مسيرات العودة واحتمالات الحرب الرابعة علي غزة

 مسيرات العودة واحتمالات الحرب الرابعة علي غزة


يواصل الشعب الفلسطيني في ملحمة فخر وإباء مسيرات العودة، علي الرغم من التكلفة الباهظة التى يتكبدها جراء تلك المسيرات التى تودي بحياة العديد من أبناءه، ضارباً المثل في البذل والتضحية دون خوفً من الإصابة أو حتى الاستشهاد، تلك المسيرات التى يبدو أنها ترعب الحكومة الإسرائيلية وتؤثر علي أمنها واستقرارها، مما يدفعها للتهديد بشن حرب رابعة علي القطاع لكسر إرادة الشعب ومنعه من محاولات الصمود المتكررة التى يقوم بها من حين لآخر. والحقيقة أن هذه التهديدات بالحرب لا تنفي امكانية التوصل لتسوية وتهدئة وقد شهدت الجمعة 2 نوفمبر مسيرات كبيرة ولكن انخفض عدد الشهداء والمصابين بما يعني وجود مؤشرات علي تزايد فرص التهدئة في الآونة الأخيرة مع استمرار الجهود المصرية بشكل حثيث، والخشية من مخاطر الحرب الرابعة علي غزة. في هذا التقرير نحلل طبيعة التهديدات الاسرائيلية بالحرب علي غزة والتي قد تكون محاولة لكسر عزيمة المقاومة وتخويفها من الاستمرار والتصعيد في مسيرات العودة في الأساس، ولكنها لا تنفي أن الكيان الصهيوني ما يزال يلوح بخيار الحرب انتظاراً للحظة مناسبة.

كان وزير الدفاع الإسرائيلي "أفيجدور ليبرمان" قد صرح أمام الكنيست بأنهم باتوا أمام مرحلة تستوجب اتخاذ القرارات بعد أن استنفذوا كل الإمكانيات والاحتمالات، وذلك في إشارة إلي رغبة الحكومة في شن حرب جديدة علي قطاع غزة.

ورأي رئيس تحرير موقع" الدفاع الإسرائيلي" عمير رابيورت المختص بالشؤون الأمنية أن الحرب علي غزة قادمة لا محالة وأنها قد تكون أقوى من الحروب السابقة للدرجة التى سترفض خلالها إسرائيل أي وساطات خاصة الوساطة المصرية لوقفها، وإن كان ما يقلق الحكومة هو التكلفة التى قد تتكلفها جراء تلك الحرب التى قد تكون طويلة، وتستنزف الجبهة الداخلية.

وتستعد الحكومة الإسرائيلية لتلك الحرب بأكثر من مسار، وإن كانت تعمل علي الأرض الآن من أجل عدم عزل إسرائيل عن العالم، وذلك علي عكس الفترات السابقة التي كانت تلجأ فيها لغلق المجال الجوي خوفا من كوارث تسبب لها المزيد من الأضرار، وهي لذلك تعمل علي استبدال مطار بن غوريون التى تضطر لغلقه وقت الحرب بمطار “رامون” القريب من إيلات ليكون بديلًا عنه، كي يواصل العمل ويمنع انقطاع إسرائيل عن العالم.

وكان الجيش الإسرائيلي قد شن خلال العقدين الماضيين، ثلاث حروب ضد قطاع غزة، لأهداف قالت إسرائيل إنها تتعلق بوقف الهجمات الصاروخية تجاه بلداتها، وتدمير قدرات المقاومة الفلسطينية التي تعرض أمنها للخطر، وكانت الحرب الأولي في عام 2008 وأطلقت عليها إسرائيل اسم" الرصاص المصبوب" فيما أطلقت عليها حركة حماس" اسم " حرب الفرقان"، وقد استمرت تلك الحرب "21" يوماً، واستخدمت خلالها إسرائيل أسلحة غير تقليدية، وتسببت في هدم أكثر من  (4100) مسكن بشكل كلي، و(17000) بشكل جزئي، وبلغت خسائر الحرب الاقتصادية في قطاع غزة أكثر من "مليار" دولار أمريكي، وأدت إلى مقتل أكثر من 1436 فلسطينيًا بينهم نحو 410 طفل و104 نساء ونحو 100 مسن، وإصابة أكثر من 5400 آخرين نصفهم من الأطفال.، بينما قتل من الجانب الإسرائيلي  13 إسرائيليا بينهم 10 جنود وإصابة 300 آخرين. 

واندلعت الحرب الثانية في عام 2012، وأطلقت عليها إسرائيل اسم عمود السحاب، بينما سمتها المقاومة الفلسطينية اسم معركة " حجارة السجيل"، واستمرت لمدة ثمانية أيام فقط، وأسفرت عن مقتل 162 فلسطينيًا بينهم 42 طفلاً و11 سيدة، وإصابة نحو 1300 آخرين بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فيما قتل 20 إسرائيليًا وأصيب 625 آخرين، بحسب وسائل إعلام إسرائيلية
أما الحرب الثالثة والأخيرة فاندلعت في 2014 تحت اسم " الجرف الصامد، واستمرت 51 يوماً واسفرت عن مقتل 2322 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً، و489 امرأةً، و102 مسنًا، بحسب وزارة الصحة الفلسطيني، بينما جرح  نحو 11 ألفا آخرون، (10870)، وفي المقابل وحسب البيانات الإسرائيلية، قتل 68 عسكريًا إسرائيلياً، وإصابة 2522 بجروح، بينهم 740 عسكريًا.

والحقيقة أن الحرب الرابعة والتى ستكون أكثر كلفة ودموية مقارنة بالحروب السابقة، الأمر الذي يحتم الاستعداد والبحث عن بدائل، والتفكير كثيراً قبل توفير الظروف المناسبة لاندلاعها، تفادياً لحجم الكوارث التى قد تسفر عنها، خاصة وأن الحرب هذه المره ستكون مدعومة إقليميا ودولياً ولن يجد الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة من يدافع عنه، وقد يكون ذلك مقدمة لاستكمال صفقة القرن علي أرض الواقع. ولا يعني ذلك في المقابل اضطرار المقاومة لتقديم تنازلات للعدو بل الاهتمام بتعظيم اوراق القوة من خلال مسيرات العودة والرد علي الاعتداءات بشكل محسوب بدلاً من توفير الذريعة للعدو في شن حرب ما يزال قادته يتردوون في اللجوء اليها.

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022