الوضع الراهن للأزمة في ليبيا

لا يزال الوضع في ليبيا يشهد انقسامًا سياسيًا، وتنافسًا مستمرًا علي السلطة بين الأطراف الفاعلة في الشرق والغرب، وقد أخذ هذا التنافس أشكالًا متنوعة؛ سياسية وعسكرية واقتصادية. ومن المتوقع أن تتزايد حالة الانقسام السياسي في ليبيا، في ظل تصاعد التدخلات الخارجية سوء الإقليمية منها أو الدولية1. وهو ما يمكن توضيحه من خلال استعراض أبرز التطورات علي الساحة الليبية خلال الفترة من سبتمبر 2023 إلي إبريل 2024 كما يلي:

لا تزال ليبيا منقسمة بين السلطات السياسية المتنافسة، حيث تخضع طرابلس وغرب البلاد لسيطرة حكومة الوحدة الوطنية بقيادة رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة والمجلس الرئاسي الليبي بقيادة محمد المنفي والمجلس الأعلى للدولة برئاسة محمد تكالة. ويقع شرق البلاد ومناطق كبيرة من وسط وجنوب ليبيا تحت قيادة حكومة موازية بقيادة أسامة حماد ومجلس النواب في طبرق برئاسة عقيلة صالح والقيادة العامة للجيش بقيادة خليفة حفتر2. وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:

أولًا: الانقسامات الداخلية:

1- سياسيًا:

أصدور القوانين الانتخابية: أصدرت لجنة “6+6” المشكلة من مجلسي النواب والأعلي للدولة، في 6 يونيو 2023، عقب مباحثات في مدينة بوزنيقة المغربية، القوانين التي ستجرى عبرها الانتخابات، إلا أن بنودًا فيها لاقت معارضة من بعض الأطراف3. وقد لخص المبعوث الأممي إلي ليبيا عبدالله باتيلي في إحاطته الثالثة أمام مجلس الأمن، في يونيو 2023، أسباب الخلاف حول قوانين الانتخابات في:

  • شروط الترشح بالنسبة للمترشحين للانتخابات الرئاسية حيث يصر مجلس الدولة وبعض الأحزاب السياسية على منع العسكريين ومزدوجي الجنسية من الترشح لرئاسة البلاد، في حين يصر مجلس النواب على عكس ذلك.
  • الأحكام التي تنص على جولة ثانية إلزامية من الانتخابات الرئاسية حتى لو حصل المترشح على أكثر من 50 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى.
  • الأحكام التي تنص على عدم إجراء الانتخابات البرلمانية في حال فشلت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.
  • النص علي ضرورة تشكيل حكومة مؤقتة جديدة قبل إجراء الانتخابات4.

ومع ذلك، فقد أصدر مجلس نواب طبرق، دون التوافق مع المجلس الأعلي للدولة، قانون جديد للانتخابات، في 1 نوفمبر 2023، والذي نُشر في الجريدة الرسمية، ويحتوي على قانون رقم 27 لسنة 2023 بشأن انتخاب مجلس الأمة، والقانون رقم 28 لسنة 2023 بشأن انتخاب رئيس الدولة. وينص القانون على إجراء الانتخابات في غضون 240 يومًا من تاريخ صدور قوانين الانتخابات (أي قبل نهاية مايو 2024)، ولكن هذا القانون لم ينجح في حل المسائل الخلافية القائمة حيث نص القانون علي:

  • إلزامية إجراء انتخابات رئيس الدولة من جولتين، حيث يتأهل الفائزان الأول والثاني بأعلى الأصوات الصحيحة من الجولة الأولي إلي الجولة الثانية بصرف النظر عن النسبة التي حققها كل مترشح، وحتى لو تأكد فوز أحد المترشحين في الجولة الأولي بنسبة تزيد عن 50% من الأصوات.
  • إجراء انتخابات مجلس الشيوخ مع الجولة الأولى لانتخابات رئيس الدولة، وتجرى انتخابات مجلس النواب مع الجولة الثانية لانتخابات رئيس الدولة، وفي حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية لأي سبب كان، تعد جميع الإجراءات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية وانتخابات مجلس الأمة كأن لم تكن.
  • أن المرشح لا يحمل جنسية أية دولة أخرى، إذا ترشح للجولة الثانية من الانتخابات، وبالتالي فإنه يسمح لمن يحمل جنسية دولة أخرى غير الليبية الترشح للانتخابات الرئاسية، ولكن إذا دخل للمرحلة الثانية من الانتخابات فيجب عليه التنازل عن جنسيته الأجنبية لاستكمال عملية الانتخاب.
  • أن المترشح للانتخابات الرئاسية – سواء كان مدنيًا أو عسكريًا – مستقيلًا من وظيفته بقوة القانون بعد قبول ترشحه، وفي حال عدم فوزه في الانتخابات يعود إلى سابق وظيفته5.

وبناءً علي ما سبق؛ فإن هذا القانون قد أعد تفصيلًا لخليفة حفتر، حيث أنه يحمل الجنسية الامريكية بجانب الليبية، ومن الواضح أنه لا يريد التنازل عنها إلا بعد التأكد من فوزه في الانتخابات الرئاسية، عند دخوله للجولة الثانية من الانتخابات6. وكانت كتلة المجلس الأعلي للدولة في لجنة 6+6 المسئولة عن إصدار القوانين الانتخابية تتمسك بضرورة أن يقوم حاملو الجنسيات غير الليبية بالتخلي عنها قبل تقديم أوراق ترشحهم، في حين تمسك كتلة مجلس النواب بأن يكون تخلي المترشح للانتخابات الرئاسية عن الجنسية الأجنبية بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية وقبل القسم وتولي المنصب7.

كما أن حفتر – وفقًا لهذا القانون – من حقه أن يعود لمنصبه كقائد للجيش الليبي في حالة عدم فوزه بالانتخابات، وبالتالي إذا فاز مرشح أخر سواء كان من غرب ليبيا أو شرقها أو جنوبها، سيكون هناك منافس قوى له لا يمكنه من أداء مهامه، وهو خليفة حفتر، الذي يرأس القوات المتواجد في الشرق، وبالتالي سنعود من جديد لحالة الانقسام بين معسكر الشرق ومعسكر الغرب8.

وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة قال في رسالة وجهها إلى مبعوث الأمم المتحدة عبدالله باتيلي – في تعليقه علي اصدار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح قوانين الانتخابات في 4 أكتوبر 2023 – أن التشريعات الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب “مخالفة للتعديل الدستوري وباطلة”. وقال تكالة في رسالة وجهها إلى مبعوث الأمم المتحدة عبدالله باتيلي إن “ما صدر عن مجلس النواب في جلسته يوم 4 أكتوبر 2023 من تشريعات انتخابية مخالف للإعلان الدستوري الثالث عشر، ومشوب بعيوب وأخطاء تنحدر به إلى درجة الانعدام”. وأوضح تكالة أن “مهمة اللجنة المشتركة 6+6 وقتية ومحددة في إجراء توافقات، وغير مخولة بإجراء أي تعديلات على ما جرى التوقيع عليه في بوزنيقة في 3 يونيو 2023″، وأكد “موقف المجلس الأعلى للدولة الرافض إجراء أي تعديلات، وتحت أي ذرائع، على نتائج عمل اللجنة المشتركة التي توصلت إليها بالتاريخ المذكور”9.

وفي محاولة لتقريب وجهات النظر المتعارضة بين مجلسي النواب والدولة حول هذه القوانين، فقد تم عقد لقاء بين عقيلة صالح ومحمد تكالة بالعاصمة المصرية القاهرة، في 8 نوفمبر 2023، وهو الاجتماع الأول من نوعه بين عقيلة وتكالة منذ انتخاب الأخير رئيسًا لمجلس الدولة في 6 أغسطس 2023، غير أن مخرجات اللقاء الأول بين الطرفين لم ترتق للمستوى المرتقب نظرًا لاستمرار الخلافات الجوهرية بين الطرفين10. فلا المجلس الأعلى للدولة ممثلًا في رئيسه تكالة، سيقبل التنازل عن نسخة بوزنيقة، ولا مجلس النواب سيقبل التراجع عن القوانين التي صادق عليها. أحد نتائج هذا الانسداد، أن المجلس الأعلى للدولة تجاهل طلب عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، “تشكيل لجنة مشتركة لقبول طلبات الترشح لرئاسة الحكومة” الجديدة.

كما أن المفوضية العليا للانتخابات أبلغت البعثة الأممية أن تنفيذ القوانين الانتخابية لن يبدأ إلا بعد حل مسألة “الحكومة الجديدة”، تماشيًا مع المادة 86 من قانون الانتخابات الرئاسية والمادة 90 من قانون مجلس الأمة. أي أن العدد التنازلي لـ240 يومًا الذي ستجرى خلاله الانتخابات لن يبدأ إلا من تاريخ اعتماد حكومة جديدة. وربط إجراء الانتخابات بتشكيل حكومة جديدة، يجعل إجراءها مستحيلًا، ما لم تتغير المعطيات الحالية، في ظل رفض الدبيبة التخلي عن منصبه إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب11.

بمبادرة المبعوث الأممي: أعلن المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، في 22 نوفمبر 2023، عن مبادرة تتضمن دعوة من وصفهم بــ”القادة الأساسيين” (الخمسة الكبار)، وهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، بالإضافة إلى قائد مليشيات شرق ليبيا خليفة حفتر، وذلك في إطار محاولة جديدة لإنجاز المرحلة الانتقالية، والتوصل إلى تسوية سياسية بشأن القضايا ذات الخلاف السياسي المرتبطة بتنفيذ العملية الانتخابية وتشكيل حكومة موحدة. وتتمثل آلية العمل في أن يسمي الأطراف المؤسسيين الخمسة ممثلين لهم (ثلاثة لكل طرف)، على أن يلتقي هؤلاء الممثلون في اجتماع تحضيري (لم يحدد موعد انعقاده ومكانه بعد)، للتباحث حول موعد اجتماع قادة المؤسسات الخمس ومكانه، وجدول الأعمال والقضايا الخلافية التي سيتباحث بشأنها القادة12.

ويمكن تفسير الاقتصار على المؤسسات الخمس باعتباره يهدف لإحداث التوازن بين معسكري الصراع الليبي من جهة، ومنع التداخل بين المسارات من جهة أخرى. فبالنسبة لمسألة التوازن، يمكن النظر إلى المؤسسات الخمس وفق صيغة 2+2+1، حيث يمثل شرق ليبيا بمجلس النواب والقيادة العامة، والمنطقة الغربية عبر حكومة طرابلس ومجلس الدولة، بالإضافة إلى المجلس الرئاسي الذي يتم التعامل معه بوصفه مؤسسة محايدة ومنفتحة على مختلف الأطراف. كذلك، فإن اختيار هذه المؤسسات تحديدًا يعكس الرغبة في تمثيل الأطراف الأكثر تأثيرًا؛ فمثلًا لا يمكن النظر إلى حكومة أسامة حماد في شرق ليبيا باعتبارها طرفًا سياسيًا له إرادة مستقلة عن مجلس النواب أو القيادة العامة، لاسيما مع عدم الاعتراف بها دوليًا؛ كما أن تمثيل القيادة العامة لم يقابله تمثيل طرف عسكري من المنطقة الغربية، وذلك لمنع تداخل هذا المسار مع المسار العسكري عبر لجنة 5+513.

وقد سارعت البعثات الدبلوماسية في ليبيا، ومن بينها الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا، بإعلان “ترحيبها بحرارة” بخطة البعثة الأخيرة في ليبيا، ولتترجم ذلك في الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن المنعقدة في 18 ديسمبر 2023، حيث لاقت هذه المبادرة ترحيبًا واسعًا داخل مجلس الأمن، عبرت عنه الدول الخمس الكبرى بمجلس الأمن على لسان مندوبيها، بل توسع نشاط الدبلوماسية الأميركية والبريطانية في دعم هذه المبادرة، أو على الأقل تقريب وجهات النظر بين أطرافها، كما هو ظاهر من نشاطاتهما وحواراتهما المنصبة في هذا الاتجاه14.

وتمثلت أبرز هذه النشاطات في اللقاءات التي عقدها، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير 2024، كلًا من المبعوث الأمريكي ريتشارد نورلاند، والقائم بأعمال السفير الأمريكي في ليبيا جيريمي برنت، ونائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي جوشوا هاريس، حيث عقد ثلاثتهم لقاءات مع كل من المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس حكومة طرابلس عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة، والمبعوث الأممي عبد الله باتيلي، والسفير المصري في طرابلس تامر مصطفى؛ وهدفت مختلف تلك اللقاءات، وفق ما تنشره السفارة الأمريكية على منصة “إكس”، إلى حث الأطراف الليبية على التجاوب البناء مع مبادرة باتيلي15.

ولكن يبدو أن هذه المبادرة محكوم عليها بالفشل؛ نظرًا للأسباب التالية:

– أن هذه المبادرة واجهت شروطًا صعبة، كما قال باتيلي خلال إحاطته لمجلس الأمن في ديسمبر 2023. حيث أعلن عقيلة صالح معارضته مشاركة حكومة الدبيبة في الاجتماع الذي دعت إليه المبادرة، بوصفها حكومة منتهية الصلاحية، داعيًا إلى مشاركة حكومة حماد المكلفة من مجلس النواب بدلًا عنها. كما شدد صالح على أن القوانين الانتخابية الصادرة عن المجلس لا يجب أن تخضع للنقاش، وأن البند الوحيد الذي يجب أن يكون على جدول أعمال الاجتماع هو تشكيل حكومة جديدة مصغرة ومحددة المهام للإشراف على إجراء الانتخابات؛ وأن تشكل الحكومة بتزكية من المجلسين (النواب والدولة)، وأن مجلس النواب هو الذي يمنحها الثقة16. وهو نفس موقف حفتر الذي اقترح مشاركة الحكومتين (حكومة الدبيبة وحكومة حماد) أو إقصاءهما معًا17.

في المقابل، رفض الدبيبة رفضًا قاطعًا إجراء أي مناقشات بشأن تغيير الحكومة، حيث يصر الدبيبة علي أنه لن يتنحى عن منصبه الحالي إلا بعد إجراء الانتخابات، مما يعني أن حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها ستشرف على العملية الانتخابية المقبلة18. وطالب الدبيبة بضرورة أن تقتصر المناقشات على الوصول إلى أساس قانوني دستوري لانطلاق العملية الانتخابية ونجاحها، وهذا يتعارض صراحة مع ما حرص باتيلي على التشديد عليه في مبادرته، وأن النقاشات ستجري تحت سقف الاعتراف بالقانونين الصادرين عن مجلس النواب في أكتوبر 202319. ويتفق موقف الدبيبة مع موقف رئيس مجلس الدولة محمد تكالة الذي يرفض القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب، ومطالبته بالعودة إلى المسودة التي اتفق عليها أعضاء لجنة “6+6” في بوزنيقة المغربية، في ظل اتهامه لمجلس النواب بإجراء تعديلات تتجاوز ما تم التوافق عليه في اجتماعات هذه اللجنة20.

– حالة الارتباك في أداء البعثة الأممية، خاصة أن باتيلي قام بتغيير مواقفه من العملية الانتقالية أكثر من مرة. إذ أعلن منذ البداية رفضه تشكيل حكومة جديدة، معتبرًا أن هذا الأمر مضيعة للوقت، الأمر الذي تبدل في الأشهر الماضية بعدما بدأ ينادي بتشكيل حكومة موحدة للإشراف على العملية الانتقالية21.

تظهر حالة الارتباك أيضًا في هذه المبادرة التي كشف عنها باتيلي بعد نحو تسعة أشهر من الإعلان عنها للمرة الأولى خلال إحاطة باتيلي المقدمة إلى مجلس الأمن فبراير 2023؛ علمًا بأن المبادرة في ملامحها الأخيرة تختلف بشكل واضح عن المسمى الرئيس لها في طرحها الأول، وفي الإشارات المتتالية إليها خلال الإحاطات والتصريحات الإعلامية اللاحقة؛ فالمبادرة منذ البداية قدمت تحت توصيف “لجنة تسييرية عليا” يشارك فيها مختلف الفاعلين من أصحاب الشأن، في حين أنها في صورتها النهائية أصبحت أقرب إلى اجتماع واحد بين الفاعلين الرسميين؛ ومن ثم فإن الآلية النهائية حصرت التأثير الفعلي على مخرجات التفاوض في القيادات الرئيسة، التي من المعلوم عدم رغبتها في مغادرة المشهد، وأنها المستفيد من إطالة أمد الفترة الانتقالية؛ بينما كان يوحي الطرح الأولي للمبادرة بأنها تهدف إلى توسيع دائرة المشاركة، لتشمل أطراف أخرى من أصحاب المصلحة، ومن ثم نزع احتكار الأطراف الحالية للأزمة والسيطرة على مسار التسوية ومخرجاتها22.

– سادت حالة من الغضب والانزعاج لدى كثير من السياسيين في شرق البلاد وغربها وجنوبها، من هذه الخطة، وخاصة من ناحية الحصر والتحديد في أعضاء محددين، معتبرين أن حالة الانقسام والانسداد لا يمكن أن تُحل بمن كان جزءًا من المشكلة، ناهيك عن اقتصارها عليهم فقط. في هذا السياق؛ أعلن أعضاء مجلسي النواب والدولة عن المنطقة الجنوبية عن “رفض مبادرة باتيلي المعنية بمباحثات الطاولة الخماسية وذلك لعدم وجود أي تمثيل لفزان في مبادرته المقترحة”23.

ويمكن القول بأن الموقف الصادر عن حكومة الاستقرار المكلفة من مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، هو أكثر المواقف الرافضة لهذه المبادرة تشددًا في لغة الخطاب، فلم يكتفى برفض المبادرة فقط، استنادًا إلى عدم تمثيل حكومة حماد ضمن الاجتماع، لكن يلاحظ هنا أمرين آخرين: أولهما، أنّه لم يتحفظ فقط على تمثيل حكومة الدبيبة، لكن التحفظ طال أيضًا مشاركة المجلس الرئاسي في الاجتماع؛ والأمر الثاني، أن الانتقاد طال نزاهة المبعوث الأممي، فبعد التشكيك في إرادته و”مدى قدرته على اتخاذ القرارات الصائبة”، نوشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تعيين مبعوث أممي جديد “وفق معايير الحياد والكفاءة ونزاهة الذمة”24.

كما طالب قادة المليشيات العسكرية في طرابلس بوجود ممثل عنهم ضمن الاجتماع المزمع لقادة الأطراف المؤسسية (الاجتماع الخماسي)، أو استبعاد تمثيل القيادة العامة في هذا الاجتماع25.

كما أصدر عمداء 56 بلدية ليبية (أغلبها في الشرق والجنوب) بيانًا رافضًا لمبادرة باتيلي، حيث اتهم الموقعون على البيان المبعوث الأممي بـ”الانحياز لطرف بعينه، لمؤازرته في اغتصاب السلطة”. كما أعلن عمداء 20 بلدية من الغرب لاحقًا تضامنهم مع البيان26.

كما استبعدت دعوة باتيلي أعضاء النظام السابق (نظام القذافي)، وفي هذا الإطار، رأت بعض التقديرات أن إعلان أنصار النظام السابق الانسحاب من مشروع المصالحة الوطنية في 15 ديسمبر 2023، كان مدفوعًا في جزء منه بعدم دعوة ممثلي الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي لحضور الاجتماعات التي دعا إليها المبعوث الأممي.

كما كانت قبائل البربر والطوارق والتبو قد طالبت، في بيان يوم 16 ديسمبر 2023، بإشراكها في الحوار السياسي المرتقب، ودعت باتيلي إلى مراجعة مبادرته كي تشمل ممثلين فاعلين للشعوب الأصلية بما يمنع تعميق الثغرات السياسية27.

– الانشغال الدولي والإقليمي بحرب غزة، حيث فرضت أحداث الحرب الإسرائيلية في غزة نفسها على قائمة أولويات المجتمع الدولي، بحيث أصبحت محورًا لحركة القوى الدولية والإقليمية منذ 7 أكتوبر 2023، وعليه حولت الاهتمام بعيدًا عن القضية الليبية أو الأزمات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما أثر في مبادرة باتيلي بدرجة ما، إذ إن الانشغال الدولي والإقليمي قد لا يسمح بممارسة الضغط على الأطراف الليبية للانخراط والتفاعل الإيجابي مع الدعوة للحوار28.

– إعلان المبعوث الأممي، في 16 إبريل 2024، استقالته من منصبه الذي يشغله منذ سبتمبر 2022، خلفًا للأميركية ستيفاني ويليامز. وأرجع باتيلي استقالته إلى “الإحباطات الناجمة عن وصول جهود البعثة الأممية إلى طريق مسدود”. وقال باتيلي في مؤتمر صحفي في نيويورك إنه قدم استقالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، معتبرًا أن المنظمة الأممية “لا يمكن أن تتحرك بنجاح” دعمَا لعملية سياسية، في مواجهة قادة يضعون “مصالحهم الشخصية فوق حاجات البلاد”. واتهم باتيلي قادة البلاد بتحدي الجهود الدولية لإحلال السلام، والعمل على “تأخير الانتخابات بشكل دائم”، محذرًا أيضًا من أن ليبيا صارت “ساحة للتنافس الشرس” بين الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية29.

جمؤتمر المصالحة الوطنية: أعلن المجلس الرئاسي، في 14 ديسمبر 2023، الاتفاق على عقد المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية في منتصف إبريل 2024 (مقرر عقده في 28 إبريل) بمدينة سرت، وأسفرت الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر، والتي شارك فيها عدد كبير من ممثلي الأحزاب والتجمعات والشخصيات السياسية والقبلية، عن تحديد آلية تشكيل اللجنة التحضيرية لتنظيم المؤتمر، وتحديد اختصاصاتها، ونظامها الداخلي30.

لكن هذا المؤتمر يواجه العديد من الإشكاليات التي دفعت باتيلي إلي تأجيله إلى أجل غير مسمى31، تتمثل في:

  • علي الرغم من أن القضية الرئيسة التي تهيمن على النقاشات الخاصة بالمصالحة الوطنية هي إدماج أنصار النظام السابق، بقيادة سيف الإسلام القذافي، في العملية السياسية، إلا أن الفريق الممثل لسيف الإسلام في مؤتمر سبها، الذي انعقد منتصف ديسمبر 2023، أعلن انسحابه من المشاركة في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الجامع، بسبب ما وصفه بعدم جدية المجلس الرئاسي في تحقيق المصالحة الوطنية، على خلفية عدم حدوث أي تقدم في ملف معتقلي نظام القذافي32. وكما أشرنا، فقد تم ربط هذا الانسحاب بعدم دعوة ممثلي الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي لحضور اجتماعات (الخمسة الكبار) التي دعا إليها المبعوث الأممي. وفي حالة استمرار مقاطعة أنصار القذافي لأعمال عملية المصالحة سيفرغ هذا المسار بأكمله من أي جدوى لاستمراره.
  • ناقش مجلس النواب، في 8 يناير 2024، قانون المصالحة الوطنية، وأحاله إلى لجنة العدل والمصالحة الوطنية بالمجلس لدراسته، في محاولة من قبل البرلمان، على ما يبدو، لفرض سيطرته القانونية على هذ المسار.
  • إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، خلال لقائه بمخاتير المحلات منتصف يناير 2024، رفضه مشاركة الاتحاد الأفريقي في تحقيق المصالحة، مشددًا على ضرورة أن تكون المصالحة عبر أدوار مخاتير المحلات، من دون تدخل أي أطراف خارجية. والجدير بالذكر هنا، أنه لا توجد أدوار دولية متداخلة بشكل معلن مع ملف المصالحة، باستثناء الاتحاد الأفريقي، ممثلًا في قيادة الرئيس الكونغولي دينيس ساسو نجيسو، رئيس اللجنة رفيعة المستوى المنبثقة عن الاتحاد. وتجري الرعاية الأفريقية لمسار المصالحة، بالمشاركة مع المجلس الرئاسي، وبتخويل من مجلس الأمن الدولي33.
  • إعلان ممثلو قوات حفتر الانسحاب من ملف المصالحة الوطنية، بعد أن سحب رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قرار ضم قتلى وجرحى قوات حفتر إلى “هيئة الشهداء”. واشترط ممثلو قوات حفتر سحب الملف من المجلس الرئاسي لاستمرارهم في هذا الملف، كشرط وحيد لا رجعة دون تحقيقه34.

دتحركات ولي العهد: شهدت الشهور القليلة الماضية، وفق ما يظهر على الحساب الرسمي للأمير السنوسي في منصة “إكس”،  تحركات كثيفة في اتجاه الترويج لعودة النظام الملكي، بوصفها مخرجًا للأزمة السياسية في ليبيا، حيث أجرى السنوسي عددًا من المقابلات مع عدد من أعيان ووجهاء ومثقفين ممثلين لمناطق ومدن ليبية مختلفة، مثل بنغازي والبيضاء ودرنة ومصراتة وطرابلس وزليطن وبني وليد والزاوية وغريان وتاجوراء والمنطقة الجنوبية، فضلًا عن لقاء أعضاء من المجلس الأعلى للدولة، وبعض القيادات النقابية. وفي 26 يناير، بدأ السنوسي ما أسماه الجولة الرابعة من المشاورات المجتمعية، بلقاءات مع قيادات اجتماعية ونخب أكاديمية من المنطقة الغربية، ثم لقاء وفد ممثل للمكون الأمازيغي. واللافت هنا الشمول الجغرافي والتنوع الكبير للقاءات السنوسي، فضلًا عن كثافة هذه اللقاءات التي جرت في الفترة بين أكتوبر 2023 ويناير 2024، في شكل يوحي بوجود “مشروع سياسي ما” يجري التحضير له بجدية. ويركز الخطاب الاعلامي للسنوسي على أن تحركاته تأتي في إطار العمل على عودة الشرعية الدستورية الملكية؛ إذ قد يسعى السنوسي إلى طرح نفسه “قيادة رمزية” للبلاد، يمكن من خلالها تجاوز إشكالية الصراع على رأس الدولة. ومن ثم، يمثل هذا المسار شرعنة للتوازنات الداخلية بين شرق البلاد وغربها، وذلك في ضوء ما قد يعد به من محدودية سلطات الملك، بشكل قد لا يبتعد كثيرًا عن صورية صلاحيات المجلس الرئاسي الحالي.

ويرتبط الثقل الذي قد يمثله هذا المسار بالمشروع السياسي وليس بوجود نفوذ سياسي أو تنظيمي للأسرة الملكية نفسها، والتي فكك نفوذها تمامًا منذ بداية حكم القذافي. فالمشروع السياسي يمتلك، نظريًا، عناصر قوة لا يمكن تجاهلها؛ ويأتي في مقدمتها الناحية الرمزية والتاريخية المرتبطة بتأسيس دولة الاستقلال، وهي شبيهة بالمعضلة التي تواجهها ليبيا خلال عملية إعادة بناء الدولة حاليًا. وعمليًا، يمثل دستور الاستقلال 1951 أحد المخارج الجادة المطروحة دائمًا لمعضلة الدولة الليبية، باعتباره الأقرب للطبيعة الجيوسياسية القائمة حاليًا ذات النزوع الفيدرالي.

ومن الناحية الاجتماعية، كانت قبائل إقليم برقة هي القاعدة الداعمة تاريخيًا للحكم الملكي، دون تجاهل ارتباط الأسرة الملكية بالحركة السنوسية المتغلغلة دينيًا في المجتمع الليبي، وهو ما يمكن توظيفه والبناء عليه دعائيًا في مرحلة متقدمة من الترويج لهذا المشروع. وقد ظهرت حراكات عدة خلال السنوات الماضية تنادي بعودة الملكية وتفعيل دستور الاستقلال، مما يعكس وجود أساس مادي واجتماعي قابل للتطور بشأن هذا المسار.

وفيما يتعلق بالأطراف الداعمة لتحركات السنوسي، لا يوجد رسميًا حتى الآن أية مواقف معلنة، غير أن صحيفة “ليبيا برس” الإلكترونية تروج لمسألة أن استعادة الملكية هو مقترح أردني يلقى دعمًا من كل من قطر وبريطانيا؛ وأن الدبيبة أحد أبرز الداعمين لهذا المقترح داخليًا، مقابل استمراره في رئاسة الحكومة.

من ناحية أخرى، من اللافت للنظر سهولة عقد السنوسي اللقاءات، التي جرت غالبًا في مدن شرق ليبيا، من دون التعرض لأي تضييقات من قبل السلطات الموالية لحفتر، وهو أمر غير معهود، قياسًا بسلوكها في التضييق الشديد على أي تحركات داعمة لمشروعات سياسية منافسة داخل المناطق الخاضعة لسيطرتها. وفي حال صحت المعلومات التي تزعم إجراء السنوسي هذه اللقاءات في شرق ليبيا، فإن ثمة عاملين محتملين وراء سماح حفتر بها: الأول، وجود حماية خارجية لتحركات ولي العهد، بشكل يجعل المساس به خيارًا شديد الصعوبة بالنسبة لحفتر؛ والثاني، أن يكون حفتر جزءًا من صفقة أوسع ترتبط بتحركات السنوسي، بحيث تؤمن سيطرة حفتر على الشرق الليبي في حال مرر مشروع عودة الملكية، وترتيب ضمانات تكفل الحفاظ على نفوذ أبنائه في شرق البلاد وجنوبها، في ضوء تراجع فرص إحكام السيطرة السياسية أو العسكرية على كامل ليبيا35.

2- أمنيًا:

أاشتباكات رأس جدير: وقعت اشتباكات بشأن معبر “رأس جدير” الحدودي بين ليبيا وتونس، في 18 نوفمبر 2023، بعد احتدام الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وبين المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، الذي يشرف على إدارة المعبر عبر قوة تتبع المجلس العسكري لمدينة زوارة الأمازيغية الساحلية في غرب ليبيا. وقد بدأت الاشتباكات عقب قيام الدبيبة بإرسال قوات تابعة لوزارة الداخلية للسيطرة على المعبر وإدارته، واستعادته من قبضة مدينة زوارة؛ إلا أن المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا أشار – في بيان له – إلى أن الدبيبة “يجمع المليشيات المسلحة بهدف الهجوم على معبر رأس جدير، بحجج واهية وكيدية”؛ معتبرًا أن “ما يحدث ليس القصد منه بناء الدولة، بل هو استغلال للسلطات لممارسة العنصرية، وكسر التوازنات في منطقة الساحل”، وهدد “كل من يحاول الهجوم على زوارة أو المدن التابعة لها، بحرب شعواء لن تنتهي إلا بإنهاء وجود الأمازيغ”. ومع احتدام الخلاف حول تشكيل الغرفة الأمنية، والرد الغاضب من مجلس الأمازيغ، ورفض وجود أي قوة مسلحة من خارج مدينة زوارة، تراجعت قوات غرفة العمليات المشتركة إلى مواقعها في مدينة زليطن، بناءً على أوامر المجلس الرئاسي الليبي36. وقد تكررت هذه الاشتباكات في مارس 2024، ما أدي إلى إغلاق المعبر وتعطيل حركة المسافرين والتجارة بين البلدين37.

ويمكن قراءة أحداث معبر رأس جدير فيما يبدو في ضوء الاستراتيجية الأمنية التي يتبناها الدبيبة مؤخرًا، لإحكام السيطرة المركزية على المنطقة الغربية ومنافذها البرية والبحرية، ومن بينها معبر رأس جدير ومعبر ذهيبة وازن، وهما المعبران الحدوديان بين ليبيا وتونس، اللذين تسيطر عليهما الأمازيغ. وهذه الاستراتيجية مدفوعة بمعالجة حالة الفوضة الأمنية التي تحكم عمل التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، وما ترتبه من مواجهات عسكرية متكررة بين بعضها البعض. كما أنها تهدف إلي معالجة ظاهرة الجرائم المنظمة سواء الإتجار بالبشر والهجرة الغير شرعية أو تهريب الوقود وغيرها من السلع. كما أنها تعكس رغبة الدبيبة، في ظل الحديث المحلي والإقليمي والدولي عن ضرورة تشكيل حكومة موحدة جديدة، في إظهار أن حكومته قادرة على السيطرة المركزية وبسط الأمن في المنطقة الغربية، في القلب منها العاصمة، وبالتالي فهي مؤهلة لأن تكون عماد وأساس الحكومة الموحدة التي تدير العملية الانتخابية38. كما يأتي التحالف بين قائد الجيش الليبي خليفة حفتر والقائد العسكري البارز في غرب ليبيا أسامة الجويلي ضمن ما يمكن تسميته بـ”المسكوت عنه” في أسباب التوتر بين عبدالحميد الدبيبة والمكون الأمازيغي؛ حيث يثير هذا التحالف مخاوف حكومة الوحدة الوطنية من إمكانية فقدان السيطرة على بعض المواقع في غرب البلاد، بما في ذلك مناطق الأمازيغ. خاصة بعد تقارب بعض البلديات في الغرب مع الجيش الوطني وحكومة الاستقرار.

وفي المقابل، يخشي المكون الأمازيغي من استغلال الدبيبة إحكام السيطرة على المنطقة الغربية، بما فيها المناطق الخاصة بهم، كمحاولة لتهميشهم؛ خاصة أن تفردهم بإدارة معبر رأس جدير قد أعطاهم مكانة متميزة في الغرب الليبي، لما لهذا المعبر من أهمية، وما يمثله من بعد استراتيجي، من خلال ما يسهم به في تنشيط حركة العبور والتبادل التجاري بين ليبيا وتونس39.

وقد بينت أحداث المعبر عن مدى غياب فكرة الاندماج الوطني في الحالة الليبية؛ إذ أنه ليس هناك إطار قومي موحد يجمع الليبيين، وهو ما يساهم ضمن عوامل أخرى في حدوث تفسخ مجتمعي ووطني، وبروز عصبيات قبلية وعرقية ومناطقية تتجاوز بنى الدولة وفكرتها، بما يحول دون بروز ليبيا كدولة موحدة مستقرة40. فقد تمثل رد الفعل المفاجئ من جانب الأمازيغ في اتفاق مكونات المدن الأمازيغية على إعلان حالة الطوارئ بين كافة التشكيلات العسكرية التابعة لها، وهو ما خلص إليه اجتماع عقدته هذه المكونات، في قصر الضيافة بمدينة زوارة. وبالفعل تمركزت قوات الأمازيغ على طول منطقة طوق مدينة زوارة، من مليته شرقًا إلى رأس جدير غربًا؛ بل وبحسب ما أعلنت “قناة الأمازيغ”، فإن كلًا من “قادة الكتائب والسرايا تؤيد الحرب”، وأن “قوات الغرفة العسكرية زوارة يسيطرون عسكريا وبشكل تام على قرية رأس جدير”. ومثل هذه التطورات كان يمكن أن تؤدي إلى اشتعال حرب في غرب ليبيا، لولا تدخل المجلس الرئاسي الليبي، وتراجع غرفة العمليات التي شكلها الدبيبة إلى مواقعها في مدينة زليطن41.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، وخلال مشاركته في حفل نظمه المجلس الأعلى للأمازيغ، في 21 يناير 2024، بمناسبة إحياء رأس السنة الأمازيغية (2974)، أعلن رئيس الدبيبة السماح للأمازيغ بتسمية مدارسهم وأبنائهم بأسماء أمازيغية بشكل رسمي في مناطقهم، في خطوة هي الأولى في تاريخ البلاد. وتعتبر هذه الخطوة محاولة لاسترضاء المجلس الأعلى للأمازيغ، حيث واجه الأمازيغ، في مرحلة ما بعد عام 2011، تهميشًا ثقافيًا، علي غرار بعض القرارات التي اتخذتها مصلحة الأحوال المدنية في الغرب بمنع تداول الأسماء غير العربية استنادًا لما جاء في القانون رقم 24 لعام 201142.

باشتباكات بنغازي: وقعت اشتباكات مسلحة بين قوات خليفة حفتر وجماعات تابعة لقبيلة موالية لوزير الدفاع السابق المهدي البرغثي، في 6 أكتوبر 2023، وجاء ذلك على خلفية اعتقال الأخير من قبل قوات طارق بن زياد بقيادة صدام حفتر، حيث استمرت الاشتباكات لعدة ساعات في حي السلماني مقر إقامة البرغثي. فبعد سبع سنوات، عاد البرغثي إلى مدينة بنغازي بالشرق الليبي، برفقة 15 سيارة عسكرية جاءت من مدخلها الجنوبي عبر مدينة سلوق التي تربطه ببعض مكوناتها صلات اجتماعية، ودخل منها إلى مدينته دون اعتراض من أي جهة، وبعد ساعات من وصوله، انتشرت صور ومقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تثبت وجود المهدي البرغثي في بنغازي في مظهر يبدو أنه لم يرق لحفتر، حيث ظهرت صور تظهره وهو يستقبل داعميه في بيته، وتوالي قدوم الشخصيات التي جاءته للتهنئة، وفرضت على العائلة توسيع نطاق المضافة، فتم نصب خيمة لاستقبال الضيوف، وسط وجود سيارات عسكرية وعدد من المسلحين.

لذلك، وبحسب ما تم تداوله، فإنه تم تسليم المهدي بلاغ ضبطه وإحضاره، لكن الأخير لم يتعاون مع البلاغ بحجة أن الإجراء غير قانوني، لوجود تراتبية عسكرية ووجوب أن يجرى ذلك عبر الشرطة العسكرية، فلم يعبأ بأي مخاطر محتملة لعدم امتثاله، واستمر في استقبال داعميه. وعلى إثرها قامت قوة عسكرية تابعة لحفتر بمحاولة تطويق واقتحام المكان، مما سبب في اندلاع اشتباكات خفيفة مساء يوم 6 أكتوبر، بين القوة المكونة من اللواء طارق بن زياد وتشكيلات عسكرية أخرى، وعدد من أفراد عائلة البرغثي وأخواله من قبيلة المغاربة وبعض العناصر العسكرية التي تدين بالولاء للمهدي، وعلى إثرها حاصرت قوة عسكرية منطقة السلماني التي تمركز فيها المهدي، مستخدمة أنواع من الأسلحة المختلفة، وحدث تبادل كبير لإطلاق النار وجرى تطويق المنطقة والمناطق المحيطة بها لساعات طويلة43.

وتتعدد الروايات التي تحاول أن تبين الكيفية التي دخل بها البرغثي وفريقه إلى بنغازي، والتي أدت إلى استثارة “القيادة العامة”، وجعلها تشتبك مع الأفراد المرافقين له. حيث تشير الرواية الأولي إلي أن الترتيب والتنسيق لعودة المهدي للمدينة جرى عن طريق شخصيات قبلية واجتماعية كبيرة في بنغازي، سعت إلى أن تكون العودة وفق ترتيبات مرضية عنها من القيادة العامة، تتضمن تلك الترتيبات أن يتم التعامل مع البرغثي كأي مواطن عادي، ويستقبل في مطار بنينا بحسب الإجراء المتبع لرجل عسكري، وذلك بأن تتسلمه سيارة عسكرية ويتم إجراء تحقيق شكلي معه لتسوية وضعه والعودة به إلى المدينة، وأن القيادة العامة قد وعدت هذه الشخصيات بعدم المساس به.

بينما تري الرواية الثانية أن الرهان كان على البعد القبلي لمهدي البرغثي، وعلى تخمينات بأن المشير خليفة حفتر وأبناءه غير معارضين لرجوعه إلى بنغازي، وفق المتطلبات الانتخابية التي يسعى إليها حفتر وأبناءه في المرحلة القادمة. بمعنى أنه لا يوجد أي تنسيق رسمي لعودة البرغثي، وكان الاعتماد على البعد القبلي وافتراض نية القيادة وظروف المرحلة44.

فيما جاءت الرواية الثالثة والرسمية عبر تأكيد رئيس حكومة الشرق أسامة حماد، أن البرغثي استغل تراخي الإجراءات الأمنية في البوابات، ومر برفقة عدد من أنصاره المسلحين وبصحبة أرتال من حملات الإغاثة الشعبية القادمة من غرب البلاد باتجاه المناطق المنكوبة في الشرق (درنة). وأكد وكيل وزارة الداخلية في الحكومة ذاتها فرج قعيم، أن البرغثي تسرب عبر الصحراء بطرق ملتوية ليدخل إلى بنغازي خفية، وبدعم مالي ومخابراتي محلي وخارجي لإثارة الفوضي في المنطقة الشرقية45.

ويمكن إرجاع السبب الرئيسي خلف هذه الاشتباكات إلي أن حفتر لا يخشي البرغثي في حد ذاته، ولكن قبيلة البراغثة والعواقير والمغاربة والعبيدات وغيرهم. ففي الحقيقة خليفة حفتر يدرك أن هذه القبائل لن تنسى أنها من صنعته، حيث كان أبنائها الثقل الحقيقي لقواته، هذا غير النفوذ والثقل الاجتماعي في المنطقة الشرقية قبل أن يعتمد على فاغنر والمرتزقة الأفارقة، حيث واجه مساعدة هذه القبائل له بالنكران، وإقصاء أبنائها من المناصب لصالح تعزيز نفوذ أولاده في المواقع والمناصب العسكرية في قواته، بل وفي دوائر صنع القرار السياسي والأذرع الاقتصادية46. والتي كان أخرها تكليف رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، في 27 ديسمبر 2023، بلقاسم خليفة حفتر مديرًا تنفيذيًا لصندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة من الفيضانات المدمرة الناجمة عن العاصفة “دانيال”، التي اجتاحت مناطق الجبل الأخضر في سبتمبر 202347.

ويبدو أن ما حدث للبرغثي ينسف كل الجهود والترتيبات التي دأبت على تسويق رغبة حفتر وأبناءه لطي صفحة الماضي، من خلال تصريحاتهم ولقاءاتهم التي عبروا خلالها عن السماح للمهجرين بالعودة واسترجاع مساكنهم وأملاكهم، وأنه آن الأوان لرفع شعار الوئام والمصالحة مع الجميع من أجل الوطن48.

ثانيًا: التنافسات الإقليمية:

لا تزال العديد من الدول الإقليمية تعمل علي ترسيخ نفوذها داخل ليبيا، سواء سياسيًا أو عسكريًا أو اقتصاديًا، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:

1- تركيا:

لا تزال تركيا تعمل علي تعزيز نفوذها في ليبيا من خلال مواصلة دعمها العسكري لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بالتوازي مع استمرار حالة الانفتاح الدبلوماسي والاقتصادي مع المنطقة الشرقية، وهو ما ظهر في:

أ- موافقة البرلمان التركي، في 30 نوفمبر 2023، على مذكرة مقدمة من الرئيس رجب طيب أردوغان لتمديد مهمة الجيش في الأراضي الليبية لـ 24 شهرًا إضافية بدءًا من 2 يناير 2024، على أن تنتهي في يناير 202649. ويعكس هذا التمديد رسائل ضمنية من قبل تركيا مفادها استمرار اعترافها بشرعية حكومة الدبيبة، وتمسكها باستمراريتها في المشهد حتى إجراء الانتخابات، أو على الأقل في المدى المنظور، وذلك ردًا على دعوات تشكيل حكومة جديدة في البلاد، خلفًا لحكومة الدبيبة50.

وفي سياق متصل أكد وزير الدفاع التركي، يشار غولر أن تركيا دربت أكثر من 15 ألف جندي منذ بدء وجودها في ليبيا مطلع عام 2020. وسبق أن أكد وزير الدفاع السابق خلوصي أكار مرارًا أن تركيا لن تنسحب من ليبيا قبل أن تحقق الأخيرة الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري، رافضًا تصوير الوجود التركي على أنه “احتلال”؛ لأنه جاء بناءًا على اتفاق مع الحكومة الشرعية. وفي أكتوبر 2022، وقع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة مع أكار اتفاقيتين، عسكرية وأمنية، نصت على قيام الجانب التركي “برفع مستوى قدرات الطيران الحربي الليبي بالاستعانة بالخبرات التركية، بما يشمل أيضًا استخدام الطائرات المسيرة”.

وكانت تركيا قد أرسلت آلافًا من قواتها والمرتزقة من الفصائل المسلحة الموالية لها في سوريا، إلى غرب ليبيا في مطلع عام 2020، بموجب مذكرة تفاهم للتعاون العسكري والأمني وقعها الرئيس أردوغان مع رئيس حكومة “الوفاق الوطني” السابقة، فائز السراج، في إسطنبول في 27 نوفمبر عام 2019. وبموجب هذه المذكرة، سيطرت تركيا على قاعدتي “الوطية” الجوية و”مصراته” البحرية، وأقامت مركزًا للقيادة المشتركة التركية الليبية في طرابلس.

ولم يصادق مجلس النواب الليبي على أي من مذكرات التفاهم أو الاتفاقيات العسكرية والأمنية والبحرية الموقعة مع تركيا، كما لم تحظ بالاعتراف الدولي أو الإقليمي، وصدرت مطالبات عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا51.

ب- إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في تصريحات له في 7 فبراير 2024، خلال زيارته للعاصمة الليبية طرابلس، عن قرب إعادة افتتاح بلاده قنصليتها في بنغازي، وتطوير العلاقات مع حكومة شرق ليبيا52.

وكان رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح قام بزيارة إلى تركيا، على رأس وفد برلماني، في 13 ديسمبر 2023، التقى خلالها الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس البرلمان نعمان كورتولموش، وهي الزيارة الثانية لصالح إلى تركيا، حيث كانت الأولى في 2 أغسطس 2022 تلبية لدعوة من نظيره التركي (السابق) مصطفى شنطوب53.

كما حصلت الشركات التركية على عدد واسع من عقود إعمار مدينة درنة الليبية عشية الفيضانات التي دمرت المدينة في سبتمبر 2023. وتجدر الإشارة إلى أن تركيا كانت من أوائل الدول التي سارعت إلى إنقاذ المدينة المنكوبة، حيث أرسلت سفينتين حربيتين إلى ليبيا، كما قام السفير التركي لدى طرابلس بزيارة درنة، والتقى رئيس حكومة شرق ليبيا أسامة حماد54.

وقد تطورت العلاقة بين تركيا وشرق ليبيا في الفترة الأخيرة وهو ما كشف عنه لقاء المبعوث التركي لدي طرابلس كنعان يلماظ ورئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في 19 يناير 2022. فيما عادت رحلات الخطوط الجوية إلي بنغازي وبعض مدن شرق ليبيا في 22 إبريل 2022. كذلك بدأت الشركات التركية تدريجيًا في العودة إلي شرق ليبيا لإتمام مشاريعها غير المكتملة، وتنفيذ مشاريع جديدة. فضلًا عن أن تركيا تأتي في المرتبة الثالثة علي رأس الدول المصدرة إلي شرق ليبيا، في ظل الجهود التي يبذلها مجلس الأعمال التركي- الليبي لتعزيز التبادل التركي بين الطرفين55.

ولعل من أهم الدوافع التي تقف خلف انفتاح المنطقة الشرقية علي تركيا؛ محاولة إقناع أنقرة بضرورة وقف دعمها لحكومة الدبيبة، أو على الأقل تقليص هذا الدعم، باعتبار ذلك يمكن أن يساهم في جهود الدفع نحو تشكيل حكومة جديدة توافقية تتولى إدارة العملية الانتخابية المقبلة، لا سيما وأن تركيا تعد إحدى أبرز القوى الإقليمية الداعمة لحكومة الوحدة الوطنية. ومما يزيد من المراهنة علي إمكانية تغيير الموقف التركي وجود بعض الأصوات داخل المجلس الأعلي للدولة (الحليف لتركيا) التي تطالب بتشكيل حكومة جديدة56.

وتتمثل أبرز الدوافع التي تقف خلف هذه التحركات التركية في:

– امتلاك أنقرة مصالح اقتصادية واسعة في ليبيا، خاصة فيما يتعلق بصفقات النفط والغاز، بالإضافة إلى مشاريع التنقيب التي تقوم بها الشركات التركية قبالة السواحل الليبية في ظل الاتفاقيات الموقعة للتنقيب عن الطاقة. وكانت حكومتا طرابلس وأنقرة قد وقعتا، في 3 أكتوبر 2022، اتفاقية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية. لذا تستهدف أنقرة من وراء ترسيخ حضورها العسكري في المشهد الليبي خلال المرحلة المقبلة، تأمين مشاريع الطاقة المشتركة، والحيلولة دون تعطيل التعاون النفطي مع ليبيا57.

كما يمثل متغير الطاقة أحد الاعتبارات المهمة وراء التحرك التركي ناحية شرق ليبيا، حيث تقع مكامن الثروة النفطية شرق البلاد، حيث يوجد حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية الليبية، وحقل الفيل الذي يغطي مساحة واسعة في الجنوب الليبي. كما تشير العديد من التقديرات إلى وجود مكامن محتملة للطاقة قبالة السواحل الشرقية لليبيا. كما يمثل نفط شرق ليبيا أولوية لتركيا في هذا التوقيت، بالنظر إلى استمرار العقوبات الغربية على قطاع النفط الروسي الذي يلبي ما يقرب من 60% من احتياجات تركيا58.

– تعول أنقرة على توظيف قدراتها العسكرية الموجودة في ليبيا، والاستفادة منها في تأمين تحركاتها الراهنة لتعزيز حضورها في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، بعد تراجع النفوذ الفرنسي بفعل الانقلابات العسكرية الأخيرة التي شهدتها منطقة غرب أفريقيا. وفي رؤية أنقرة، فإن وجودها العسكري في ليبيا يمكن أن يشكل رافعة أساسية في تمتين علاقاتها مع الحكومات الأفريقية الجديدة التي باتت أقرب للقوى الإقليمية والدولية المنافسة للدول الغربية، وهو ما بدا جليًا في اتجاه مالي والنيجر والجابون وغينيا ودول أخرى نحو تطوير العلاقات مع روسيا وتركيا وإيران على حساب تهميش العلاقات مع بعض القوى الغربية، وخاصة فرنسا59. وهو ما وفر بيئة خصبة لتعظيم الوجود التركي في أفريقيا، وظهر ذلك مؤخرًا في زيارة رئيس وزراء النيجر لأنقرة في 2 فبراير 2024، ولقائه الرئيس أردوغان، ناهيك عن التطور الحادث في حجم التبادلات التجارية بين أنقرة وأفريقيا، والذي زاد 7.5 مرات خلال السنوات العشرين الماضية وبلغ 40.7 مليار دولار بنهاية العام 202360.

– تمديد عناصر الجيش التركي في ليبيا يأتي في ظل تصاعد القلق التركي من استمرار التحركات الروسية على الساحة الليبية، والحديث عن ترسيخ الوجود العسكري الروسي عبر ما يسمي بـ”الفيلق الأفريقي”، وهو ما أثار قلق أنقرة بشأن احتمالات التأثير على نفوذها العسكري في غرب ليبيا، وإمكانية لجوء حفتر مرة أخري إلي غزو طرابلس اعتمادًا علي هذا الدعم الروسي61.

ولكن هناك تحديات تعيق الدور التركي، في الصدارة منها محدودية مساحات الثقة بين أنقرة وحفتر62، كما أن المنطقة الشرقية لا يمكنها الانفتاح بصورة كبيرة علي تركيا دون ضوء أخضر من مصر التي تعارض توسع وترسيخ التواجد التركي في ليبيا عمومًا والمنطقة الشرقية خصوصًا، ودون موافقة روسيا التي يعتمد عليها حفتر عسكريًا بصورة كبيرة63.

2- مصر:

ركزت مصر خلال الفترة الأخيرة علي تنمية علاقاتها الاقتصادية مع ليبيا؛ فيما يبدو كمحاولة للمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وإن كانت تنمية هذه العلاقات تواجه بعض التحفظات الرسمية من قبل حكومة الوحدة الوطنية. حيث كشف الموقع الرسمي لوزارة النقل المصرية أن الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة النقل، وقعت مع نظيرتها الكورية الجنوبية ممثلة في شركة (آس تي إكس) مذكرة تفاهم لتنمية إقليم مرسى مطروح، تشمل تطوير ميناء جرجوب والمنطقة اللوجستية الصناعية وبناء أنبوب لتصدير النفط الليبي إلى أوروبا عبر الميناء المذكور الذي يبعد 130 كلم عن الحدود الليبية. في المقابل، قال وزير النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية محمد عون، في مقابلة صحفية مع وكالة الأنباء الليبية، “ليس لدينا علم، بما جاء في الاتفاقية، مؤكدًا أن ليبيا تملك سبعة موانئ نفطية على البحر المتوسط لتصدير النفط الخام والمنتجات النفطية والمكثفات والبتروكيماويات وغيرها تبدأ من الحريقة شرقًا إلى مليتة غربًا وبالتالي فهي ليست بحاجة إلى موانئ خارج حدودها”. وأضاف وزير النفط أن “البيان الرسمي الصادر في مصر واضح ويتحدث عن تصدير النفط الخام الليبي إلى أوروبا، ونحن أقرب من أي جهة أخرى إلى أوروبا وبالتالي لسنا في حاجة إلى تصدير النفط إلى دولة مجاورة ومن ثم تصديره مرة أخرى”. وفي معرض رده على سؤال بشأن وجود اتفاقية بين دولة ليبيا وكوريا الجنوبية لتصدير النفط، نفى عون وجود أي اتفاقية بهذا الخصوص غير أنه أعرب عن اعتقاده بوجود مشروع يعود إلى عقود سابقة لمحاولة بناء خط نفطي بين ميناء الحريقة في طبرق إلى الإسكندرية لتكرير النفط الليبي في مصر وليس للتصدير إلى أوروبا. وأكد، عون، في هذا الصدد أن هذا المشروع لم ير النور شأنه شأن مشروع تمت مناقشته مع تونس وذلك في إطار استراتيجيات تحقيق التكامل بين الدول الأفريقية وبناء شبكات موحدة في مجالات الكهرباء والنفط والغاز64.

كما أن بعض المواقع الإخبارية المصرية قد نشرت تصريحًا منسوبًا للمؤسسة الليبية للاستثمار يفيد برصد محفظة استثمارية بقيمة تصل إلى 5 مليارات دولار للاستثمار وتمويل ومشاركة الفرص الاستثمارية في مصر، وخرجت هذه الأخبار بالتزامن مع مشاركة المؤسسة الليبية للاستثمار في فعاليات معرض القاهرة الدولي ( EECA EXPO 2024 ) الذي أقيم خلال الفترة من 29 فبراير إلى 9 مارس 2024. فيما نفي المستشار الإعلامي للمؤسسة الليبية للاستثمار لؤي القريو صحة هذه الأخبار65.

فيما أعلنت شركة الخدمات الملاحية والبترولية ماريدايف المصرية عن إسناد عقد لمدة ثلاث سنوات لشركتها التابعة الميز لخدمات النفط والغاز المشتركة بليبيا بقيمة 29.72 مليون يورو لصالح شركة مليته للنفط والغاز. وقالت ماريدايف في بيان لبورصة مصر، “إن الميز مملوكة لها بنسبة 49%، وإن العقد يتضمن أعمال دعم الاستكشاف والإنتاج البترولي بحقل بوري وبحر السلام في ليبيا”. وأضافت أنه من المقرر بدء تنفيذ العقد خلال الربع الأول من العام الجاري 202466.

كما أوضح الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع قيمة الصادرات المصرية إلى ليبيا لتسجل 1.6 مليار دولار خلال الـ11 أشهر الأولى من عام 2023 مقابل 1.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2022 بنسبة ارتفاع قدرها 48 بالمائة67.

وكشف نائب رئيس اتحاد العمال المصري، مجدي البدوي، عن تفاصيل تخطيط ليبيا لاستقدام مليوني عامل من مصر خلال 2024. وقال البدوي، خلال تصريحات لقناة “صدى البلد” المصرية، أنه تم التنسيق بين المسؤولين المصريين والليبيين سابقًا، وتم عمل ربط إلكتروني بين الدولتين؛ لاستقدام العمالة المصرية عن طريق الحكومات وليس الأفراد، وأنه تم الاتفاق مسبقًا أن يكون للشركات المصرية دورًا في التنظيم وإرسال العمالة إلى ليبيا. وتوقع البدوي ارتفاع عدد العمالة المصرية على مراحل ليصل إلى 3 ملايين في ليبيا68.

وبالتوازي مع قيام مصر بالحفاظ علي مصالحها الاقتصادية في ليبيا، فقد استضافت القاهرة، في 7 نوفمبر 2023، لقاء بين محمد تكالة رئيس المجلس الرئاسي الليبي، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (طبرق)، من أجل التوافق حول قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس النواب في 1 نوفمبر 202369.

وكانت مصر قد رحبت في بيان صادر عن وزارة الخارجية بالاجتماع الثلاثي الذي ضم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، وذلك في إطار دعم الملكية الليبية الخالصة للتسوية السياسية. وكان مقر جامعة الدول العربية قد شهد جلسة حوارية برئاسة أمينها أحمد أبو الغيط حضر فيها المنفي وتكالة وعقيلة صالح لتقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية وتيسير الحوار الليبي- الليبي بين الأطراف الفاعلة لحل النقاط الخلافية. وصرح أمين الجامعة أحمد أبو الغيط بأن إجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا لا يبدو قريبًا، ولا يبدو أن هناك مؤشرات على توافق يفتح الطريق نحو الانتخابات على حد تعبيره70.

وبناءً علي ما سبق؛ يبدو أن الخلافات بين مصر وحكومة الدبيبة ما زالت قائمة، وهو ما ظهر في اعتراض حكومة الدبيبة علي الاتفاقيات الاقتصادية بين مصر وليبيا، وكذلك غياب الدبيبة عن اللقاءات السياسية التي استضافتها القاهرة.

وفيما يبدو كرد من رئيس حكومة الوحدة علي تجاهل مصر له، فقد قام الدبيبة، في 25 إبريل 2024، بزيارة إلي أثيوبيا (التي تربطها علاقات خلافية مع مصر حول سد النهضة)، والتقي بنظيره الإثيوبي آبي أحمد، الذي رحب بزيارة الدبيبة، معتبرًا إياها خطوة مهمة لعودة التعاون بين البلدين بعد توقف دام لأكثر من عشرين عامًا. وناقش الجانبان إعادة تفعيل اللجنة العليا الليبية الإثيوبية التي لم تعقد اجتماعاتها منذ عام 2004، بهدف تعزيز التعاون بين المؤسسات المختلفة في البلدين. كما تناول اللقاء عددًا من الملفات المشتركة، أبرزها: تنظيم العمالة الوافدة الأثيوبية، وعودة الخطوط الجوية الأثيوبية للعمل في ليبيا، والقروض الليبية الممنوحة لأثيوبيا وجدولة سدادها، والفرص الاستثمارية في مجالات الزراعة والإنتاج الحيواني وغيرها. ووجه الدبيبة الدعوة لرئيس الوزراء الإثيوبي لزيارة ليبيا بهدف استمرار التنسيق والتعاون بين البلدين71.

3- الجزائر وتونس:

اتفق الرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، على هامش قمة الدول المنتجة للغاز التي احتضنتها الجزائر في مطلع مارس 2024، على “عقد لقاء مغاربي ثلاثي، كل ثلاثة أشهر، على أن يكون اللقاء الأول في تونس بعد شهر رمضان”. ويومها بحث القادة الثلاثة “الأوضاع السائدة في المنطقة المغاربية وضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب”72.

وبالفعل، انعقدت القمة المغاربية التي جمعت القادة الثلاثة في قصر قرطاج الرئاسي بالعاصمة التونسية في 22 إبريل 2024. ووفق البيان الختامي للقمة، فقد اتفق قادة الدول الثلاث على:

أ- ضرورة توحيد المواقف وتكثيف التشاور والتنسيق لتعزيز مقومات الأمن والاستقرار بالمنطقة، وتعزيز مناعتها، لا سيما مع بروز متغيرات ومستجدات إقليمية وأزمات دولية متلاحقة وفارقة لم يعد بالإمكان لأي دولة أن تواجه تداعياتها بمفردها73.

وفي هذا السياق؛ تؤكد وسائل الإعلام الجزائرية علي أن القمة تهدف إلي تشكيل تكتل مغاربي بديل عن الاتحاد المغاربي (تأسس في فبراير 1989 في مراكش، ومعطل منذ 1994) الذي يوجد فيه المغرب عضوًا أساسيًا في ظل المناكفات الجزائرية المغربية74. ورغم أن اجتماع القمة لم يشر صراحة إلى توجه لتشكيل تكتل إقليمي جديد، ولكن من خلال أبرز مخرجاته يبشر بذلك ويضع خطوطًا عريضة له، خصوصًا أن البيان الختامي يشير إلى “صوت موحد ومسموع للدول الثلاث”، وكذلك إلى “حضور لافت وتفاعل في الانتماءات الإقليمية والدولية”. كذلك قال القادة الثلاثة، إنه “مع بروز مستجدات إقليمية وأزمات دولية متلاحقة، لا يمكن لأي دولة أن تواجه تداعياتها بمفردها”75.

ب- اتفق القادة على تكوين فرق عمل مشتركة يعهد إليها بالتنسيق لتأمين حماية أمن الحدود المشتركة من مخاطر وتبعات الهجرة غير النظامية، خاصة من دول جنوب الصحراء وغيرها من مظاهر الجريمة المنظمة76.

وكانت علاقة الجزائر مع فرنسا توترت مؤخرًا على خلفية رفض الجزائر استقبال المهاجرين غير النظاميين المرحلين، وردت فرنسا بخفض عدد التأشيرات التي تمنحها قنصلياتها في الجزائر للطلاب الجزائريين الراغبين في الدراسة بفرنسا. كما أن علاقات الجزائر مع إسبانيا ساءت جدًا في العامين الأخيرين على خلفية التقارب بين مدريد والرباط والذي توج، في أبريل 2022، ببيان إسباني رسمي يعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي يعرضها المغرب لتسوية النزاع على الصحراء الغربية بأنها “الأساس الأكثر جدية وواقعية وذو المصداقية لحل النزاع”. وفضلًا عن كل هذا، فإن علاقات الجزائر بأوروبا الغربية، وهي شريكها التجاري الأهم والأقرب، ليست في أحسن أحوالها في ضوء التزام الجزائر الحياد بشأن الحرب الروسية-الأوكرانية، ورفضها التنديد باجتياح روسيا أراضي أوكرانية في فبراير 2022.

وهنا تبدو دلالة الفقرات التي تضمنها البيان الختامي لقمة تونس بشأن الهجرة غير النظامية وحماية وتأمين الحدود، والدعوة لتسوية سياسية في ليبيا. وهي مواضيع تحتل عادة مكانة مركزية في الحوار بين دول جنوب المتوسط المغاربية في أغلبها وبين دول الشمال المنتمية كلها لإطار مؤسسي واحد هو الاتحاد الأوروبي. وبحكم موقعها الجغرافي المركزي في المنطقة المغاربية وامتدادها جنوبًا إلى منطقة الساحل، تبدو الجزائر مؤهلة أكثر من غيرها للاضطلاع بدور المخاطب الرئيس بالنسبة للأوروبيين بشأن هذه المواضيع في إطار مؤسسي مغاربي لا يضم المغرب77.

ونقلت وكالة “فرنس برس” عن منظمات إنسانية دولية أن 5 آلاف و500 مهاجر على الأقل دفعوا من تونس باتجاه الحدود مع ليبيا، و3 آلاف آخرين نحو الحدود مع الجزائر منذ يونيو 2023. وأوضحت “فرنس برس” أن الرئيس التونسي قيس سعيد ندد بوصول “جحافل من المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”، معتبرًا أنهم “جزء من خطة إجرامية تهدف إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد”78.

وجاء انعقاد هذه القمة بعد زيارة أجرتها، 18 إبريل 2024، رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني بهدف مقايضة تونس بمساعدات مالية في ظل ما تعيشه من أزمة مالية، مقابل دفعها للعب دور الحارس البحري للبوابة الأوروبية للتصدي للمهاجرين التونسيين والأفارقة79.

وكشف وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، في 30 إبريل 2024، عقد لقاء سيجمعه قريبًا بنظرائه من وزراء الداخلية والمسؤولين الأمنيين في الجزائر وليبيا وتونس، في اجتماع وصفه بـ”المهم”. وتوقع وزير الداخلية الإيطالي أن يؤدي التعاون المتزايد مع بلدان المغادرة والعبور للمهاجرين، ومن بينها تونس، إلى نتائج مهمة، مبينًا: “من المقرر أن يجرى التخطيط لمرحلة أخرى لهذا التعاون في الأيام القليلة المقبلة”. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية تنظيم ملتقي لوزراء داخلية الدول المهتمة بقضايا الهجرة غير النظامية وأمن الحدود في 3 يوليو المقبل بالعاصمة طرابلس80.

ج- أكد البيان الختامي للقمة ضرورة دعم الجهود الرامية لتنظيم الانتخابات بما يحفظ وحدة ليبيا وسلامتها الترابية واستقرارها81. ويبدو أن هناك تخوفات مشتركة بين الدول الثلاث حيال التوتر المسلح في غرب ليبيا، وإمكانية عودة الاقتتال في طرابلس، ضمن مؤشرات على وجود تحالفات مناطقية ضد حكومة عبدالحميد الدبيبة، ما قد ينعكس بصورة سلبية علي المعابر الحدودية المشتركة82.

وكان معبر “رأس جدير” الحدودي بين ليبيا وتونس قد شهد وقوع اشتباكات، في 18 نوفمبر 2023، بعد احتدام الخلاف بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وبين المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا. وقد تأثرت مدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس) من إغلاق معبر رأس جدير، حيث توقفت عشرات العربات وشاحنات نقل البضائع والتجارة من الجانبين، حيث لا يسمح إلا بدخول الحالات المستعجلة والخطيرة، أو بدخول التونسيين العائدين من ليبيا، وذلك منذ إعلان القوات الليبية إغلاق المعبر. وبالتالي، فمن المرجح أن تنعكس مخرجات القمة الثلاثية إيجابيًا لإيجاد حل للخلافات الداخلية الليبية حول المعبر83.

ومؤخرًا، شهدت مدينة غدامس قرب المثلث الحدودي لليبيا مع تونس والجزائر، الواقعة جنوب غربي طرابلس، تحركات عسكرية وأمنية غير مسبوقة، بعد وصول أرتال عسكرية من العاصمة، تتبع وزارة الداخلية ورئاسة الأركان بحكومة الوحدة الوطنية، قالت إن هدفها تأمين كل الشريط الحدودي مع تونس والجزائر. وهو ما قابله المجلس البلدي لمدينة غدامس بالدعوة إلى اعتصام شامل، مطالبًا في بيان له بإخلاء المدينة مما وصفها بـ “التشكيلات العسكرية المسلحة”، مؤكدًا أن خروج هذه القوات هو مطلب كل أهالي ومكونات المدينة، الذين يتهم بعضهم القوات الجديدة بإثارة الفوضى وترويع الآمنين. وبالتالي، فمن المرجح أيضًا أن تنعكس مخرجات القمة الثلاثية إيجابيًا لإيجاد حل للخلافات الداخلية الليبية حول هذا الملف84.

واتفقت لجنة مشتركة من الجانب الليبي (تتكون من الأجهزة التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع المختصة بإدارة الحدود، ورئاسة أركان الجيش وجهاز الجمارك) وبعثة الاتحاد الأوروبي (اليوبام)، في 30 إبريل 2024، على دعم قدرات السلطات الليبية في تأمين وإدارة الحدود مع تونس. جاء ذلك خلال اجتماع بطرابلس هو الأول للجنة المشكلة وفق مذكرة تفاهم وقعتها وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية والبعثة الأوروبية في 9 أكتوبر 2023. ووفق بيان البعثة فإن الجانبين استعرضا “الأنشطة التي نفذتها البعثة خلال المدة الماضية، وتناولا خطتها للفترة من مايو 2024 إلى يونيو 2025 (نهاية تفويض البعثة)، بحيث يتم موائمتها مع احتياجات الجانب الليبي”. واتفق الجانبان على “أن يركز تعاونهما كمرحلة الأولى على تأمين منطقة العسة الحدودية ومعبر راس اجدير (مع تونس)، إلى جانب تقديم الدعم الفني واللوجستي للحدود البحرية”85.

وسبق أن أعلن وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي قرب إعاة فتح منفذ رأس اجدير الحدودي مع تونس المدة القريبة القادمة بعد الوصول إلى اتفاق مع نظيره التونسي كمال الفقي. كما أكد الطرابلسي قرب فتح معبر الدبداب الحدودي مع الجزائر86.

د- شدد القادة على ضرورة ألا يقتصر التشاور والتنسيق بين تونس والجزائر وليبيا على الملفات السياسية فحسب، بل يشمل كل مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والأمن لتحقيق تطلعات شعوبهم المشروعة في الاستقرار والازدهار والتكامل. وأكد القادة ضرورة التعجيل بتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين تونس وليبيا والجزائر، وتطوير التعاون وتذليل الصعوبات المعيقة لتدفق السلع، وتسريع إجراءات تنقل الأفراد وإقامة مناطق تجارية حرة بين الدول الثلاث. كما اتفقوا على تكوين فريق عمل مشترك لصياغة آليات تمكن من إقامة مشاريع واستثمارات كبرى في قطاعات اقتصادية ذات أولوية كالحبوب وتحلية مياه البحر87. وفي هذا السياق؛ وقعت كل من الجزائر وتونس وليبيا، في 24 إبريل 2024، على اتفاقية إنشاء آلية للتشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بينها بالصحراء الشمالية88.

وتربط تونس والجزائر علاقات اقتصادية قوية، إذ تمرر الجزائر الغاز لإيطاليا عبر تونس مقابل عائدات مالية وحصة من الغاز. كما قدمت الجزائر عددًا من القروض بالعملة الصعبة لتمويل موازنة تونس في ظل الأزمة المالية التي تعاني منها. كما تربط تونس وليبيا علاقات اقتصادية متينة، لا سيما فيما يتعلق بتصدير السلع الغذائية إلى ليبيا، وتنتعش التجارة في جنوب تونس بفضل توريد السلع من الجارة ليبيا89.

وفي نوفمبر 2023، زار طرابلس وفد من شركة “سوناطراك” الجزائرية المتخصصة في مجال الاستكشاف النفطي، لإعلان عودة أنشطة الشركة، التي أوقفت عملها في ليبيا منذ 8 سنوات، وزار بعدها رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الحدود الليبية الجزائرية، وأعلن نيته فتح المعبر الحدودي (غدامس- الدبداب) بين البلدين. من جانبه، قال المتحدث باسم مبادرة القوى الوطنية الليبية، محمد شوبار إن “ما يجري في منطقة حوض غدامس خلفه دول إقليمية (في إشارة للجزائر)، تهدف للسيطرة على منابع الغاز الطبيعي التي اكتشفت مؤخرًا”، مؤكدًا أن هذه الدول هي من دفعت حكومة الدبيبة للسيطرة على المنطقة عسكريًا وأمنيًا بعد إبرامها عقودًا طويلة الأجل مع حكومة طرابلس90.

جدير بالذكر هنا أن هناك توجه جزائري إلى تنويع الشراكات الاقتصادية والتبادل التجاري مع جوارها المباشر. فقد أعلن الرئيس الجزائري نية بلاده إقامة مناطق للتبادل الحر مع خمس من دول الجوار، هي: موريتانيا وتونس وليبيا ومالي والنيجر، قبل نهاية 2024. وفعلًا، دشن الرئيس الجزائري ونظيره الموريتاني، في شهر مارس 2024 بتندوف، منطقة تبادل حر، يفترض أن تعزز التبادل التجاري والشراكة بين القطاع الخاص في البلدين خاصة في المجال المصرفي91.

وقد أثارت هذه القمة العديد من الانتقادات، تركزت بصورة رئيسية في التأكيد علي أن عوامل نجاح تأسيس كيان مغاربي جديد قد لا تكون متوفرة، أهمها قبول الأطراف المغاربية مجتمعة بالفكرة، وهذا ما لا يمكن التسليم به. حيث تنظر المغرب إلى قمة تونس على أنها حلقة جديدة في الصراع الدبلوماسي والسياسي مع الجزائر والذي بلغ ذروته بإعلان هذه الأخيرة قطع علاقاتها بالرباط، في أغسطس 2021.

ولا يمكن النظر إلى المبادرة الجزائرية، التي تبلورت في قمة تونس، بمنأى عن مبادرة أخرى أطلقها المغرب، في 6 نوفمبر 2023، وسُميت “الاستراتيجية الأطلسية لدول الساحل”. انعقد الاجتماع التأسيسي للمبادرة، في 23 ديسمبر 2023، وحضره وزراء خارجية المغرب، البلد المضيف، ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد. واللافت أن الدول الأربع التي لبت الدعوة المغربية كلها من دول الساحل الإفريقي وكانت منضوية في إطار إقليمي هو “مجموعة الخمس للساحل” الذي تأسس عام 2015 بمبادرة من موريتانيا، ثم انفرط عقده بإعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو الانسحاب منه، في 2023، على خلفية موجة الانقلابات العسكرية التي شهدتها المنطقة ورافقها بروز مزاج شعبي مناوئ لفرنسا وتوجه من المجالس العسكرية الحاكمة في البلدان الثلاثة إلى تعزيز التعاون الأمني والعسكري مع روسيا ممثلة في شركة “فاغنر” التي توفر الحماية الأمنية لهذه الأنظمة.

وبالتالي، يبدو أن المبادرتان، الجزائرية والمغربية، تركزان علي منطقة الساحل، في مسعى للتكيف مع تداعيات خروج فرنسا من منطقة الساحل الإفريقي وتعزيز مكانته لدي الشركاء الأوروبيين مخاطبًا ذا مصداقية في الملفات الأكثر حساسية وهي: الهجرة، والأمن، ومحاربة المجموعات المسلحة والجريمة92.

كما تحفظت موريتانيا على الخطة الجزائرية؛ لحرصها على عدم الميل إلى أي جهة من الجهتين الكبيرتين في المنطقة، أي الجزائرية والمغربية93. كذلك فأن المنفي لا يملك القرار الليبي لينضم إلى تكتل فيه خصام أو رسالة سياسية لأي طرف مغاربي، والمغرب له حضور دبلوماسي قوي في ليبيا ومنذ فترة طويلة للوساطة بين أطرافها94.

ناهيك عن أن الاقتصادات المغاربية ذات اندماج ضعيف جدًا، وحجم المبادلات البينية متدن جدًا، والأقسى من ذلك أنه منذ إحداث الاتحاد المغاربي قبل 35 عامًا، لم تتغير الأمور بتاتًا95.

وعليه فإن هذه القمة قد لا تسعي إلي إنشاء كيان مغاربي جديد بقدر ما تشير إلي تمكين الجزائر من لعب دور أكبر في القضيتين الليبية والتونسية، وإعادة تموضع الجزائر مغاربيًا وحتى عربيًا وإقليميًا من خلال قيادة عدد من الدول المغاربية، ويبدو أن تبون يرى أن الفرصة سانحة والوقت مناسب لتمرير مثل هذا المشروع، خاصة وأن الظروف السياسية التي تمر بها تونس وليبيا تجعلهما في موقف ضعف وفي حاجة لدعم الجزائر، فتونس تمر بوضع سياسي واقتصادي شديد التأزيم، وليبيا تعاني من انقسام سياسي وصراع على القرار السياسي والمالي، وكلاهما يحتاج طرفًا إقليميًا يتمتع نسبيًا بالاستقرار وله وزنه السياسي والاقتصادي في المنطقة96. كما أن العلاقة بين تونس والمغرب متوترة حاليًا بسبب استقبال الرئيس سعيد رسميًا زعيم جبهة “البوليساريو” إبراهيم غالي، في 26 أغسطس 2022، بالمطار الرئاسي، بمناسبة مشاركته في الدورة الثامنة لندوة طوكيو الدولية للتنمية في أفريقيا97.

4- السودان:

أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في 24 فبراير 2024، رسميًا ولأول مرة عن طرحه مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية (الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”) لإحلال السلام والاستقرار ووقف إطلاق النار في السودان، وجاء ذلك من خلال اتصال هاتفي أجراه الدبيبة مع قائد الدعم السريع.

وعلى خلفية الدعوة، توجه رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان، إلى العاصمة الليبية طرابلس، في 26 فبراير، وعقد البرهان اجتماعين منفردين مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي والدبيبة. فيما قال حميدتي: “شكرت الدبيبة، على دعوته لنا لزيارة ليبيا والتي سنلبيها في القريب العاجل، كما شكرته على مبادرته وجهوده في دعم الاستقرار والسلام في السودان، والذي ينعكس على أمن واستقرار المنطقة”.

ومنذ منتصف إبريل 2023 يخوض كل من الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع حربًا خلفت الآلاف من القتلى والملايين من النازحين واللاجئين وفقًا للأمم المتحدة98.

ويسعي الدبيبة من خلف هذه المبادرة إلي تحقيق عدة أهداف، منها:

  • محاولة تفعيل مكانة حكومة الوحدة الوطنية على المستوى الإقليمي، خاصة وأنها قد تصبح لاعبًا مؤثرًا في الشأن السوداني، بحكم الجوار الجغرافي، وبحكم التأثير العسكري والقبلي للمرتزقة والمقاتلين السودانيين الموجودين على الأراضي الليبية.
  • الدخول على خط التنافس مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر؛ وهو ما يتبدى عبر حديث الدبيبة الدائم والمتكرر، مثل حديثه في أغسطس 2023، عن “تورط أحد الأطراف الليبية في دعم أحد أطراف الصراع في الحرب الدائرة بالسودان”، في إشارة ضمنية إلى حفتر.
  • الحد من حركة النزوح السوداني الكبيرة إلى ليبيا؛ فمثل غيرها من دول الجوار السوداني، فقد استقبلت ليبيا الآلاف من اللاجئين السودانيين، الذين فروا من الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع. ووفقًا لبيانات مفوضية اللاجئين، فقد بلغ عدد اللاجئين الذي وصلوا إلى الأراضي الليبية، حتى نهاية يناير 2024، حوالي 31 ألفًا، في حين تتحدث السلطات الليبية عن أعداد تصل إلى نحو 400 ألف لاجئ، إلى الدرجة التي بات فيها اللاجئون السودانيون يمثلون أكبر جنسية لاجئة في ليبيا.
  • محاولة الدبيبة في اللعب على وتر ملف الهجرة غير الشرعية من جانب هؤلاء اللاجئين، خاصة السودانيين، بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي عمومًا، وإيطاليا على وجه الخصوص؛ خاصة أن البعض منهم يحاول التوجه إلى أوروبا عبر الأراضي الليبية، ما يمكنه من مطالبة الاتحاد الأوروبي بالدعم99.

ولكن يبدو أن هذه المبادرة لن يكتب لها النجاح؛ لعدة عوامل، أبرزها:

  • منذ بداية الأزمة وحتي الآن فشلت جميع المبادرات التي طرحت من وسطاء محليين ودوليين، انطلاقًا من منبر جدة السعودي الأمريكي في مايو 2023، مرورًا بمبادرة الهيئة الحكومية للتنمية الدولية “الإيجاد” في يناير 2024، وكذلك المفاوضات التي عقدت في المنامة عاصمة البحرين في يناير، ومبادرة دول الجوار السوداني التي تبنتها مصر في العام 2023.
  • حتي وإن وافق الطرفان (البرهان وحميدتي) على المبادرة والجلوس للتفاوض فيما بينهما لإيجاد حلول لتلك الأزمة، نجد أنه من الممكن في مثل هذه الحالة أن يستمر كل طرف في التمسك بشروطه من أجل إنهاء وحل الأزمة، خاصة في ظل عدم امتلاك ليبيا لأي أوراق ضغط على الطرفين حتي تضمن نجاح هذه المبادرة التي لم تتضمن أي بنود واضحة يمكن مناقشتها100.
  • أن حميدتي لن يسمح للدبيبة بكسب نقاط علي حساب حليفه (حفتر)، خاصة في ظل ما كشفته تقارير إعلامية عن عمليات تهريب للمنتجات النفطية الليبية إلى قوات محمد حمدان دقلو (حميدتي) في السودان عبر قوات حفتر نظير مقابل مالي. كما تربط حفتر علاقة وطيدة بحميدتي الذي أرسل نحو ألف من قواته إلى اللواء المتقاعد، حسب تقرير خبراء الأمم المتحدة لعام 2019، دعمًا له بعد أن أرسل أغلب قواته لمهاجمة طرابلس في إبريل 2019. وبيّن التقرير الأممي أنذاك أن حميدتي أرسل القوة السودانية لحماية بنغازي وتمكين قوات حفتر من الهجوم على طرابلس. ونقل عن عدد من المصادر قولها إن قوات الدعم السريع السودانية تمركزت لاحقًا في منطقة الجفرة جنوبي ليبيا، وفق التقرير الأممي101.

ويمكن تلمس فشل هذه المبادرة في المؤتمر الصحفي الذي عقد بين البرهان والمنفي، حيث لم يأت على ذكر المبادرة التي طرحها الدبيبة، واقتصرت المباحثات علي الحديث عن عمق العلاقات بين البلدين، وتأكيد المنفي على دعم مخرجات “منبر جدة”102.

5- النيجر:

كشف موقع “أفريكا إنتلجنس” الاستخباري الفرنسي، أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر يقيم علاقات وثيقة مع المجلس العسكري في النيجر؛ تمهيدًا لتحالف غير مسبوق على طول الحدود الصحراوية بين النيجر وليبيا، بمباركة من الحليف الروسي. وقال الموقع أن مسؤولو المجلس العسكري النيجري التقوا بشكل متكرر في الأسابيع الأخيرة مع نظرائهم العاملين لدى حفتر، وأن هذه اللقاءات تأتي بدعم من الاستخبارات الروسية والجهاز العسكري، اللذين يسعيان إلى توسيع تواجدهما في منطقة الساحل بالتعاون مع السلطات المحلية، ضمن خطة توسع روسية في أفريقيا.

ولفت الموقع إلى أن النفوذ الروسي على المجلس العسكري في النيجر يتزايد تدريجيًا منذ توقيع اتفاقية التعاون العسكري خلال زيارة نائب وزير الدفاع، يونس بيك يفكوروف إلى نيامي في ديسمبر 2023. ووفقًا للموقع، زار عدد من الشخصيات البارزة من النيجر موسكو مؤخرًا، بما في ذلك رئيس الوزراء علي لامين زين، ووزير الدفاع ساليفو مودي، الذي أجرى محادثات مع يفكوروف.

ويسعى مودي ويفكوروف إلى وضع تفاصيل الشراكة الأمنية، التي يمكن أن تعتمد جزئيًا على الخدمات اللوجستية التي يتم تشغيلها من بنغازي، حيث يسيطر هناك حفتر. حيث تستضيف بالفعل قيادة حفتر مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية، بالإضافة إلى كيانات أخرى مرتبطة بوزارة الدفاع الروسية مثل Redut وConvoy، والتي تقوم بتجنيد مقاتلين لنشرهم في المنطقة. كما يخطط الجنرال مودي للسفر إلى بنغازي في الأسابيع المقبلة لإجراء محادثات مع حفتر بدعوة من يفكوروف، الذي زار المدينة مرات عدة، منذ مقتل زعيم مرتزقة فاغنر، يفغيني بريغوجين، في أغسطس 2023103.

ولفت الموقع إلي أن حفتر يستعين بقادة المتمردين السابقين، مثل وزير الشؤون الإفريقية بحكومة حماد، عيسى عبد المجيد منصور، الذي قاد منصور “جبهة التبو من أجل إنقاذ ليبيا” بين عامي 2007 و2011، وهو يضمن لحفتر حصوله على دعم قسم من إقليمه -المنقسم، لكن الاستراتيجي- في هذا الجزء من منطقة الساحل. لعب منصور منذ يوليو 2023 دور المستشار الإفريقي لحفتر، ولعب دورًا هامًا في التقارب بين حفتر وزعيم المجلس العسكري النيجري عبد الرحمن تشياني. كما نسق منصور الاستعدادات لزيارة وزير الخارجية النيجري بكاري ياو سانجاري إلى بنغازي في 28 ديسمبر 2023، لمناقشة ملف الهجرة وأمن الحدود مع رئيس وزراء حكومة الشرق أسامة حماد. ثم سافر منصور إلى نيامي في 11 يناير 2024 لمتابعة المباحثات، وهذه المرة مع وزير الداخلية الجنرال محمد تومبا104.

6- الإمارات:

رغم فشل الإمارات في تحقيق أهدافها الاستراتيجية بفرض هيمنتها علي ليبيا عبر تقديم الدعم العسكري إلي خليفة حفتر من أجل ترسيخ نفوذه في المنطقة الشرقية ودفعه للقيام بمغامرته العسكرية لاقتحام طرابلس عام 2019، إلا أنها لم تيأس في تحقيق هذه الأهداف، وإن اختلفت الأدوات لتشهد تراجع الأداة العسكرية لصالح تعاظم الأداة الاقتصادية.

حيث تسعي الإمارات إلي الحصول علي نصيب الأسد في عمليات إعادة الاعمار داخل ليبيا. وفي هذا السياق؛ فقد التقى رئيس الحكومة الليبية، أسامة حماد، 30 ديسمبر 2023، وفدًا من ممثلي ائتلاف شركات إماراتية متخصصة في مجال المقاولات والإنشاءات بحضور المدير التنفيذي لصندوق إعادة إعمار مدينة درنة والمدن والمناطق المتضررة بالقاسم حفتر ورئيس لجنة إعادة الإعمار والاستقرار حاتم العريبي105. وبحسب ردود المسئولين الحكوميين، يبدو أن هناك موافقة علي العرض الإماراتي.

فيما اعتبرت وزارة النفط والغاز بحكومة الوحدة الوطنية أن اعتزام المؤسسة الوطنية للنفط التعاقد مع ائتلاف شركات (إيني الإيطالية) و(أدنوك الإماراتية) و(توتال الفرنسية) والموافقة على منحهم حصة 40‎%‎ من الإنتاج مخالفًا للتشريعات التعاقدية النفطية المعمول بها في دولة ليبيا، وإخلال بتوازن العقود النفطية في ليبيا؛ لأن المؤسسة الوطنية للنفط اختارت التفاوض مع مقاول واحد وهو ائتلاف شركات إيني، ورأت الوزارة أنه كان بإمكان المؤسسة الوطنية للنفط الحصول على حصة أعلى في الإنتاج لو عرضت هذا الحقل في عطاء دولي مفتوح وشفاف؛ ولأن هذا التعاقد لم يتحصل على موافقة وزارة النفط والغاز ولا الحكومة على التفاوض الأحادي قبل مباشرته. كما حذرت الوزارة بأن هذا الفعل ربما يدفع ويجر بقية الشركات النفطية الأخرى للمطالبة بتعديل عقودها، ومنحها حصص أوفر ومساوية لما تم منحه لهذا الائتلاف، وهذا ما حصل فعليًا حين تقدمت شركتي توتال وكونكوفيلبيس طالبة تعديل العقود المبرمة معهم106.

ومؤخرًا، أبدى مفتي عام ليبيا الشيخ الصادق الغرياني استغرابه من إيداع المؤسسة الوطنية للنفط مبلغ 10 ملايين دولار في حساب شركة البحر الأبيض المتوسط التي تتخذ مقرًا لها في دبي بحجة استخدام المبلغ في الحصول على قطع غيار مستقبلًا107.

ثالثًا: التدخلات الدولية:

تستمر التدخلات الدولية في ليبيا، خاصة من قبل روسيا التي زادت من تحركاتها بهدف تثبيت نفوذها داخل ليبيا. وفي المقابل، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تزيد من نشاطها لمواجهة هذا النفوذ الروسي من جهة، والحفاظ علي مصالحها وحلفائها الأوروبيين (إيطاليا وفرنسا بصورة رئيسية) من جهة أخري.

1- روسيا:

تسعي روسيا إلي إنشاء هيكل عسكري جديد تحت مسمي “الفيلق الأفريقي” مقره المركزي في ليبيا، يحل مكان مرتزقة “فاغنر” لكن تحت مظلة رسمية. حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية البدء بخطوات تشكيله رسميًا بالتزامن مع إعلان الأمم المتحدة الكامل انسحابها من مالي، التي عززت روسيا وجودها فيها من خلال مجموعة “فاغنر” للمرتزقة. فعلي عكس فاغنر التي كانت شركة خاصة، فإن الفيلق سيمول ويدار مباشرة من الدولة الروسية. وتشير التقارير إلي أنه سيضم ما بين 40- 45 ألف مقاتل بجنسيات مختلفة منها السورية وجنسيات أفريقية، وسيتكون من فرق عسكرية قد تصل لخمس فرق بحسب القدرات القتالية، توزع بين ليبيا وبوركينا فاسو ومالي والنيجر وجمهورية أفريقيا الوسطي، علي أن يكون مركزه في شرق ليبيا حيث تسيطر قوات حفتر. ورغم أن قوات حفتر لم تعقب علي هذه المعلومات إلا أن نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف (وهو المسئول المباشر عن الفيلق الأفريقي) التقي بحفتر في أغسطس ببنغازي وفي موسكو نهاية سبتمبر 2023. وجاء اختيار ليبيا لموقعها علي البحر المتوسط والذي يضمن خطوط إمداد عسكرية وانتقال المقاتلين من وإلي الدول الأفريقية، كما أن نشاط عناصر فاغنر كان متمركزًا في مدينة سرت الليبية108.

وفي سياق متصل، كشفت صحيفة “تاغسشو” الألمانية في تقرير لها، في 4 إبريل 2024، عن مخاوف أوروبية من إنشاء قاعدة بحرية عسكرية روسية في ليبيا في خضم التوتر بين الغرب وموسكو بسبب الحرب في أوكرانيا. حيث أشارت الصحيفة لرسالة داخلية من وزارة الخارجية الألمانية في نهاية مارس 2024 تعبر فيها برلين عن قلقها المتزايد من الجمود السياسي في ليبيا والوجود الروسي المتنامي مشيرة لمعلومات تداولتها خدمة العمل الخارجي الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي بشأن زيادة في تسليم المواد الثقيلة والخطط المحتملة لإنشاء قاعدة بحرية روسية. وتؤكد الخارجية الألمانية وفق نفس الوثيقة لنشاط مجموعات فاغنر الروسية في ليبيا والتي يعتقد أنها ستتوسع في الربيع الحالي وذلك بالتزامن مع تأسيس قاعدة عسكرية في سرت بإشراف من حفتر وبالتعاون مع المستشارين الروس. ويشير التقرير لدور قائد فاغنر الحالي الجنرال الروسي أندريه أفريانوف الذي يشرف على القوات التي تعمل في ليبيا وفي أفريقيا والتي أطلق عليها تسمية “فيلق المشاة” أو “فيلق أفريقيا” حيث زار الجنرال الروسي دولًا أفريقية من بينها ليبيا لبحث الأوضاع هناك في ظل صراع محتدم مع الغرب109.

فيما أفادت صحيفة “لوبون” الفرنسية إلى رسو سفينتي “إيفان غرين” و”ألكسندر أوتراكوفسكي” التابعتين للأسطول الشمالي للبحرية الروسية في ميناء طبرق قادمتين من قاعدة طرطوس البحرية الروسية في سوريا، وأن هاتين السفينتين محملتان بمعدات لوجستية وأسلحة مدفعية تجهيزًا لنشر “الفيلق الأفريقي”، وهي المعدات نفسها المرسلة إلى النيجر وبوركينا فاسو110. وبحسب بعض التقارير، فإنه – حتي 16 إبريل 2024 – تم إرسال خمس دفعات على الأقل من التجهيزات العسكرية الروسية التي وصلت إلى طبرق111.

وكان خليفة حفتر قد التقي مع نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكيروف (المسئول عن الفيلق الأفريقي)، في بنغازي، في 2 ديسمبر 2023 (وهو اللقاء الرابع منذ أغسطس 2023، حيث كان الأول في بنغازي في 23 أغسطس، والثاني في بنغازي في 17 سبتمبر، والثالث في موسكو في 27 سبتمبر، والرابع في بنغازي في 2 ديسمبر)112.

وتهدف روسيا من خلف هذه التحركات إلي:

أ- يبدو أن الوجود الروسي في شرق ليبيا، والذي يقدر بين 1000 و1500 فرد، سيركز على توفير خدمات الأمن والتدريب لقوات حفتر، بجانب حماية المصالح والاستثمارات الروسية113. كما يبدو أن القاعدة الجوية الروسية في منطقة “الجفرة” في الجنوب الليبي تسهل الرحلات الجوية العسكرية الروسية، إذ تكون بمثابة محطات توقف قبل التوجه جنوبًا إلى دول أفريقية أخرى، كما أنها تمكن روسيا من إحراز التفوق الجوي في سماوات النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان. كذلك فإن ميناء “طبرق” الذي تستخدمه روسيا كقاعدة بحرية تمكنها من التواصل العسكري في مياه البحر المتوسط الدافئة حيث قاعدتها البحرية في طرطوس ما يهدد الجناح الجنوبي لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو)114.

ب- تهتم روسيا بالموارد الليبية، خاصة بما يتوافر لديها من خبرة في قطاع الطاقة الذي تزخر به ليبيا. ففضلًا عن الرغبة الروسية في محاولة استعادة بعض العقود التي تقدر بمليارات الدولارات، والتي كانت قد أبرمتها مع نظام الرئيس الليبي الأسبق معمر القذافي، فهي تنظر إلى شرق ليبيا باعتباره منبعًا مهمًا للنفط، من خلال 46.4 مليار برميل من احتياطي النفط المؤكد، الذي يعد الأكبر في أفريقيا والعاشر عالميًا، وتمتلك موسكو إمكانية الوصول إلى منشآت النفط الرئيسة في ليبيا؛ خاصة أن قوات حفتر تسيطر على العديد من هذه المنشآت115.

ج- تشكل ليبيا دولة ذات أهمية كبرى بالنسبة للكثير من القوى الدولية، خاصة الدول الأوروبية؛ فهي تتمتع بأهمية جيواستراتيجية بالنسبة إلى الأمن الإقليمي الأوروبي، خاصة أن مئات الآلاف من المهاجرين صوب الشواطئ الأوروبية يتحركون عبر السواحل الليبية، فضلًا عن أن بعض جماعات العنف والإرهاب، مثل داعش والقاعدة، تتخذ من ليبيا ملاذًا آمنًا لها. وبالتالي، يمثل شرق ليبيا فرصة ذهبية لروسيا لجعلها منطقة نفوذ في منطقة جنوب أوروبا، عبر التحكم في ملفين استراتيجيين بالنسبة لأوروبا، الطاقة والمهاجرين، حيث سيكون بإمكان الروس الضغط على دول الاتحاد الأوروبي، من خلال هذين الملفين، في مواجهة ملفات أُخرى مثل جزيرة القرم، والعقوبات المفروضة على روسيا بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

د- يجري على الأرض الليبية ما يمكن تسميته “حرب القواعد العسكرية”. حيث تمتلك تركيا حشدًا عسكريًا متزايدًا في قاعدة عقبة بن نافع، بمنطقة الوطية الليبية، سعيًا منها إلى وضع نقطة ارتكاز تمنحها الأفضلية في شمال أفريقيا. كما تحاول فرنسا الدخول على خط المنافسة، حيث تريد أن تقيم قاعدة في فزان، تكون منطلقًا لها للقيام بعمليات عسكرية في منطقة الصحراء الكبرى الأفريقية، وفي دول الساحل الأفريقي خاصة التي تمردت على الوجود الفرنسي داخلها. ومن ثم يأتي الشرق الليبي، الذي يشهد سيطرة روسية علي قاعدتي القرضابية الجوية وسرت البحرية116.

2- الولايات المتحدة الأمريكية:

وفي ضوء هذه التحركات الروسية، فقد سعت الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة إلي تفعيل وتنشيط دورها في الملف الليبي، سياسيًا وعسكريًا، لمواجهة هذه التحركات، وهو ما ظهر في:

أ- أفادت شبكة “سي.إن.إن” الإخبارية بأن وزارة الخارجية الأميركية طلبت في موازنة العام 2025، تخصيص مبلغ 12.7 مليون دولار لتمكين استئناف أعمال السفارة في ليبيا وتوفير النفقات التشغيلية لعمليات السفر والدعم الدبلوماسي من تونس. وكذلك زيادة استخدام الطائرات المخصصة المتمركزة في مالطا للرحلات الجوية إلى طرابلس. وكانت الولايات المتحدة قد أغلقت سفارتها في طرابلس عام 2014 بسبب هجوم أدى لمقتل السفير الأميركي جيه كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. ويعمل المبعوث الأميركي الخاص لليبيا ريتشارد نورلاند من العاصمة التونسية ويقوم بزيارات عابرة إلى ليبيا117.

وكانت واشنطن قد أنهت حالة عدم الاستقرار الخاصة بمنصب السفير؛ فبعد ترك ريتشارد نورلاند المنصب، واقتصاره على تولي منصب مبعوث الرئيس الأمريكي إلى ليبيا، كُلِّفَ ليزلي أوردمان بعمل السفير بالإنابة في سبتمبر 2022، ثم في أكتوبر من العام التالي خلفه جيريمي برنت في منصب القائم بأعمال السفير، دون أن يُعيَّن سفير دائم. وفي يناير 2024، سعت إدارة بايدن إلى إنهاء الوضع المعلق لمنصب السفير، من خلال ترشيح السفيرة جينفر جافيتو، وهو القرار الذي ينتظر مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي118.

ب- تعيين الأمريكية ستيفاني خوري نائبة للمبعوث الأممي عبدالله باتيلي للشئون السياسية، في أول مارس 2024119. وقد يتأتى النظر إلى تعيين “خوري” بوصفه يهدف إلى السيطرة على مجريات عملية التسوية، نتيجة القياس على تجربة ستيفاني ويليامز، التي تحمل الجنسية الأمريكية أيضًا، وعُينت أيضًا في ذات المنصب بقرار من الأمين العام للأمم المتحدة؛ وسرعان ما أصبحت، بعد فترة من توليها منصبها، المتحكم الأهم في عملية التسوية الليبية، لاسيما مع استقالة المبعوث الأممي السابق غسان سلامة في مارس 2020. وبالنظر إلي إعلان المبعوث الأممي عبدالله باتيلي استقالته، فإن خوري عمليًا ستكون هي الطرف المخول بقيادة عملية التسوية السياسية في ليبيا120.

ج- عقد لقاءات متعددة مع الفاعلين العسكريين والأمنيين الرئيسين في شرق ليبيا وغربها،. فقد التقى الملحق العسكري بالسفارة الأمريكية، رئيس مكتب المشير حفتر، وبعض قيادات القيادة العامة في بنغازي بتاريخ 8 فبراير 2024؛ وفي 23 فبراير التقى القائم بأعمال السفير، جيريمي برنت، قيادات من قوات حفتر في بنغازي أيضاً؛ وفي نهاية الشهر أجرى الملحق العسكري الأمريكي لقاءً مع كبار القادة العسكريين التابعين لحكومة طرابلس؛ فضلًا عن زيارة مقر اللواء 444، ولقاء قائده العميد محمود حمزة؛ ثم لقاء المبعوث الأمريكي ريتشارلد نورلاند والسفير جيريمي برنت بوزير داخلية حكومة طرابلس عماد الطرابلسي في 7 مارس. وأخيرًا، زيارة وفد ملحق الدفاع الأمريكي إلى مدينتي مصراتة والخمس مطلع الأسبوع الثاني من شهر أبريل، حيث جرت زيارة مقر “المنطقة العسكرية الوسطى، وقاعدة الخمس البحرية، ومختلف القوات العسكرية المهمة، وقوات مكافحة الإرهاب”121.

د- قيام شركة أمنية أميركية خاصة في طرابلس بتوفير التدريب العسكري للجماعات المسلحة من أجل دمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية في غرب ليبيا الذي تديره حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة. وهذه الشركة هي شركة “امونتيوم” (Amentum) الأميركية الناشطة في المجال الأمني ​​والتابعة لوزارة الخارجية والدفاع الأميركيين، وقد تم إنشاؤها في عام 2020 لتخلف الشركة العسكرية DynCorp التي عملت أيضًا مع الوزارتين والتي قدمت التدريب لقوات الأمن في العراق وأفغانستان وغيرها. وسيكون مقر أمنتيوم في ليبيا بموجب عقد مع حكومة الدبيبة، وسيكون رجالها في قاعدة “معيتيقة” العسكرية في طرابلس التي أصبحت الآن خالية من وجود الميليشيات122.

وفي حين يري البعض أن هذه التحركات الأمريكية محدودة، ولا يمكن أن تنجح في إخراج “فاغنر” من ليبيا، لكن المسئولين الأمريكيين يفسرون محدودية تحركاتهم بأن “التغلغل الروسي في شرق ليبيا لا يزال تحت السيطرة”. فمنذ سنوات، تتمركز في معسكر بضواحي مدينة بنغازي قوة من الجيش الأميركي، تتكون من عشرات الضباط ومعززة بأفراد من وكالة المخابرات المركزية الأميركية (CIA) وبأجهزة تتبع وتنصت ومراقبة للطيران المسير، في مقابل وجود قوة مماثلة من المخابرات الأميركية في طرابلس123.

ومن واقع التحركات الأمريكية، يمكن تحديد “بنك أهداف” الدور الأمريكي في خلال المرحلة المقبلة في نقاط محددة؛ أولها، إعادة صوغ المشهد الأمني داخل العاصمة طرابلس، وداخل مدن المنطقة الغربية في مرحلة لاحقة. وثانيها، إنهاء الانقسام الحكومي القائم. وثالثها، تنشيط مسار التسوية السياسية، عبر تدشين آلية حوارية جديدة، ربما على غرار ملتقى الحوار الوطني الذي أطلقته الأمريكية ستيفاني ويليامز في السابق، وذلك بغض النظر عن مآل نجاح تلك الآلية وحدوده. ورابعها، كبح تنامي النفوذ العسكري الروسي في شرق ليبيا. ويرتبط تحقيق الهدفين الأول والثاني بالتفاعلات على المدى القصير جدًا، في حدود الأسابيع المقبلة؛ ومن المرجح تحقيق تقدم جوهري في هذين الهدفين. أما الهدفين الثالث والرابع فيرتبط تحقيقهما بالتفاعلات على مدى زمني أوسع، ولا توجد ضمانات لمقدار النجاح الذي يمكن تحقيقه بشأنهما124.

وفيما يتعلق بالعلاقة مع حكومة الدبيبة، فعلي الرغم من تعزيز الشراكة بين حكومة عبدالحميد الدبيبة والولايات المتحدة عقب تسليم الحكومة أحد الضالعين في التخطيط لإسقاط طائرة “بانام” الأميركية عام 1988 فوق بلدة “لوكربي” بأسكتلندا، وهو ضابط المخابرات الليبي السابق أبو عجيلة المريمي125، لكن مؤخرًا أكدت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس جرينفيلد، على أهمية إجراء انتخابات ديمقراطية، ثم أضافت أنه لتحقيق هذه الغاية نحن منفتحون على دعم تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة، يكون هدفها الوحيد قيادة ليبيا نحو انتخابات حرة ونزيهة، ويشير هذا الموقف أن واشنطن ستؤيد استبدال عبدالحميد الدبيبة في الحكومة الجديدة في طرابلس في حالة التوافق على تشكيل حكومة موحدة126.

ويعود هذا الموقف الأمريكي في جزء منه إلي انزعاج واشنطن من مواقف حكومة الوحدة الوطنية المساندة لغزة والمقاومة الفلسطينية، والمتمثلة في إعلان الحكومة في وقت سابق عن تخصيص 50 مليون دولار كمساعدات للقطاع. بجانب وصف الدبيبة لما يجري في غزة بأنه “جرائم حرب وإبادة جماعية، ووصمة عار يسطرها التاريخ على جبين الاحتلال وداعميه”.

كما أن الإدارة الأميركية تعتبر الوجود الصيني الاقتصادي في ليبيا منافسًا لها127، خاصة بعدما وجه وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية محمد الحويج الإدارات المختصة بالوزارة بتقديم التسهيلات للشركات الصينة الراغبة بالعمل بالسوق الليبي وحلحلة المشكلات والعقبات التي تواجهها في استئناف عملها. وكانت وزارتا الاقتصاد الليبية والصينية قد اتفقتا في ديسمبر 2023 على تشكيل فريق عمل من الإدارات والجهات التابعة يضع آلية عمل مشتركة لتسهيل عودة النشاط الاقتصادي والتجاري بين البلدين128.

1 “مستقبل الإنتخابات في ليبيا..بعد إقرار قانون الإنتخابات من البرلمان”، المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، 10/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/484njawr

2 المرجع السابق.

3 “ليبيا.. ما دلالات لقاء رئيسي مجلسي النواب والدولة بالقاهرة؟ (تحليل)”، الأناضول، 17/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/32nf76se

4 ” ليبيا: المسار السياسي بعد تولي عبد الله باتيلي رئاسة البعثة الأممية لتسوية الأزمة”، مركز الجزيرة للدراسات، 29/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/3tub3dek

5 “رغم الجدل بشأنها.. البرلمان ينشر القوانين الانتخابية في الجريدة الرسمية”، ليبيا الأحرار، 2/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4mk4puhe

6 “مستقبل الإنتخابات في ليبيا..بعد إقرار قانون الإنتخابات من البرلمان”، مرجع سابق.

7 ” ليبيا: المسار السياسي بعد تولي عبد الله باتيلي رئاسة البعثة الأممية لتسوية الأزمة”، مرجع سابق.

8 “مستقبل الإنتخابات في ليبيا..بعد إقرار قانون الإنتخابات من البرلمان”، مرجع سابق.

9 ” تكالة يؤكد لباتيلي أن تشريعات مجلس النواب الليبي بشأن الانتخابات باطلة”، العرب، 8/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/52z7kk83

10 ” عقيلة وتكالة يلتقيان في القاهرة ويتفقان على استمرار التشاور”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 8/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2h3srcb4

11 “انسداد في ليبيا.. مرحلة انتقالية أم نزاع يهدد بالتفكك (تحليل)”، الأناضول، 7/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2rnfhyrm

12 ” تضم الأطراف الرئيسية في العملية السياسية.. خطة باتيلي الجديدة على طاولة «الخماسية»”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 24/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/es452bmu

13 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مركز الإمارات للسياسات، 8/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/uxjwer25

14 “الخطة الأممية الأخيرة في ليبيا و”الخمسة الكبار””، مركز الجزيرة للدراسات، 24/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/msk6cr29

15 “تعدُّد مسارات التسوية الليبية: المبادرات الراهنة والسيناريوهات المحتملة”، مركز الإمارات للسياسات، 5/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/ybmdttzn

16 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مرجع سابق.

17 ” غياب الثقة:أبعاد الاتهامات المتبادَلة بين باتيلي والقوى السياسية الليبية”، الحائط العربي، 18/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/33s8z9x6

18 المرجع السابق.

19 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مرجع سابق.

20 ” غياب الثقة:أبعاد الاتهامات المتبادَلة بين باتيلي والقوى السياسية الليبية”، مرجع سابق.

21 “الحوار الخماسي:لماذا لن تقود مبادرة “باتيلي” إلى اختراق الجمود الليبي؟”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 29/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yc73xcn9

22 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مرجع سابق.

23 “الخطة الأممية الأخيرة في ليبيا و”الخمسة الكبار””، مرجع سابق.

24 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مرجع سابق.

25 “تعدُّد مسارات التسوية الليبية: المبادرات الراهنة والسيناريوهات المحتملة”، مرجع سابق.

26 “الجمود والتعطيل: مبادرة «باتيلي» ومأزق التسوية السياسية في ليبيا”، مرجع سابق.

27 “الحوار الخماسي:لماذا لن تقود مبادرة “باتيلي” إلى اختراق الجمود الليبي؟”، مرجع سابق.

28 المرجع السابق.

29 “المبعوث الأممي إلى ليبيا يستقيل من منصبه بسبب “الإحباطات””، الجزيرة نت، 16/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yc2pv2pb

30 ” اختتام أعمال الاجتماع العادي الثالث للجنة التحضيرية للمصالحة الوطنية”، صحيفة الأنباء الليبية، 14/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mwtzb9dj

31 ” وصف قادة ليبيا بـ”الأنانيين”.. باتيلي يعلن تأجيل مؤتمر المصالحة الليبية”، إرم نيوز، 16/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/5fp43cmv

32 ” فريق سيف القذافي ينسحب من الجلسات التحضيرية لمؤتمر «المصالحة الوطنية»”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 14/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4dz4uhd7

33 “تعدُّد مسارات التسوية الليبية: المبادرات الراهنة والسيناريوهات المحتملة”، مرجع سابق.

34 “ممثلو «قوات حفتر» ينسحبون من ملف المصالحة ويشترطون سحبه من المجلس الرئاسي للعودة”، عين ليبيا، 24/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mrxptd8p

35 “تعدُّد مسارات التسوية الليبية: المبادرات الراهنة والسيناريوهات المحتملة”، مرجع سابق.

36 “أزمة متجددة:دلالات تصاعد الصراع حول “رأس جدير” غرب ليبيا”، الحائط العربي، 21/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4d7nyxae

37 “بعد اشتباكات مسلحة.. ليبيا تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع تونس”، التلفزيون العربي، 19/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/5n76wrzy

38 ” قوة مشتركة وغرفة أمنية لفتح وتأمين معبر رأس جدير الحدودي مع تونس بعد اشتباكات أدت لإغلاقه”، المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، 2/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2p9yxx7a

39 “أزمة متجددة:دلالات تصاعد الصراع حول “رأس جدير” غرب ليبيا”، مرجع سابق.

40 ” قوة مشتركة وغرفة أمنية لفتح وتأمين معبر رأس جدير الحدودي مع تونس بعد اشتباكات أدت لإغلاقه”، مرجع سابق.

41 “أزمة متجددة:دلالات تصاعد الصراع حول “رأس جدير” غرب ليبيا”، مرجع سابق.

42 “إدارة التوازنات:دوافع ومآلات انفتاح الدبيبة على الأمازيغ في ليبيا”، الحائط العربي، 25/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/fyc6zb49

43 “اشتباكات بنغازي على وقع دخول البرغثي المدينة..ملابسات الحدث ودلالاته”، مرجع سابق.

44 المرجع السابق.

45 “مستقبل الإنتخابات في ليبيا..بعد إقرار قانون الإنتخابات من البرلمان”، مرجع سابق.

46 المرجع السابق.

47 “حماد يعين بالقاسم خليفة حفتر على رأس صندوق إعادة إعمار درنة”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 27/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5bt5dcyn

48 “اشتباكات بنغازي على وقع دخول البرغثي المدينة..ملابسات الحدث ودلالاته”، مرجع سابق.

49 “تركيا تعلن تمديد مهمة قواتها في ليبيا سنتين”، الجزيرة نت، 5/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/bdfsdctx

50 “انعكاسات محتملة:دوافع تمديد تركيا لقواتها العسكرية في ليبيا”، الحائط العربي، 3/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yp9fx2jn

51 “تركيا تكشف عن تدريب 15 ألف جندي في غرب ليبيا”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 17/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/53m2deta

52 ” هاكان فيدان يعلن قرب افتتاح القنصلية التركية في بنغازي”، جريدة زمان التركية، 7/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/y6mxtd9n

53 ” عقب اجتماعه مع إردوغان.. عقيلة يلتقي رئيس البرلمان التركي في أنقرة”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 13/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2tnjdjc8

54 ” نقلة نوعية:لماذا أعلنت أنقرة عن تأسيس قنصلية في بنغازي؟”، الحائط العربي، 21/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2p9wwebk

55 “تحييد الخلافات:أسباب زيارة رئيس البرلمان الليبي إلى تركيا”، الحائط العربي، 17/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/296uw5bb

56 المرجع السابق.

57 “انعكاسات محتملة:دوافع تمديد تركيا لقواتها العسكرية في ليبيا”، مرجع سابق.

58 ” نقلة نوعية:لماذا أعلنت أنقرة عن تأسيس قنصلية في بنغازي؟”، مرجع سابق.

59 “انعكاسات محتملة:دوافع تمديد تركيا لقواتها العسكرية في ليبيا”، مرجع سابق.

60 ” نقلة نوعية:لماذا أعلنت أنقرة عن تأسيس قنصلية في بنغازي؟”، مرجع سابق.

61 “انعكاسات محتملة:دوافع تمديد تركيا لقواتها العسكرية في ليبيا”، مرجع سابق.

62 ” نقلة نوعية:لماذا أعلنت أنقرة عن تأسيس قنصلية في بنغازي؟”، مرجع سابق.

63 ” تركيا تواجه تحديات لتحقيق هيمنة تامة في ليبيا”، أحوال تركية، 22/8/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4a3jsvax

64 “وزير النفط: ننفي علمنا بالاتفاقية المصرية الكورية الجنوبية ونحن لسنا بحاجة إلى ميناء خارجي لتصدير النفط”، زوايا، 4/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4spddp56

65 “المؤسسة الليبية للاستثمار تنفي شائعات ضخها مبلغ 5 مليارات دولار لزيادة استثمارها في مصر.”، وكالة الأنباء الليبية، 20/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/59bfvjrx

66 “ماريدايف المصرية توقع عقدًا مع مليتة للنفط والغاز بقيمة 29مليون يورو”، ليبيا أوبزرفر، 31/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/44xsdksx

67 ” ارتفاع الصادرات المصرية نحو ليبيا بنسبة 48 بالمائة”، بوابة إفريقيا الإخبارية، 2/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2typcc4u

68 “مسؤول يكشف تفاصيل خطة ليبيا لاستقدام مليوني عامل من مصر”، الشاهد الليبي، 1/5/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4xch6cj3

69 ” عقيلة وتكالة يلتقيان في القاهرة ويتفقان على استمرار التشاور”، مرجع سابق.

70 “القاهرة تحتضن اجتماعًا لرئيس المخابرات المصرية وعقيلة صالح”، ليبيا الأحرار، 26/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3bkaunp7

71 “عودة التعاون بعد 20 عاماً.. الدبيبة يلتقي آبي أحمد في أديس أبابا”، ليبيا الأحرار، 25/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4tz96vuw

72 ” اتفاق ثلاثي جزائري تونسي ليبي لتنسيق “أُطر الشراكة والتعاون””، الجزيرة نت، 5/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4hy9z2as

73 ” قمة ثلاثية.. أهم مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين تونس والجزائر وليبيا (فيديو)”، RT عربي، 22/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yn2dmn9p

74” القمة الثلاثية في تونس.. أي حضور للأزمة الليبية وأي تأثيرات؟”، العربي الجديد، 23/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/bde76st8

75 “قمة سعيّد وتبون والمنفي: الوقائع تكبح التطلعات”، العربي الجديد، 24/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/ebthr3wu

76 ” قمة ثلاثية.. أهم مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين تونس والجزائر وليبيا (فيديو)”، مرجع سابق.

77 “قمة تونس الثلاثية: السياق والتداعيات على الاتحاد المغاربي”، مركز الجزيرة للدراسات، 29/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3ps2vw56

78 ” اتهامات جديدة لتونس بطرد المهاجرين نحو حدود ليبيا والجزائر”، ليبيا الأحرار، 10/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4uz9z9ax

79 ” بغياب المغرب وموريتانيا.. ما وراء لقاء سعيّد مع تبون والمنفي؟”، الجزيرة نت، 23/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3cxhj6hw

80 ” حكومة الدبيبة تنظم ملتقى أمنيا للدول المهتمة بالهجرة غير النظامية”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 1/5/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yf5pv4zb

81 ” قمة ثلاثية.. أهم مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين تونس والجزائر وليبيا (فيديو)”، مرجع سابق.

82 “القمة الثلاثية في تونس.. أي حضور للأزمة الليبية وأي تأثيرات؟”، مرجع سابق.

83 ” إغلاق معبر رأس جدير يقطع أوردة مدن تونسية وليبية”، الجزيرة نت، 28/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4hb4rjfn

84 “ماذا يجري في المثلث الحدودي بين ليبيا وتونس والجزائر؟”، الجزيرة نت، 24/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2f338cny

85 ” اتفاق أوروبي مع ليبيا على دعم تأمين وإدارة حدودها مع تونس”، زوايا، 1/5/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yey9u9z3

86 ” الدبيبة يؤكد جاهزية وزارة الداخلية لتأمين الانتخابات، والطرابلسي يتحدث عن خطة لتأمين المعابر”، ليبيا الأحرار، 27/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/hjcdycex

87” قمة ثلاثية.. أهم مخرجات الاجتماع التشاوري الأول بين تونس والجزائر وليبيا (فيديو)”، مرجع سابق.

88 ” ليبيا والجزائر وتونس توقع اتفاقية إدارة المياه الجوفية المشتركة”، ليبيا الأحرار، 24/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3hfffch5

89” بغياب المغرب وموريتانيا.. ما وراء لقاء سعيّد مع تبون والمنفي؟”، الجزيرة نت، 23/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3cxhj6hw

90 “ماذا يجري في المثلث الحدودي بين ليبيا وتونس والجزائر؟”، مرجع سابق.

91 “قمة تونس الثلاثية: السياق والتداعيات على الاتحاد المغاربي”، مرجع سابق.

92 المرجع السابق.

93 “هل تنجح الجزائر في إنشاء كيان مغاربي جديد؟”، عربي21، 6/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3xy5hr83

94 ” القمة الثلاثية في تونس.. أي حضور للأزمة الليبية وأي تأثيرات؟”، مرجع سابق.

95 “قمة سعيّد وتبون والمنفي: الوقائع تكبح التطلعات”، مرجع سابق.

96 “هل تنجح الجزائر في إنشاء كيان مغاربي جديد؟”، مرجع سابق.

97 ” بغياب المغرب وموريتانيا.. ما وراء لقاء سعيّد مع تبون والمنفي؟”، مرجع سابق.

98 “الدبيبة يعلن عن مبادرة لإحلال السلام في السودان”، الأناضول، 24/2/2023، الرابط: https://tinyurl.com/mvapu9sa

99 ” دوافع الدخول الليبي.. على خط الأزمة السودانية”، أصوات أونلاين، 6/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yc4efpby

100 ” لماذا ينخرط “الدبيبة” في الأزمة السودانية؟”، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، 28/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/4un957a8

101 ” وقود ليبي يؤجج حرب السودان: حفتر يهرّب المشتقات المدعومة إلى حميدتي”، العربي الجديد، 28/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/m9ym67f9

102 ” لماذا ينخرط “الدبيبة” في الأزمة السودانية؟”، مرجع سابق.

103 “حفتر يوثق علاقته مع المجلس العسكري في النيجر بدعم روسي.. ما الهدف؟”، عربي21، 3/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/5bt2wbcp

104 “خليفة حفتر يتقرب من المجلس العسكري النيجري بمباركة بوتين”، منتدي العاصمة (مترجم)، 9/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mr32fnb3

105 ” حمّاد يبحث مع وفد ائتلاف شركات إماراتية مشروع إعادة الإعمار”، بوابة أفريقيا الإخبارية، 30/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/yc5bywmy

106 “وزارة النفط والغاز ترفض تعاقدات المؤسسة الوطنية للنفط الجديدة مع إيني وتوتال وأدنوك وتعتبرها مخالفة للتشريعات الليبية”، وكالة الأنبار الليبية، 16/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5bxywuzp

107” مفتي ليبيا يستغرب إيداع مؤسسة النفط أموالًا في الإمارات”، ليبيا أوبزرفر، 11/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/y3trx2jh

108 ” “الفيلق الأفريقي”.. “فاغنر” روسية رسمية انطلاقًا من ليبيا!”، DW عربية، 9/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2b93j4n9

109 “مخاوف أوروبية من خطط روسية لإنشاء قاعدة بحرية في ليبيا”، ميدل إيست أونلاين، 5/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2e83mneb

110 ” لوبوان الفرنسية ..وصول معدات عسكرية تحسبا لنشر الفيلق الإفريقي”، أبعاد، 16/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mt7zntfz

111 ” أسلحة روسية تصل شرق ليبيا.. دعم جديد لحفتر أم للفيلق الأفريقي؟”، عربي21، 16/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/39khkfmn

112 “إعادة توازن: أسباب الانفتاح الروسي على “الأطراف المتعارضة” في ليبيا”، الحائط العربي،5/12/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4wua5tk7

113 “ميلتري أفريكا: وصول أعداد كبيرة من القوات والأسلحة الروسية إلى ليبيا”، ليبيا الأحرار، 27/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/2fyutfzr

114 ” أسلحة روسية تصل شرق ليبيا.. دعم جديد لحفتر أم للفيلق الأفريقي؟”، مرجع سابق.

115 “إعادة توازن: أسباب الانفتاح الروسي على “الأطراف المتعارضة” في ليبيا”، مرجع سابق.

116 “تنافس استراتيجي:عوامل تصاعد الجدل بشأن القاعدة العسكرية الروسية في ليبيا”، الحائط العربي، 12/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/2j47wfn5

117 ” الخارجية الأميركية تطلب من الكونغرس 12.7 مليون دولار لفتح سفارتها في ليبيا”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 12/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/bdfmuz2z

118 ” البحث عن توازنات جديدة: ما وراء تزايُد الانخراط الأمريكي في المشهد الليبي”، مركز الإمارات للسياسات، 30/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/495r5stz

119 ” تعيين الأميركية ستيفاني خوري نائبة للمبعوث الأممي عبدالله باتيلي”، بوابة الوسط صوت ليبيا الدولي، 1/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/mxcwh3ky

120 ” البحث عن توازنات جديدة: ما وراء تزايُد الانخراط الأمريكي في المشهد الليبي”، مرجع سابق.

121المرجع السابق.

122 “شركة أمنية أميركية تدرب ميليشيات ليبية لمواجهة النفوذ الروسي”، ميدل إيست أونلاين، 17/3/2024، الرابط: https://tinyurl.com/49h9bv8k

123 “تفاصيل التحركات الأميركية سياسيا وأمنيا بين الأطراف الليبية”، الجزيرة نت، 28/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/9xdr27xk

124 “البحث عن توازنات جديدة: ما وراء تزايُد الانخراط الأمريكي في المشهد الليبي”، مرجع سابق.

125 “تفاصيل التحركات الأميركية سياسيا وأمنيا بين الأطراف الليبية”، مرجع سابق.

126 “مستقبل الإنتخابات في ليبيا..بعد إقرار قانون الإنتخابات من البرلمان”، مرجع سابق.

127 “تفاصيل التحركات الأميركية سياسيا وأمنيا بين الأطراف الليبية”، مرجع سابق.

128 “ترحيب برغبة الصين في استئناف شركاتها للعمل والاستثمار في ليبيا”، ليبيا الأحرار، 24/4/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3dzarjr2

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022