اعادة تكليف مصطفى مدبولي تشككيل حكومة جديدة بين تحدي السيسي للشعب وتحديات مصر

تقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، يوم 3 يونيو الجاري، باستقالة حكومته إلى عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد بدوره تكليفه بتشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات، حسبما أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية.

وتولى مدبولي الحكومة لأول مرة في 7 يونيو 2018، وشغل قبلها منصب وزير الإسكان خلال الفترة من فبراير 2014 حتى 6 يونيو 2018.

وتشكلت حكومة مدبولي الحالية، بعد فوز السيسي بولايته الرئاسية الثانية في العام 2018، وشهدت تعديلات وزارية عدّة.

ومع استمرار مدبولي في منصبه، يستهدف التشكيل الجديد مواصلة  ما أطلق عليه “مسار الإصلاح الاقتصادي”، والتركيز على جذب استثمارات محلية وأجنبية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، بحسب بيان الرئاسة، الذي يتباعد تماما مع واقع حال المصريين ، ومع نهج نظام السيسي السلطوي، الذي فاقم أزمات المصريين السياسية والاقتصادية والاجتماعية…

قوبل إعادة تكليف مدبولي بالحكومة الجديدة، برفض شعبي كبير، وسط ستغراب  من تحدي النظام للشعب، في ظل  بقاء مدبولي في منصبه الذي يشغله منذ نحو 6 سنوات رغم ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، ووسط حديث عن رفع مرتقب لأسعار الكهرباء والأدوية والوقود وسلع أخرى، بعد الخبز المدعم..

ويعد مدبولي، ثالث رئيس للوزراء في عهد السيسي. إذ كُلف وكان وزيرًا للإسكان في عام 2018، بتشكيل الحكومة خلفًا لحكومة شريف إسماعيل الذي تعرض لأزمة صحية لسنوات قبل وفاته عام 2023. وأُجري تعديلين على حكومة محلب؛ الأول في 19 ديسمبر 2019، والثاني في 13 أغسطس 2022.

أولا:أبعاد التغيير الوزاري:

ويحمل قرر التعديل الوزاري وتكليف مدبولي، العديد من الأبعاد المتعلقة بشخص مدبولي وتوقيت التغييير وأسبابه ودوافعه من قبل النظام، وأيضا ارتداداته المجتمعية على المصريين…

1-صندوق النقد  كلمة السر:

ومما لا شك فيه، يرتبط توقيت التغيير الوزاري،  بموعد تواجد بعثة صندوق النقد الدولي في مصر منذ 21 مايو الماضي، لإتمام المراجعة الثالثة للاقتصاد المصري في إطار تمويل الصندوق البالغ 8 مليارات دولار.

وقد أراد السيسي ارسال رسالة، بان هناك تغييراً ما ، يجري في مصر، واعادة هيكلة للسياسة والاقتصاد ، وفق معايير الصندوق..

وهو ما  التقطه مدبولي، في أحاديثه الاعلامية مؤخرا، بتأكيده على مدار الأيام الماضية أمام وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية في القاهرة،عن تحريك أسعار الخبز المدعم 4 أضعاف، ورفع الدعم عن الكهرباء، والمنتجات البترولية، فيما جرى الإعلان عن رفع كبير بأسعار أكثر من 200 صنف دوائي.

وهو الحديث الذي جاء عقب إعلان السيسي، عن هذا التوجه الحكومي لرفع أسعار تلك السلع والخدمات المدعوم بعضها بقدر من الموازنة العامة المصرية..

وهو ما دفع مراقبين إلى القول إن هذا التكرار والتأكيد قد يكون فيه رسالة لصندوق   النقد  الدولي، لتمرير المراجعة الهامة والحصول على الجزء المقرر من القرض، وطلب تمويل جديد بنحو 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع للصندوق، وفق تصريح سابق لمدبولي. وذلك لحل أزمة شح الدولار لدى الحكومة المصرية، ولدفع مستحقات بعض الشركات الأجنبية وخاصة شركات التنقيب عن النفط والغاز، وأيضا دفع خدمة دين فاقت الـ168 مليار دولار مع نهاية العام الماضي.

وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن ذلك الحديث يعد مؤشرا على تفاقم جديد لأوضاع أكثر من 106 ملايين مصري مع القرارات الجديدة واشتراطات وتعليمات الصندوق.

2-انتهاء دور الحكومة في تمرير القرارات الصعبة:

وجاءت استقالة الحكومة، التي كان المفترض أن تستقيل منذ بريل الماضي، موعد حلف السيسي اليمين الدستورية الثالثة، بعد أن تحملت عبء تمرير أصعب القرارات التي ارادها نظام السيسي، سواء بتمرير موازنة العام الجديد، التي تفاقم العجز المالي، وخفض الدعم ومخصصات الصحة والتعليم، علاوة على القرار الأصعب، وهو رفع سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشا..

وقبيل ساعات من استقالته، أعلن مدبولي، عن رفع سعر رغيف الخبز المدعوم إلى 20 قرشا من 5 قروش، وتنفيذ القرار، مطلع يونيو الحالي..

وهو ما عده خبراء مخاطرة جريئة وقد تكون غير محسوبة خاصة أنه لم يتم تحريك سعر الخبز المدعم منذ 30 عاما، وفق تأكيد مدبولي.

بل ذهب مدبولي لأبعد من ذلك، بقوله إنه سيتم مناقشة التحول من الدعم العيني إلى النقدي. ويمس ملف الخبز والدعم بشكل مباشر ملايين المصريين من الطبقات الفقيرة والمعدمة من شعب يتغلغل الفقر، والفقر المدقع في مساكنه وشوارعه وحواريه وقراه ونجوعه وعزبه وكفوره.

كما تحدث مدبولي، أيضا عن أسعار الخبز والوقود والكهرباء، وقال: “يجب تحريك سعر رغيف الخبز المدعم بصورة تتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار، مشيرا إلى إمكانية زيادة أسعار المواد البترولية، وذلك برغم أن حكومته رفعت في مارس الماضي، سعر البنزين من 8 إلى 10%، والسولار بنسبة 21.2% .

معلنا عن أنه طالب وزارة الكهرباء بوضع خطة لرفع الدعم عن الكهرباء بالكامل على مدى 4 سنوات…وذلك رغم أنه ملف يؤلم الكثير من المصريين خاصة مع انقطاع الكهرباء بشكل يومي، وفق خطة لتخفيف الأحمال، وتوفير الكهرباء..

وضمن الانتهاء من القرارات المؤلمة جملة واحدة، وعلى لسان المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء محمد الحمصاني، قال لفضائية “صدى البلد” المحلية، إنه “سيجري رفع الدعم عن بعض السلع بصورة كاملة”.

أما وزير المالية محمد معيط، وفي اتصال بفضائية “الحدث اليوم” المحلية، فقد وجه رسالة مقلقة بقوله إن ملف الدعم “أصبح يمثل خطورة على الأمان المالي والاقتصادي للدولة”.

تلك التصريحات المعبرة عن توجهات أشد ايلاما للمجتمع، جاءت مع نهاية أيام مدبولي في حكومته القديمة…

ينضاف إلى ما سبق، اعلان رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية الدكتور علي عوف، أن هناك زيادة مرتقبة في أسعار 200 صنف دوائي، متوقعا زيادة أسعار 700 صنف خلال 3 أشهر قادمة، ملمحا لاحتمال رفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة، 20%، والأمراض الحادة 30% .

3-استجابات مفتوحة من النظام لاملاءات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة تضع مصر أمام مجهول كبير:

وبالتزامن مع حضور صندوق النقد للقاهرة، وإعلان الحكومة عن رفع أسعارالعديد من السلع والخدمات، عاد الحديث عن ملف الطروحات بقوة، حيث أُعلن قبل أيام عن عروض لشراء شركة “وطنية” التابعة للجيش المصري، والتي يمثل طرحها للبيع إحدى مطالب صندوق النقد الدولي، بدعوى تقليل حصة الجيش في الاقتصاد المحلي.

وبعد يوم واحد من وصول بعثة صندوق النقد إلى القاهرة، وفي 22 مايو الجاري، قالت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد لـ”اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”، إن “مصر تلقت 7 عروض عالمية ومحلية للاستحواذ على أسهم “الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية” (وطنية).

وإلى جانب ما تشير إليه الأنباء من قرب تنفيذ صفقة “وطنية”، فقد جرت في الأيام الماضية وبالتزامن مع وجود بعثة صندوق النقد في مصر، استحواذات واسعة في القطاع الزراعي، والصحي والطبي، ومنها استحواذ شركة “تريكويرا” الهولندية على حصة جديدة قدرها 22% في “مينا فارم” للأدوية لتصل حصتها 50%، واستحواذ شركة “بريميوم دياجنوستيكس” الإماراتية على حصة أقلية في “سيتي للتحاليل الطبية”، ورفع شركة “غولدمان ساكس إنترناشيونال” الإماراتية حصتها في شركة “مستشفى كليوباترا”.

وفي القطاع الزراعي والتعليمي يسعى صندوق الاستثمارات العامة السعودي لاقتناص حصة في “دالتكس” للتطوير الزراعي أهم مصدر للبطاطس المصرية، بجانب عرض من الصندوق للاستحواذ على 100%من شركة “سيرا” للتعليم، وغيرها من الطروحات وصفقات الاستحواذ والدمج.

ووفق تقديراتاقتصادية، فإن تتابع إعلان الحكومة عن رفع أسعار سلع استراتيجية، وتسارع عمليات بيع الأصول العامة، بالتزامن مع حضور صندوق النقد الدولي، يضع مستقبل وواقع مصر أام مجهول كبير..

بل وإن الأمر يحمل الكثير من الأسرار التي ربما يجري اخفائها، وإلهاء المصريين عنها، بالتشكيل الحكومي الجديد، اذ أن ما يتعلق بالاتفاقيات الدولية بجانبيها الاقتصادي والسياسي لا تعلن الحكومة عن حقيقة هذه البرامج أو بنود تلك الاتفاقيات..وهو ا يعني الكثير في ظل نظام مصري عاجز اقتصاديا وسياسيا..

كما أنه في الاتفاق الأخير بين صندوق النقد الدولي ومصر، لا يُعلم ما هي الإجراءات التي يتوجب على الحكومة المصرية الالتزام بها، حتى يتحسب الناس لتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي نحن أمام خطوات مجهولة المعالم..

ومن ثم تأتي قرارات الحكومة الاخيرة المتسارعة، سواء فيما يتعلق بالخبز والوقود والكهرباء أو ببيع الأصول، كأحد اشتراطات توقيع التمويل الأخير مع صندوق النقد الدولي، فيما بقية الاشتراطات والسياسات قد تتحملها الحكومة الجديدة، التي لن تتغير سياساتها عن السياسات الكارثية الحالية..

وذلك كله، كبوابة للحصول على دعم الجهات المانحة والمقدمة للقروض الفترة القادمة؛ حتى يستطيع النظام الحصول على مزيد من القروض…

ثانيا:  آليات  عملية التغيير الحكومي:

1-مسار الاستحقاقات الدستورية :

ووفق دستوريين، فإنه لا يوجد سبب دستوري لاستقالة رئيس الوزراء، وأن ما حدث لا علاقة له بأي التزام دستوري، فما حدث يختلف عما تنص عليه المادة 147 من الدستور المصري، إذ أن المادة تتحدث عن إقالة الحكومة، والتي لابد أن تتم وفقًا لعدة شروط أبرزها موافقة مجلس النواب. وتنص المادة 147 من الدستور المصري على أنه “لرئيس الجمهورية إعفاء الحكومة من أداء عملها بشرط موافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب. ولرئيس الجمهورية إجراء تعديل وزارى بعد التشاور مع رئيس الوزراء وموافقة مجلس النواب بالأغلبية المطلقة للحاضرين وبما لا يقل عن ثلث أعضاء المجلس…

ووفقًا للدستور يكلف رئيس الجمهورية زعيم الأغلبية أو المدعوم من الأغلبية في مجلس النواب بتشكيل الوزارة لضمان موافقة مجلس النواب على التشكيل الجديد، مرجحًا أن ما حدث اتفاق بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية على تغيير وزاري واسع..

فالنظام الدستوري المصري شبه رئاسي، والسلطة التنفيذية لها رأسين هما رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء.

ويتعين على مدبولي اختيار الحكومة الجديدة خلال 30 يومًا، وفقًا للمادة 146 من الدستور المصري، وتنص على أن: “يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال 30 يومًا على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال 30 يومًا، عُد المجلس منحلاً ويدعو رئيس الجمهورية لانتخاب مجلس نواب جديد خلال 60 يومًا من تاريخ صدور قرار الحل. وفي جميع الأحوال يجب ألا يزيد مجموع مدد الاختيار المنصوص عليها في هذه المادة على 60 يومًا.

وفي حالة حل مجلس النواب، يعرض رئيس مجلس الوزراء تشكيل حكومته، وبرنامجها على مجلس النواب الجديد في أول اجتماع له. في حال اختيار الحكومة من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، يكون لرئيس الجمهورية، بالتشاور مع رئيس مجلس الوزراء، اختيار وزراء الدفاع والداخلية والخارجية والعدل”.

 2- خطاب التكليف للحكومة الجديدة وممارسات النظام القميئة:

واستهدف تكليف السيسي لمدبولي، عددا من الأهداف، حددها في الحفاظ على محددات الأمن القومي المصري في ضوء التحديات الإقليمية والدولية، ووضع ملف بناء الإنسان المصري على رأس قائمة الأولويات، خاصة في مجال الصحة والتعليم، ومواصلة جهود تطوير المشاركة السياسية.

وتضمنت الأهداف كذلك تعزيز ما تم إنجازه على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى تطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، وتطوير الخطاب الديني المعتدل على النحو الذي يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.

البيان أشار إلى أن التشكيل الجديد للحكومة يجب أن يعمل على تحقيق أهداف عمومية مثل: الحفاظ على محددات الأمن القومي في ظل التحديات الأخيرة، ووضع ملف «الإنسان المصري» على رأس الأولويات خاصة في مجالي التعليم والصحة، وتطوير المشاركة السياسية، مع العمل على صعيد ملفات الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب والمحافظة على المنجز في ذلك، وتطوير ملفات الثقافة والوعي الوطني، والخطاب الديني المعتدل على نحو يرسخ مفاهيم المواطنة والسلام المجتمعي.

الواقع المرير:

وأمام التكليفات البراقة والصياغات المنمقة،  يظهرفروق شاسعة، بين واقع المصريين المعاش من 10 سنوات واكثر، قد مضت، وبين  خطاب التكليف، الذي لا يمكن اعتباره سوى “فانتازيا سياسية”!!!

اذ يعيش ما يقرب من ثلثي سكان مصر، البالغ عددهم 106 ملايين نسمة، تحت خط الفقر أو فوقه بقليل، وتواجه البلاد انخفاضا في عائدات النقد الأجنبي، سواء من السياحة التي تضررت من وباء كورونا، ثم الحرب في أوكرانيا، وحاليا في قطاع غزة، وكذلك من قناة السويس.

وكشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس الماضي، أن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن قفز إلى 35.7 %  في فبراير، من 29.8% في يناير، مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشروبات.

وجاءت زيادة الأسعار نتيجة لخفض قيمة العملة المحلية، إذ سمح البنك المركزي للجنيه المصري بالانخفاض في مارس الماضي إلى نحو 47 جنيها للدولار من 30.85 جنيه، وهو المستوى الذي كان ثابتا عنده على مدى الـ12 شهرا السابقة.

وخلال السنوات الـ10 الماضية، منذ استيلاء السيسي  على السلطة، في 2014، ارتفع سعر الدولار الأميركي مقابل الجنيه  وهو ما انعكس بدوره على أسعار جميع السلع، لتعلو الأصوات التي تشكو من الغلاء الشديد وصعوبة المعيشة، خاصة فيما يتعلق بأسعار الأغذية الأساسية، لا سيما بعد عزوف الكثيرين عن شراء السلع الترفيهية والمستوردة.

وبالتزامن مع قرار الحكومة المصرية زيادة سعر رغيف الخبز المدعوم بنسبة 300%  لأول مرة منذ عقود…رفعت مصر أسعار مجموعة واسعة من منتجات الوقود في مراجعتها ربع السنوية في مارس.

وقال مدبولي إن مصر ستبدأ سداد ما بين 20 إلى 25 % من المتأخرات المستحقة للشركات الأجنبية للطاقة. وكانت متأخرات مستحقة لشركات ومقاولين بدأت تتراكم على مصر بسبب نقص طال أمده في العملة الأجنبية.

وأعلنت القاهرة، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، رفع سعر رغيف الخبز المدعوم لأول مرة منذ 3 عقود من 5 قروش إلى 20 قرشا، اعتبارا من الأول من يونيو الجاري، وهي خطوة تقول الحكومة إنها “ضرورية لتتناسب مع الزيادة الكبيرة في الأسعار”.

ومن جانبه، قال وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، إنه قدم مقترحا برفع سعر كيلوجرام السكر المدعوم للمواطنين ليصل إلى 18 جنيها بدلا من 12.60، وذلك في وقت شهدت فيه الأسواق المصرية أزمات خلال الفترة السابقة مع هذه السلعة.

وإلى جانب الأزمات الاقتصادية والمجتمعية، تبرز أزمات ضعف المشاركة السياسية وتقليص الحريات وقمعها، وانهاء دور المجتمع المدني المستقل، وتدمير الانسان المصري سياسيا، بعد حصاره اقتصاديا، سواء بالاعتقال أو القمع الأمني والاجتماعي والقهر السياسي وتزوير ارادته، وهو ما يتنافى تماما ع خطاب التكليف  المنمق…

3-مدبولي الوصفة السحرية لأي مستبد:

وأمام المآلات التي وصلت إليها مصر ، في ظل  رئاسة مدبولي للحكومة، فإن اعادة تكليفه بتشكيل الحكومة يعد أمرا غير مفهوم ومستهجن على الصعيد الإداري والسياسي..

إلا أن بعض المراقبين، يرون أن مدبولي يمثل الوصفة السحرية لاي حاكم مستبد، حيث يسهل انصياعه لشخص الحاكم، ولا يفعل إلا ما يراه الحاكم، بل لا يجلس في حضرة الحاكم، إلا إذا سمح له الحاكم، كما يتابع المصريون ما يحدث في لقاءاته مع السيسي..

وتعتقد الخبيرة الاقتصادية، عالية المهدي، في مقابلة مع موقع الحرة أن بقاء مدبولي جاء لأن السيسي “يستريح في التعامل معه رئيسا للوزراء. هذا هو المنطق الوحيد للاختيار”.

ومن جانبه، يرى المحلل الاقتصادي المصري، علاء عبد الحليم، في مقابلة مع موقع الحرة، أن مدبولي الشخص المناسب للقيادة السياسية “لأنه ينفذ التكليفات ولا يعارض القرارات وليس شخصا لديه رؤية مختلفة”.

ورغم الأزمات الاقتصادية، يشير عبد الحليم إلى أن مصر دائما ما تلقي باللوم في أزماتها الداخلية على أسباب خارجية مثل الحرب الأوكرانية والصراع في السودان، ويعتقد المسؤولون المصريون أنهم يفعلون كل ما في وسعهم بينما تقف الظروف ضدهم.

وكان مدبولي صرح في يناير الماضي، في معرض حديثه عن خفض الدعم بأن مصر واجهت أزمات عالمية مثل كورونا، والحرب الأوكرانية، وأزمة التضخم العالمية، وهو ما أدى إلى اختلاف سعر الصرف بين الدولار والجنيه، ومثل عبئا على الدولة المصرية.

4-ترجيحات التشكيل الجديد:

وتوقع  بعض النواب والشخصيات السياسية والمراقبين،  رحيل عدد كبير من الوزراء الحاليين في مقدمتهم، وزراء؛ التموين، علي المصيلحي، والمالية، محمد معيط، إضافة إلى الخارجية، سامح شكري.. فضلًا عن دمج بعض الوزارات وعودة وزارات أخرى سبق إلغاؤها في السنوات الماضية مثل وزارة الاستثمار، فيما اعتبر سياسيون أن الإبقاء على مدبولي لا يبشر بتغيرات جوهرية في السياسات المعيبة.

وعلى صعيد وزير التموين، المؤكد رحيله، تدور الترشيحات حول كل من؛ رئيس هيئة الإمداد والتموين للقوات المسلحة، اللواء هاني كامل، ومساعد أول الوزير الحالي، إبراهيم عشماوي، إضافة إلى رئيس لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أحمد السجيني، الذي

تواصلت معه الأجهزة الرقابية معه خلال الشهرين التاليين على بدء الفترة الرئاسية الثالثة في الثاني من أبريل الماضي، لتولي حقيبة وزارة التموين.

وقبل الإعلان عن رفع أسعار الخبز وجه السيسي انتقادًا للمصيلحي في مؤتمر صحفي، مطلع الأسبوع قبل الماضي، وإلى جانبه وزيري «المالية» و«الكهرباء» قائلًا: «دكتور معيط مبيتكلمش، ووزير التموين ميتكلمش، وزير الكهرباء ميتكلمش، خيّر في ايه؟ ما تتكلموا».

وواجه المصيلحي المستمر في منصبه منذ سبتمبر 2016 انتقادات لاذعة من نواب في البرلمان مقربين من السلطة، على خلفية مجموعة من الأسباب كلها ترتبط بارتفاع أسعار السلع ضمن نظام الدعم التمويني وخارجه في يناير الماضي. 

إلى جانب المصيلحي، اتفقت المصادر السياسية على مغادرة معيط لوزارة المالية، بالأخص بعد أن «اتحرق تمامًا  في البرلمان». ورجحت ثلاثة مصادر حكومية وبرلمانية أن يخلف معيط نائبه الحالي، أحمد كجوك.

 وبحسب ترجيحات فأن مدبولي عرض على معيط الاحتفاظ بمنصبه الحالي كرئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل مع فصل المنصب عن مهام وزير المالية.

وكان البرلماني عن حزب العدل، عبدالمنعم إمام، هاجم معيط، خلال جلسة «النواب» في 3 يونيو الجاري ، داعيًا إلى محاكمته سياسيًا على خلفية تضارب في أرقام المالية العامة بين ما يعلنه صندوق النقد الدولي وزارة المالية عبر الموازنة العامة، وهو ما رفضه معيط مطالبًا بحذف كلمة «محاكمة» من المضبطة.

ورجحت مصادر حكومية رحيل وزير الكهرباء، محمد شاكر(المستمر في منصبه منذ 2014)، خصوصًا أنه بحسب أحد المصادر المقربة من الحكومة، طلب منذ أكثر من ثلاث سنوات مغادرة الوزارة للراحة، فيما توقع مصدران برلمانيان رحيل وزير البترول، طارق الملا، وذلك رغم «وجود حالة من الرضا عنه حتى وقت قريب إلا أن أزمة الطاقة والكهرباء الأخيرة ساهمت في ترجيح كفّة مغادرته»…

وضمن فئة الراحلين، اتفق ثلاثة مصادر مقربة من الحكومة على أن الحكومة الجديدة ستضم وزير خارجية جديدًا خلفًا للحالي سامح شكري، فيما لم تفصح المصادر عن أسماء بعينها مُرشحة لخلافته. وتوقع مصدران حكوميان أحدهما في وزارة العدل إلى جانب مصادر بالبرلمان رحيل كل من وزير العدل، عمر مروان، ووزير شؤون المجالس النيابية، علاء الدين فؤاد كذلك.

وفي ما يتعلق بالوزراء المتوقع استمرارهم في الحكومة الجديدة، رجح مصدر حكومي بقاء وزير الإسكان، عاصم الجزار، نتيجة وجود ملفات هامة يتم العمل عليها، في إشارة إلى صفقة «رأس الحكمة»، إلا أن مصدر آخر مُقرب من الحكومة قال إن هناك مشاورات تمت بشأن تولي رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة، خالد عباس، المنصب خلفًا للجزار.

وعلى غرار وزير المالية المتوقع أن يغادر وزارته مع استمراره في تولي جزء من مهامها، ذهبت ترجيحات  إلى أن مشاورات جرت مع وزيرة التخطيط، هالة السعيد، خلال الأيام الماضية  لتتولى رئاسة مجلس إدارة صندوق مصر السيادي بعد فصله عن وزارة التخطيط، فيما توقع مصدر حكومي أن يتم تعيينها نائبة/ مساعدة لرئيس الوزراء إلى جانب رئاسة الصندوق.

كما من المتوقع، أن تعود وزارة الاستثمار على أن تُدمج مع وزارة التعاون الدولي، وتترأسها رانيا المشاط، «جابت قروض رخيصة كتير الفترة اللي فاتت»، على حدّ وصف المصادر السياسية..

وكانت وزارة الاستثمار ألغيت عام 2019، فيما أسندت مهامها إلى رئيس الحكومة، وذلك في محاولة التغلب على مشكلة التداخل المستمر بين وزير الاستثمار وبقية الوزراء وغياب التنسيق، حسب تصريحات مدبولي وقتها.

ومن المقرر أن تستكمل الإجراءات الدستورية لتشكيل الحكومة الجديدة، عقب انتهاء مدبولي من اختيار الوزراء الجدد وموافقة السيسي، وحلف أعضاء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمامه، سيعرض مدبولي برنامج الحكومة على مجلس النواب، الذي يصوت بدوره خلال 30 يومًا على منح الحكومة الثقة من عدمه.

ثالثا: دلالات إعادة تكليف مدبولي:

ويحمل اعادة تكليف مدبولي تشكيل الحكومة الجديدة، عدة دلالات كاشفة، منها:

1-انسداد سياسي:

ويعبر اعادة تكليف مدبولي،  رغم الأزمات والانكسارات التي شهدها عهده، عن انسداد سياسي وغياب الحلول، إذ أن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تحتاج إلى حلول جذرية حقيقة تستدعى تغييرات حقيقة لا تتحملها مؤسسات الدولة، ولا ترغب في الذهاب إليها.

ويعد اختيار مدبولي ، لعب بالنار، على حد وصف مراقبين للشأن المصري. فنجاح التجربة من وجهة نظر الحكومة لا يعني ضمانة استمرارها إلى ما لا نهاية، وهذا بخلاف التغيير المحسوب المتدرج الذي تطلب به العديد من أحزاب المعارضة.

وتعبر الأزمات التي تمربها مصر، عن  مدى هشاشة الوضع الداخلي، ما استدعى تحرك دول الاتحاد الأوروبي لمساعدة مصر لالأموال مؤخرا.

وتواجه مصر تحديات كثيرة، منها: شروط صندوق النقد الدولي، وقرار رفع الدعم عن رغيف العيش، وتوقف التعيين في الجهاز الإداري للدولة..وغيرها من الأزمات..

ووفق تقديرات سياسيةة، فإن مشكلة مصر  ليست في الوجوه ولا الأسماء، ولكن في الأفكار والسياسات، كما أن تغيير الوزارة لا يتم بإحضار رئيس الوزارة القديمة لترأس الوزارة الجديدة.

فكيف يتصور البعض أن مصطفي مدبولي الذي حصل في عهده رفع الدعم عن رغيف العيش وزيادة الأسعار، ومنفذ فكرة تخارج القطاع العام وقطاع الأعمال من السوق واستبدالهما بالقطاع الخاص الأجنبي، بالرغم من استمرار الإدارة القديمة، سوف يقدم سياسات جديدة تحسن من الوضع الاقتصادي المتدهور؟!!!

ولعلهمن جملة المستغرب أن الحكومة المستقيلة حصلت على 35 مليار دولار تمثل صفقة رأس الحكمة (24 مليار دولار نقدًا بجانب 11 مليارًا التنازل عن ودائع بالمركزي، ونحو 30 مليار دولار قيمة حصيلة التنازل عن العملات الأجنبية بالجنيه المصري ونحو مليار دولار من صندوق النقد الدولي وموارد دولارية تتدفق من المصادر التقليدية تتجاوز 120 مليار دولار على أساس سنوي، ورغم ذلك لا تتحسن مءشرات الاقتصاد المصري ، ولا تتطور حياة الشعب الكادح…

ووفق السياسي أحمد بهاء الدين شعبان، في تصريحت صحفية، فعلى المستوى السياسي، هناك حالة اختناق سياسي، وغياب للمجال العام بشكل شبه كامل، وحصار للأحزاب المعارضة، وإعلام ذو صوت واحد، ومشكلات كثيرة جداً تعترض حق الشعب في أن يعبّر عن رأيه، فلا يخاف شاب مصري أن يحمل علم فلسطين أو يرتدي الحطة الفلسطينية في الشارع، لأنه سيدفع ثمناً غالياً في هذه القضية”. فالشعب المصري والنخب المثقفة والأحزاب السياسية والمثقفون يدركون جيداً أن غياب العمل العام والوعي السياسي العام، والحقوق الديمقراطية وحق الرأي والتعبير والتنظيم السياسي السلمي، يؤدي إلى التعسر الشديد الذي يشعر به المجتمع، والاحتقان المكبوت الذي يهدد بانفجار لا نريده لأنه سيسبب كوارث كبرى..

2-عدم الرغبة السياسية في اي تغيير:

وكان هناك من يتوقع أن يمتد التعديل الوزراي ليشمل رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، لا سيما بعد هجوم الإعلام الموجه عليه في الشهور الأخيرة، بشكل متقطع، وتحميله مسؤولية الكثير من المشكلات، بل الأزمات الاقتصادية العميقة، التي تمر بها مصر. لكن جاءت الريح بما لا تشتهي السفن، وكُلّف الرجل بتشكيل حكومة جديدة، قديمة في جوهرها، وإن تبدلت وجوه وزرائها.

ولعل اعادة اختيار مدبولي لتشكيل الحكومة، يعبر بجلاء عن عدم رغبة النظام في احداث تغيير سياسي او اقتصادي حقيقي، إذ أن  تغيير رئيس الحكومة في حد ذاته يعد تغييرًا طفيفًا في السياسة في مصر في ظل دورها الضعيف في صياغة السياسات العامة في مصر، فما بال الشعب بالابقاء على نفس شخص رئيس الوزراء، الذي اضطلع بجدارة بدور سكرتير السيسي..

اذ أنه في مصر، باتت  إن الحكومة كلها ليست إلا سكرتارية للرئيس، بحسب وزير الزراعة الاسبق يوسف والي..

وفي هذا السياق، اعتبر المرشح الرئاسي السابق فريد زهران أن ضعف التغيير مرتبط جزئيًا بضعف الضغوط من المعارضة السياسية على السلطة لإحداث هذا التغيير.

أما أستاذ العلوم السياسية، مصطفى كامل السيد، فاعتبر أن هناك ارتباطًا محتملًا بين الإعلان عن تعديل وزاري حاليًا والرغبة في تحميل الحكومة المستقيلة المسؤولية السياسية  لقرارات «مؤلمة» كرفع اسعار الكهرباء والوقود والخدمات الحكومية بعد رغيف الخبز وأسعار جميع السلع..

علاوة على ارتباط القرار  بتنفيذ توصيات من صندوق النقد الدولي.

وأشار السيد إلى إن تغيير رئيس الحكومة لا يشكل تغييرًا يذكر في ما يتعلق بالمطالب السياسية العامة المرتبطة بفتح المجال العام في الحوار الوطني.

ووفق تقديرات استرايجية، يضعف ارتباط هذا التغيير بخطط التنمية الشاملة والإصلاح السياسي والاقتصادي. وذلك على الرغم من أن التغيير الوزاري هو خطوة تأخرت كثيرًا طوال الأشهر الماضية..ويحتاج التعديل الوزاري إلى موازنة آراء خمس جهات هي؛ المخابرات العامة والأمن الوطني والأمن القومي  ورئيس الحكومة والرقابة الإدارية قبل الإعلان عنه.  

وعلى الأرجح، فإنه لا أحد يعلم – سواء من الرأي العام أو السلطة بمؤسساتها وأجهزتها- حقيقة هذا التغيير أو دوافعه أو أسبابه كما المعتاد في إدارة العملية السياسية، وهذا أكبر دليل على عدم وجود تغيير حقيقي في أسلوب وتوجه الإدارة. علاوة على  أن هناك تفاهم بين رئيس الوزراء والسيسي  على طريقة تقديم الاستقالة.

وهو ما يتصادم مع ما جاء في بيان الرئاسة والحديث عن تشكيل حكومة جديدة من الكفاءات وهذا التعبير لم يستخدم قبل ذلك، وهذا غير مفهوم في الوضع الذي تمر به البلاد التي تحتاج إلى حكومة ذو توجه سياسي واقتصادي قادر على حل الأزمات التي تعيشها البلاد.

3-اعادة تكليف مدبولي رغم خطاياه السياسية والاقتصادية استهانة بالشعب المصري:

ولعل اعادة تكليف السيسي لمدبولي، باعادة تشكيل الحكومة الجديدة، يتصادم مع كم الكوارث الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي تسببت فيها حكومة مدبولي، خلال فترتها الماضية…

فخلال السنوات العشر الماضية، تراجعت العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي أكثر من مرة، وهو ما انعكس بدوره على أسعار جميع السلع التي شهدت ارتفاع غير مسبوق ، أثرت بشكل كبير على الحالة الشرائية للمواطنين.

فيما تواجه البلاد ارتفاعًا في نسبة التضخم، الذي بلغ في أبريل الماضي نحو 31.8%، وفق ما تظهره بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما يقول البنك الدولي وإحصائيات التجارة العالمية، إن مصر من بين “البلدان الـ10 الأكثر تضررًا من تضخم الغذاء في العالم”..

كما كشف البنك الدولي خلال الأيام الماضية عن ارتفاع معدل الفقر في مصر، فقد بلغ 32.5%، عن عام 2022 فيما بلغ  29.7%، في العام المالي 2019-2020. ولم تصدر نتائج بحوث الإنفاق والدخل منذ عام 2020. وأشار البنك إلى أن التفاوتات المكانية لا تزال قائمة، خاصة بين المناطق الريفية والحضرية، وأن نحو 66% من الفقراء يعيشون فى مناطق ريفية، مع وصول معدلات التضخم السنوى فيه إلى 42.6%، وهو أعلى من معدل التضخم على مستوى البلاد.

كما أن المقارنة المبسطة بين الوضع الاقتصادي بمصر، قبل تعيين مدبولي رئيسا للوزراء وبعده، يكشف البون الشاسع للاوضاع ومدى انهيارها بصورة كبيرة…

فقبل مدبولي، أعلن البنك المركزي المصري، وفي بيانه السنوي ، عن وصول الدين الخارجي إلى 96.6 مليار دولار بنهاية عام 2018، مقارنة بنحو 82.8 مليار دولار في نهاية 2017. وأوضح المركزي، أن الدين الخارجي زاد بمقدار 13.8 مليار دولار خلال 2018، بزيادة نسبتها 16.5% عن العام السابق له.  فيما أصدر صندوق النقد الدولي بيانه السنوي ، الذي يضم البلاد التي يقوم بمساعدتها بالأموال وقد سجلت ديون مصر 14.93 مليار دولار ، وذلك بتاريخ 4 إبريل عام 2024، ووصل حجم الديون الخارجية  حتى ديسمبر الماضي، 168,9 مليار دولار، وأكثر من 8 تريليون جنية ديونا داخلية…

وعلى صعيد اسعار الوقود،  فكان سعر لتر بنزين 95 بـ7.75 جنيه ،  وسعر بنزين 92 بـ 6.75 جنيه للتر، ولتر بنزين 80 بـ 5.50 جنيه للتر وسعر أسطوانة البوتاجاز المنزلي 50 جنيها وسعر لتر السولار 5.50 جنيه.

وبعد مدبولي،  أصبح سعر لتر بنزين نوع 80 بـ11.00 جنيه،  وسعر لتر بنزين نوع 92 سجل 12.50 جنيه .أما سعر لتر بنزين نوع 95 فقد وصل إلى 13.50 جنيه ، وسعر لتر السولار بـ10 جنيهات،  ووصل سعر أسطوانة البوتاجاز إلي 100 جنيه .

كما سجل الدولار نحو 19.60 جنيه في البنوك المصرية لعام 2018،  فيما وصل سعر الدولار في البنوك المصرية الآن نحو 48 جنيها..

أما الذهب، فكان يسجل سعر عيار 24 نحو 733.75 جنيه للجرام،  و سعر الذهب عيار 21 فى مصر نحو 642 جنيها للجرام،  وسعر الذهب عيار 18 نحو 550.25 جنيه للجرام، فيما كان الجنيه الذهب بـ 5136 جنيها، وأوقية الذهب تسجل 1281 دولارا.

أما الآن،  فسجل سعر الذهب عيار 24 اليوم في المحلات نحو 3542 جنيه للبيع،  ووصل سعر الذهب عيار 21 إلى 3100 جنيه،  كما وصل سعر الذهب عيار 18 2657 جنيها،  كما سجل سعر الذهب عيار 14 نحو 2066 جنيهًا ، بينما سجل سعر الجنيه الذهب إلى 24800 جنيهًا للبيع.

وعلى صعيد البطالة،  فزاد معدلها ، الذي جعل النسبة الأكبر من الشباب لا يتوفر له عمل سواء كان من ذوي المؤهلات ام لا ، فقد تساوي الجميع عند مصطلح البطالة..

ورغم تلك الكوارث  الكفيلة باسقاط النظام ككل، يعيد السيسي تكليف الرجل الذي كان على رأس الحكومة، وهي تقع في كل تلك الخطايا…وهو ما يؤكد أن النظام لا يعبأبالشعب المصري أو آلامه وهمومه واماله، فيما يتركز هدف السيسي على تأمين كرسيه فقط، باتباع نفس السياسات القاهرة للشعب المصري، والمثبطة لقدراته الثورية ، والملجمة لغضبه، ودون ذلك لا يهم الأزمات أو المشكلات…

4-غياب الشفافية وإهدار حق الشعب في محاسبة حكامه :

ومع اعلان استقالة مدبولي واعادة تكليفه، رغم فشله  المشهود، فإن الأمر يشوبه الكثير من الغياب التام للشفافية وتداول المعلومات، ويتجلى هذا في عدم وجود أسباب حول استقالة الحكومة، فلأول مرة يرى حكومة تتقدم باستقالتها دون مناقشة مع الرأي العام أو إتاحة معلومات عن أسباب الاستقالة.

فغياب الشفافية وتداول المعلومات يؤثر بشكل كبير على مراقبة أداء الحكومة ومحاسبتها في حال انها تستحق المحاسبة، وأن استقالة الحكومة بهذه الطريقة يسمح لها بالإفلات من المحاسبة والعقاب الشعبي بسبب انحيازها السياسي والاقتصادي وعدم قدرتها على تلبية مطالب الشعب.

ويبقى أن السلطة مطالبة  بتوضيح أسباب بقاء مدبولي، أمام الرأي العام…ما هي أسباب الإبقاء على رئيس الحكومة، وهل السيسي يرى أن رئيس الوزراء نجح في مهامه بينما فشل وزرائه في مهامهم؟

اذ يعبر بقاء مدبولي في منصبه ، أن السلطة السياسية تعيد الثقة في انحيازات الحكومة المستقيلة وتوجهاتها، إذ أن رئيس الوزراء هو من يمثل بشكل أساسي التوجهات و الانحيازات السياسية والاقتصادية، وقرار استمراره يعني إعادة الثقة في نفس الانحيازات والتوجهات الاقتصادية المرتبطة بالاستمرار في الاستدانة من الخارج، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وعدم استقرار سعر العملة، واستمرارا الانحيازات السياسية من تأميم المجال العام، ومصادرة حرية الصحافة والإعلام، وغياب التعددية السياسية، وحصار لنشاط الأحزاب والمجتمع المدني، فضلًا عن استمرار نفس التوجهات الاجتماعية لصالح طبقة من المحاسيب المحدودة على حساب غالبية الشعب ومصالحه.

كما أن قبول استقالة الحكومة مع استمرار رئيس الوزراء معناه أن الرئيس يرى أن الأزمة في أداء الحكومة وليس التوجهات، وهذا عكس الحقيقة لأن الأزمة الحالية مرتبطة بالتوجهات و الانحيازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس أداء الحكومة فقط. ومن ثم فإن المتوقع أن الحكومة الجديدة ستعيد ما قامت به على مدار السنوات الماضية.

5-اهدار الكفاءات المصرية و التي أثبتت نفسها عالميا والابقاء على من تسبب في الأزمات!!!

ومع انتهاء مسرحية الانتخابات الرئاسية الأخيرة،  تداولت تقارير اخبارية وتصريحات لمقربين من النظام، عن استعانة السيسي ونظامه بشخخصيات اقتصادية وتكنوقراط مختلفين لادارة الحكومة في المرحلة المقبلة، ولتخليص المواطنين من  الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتصعدة في الفترة الأخيرة.

ومن ضمن من ترددت أسمائهم في الفترة الأخيرة، الدكتور  محمود محي الدين، وزير الاستثمار في عهد مبارك، ونائب رئيس البنك الدولي،وهو مت الشخصيات الرائدة في ادارة الاقتصاد على مستوى العالم، وقيل أنه أبدة موافقته المبدئية  مشترطا منحه الحرية في ختيار وزرائه وادارة دولاب العمل الحكومي بشكل علمي مستقل، إلا أن السيطرة العسكرية على مفاصل الحياة المصرية، كانت كفيلةبرفض ذلك التوجه، الذي حتما سيتصصادم مع السياسات العسكرية والادارة بالأوامر المباشرة، وبعيدا عن حدود العلم والامكانات الاقتصادية والمجتمعية لمصر…

وكذا الدكتور والخبري الاقتصادي العالمي محمد العريان، وغيرهم من العلماء ، الذين يتخاصم معهم نظام العسكر ابتداءا..

ومع قرار استقالة الحكومة وعودة تكليف مدبولي بتشكيلها مرة أخرى، أثار الجدل بين النشطاء والسياسيين والمواطنين، الذين تساءلوا عن أسباب استمراره في منصب رئاسة الوزراء رغم تراجع الأداء الحكومي وتصدر الأزمات على المستويين السياسي والاقتصادي في عهده.

وكانت آخر القرارات التي أثارت الجدل والاستنكار في الشارع المصري، الزيادة في أسعار الخبز المدعم على بطاقات التموي..

رابعا: مخاطر بقاء مدبولي:

ويعكس استمرار مدبولي رئيسًا للوزراء ثلاثة أمور، لا يمكن التقليل من خطرها، أو آثارها السلبية على الأقل.

1_الأمر الأول، أنَّ هذا الاستمرار وليد إنكار مزمن لخطأ المسار الذي أُخذت البلاد إليه في السنوات العشر الماضية. ومعنى استمرار الرجل أنَّ هناك إصرارًا على المضي في الطريق نفسه، ورفض كل الأصوات التي تقول للسلطة ناصحة:”توقفوا، وادرسوا، واعتبروا، وتحسسوا موضع أقدامكم، واختاروا دربًا أنجع، ينقذ البلاد من الذهاب إلى الهاوية”، حسبما يقول الدكتور عمار علي حسن…

2-أما الثاني:  فهو أنَّ استمرار مدبولي يعني بوضوح أنَّ السلطة مصرة على رؤيتها التي تعتقد أنه لا علاقة بين السياسة والاقتصاد، وإلا كانت قد لجأت إلى رئيس وزراء له علاقة بالسياسة اشتغالًا أو انشغالًا، يدرك ما للسياسة من تأثير لا شك فيه على الاقتصاد بمختلف أشكاله، وأنَّ هناك أسبابًا أساسية للوعكة الاقتصادية الشديدة التي تعيشها مصر، تعود إلى غياب السياسة، بمعنى تقييد المجال العام، وغياب المشاركة الشعبية الحقيقية، وعدم تمثيل الشعب في القرار، ورفض التعددية، وعدم وجود أفق لتداول السلطة. ورغم أنَّ الفصل بين السياسة والاقتصاد هو أمر خاطئ تمامًا، بل خطيئة، يدفع المصريون ثمنها الباهظ الآن، فإنَّ استمرار مدبولي سيحافظ على هذا الفصام النكد بين مجالين لا يمكن سلخ أحدهما عن الآخر، إلا على سبيل الوهم.

3- الأمر الثالث:  وهو انفصال السلطة الكبير عن نبض الشارع، الذي كان ملموسًا في عهود حكم سابقة.

كان رئيس الجمهورية، حسب ما اعتاده المصريون، يغيِّر رئيس الحكومة تخفيفًا للاحتقان، أو بحثًا عن طريقة مختلفة في صنع السياسة والإدارة، أو على الأقل، لإعطاء الشعب إيحاء بأنَّ رأيه يؤخذ في الاعتبار ولو جزئيًا، بما يحفظ له ولو قدرًا ضئيلًا من الاقتدار السياسي، بدلًا من تجاهله تمامًا، والاستمتاع بتغييبه، بل سحقه.

خامسا: التحديات التي تواجه مصر مع استمر مدبولي:

1- أزمة رغيف الخبز كفيلة باقالة مدبولي لا اعادة تكليفه:

وقد شهدت مصر اعتبارا من بداية الشهر الحالي رفعا لسعر رغيف الخبز من خمسة قروش إلى عشرين قرشا، بارتفاع ثلاثة أضعاف مرة واحدة. ويعد هذا الارتفاع خطوة جريئة تدعمها قوة السلاح وإرهاب السجون والمعتقلات، لا سيما أنه في عهد الرئيس السادات في سبعينات القرن الماضي تم رفع سعر رغيف الخبز، فقامت الدنيا وانتفض الناس على هذا القرار يومي 18 و19 يناير 1977م، وعُرفت هذه الانتفاضة باسم “انتفاضة الخبز”، وإزاء الضغط الشعبي تراجعت الحكومة حينها عن قراراها، ومع ذلك فليس الأمس كما هو عليه حال مصر اليوم.

وقد جاءت تبريرات رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي لرفع سعر رغيف الخبز بأن ذلك يتم لأول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وأن تكلفة رغيف الخبز على الدولة جنيه وربع، وتتحمل الدولة ١٢٠ مليار جنيه دعما له. ولم ينس رئيس الوزراء أن يتطرق في هذا الإطار للزيادة السكانية ودعم الوقود والدعم النقدي، مضيفا أن وفورات الدعم الموجه من رغيف الخبز سوف يستفاد منها في الإسهام في التركيز والتكثيف في بناء المزيد من المدارس، التصريحات من رئيس الوزراء تعكس مدى الظلم الواقع على المواطن المصري لاسيما محدودي الدخل بتبريرات ضعيفة لها ما يدحضها، وكان الأولي بالترشيد أهل الحكم أنفسهم، من خلال ما بنوه من قصور رئاسية واشتروه من طائرات رئاسية للمتعة، وطائرات وأسلحة لا لزوم لها لتحقيق الرضا الغربي، ومشروعات مظهرية لا تسمن ولا تغني من جوع، وخصخصة وبيع أصول بصورة هيستيرية بأبخس الأثمان وكذا المنشآت الصحية، إلى جانب المساهمة في الإسراع في إتمام العديد من المشروعات الخدمية والتنموية، من بينها مشروعات الصرف الصحي، وغير ذلك من مشروعات، وأن الهدف من الترشيد ليس إتاحة المزيد من الوفر للدولة، بل تحقيق استغلال أمثل للموارد.

ويشار إلى أن تصريح مدبولي بأن الزيادة في سعر الخبز هي الزيادة الأولي منذ أكثر من ٣٠ عاما هو في ظاهره قد يكون صحيحا، ولكن في باطنه نسي أو تناسى رئيس الوزراء أن وزن رغيف الخبز تناقص تدريجيا من ١٥٠ جراما حتى وصل إلى ٩٠ جراما. كما أن الدولة وفقا للبيانات الرسمية في موازنة العام المالي الجاري (2023/ 2024) لم يصل فيها دعم رغيف الخبز حتى إلى جنيه واحد.

هذه الخطوة في رفع سعر الخبز ستزيد من معاناة المصريين وتفتح المزيد من العوز والفقر في صفوف الشعب المصري، وهي إنذار مبكر لمخاطر السير في هذا الاتجاه، فالانفجار قد يحدث في أي لحظة، لا سيما وأن هذا الارتفاع لن يكون الأخير، وسوف يتبعه ارتفاع في أسعار الوقود والطاقة، للتخلص من الدعم وفقا لطلبات صندوق النقد الدولي..

خاصة فيما يتعلق بالاتجاه للدعم النقدي ومحدوديته يلهب المواطن بنار التضخم الذي بات أمرا يلمسه المصريون في حياتهم. كما أن تحميل كل إخفاق حكومي للزيادة السكانية ما هو إلا تسطيح للأمور وحَوَل تنموي، فالزيادة السكانية لا يمكن اعتبارها زيادة إذا أُحسن استثمارها تعليما وتأهيلا وتدريبا بصورة تزيد إنتاجيتها، وتوجهها نحو الإنتاج الذي يلبي حاجة الداخل ويعزز الصادرات ويرشد الواردات.

2-التوسع بسياسة البيع لكل ما هو عام:

وكانت الحكومة قد أعلنت مؤخرا انتهاءها من دراسة طرح المقار الوزارية الواقعة في “مربع الوزارات” على المستثمرين، مبينة أنه سيتم طرح الدفعة الأولى من مقار الوزارات لمستثمرين عالميين خلال النصف الثاني من العام الجاري.

فيما يجري العمل حاليا لتحديد الاختصاصات، تمهيدا لاختيار مستشار للطرح المرتقب.

كما يجري الانتهء من مشروع ضم مجمع التحرير لصالح “ماريوت”، واستغلال مبنى وزارة الداخلية القديم.

وفي يناير الماضي، أصدر عبد الفتاح السيسي قرارا جمهوريا رقمه 13 لسنة 2014 يقضي بإزالة صفة النفع العام عن أراض ومبان تابعة لـ13 وزارة وسط القاهرة، منها دواوين رئيسية لعدة وزارات.

وتضمن القرار نقل تبعية هذه الأراضي والمباني بالكامل إلى صندوق مصر السيادي، وفقا لقانون الصندوق الذي يسمح لرئيس الجمهورية بإصدار قرارات بإزالة صفة النفع العام عن بعض أملاك الدولة ونقلها إلى الصندوق، تمهيدا للتصرف فيها بطرق مختلفة مثل التطوير أو البيع أو التأجير أو الطرح للانتفاع أو الاستثمار أو الشراكة.

ونص القرار على استمرار شغل الوزارات المذكورة للمباني بالمجان، وذلك لحين انتقالها نهائيا إلى العاصمة الإدارية الجديدة، أو إيجاد مقار بديلة لمبانيها الحالية.

وتمثل هذه الأراضي والمباني ثروة عقارية هائلة تشغل مجموعة من أكثر مناطق القاهرة حيوية ومفصلية، وتتوسط ميدان التحرير والقصر العيني والسيدة زينب والمنيرة وباب اللوق.

ويتضمن القرار خرائط تفصيلية بالمباني أعدتها منظومة حصر أراضي الدولة ومنشآتها وأجهزتها التابعة.

وسبق أن أعلنت مصر عدة مرات عن بيع أصول مملوكة للدولة لشركات القطاع الخاص.

وأواخر فبراير الماضي، وقعت مصر والإمارات، عقد بيع واستثمار مدينة رأس الحكمة على ساحل مصر الشمالي الغربي بقيمة استثمار إجمالي يبلغ 150 مليار دولار.

وعقب توقيع اتفاق رأس الحكمة، جدد رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور رغبته في الاستثمار بفندق “ريغال هايتس” بمدينة العلمين الجديدة في مصر.

ومنتصف العام الماضي قال رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، إن الحكومة أبرمت عقودا لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة بقيمة 1.9 مليار دولار حتى الآن ضمن برنامج الطروحات الحكومية.

3- تزايد نسب الفقر واحتمالات الانفجار المجتمعي:

ومع استمرار نفس النهج الرأسمالي المتوحش، على عموم المصريين، تزداد نسب التهميش والافقار التي باتت تزيد على 66% من الشعب المصري، 80% منهم يواجهون الفقر المدقع، الذي يهدد بالانفجار المجتمعي..

ومن ثم فإن التحدي الاجتماعي، يبقى الأخطر لحكومة مدبولي الجديدة.

فعلاوة على ضرورات صياغة منظومة الحماية الاجتماعية ومحاربة الغلاء والتضخم، ومواجهة التداعيات الاجتماعية لاملاءات صندوق النقد الدولي، فيما يتعلق برفع أسعار الوقود والكعرباء والخبز والخدمات الحكومية…

وأيضا انخفاض معدلات الدخول في مصر، وكيفية سداد الديون وفوائدها المتزايدة، والتي وصلت اجماليها اكثر من 360  مليار دولار ديون داخلية وخارجية…

4-تحديات جيوسياسية:

وتتواجه الحكومة الجديدة بتخديات جيوسياسية عدة، منها،  الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، والنزاع في السودان إلى الجنوب، وأزمة سد النعضة وتهديد حصة مصر من مياة النيل، والأزمة السياسية بليبيا…

وتجاط مصر بالعديد من التحديات السياسية والأمنية مثل ملف المياه، وملف الصراع بين الجيش والدعم السريع في السودان، وحرب غزة، والتوتر في البحر الأحمر وتداعياته على قناة السويس..

5-الاتفاق مع صندوق النقد الدولي:

وبموجب برنامج  الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي يستمر حتى خريف 2026، والذي بمقتضاه رفع صندوق النقد الدولي تمويلاته إلى مصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات.

فيما تبنت القاهرة منذ ذلك الحين أسعار فائدة مرتفعة وصلت إلى 27.25%، وخفض البنك المركزي سعر صرف الجنيه ليصل الدولار الواحد إلى 47.5 جنيها في ختام تعاملات الأسبوع الماضي من 31.8 جنيها قبل 3 أشهر، مع زيادة أسعار بعض السلع الأساسية، في مقدمتها الخبز.

وحسب بيان صدر في وقت سابق من هذا لشهر، قالت رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي إلى مصر، إيفانا فلادكوفا هولار، إن “السلطات المصرية وصندوق النقد توصلا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية اللازمة لاستكمال المراجعة الثالثة لترتيبات تسهيل الصندوق الممدد”.

وأضافت: “في حين أن التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على مصر لا تزال تشكل تحديا، فقد واصلت السلطات مسارها للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي من خلال الانضباط المالي، والسياسة النقدية المتشددة، والتحول إلى نظام مرن لسعر الصرف”.

وفي السادس من مارس الماضي، سمح البنك المركزي المصري بانخفاض قيمة الجنيه بأكثر من 60 %، لتنفيذ إصلاح اقتصادي لطالما طالب به صندوق النقد الدولي القاهرة، منذ الاتفاق على برنامج تمويلي قبل عام ونصف العام تقريبا.

ومع ذلك، أشارت رئيسة بعثة صندوق النقد إلى “المخاطر السلبية التي تحيط بالآفاق الاقتصادية، التي لا تزال تتأثر بتداعيات الصراع في غزة ومخاطر استمرار الاضطرابات التجارية في البحر الأحمر، مما يؤثر سلبا على إيرادات قناة السويس”.

وانخفضت إيرادات قناة السويس في مصر بنسبة 50%، بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر، نتيجة هجمات الحوثيين على السفن التجارية، والتي كانت قد حققت نحو 8.8 مليارات دولار إيرادات خلال العام المالي السابق، حسب ما قالت وزارة التخطيط المصرية في أبريل الماضي.

واتفقت مصر مع بعثة صندوق النقد الدولي على أن “السياسة النقدية يجب أن تظل متشددة على المدى القصير للمساعدة من أجل الوصول بالتضخم إلى هدف البنك المركزي المصري”..

يشار إلى أن مصر، تعتبر ثاني أكثر دولة اقتراضا من صندوق النقد الدولي، بنحو 14.7 مليار دولار، خلف الأرجنتين التي تستدين بنحو 40.9 مليار دولار. ولعل الأخطر في ذلك ، هو الاشتراطات والاملاءات الاقتصادية التي يفرضها الصندوق من سياسات داخلية تقشفية، يطلي بنارها المواطنون، من رفع اسعار الكهرباء والوقود والغاء الدعم التمويني والخبز ، ووقف التوظيف الحكومي، وخفض الانفاق الحكومي ومخصصات الصحة والتعليم..

سابعا: وماذا بعد التعديل الوزاري؟

وتقف مصر أمام مستقبل مشوب الاشكالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، مع استمرار نفس النهج، وغياب الارادة الحقيقية للتغيير ومعالجة الأزمات بطريقة علمية ، ودعم المهمشين لوقف المنحدر الاجتماعي الكبير الذي يتهدد مصر..ومن ضمن مؤشرات ما قد تهايشه مصر في الفترة المقبلة، ما يلي:

1-الأزمة ليست في الحكومة وحدها :

ومع ما تضمنه قرار استمرار رئيس الوزراء في منصبه من خيبة أمال عرية، إلا أن الانتكاسة الحقيقية ، تبقى في تجميد مستقبل مصر ، عند حدود الواقع المعاش ، بلا أفق للتغيير ولا أمل في الاصلاح..

 وعمليا بهذا القرار لم يحدث أي تغيير. فالكل يعلم أن السياسات العامة لم يقررها مدبولي بل أطراف أخرى موجودة داخل نظام الحكم، لكن على الأقل تغيير رئيس الوزراء ووضع شخصية جديدة كان سيعطي انطباع بأن هناك رغبة في ضخ دماء جديدة، وتبني سياسات مختلفة، ولكن إعادة تعيين مدبولي يعني عدم تغيير السياسات التي طبقت على مدار السنوات الماضية.

اذ  أن مدبولى ينفذ سياسات يتم إبلاغه بها، ولا توجد توقعات واسعة باحتمال وجود تغيرات في أي من السياسات الاقتصادية أو أي سياسات أخرى. كما أن هناك بعض الملفات ليس لرئيس الوزراء دخل فيها مثل السياسة الخارجية والسياسات الأمنية.

2-الوزراء مجرد موظفين  “سكرتارية:” لدى السلطة وليسوا خدام للشعب:

وفي مادته 167، يضع الدستور للحكومة تسعة اختصاصات، هي الاشتراك مع رئيس الجمهورية فى وضع السياسة العامة للدولة والإشراف على تنفيذها، والمحافظة على أمن الوطن وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة، وتوجيه أعمال الوزارات والجهات والهيئات العامة التابعة لها، وإعداد مشروعات القوانين والقرارات، وإصدار القرارات الإدارية وفقًا للقانون، وإعداد مشروع الخطة العامة للدولة، وإعداد مشروع الموازنة العامة للدولة، وعقد القروض ومنحها، وأخيرًا تنفيذ القوانين.

وبالطبع فإن الوزارة اشتبكت مع كل هذه البنود بطريقة شكلية أو إجرائية، على أقصى تقدير، وهي تنتظر التوجيهات العامة من رئيس الجمهورية، ثم تترجمها إلى قرارات وإجراءات وتشريعات ولوائح فرعية وبروتوكولات تعاون واتفاقيات ومعاهدات.. إلخ، ثم تلتزم بتنفيذ القوانين طالما هي في صالح السلطة، فإن كانت ضدها لا تلتزم بها، أو تتلكأ في تنفيذها.

ولعل أبرز الأمثلة على ذلك، هو تبرير الحكومة لمسألة رفع الدعم عن الخبز والوقود، حيث نجدها لا تضع في اعتبارها أنَّ نحو نصف موارد الدولة في الموازنة العامة تأتي من ضرائب يدفعها الشعب، والمال المكدس في الصناديق الخاصة من جيوب الناس، وكثير مما في ميزانيات مختلف المؤسسات من عرق الشعب، بشكل مباشر وغير مباشر، ثم تتوهم السلطة أنها تمول دعم الخبز من جيبها، وتتحدث وتتصرف وكأنَّ المال هبط عليها من السماء، أو خرج لها من جوف الأرض، وليس للشعب أي دور في جمعه، ولا أي حق فيه.

3-انقياد الحكومة الجديدة لاملاءت السيسي المنصاع لصندوق النقد الدولي على حساب الشعب:

ويبدو أن وزراء الحكومة وكأنهم مجرد موظفين عند صندوق النقد الدولي، فهم لا يديرون شؤون الشعب وماله، كما ينص الدستور، كما يبين الواقع الأليم الذي نعيشه. وهذه مسألة تتناقض أيضًا مع الدستور نفسه، الذي ينص على أنَّ واحدة من مهام رئيس الجمهورية ومعه الحكومة، هي رعاية مصالح الشعب.

وعلى مستوى كل وزارة على حدة، تنص المادة 168 من الدستور على أن “يتولى الوزير وضع سياسة وزارته بالتنسيق مع الجهات المعنية، ومتابعة تنفيذها، والتوجيه والرقابة، وذلك فى إطار السياسة العامة للدولة. وتشمل مناصب الإدارة العليا لكل وزارة وكيلًا أولًا بما يكفل تحقيق الاستقرار المؤسسي ورفع مستوى الكفاءة فى تنفيذ سياستها”.

لكنَّ الواقع يختلف عن النص، إذ إن الوزير يبدو مجرد موظف إداري كبير، وليس صانع سياسة. فالنظام كله ينظر إلى السياسة باعتبارها أمرًا كريهًا، أو زائدة دودية يمكن الاستغناء عنها، أو مجرد أريكة لصناعة الثرثرة، والوزراء لم يأتوا من خلفيات سياسية، إنما هم مجرد خبراء أو تكنوقراط أو مديرين كبار.

من هنا فإن استمرار مدبولي من عدمه لن يغير شيئًا، إذ إنَّ مصر في حاجة ماسة إلى تغيير في السياسات وليس تغييرًا في الوجوه، لا سيما أنَّ أي وجوه جديدة سترد إلى مختلف الوزارات في ظل النظام الحالي ستخضع لشروط الانتقاء والاختبار والاختيار المتعارف عليها، التي ستكون مخرجاتها متشابهة، بل واحدة.

ويبقى العامل الأخطر ، هو انقياد النظام السياسي ورأسه، السيسي، ومن يليه لاملاءات صندوق النقد الدولي، الذي يراهن عليه السيسي للحصول على القروض والدولارات والتمويلات غير المنطقية لمشاريعه غير ذات الجدوى..

4-بيع المزيد من الأصول الاقتصادية، تحت مزاعم الاصلاح الاقتصادي:

وعلى الرغم من تأمين تمويلات قدرتها وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية بنحو 60 مليار دولار، تبحث مصر عن جذب المزيد من دول الخليج، حيث من المقرر وفق تصريحات مسؤولين أن يقوم الصندوق السيادي المصري، الذي يمتلك حصصا في شركات حكومية، بجولة ترويجية لاستعراض الفرص الاستثمارية خلال الأسابيع المقبلة.

وحصلت مصر في مايو الماضي، على 14 مليار دولار من الإمارات قيمة الدفعة الثانية والأخيرة من صفقة رأس الحكمة، والتي اتفقت عليها مع شركة القابضة (إيه.دي.كيو) -وهي صندوق سيادي تابع لحكومة أبوظبي- ضمن خطة استثمارية بنحو 35 مليار دولار، لتنمية منطقة “رأس الحكمة” على البحر المتوسط بشمال غرب البلاد.

ومع استمرار بيع الأصول المصرية، تفقد مصر قدراتها الانتاجية وصلاحياتها في تحدييد اسعار السلع التي تنتج على ارضها من قبل الشركات المسيطرة عل الاصول الانتاجية، علاوة على تحويل ارباح تلك الشركات بالدولار للخارج، كل عام، بما يفاقم أزمة الديون المتراكمة على مصر…

وقننت حكومة مدبولي عمليات التفريط في أهم الأصول العامة والشركات الحكومية والأراضي المميزة على السواحل المصرية وفي العاصمة القديمة والجديدة، عبر طرحها للبيع أمام مستثمرين عرب وأجانب، في ظل شبهة وصول تلك الأصول التي بيعت بخسا وفق مراقبين، إلى شركات متعددة الجنسيات تقف خلفها إدارة إسرائيلية.

وكانت آخر تلك الطروحات المثيرة للجدل، ما يتعلق بملف الاستحواذ الإماراتي على منطقة “رأس الحكمة” بالساحل الشمالي الغربي لمصر المطل على البحر المتوسط، مقابل 35 مليار دولار، والحديث عن استحواذ سعودي على منطقة “رأس جميلة” الساحلية على البحر الأحمر جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية.

وفي 20  ديسمبر الماضي، أعلن مدبولي، أن حكومته حققت 5.6 مليار دولار من خلال التخارج كليا أو جزئيا من 14 شركة منذ بدء الإعلان عن برنامج الطروحات العامة، ملمحا إلى طرح 50 شركة أخرى من الشركات التابعة للدولة.

وفي نهاية حكومة مدبولي، ومع بداية حكومة جديدة له، يتم تسريح عمال بشركة “النصر للملاحات” بسبيكة في شمال سيناء، ودفعهم للخروج على المعاش المبكر، بعد سيطرة مجموعة “سيناء للتنمية الاقتصادية” التي يرأسها إبراهيم العرجاني بمشاركة جهات سيادية مصرية.

4- لا تغيير في السياسات ويظل السيسي متحكما في كل شيء:

ولعله من الأمور المؤكدة، هو استمرار نفس السسياسات، ونفس النهج الحكومي، ويبقى رئيس الوزراء والوزراء تابعين للسيسي …

ووفق  مواطنون، عبر وسائل التواصل، فعبد الفتاح السيسي على وجه الخصوص درج على الظهور أمام الإعلام وهو يقرر للحكومة على الهواء ما ستفعله وحتى مثلا حينما يتخذ مسؤول أو وزير قرارا بتنفيذ مشروع في مدة زمنية معينة يعترض السيسي ويقلص المدة، أي أنه صاحب القرار الأول والأخير في كل شيء..

ويبقى الأمر تحصيل حاصل، أي حكومة تأتي لن تنفذ إلا رؤية السيسي.فالرئيس هو الحكومة، ولهذا لا يكترث  المواطنون بأي تغيير ولا يهتمون به، وذلك وفق شهادات لمواطنين، تحدثوا لـ”بي بي سي”…

مؤكدين فقدانهم القجرة على على تصور مستقبل واضح الملامح، لأن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة مترهلة وتعاني من الفساد…

وبات التغيير الوزاري  لا يعدو مجرد تغيير وجوه فقط ونفس السياسات التي أوصلت البلاد لهذه الحال مستمرة…

5-استمرار نفس السياسات..قمع امني وتغييب عقلي:

وكما هو واضح من خطاب التكليف، فإن تكليف الحكومة بتشديد القبضة الأمنية، بزعم مكافحة الإرهاب وتحقيق ما يسمى بالاستقرار. وهو  التكليف الأهم، لأنه ببساطة تكليف يضمن قمع الأصوات المعارضة الغاضبة من تدهور أحوال الشعب بكافة المجالات..

وما زال التعامل الأمني العنيف هو السمة الغالبة على وزارة الداخلية في حكومة مدبولي، حيث تواصل ذات السياسات بقمع المعارضين ومنع إخلاء سبيل أكثر من 60 ألف معتقل منذ انقلاب السيسي منتصف العام 2013، وعدم تنفيذ القانون ومخالفة إجراءات التقاضي وإعادة تدوير الكثيرين في قضايا جديدة بالمخالفة للقانون والدستور.

كما أن حكومة مدبولي، كانت اليد غير الحانية على أكثر من 2.3 مليون فلسطيني، إذ شاركت وفق اتهامات مراقبين ومعارضين في حصارهم ومنع الطعام والدواء عنهم بغلق معبر رفح البري،وفرض الإتاوات عليهم عند المرور منه، دعما للاحتلال الإسرائيلي، الذي يشن حرب إبادة دموية على قطاع غزة منذ 7  أكتوبر الماضي.

كما تضمن خطاب تكليف حكومة مدبولي المنتظر  تشكيلها الاهتمام  بملفات الثقافة والوعي الوطني، في حين انتهجت حكومة مدبولي السابقة سياسة تضليل الوعي الوطني العام وتغييبه عبر منابر إعلامية، تفتقد الأمانة الصحفية أو الوطنية..

كما أنه من المستبعد أن الحكومة الجديدة ستسعى لتعزيز الخطاب الديني، في ظل التشجيع على الطعن في ثوابت الإسلام، عبر البرامج الثقافية والاعلامية وبرامج مركز “تكوين” المستحدث، برعاية الدولة… التي باتت ترعى الملحدين وأفكارهم، مركزين في خطاباتهم على  جحد السنة المطهرة، والطعن في ثوابت الدين والتراث الإسلامي، تحت مزاعم التنوير…

بل إنه من الواضح لدى العديد من المراقبين للشأن المصري، أن الحكومة الجديدة، ماضية فى سياساتها السابقة، التي دمرت الاقتصاد، وفرطت في ثوابت الأمن القومي، وأفقرت الشعب، وحولت مصر لدولة خوف، بل لسجن كبير، لا أمل فيه ولا عمل..

أما هدف بناء  الإنسان المصري في ظل الحكومة  الجديدة، فيبدو أكثر سخرية، إذ أن الحكومة الحالية تُنتهك حقوقه ليل نهار، ويُعتقل ويُحبس احتياطيا دون تهم، ويُمنع من حق التعبير، وحق الترشح، كما حدث مع المرشح الرئاسي أحمد الطنطاوي، وغيره، كما أصبح حقه في العلاج من الماضي، في ظل خفض مخصصات الصحة والتعليم وتأجير المستشفيات..

كما أن محاربة الفساد ، هدف بعيد المنال، في ظل حكومة مدبولي، الذي تفجرت بعهده أكبر قضايا الفساد، بوزارة الصحة تغادر على إثرها الوزيرة هالة زايد منصبها، وفي مكتب وزير التموين  كانت اكبر قضايا الفساد وترسية المناقصات بالمخالفة القانونية…

6- استمرار ارتفاعات أسعار الخدمات الحكومية والسلع:

وذلك في ظل برامج الانصياع لثصندوق النقد وسياسات التقشف الحكومي، وخفض الدعم يستمر زيادات الاسعار والفواتير،  اذ ارتفعت قيمة فاتورة الكهرباء بنحو 762% وتذكرة مترو الأنفاق إلى 925%، والغاز المنزلي لـ1150%، والغاز الطبيعي لحوالي 1525% ، والبنزين 594%، والسولار 809 % ، وفيما انهار سعر صرف الجنيه رسميا بنسبة  496 %..

ويتهم مدبولي، بتنفيذ سياسات رئيس النظام، دون مراجعة، ونزع الدعم عن الفقراء في مقابل تنفيذ الكثير من الأعمال الإنشائية في العاصمة الإدارية الجديدة، وبينها على سبيل المثال البرج الأيقوني البالغ تكلفته 3 مليار دولار، وفق حديث للكاتب الاقتصادي مصطفى عبدالسلام عبر صفحته بـ”فيسبوك”.

وكانت آخر، قرارات حكومة مدبولي الكارثية رفع أسعار الخبز المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشا بنسبة 300% ، لأول مرة منذ 30 عاما، في قرار يمس 70 مليون مصري جلهم من الفقراء ..

وفي المقابل، عجزت حكومة مدبولي عن القيام بأقل واجباتها في الرقابة على الأسواق، وضبط الأسعار، وتوفير السلع الأساسية التي تشهد بعضها شحا وارتفاعا غير مبرر من آن لآخر ، وخاصة السكر والأرز والزيت والبصل وغيرها.

7-زيادة بالضرائب والديون:

بل إن موازنة العام (2024- 2025)، المقدمة من حكومة مدبولي، والتي أقرها البرلمان، كشفت عن ارتفاع بالضرائب المحصلّة بنسبة 32 %.. وبسبب سياسات الاستدانة الداخلية لترقيع الموازنة العامة، والاستدانة الخارجية لاستكمال مشروعات السيسي، في العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرها تفحلت أزمة الدين الخارجي ليبلغ مع نهاية العام الماضي 168 مليار دولار، تسرق خدمته بين أقساط وفوائد ومتأخرات الدعم المخصص لفقراء المصريين الذين يقبع نحو ثلثيهم تحت خط الفقر.

وفي نهاية وزارة مصطفى مدبولي، ارتفعت المدفوعات على فوائد الدين العام حتى نهاية أبريل الماضي بمعدل سنوي بلغ 88 %، كما أنه ووفقا لتوقعات الخبير الاقتصادي الدكتور إبراهيم نوار، عبر صفحته بـ”فيسبوك”، فإنه بالسنة المالية الجديدة متوقع وصول قيمة مدفوعات الفوائد لنحو تريليوني جنيه، بينما دعم السلع الموجه لدعم رغيف الخبز والسلع التموينية والكهرباء والمياه والبنزين والسولار والغاز يقل عن 300 مليار جنيه.

8- تفاقم  أزمة سد النهضة ونقص حصص مصر المائية:

وعجزت حكومة مدبولي عن فك رموز أمة مياه النيل أو تحقيق تقدما في ملف سد النهضة الإثيوبي أو الاتفاق مع أديس أبابا حول الملف الحيوي الذي يهدد حياة ومستقبل أكبر بلد عربي سكانا.

بل إن حكومة مدبولي وقفت متفرجة على الصراع القائم في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، والذي اندلع في  أبريل 2023، وما زالت تبعاته الكارثية تتوالى عبر هجرة آلاف السودانيين إلى الشمال حيث الأراضي المصرية.

ومع استمرار عجز النظام المصري، ودخول مصر في مرحلة الشح المائي، فإن الززراعة الصرية مهددة بفقدان 40% من أجود الأراضي الزراعية ، بسبب نقص المياة  ومن ثم المزيد من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، والاحترا على لقمة العيش، في ظل احتلال مصر المركز الأول عالميا في التضرر من زيادة أسعار الغذاء عالميا، وفق تقديرات البنك الدولي الصادرة في يونيو الجاري.

وخلال الأيام المقبلة، تستكمل  اثيوبيا الملء الخامس لسد النهضة الذي يستمر من يوليو حتى  سبتمبر، ليحجز مزيد من كميات امياة عن مصر، دون تشغيل توربينات توليد الكهرباء، يما يحول النيل لمجرد بحيرة اثيوبية، تسعى حكومات السيسي للتغطية سرا عليه، عبر السحب من مخزون بحيرة ناصر، أمام السد العالي…وهو ما يهدد مصر وجوديا، وسط عجز تام عن حماية الأمن القومي المصري، عبر وسائل التهديد العسكري، أو التحركات الدبلوماسية الجادة..

9-تقزيم دور مصر الاقليمي:

وهو ما بات واضحا  إزاء الحرب الاسرائيلية ضج الفلسطينيين بغزة، والتي أبدت مصر منذ اندلاعها في أكتوبر الماضي ، رخاوة سياسية، شجعت اسراعلى انتهاكاتها لاتفاقية السلام المشتركة، وتهديد الحدود المصرية ، مباشرة، واحتلال معبر رفح ومحور فلادليفيا، بالمخالفة لكامب ديفيد…كما باتت مصر مجرد وسيط في مباحثات السلام، وليست فاعلا ، على الرغم من تضارب ذلك مع حدود الامن القومي المصري…

خاتمة:

الابقاء على مصطفى مدبولي رئيسا للوزارة الجديدة، يؤكد أن السيسي نسف بعض الآمال بإحداث تغيير حقيقي.. عبر تكليف رئيس وزراء تكنوقراط، وأنه باق على جميع سياساته وأدواته ووسائله ووجوهه طوال السنوات السابقة، رغم ما أحدثوه من فقر وغلاء وديون، وخسارة بملفات المياه، والغاز، والأصول العامة، وعجزهم إزاء أزمات إقليمية في غزة والسودان.

فالمشكلة أصلا في مصطفي مدبولي، وليس فقط في الوزراء الذين سيغادرون الوزارة..فإعادة تكليف مدبولي يعد تكرارا وإعادة لسياسات كارثية سابقة…

ومن ثم فإن استمراره استمرار لنفس السياسات ونفس الخطوط ونفس الكوارث..

وتبقى آمال المصريين في تغيير واقعهم مجرد  سرب، لا يعبأ به السيسي المعتمد على سلطة القمع والادارة العسكرية، مستعينا بمجموعة من الاعلاميين الطبالين من اعلاميي البغال، على حد وصف  أستاذ الاعلام بجامعة القاهرة، في تزييف وعي الشعب ، واخماد اماله وكبت طموحاته، وجعله مستكينا راضيا، بما يقدمه النظام من فتات..

إلا أن بقاء الحال يبدو أنه من المحال، إذ قد ينتفض الشعب، من اثر الجوع والفقر ونقص الدواء، متحديا القبضة الأمنية، وفق توقعات غربية واسرائيلية، تقرأ المشهد المصري بدقة..وهو ما يمكن أن يحدث أو يتأجل ، وفق ارادة الشعب وقدرته على الحراك والغضب…

…………

مراجع:

……..

مدى مصر، التغيير الوزاري: مصادر حكومية وبرلمانية ترجح رحيل مصيلحي ومعيط وشاكر وشكري، 3 يونيو 2024

العربي الجديد، استقالة الحكومة المصرية والسيسي يكلف مدبولي بتشكيل أخرى،

3 يونيو 2024

مدى مصر، مدبولي يقدم استقالته ويعود لتشكيل حكومة: تحديات جديدة أم سياسات مستمرة؟ ،  4 يونيو 2024

المنصة، تغيير حكومي جديد في مصر: هل يحمل تغييرًا في السياسات أم استمرارًا للأزمات؟، 4 يوليو 2024

عمار علي حسن ، ما يعنيه استمرار مدبولي على رأس الحكومة، المنصة، 8 يونيو 2024

الحرة، حكومة جديدة دون تغيير رئيسها في مصر.. لماذا يستمر مدبولي؟، 3 يونيو 2024

العربي الجديد، تعديلات كثيرة تؤخر إعلان تشكيلة الحكومة المصرية، 11 يونيو 2024

CNBCARABIA ، رئيس الوزراء المصري: 6 سنوات لتجاوز الأزمة،  14 يناير 2024

فرانس 24، السيسي يكلف مدبولي بتشكيل حكومة “كفاءات جديدة” وسط أزمة اقتصادية حادة تمر بها مصر، 4 يونيو 2024

الحرة، “الجهود تسير على الطريق الصحيح”.. صندوق النقد ينهي المراجعة الثالثة مع مصر، 07 يونيو 2024

مونت كارلو الدولية، السيسي ضيقبل استقالة مدبولي ويكلفه بتشكيل حكومة جديدة، 3 يونيو 2024

تليحراف نصر، مصر.. هل يهتم الشارع بتغيير الحكومة؟، 6 يونيو 2024

عربي 21، السيسي يقبل استقالة مدبولي ويكلفه بتشكيل حكومة تحقق هذه الأهداف، 3 يونيو 2024

عربي 21، لماذا تزامن رفع حكومة السيسي أسعار الخبز والوقود مع مراجعة صندوق النقد؟، 30 مايو 2024

“الشرق مع بلومبيرغ”، قطع كهرباء وتوقف مصانع.. هل تدفع مصر ثمن خضوعها لاتفاقيات الغاز مع الاحتلال؟،  6 يونيو 2024

أشرف دوابة، رغيف الخبز وأنين المصريين،عربي 21، 5 يونيو 2024

ذات مصر، استكمالا لبيع الأصول.. الحكومة المصرية تطرح مقرات وزارات على المستثمرين، 7 يونيو 2024

عربي 21، ما وراء استقالة الحكومة المصرية وإعادة تكليف مدبولي بتشكيلها؟.. “كلمة السر”،  4 يونيو 2024

الحرة، حكومة جديدة دون تغيير رئيسها في مصر.. لماذا يستمر مدبولي؟، 3 يونيو 2024

بوابة الطاقة، عبدالنبي النديم يكتب: حكومة الدكتور مدبولي الجديدة .. تحديات وآمال  البترول  ، 4 يونيو، 2024

“فكر تاني”، جربناها ونفعت.. ما دلالات تشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفي مدبولي؟، 3 يونيو 2024

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022