داعش تقوم بهجوم إرهابي يستهدف المسيحيين في المنيا

 داعش تقوم بهجوم إرهابي يستهدف المسيحيين في المنيا

 

استهدف هجوم إرهابى، 2نوفمبر الحالى، عددًا من الحافلات العائدة من دير الأنبا صموئيل في المنيا، وعلى متنها عدد من المواطنين الأقباط، ما أدى إلى مقتل 7 وإصابة 19، بعضهم في حالة خطيرة.

من قام بالهجوم؟

على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" أعلن عبر ذراعه الإعلامية وكالة أعماق مسؤوليته عن ارتكاب الجريمة، وقد سبق وأن قامت بحادث مماثل على حافلات تقل الأقباط وقع في مايو 2017، أمام نفس الدير وأدى لمقتل 29 وإصابة 20 شخصاً. وعلى الرغم من أن هناك ترجيح بأن تكون المجموعة المسؤولة عن الهجوم، تضم عنصراً أو أكثر على اتصال مباشر بتنظيم "ولاية سيناء"، نظراً للأهداف السياسية الواضحة خلف اختيار توقيت العملية قبيل افتتاح منتدى الشباب الدولي الذي يقام في مدينة شرم الشيخ السياحية في جنوب سيناء، وما يعكسه من رغبة في إحراج السيسي دولياً وشعبياً، وإظهار الفشل الأمني للنظام وعدم قدرته على كبح جماح تلك المجموعات في وادي النيل.

إلا أن الشرطة ما زالت غير متأكدة من طبيعة العلاقة بين القتلة والتنظيم. فهناك ترجيحات بأن هذه المجموعة جديدة، وذلك بسبب استخدام الإرهابيين أسلحة غير حديثة، وأسلحة خرطوش، واقترابهم من الضحايا، والاعتداء على بعضهم بالضرب بأجسام معدنية. كما أن الأسلحة مغايرة تماماً لتلك التي استخدمها التنظيم الداعشي المعروف باسم "جنود الخلافة"، في يناير 2017، في الاعتداء الذي استهدف كمين النقب في محافظة الوادي الجديد، وهي قذائف "آر بي جي" ورشاشات "بي كيه" سوفيتية الصنع، تم تثبيتها على ظهر سيارات نصف نقل، وكذلك أسلحة الخلية التابعة لتنظيم "المرابطين" في منطقة الواحات، في أكتوبر 2017.

وهناك ترجيح أيضاً بأن هذه المجموعة مختلفة عن تنظيم "جنود الخلافة" الذي يقوده المتهم الهارب عمرو سعد، مع إمكانية تكوينها من أشخاص ارتبطوا سابقاً بعمرو سعد أو بخلايا أخرى فرّت من ليبيا عبر الحدود بعد انهيار تنظيم "المرابطين" بقيادة هشام عشماوى[1].

بل أن هناك حديث عن اشتراك تنظيمى القاعدة وداعش فى الهجوم، حيث بدأ التنظيمين فى التقارب لتنفيذ عمليات إرهابية داخل الأراضى المصرية، وهو ما أكده هشام عشماوى[2]. وهو الاحتمال الأقرب للصواب، خاصة فى ظل الحديث عن وجود تنسيق بين تنظيمي ولاية سيناء والقاعدة في مدينتي رفح والشيخ زويد، وهذا ما ظهر جلياً في الهجمات المركزة في هاتين المدينتين دون بقية مناطق محافظة شمال سيناء.

ويبدو أن هناك تصاعد فى موجات العمليات الإرهابية داخل سيناء وخارجها، فإلى جانب تصاعد العمليات الإرهابية فى سيناء والهجوم الإرهابى فى المنيا، وفى سابقة هى الأولى من نوعها تم استهداف أربعة ضباط مصريين، في مدينة "القنطرة شرق"، غرب شبه جزيرة سيناء، وهى المنطقة التى ظلت بعيدة عن مسرح العمليات الإرهابية، وهو ما يشير إلى تطور قدرات الجماعات الإرهابية[3].

أسباب الهجوم

وطبقا لما ذهب إليه عدد من الباحثين المهتمين بالحركات الإسلامية، فإن تنظيم داعش يعتبر الأقباط مادة جيدة يستطيع أن يرسل من خلالها رسائل عديدة لجهات متعددة، ومن هذه الرسائل أن الأقباط سوف يظلون في مرمى نيرانهم طالما دعموا السيسي وسياساته، خاصة بعد أن تفرق من حوله كل القوى التي شاركته في انقلاب 2013، بينما ظلت الكنيسة القبطية على موقفها الداعم له بالخارج والداخل.

وهناك رسالة أخرى اعتبرها المراقبون موجهة لنظام السيسي نفسه، وهي أنه كلما ضاق الخناق على التنظيم في سيناء فإنه يستطيع أن يفتح جبهات بأماكن أخرى، وأن الهدف أمامهم سهلاً وهو الأقباط، أما الرسالة الثالثة فهي موجهة للمجتمع الدولي بأن الأمور مازالت غير مستقرة في الداخل المصري على خلاف ما يردده السيسي. كما أن داعش بعد سقوط دولتهم في سوريا والعراق، فإنهم يبحثون عن إنتاج الفوضى في مصر منذ عام 2016[4].

غضب مسيحى

على الرغم من أن الكنيسة تسلّم بصعوبة تأمين كل الطرق في الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد حول الأديرة التاريخية، إلا أن ما يغضبها أنها طالبت من قبل بتأمين ورصف الطرق المؤدية إلى دير الأنبا صموئيل تحديداً، نظراً لتعرّض حافلات مارة في المنطقة سابقاً لهجومين إرهابيين عامي 2015 و2017.

كما يوجد استياء داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية من تغطية النظام للاعتداء. فلم تقم الدولة باعلان حالة الحداد، كما كان هناك تجاهل من جانب الإعلام للحادث، فبداية المعرفة بالحادث تم من خلال خبر عاجل على وكالة الأنباء "رويترز" ومنها انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. بينما تجاهلت الصحف القومية الحادث وركزت على منتدى شباب العالم، وذكرت على الهوامش خبر عن حادث المنيا، وهو ما يعكس عدم اهتمام هذه الصحف بالحادث[5].

وقد حاول نظام السيسي التهوين من خطورة الهجوم لتزامنه مع استقبال وفد الأوفيد الفرنسي للحج المسيحي لمسار العائلة المقدسة، ومنتدى الشباب الدولي، وهو المنتدى الذي تقوم حملته الإعلامية المستمرة منذ شهرين على الترويج لنجاح نظام السيسي في تقطيع أوصال الجماعات الإرهابية، وتحقيق الأمن والأمان للمواطن المصري، فضلاً عن الترويج المستمر لنجاح الحملة العسكرية "سيناء 2018" التي لم تنته حتى الآن.

كما أن الاحتقان الكنسي القائم يعود بصورة أكبر لرفض السيسي تأجيل افتتاح منتدى الشباب الدولي، وإقامة حفل فني في يوم الاعتداء، وبدلاً من اتخاذ أي إجراء للتخفيف من هذا الغضب، تم فرض طوق أمني حول المستشفيات التي يمكث فيها المصابون لمنع ذويهم وقساوسة كنائسهم من زيارتهم، على خلفية تجمهر محدود حدث حول المستشفى الذي تم نقل المصابين إليه عقب الاعتداء، وترديد المواطنين هتافات ضد الأمن تتهمه بالتخاذل والفشل[6].

ووصل الغضب المسيحى إلى حد المطالبة بالسماح لهم بحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، فهناك حديث عن وجود تياراً متنامياً داخل المجمع المقدس على رأسه الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين، والأنبا باخوم أسقف سوهاج والمراغة، والأنبا أغاثون أسقف العدوة ومغاغة، كرروا مطالبتهم للبابا بمخاطبة السيسي ونقل مطالبات جموع الأقباط في صعيد مصر بالسماح بتسليحهم ضد الإرهابيين المتربصين بهم، على أن يكون هذا التسليح بناء على لوائح محددة تضعها الكنيسة والشرطة، ويشرف على تنفيذها الأساقفة وفقاً لتقسيمهم الجغرافي، وبشكل محدود يضمن تشكيل مجموعات من الشباب الأقباط لحماية الأديرة في الظهير الصحراوي لمحافظات الصعيد، والقوافل المتنقلة منها وإليها[7].

هل يستغل السيسى الحادث لمصلحته

يرى البعض أن السيسي هو أكثر المستفيدين من هذه الحوادث، فهو من جانب يؤكد للمجتمع الدولي بأنه يواجه حرباً شرسة ضد الإرهاب والجماعات الإسلامية المسلحة، كما أنه يبرر كذلك للمجتمع الدولي خطواته الإجرامية ضد حقوق الإنسان، ويتخذ من مثل هذه العمليات مبررات للتوسع في عمليات التصفية الجسدية[8]، وهو ما ظهر فى إعلان وزارة الداخلية المصرية، في بيان لها، 4 نوفمبر، تصفية 19 مواطناً في إحدى المناطق الجبلية في صعيد مصر، بدعوى تورطهم في هجوم المنيا. وكان كثير من المنظمات الحقوقية قد اتهمت الداخلية المصرية بتورطها في قتل المئات من المعارضين، والمختفين قسرياً، ممن تحتجزهم داخل مقارها بشكل غير قانوني، بذريعة تصفيتهم في عمليات "تبادل إطلاق النيران"، علماً بأنه لم يصب أي فرد من الشرطة خلال عشرات المداهمات "المزعومة"، فيما تؤكد غالبية الصور المنشورة عن الضحايا قتلهم في أماكنهم بطلقات مباشرة في الرأس والصدر[9].

بل هناك من يرى بأن هناك من يوجه داعش لصالح السيسى، مستدلاً بما أحدثه وجود داعش في سيناء، وأنهم بتصرفاتهم التي لم تخدم القضية الفلسطينية أو حتى القضية المصرية، دعموا خطة السيسي لتصفية سيناء تمهيداً لإدخالها ضمن صفقة القرن، فالعملية سيناء 2018، لم تكن موجهة ضد تنظيم ولاية سيناء التابع لداعش وإنما كانت موجهة لأهل سيناء من أجل دفعهم لترك أرضهم وديارهم فيما يعرف بالمنطقة العازلة التي تحمي إسرائيل.

كما أدى هذا الهجوم إلى عودة الأصوات العلمانية المطالبة بتجديد الخطاب الديني، والتي شنت هجوماً على الأزهر الشريف وشيخه، واعتبرته مسئولاً عن العملية لرفضه تجديد الخطاب الديني. فقد شن الفنان حلمي التوني هجوماً على الأزهر قائلاً: "بعد الحادث البشع.. هل سيظلون مترددين و خائفين من مواجه الطيب وجماعته الواقفين في طريق المواجهة الحقيقية والتعامل مع الجذور الفكرية والعقائدية لهذه الجرائم .. أم سنبقى نتعامل فقط بالسلاح وكانها مباراة في المصارعة!!"[10].

 



[2] " هجوم المنيا الأخير: هل نَسَّق عشماوي نشاط «القاعدة» و«داعش» في مصر؟"، مدى مصر، 5/11/2018، الرابط التالى:

https://madamasr.com/ar/2018/11/05/feature/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D9%87%D9%84-%D9%86%D9%8E%D8%B3%D9%91%D9%8E%D9%82-%D8%B9%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D9%86%D8%B4/

[3] "مقتل 4 ضباط مصريين غرب سيناء"، الرعبى الجديد، 6/11/2018، الرابط التالى:

https://www.alaraby.co.uk/politics/2018/11/6/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-4-%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1

[4] محمد العربى، " داعش أم السيسي .. من يستفيد من دم الأقباط بمصر؟!"، العدسة، 4/11/2018، الرابط التالى:

http://thelenspost.com/2018/11/%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%B7/

[8] محمد العربى، " داعش أم السيسي .. من يستفيد من دم الأقباط بمصر؟!"، العدسة، 4/11/2018، الرابط التالى:

http://thelenspost.com/2018/11/%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%B7/

[10] محمد العربى، " داعش أم السيسي .. من يستفيد من دم الأقباط بمصر؟!"، العدسة، 4/11/2018، الرابط التالى:

http://thelenspost.com/2018/11/%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-%D8%A3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%81%D9%8A%D8%AF-%D9%85%D9%86-%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%A8%D8%A7%D8%B7/

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022