خطة “الجنرالات” الإسرائيلية في شمال غزة: الأهداف والخلفيات والتحديات

رغم إعلان جيش الاحتلال قطاع غزة “ساحة قتال ثانوية”1، وفي الوقت الذي تُسلط فيه الأضواء على الحرب مع حزب الله في الجبهة الشمالية، وعلى الردود العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، يبدو أن إسرائيل بدأت بتنفيذ ما تخطط له في كل ما هو مرتبط بـ “اليوم التالي” للحرب بالنسبة إلى قطاع غزة. ولعل ما أثار مثل هذا الاحتمال هو قيام إسرائيل بإعادة “الفرقة العسكرية 162” إلى جباليا برفقة دعوة سكان شمال القطاع إلى إخلاء منازلهم والتوجه جنوبًا عبر “محور نتساريم”، وهو ما اعتبره الكثير من المحللين بمثابة تحقيق لجزء كبير من الفكرة التي يُطلق عليها اسم “خطة الجنرالات” والتي يعد الجنرال السابق في الجيش الإسرائيلي غيورا آيلاند من أبرز الممثلين لها في الإعلام، وهي تهدف إلى السيطرة على شمال قطاع غزة، وإخلائه من السكان المدنيين هناك، وفرض حصار على المنطقة، كخطوة يفترض أن تعزز تحقيق أهداف الحرب ضد حركة حماس (استعادة المخطوفين، وتقويض القوة العسكرية والسياسية لحماس). وفي الخطة اقتراح ينص على تجويع الناس الذين سيبقون في شمال القطاع بافتراض أنهم بصورة أساسية من عناصر حماس. وأشير في أكثر من مناسبة، كان آخرها في سياق ورقة تقدير موقف صادرة عن “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، إلى أن المنظومة الحكومية والسياسية في إسرائيل تفاعلت مع الخطة بإيجابية، على الرغم من أنها لم تعتمدها بالكامل بعد2.

أولًا: ماهية خطة الجنرالات الإسرائيلية:

ارتبطت “خطة الجنرالات” باسم اللواء في الاحتياط “غيورا آيلاند” الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في الجيش الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي، وكان قد اقترح منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تدمير القطاع، وكتب في مقال رأي: “ليس أمام دولة إسرائيل سوى خيار أن تجعل من غزة مكانًا لا يصلح للحياة بصورة مؤقتة أو دائمة”. ثم أضاف بعد بضعة أسابيع في مقال آخر: “يجب أن يقال لسكان غزة أن عليهم أن يختاروا ما بين البقاء والموت جوعًا، أو الرحيل”. وهذا الموقف جعله واحدًا من المستهدفين في قرار محكمة العدل الدولية في يناير 2024 الذي أشار إلى أن من المحتمل أن تكون دولة اسرائيل قد ارتكبت أفعالًا مخالفة لمعاهدة الإبادة الجماعية3.

ودعا آيلاند، في أغسطس 2024، إلى فرض حصار شامل على شمال غزة من أجل الانتصار على حركة حماس4. وفي 4 سبتمبر الفائت، نشر “منتدى قادة ومقاتلي الاحتياط” في جيش الاحتلال الإسرائيلي خطة تهدف إلى “إجبار حماس على الاستسلام وعلى إعادة الرهائن”، أُطلق عليها اسم “خطة الجنرالات”، كان غيورا آيلاند قد بلورها، ووافق عليها عشرات الجنرالات السابقين5.

وفي نهاية سبتمبر 2024، ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت صدقا على دراسة العمليات التي يمكن تنفيذها في غزة على أساس خطة تهدف إلى تهجير سكان شمال قطاع غزة وتسمي بـ”خطة الجنرالات”، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن نتنياهو وقتها قوله خلال جلسة مغلقة في الكنيست إنه يدرس هذه الخطة التي وصفها بـ”المنطقية”6.

وتعتمد خطة الجنرالات على الافتراضات التالية:

  1. فشل الاستراتيجية الإسرائيلية التي تشمل الضغط العسكري لتحرير الأسرى، وأن استمرار الضغط العسكري، بصيغته الحالية، لن يحقق الهدف المطلوب.
  2. هناك فجوة بين تقييم الوضع القتالي في غزة والإنجازات، حسبما يراها المستويان السياسي والعسكري، وبين الواقع على الأرض. أي أن هناك تقديرًا ناقصًا لقدرة حماس على إعادة بناء قدراتها العسكرية والسياسية.
  3. هناك أربعة موارد تمكن حماس من الاستمرار في البقاء: المال، والعناصر، والإمدادات، والحافز. تجمع حماس هذه الموارد من خلال سيطرتها على آلية توزيع المساعدات الإنسانية لسكان القطاع.
  4. تتمثل الطريقة الوحيدة لإضعاف قدرة حماس على إعادة بناء نفسها في استهداف واحد، أو أكثر، من هذه الموارد الأربعة، عن طريق فرض حصار على حماس في شمال القطاع7. وتفترض الخطة أن الحصار أكثر الحلول فاعلية لإنهاء الحرب وتقليل عدد القتلى من جنود الاحتلال الإسرائيلي8، كما أن الحصار سيضغط على حماس من دون انتهاك أحكام القانون الدولي.
  5. سيطلب الجيش الإسرائيلي من سكان شمال القطاع (شمال محور نتساريم الذي يقسم قطاع غزة إلي منطقتين؛ شرق وغرب)، الذين يبلغ عددهم نحو 300 ألف شخص، الانتقال إلى جنوب القطاع في غضون أسبوع تقريبًا، عبر ممرين إنسانيين.
  6. بعد إتمام عملية الإخلاء، سيُعلن شمال قطاع غزة منطقة عسكرية مغلقة، وسيُفرض عليها حصار كامل، بما في ذلك منع دخول الإمدادات، مثل الغذاء، والماء، والوقود.
  7. لن يُرفع الحصار إلا إذا استسلم نحو 5000 مقاتل من حماس وألقوا أسلحتهم.
  8. من المحتمل أن يؤدي هذا الضغط أو الحصار إلى الدفع في اتجاه التوصل إلى صفقة لتحرير الأسري.
  9. وفقًا للخطة، إن إجلاء السكان من شمال القطاع وفرض حصار على المنطقة سيجعلان استسلام حماس أقرب، كما تقدر الخطة أن ذلك يمكن أن يدفع سكان المناطق الأخرى للانتفاض ضد حركة حماس.
  10. إذا ما اختار قائد حماس يحيى السنوار مواصلة القتال، يمكن تنفيذ خطة مماثلة في مناطق أخرى، مثل رفح ومخيمات اللاجئين في وسط القطاع9.

ورغم عدم الإعلان رسميًا عن بدء تنفيذ الخطة، فقد أعلن الجيش الإسرائيلي، في 6 أكتوبر 2024، عن بدء عملية برية جديدة شمال قطاع غزة (جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا)، مشيرًا إلى معلومات تشير إلى “محاولات حركة حماس ترميم بنيتها العسكرية”. وقال في بيان: “بدأت قوات الفرقة 162 (فرقة مدرعة نظامية تتبع قيادة المنطقة الجنوبية) الليلة الماضية العمل في منطقة جباليا بعد ورود معلومات استخبارية مسبقة وبعد تقييم وضع مستمر وأعمال القوات في الميدان التي دلت على وجود مسلحين وبنى عسكرية في المنطقة إلى جانب محاولات لترميم بنى عسكرية من قبل حماس”. وأضاف: “لقد استكملت الفرق القتالية للوائي 401 و460 تطويق المنطقة لتواصل القوات العمل في المنطقة”. ولفت البيان إلى أنه “قبل بداية العملية هاجمت قوات سلاح الجو عشرات الأهداف العسكرية لمساندة القوات المناورة ومن بينها مستودعات أسلحة وبنى تحت أرضية”. وأكد الجيش الإسرائيلي أن “العملية ستتواصل وفق الضرورة مع تسديد ضربات ممنهجة وتدمير جذري للبنى العسكرية في المنطقة”. من جهة أخرى، نشر الجيش الإسرائيلي خريطة إخلاء جديدة إلى سكان شمال قطاع غزة، مشددًا على أن منطقة شمال قطاع غزة لا تزال تعتبر منطقة قتال خطيرة. وأشار إلى أن طرق الانتقال والإخلاء الإنسانية المفتوحة نحو المنطقة الإنسانية في المواصي وهي شارع رشيد (البحر) وشارع صلاح الدين، لافتًا إلى توسيع المنطقة الإنسانية10.

وقد قامت آليات الاحتلال بدخول شمال القطاع من ثلاثة محاور وهي: محور الشيخ زايد شمالًا، محور شرق تل الزعتر والإدارة المدنية شرقًا، محور الفالوجة ومنطقة القصاصيب غربًا. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي، في 18 أكتوبر 2024، عن انضمام لواء غفعاتي إلى الفرقة 162، في إطار توسيع عمليته العسكرية. حيث أصبحت الألوية المدرعة 401 و460 في وضع إسناد لكتيبة “روتم” (كتيبة استطلاع خاصة)، التابعة للواء غفعاتي الذي ما زال ينشط مقاتلوه في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة11.

وتستخدم إسرائيل في عمليتها العسكرية الجديدة على شمال قطاع غزة، والتي تعد الثالثة من نوعها على مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون منذ بدء العدوان الإسرائيلي، شتي أنواع الإبادة الجماعية لتحويل شمال القطاع إلى أرض سوداء محروقة غير قابلة لأي صورة من صور الحياة.

حيث فرض جيش الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مشددًا على شمال قطاع غزة وأحاطت الآليات والجيبات العسكرية بمحافظة الشمال من جميع اتجاهاتها لمنع الحركة وإحكام السيطرة عليها، وألقت طائرات الاحتلال منشورات ورقية تطالب السكان والنازحين في مدارس ومراكز الإيواء إخلاءها والذهاب باتجاه المناطق الوسطى والجنوبية من القطاع. ثم بدأت إسرائيل القصف المدفعي والجوي الكثيف علي المنطقة، ويلاحظ استخدام الاحتلال في هذه العملية للبراميل المتفجرة والروبوتات المفخخة ذات القوة التدميرية الهائلة12. وفي السياق، قال المتحدث باسم الدفاع المدني في قطاع غزة محمود بصل، أن سياسة قوات الاحتلال الإسرائيلي في جباليا شمال القطاع هي تفريغ المربعات السكنية واحدًا تلو الآخر، وأضاف بصل أن المئات من المدنيين في جباليا تحت خطر شديد، إذ تعمد الاحتلال تدمير كتلة سكنية كبيرة، ويركز الآن على مراكز الإيواء في بيت لاهيا المتاخمة لمخيم جباليا13.

وهو ما تسبب في خروج العشرات من منازلهم إلى المناطق التي يتمركز فيها جيش الاحتلال والمرور عبرها، ذلك لأن المنطقة أصبحت محاطة بشكل كامل بالقوات والآليات، ووضع جيش الاحتلال كاميرات مراقبة وحساسات في المناطق التي طلب من السكان الإخلاء عبرها للقيام بتفتيشهم (أقام الاحتلال حواجز تفتيش إحداها على شارع صلاح الدين بالقرب من موقع الإدارة المدنية على شارع صلاح الدين شرقًا، والثاني قرب دوار “التوام” في المنطقة الشمالية الغربية على شارع الرشيد14). وسُجلت حالات اعتقال لنازحين فلسطينيين من قبل جيش الاحتلال الذي نشر صورة لاعتقاله عددًا من الفلسطينيين بزعم الاشتباه بانتمائهم لفصائل المقاومة15. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه “منذ بداية العمليات في المنطقة (مخيم جباليا ومناطق أخرى شمال غزة)، تم إجلاء حوالي 50 ألفًا من السكان، والقبض على حوالي 600 شخص”، قال إنهم ينتمون لحركة حماس16.

ورغم أن جيش الاحتلال الإسرائيلي حدد ممرات لتهجير النازحين الفلسطينيين الذين غادروا مراكز الإيواء في شمال قطاع غزة تحت سيف التهديدات، زاعمًا أن تلك المسارات “آمنة” لكنها كانت فعليًا محفوفة بالأهوال والموت والمخاطر حيث تحولت إلى مصائد استهدف الاحتلال خلالها الفلسطينيين النازحين ومن بينهم نساء وأطفال. وكان المكتب الإعلامي الحكومي ووزارة الداخلية بغزة، حذرا أكثر من مرة، من أن جيش الاحتلال ينفذ عمليات إعدام بحق المواطنين في طريق انتقالهم إلى مناطق الجنوب عبر الممرات الآمنة المزعومة، كما يتم استهداف أماكن النزوح17.

وعلى مستوى الغذاء، فرض المحتل حصارًا مطبقًا على كل المنافذ، فمنع إدخال الطعام والشراب، حتى المخبز الوحيد (مخبز الشلفوح بمخيم جباليا) الذي كان يلبي احتياجات سكان الشمال دمره بالكامل، كما قصف الاحتلال مخازن الطحين، لتصبح تلك المناطق بلا خبز ولا طعام.

ولم يتوقف الإجرام عند هذا الحد بل فرض حصارًا مشددًا على المشافي الثلاث العاملة في الشمال، كمال عدوان والإندونيسي والعودة، وطالب بإخلائها من المرضى والكوادر الطبية خلال 24 ساعة، وقطع عنها سبل الإمداد من غاز ومستلزمات طبية، واعتقل أطبائها ومسعفيها ومرضاها، وذلك قبل أن يقوم بقصف عدد من العيادات الصحية التي كانت لا تزال تقدم خدمات الطوارئ لمن تبقى من سكان الشمال؛ ما يعني خروجها بشكل رسمي عن الخدمة، ليصبح أكثر من 400 ألف إنسان بلا مستشفى واحدة، وفي أجواء كالتي يحيون فيها من قتل وقصف وتدمير وإبادة فإن الكارثة أفجع وأكثر مأساوية18.

وبلغ الإجرام الإسرائيلي حد رفض إجلاء العالقين تحت الأنقاض، وتركهم يواجهون الموت أحياء. وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على لسان مسؤولة الإعلام بها، إيناس حمدان، رفض الكيان المحتل طلبًا عاجلًا منها للتدخل لإنقاذ العالقين جراء حرب الإبادة التي تشنها القوات المحتلة ضد الأطفال والنساء وتقديم المساعدات الإغاثية لهم19. وذكرت “الأونروا” أن تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية في الشمال أجبرها على وقف خدماتها المنقذة للحياة20. كما أعلن جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، في 24 أكتوبر 2024، توقف عمله كاملًا في محافظة الشمال، عقب اعتقال جيش الاحتلال الإسرائيلي خمسة من عناصره واستهداف ثلاثة آخرين بشكل مباشر، وقصف مركبة الإطفاء الوحيدة شمال القطاع21.

ثانيًا: خلفيات خطة الجنرالات الإسرائيلية:

يمكن الوقوف علي خلفيات خطة الجنرالات الإسرائيلية في شمال غزة بناءً علي ما يدور داخل إسرائيل من مناقشات وأطروحات حول ما يسمي بـ “اليوم التالي للحرب”، والتي تتمثل أبرزها في:

1- حكم العشائر: وفقًا لقناة “كان” العبرية، في يناير 2024، فإن هذه الخطة “تتضمن تقسيم قطاع غزة إلى مناطق تحكمها العشائر، وتتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية وإدارة الحياة المدنية فيها لفترة مؤقتة (دون تحديد)”.وكان نتنياهو، قد اعترف في يونيو الماضي، بمواجهته عقبات لتنفيذ هذه الخطة، فقال في مقابلة مع “القناة 14” الإسرائيلية، إن “وزارة الدفاع حاولت بالفعل التواصل مع العشائر، لكن حماس قضت على المحاولات”. وحسب صحيفة “إسرائيل هيوم”، “فإن الخطة واجهت رفضًا واسعًا من العائلات الفلسطينية”22.

2- استدعاء قوات عربية ودولية: تتحدث عدة طروحات إسرائيلية عن إحضار قوات عربية ودولية للعمل في قطاع غزة في مرحلة ما بعد إسقاط حماس، تتركز مهمتها في حفظ الأمن على الحدود بين غزة والاحتلال، أو إدارة الشأن العام في القطاع. في مثل هذه الحالة، تقترح محافل إسرائيلية نشر قوة حفظ سلام عربية ودولية في غزة بعد انسحاب جيش الاحتلال، تكون مسؤولة عن إدارة الحياة المدنية بموجب تفويض الأمم المتحدة، ثم تشكيل مجلس انتقالي مشترك، يتولى، حتى إجراء الانتخابات؛ مسؤولية إعادة إعمار القطاع، مع توفر رغبة إقليمية ودولية بتعزيز العناصر “المعتدلة”، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية، ورغبة إسرائيلية لإفساح المجال أمام المزيد من النفوذ العربي والإقليمي في غزة على حساب كسر ما يوصف بـ”الاحتكار” القطري للوضع في غزة. في مثل هذه الحالة يدور الحديث عن سيناريو التدويل، سواء بإحضار قوات أمنية عربية ودولية، أم قوات حفظ السلام وفض النزاعات، للقيام بمهام أمنية، واستدعاء مؤسسات دولية لتنفيذ مهام إنسانية معيشية سواء بجانب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا)، أم بدلًا عنها، ومنها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) وبرنامج الغذاء العالمي ومفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

في الوقت ذاته، فإن التوجه الإسرائيلي لاستدعاء قوات عربية ودولية لا يحظى بكثير من الإجماع في المؤسسة العسكرية والأمنية بزعم عدم وجود تجارب ناجحة لها، والادعاء بأن حماس قد تستطيع التعامل معها بطريقة تخدم مصالحها، كما هو حال حزب الله مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) في جنوب لبنان، وعدم ثقة الاحتلال بقدرة القوات الدولية على حفظ أمنه كما يقوم هو بذلك. كما أن هذه الدعوات لاستقدام قوات عربية ودولية لم تجد طريقها للتجاوب، حتى الآن، من مختلف الأطراف المقصودة، لأكثر من سبب يخص كلًا منها، لعل أولها رغبتها بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للساحة الفلسطينية قناعة منها بأنها مستنقع سيكون صعبًا الخروج منه بعد التورط فيه، ثانيها المواقف الصارمة التي أصدرتها المقاومة، واعتبارها لأي قوات تدخل إلى قطاع غزة بوصفها قوات احتلال، والتعامل معها انطلاقًا من هذا التوصيف، وثالثها عدم رغبتها بتخليص الاحتلال من أزمته الداخلية مع غزة، ومكافأته على ما ارتكب من مجازر ومذابح بحق الفلسطينيين23.

3- تولي السلطة الفلسطينية حكم غزة: هذا هو الاتجاه الذي تميل إليه الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية والعربية، وتحديدًا مصر والأردن والسعودية، وبعض الأوساط الإسرائيلية، مثل الوزراء السابقون في مجلس الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت، الذين لا يخفون اعترافهم بما تقدمه السلطة للأمن الإسرائيلي في الضفة الغربية، ويعتقدون أن عودتها لغزة كفيلة بتحقيق الأمن السائد للاحتلال في الضفة من خلال توسيع رقعة التنسيق الأمني ليشمل القطاع24. وإن كانت عودة السلطة مشروطة بإعادة تجديدها وتنشيطها وتدريب قواتها الأمنية، حسب ما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” في ديسمبر 202325.

لكن هذا الاتجاه يواجه معارضة من قبل نتنياهو وشركائه اليمينيين الذين يخشون من تبعاتها السياسية، لأنه يفسح المجال مجددًا للحديث عن دولة فلسطينية تتعارض مع برنامجهم السياسي الرافض لها، ولذلك يصف العديد من صناع القرار الإسرائيليين هذا الخيار بـ”السيء”؛ خوفًا من أن يؤدي إلى توحيد الفلسطينيين تحت قيادة مشتركة (بغض النظر عن مدى تعاونها مع الاحتلال)، وهذا من شأنه أن ينعش إمكانية إجراء مفاوضات سياسية، وينهي “اعتذارية” الانقسام التي استخدمها الإسرائيليون لخدمة أجندتهم منذ سنة 200726.

4- وثيقة المبادئ التي قدمها نتنياهو لمستقبل غزة: طرح نتنياهو تصورًا أوليًا لمستقبل قطاع غزة، في 23 فبراير 2024، عندما قدم إلى حكومته وثيقة من صفحتين، ذكر فيها ضرورة أن يحتفظ الاحتلال بحرية العمل في غزة بأكملها، دون حد زمني، بغرض منع تجدد المقاومة، وإحباط التهديدات القادمة منها، وإنشاء مجال أمني فيها في منطقة الحدود مع الاحتلال، على أن تظل موجودة طالما أن هناك حاجة أمنية لها، وفي الجنوب يحافظ على السياج الحدودي بين غزة ومصر لمنع إعادة تكثيف العناصر المسلحة، مرتكزًا على إجراءات لمنع التهريب من مصر، تحت الأرض وفوقها، بما في ذلك عبر معبر رفح (وذلك عبر السيطرة علي محور فيلادلفيا). وعلى المستوى المدني، تسعى وثيقة نتنياهو للعمل على ضمان أن تكون المسؤولية عن إدارة شؤون القطاع من صلاحية مسؤولين محليين ذوي خبرة إدارية، وليسوا منتمين إلى دول أو جهات تدعم المقاومة، مؤكدًا معارضته لإقامة دولة فلسطينية من جانب واحد، بالإضافة إلى استمرار الفصل بين الضفة وغزة، والتوضيح للفلسطينيين أن الظروف المعيشية في مناطق السلطة الفلسطينية، المتمسكة بتسوية سياسية مبنية على المفاوضات، أفضل من الحياة في غزة تحت حكم حماس، الساعية جاهدة لتدمير الاحتلال، وصولًا لعملية تبديل المناهج التعليمية في المؤسسات التعليمية والثقافية لإجراء عملية غسيل دماغ للفلسطينيين. كما أشار إلي أن إسرائيل ستعمل على “إغلاق وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، الأونروا، وستتخذ خطوات لاستبدال هذه الوكالة بـمنظمات مساعدات دولية مسؤولة”27.

وفيما بعد، فقد طلب نتنياهو من الجيش أن يتحضر لتوزيع المساعدات الإنسانية والحلول محل “الأونروا”، والتي يعتبرها اليمين الإسرائيلي “منظمة إرهابية” ومشروعًا مناهضًا للصهيونية، والقيام بما يلزم فيما يتعلق باللوجستيات وآليات العمل والقوى العاملة المطلوبة للمهمة. ولكن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، عارض تولي الجيش مسؤولية توزيع المساعدات، معتبرًا أنها “مهمة لا تناسب الجيش”، وحذر من أن مثل هذا الدور من شأنه “تعريض الجنود لخطر غير ضروري”28.

5- خطة الفقاعات الإنسانية: التي قدمها وزير الحرب، يواف غالانت، في يونيو الماضي، ومبنية على تقسيم قطاع غزة إلى 24 فقاعة منفصلة، على أن تبدأ الخطة من أقصى شمالي غزة وصولًا إلى جنوبيها بالتدريج، من خلال العمل على تحييد أفراد المقاومة بداخلها من جانب قوات الاحتلال، وإنشاء بنى تحتية أساسية في تلك المناطق، تديرها لجان إدارة محلية فلسطينية من سكان تلك المناطق لإدارة الحياة العامة، تكون مسؤولة عن عملية إدخال المساعدات وتنظيم دخول وخروج سكان تلك المناطق، وفق آلية شرطية وأمنية مشددة، تحول دون احتضان أي شخص تابع لحماس أو لديه تعاطف معها، علي أن يكون الأمن في يد الجيش الإسرائيلي الذي سيشكل حماية خارجية من عودة حماس أو مهاجمتها للجان الإدارية، مع إمكان طرح فكرة الرحيل الطوعي لسكان غزة أو جزء منهم29. ووفقًا لواضعي هذه الخطة يجب الربط بين عملية إعادة اعمار قطاع غزة وتنفيذ بنود هذه الخطة، كما أنهم يشيرون إلي أن تلك الخطة سيتم تنفيذها بشكل تدريجي وعلى المدى الطويل وقد تستغرق خمس سنوات كاملة.

ويرى الاحتلال أن تطبيق تلك الخطة سيحقق هدفين من أهداف الحرب: الأول هو القضاء على حماس واستبدال سلطتها داخل القطاع بسلطة أخرى، أما الثاني فيتعلق بتحرير المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة، فبعدما يتم السيطرة على كل مناطق القطاع عبر تلك الفقاعات واستقطاب الكثير من الفلسطينيين المناوئين لحماس ورفيقاتها من الفصائل الأخرى، فإن مسألة العثور على أماكن المختطفين قد تكون أسهل وأسرع30.

6- إدخال شركة أمنية إلى قطاع غزة: كشفت وسائل إعلام عبرية تفاصيل خطة جديدة مطروحة على أجندة المستوى السياسي الإسرائيلي، التي تقوم على دراسة مقترح إدخال شركة أمنية أمريكية إلى قطاع غزة، وذلك بعدما قرر رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، الاستجابة لطلب المنظومة الأمنية بألا يتولى الجيش مسؤولية توزيع المساعدات بسبب الكلفة المادية والعسكرية الباهظة لهذه العملية.

ويفترض أن تؤمن هذه الشركة وصول قوافل المساعدات الإنسانية ومنع الاستيلاء عليها، وإنشاء أول نموذج لحي خال من المقاومة والحضور السياسي الفلسطيني بحيث يخضع إلى التجربة والتقييم، ويقترح أن يكون مكان هذا النموذج في حي العطاطرة الواقع شمالي غربي مدينة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.

تقوم الخطة على إدخال ألف مقاتل أمريكي في المرحلة الأولى، خدم أكثرهم في جهاز “سي آي إيه”، إلى حي العطاطرة، والسماح لسكان الحي بالعودة إليه، وتقديم المساعدات لهم، وتعيين شخصية عشائرية في منصب رئيس المجلس في الحي. وفي حال نجاح التجربة ستكون النموذج التجريبي لإعادة إعمار غزة، وسيؤدي إلى تحييد السلطة المدنية لحماس في القطاع.

حسب صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، فإن الشركة التي يفترض أن تتولى هذا الدور هي شركة الأمن واللوجستيات الأمريكية “جي دي سي” “GDC”، (Global Delivery Company هي شركة أمريكية مقرها في نيوجيرسي متخصصة في الحراسات الخاصة والتأمين العسكري غير النظامي يرأسها ، وتعد GDC الشريك الأبرز لشركة Constellis الشركة الأم لمجموعة المرتزقة الدوليين المعروفة بـ Blackwater التي أسسها إريك برينس) المملوكة لرجال أعمال إسرائيليين وأمريكيين، والمتخصصة في العمل في مناطق الحرب والكوارث، استنادًا إلى الخبرة المكتسبة في أفغانستان والعراق وأوكرانيا، وهي نشطة في 100 بلد وتوظف أكثر من 14 ألف شخص31.

وقد أعلن رئيس الشركة ورجل الأعمال الإسرائيلي الأمريكي، موتي كاهانا، أنه وضع بالفعل خطة للتنفيذ في غضون 30 يومًا، تقوم على تكوين فقاعات إنسانية مناطقية، تكون محاصرة بالأسوار والأسياج الحديدية، ومؤمنة بشكل كامل عبر مداخل للخروج والدخول، ويتم فرض رقابة مشددة على سكان تلك المناطق، وإخضاعهم لعمليات تفتيش ورقابة مشددة، حسبما أشار في تصريحات لصحيفة “تايمز أوفر إسرائيل”. وتنطوي خطة كاهانا على توظيف السكان المحليين الفلسطينيين لمساعدة الشركة في عملها، لافتًا إلى فحص ما يقرب من 2500 فلسطيني بالفعل خلال الآونة الأخيرة من جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية، وأنهم جاهزون للانخراط في المهمة الجديدة، وأنه يرغب في توظيفهم، مشيرًا إلى إمكانية أن يكون هناك برنامج تجريبي يتم تطبيقه على منطقة معينة ثم تعميمه لاحقًا.

وأشار كاهانا أنه قد عرض خطته على عدد من مسؤولي النخبة السياسية والعسكرية في تل أبيب وواشنطن، على رأسهم نتنياهو وغالانت وبيني غانتس، بجانب المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي، وأنها لاقت استحسان الجميع، وفي انتظار الموافقة الرسمية لبدء التنفيذ، مشيرًا إلى أن الخطة ستتكلف 200 مليون دولار لمدة ستة أشهر، وقال مازحًا إن المبلغ أقل بكثير من 320 مليون دولار أنفقتها الولايات المتحدة على رصيف مساعدات مؤقت (في إشارة إلى رصيف غزة) والذي اضطرت إلى تفكيكه بعد أقل من شهرين بسبب الأضرار الناجمة عن الطقس. وفي مايو الماضي كتب كاهانا على حسابه على فيس بوك: “أخيرًا، تمكنت من مشاركة أنني سأساعد في الإمدادات الإنسانية للمدنيين في #غزة، بعد 14 عامًا و 5 حروب، أنا الآن في وطني، تمت الموافقة على شركتي لتوفير الخدمات اللوجستية داخل غزة، حماس انتبهوا لن تسرقوا أي شيء من إمداداتنا! هذا هو تحذيري الأول والأخير”.

ما تخطط له دولة الاحتلال يشبه إلى حد كبير ما خطط له الأمريكان عام 2003 حين منحوا شركة المرتزقة الدولية “بلاك ووتر” امتيازات دخول البلد العربي بحجة حراسة القوافل الإنسانية وتوفير الأمن للشركات وحراسة كبار الشخصيات، ومع الوقت تحول هؤلاء المرتزقة إلى عصا أمريكا لضرب العراقيين وسلب مواردهم وتنفيذ عمليات قذرة – سرقة واغتيالات وتفجيرات – بعيدًا عن العمليات الرسمية التي يقوم بها الجيش الأمريكي هناك.

وليس لدى المجتمع الدولي أي غضاضة في تقبل هذا الأمر وفق الرواية المتوقع أن تمررها دولة الاحتلال بحجة الرغبة في إدخال المساعدات للقطاع بصورة منظمة ومستمرة ومؤمنة، بمعزل عن حماس، هذا في الوقت الذي لا ينتظر أن يكون للعرب – كالعادة – موقف ولا كلمة في هذا الأمر، الأمر ذاته ينسحب على السلطة الفلسطينية التي ربما تشجع تلك الخطة طالما تستهدف حماس32.

7- خطة الدمج: التي قدمها عميت هاليفي، عضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست عن حزب “الليكود”، والمبنية على أساس دمج قطاع غزة في إسرائيل، كون هاليفي يعد أن الانفصال الإسرائيلي عن قطاع غزة كان الخطيئة الكبرى التي قامت بها إسرائيل، لذلك لا يتأتى تصحيح تلك الخطيئة إلا بدمج قطاع غزة في إسرائيل بالتدريج وبصورة مدروسة، وذلك يكون جوهر خطة “اليوم التالي”.

وتنفيذ خطة الدمج، بحسب هاليفي، يتطلب عمليات صارمة وتدريجية لإزالة المقاومة والتطرف من السكان وإزالة التسليح من المنطقة لضمان نجاح الدمج، بحيث تكون السيطرة المركزية على قطاع غزة (بالتأكيد في المدى المنظور) عبر إدارة عسكرية إسرائيلية، على أن تشمل خطة “اليوم التالي” حرية الهجرة من أجل تخفيف ديموغرافي كبير عن قطاع غزة، وعن إمكان إعادة الدمج والاحتواء للقطاع من جانب إسرائيل33.

ومما سبق؛ يمكن الوقوف علي أبرز مضامين الخطط الإسرائيلية المتعلقة بمستقبل قطاع غزة، أو ما يطلق عليه بـ”اليوم التالي للحرب”، كما يلي:

أتقويض سلطة حماس: يكثف الاحتلال من تمرير سرديته التي تشير إلى أن حماس وبقية فصائل المقاومة توظف عملية تقديم المساعدات للفلسطينيين في القطاع لتحقيق العديد من الأهداف العسكرية والسياسية والشعبية34؛ باعتبارها (حماس) المسئولة عن توزيع المساعدات الإنسانية، كما أن ذلك يجعل الكثيرين يسعون للعمل معها حتى لو لم يؤمنوا بمسارها أو يدعموه35. وعليه فإن أول خطوة في القضاء علي حماس – وفقًا للرؤية الإسرائيلية – لا بد أن تنطلق من تجريدها من هذا المورد، حتى لو كان الثمن تجويع مليوني إنسان وتعريض حياة عشرات الآلاف منهم للموت36.

ولذلك؛ منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023 يهرول الاحتلال لغلق كل النوافذ التي من شأنها تقديم المساعدات لأكثر من مليوني إنسان محاصر داخل قطاع غزة، كانت البداية بغلق معبر رفح ثم كرم أبو سالم، أعقبه احتلال محور فيلادلفيا مع الجانب المصري لمنع أي تسريبات محتملة لمساعدات قد يتم إدخالها بشكل أو بآخر.

كما أجهض جيش الاحتلال الجهود الخارجية المبذولة لإدخال المساعدات استجابة للتحذيرات من مجاعات كارثية تهدد حياة عشرات آلاف الأطفال والنساء والشيوخ داخل القطاع مع إطالة أمد الحرب، فاستهدف المساعدات الملقاة جوًا عبر طائرات الإغاثة التي أرسلتها بعض الدول كمصر والأردن، وحولها إلى مجازر طحين متكررة، ثم تجاوز الأمر إلى استهداف موظفين تابعين لكيانات ومؤسسات تحمل طابعًا دوليًا مثل “المطبخ العالمي”، ما دفعها إلى تجميد نشاطها داخل الأراضي الفلسطينية.

وأمام هذا الاستهداف الممنهج لم يتبق في الداخل الفلسطيني إلا وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” والتي كان يعول عليها لتقديم الحد الأدنى من المساعدات، إلا أنها هي الأخرى لم تسلم من المخطط الإسرائيلي، فبدأ الهجوم عليها وشيطنتها بحجة مشاركة عناصرها في عملية طوفان الأقصى، واتهامها بخدمة أجندة المقاومة في القطاع، فاستهدف مقارها وقصف مدارسها ودمر مراكز الإيواء التي تمتلكها، وفرض المحتل العراقيل أمام عملها رغم ما تحمله من صفة أممية.

ولم تكتف حكومة نتنياهو بهذا فقط، بل سارعت لإخراج الوكالة من غزة، وتجميد نشاطها بشكل كامل، وتحركت بشكل رسمي في هذا المسار، فصادقت لجنة الخارجية والأمن بالكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، في 3 أكتوبر 2024، على مشروع قانون لحظر عملها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإحالته للتصويت بالقراءة الثانية والثالثة في الهيئة العامة للكنيست ليصبح قانونًا نافذًا. وينطوي هذا المشروع الذي قدمه عضوا الكنيست دان إيلوز (الليكود) ويوليا مالينوفسكي (يسرائيل بيتنا)، إذا ما تم التصديق عليه رسميًا، على إلغاء اتفاقية عام 1967 التي سمحت للأونروا بالعمل في إسرائيل، وعليه توقف كل أنشطة الوكالة هناك، كذلك حظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها، وعدم منح تأشيرات دبلوماسية لموظفي الوكالة37. وقد تمت المصادقة بالفعل علي هذا المشروع في 28 أكتوبر 202438.

إلا أن تجميد عمل الأونروا – بوصفها النافذة الوحيدة حاليًا لتقديم المساعدات لسكان القطاع المحاصرين – سيضع الكيان المحتل أمام مأزق كبير، ما دفعها للبحث عن البديل المناسب من وجهة نظرها، والذي يمكنه تحقيق أجندتها الرامية إلى تجريد حماس من تلك المهمة التي يعتبرها نتنياهو وجنرالاته ركنًا أصيلًا في قوة المقاومة ولحمتها الشعبية والعسكرية. وعليه بدأت الكثير من الخطط تُناقش على طاولة المفاوضات والمباحثات داخل الكابينت الإسرائيلي، حول البحث عن البديل المؤهل للقيام بدور الأونروا وبقية منافذ تقديم المساعدات للفلسطينيين، بعض تلك المقترحات تم رفضه بشكل مؤقت مثل تولي جيش الاحتلال القيام بتلك المهمة، وأخرى تم التحفظ عليها مثل إسناد هذا الأمر للسلطة الفلسطينية، فيما كان المقترح الأوفر حظًا هو الاستعانة بشركات حراسة وتأمين أجنبية، لديها من الإمكانيات والقدرات والخبرات ما يؤهلها لتنفيذ تلك المهمة39.

وبالتوازي مع قيام الاحتلال بتقليل حجم المساعدات الإنسانية إلي غزة، والبحث عن بديل لحماس من أجل توزيع هذه المساعدات. فإنه يعمل أيضًا علي اقتصار دخول هذه المساعدات إلي جنوب قطاع غزة، ومنع دخولها بصورة كاملة إلي شمال القطاع. وفي هذا السياق؛ تقترح خطة الجنرالات فرض الحصار والتجويع علي شمال القطاع، بينما يتم السماح لجنوب القطاع بالحصول على المساعدات الإنسانية40. وفي شرحه لهذه الخطة، اعتبر غيورا آيلاند “أن الاتفاق الذي وقعناه في نوفمبر 2023 للإفراج عن بعض الرهائن كان اتفاقًا جيدًا”، لأنه في ذلك الوقت “كانت شاحنتان من المساعدات الإنسانية تدخلان كل يوم، وبدأت “حماس” تدرك أنه من دون توفير المساعدات الإنسانية فإن مدينة غزة ستكون في حالة حصار من شأنها أن تؤثر على قدرتها على القتال، كما أن ذلك سيخلق استياء بين السكان الجائعين والغاضبين، وهذا هو أكثر ما أزعج حماس، ولهذا وافقت على هذه الصفقة بحيث تزيد إسرائيل عدد الشاحنات من 2 إلى 200″، وتساءل: “أليس علينا أن نعود إلى إدخال شاحنتين فقط؟ لقد استسلمنا في تلك المرحلة”. وتابع قائلًا إن حركة “حماس” تسيطر بصورة كاملة على شاحنات المساعدات الإنسانية، وبالتالي “يُنظر إليها على أنها الجهة التي تقوم بتوزيع هذه المساعدات. وإذا خسرت الشمال بأكمله، فسيشكل هذا ضغطًا حقيقيًا على [يحيى] السنوار الذي سيفهم أيضًا أن ما يحدث في شمال قطاع غزة يمكن أن يحدث في رفح وسيزداد الضغط عليه؛ إذا لم ننفذ هذه الخطة، فلن نرى أيًا من أهداف الحرب الثلاثة يتحقق: لا عودة الرهائن، ولا القضاء على “حماس”، ولا نهاية الواقع في غزة الذي يهدد إسرائيل”41.

ويبدو أن إسرائيل ستتبع ذات الاستراتيجية (التي تتبعها في مسألة المساعدات الإنسانية) علي المدي البعيد فيما يتعلق بإعادة إعمار غزة، مع وضع شروط إضافية تتعلق بالربط بين إعادة إعمار قطاع غزة و”تجريد القطاع من السلاح وبدء عملية نزع التطرف (يقصد بها الاحتلال غالبًا تغيير مناهج التعليم، واقصاء مفاهيم المقاومة، وإعلاء مفاهيم المهادنة والاستسلام”.

بإقامة منطقة عازلة: في تصوره الأولي، الذي طرحه في 23 فبراير 2024 لمستقبل غزة، ذكر نتنياهو أن إسرائيل ستقيم “منطقة أمنية عازلة على الجانب الفلسطيني من الحدود مع قطاع غزة، والتي ستبقى طالما كان ذلك ضروريًا لأسباب أمنية”42.

وتحقيقًا لهذا التصور؛ يبدو أن الجيش الإسرائيلي يعمل علي دفع أهالي شمال قطاع غزة للنزوح إلى جنوبه، وذلك لتحويل المنطقة شمال محور نتساريم إلي منطقة عازلة لما يسمي بـ”مستوطنات غلاف غزة”؛ لأن وجود سكان غزة شمال محور نتساريم سيفقده أهميته، وسيتحول الدفاع عنه إلى تحد كبير، خصوصًا وأنه يتعرض للاستهداف بشكل شبه يومي من جهة الشمال، كما هو الحال من جهته الجنوبية على الرغم من توسيع مساحة الأمان على جانبيه لتصل إلى نحو سبعة كيلومترات43.

جإقامة حكم عسكري في غزة: مع انتهاء الحملات العسكرية الإسرائيلية الواسعة على مناطق قطاع غزة في نهاية يونيو 2024، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يواف غالانت الاستعداد للانتقال إلى ما أسماه المرحلة الثالثة من الحرب (المرحلة الأولى تمثلت في القصف الجوي، والثانية العملية البرية)، وتعني وفقًا للإعلان الإسرائيلي؛ عمليات نوعية محدودة لتصفية أهداف مهمة في قطاع غزة.

مع ذلك، ظل التصور الإسرائيلي لمستقبل القطاع غائبًا عن المشهد الاستراتيجي الإسرائيلي، حتى بدأت ملامحه مع تعيين مسؤول عسكري إسرائيلي عن إدارة الوضع الإنساني في قطاع غزة44. حيث كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، في 28 أغسطس 2024، نقلًا عن مصدر إسرائيلي أن الجيش استحدث منصبًا جديدًا تحت اسم “رئيس الجهود الإنسانية- المدنية في قطاع غزة”، وقالت الصحيفة إن العميد إلعاد غورين هو من سيتولى هذا المنصب الجديد، مضيفة أن هذا المنصب يوازي منصب رئيس الإدارة المدنية التابعة للسلطة الإسرائيلية في الضفة الغربية. وسيكون من صلاحيات غورين، وفق الصحيفة، متابعة إمكانية عودة مليون نازح فلسطيني إلى شمال القطاع، ومشاريع إعادة البناء، والتنسيق مع مؤسسات المساعدات الإنسانية، ونقل المساعدات للسكان، والاستعداد لفصل الشتاء45؛ يعنى هذا القرار سياسيًا أن الحكم العسكري لقطاع غزة ولو بشكل مؤقت هو القرار الاستراتيجي الإسرائيلي على الأرجح. ولكن على مدى الشهر التالي لهذا القرار، لم تتحرك إسرائيل تحركًا ميدانيًا يمكنه أن يمهد فعليًا لرمي أساسات هذا الحكم العسكري حتى كانت الحملة على مخيم جباليا.

تحاول إسرائيل فيما يبدو ممارسة الحكم العسكري عبر استراتيجية السيطرة على المحاور، بما يعني أن تتمركز القوات الإسرائيلية في المحاور الأساسية الفاصلة بين مناطق قطاع غزة بما يسمح بالسيطرة الأمنية والعسكرية على القطاع، وتشكيل معاقل إسرائيلية داخله. تشمل هذه المحاور محور نتساريم الفاصل بين مدينة غزة ومحافظة الوسط (دير البلح والمخيمات)، ومحور كيسوفيم الفاصل بين محافظة الوسط وخان يونس، ومحور غوش قطيف الفاصل بين خان يونس ورفح. بجانب سيطرتها علي محور صلاح الدين “فيلادلفيا” الحدودي الفاصل بين القطاع ومصر، وعلى طول الحدود الشمالية الشرقية للقطاع مع غلاف غزة.

عندما بدأ الهجوم على مخيم جباليا مالت أكثر التحليلات، بما في ذلك التحليل الذي تبنته حركة حماس رسميًا، إلى أن الهجوم يأتي في إطار فرض التهجير على سكان شمال قطاع غزة، تمهيدًا إلى تحويلها إلى منطقة عازلة والقضاء على خلايا المقاومة التي ما زالت تعمل بنشاط في الشمال، ويبلغ حجمها خمسة آلاف مقاتل وفقًا للتقديرات الإسرائيلية، يقودهم قائد لواء غزة في كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عز الدين حداد، وهو من كبار القادة الميدانيين الذين لم يصل إليهم الجيش الإسرائيلي إلى الآن.

لكن عددًا من الشواهد يفترض تحليلًا آخر لهذا الهجوم، على رأسها أن الجيش الإسرائيلي يدرك صعوبة تهجير السكان في شمالي قطاع غزة، ويقدر عددهم الآن ما بين 300 إلي 500 ألف شخص، ولم يقم الجيش الإسرائيلي بالترتيبات الإدارية التي قد تسمح بهذا المستوى من التهجير القسري الهائل. من ناحية أخرى، فإن شكل الهجوم الإسرائيلي على مخيم جباليا لم يتخذ شكل الضغط العسكري من الشمال لدفع السكان في اتجاه النزوح جنوبًا، وإنما اتخذ شكل الحصار الصارم للمخيم، واستهداف أي شخص يتحرك في الشوارع على نحو لا يشجع السكان أصلًا على النزوح. من الناحية الأخرى، لم يخفف الجيش الإسرائيلي غاراته على جنوبي القطاع، وتحديدًا المخيمات في وسط القطاع التي يفترض بها أن تكون المحطة الأولى للنازحين من الشمال، وهو ما يضعف إغراء السكان بالنزوح الطوعي.

أمام تلك الشواهد، هناك تفسيرًا بديلًا للهجوم على مخيم جباليا غير التفسير التهجيري، إذ يبدو أن القوات الإسرائيلية تحاول من خلال هجومها على المخيم الواقع على خط التماس بين محافظة الشمال ومدينة غزة (تمتاز محافظة الشمال (وتضم بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا) ومحافظة غزة دون سائر المحافظات بالاتصال العمراني، ويمتد مخيم جباليا ومنطقة جباليا النزلة كنقطة اتصال عمراني بين المحافظتين) أن تخلق محورًا اصطناعيًا تتمركز فيه القوات الإسرائيلية وتفصل بين المنطقتين، بما يمهد الأرض أمام إمكانية الحكم العسكري، والانتقال من الآلية العسكرية (القصف والاشتباك والتمشيط) في مواجهة المقاومة المسلحة، إلى آلية أمنية تعتمد الملاحقة والمراقبة46.

دعودة الاستيطان في غزة: في 28 يناير 2024، عُقد في القدس مؤتمرًا شارك فيه وزراء من اليمين المتطرف، للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات في غزة. حيث خصص المنظمون أكشاكًا لإطلاع الحضور على خططهم للاستيطان في غزة، وعرضوا عليهم صورًا وخرائط تظهر الشكل الذي “ينبغي أن تكون عليه غزة من نظرهم بعد الحرب”. كما نشر متطرفون إسرائيليون نسخًا من طلبات إلكترونية بين الإسرائيليين، تهدف إلى جمع قوائم بأسماء “الراغبين في الانتقال إلى مستوطنات غزة المتخيلة بعد الحرب”. ويسمي الطلب القطاع بـ”مدينة غزة الجديدة”، ويقول إنه “سيجري بناء المدينة بهدف أن تكون المدينة المركزية في غرب صحراء النقب”، ويشير إلى أن “المئات سجلوا أسماءهم من أُسر وشباب”، وتدعو مقدمة الطلب الإسرائيليين لـ”صناعة التاريخ” بحسب تعبيرها47. كذلك، نُظمت مسيرات استيطانية عدة بينها عند معبر “إيريز”، وأخرى في “سديروت”، ومناطق عدة من “غلاف غزة” تحت شعار “الاستيطان في غزة سيحقق الأمان”. كما نُظمت جولة بالقوارب البحرية مقابل شواطئ غزة، شارك فيها مئات المستوطنين الذين تجولوا مقابل الساحل المهدم، معلنين أنهم “يعاينون المناطق التي سيستوطنون فيها ويقيمون عليها بيوتهم لاحقًا”48.

وفي 10 سبتمبر 2024، كشفت صحيفة “هآرتس” أن التوجه الإسرائيلي في القيام بهجمات أكثر عدوانية على شمال القطاع لا ينحصر فقط في إخلائه، وإنما يتضمن أيضًا إعداد المنطقة تدريجيًا للاستيطان اليهودي وضمها لإسرائيل، اعتمادًا على حدة المعارضة الدولية التي ستنشأ بعد مثل هذه الخطوات. وترى الصحيفة أن الدخول إلى المرحلة الجديدة من الحرب لم يبدأ بعملية برية متعددة الفرق أو بغارات مفاجئة، بل بإعلان بيروقراطي صدر في 28 أغسطس يتضمن تعيين العميد إيلاد غورين رئيسًا للتحكم في المساعدات الإنسانية المدنية بقطاع غزة، وذلك ضمن وحدة تنسيق العمليات الحكومية في المناطق. وأن هذا المنصب يعادل رئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية، وعمليًا هو تجسيد لمنصب “حاكم غزة”، الذي حمله اللواء موشيه غورين، الذي تولى هذا المنصب خلال احتلال قطاع غزة في حرب الأيام الستة عام 196749.

وفي 8 أكتوبر 2024، أكدت صحيفة “هآرتس” في مقال افتتاحي أن سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ما زالا يتمسكان بمهمة استغلال ما يعتبرانه “فرصة تاريخية حدثت للشعب اليهودي في 7 أكتوبر 2023”. وهدف هذا الثنائي هو احتلال غزة وإقامة مستوطنات يهودية، وتحقيق هذا الهدف هو الذي يملي عليهما مواقفهما، بما في ذلك استعدادهما للتخلي عن المخطوفين والتضحية بهم. كما أن هذا هو سبب مطالبتهما بنقل المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة إلى الجيش الإسرائيلي. واعتبرت الصحيفة أن المشكلة العويصة أنهما يجدان أذنًا صاغية لشهيتهم المفتوحة على مزيد من الاحتلال للأرض الفلسطينية لدى رئيس الحكومة نتنياهو50، الذي يحلم بتحقيق هذا الانتصار التاريخي المتمثل في توسيع مساحة إسرائيل لأول مرة منذ خمسين عامًا51. وذلك عبر ضم شمال قطاع غزة الذي يصل مساحته إلى 62 كم مربع، وتشكل نحو 17% من إجمالي مساحة قطاع غزة، وهي غنية بالمناطق الزراعية، ووفقًا للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني كانت مساحة الأراضي الزراعية في شمال غزة حوالي 34 ألف دونم للعامين 2020-202152.

وفي 22 أكتوبر 2024، عقد مئات اليمينيين الإسرائيليين، مؤتمرًا قرب قطاع غزة دعوا خلاله إلى إعادة النشاط الاستيطاني في كل شبر من القطاع الفلسطيني، وإصلاح خطأ فك الارتباط مع قطاع غزة عام 2005. وتحت عنوان “الاستعداد لإعادة استيطان غزة”، انعقد المؤتمر في منطقة صنفها الجيش الإسرائيلي عسكرية مغلقة قرب مستوطنة بئيري بمحاذاة غزة. ودعا حزب الليكود (يمين) إلى هذا المؤتمر، والذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إضافة إلى وزراء ونواب ونشطاء من أحزاب يمينية أخرى. وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن “الوزراء الذين شاركوا في المؤتمر هم بتسلئيل سموتريتش (المالية)، ويتسحاق غولدكنوبف (الإسكان)، وإيتمار بن غفير (الأمن القومي)، وميكي زوهر (الرياضة)، وحاييم كاتس (الرفاهية)، وعميحاي شيكلي (شؤون الشتات)”. كما شارك “يتسحاق فاسيرلاوف (تنمية الجليل والنقب)، وأوريت ستروك (الاستيطان)، وعيديت سيلمان (حماية البيئة)، ومي غولان (المساواة والمرأة)، وشلومو كارعي (الاتصالات)، وعميحاي إلياهو (التراث)”53.

وقال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن “غزة جزء من أرض إسرائيل، وإنه لن يكون هناك أمن دون استيطان” في القطاع. وأضاف سموتريتش – في تصريحات قبل مشاركته بالمؤتمر- أن “العبرة الأساسية في السنة الأخيرة أنه أينما يوجد استيطان يوجد أمن، وأينما يوجد مدنيون ثم أيضًا وجود عسكري، ولا جدل في أن الجيش سيسيطر على قطاع غزة لفترة طويلة لإزالة الخطر الكامن فيها وتوفير الأمن لمواطني إسرائيل”. وأردف “من لديه عينان يدرك أنه من دون وجود مدني استيطاني لا يمكن إبقاء الجيش لفترة طويلة، لذلك يجب أن يكون في غزة وجود يهودي وإحياء الاستيطان الطلائعي القوي من جديد”. وأكد سموتريتش أنه سيتم هذا العام “تصحيح الخطأ الكبير الذي تمثل في طردنا من مستوطنات غوش قطيف في غزة”، وفق تعبيره54.

وأعلنت حركة “نحالا” الاستيطانية تسجيل 700 عائلة للانتقال للسكن في ست مستوطنات محتملة في قطاع غزة، معربة عن أملها في البدء ببناء هذه المستوطنات خلال عام. ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، في 23 أكتوبر 2024، عن تلك الحركة تأكيدها أنها ستملأ “المناطق المحررة في غزة بالمجتمعات اليهودية”55.

وتناولت وسائل إعلام إسرائيلية الحديث المتزايد عن إعادة استيطان قطاع غزة أو أجزاء منه على الأقل، مشيرة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يرفض الأمر بالمطلق، وإنما يرفضه في ظل الإدارة الأميركية الحالية. وقالت مراسلة الشؤون السياسية في القناة الـ 13 الإسرائيلية، موريا ولبيرغ إن إعادة استيطان غزة قد يتم تنفيذه خصوصًا لو عاد دونالد ترامب للبيت الأبيض. وأشارت ولبيرغ إلى أن حديث نتنياهو عن عدم واقعية الفكرة يعني أنه ليس واقعيًا في ظل الإدارة الأميركية الحالية وليس من وجهة نظره، لافتة إلى أنه لم يعلن رفضه للفكرة في حد ذاتها بشكل صريح وقال إنه “ليس واقعيًا حاليًا”56.

ومن الواضح أن هؤلاء المتطرفون لا يخفون نواياهم، قد يصمتون عنها وفق ما تفرضه الحسابات الدولية، لكنهم يؤمنون أنهم ينفذون ما تفرضه عليهم العقيدة اليهودية التي تعتبر الاستيطان في “أرض إسرائيل” فريضة إلهية، يجلب التخلف عنها العقاب لـ”شعب إسرائيل”، كما أن الاستيطان أحد ركائز العقيدة الأمنية، وخطوة ضرورية لإقامة دولتهم على كامل فلسطين التاريخية، وفي المرحلة الثانية تتمدد تلك الدولة وتتوسع لتشمل معظم دول الطوق (لبنان وسوريا وأجزاء من العراق ومصر والسعودية) فيما يُعرف بـ”إسرائيل الكبرى”57.

ثالثًا: تحديات خطة الجنرالات الإسرائيلية:

علي الرغم من حديث رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي، في 24 أكتوبر 2024، عن أن مخيم جباليا على وشك السقوط في ظل العملية العسكرية التي تقوم بها قوات الجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة منذ أيام عديدة58. إلا أن مثل هذه الأحاديث قد تكون مبالغة بصورة كبيرة، في ظل العديد من التحديات التي تواجه تحقيق هذا الهدف (سقوط جباليا وباقي محافظات الشمال)، ولعل أبرزها:

1- رفض السكان النزوح من الشمال: فعلى الرغم من كل هذه الإبادة الوحشية التي تمارسها إسرائيل في شمال قطاع غزة، فقد فشل جيش الاحتلال في دفع نحو ربع مليون فلسطيني يعيشون في شمال القطاع إلى الرحيل سواء باتجاه مدينة غزة، أو إلى مناطق الوسط والجنوب، وهذا الأمر يرجع إلى عدة أسباب، من بينها أن هؤلاء المواطنين لم ينزحوا منذ بداية الحرب (في 7 أكتوبر 2023) من منازلهم رغم ما تعرضوا له من استهدافات، وما زالوا يتشبثون بأرضهم وبيوتهم حتى لو كانت مدمرة، إلى جانب إدراكهم أن لا مكان آمنًا في قطاع غزة، وأن الموت فوق ركام منازلهم أفضل ألف مرة من الموت في خيام النزوح، والتي لها نصيب وافر هي الأخرى من عمليات القصف والإحراق، كما حدث في دير البلح وخان يونس والنصيرات أكثر من مرة. يضاف إلى ذلك أنهم يؤمنون بأن المقاومين الذين بين ظهرانيهم قادرون على إفشال خطط الاحتلال والتصدي لها، وأن هؤلاء المقاومين الذين هم أبنائهم وإخوانهم بحاجة إلى حاضنة شعبية تلتف من حولهم، وتقدم لهم ما يحتاجونه في هذه الظروف الصعبة والقاسية، وهم على استعداد كامل للقيام بهذا الدور على الرغم من كل التضحيات التي يقدمونها59. كما يدرك سكان الشمال أن نجاح نتنياهو في مساعيه يعني دفع معظم سكان القطاع للعيش في نصف مساحته في الجنوب، ما قد يؤدي إلى نزوحهم طوعيًا وخروجهم من غزة بعد وقف إطلاق النار، وهو ما يحقق هدف التهجير لكن “من باب خلفي”60. كما أن أهالي غزة الآن تعلموا درس النكبة الأولى (نكبة 48)، فهم يدركون أن الاستسلام والرحيل لن تتبعه عودة، ما يعني أنهم سيتحولون كأسلافهم إلى لاجئين في شتات لا يرحم حتى ولو كان لدى الأشقاء العرب61.

وفي هذا السياق؛ نقلت القناة ١٤ العبرية، عن مسئول صهيوني، أن “حصار جباليا هو أكبر الخدع، حيث لا يخلي السكان منازلهم جنوبًا باتجاه محور نتساريم، بل بشكل أساسي إلى مناطق الشجاعية والدرج والتفاح، وبمجرد أن نغادر من جباليا، سيعودون إلى هناك وسيعود معهم العمل المسلح”62.

ومع إدراك أن صمود سكان شمالي القطاع حتى اليوم في مواجهة مخطط التهجير، رغم ما يتعرضون له من انتهاكات لا يتحملها بشر، وثبات المقاومة، قد يعرقل بشكل أو بآخر، أو يؤجل تطبيق تلك الخطة العنصرية، لكن يبقى السؤال: إلى متى يستمر هذا الصمود؟ وعلام الرهان؟ ومتى يتحرك العالم لوقف جنون نتنياهو وفاشيته التي وصمت الإنسانية عارًا في جبينها؟63.

2- استمرار المقاومة في الشمال: حيث لاتزال المقاومة المسلحة من قبل كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، وسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى، الجناح العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تعمل وبقوة في شمال القطاع. وفي هذا الصدد، يمكن الإشارة إلي بعض العمليات – وليس كلها – التي قامت بها المقاومة، ففي 23 أكتوبر، أعلنت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- أن مقاتليها هاجموا مقر قيادة العملية العسكرية الإسرائيلية شمال قطاع غزة، قرب نادي معسكر جباليا، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح. وقبلها بأيام قليلة، وتحديدًا في 20 أكتوبر، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل قائد اللواء 401 العقيد إحسان دقسة، كما أصيب معه قائد كتيبة وضابطان آخران، ويعتبر دقسة هو أعلى رتبة عسكرية إسرائيلية يجري استهدافها منذ بداية العملية البرية في قطاع غزة. وفي 10 أكتوبر، بثت المقاومة شريطًا مصورًا لإيقاع سرية مشاة ميكانيكية مصحوبة بالآليات مكونة من 12 مركبة وشاحنة في كمين مركب في شرق مخيم جباليا64.

وفي هذا السياق؛ نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن محللين عسكريين وجنود إسرائيليين قولهم “إن تكتيكات الكر والفر التي تنتهجها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) شمال غزة تجعل هزيمتها أمرًا صعبًا”. وتضيف الصحيفة الأميركية أن “حماس تمتلك ما يكفي من المقاتلين والذخائر لتوريط الجيش الإسرائيلي في حرب بطيئة وطاحنة لا يمكن الفوز فيها، رغم نجاح إسرائيل في تدمير الجناح العسكري لحماس”65. فيما أشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، إلي أن استمرار القتال في مخيم جباليا، يظهر “مدى المبالغة في الادعاءات الإسرائيلية بشأن النصر على حماس”، لافتة إلى أن الحركة “عادت وأمسكت بالأرض في المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن الحركة “لا تزال تدير مئات المقاتلين في منطقة المخيم”66. وكانت صحيفة “نيويورك تايمز”، قد نقلت، في 17 سبتمبر الماضي، عن القائد السابق لفرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي اللواء غادي شماني، قوله: “حماس تستعيد البلدات في جميع أنحاء غزة بعد 15 دقيقة من انسحاب القوات الإسرائيلية منها”. وأضاف شماني، أنه “رغم تقلص القدرات العسكرية لحماس بلا شك (بسبب الحرب المستمرة لأكثر من عام)، لكنها لا تزال تحتفظ بالسيطرة على غزة”، مؤكدًا أن “حماس تفوز بالحرب، بينما تخسر إسرائيل”67.

وفي منتصف يونيو 2024، خرج المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري، معلنًا أنه من غير الممكن القضاء على حماس كفكرة، في إشارة إلى أن الجيش فعل كل ما يمكن القيام به للقضاء على حماس كتنظيم عسكري في قطاع غزة، وأن الأمور باتت في انتظار خطوة سياسية. لم يكتف هاجاري بذلك، بل عبر ضمنيًا عن استياء الجيش من الموقف السياسي للحكومة عندما قال إن الحديث بإمكانية القضاء نهائيًا على حماس هو بمثابة ذر للرماد في العيون، وعلى إسرائيل إيجاد بديل لحركة حماس، وإلا فإنها ستبقى68.

ويبدو أن المقاومة تستميت بصورة كبيرة في مواجهة العملية العسكرية الإسرائيلية علي شمال غزة عمومًا وجباليًا خصوصًا؛ نظرًا للدور المحوري لمخيم جباليًا – مخيم اللاجئين الأكبر في قطاع غزة – في معادلات القيادة والتأثير، ليس في شمالي قطاع غزة فحسب، بل على مستوى محافظات القطاع عمومًا. فالمخيم كان نقطة الانطلاق لمعركة السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وسيطرة مقاتلي المقاومة الفلسطينية على المستعمرات القريبة من تلك المنطقة، والمعروفة باسم “غلاف غزة”69. كما يمثل وجود مخيم جباليا معضلة كبرى أمام الخطط الإسرائيلية، ففي كل مرة بحث فيها الاحتلال عن صيغة لتمريرها لبناء نموذج “اليوم التالي”، شن الاحتلال عملية عسكرية موسعة استهدفت مخيم جباليا، فالعملية العسكرية الأولى في 8 نوفمبر 2023 ترافقت مع محاولة الاحتلال العمل مع العشائر، والعملية العسكرية الثانية في 11 مايو 2024 ترافقت مع خطة الاحتلال لإنشاء “فقاعات غالانت الإنسانية”، فيما تترافق العملية العسكرية الحالية (6 أكتوبر 2024) على المخيم مع خطة استقدام الشركة الأمنية الأمريكية70.

حيث شكل نموذج مخيم جباليا عامل تجميع هام وصمام أمان رئيسي لمناطق شمالي قطاع غزة، إذ مثل قبلة النازحين من بيت حانون وبيت لاهيا، في وقت العمليات العسكرية في المدن الحدودية، ليعودوا أدراجهم إلى مناطق سكنهم فور انسحاب الجيش، وهو ما جعل من وجود مخيم جباليا وتماسكه بوابة تماسك لكل مدن وأحياء شمالي القطاع. على المقلب الآخر، فإن البيئة المتماسكة، وحجم البنية التحتية للقوى والفصائل، سمحت لأن يشكل مخيم جباليا مركزًا رئيسيًا لقيادة العمل الوطني، وبوابة محورية في إفشال خطط الاحتلال، خاصة إجهاض كل محاولة لتخليق نموذج متعاون، كان يفترض أن يكون شمالي قطاع غزة محطته الأولى. كان مخيم جباليا محطة الانطلاق الرئيسية في شمالي قطاع غزة لنشاط لجان الحماية الشعبية، التي تولت تأمين قوافل المساعدات، ومنعت محاولات الاحتلال إحلال الفوضى في شمالي القطاع مدخلًا لإحلال نظام بديل تشكل عصابات البلطجة عماده الرئيسي، كما شكل المخيم الأرضية الصلبة التي يستند إليها كل أحياء شمالي قطاع غزة لإعادة مظاهر الحياة والثبات على الأرض والإفشال المستمرة لمحاولات تحويل الشمال إلى منطقة خالية من السكان71.

3- الخسائر الإسرائيلية الباهظة: ففيما يبدو تخلي عن “خطة الجنرالات”، فقد أعرب الجنرال غيورا آيلاند – الذي ارتبطت الخطة باسمه – عن معارضته لاستمرار جيش الاحتلال في قطاع غزة؛ دون استراتيجية واضحة. ودعا الحكومة الصهيونية إلى وقف القتال وعقد صفقة من أجل تبادل الأسرى مع المقاومة. وأرجع ايلاند موقفه إلى عدة عوامل:

  • الخسائر في صفوف الجنود الإسرائيليين الذين يقاتلون داخل غزة، سواء الذين يتعرضون للقتل أو الإصابة.
  • العبء الكبير الملقى على كاهل الجنود، سواء أولئك الذين يخدمون في السلك النظامي، أو جنود الاحتياط الذين تتعقد أوضاعهم الأسرية والاقتصادية في كثير من الحالات.
  • العبء الاقتصادي، فكل يوم من القتال يكلف نحو نصف مليار شيكل (132.2 مليون دولار).
  • العالم بأسره يتوق إلى إنهاء الحرب في غزة.
  • أن مواصلة القتال في غزة ستة أشهر، أو سنة أُخرى، لن يحدث ذلك فرقًا في الواقع. هناك أمران سيحدثان فقط: سيموت جميع المخطوفين، وسيقتل مزيد من الجنود.
  • في أي اتفاق مع حماس، يجب أن يتمثل المطلب الوحيد في إعادة المخطوفين، لكن علي إسرائيل، في مواجهة اللاعبين الآخرين، وبصورة خاصة الولايات المتحدة ومصر وقطر، أن تصر على أمر آخر: أن تسمح إسرائيل بإعادة إعمار غزة في حالة واحدة، هي أن يجري ذلك بالتزامن مع مشروع لنزع السلاح.
  • أن هناك احتمالًا لأن يتمرد سكان غزة ضد حماس، لكن هذا لن يحدث ما دامت الحرب مستمرة، وما دامت قوات الجيش الإسرائيلي موجودة في القطاع. فالتمرد قد يحدث عندما يدرك السكان أن حماس تحول دون إعادة إعمار القطاع72.

وكان معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قد أشار إلي أن خطة الجنرالات لن تحقق أهداف الحرب، لأنها تتجاهل عددًا من المشكلات والقيود الجوهرية التي ستعيق تنفيذها وتحقيق أهدافها:

  • فوفقًا للخطة، إن منع الإمدادات عن حماس (كالغذاء والماء والوقود) هو ما أدى إلى التوصل إلى صفقة تحرير الأسرى في نهاية نوفمبر 2023. هذا الادعاء غير مؤكد: لقد كان منع الإمدادات مجرد واحد من الاعتبارات لدى حماس، وربما لم يكن هو الاعتبار الرئيسي، وربما كان الدافع الرئيسي إلى موافقة الحركة على إطلاق سراح الأسرى في ذلك الوقت، هو مصاعب الاستمرار في نقل وإخفاء عدد كبير من الأسرى. علاوة على ذلك، تنطوي الخطة على خطر محتمل على الأسرى الذين سيكونون أول من سيحرم من الطعام والماء (وبعضهم محتجز أيضًا في شمال القطاع) عندما يتفاقم النقص في الإمدادات داخل القطاع.
  • لا ضمانة لاستسلام مقاتلي حماس بسبب التجويع، حيث سيظل عدد كبير من مقاتلي الحركة علي قيد الحياة في شمال القطاع بفضل المخزون الذي جمعته الحركة. ومن المرجح أن يستغل بعض المقاتلين حركة نزوح السكان جنوبًا والتسلل خارج المنطقة تحت غطاء المدنيين الذين يتم إجلاؤهم. وسينضم هؤلاء المقاتلون إلى الوحدات التي تقاتل في مناطق أُخرى من القطاع.
  • من المرجح أن يرفض بعض السكان الانتقال مرة أُخرى إلى الملاجئ في جنوب القطاع، حيث لا توجد بدائل معيشية أفضل هناك. ففي الشمال، يوجد مزيد من المباني التي يمكن الاحتماء فيها، مقارنة بالملاجئ في الجنوب، وخصوصًا مع اقتراب فصل الشتاء. ومن المحتمل أيضًا أن يحاول بعض النازحين العودة إلى الشمال، وبالتالي تعود الحالة الراهنة كما كانت عليه.
  • أن إسرائيل ستكون ملزمة بمواصلة السماح بدخول المساعدات الإنسانية للسكان الذين سيبقون في شمال القطاع. علاوة على ذلك، لا توفر الخطة حلًا لتحدي سيطرة حماس على المساعدات والإمدادات.
  • يخضع الحصار لمراقبة دولية وشعبية واسعة بسبب إمكان إلحاق الأذى بالمدنيين. من الناحية القانونية، من المتوقع أن تفسر الخطة بأنها غير قانونية بسبب تأثيرها المحتمل في المدنيين الذين سيبقون في شمال القطاع، وهو ما يزيد في تفاقم الهجوم القانوني على إسرائيل في الساحة الدولية، ويعزز الاتهامات الموجهة إليها بشأن منع المساعدات الإنسانية واستخدام التجويع كوسيلة حرب. من المرجح أن يؤدي الحصار على شمال القطاع إلى جولة جديدة من الأوامر الصادرة ضد إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية التي تنظر فيها محكمة العدل الدولية (ICJ). بالإضافة إلى ذلك، سيساهم في تعزيز الطلب القائم لإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الدفاع، والمعلق أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، ويزيد في احتمال استجابة المحكمة لهذه الطلبات وإصدار الأوامر.
  • بعد مرور عام على الحرب، لا تزال إسرائيل تحظى بشرعية دولية محدودة، في الأساس، بسبب استمرار احتجاز حماس لـ 101 أسيرًا إسرائيليًا. لكن في هذه المرحلة – مع استمرار الحرب أكثر من عام، والوضع الإنساني المتدهور في غزة، والقتل والدمار الواسع في القطاع – لا يمكن لإسرائيل أن تتحمل تصويرها كدولة تفرض قيودًا على المساعدات الإنسانية للسكان، الأمر الذي يؤدي إلى تآكل ما تبقى من شرعيتها الدولية.
  • قد تؤدي “خطة الجنرالات” إلى دفع إسرائيل نحو مسار احتلال قطاع غزة وفرض حكم عسكري عليه، وهو ما سيضع المسؤولية عن أكثر من مليوني نسمة على عاتقها. هذا الوضع قد يزيد في تعقيد التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها، ويثقل كاهل المجتمع الإسرائيلي من الناحية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، لدى الجيش الإسرائيلي مقدرات محدودة يمكن تخصيصها لملاحقة المقاتلين الذين سيبقون في شمال القطاع، أو الذين سيعودون ويتسللون إلى المنطقة. ومن المتوقع أن تتنافس هذه المهمة مع مهمات أُخرى، بما في ذلك في جبهات أخرى – مثل لبنان والضفة الغربية73.

الخلاصات والاستنتاجات:

  1. يستخدم الاحتلال كل الأدوات من أجل تحويل التجويع والقتل إلى أداة للهندسة الاجتماعية، وإعادة صياغة أولويات المجتمع في شمالي قطاع غزة، بوضعهم أمام خيارات محدودة: الموت جوعًا، أو الموت قتلًا بالصواريخ والقذائف، أو التهجير والنزوح، أو التعاطي مع وسيط دولي يقدم المساعدات والمأكل والمشرب في معازل جغرافية خاضعة للفحص والسيطرة الإسرائيلية74.
  2. انطلق جيش الاحتلال في تنفيذه لهذا المخطط العنصري منذ الأشهر الأولى للحرب من خلال تكثيف العمليات الرامية إلى تجزئة القطاع وتقسيمه وتفتيت لحمته وتحويله إلى فقاعات متباعدة، فبدأ بفصل الشمال عن الوسط والجنوب، ثم الشرق عن الغرب، ثم المخيمات عن البلدات، وصولًا إلى ما عُرف بـ”مخطط الجنرالات”75.
  3. يشكل الصمود الأسطوري لأهالي شمال قطاع غزة، وقدرة المقاومة على استمرار المواجهة ورفع كلفة وجود جيش الاحتلال على الأرض، حائط الصد الرئيسي الذي أدخل الحرب بقطاع غزة في معادلة الاستنزاف المستمرة لجيش الاحتلال، دون وجود أي أفق حقيقي لتقهقر المقاومة أو حتى إشارات أولية حول ذلك، والأمر سواء بشأن التماسك المجتمعي الرافض لكل أشكال السيطرة الإسرائيلية أو الانقلاب الشعبي على قوى المقاومة. تظهر الخطط الإسرائيلية قصورًا كبيرًا في القدرة على إدراك واقع البيئة في قطاع غزة، التي تتعدى في مناعتها الحضور الفصائلي على وجه التحديد، وتصل إلى حد التجذر الشعبي الكبير في معادلة المواجهة، والقدرة على الصمود والرفض لدرجة تفوق قدرة الحسابات العقلانية على التنبؤ بها، ويشكل الصمود والتمسك بالبقاء في شمالي قطاع غزة أوضح نماذجها76.
  4. لا يمكن الجزم بأن الاندفاعة الإجرامية الإسرائيلية ستصطدم بحائط الصد الشعبي وستتراجع سريعًا، بل سيعمد الاحتلال إلى إطالة أمد العملية، والعمل على التفكيك التدريجي لمربعات الصمود في مخيم جباليا وعبره في شمالي قطاع غزة، إلا أن عوامل المواجهة الرئيسية سترتبط ارتباطًا مباشرًا في مدى دعم صمود أهالي شمالي قطاع غزة، ومدى التركيز الإعلامي على رفض السماح للاحتلال باستثمار الانشغال العالمي بالتصعيد على الجبهة اللبنانية في تحقيق وقائع على الأرض تقضي بإفراغ شمالي قطاع غزة من سكانه، أو تحييد مقومات الصمود والمواجهة فيه وتهيئته لتمرير مخططات الاحتلال77.

1 “إسرائيل تصنف غزة “ساحة قتال ثانوية” لأول مرة منذ 7 أكتوبر”، الجزيرة نت، 11/10/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/10/11/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AA-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%88%D8%AA-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7

2 “عن آخر مخططات إسرائيل حيال شمال قطاع غزة”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 14/10/2024، الرابط: https://www.madarcenter.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9/12308-%D8%B9%D9%86-%D8%A2%D8%AE%D8%B1-%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

3 ” هل باتت “خطة الجنرالات” هي التي ستحدد مستقبل قطاع غزة؟”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 8/10/2024، الرابط: https://www.palestine-studies.org/ar/node/1656216

4 “جنرال إسرائيلي يدعو إلى حصار خانق لشمال غزة”، الجزيرة نت، 21/8/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/8/21/%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%AE%D8%A7%D9%86%D9%82-%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84

5 “هل باتت “خطة الجنرالات” هي التي ستحدد مستقبل قطاع غزة؟”، مرجع سابق.

6 ” نتنياهو وغالانت يدرسان تطبيق “خطة الجنرالات” في غزة”، الجزيرة نت، 27/9/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/9/27/%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D8%B5%D8%AF%D9%82%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%AE%D8%B7%D8%A9

7 “خطة الجنرالات – المقاصد جيدة، لكن هذه الطريقة ليست طريقة تطبيقها”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 10/10/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35425

8 ” خطة الجنرالات إستراتيجية لتحويل شمال غزة إلى منطقة عسكرية”، الجزيرة نت، 17/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2024/10/17/%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%8A%D9%84-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84

9 “خطة الجنرالات – المقاصد جيدة، لكن هذه الطريقة ليست طريقة تطبيقها”، مرجع سابق.

10 ” الجيش الإسرائيلي يعلن بدء عملية برية جديدة شمال قطاع غزة”، RT عربي، 6/10/2024، الرابط: https://arabic.rt.com/middle_east/1607195-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A8%D8%AF%D8%A1-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9/

11 “ماذا يحدث في شمال قطاع غزة؟.. إبادة لكل مظاهر الحياة، وهذه محاور توغل قوات الاحتلال وتمركزها (خريطة)”، عربي بوست، 19/10/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/10/19/%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-2/

12 “جيش الاحتلال يحاصر مشروع بيت لاهيا ويكمل مخطط تهجير الفلسطينيين”، العربي الجديد، 22/10/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D9%84%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86

13 “الاحتلال يعلن أسر 200 بجباليا وقصف عنيف على عدة مناطق بالقطاع”، الجزيرة نت، 24/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/24/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%A3%D8%B3%D8%B1-200-%D8%A8%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%82%D8%B5%D9%81-%D8%B9%D9%86%D9%8A%D9%81

14 “المخيّم يفرمل “خطة الجنرالات”.. والأيام المقبلة حاسمة!”، الميادين نت، 22/10/2024، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D9%8A%D9%81%D8%B1%D9%85%D9%84–%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA—-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84%D8%A9-%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A9

15 “جيش الاحتلال يحاصر مشروع بيت لاهيا ويكمل مخطط تهجير الفلسطينيين”، العربي الجديد، 22/10/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D9%84%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86

16 “الاحتلال يسحب اللواء 460 من شمال غزة ويعلن تهجير 50 ألف فلسطيني”، عربي21، 28/10/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1636420/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%B3%D8%AD%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88%D8%A7%D8%A1-460-%D9%85%D9%86-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%86-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-50-%D8%A3%D9%84%D9%81-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A

17 “”الممرات الآمنة”.. مصائد إسرائيلية لقتل واعتقال النازحين شمال غزة”، الجزيرة نت، 22/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/22/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%85%D9%86%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%82%D8%AA%D9%84

18 “بعدما شلّت الحياة في شمال غزة.. “إسرائيل” تستعد لتنفيذ “خطة الجنرالات””، مرجع سابق.

19 “جباليا تواجه الإبادة.. هكذا تكتب المقاومة فصلًا جديدًا في معركة البقاء”، مرجع سابق.

20 “”خطة الجنرالات”.. هل ينجح التهجير من “الباب الخلفي”؟”، عروبة22، 21/10/2024، الرابط: https://ourouba22.com/article/4054-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%81%D9%8A

21 “الدفاع المدني: توقف عملنا بشمال غزة والوضع كارثي”، الجزيرة نت، 24/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/24/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%86%D8%A7-%D8%A8%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

22 ” “خطة الجنرالات” ليست الأولى.. تخبط إسرائيلي متواصل بشأن مستقبل غزة (تقرير إخباري)”، الأناضول، 12/10/2024، الرابط: https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%AE%D8%A8%D8%B7-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A/3359769#

23 “تقدير موقف موسع: الرؤى والسيناريوهات الإسرائيلية لمستقبل إدارة قطاع غزة بعد الحرب”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 30/4/2024، الرابط: https://www.alzaytouna.net/2024/04/30/%D8%AA%D9%82%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%85%D9%88%D8%B3%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A4%D9%89-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%A7/

24 المرجع السابق.

25 ” “خطة الجنرالات” ليست الأولى.. تخبط إسرائيلي متواصل بشأن مستقبل غزة (تقرير إخباري)”، مرجع سابق.

26 “تقدير موقف موسع: الرؤى والسيناريوهات الإسرائيلية لمستقبل إدارة قطاع غزة بعد الحرب”، مرجع سابق.

27 ” نتنياهو يعرض خطته لليوم التالي للحرب على غزة”، الجزيرة نت، 23/2/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/2/23/%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D8%AE%D8%B7%D8%AA%D9%87-%D9%84%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8

28 ” تقرير: نتانياهو أمر الجيش بالاستعداد لاحتمالية تولي مهمة توزيع المساعدات في غزة”، الحرة، 4/9/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/palestine/2024/09/04/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A3%D9%85%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AF-%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%85%D9%87%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

29 ” شمالي غزة في مواجهة خطط “اليوم التالي للحرب””، الميادين نت، 15/10/2024، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%AE%D8%B7%D8%B7–%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8

30 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، نون بوست، 24/10/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/259482/

31 ““GDC” و”اليوم التالي”: مخطط لتقسيم غزة إلى بؤر معزولة ومطوّقة ومليئة بالطعام”، نون بوست، 24/10/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/259556/

32 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، مرجع سابق.

33 ” شمالي غزة في مواجهة خطط “اليوم التالي للحرب””، مرجع سابق.

34 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، مرجع سابق.

35 “عن آخر مخططات إسرائيل حيال شمال قطاع غزة”، مرجع سابق.

36 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، مرجع سابق.

37 المرجع السابق.

38 “الكنيست يوافق على قرار منع عمل وكالة الأونروا في إسرائيل”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 28/10/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35563

39 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، مرجع سابق.

40 “عن آخر مخططات إسرائيل حيال شمال قطاع غزة”، مرجع سابق.

41 “هل باتت “خطة الجنرالات” هي التي ستحدد مستقبل قطاع غزة؟”، مرجع سابق.

42 ” نتنياهو يعرض خطته لليوم التالي للحرب على غزة”، مرجع سابق.

43 “المخيّم يفرمل “خطة الجنرالات”.. والأيام المقبلة حاسمة!”، الميادين نت، 22/10/2024، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85-%D9%8A%D9%81%D8%B1%D9%85%D9%84–%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA—-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%8A%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84%D8%A9-%D8%AD%D8%A7%D8%B3%D9%85%D8%A9

44 “ما وراء جباليا.. الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت”، مدي مصر، 23/10/2024، الرابط: https://www.madamasr.com/2024/10/23/opinion/u/%d9%85%d8%a7-%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%ac%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d8%aa%d9%8a%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b7%d9%84%d8%a7/

45 “الاحتلال يعين ضابطا إسرائيليا لإدارة قطاع غزة”، الجزيرة نت، 29/8/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/8/29/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D9%86-%D8%B6%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A7-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9

46 “ما وراء جباليا.. الاستراتيجية الاستطلاعية لإسرائيل من غزة إلى بيروت”، مرجع سابق.

47 “ضم شمال القطاع و “نتساريم وفيلادلفيا” ركائزها.. تفاصيل المرحلة المقبلة من حرب الاحتلال على غزة”، عربي بوست، 10/9/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1/2024/09/10/%d8%b6%d9%85-%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9/

48 “مشاريع بالجملة لإعادة استيطان غزة: إسرائيل متمسكة بمخطط التهجير”، الأخبار، 24/10/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/386768/%D9%85%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%AA%D9%85%D8%B3%D9%83%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A

49 “ضم شمال القطاع و “نتساريم وفيلادلفيا” ركائزها.. تفاصيل المرحلة المقبلة من حرب الاحتلال على غزة”، مرجع سابق.

50 “عن آخر مخططات إسرائيل حيال شمال قطاع غزة”، مرجع سابق.

51 “هل باتت “خطة الجنرالات” هي التي ستحدد مستقبل قطاع غزة؟”، مرجع سابق.

52 “ماذا يحدث في شمال قطاع غزة؟.. إبادة لكل مظاهر الحياة، وهذه محاور توغل قوات الاحتلال وتمركزها (خريطة)”، عربي بوست، 19/10/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/10/19/%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-2/

53 “”لا مكان للعرب”.. مؤتمر إسرائيلي قرب غزة يدعو لإعادة استيطانها”، الجزيرة نت، 22/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/21/%D9%84%D8%A7-%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D8%A4%D8%AA%D9%85%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%82%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

54 “سموتريتش: لا أمن لإسرائيل دون الاستيطان في غزة”، الجزيرة نت، 22/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/22/%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4-%D9%84%D8%A7-%D8%A3%D9%85%D9%86-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AF%D9%88%D9%86

55 “700 عائلة إسرائيلية تسجل للاستيطان في غزة”، الجزيرة نت، 23/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/23/700-%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%AC%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

56 “إعلام إسرائيلي: نتنياهو يمهد لإعادة الاستيطان في غزة فور عودة ترامب للحكم”، الجزيرة نت، 24/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/24/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D9%85%D9%87%D8%AF-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9

57 “”الجنرالات” أم المقاومة.. من يحسم مواجهة شمال غزّة؟”، عروبة22، 17/10/2024، الرابط: https://ourouba22.com/article/4021-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%B3%D9%85-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

58 ” هليفي: مخيم جباليا على وشك السقوط، وهناك احتمال للوصول قريباً إلى نهاية حاسمة في الجبهة الشمالية”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 25/10/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35536

59 “المخيّم يفرمل “خطة الجنرالات”.. والأيام المقبلة حاسمة!”، مرجع سابق.

60 “”خطة الجنرالات”.. هل ينجح التهجير من “الباب الخلفي”؟”، عروبة22، 21/10/2024، الرابط: https://ourouba22.com/article/4054-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%84%D9%81%D9%8A

61 “”الجنرالات” أم المقاومة.. من يحسم مواجهة شمال غزّة؟”، مرجع سابق.

62 ““طوفان الأقصى”.. الشمال من جديد!”، أصوات أونلاين، 26/10/2024، الرابط: https://aswatonline.com/2024/10/26/%d8%b7%d9%88%d9%81%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%b5%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d9%85%d9%86-%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af/

63 “بعدما شلّت الحياة في شمال غزة.. “إسرائيل” تستعد لتنفيذ “خطة الجنرالات””، مرجع سابق.

64 “من وسط جحيم جباليا تسدد كتائب القسام مباغتات قاتلة فكيف ذلك؟”، الجزيرة نت، 24/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/10/23/%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%a8%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a8%d9%84%d8%ba%d8%aa-%d8%b0%d8%b1%d9%88%d8%aa%d9%87%d8%a7-%d9%81%d9%8a-%d8%ac%d8%a8%d8%a7%d9%84%d9%8a%d8%a7-%d9%84%d9%83%d9%86

65 “صحف عالمية: تكتيكات حماس شمال غزة يصعب هزيمتها”، الجزيرة نت، 23/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/10/23/%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%83%D8%AA%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%8A%D8%B5%D8%B9%D8%A8

66 “جباليا تواجه الإبادة.. هكذا تكتب المقاومة فصلًا جديدًا في معركة البقاء”، مرجع سابق.

67 ” “خطة الجنرالات” ليست الأولى.. تخبط إسرائيلي متواصل بشأن مستقبل غزة (تقرير إخباري)”، مرجع سابق.

68 ” المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي: حماس فكرة لا يمكن القضاء عليها”، الجزيرة نت، 19/6/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/6/19/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-9

69 ““طوفان الأقصى”…ومصير “خطة الجنرالات””، أصوات أونلاين، 24/10/2024، الرابط: https://aswatonline.com/2024/10/24/%d8%b7%d9%88%d9%81%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%b5%d9%89-%d9%88%d9%85%d8%b5%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%86%d8%b1%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%aa/

70 ““GDC” و”اليوم التالي”: مخطط لتقسيم غزة إلى بؤر معزولة ومطوّقة ومليئة بالطعام”، مرجع سابق.

71 ” جباليا.. ما الذي يريده الاحتلال من هجومه الكبير على شمالي قطاع غزة؟”، مرجع سابق.

72 “ما تبقى: أسباب إنهاء القتال في غزة”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 22/10/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35501

73 “خطة الجنرالات – المقاصد جيدة، لكن هذه الطريقة ليست طريقة تطبيقها”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 10/10/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35425

74 ““GDC” و”اليوم التالي”: مخطط لتقسيم غزة إلى بؤر معزولة ومطوّقة ومليئة بالطعام”، مرجع سابق.

75 ” “الفقاعات الإنسانية”.. مخطط الاحتلال لمواصلة إبادة غزة عبر بوابة المساعدات”، مرجع سابق.

76 ““GDC” و”اليوم التالي”: مخطط لتقسيم غزة إلى بؤر معزولة ومطوّقة ومليئة بالطعام”، مرجع سابق.

77 ” جباليا.. ما الذي يريده الاحتلال من هجومه الكبير على شمالي قطاع غزة؟”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022