروع النووي الإيراني عسكريًا[48].
وقد برز أول مظاهر التوتر في عهد الحكومة الإسرائيلية السابقة عقب تصريح وزير الخارجية يائير لبيد في أبريل 2022 بأن روسيا ترتكب جرائم حرب في أوكرانيا. وردت عليه الخارجية الروسية ببيان مطول قالت خلاله إن تصريحاته مرفوضة “وتحاول استغلال الوضع حول أوكرانيا لتحويل أنظار المجتمع الدولي عن معاناة أكثر من 2.5 مليون فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية، فضلًا عن معاناة سكان قطاع غزة في سجن مفتوح منذ 14 عامًا تقريبًا، حيث تواصل إسرائيل أطول احتلال في تاريخ العالم”.
والشهر التالي دعت موسكو وفدًا من حماس بقيادة موسى أبو مرزوق لزيارتها، ثم استقبلت رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، كما قررت وزارة العدل تعليق أنشطة الوكالة اليهودية بالبلاد، وبحث حل فرعها بحجة جمعه معلومات بشكل غير قانوني عن المواطنين الروس[49]. ولكن السبب الرئيسي يعود إلي أن المؤسسة الدينية اليهودية الرسمية في روسيا، التزمت الصمت تجاه الحرب الروسية- الأوكرانية، ورغم قبول السلطات الروسية لموقفها الحيادي، وإن كان سلبيًا في غير صالحها، إلا أنها فوجئت بخروج حاخام موسكو الأكبر بنحاس غولدشميت، من البلاد، ومعارضته لبوتين، وطلبه من اليهود الروس مغادرة البلاد، والهجرة إلى إسرائيل.
وبالتالي، فقد وفرت عملية “طوفان الأقصى” فرصة مثالية لموسكو، لرد “الصفعة” التي تلقتها لتل أبيب، عبر التصريحات التي تم ذكرها سابقًا، واستقبال وفد حماس[50].
4- العلاقة مع إيران: فمن الطبيعي أن يتأثر الموقف الروسي بموقف حليفتها إيران التي تدعم حماس، إذ تجمع بين موسكو وطهران مصالح عديدة مشتركة، وإذا كانت الأزمة السورية قد فتحت باب التعاون والتنسيق المشترك على مصراعيه، وهو ما ساهم في الحفاظ على النظام في سوريا، فإن حرب روسيا على أوكرانيا أتاحت مزيدًا من التعاون بين الطرفين في مجالات عديدة. فسياسيًا، أيدت إيران ودعمت وجهة النظر الروسية في حربها على أوكرانيا، وعسكريًا قدمت دعمًا لا يستهان به، وخصوصًا عندما بدأت تزويد روسيا بمسيرات متطورة. يضاف إلى هذين العاملين، عامل اقتصادي مهم، إذ طور الطرفان مستوى التبادل التجاري بينهما، في ظل عقوبات مفروضة دوليًا عليهما[51].
ناهيك عن استفادة روسيا من علاقتها مع طهران في حماية مصالحها في المنطقة، وعدم تهديدها من قبل المليشيات المدعومة من إيران. وفي هذا السياق؛ ذكرت وكالة “بلومبيرغ نيوز”، في 21 مارس 2024، أن الحوثيين في اليمن أبلغوا الصين وروسيا بأن سفنهم يمكنها الإبحار عبر البحر الأحمر وخليج عدن دون التعرض لهجمات. وذلك بعدما بدأ الحوثيين في استهداف السفن الإسرائيلية، أو تلك المتجهة إلى موانئ الاحتلال، ولاحقًا باتت تستهدف سفنًا بريطانية وأمريكية[52].
5- العلاقة مع الدول العربية: توفر الحرب الإسرائيلية علي غزة الفرص لروسيا – والصين – لممارسة دور متزايد في المنطقة من خلالالاستمرار في تعزيز علاقات دول إقليمية مع روسيا – والصين -، باعتبار أن هذه العلاقات باتت مهمة وتوفر بدائل لدول المنطقة في ظل مواقف الغرب في هذه الأزمة والتي اعتبرتها حكومات عربية منحازة بشكل غير مسبوق. حيث كانت هناك ضغوط غربية على بعض الدول العربية من أجل قبول تهجير أهل غزة إلى تلك الدول مزعجة إلى أقصى حد، وأظهرت عدم اهتمام الغرب بالاعتبارات الأمنية الداخلية لحلفائه، وأنه مستعد لحل مشكلة الاحتلال الديمغرافية دون اكتراث بمصالح باقي الدول. كما أن الموقف الغربي إزاء الوضع الإنساني في غزة جعل مسؤولين في دول عربية حليفة لواشنطن مقتنعين أن الغرب لا يكترث لحياة المدنيين فقط لأنهم عرب، بينما روسيا والصين أظهرتا جدية أكثر إزاء دعم دعوات وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية والمواد الغذائية إلى غزة[53].
ومن جانب آخر، فإذا أصبح التطبيع الإسرائيلي السعودي – الذي عملت واشنطن من أجله بلا كلل خلال الأشهر الأخيرة – ضحية للحرب الأخيرة بين إسرائيل وحماس، فإن موسكو ستحقق فوزًا إضافيًا. لقد اعتبرت روسيا أن الدبلوماسية الإقليمية الناشئة عن اتفاقيات أبراهام بمنزلة مشروع أمريكي يهمش روسيا[54].
6- العلاقة مع الغرب: توفر حرب إسرائيل علي غزة فرصة كبيرة لروسيا في حربها علي أوكرانيا، ومواجهتها مع الغرب من عدة جوانب:
أ- إعلاميًا: حيث تأتي الحرب الإسرائيلية علي غزة في صدارة اهتمامات وسائل الإعلام العالمية بصفتها النقطة الأكثر سخونة في العالم، ما يجعل الحرب في أوكرانيا تأتي في مرتبة أقل أهمية علي مسرح الأحداث الدولية[55].
ب- سياسيًا: حاولت روسيا إظهار ازدواجية المعايير التي تنتهجها الولايات المتحدة والمنظومة الغربية داخل المنظمات الدولية مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وخاصة فيما يتعلق بقضايا دول الجنوب العالمي ومقارنة ذلك برد فعلها تجاه الحرب في أوكرانيا، ومن ثم، تعمل روسيا وفق هذا السياق على كسب مزيد من الشعبية والنفوذ في العالمين العربي والإسلامي، بما يعزز توجهاتها الخاصة بضرورة بناء نظام عالمي جديد كبديل للنظام الحالي المهيمن عليه غربيًا بقيادة أمريكية.
بجانب ذلك، ترى روسيا في الحرب الجارية في غزة مؤشرًا على اتساع المأزق الغربي في التعامل مع الأزمات الإقليمية، وفرصة لتجديد حضورها المؤثر في هذه الأزمات.
كما تحاول روسيا استمالة الجنوب العالمي من خلال تقديم نفسها على أنها نقيض للولايات المتحدة وتحاول تعزيز قوتها الناعمة في الشرق الأوسط والجنوب العالمي من خلال تقديم نفسها على أنها مناصرة للقضية الفلسطينية[56] مقابل تحيز واشنطن لإسرائيل، والظهور على أنها صانعة سلام مقابل الغرب الاستعماري صانع الحروب[57].
كذلك سنحت الفرصة لموسكو كي تحرز بعض النقاط لكسب الشعبية في المنطقة في حربها علي أوكرانيا، لا سيما وقد انحازت كييف انحيازًا صارخًا لدولة الاحتلال، وكانت من أوائل الدول التي أدانت هجمات حماس، وهو ما ساهم في نشر مشاعر سلبية تجاه أوكرانيا، حتى في صفوف العرب الذين تعاطفوا معها سابقًا. حيث قال الرئيس الأوكراني في خطاب يوم 9 أكتوبر 2023 “إن حماس وروسيا هما صنف الشر نفسه، والفرق الوحيد هو أن إحداهما منظمة إرهابية هاجمت إسرائيل، والأخرى دولة إرهابية هاجمت أوكرانيا”.
إن السقوط الأخلاقي الكبير للدول الغربية لا يؤدي فقط إلى تآكل شرعيتها على المسرح الدولي، بل إلى غضب كبير حيال القضايا التي ينحاز لها الغرب مثل القضية الأوكرانية، وانهيار التعاطف الجزئي الذي حازته كييف قبل السابع من أكتوبر، وهي هدية لروسيا على مستوى الرأي العام العالمي تقوض الدعاية الأوكرانية، خاصة أن العدد الأكبر من دول العالم الثالث منحاز لفلسطين، بدءًا من معظم دول أميركا اللاتينية وأفريقيا، مرورًا بالدول العربية والإسلامية، وصولًا إلى الصين[58].
ج- عسكريًا: ساهمت هذه الحرب في توجيه جهود الدعم العسكري الغربي إلى جيش الاحتلال، مما أعاق جزئيًا تدفق الأسلحة والذخائر إلى أوكرانيا[59]. فعلى الرغم من أن الأصوات كانت قد بدأت ترتفع في الولايات المتحدة مطالبة بتقليص المساعدات لأوكرانيا قبل الحرب على غزة، فإن هذه الحرب سرعت القرار الأمريكي، وفي نوفمبر 2023 أعلن البيت الأبيض تخفيض حزم هذه المساعدات بسبب نفاد المخصصات التي حددها الكونغرس، حيث أعادت الولايات المتحدة توجيه عشرات الآلاف من القذائف التي كان من المفترض أن تذهب إلى أوكرانيا، وأرسلتها إلى دولة الاحتلال[60].
وفي 16 نوفمبر 2023، قال الرئيس الأوكراني “فلاديمير زيلينسكي” إن الإمدادات العسكرية الأميركية المخصصة لبلاده في حربها مع روسيا قد انخفضت، ثم صرح البرلماني الأوكراني “يهور تشرنييف” قائلًا: “إن الوضع صعب جدًا، وكثافة القصف من جانبنا تقل أكثر وأكثر بسبب نقص الذخيرة”[61]. وفي ديسمبر 2023 رفض الكونغرس الموافقة على تقديم مزيد من المساعدات لأوكرانيا قبل أن تقدم الأخيرة استراتيجية واضحة لانتصارها في الحرب[62].
علاوة على ذلك، انشغل الاتحاد الأوروبي نفسه بالتفاعل السياسي مع حرب غزة والانحياز إلى الاحتلال، وتوارت القضية الأوكرانية نسبيًا رغم مركزيتها للأمن الأوروبي، في حين أعلن الاتحاد الأوروبي بأنه قد يعجز عن الوفاء بالتزاماته التسليحية لأوكرانيا[63].
وجاء سقوط مدينة أفيديفكا الأوكرانية ليهدي فوزًا ثمينًا للرئيس بوتين الذي اعتبره نصرًا مهمًا، بينما اعتبرت مصادر أميركية أن الهزيمة الأوكرانية هي نتيجة نقص الذخيرة[64]. ويواصل الجيش الروسي التقدم في دونباس بشرق أوكرانيا، حيث وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، في 19 مارس 2024، أن قواتها “حررت بلدة أورليفكا” و”حسنت” مواقعها في المنطقة[65].
هذا فضلًا عن الضربات التي تتعرض لها القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا والعراق، والمواجهات العسكرية مع الحوثيين في اليمن.
د- اقتصاديًا: قد تجد روسيا في الحرب علي غزة فرصة لإعاقة تنفيذ مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، الذي تم الإعلان عنه في قمة دول العشرين في سبتمبر 2023، والذي يعتبر منافسًا لمبادرة الحزام والطريق الصينية، ويمكن أن يسهم أيضًا في نقل الغاز إلى أوروبا بما يشكل بديلًا للغاز الروسي[66]. كما أن هذا المشروع سيمثل تحديًا لممر النقل بين الشمال والجنوب، الذي يهدف إلي بناء شبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية وخطوط الملاحة البحرية بهدف تعزيز النقل والتجارة بين روسيا وإيران والهند والقوقاز ودول آسيا الوسطى؛ حيث يربط عبر الأراضي الإيرانية بين عاصمة روسيا الشمالية، مدينة وميناء سان بطرسبورج المطلة على خليج فنلندا في بحر البلطيق، والعاصمة المالية والتجارية للهند مومباي (بومباي). كما يُفترض مستقبلًا بناء خطوط مواصلات فرعية تربط الممر بشرق ووسط أوروبا[67].
هذا فضلًا عن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 6%، وارتفاع أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 40% بعد عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر، وهو ما يفيد روسيا التي باتت تعتمد اقتصاديًا علي تصدير النفط والغاز، وبالتالي هذه الزيادة ستدعم الاحتياطي النقدي الروسي مما سيساعد في تحسن الاقتصاد الروسي المتعثر، وفي مواصلة تمويل آلتها الحربية، وكل هذا سيعزز الموقف العسكري لموسكو في كييف[68].
ثالثًا: حدود الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة:
علي الرغم من هذا الموقف الروسي المتقدم والداعم – دبلوماسيًا – لحماس والمنتقد لإسرائيل، إلا أن تأثير هذا الموقف يبدو محدودًا للغاية، ويكشف عن عدم قدرة، وربما عدم رغبة روسيا في إنهاء هذا العدوان الغاشم. ويمكن تفسير محدودية هذا التأثير الروسي كما يلي:
1- رفض الدول الغربية وإسرائيل لقيام روسيا بدور الوساطة في الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، حتي لا يكون ذلك مدخلًا لزيادة حضورها وتأثيرها في المنطقة.
2- أن روسيا مرهقة من الناحية الاقتصادية والعسكرية؛ ولهذا قد لا تغامر بالانخراط – الحقيقي والمؤثر – في نزاع جوهري بالنسبة للغرب، من شأنه أن يؤلب الدول الغربية ضدها بشكل كبير، سواء بتصعيد جديد في أوكرانيا الأهم بالنسبة لروسيا، أو بمزيد من العقوبات[69].
كما أن روسيا تعتبر أحد المستفيدين من الصراع الراهن – كما وضحنا أعلاه – ما يجعلها تفضل استمرار الصراع لأطول فترة ممكن دون توسعته، خاصة وأنه من المؤكد أن الصراع الأوسع لن يشمل لبنان فحسب، بل سوريا أيضًا حيث تدعم القواعد الجوية والبحرية التي تسيطر عليها روسيا بسط قوة موسكو في شرق البحر المتوسط وإفريقيا، ومع تخصيص معظم قواتها العسكرية وأجهزتها العاملة لأوكرانيا، لن يكون لدى روسيا النطاق اللازم للتورط في حريق أكبر في الشرق الأوسط[70].
3- لن تغامر موسكو بالدخول بقوة في صراع أزلي بالنسبة لدول المنطقة، ولا تضمن فيه أيضًا التفاف عربي وإسلامي حول تدخلها[71]، خاصة وأن روسيا – وغيرها من الدول – تدرك أن هناك رغبة من قبل بعض الدول العربية في أن تسفر هذه الحرب عن القضاء علي حركة حماس، ما يجعل هذه الدول أقل رغبة في الضغط علي إسرائيل لإنهاء الحرب رغم ما تقوم به من مجازر في حق الشعب الفلسطيني.
4- تسعى كل من روسيا وإسرائيل للحفاظ على علاقات غير متوترة بينهما، لعدة أسباب، أبرزها؛ المواطنون اليهود في روسيا واليهود الروس في إسرائيل، فقد تقاطر المهاجرين اليهود من روسيا إلى إسرائيل عقب تفكك الاتحاد السوفيتي ما ساهم في تعزيز العلاقات المجتمعية بين الطرفين، حيث بلغ عددهم نحو مليون مهاجر، مما جعل الروسية هي اللغة الرابعة في إسرائيل بجوار العبرية والعربية والإنجليزية. وربما ذلك ما يفسر لماذا كانت قضية الأسري الذين يحملون الجنسية الروسية لدي حماس تمثل أولوية لدي روسيا، ولماذا كان هو الملف الوحيد الذي تم تحقيق إنجاز فيه من جانب روسيا.
ولم تنزعج إسرائيل من التدخل الروسي العسكري في سوريا عام 2015، حيث وجدت فيه فرصة لانخراط موسكو كلاعب ملتزم في المعادلة الإقليمية الأكبر لديه القدرة على ضبط إيقاع الصراع، ومنع سقوط هذا البلد في يد المعارضة الإسلامية، فضلًا عن قدرته على منع انتشار عناصر حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني جنوب سوريا قرب الجولان المحتل. وهذه الاعتبارات تطلبت تعزيز قنوات الاتصال العسكرية والدبلوماسية بين إسرائيل وروسيا لمنع الاشتباك بينهما، وللسماح للطيران الإسرائيلي بشن غارات على أهداف إيرانية داخل سوريا.
كذلك، راودت الآمال تل أبيب في أن تتمكن من توظيف العلاقات المتطورة مع موسكو للضغط على طهران لكبح توسع نفوذها الإقليمي، ووقف برنامجها النووي[72]. فيما رأت روسيا أن العلاقات الجيدة مع إسرائيل يمكن أن تساهم في خلق قناة خلفية عند وجود خلافات مع الولايات المتحدة[73].
ورغم أن الحرب الروسية على أوكرانيا، في فبراير 2022، أربكت العلاقة بين الدولتين، لكن سرعان ما ظهر نوع من التفاهم بين روسيا وإسرائيل رسم خطوط المعادلة العسكرية في المنطقة، بحيث تحتفظ إسرائيل بحرية مهاجمة مواقع تابعة لإيران وحلفائها في سورية من دون أن تمس العلاقة مع روسيا. وفي المقابل، تضمن روسيا عدم ذهاب إسرائيل بعيدًا في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، أو الانضمام للعقوبات الغربية علي روسيا[74]. حيث تمتنع إسرائيل عن توريد أنظمة الدفاع الصاروخي لأوكرانيا مثل القبة الحديدية، فيما تمتنع روسيا عن تزويد سوريا وإيران بأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز “إس 300″ و”إس 400” التي يمكنها عرقلة حرية تحليق الطائرات الإسرائيلية في الأجواء السورية[75].
وعلى الرغم من بعض المناوشات السياسية التي اعترت العلاقة الروسية – الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب في أوروبا، فإن العلاقات بين الطرفين حافظت على وتيرة مستقرة إلى حد ما[76]. ويمكن وضع رفض إسرائيل استقبال الرئيس الأوكراني، زيلنسكي، على غرار الزعماء الغربيين الذين توافدوا إلى إسرائيل بعد عملية “طوفان الأقصى” في خانة عدم الإخلال بالتفاهمات مع روسيا. وكشفت أنباء صحافية أنه تم إبلاغ زيلنسكي بأن “الوقت غير مناسب لزيارته”[77].
بينما استغلت إسرائيل حربها على غزة لتوجه أصابع الاتهام إلى إيران محملة إياها مسؤولية دعم ومساعدة حماس، ولتشن مزيدًا من الهجمات في العمق السوري، ومستهدفة قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني. بينما ظل الموقف الروسي محافظًا على أطر التفاهم بين الطرفين. وفي هذا دلالة على أهمية التنسيق القائم بين روسيا وإسرائيل فيما يتعلق بمصالحهما في المنطقة، ولو أدى ذلك إلى امتعاض إيراني[78].
جدير بالذكر هنا، أنه قبل بضع أسابيع من عملية “طوفان الأقصى”، كان السفير الإسرائيلي لدى موسكو وقع، في سبتمبر 2023، اتفاقية للتعاون في مجال السينما مع وزيرة الثقافة الروسية، وهو ما حظي حينها بتنديد رسمي من الخارجية الأميركية. واعتبرت الاتفاقية بمثابة تأكيد من تل أبيب على حرصها على عدم تأثر علاقتها بموسكو سلبًا على وقع الحرب في أوكرانيا، وبرهان على تجاهلها للضغوط الغربية بعزل روسيا دوليًا[79].
5- تناقض الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة مع عدوانها علي أوكرانيا، ومساعدة ديكتاتور (بشار الأسد في سوريا) في القضاء على شعبه. وإن كانت هذه الازدواجية ليست حكرًا على روسيا، فهي ظهرت عند الأوكرانيين الذين يواجهون الاحتلال الروسي، لكنهم يدعمون استخدام القوة الإسرائيلية المفرطة ضد الفلسطينيين. وظهرت أيضًا عند الغرب الذي يقاتل روسيا في أوكرانيا، بينما يقدم الدعم العسكري لإسرائيل التي تقوم باستخدامه في إبادة الشعب الفلسطيني[80].
وفي هذا السياق؛ يمكن تفسير لماذا لم تحظ، على سبيل المثال، مبادرة جنوب أفريقيا لمحاسبة تل أبيب على حرب الإبادة أمام محكمة العدل الدولية باهتمام ملحوظ من موسكو – وبكين -، فيما تجندت دول أقل وزنًا للوقوف إلى جانب هذه المبادرة. وفي الحملة الإسرائيلية لتصفية وكالة الغوث (أونروا)، الشاهدة على جريمة التشريد الفلسطيني القسري عام 1948، لم تبد روسيا والصين اهتمامًا بهذه المسألة، علمًا أن الوكالة تقوم حاليًا بدور قوي لإغاثة أبناء غزة، ولعل السبب أن البلدين لا يسهمان في ميزانية هذه الوكالة الأممية، علمًا أن المساهمة المالية في هذه الوكالة تحمل مغزى سياسي ومعنوي غير خاف[81].
الخلاصات والاستنتاجات:
1- يتركز الموقف الروسي من العدوان الإسرائيلي علي غزة علي لعب دور الوساطة، والاحتكام إلى القوانين الدولية، بالإضافة إلى موقفها الثابت إزاء القضية الفلسطينية بتأييد حل الدولتين ونيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في إطار من الدبلوماسية الهادئة ترضي الفلسطينيين، ولا تغضب إيران، وتبقي على شعرة معاوية مع الإسرائيليين[82].
2- لا تملك روسيا حاليًا أدوات حقيقية على الأرض لتقديم دعم للفلسطينيين (حال كان لديها النية)، وجل ما تستطيع القيام به، إطلاق التصريحات المناهضة للغرب ومعاييره المزدوجة، ومكايدة إسرائيل، عبر عدة تصريحات استفزازية تنال بها شعبية في العالم العربي، إلى جانب الدعم السياسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن[83].
3- تفضل روسيا إطالة أمد الحرب في غزة دون اتساع نطاقها، إذ إن استمرار الحرب يمكن أن يؤدي إلى تخفيض المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا، بينما تحول الصراع إلى حرب واسعة في الشرق الأوسط وفي ظل الدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل ربما يدفع روسيا المنهكة عسكريًا للميل نحو دعم إيران، الأمر الذي لا يخدم موسكو في حربها مع كييف وفي علاقتها مع إسرائيل[84].
[1] “روسيا وحرب غزة.. الدور المتوقع وحدوده”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 25/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/wj8j8v3v
[2] ” روسيا تدعو إسرائيل وفلسطين لخفض التصعيد”، سبوتينك عربي، 7/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3a4fcjr4
[3] ” الخارجية الروسية تعلق على التصعيد الحاد: الحل دبلوماسي فقط بإقامة دولة فلسطينية مستقلة”، RT عربي، 7/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mb43jy9m
[4] “قراءة في الموقف الروسي من التصعيد الجاري بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية”، المرصد المصري، 12/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mnnrnwby
[5] “بوتين: الأرض التي يعيش عليها الفلسطينيون هي تاريخيا أرضهم”، العربية نت، 11/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4wbxda4b
[6] “بوتين يشبّه الحصار الإسرائيلي لغزة بالحصار النازي للينينغراد”، الجزيرة، 13/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/y9s7zvf5
[7] ” روسيا: القصف الإسرائيلي على غزة مخالف للقانون الدولي”، سكاي نيوز عربية، 28/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3m97mbnk
[8] “مندوب روسيا: إسرائيل لم تقدم دليلا على استخدام “حماس” للمستشفيات لأغراض عسكرية”، RT عربي، 22/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/36npc3m3
[9] ” روسيا تدعو مجلس الأمن لفرض عقوبات بسبب عرقلة وصول المساعدات لقطاع غزة”، سبوتينك عربي، 27/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/r2u8y2jt
[10] “كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟”، أسباب، 10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4s3fdejf
[11] “الموقف الروسي من الحرب الإسرائيلية على غزة”، مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 21/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2kzpf5ms
[12] “تداعيات الحرب ضد غزة على علاقات إسرائيل مع روسيا وتركيا: هل ستحدث تغيرات جوهرية؟”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 14/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/t6pbc78e
[13] “أين تقف روسيا من الحرب بين إسرائيل و«حماس»؟”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 25/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mr2uys28
[14] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، الجزيرة نت، 6/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2uhwj2ph
[15] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 29/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2ymrhpw4
[16] “حماس تثمن موقف بوتين الرافض للعدوان والحصار على غزة”، المركز الفلسطيني للإعلام، 14/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yfpxnhzj
[17] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[18] “وفد من “حماس” يزور روسيا .. ووزارة الخارجية الإسرائيلية تعلق”، CNN عربية، 26/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/h8br54es
[19] “وفد حماس يجري مباحثات في موسكو للمرة الثانية منذ بداية الحرب”، الجزيرة، 19/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mpzxvrn3
[20] “روسيا تدعو قادة الفصائل الفلسطينية لمحادثات بموسكو”، الجزيرة، 16/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mw24jn2b
[21] ” الفصائل الفلسطينية المجتمعة في موسكو تصدر بيانا مشتركا من تسعة بنود”، RT عربي، 1/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/bdd23yde
[22] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[23] “مشروع قرار روسي حول غزة وإسرائيل يفشل في الحصول على الأغلبية المطلوبة بمجلس الأمن”، الأمم المتحدة، 16/10/ 2023، الرابط: https://tinyurl.com/4jjzrerv
[24] ” فشل مشروعي قرارين حول غزة وإسرائيل في مجلس الأمن الدولي”، أخبار الأمم المتحدة، 25/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3jjw3ejd
[25] “ماهي المواقف الروسية الداعمة لقطاع غزة؟”، الجزيرة نت، 14/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/bdfe9fue
[26] ” مجلس الأمن الدولي يفشل في تبني تعديل روسي بشأن قرار هدنة إنسانية في قطاع غزة”، RT عربي، 16/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yn9v7f7e
[27] ” روسيا والصين تستخدمان الفيتو وتفشلان مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن لا يدعو لوقف إطلاق النار في غزة”، RT عربي، 25/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/54xj6az3
[28] “الولايات المتحدة تستخدم “الفيتو” لإفشال تعديل روسي على مشروع قرار يدعو لوقف النار في غزة”، RT عربي، 22/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4barp84w
[29] ” الجمعية العامة تعتمد قرارا يدعو لهدنة إنسانية فورية في غزة”، أخبار الأمم المتحدة، 27/10/2023، الرابط: https://news.un.org/ar/story/2023/10/1125382
[30] ” روسيا ترسل دفعة دورية جديدة من المساعدات الإنسانية لسكان غزة”، RT عربي، 20/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5bte42a2
[31] “كيف تقرأ موسكو “طوفان الأقصى” والفشل الإسرائيلي؟”، الجزيرة نت، 10/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2xpn6s2d
[32] “كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.
[33] ” فريق RT يدخل أنفاق سـرايا القدس تحت أرض غزة”، RT عربي، 14/6/2021، الرابط: https://tinyurl.com/ktbuxxy9
[34] “ماهي المواقف الروسية الداعمة لقطاع غزة؟”، مرجع سابق.
[35] “وفد من “حماس” يزور روسيا .. ووزارة الخارجية الإسرائيلية تعلق”، مرجع سابق.
[36] “روسيا تدافع عن زيارة وفد “حماس” وتنتقد “فشل” الدبلوماسية الأميركية”، الشرق، 27/10/ 2023، الرابط: https://tinyurl.com/5enr8sr5
[37] “كيف عززت حرب غزة الشرخ بين موسكو وتل أبيب؟”، الجزيرة نت، 30/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mv2z2s35
[38] “تداعيات الحرب ضد غزة على علاقات إسرائيل مع روسيا وتركيا: هل ستحدث تغيرات جوهرية؟”، مرجع سابق.
[39] ” “الوقت غير مناسب”.. إسرائيل ترد على زيلينسكي”، RT عربي، 16/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3s7ktakp
[40] “القضية الفلسطينية ورقة موسكو لمساومة واشنطن علي مكاسب سياسية”، مركز الخليج للأبحاث، 5/2/2019، الرابط: https://tinyurl.com/33daupu8
[41] “روسيا والعرب في اليوم التالي لوقف حرب غزة”، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 28/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yc3xs6yx
[42] ” أين تقف روسيا من الحرب بين إسرائيل وحماس؟”، منتدي العاصمة (مترجم)، 26/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/bdewtyu4
[43] “100 يوم على طوفان الأقصى.. نقطة لبكين وهدية لموسكو”، ميدان، 14/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4xjxd2yx
[44] “محددات ومعوقات الدور الروسي في الحرب علي غزة”، المركز العربي للبحوث والدراسات، 26/2/2024، الرابط: http://www.acrseg.org/44266
[45] “الموقف الروسي من الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[46] ” هل يقرّب طوفان الأقصى المسافة بين العرب وروسيا والصين؟”، الميادين نت، 28/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2s4bne2y
[47] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[48] “تداعيات الحرب ضد غزة على علاقات إسرائيل مع روسيا وتركيا: هل ستحدث تغيرات جوهرية؟”، مرجع سابق.
[49] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[50] “الموقف الروسي من الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[51] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[52] “الصين وروسيا توقعان اتفاقا مع الحوثيين بشأن الملاحة بالبحر الأحمر”، عربي21، 21/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yc4ansr9
[53] “كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.
[54] ” أين تقف روسيا من الحرب بين إسرائيل وحماس؟”، مرجع سابق.
[55] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[56] “محددات ومعوقات الدور الروسي في الحرب علي غزة”، مرجع سابق.
[57] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[58] “100 يوم على طوفان الأقصى.. نقطة لبكين وهدية لموسكو”، مرجع سابق.
[59] “كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.
[60] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[61] “100 يوم على طوفان الأقصى.. نقطة لبكين وهدية لموسكو”، مرجع سابق.
[62] “الكونغرس يرفض الموافقة على تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا دون استراتيجية واضحة منها”، RT عربية، 12/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/ye29k4jy
[63] “100 يوم على طوفان الأقصى.. نقطة لبكين وهدية لموسكو”، مرجع سابق.
[64] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[65] “روسيا تعلن عن تقدم جديد أمام جيش أوكراني يفتقر الى الأسلحة”، المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، 20/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mr2t2zpj
[66] “ما وراء المناورات الصينية الإيرانية الروسية المشتركة في خليج عُمان؟”، مركز أبعاد للدراسات الاستراتيجية، 14/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/5ep4n7nj
[67] “ممر الشمال-الجنوب: روسيا وإيران نحو مزيد من التعاون الاستراتيجي”، أسباب، 5/2023، الرابط: https://tinyurl.com/ycx59v7p
[68] “بعد استضافتها لوفد من حماس وإيران..ما هي حسابات روسيا في حرب غزة”، مركز شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات (الشرق الأوسط وإفريقيا)، 4/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/ssanebn7
[69] ” أبعاد موقف روسيا من حرب غزة بعد زيارة وفد “حماس””، مرجع سابق.
[70] ” أين تقف روسيا من الحرب بين إسرائيل وحماس؟”، مرجع سابق.
[71] ” أبعاد موقف روسيا من حرب غزة بعد زيارة وفد “حماس””، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، 30/10/2023، الرابط: https://rcssegypt.com/15543
[72] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[73] “الموقف الروسي من الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[74] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[75] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[76] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[77] “”الوقت غير مناسب” .. إسرائيل ترد على زيلنسكي”، RT عربية، 16/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/465dwu4f
[78] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[79] “ملامح توتر العلاقات بين روسيا وإسرائيل في ضوء حرب غزة”، مرجع سابق.
[80] “مواقف قوى الشرق: روسيا والصين من الحرب على غزة”، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، 29/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/bdf383vk
[81] ” أين روسيا والصين من الحرب؟”، العربي الجديد، 17/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/8ctazt7k
[82] ” روسيا والحرب على غزة: تقاطع مصالح ودبلوماسية هادئة”، مرجع سابق.
[83] “الموقف الروسي من الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[84] “كيف تعزز الحرب في غزة موقع روسيا والصين في الشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.